القاهرة 05 اكتوبر 2012 الساعة 11:54 ص

• حدث اشتباك مع العدو أدى إلى إصابة كف يدى اليمنى بطلقة رشاش إسرائيلى.
• رجل بدوى انقاذنا بعد خمس أيام من الجوع و العطش و الشمس الحارقة و الليل البارد.
• وحدتى هى التى تسببت فى سقوط النقط الحصينة للعدو و كبدتهم خسائر فادحة .
• الأعمال الدرامية لم تعطى أبطال أكتوبر حقهم.


حوار : ميرفت عياد

حرب أكتوبر هى الحرب التى شنتها مصر بدعم عربى عسكري وسياسي واقتصادي على إسرائيل عام 1973حيث بدأت الحرب في يوم السادس من أكتوبر بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصرى على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة فيسيناء وتعرف في إسرائيل باسم حرب يوم الغفران وحقق الجيش المصرى الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، كانت هناك انجازات ملموسة في الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، ,تمكن الجيش الاسرائيلى من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر للضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني ، وانتهت الحرب رسميا بالتوقيع علىاتفاقية كامب ديفيد عام 1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة ضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية .

إلا أن هناك جيل باكمله عاش ويلات الحرب وتداعياتها ووضع وضحى بكل غالى وثمين من أجل استرداد أرض هذا الوطن الذى اغتصبها العدو عنوة وتجبرا وكان أحد هؤلاء الابطال العقيد متقاعد "أسامة على صادق" الذى التقينا به لالقاء الضوء على ذكرياته الحزينة عن حرب 1967 ، ونصر السادس من أكتوبر، وعن أصعب المواقف التى خاضها فى هذه الحروب، وعن رأيه فى معاهدة السلام، وعن العديد من القضايا الأخرى..

* تتصف الحياة العسكرية بالصرامة فكيف بدأتها ؟

بعد تخرجى من الكلية الحربية فى عام 1966 تم توزيع فرقتى على التشكيلات العسكرية المختلفة و كنت أنا من ضمن ضباط سلاح المشاة و هو أكبر سلاح فى الجيوش بصفة عامة و جيوش الدول ذات المساحات الواسعة و الأراضى الصحراوية بصفة خاصة ، و قد الحقت على الفرقة الثالثة مشاة فى منطقة وصلة الهايكستب و التى تمتد حتى طريق السويس الصحراوى الذى كان يقف آخر العمران به.

* كيف انطلقت الشرارة الأولى لحرب 1967 ؟

كانت الشرارة الأولى هى إعلان حالة الطوارئ فى مايو من هذا العام و فى هذه الاثناء لم نكن نعرف شئ غير صدور أوامر بتحركنا نحو سيناء و هذا كان امر بالغ الصعوبة لأن الطرق ضيقة و لا تحتمل المعدات الثقيلة التى كنا نتحرك بها و لهذا انقلبت العديد منها على جانبى الطريق ووصلنا المكان المحدد و تم الحفر لتجهيز الموقع الدفاعى وبعد هذا علمنا بموعد حضور المشير عبد الحكيم عامر وزير الحربية ليبث فينا الحماس و الروح المعنوية العالية .

* هل تعرضت فى نكسة 1976 لأى مخاطر ؟

إن فصيلتى هى فصيلة مشاة و كانت تحتل موقع دفاعى فى منطقة أبو عجيلة على الخطوط الأمامية حيث يخترق هذا الموقع طريق العوجة الدولى لهذا طلب منى قائد سريتى العقيد مصطفى توفيق الحيطة و الحذر لانه الطريق مرصوف و يصل ما بين مصر و إسرائيل و قد يستغله الاسرائيلين فى التقدم الينا ، وفى حوالى الساعة التاسعة من هذا اليوم الدامى الحزين لمصر شعبا و جيشا هجم الإسرائيليون على موقعنا بغارات جوية و دمروا مخازن الذخيرة و مستودعات الوقود و المياه و الطعام ثم القيادات , ووصلنا فى نهاية هذا اليوم و نحن لا نعرف من اين يأتى القصف و ما هو سبيلنا لتفاديه ، إلا أن العقيد مصطفى كان رجلا عنيدا و صلبا و لا يعترف باوامر الانسحاب حيث انه كان يتمنى انة يأخذ ثأر شقيقيه اللذان استشهدا فى حرب 1948 و حرب 1956 و لهذا رفض الانسحاب بينما القوات من حولنا تعود مسرعة فى اتجاه قناة السويس ، و فى مساء هذا اليوم حدث اشتباك مع العدو أدى إلى إصابة كف يدى اليمنى بطلقة رشاش اسرائيلى من النوع الخارق الحارق و هذا سبب نزيف و الأم حادة بيدى .

* من المؤكد ان هنك العديد من المواقف الصعبة التى تعرضت لها عند الانسحاب ..

بالفعل هناك العديد من المواقف الصعبة التى مررنا بها و لكن اصعبها هو قيامنا باطلاق النار على دبابة قادمة من جهة العدو و بعد تدميرها اكتشفنا أن بها نقيب من الجيش المصرى و معه مذكراته التى تحكى عن الخسائر العديدة اتى الحقها بالعدو و كان ياتى الينا طلبا للمساعدة و باستشهاد هذا النقيب انهارت معناوياتنا تماما .

* اوصف لنا كيف تم انسحاب وحدتك ؟

جاء اليوم الثالث فى القتال و قد انقطعت و سائل التموين الغذائية و الماء عنا هذا الى جانب انهيار روحنا المعنوية و هنا جائت الاوامر بالانسحاب و الانتقال الى خط الدفاع الثانى و الحقيقة ان هذا الانسحاب كان صعب و مضنى للغاية لاننا ضللنا الطريق كما ان العديد من العوامل اجتمعت ضدنا مثل العدو و الطبيعة من حيث شدة البرودة ليلا و شدة الحرارة فى نهار يونيو المتقد و الرمال الحارقة و العطش و الجوع و الثعابين و الغربان و نحن نواجه هذا سقط مننا العديد صرعى و قبل ان تنتهى اعمارنا بدقائق وجدنا رجل بدوى ، وانقذنا و احضر لنا الطعام و الشراب بعد خمس ايام من الجوع و العطش و الشمس الحارقة و الليل البارد و قضينا ليلتنا فى ضيافة هذا الرجل البدوى و فى الصباح و دعناه لنكمل طريقنا و تعرضنا فى هذا الطريق مرة اخرى للصعاب حتى اوشكنا على الهلاك و فجأة شاهدنا مياه القناة ووصلنا اليها بعد 4 اسابيع مررنا خلالها بايام عصيبة و شاهدنا هناك عمال هيئة القناة الذين أسرعوا لنجدتنا قائلين هنيئا لمصر بعودتكم .

* فلنترك أحزان النكسة جانبا و نتحدث عن أفراح النصر و دورك بها ..

جائت التعليمات بان الساعة الثانية و 5 دقائق ستكون لحظة عبور قاذفات القنابل المصرية من سلاحنا الجوى و بالفعل حملنا القوارب الى المياه و قفزنا بداخلها و جدفنا حتى و صلنا الى الضفة الشرقية للقناة وتسلقنا الساتر الترابى و بدأنا نسير فى اتجاه التبة الموعودة ، و هنا بدأ قصف شديد من مدفعية العدو على قواتى و بدأت ارى الشهداء و المصابون يسقطون و بدأ الاشتباك معهم حيث ظهرت شراسة العدو لان وحدتى هى التى تسببت فى سقوط النقط الحصينة لهم و كبدتهم خسائر فادحة و لذا ارادو الانتقام و فجاة انطلقت قذيفة من دبابة و اصبت فى راسى و هنا ايقنت اننى اصبحت شهيدا ، وتم نقلى بواسطة اسعاف الشرطة العسكرية الى مستشفى المعادى و بعد 5 ايام متواصلة من العلاج تحسنت حالتى و علمت ان هناك 7 شظايا اخترقت رأسى ازالوا منها 3 و اتشرف بحمل الاربعة الاخرين داخل رأسى و بعد اكتمال علاجى عدت إلى منزل أسرتى بالزقايق .

* هل صورت الأعمال الدرامية حرب 1973 بصورة ناجحة ؟

على العكس تماما فالأعمال الدرامية لم تعطى أبطال أكتوبر حقهم و لم يهتموا باظهار دور العسكرى البسيط الذى ضحى بحياته و هو ممسكا بسلاحه للدفاع عن ارض هذه البلد و الحقيقة أن فيلم أبناء الصمت هو الفيلم الوحيد الذى يقترب من واقع العمليات العسكرية .
http://www.misrelmahrosa.gov.eg/NewsD.aspx?id=18735