القاهرة 20 سبتمبر 2012 الساعة 10:21 ص

أرجو مخلصاً أن يستمر ويتصاعد هذا الحديث الخصب من جانب والصاخب من جانب آخر حول سيناء أتمني أن تكون سيناء حديث الصباح والمساء. بحيث يصل بنا هذا الحديث والحوار وبها إلي بر الأمان. وهو قريب وممكن ومن ثم لا يجوز لأحد أياً كان أن يصف مثل هذا الحوار بأنه "تشكيك" تشكيك فيم؟ وفي من؟ ومن أجل ماذا؟ ألم نتفرغ بعد من مثل هذا "الكلام" الحكومي "اللي لا يودي ولا يجيب" سيناء تحتاج اليوم إلي كل اجتهاد وطني مخلص وشريف نتبادل الآراء فيما بيننا دون اتهام ولا تشكيك ولا انفراد بالرأي. ولا تسرع في القرار بل يجب اتخاذ القرار بهدوء. بعد أن يستوي علي نيران هادئة من الحوار العلمي والموضوعي الذي يقوم علي معرفة بسيناء من جميع النواحي وبما يحيط بها ويترصدها من أخطار علي رأسها وفي مقدمتها الخطر الإسرائيلي الصهيوني وإسرائيل كيان ولكنها رأس الرمح في أخطر تنظيم دولي منذ القرن العشرين.
ومن هذا ننطلق لنطالع أولا بعض ما نشر علي صفحات صحفنا في الاسبوع الذي مضي حول سيناء وهنا يبرز نبأ "الوطن" في يوم الاثنين الماضي بعنوان: "مرسي يكلف خيرت الشاطر بإدارة ملف المنطقة الحرة مع غزة" من يقرأ خواطر عربية نص الخبر بتدقيق يجد أن بعضه يناقض بعضاً والخبر لم يصدر عن متحدث رئاسي. ولا علي لسان المهندس خيرت الشاطر رجل جماعة الإخوان المسلمين القوي وهو أي الخبر منسوب إلي عبدالله قنديل رئيس غرفة تجارة شمال سيناء. ويتضمن أن الشاطر "حصل علي تفويض رئاسي بإدارة ملف إقامة المنطقة الحرة بين مصر وغزة. والاتفاق مع الجانب الفلسطيني حول محاور تنفيذ المشروع" في الليلة السابقة علي خبر "الوطن" قال لي مصدر فلسطيني في اتصال هاتفي من دمشق وتعليقاً علي خواطر الاسبوع الماضي ما معناه أن هناك "اتفاقا" حمساويا إخوانيا علي إقامة هذه المنطقة الحرة وكان تعليقي: لو أن هذا الاتفاق صحيح فهو ليس في صالح سيناء مصر ولا غزة فلسطين وسأواصل الكتابة حول أخطار المناطق الحرة علي سيناء. سواء كان هناك اتفاق أو لم يكن. وسواء كان هناك قرار أو لم يكن وكل ما أبغيه أن أدق جرس إنذار لعله يجد آذاناً صاغية وعقولاً واعية وعندي أمل كاد يقول: إنه "عشم ابليس في الجنة"! قلت: ولو.
وفي يوم الثلاثاء الماضي. خرجت "المصري اليوم" بخبر حول المنطقة الحرة في سيناء. وكي لا تبدو وكأنها ترد علي "الوطن" وتكذب خبرها كان عنوانها في الصفحة الأولي هو: "لقاء سري بين الشاطر ورموز بدوية لمناقشة الوضع في سيناء". وفي صفحته الرابعة أضافت في عنوانها أن اللقاء بحث أيضاً إقامة منطقة حرة في سيناء ونقلت عن عبدالله قنديل الذي أشير إليه فيما نشرته "الوطن" قوله إن "لقاءات" وليست لقاء واحداً عقدت بينهم. أي بين رؤساء القبائل وبين القيادة في حماس من أجل مشروع المنطقة الحرة "إلا أن الأمور كانت في إطار الاقتراحات" وعناصر التحاور بين المصري اليوم والوطن وأن الأولي تكذب الثانية فيما نسبته إلي قنديل. فالأمور أهم وأكبر من هذا فمع كل التقدير والاحترام لشيوخ القبائل ولدورهم وتاريخهم وأمجادهم هل أصبحوا دولة داخل الدولة؟ وهل انقسموا علي مصر انقسام حماس غزة علي فلسطين يا جماعة الخير رفقا بسيناء. بل بمصر فليس هكذا تورد الإبل إن هذا من أخطر الأخبار عن سيناء إذا كان صحيحا منذ التنازلات الواردة في اتفاقية مارس 1979 وملاحقها إني أعرف طبيعة العلاقات بين سكان التخوم بين الدول وأعرف طبيعة الوشائج بين قبائل مصر أي سيناء مصر وقبائل فلسطين ولكن كل هذا لا يبرر بأية حال إجراءات مباحثات بين شيوخ قبائل سيناء وبين تنظيم حاكم في جزء من فلسطين أرجو ألا يكون هذا صحيحاً فإن كان صحيحاً فيجب أن يتوقف اليوم قبل الغد.
أول مشروع صهيوني لسيناء بعد 1967
ونعود إلي جوهر الحديث وأصله. وتفنيد الدعوة إلي إقامة 3 مناطق حرة في سيناء لن نعود إلي الأطماع في سيناء منذ بداية الحركة الصهيونية.. نقف عند المرحلة التي بدأت بعدوان 1967 وبعده وصولاً إلي اليوم وعبر مرحلة الاتفاق والصلح الذي يسمونه سلاماً والذي لم تتوقف في ظله الدعوات والتنظيمات الإسرائيلية من أجل العودة إلي سيناء ألم يردد هذا منذ أيام مجموعة من الحاخامات الإسرائيلية وبدعوي أنهم يخشون أن يكرر الرئيس محمد مرسي تجربة جمال عبدالناصر ولذلك يجب قطع الطريق عليه ودعا أحدهم ويدعي "شموئيل شموئيلي" اليهودي إلي التكاتف من أجل مواجهة مصر إن هذه ليست دعوة جديدة ولا طارئة إنها ولدت منذ اليوم الأول الذي خرج فيه الاحتلال الإسرائيلي من مستعمرة "ياميت" في شمال سيناء بعد هدمها بالكامل.
قد يقال إن هذه ادعاءات حاخامات ورجال دين متطرفين! فماذا عن أقوال ومشروعات الساسة والمخططين؟ ابدأ هنا من كتاب وثيقة بعنوان: "فن الممكن: البدائل الدبلوماسية في الشرق الأوسط" صدر الكتاب في 1970 وكاتبه يدعي ميكائيل رايسمان إنه أول مشروع تسوية "صهيوني" متكامل بعد المشروع الذي طرحه مبكراً "ايجال آلون" نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ومن الواضح أن السيد رايسمان صهيوني "وقح" بدليل مضمون الكتاب من ناحية وبدليل الأسماء التي استشارها وهم جميعاً أساتذة في جامعات اسرائيلية جميع أفكار التسوية للصراع العربي الإسرائيلي التي طرحها الإسرائيليون بعد عدوان 1967 ولدت من عباءة مشروع ايجالي آلون. وبالمثل كان أهم التسويات التي تم الاتفاق عليها بعد حرب أكتوبر المجيدة ولدت من كتاب "راسيمان" هذا لن أترجم هذا الجزء الخطير في الكتاب الذي يتحدث عن "مصر وسيناء" فقد بدأ باقتراح تحييدها مقابل تعويضات لمصر وانتقل من التحييد الي التدويل واقامة صندوق دولي لتنمية سيناء. وتتولي الدول الأعضاء في هذا الصندوق -ومن بينها الاتحاد السوفيتي الذي كان لا يزال قائما عندئذ- جميع شئون سيناء. وتكون له قوات أمن خاصة أما إسرائيل فكل ما يعنيها من سيناء "هو مطلبها المشروع في ضمان أمنها" وممر يضمن لها حق المرور في قناة السويس منذ عدوان 1967. ومنذ أكتوبر 1973 بشكل خاص تم طرح العديد والعديد من مشروعات التسوية. من أهمها مشروعات إسرائيلية- أمريكية مشتركة. أسهم فيها كبار السياسيين والاقتصاديين والاستراتيجيين ولكن هذه المشروعات بدت في أغلبها وكأنها تطوي صفحة سيناء. وتقفز من فوق جبالها لماذا؟ هل اكتفت بما ورد في هذا المشروع بعد ان اعتمدته؟
مشروع لتبادل أراض في سيناء
لا يعني هذا أن الجبهة الإسرائيلية خلت خلال هذه المرحلة من مشروعات تقترب بشكل أو آخر من سيناء من أجل ضمان ما سماه "رايسمان" مطلب.
إسرائيل المشروع منذ سنوات. وتحديداً في 2008 وفي "مؤتمر هرتسليا" وهو أهم مؤتمر إسرائيلي لعلماء السياسة والاقتصاد والاستراتيجية. ويشترك فيه كبار المتخصصين من دول عديدة علي رأسها أمريكا بالطبع. تم طرح مشروع أعده فريق عمل برئاسة "عوزي أراد" مستشار الأمن القومي عندئذ. عنوان المشروع هو "تبادل الأراضي كوسيلة لحل ازاعات الإقليمية بين إسرائيل وجاراتها".. وبالنسبة لسيناء نص المشروع علي ان تقوم مصر "بنقل أراض بين قطاع غزة ومدينة العريش. الي الفلسطينيين وان تضم إسرائيل إليها تجمعات استيطانية وأراضي في منطقة غور الأردن وصحراء "يهودا" جنوب شرق الضربة الغربية.
ويعقب أصحاب المشروع علي هذا قائلين: "هذه الخطة رفضت حتي الآن من جانب مصر. غير ان سياسيين أوروبيين وفلسطينيين ومسئولين أمريكيين أبدوا اهتماماً بامكانيات تنفيذها".
والسؤال هنا ليس فقط من هم هؤلاء السياسيون بل هو أولاً وأساساً أليست هذه "الأرض" المطلوب تبادلها مع مصر هي نفسها التي تطرح اليوم كمنطقة حرة بين غزة وسيناء؟!!
أطرح السؤال من جانبي. وأقدم الجواب من جانب فلسطيني. هو السيد محمود اليازجي رئيس الغرفة التجارية في قطاع غزة الذي وصف إقامة المنطقة الحرة- التجارية الصناعية- بين مصر وغزة بأنها "أمر ملح وضروري" ثم اعترف بأن اقامتها في الوقت الحالي يعتبر ترسيخاً للانفصال الفلسطيني ونقلت "الوفد" في يوم السبت الماضي عن اليازر قوله انه في زيارته الأخيرة لمصر. لم يحدد متي. كان هناك اتفاق "بين المسئولين المصريين والغرفة التجارية بغزة علي ضرورة اقامة هذه المنطقة الحرة لكن بعد انهاء الانقسام الفلسطيني".
أكثر من هذا ذكر اليازجي - وهذا ما أوردته "الوفد" انه تم في فبراير الماضي توقيع اتفاقية بين الغرفة التجارية الفلسطينية والغرفة التجارية المصرية علي اقامة هذا المشروع "إلا أنه تم الاتفاق علي عدم تنفيذه إلا بعد انهاء الانقسام الفلسطيني" إن هذا الشرط ليس أضعف الإيمان. فالمنطقة الحرة لن تحل مشكلة غزة. وستجزئ مشروع تنمية وتعمير سيناء. في أقل القليل.. فسيناء يجب ان تزرع أولاً بالبشر والشجر وغزة يجب أن تغلق أنفاقها. وتفتح معابرها ويرفع الحصار عنها.. والحديث متواصل.. واسلمي يا مصر.

نقلا عن الجمهورية
http://www.misrelmahrosa.gov.eg/sect...AF%D8%A7%D8%AB