القاهرة 14 اكتوبر 2012 الساعة 09:56 ص

اختار الرئيس التوقيت الذى أصدرت فيه المحكمة قرارها بالإفراج عن المتهمين فى موقعة الجمل ليُصدر قراره بإقالة النائب العام، فى محاولة لاستثمار غضب قطاع كبير من الرأى العام والائتلافات الثورية ضد حكم المحكمة لصالح قرار عزل النائب العام، متناسياً أن الأخير لم يحقق فى موقعة الجمل، وأن هناك قاضى تحقيق انتدب خصيصاً لهذه القضية.

المؤكد أن هناك رغبة مشروعة لدى قطاع واسع من المصريين فى تغيير كثير من قيادات الدولة «العابرين لكل العصور»، وأن الطبيعى، بعد نظام حكم جديد، أن يتم تغيير كثير من رجال الحكم السابق أو بعض قيادات السلطة القضائية، فهذا ما يتم حين يجرى تداول سلمى للسلطة فى البلاد الديمقراطية، فيغير الحزب الحاكم معظم، وأحيانا كل، قيادات الصف الأول من العهد السابق، فما بالنا إذا كان التغيير قد تم عبر ثورة شعبية، فيفترض، بحكم تعريفها، أن تغير ليس فقط فى رموز النظام السابق، إنما أيضا فى طبيعة عمل المؤسسات التى أنتجت رجال هذا النظام.

المهم فى كلتا الحالتين أن يكون التغيير عبر الآلية القانونية التى تحكم المجتمع والنظام السياسى، سواء كانت تلك الآلية جديدة أم قديمة.

إنه من الضرورى أن يتم ضخ دماء جديدة فى السلطة القضائية المصرية حتى لو استدعى الأمر تغيير النائب العام، لكن بشرط أن يكون هذا التغيير عبر القانون وليس حسب أهواء أو ميول الرئيس أو الشارع أو جماعة الإخوان المسلمين.

الحقيقة أن قرار إقالة النائب العام لا يستند إلى أى أساس قانونى، خاصة أن مرسى لم يأت إلى الحكم عبر انقضاض ثورى أحمر أو أخضر على السلطة، إنما جاء عبر صندوق الانتخابات وبفضل قضاة مصر المحترمين الذين تحملوا الإهانات والشتائم، ومع ذلك أشرفوا بكل نزاهة على انتخابات الرئاسة.

غريب أن يصدر هذا القرار من رئيس جاء بشرعية الديمقراطية وبفضل مؤسسات الدولة التى مازالت جماعته ترفض أن تحترم قوانينها بعدم تقنين وضعها، فلولا القضاء والجيش لما أجريت انتخابات من الأصل، ولما جاء مرسى رئيسا للجمهورية.

لا أحد يمانع فى تغيير النائب العام، لكن من خلال القانون ومن خلال السلطة القضائية، أو من خلال قانون جديد يعطى للبرلمان والقضاء الحق فى مساءلة النائب العام، لكن مادام هذا القانون لم يصدر بعد، ومادام ليس من حق الرئيس عزل النائب العام فيصبح من المستحيل قبول هذا القرار مهما كانت المبررات.

إن بعض القوى التى هللت لقرار مرسى بإقالة النائب العام باعتباره قراراً «ثورياً» لا تعرف الثمن الذى يمكن أن يدفعه بلد مثل مصر فى حال إذا أُعطى لرأس السلطة التنفيذية الحق فى عزل النائب العام، فحتى لو افترضنا أن من جاء بعده ليست له أى ميول إخوانية، وأن الأمر بعيد عن موضوع «أخونة الدولة»، فإننا سنكون أرسينا مبدأ أن من حق الرئيس عزل النائب العام لأى أسباب خاصة بالسلطة التنفيذية.

يجب ألا نقبل، تحت أى ظرف، أن يصدر الرئيس قراراً مخالفاً للقانون، فعليه أن يغير القانون أولاً فى ظل وجود مجلس شعب، وعندها نقول هل سنغير النائب العام أم لا.

نقلا عن المصرى اليوم

http://www.misrelmahrosa.gov.eg/NewsD.aspx?id=19159