القاهرة 21 اكتوبر 2012 الساعة 10:08 ص

إذا كانت تيارات من الإسلام السياسي الممثلة في الجمعية التأسيسية للدستور ترفض تماما المسودة المعروضة علينا الآن والمكونة من‏132‏ مادة وكذا ترفضها التيارات الليبرالية واليسارية فمن هم الموافقون عليها؟‏!!‏
ودعنا من ركاكة الصياغة ومراوغتها لنلتفت إلي الخطوات المتقدمة في أول دستور يأتي بعد ثورة52 يناير عن ما سبقه من دساتير وضمان عدم استنساخ وثيقة دستورية جديدة يمكن العبث بها والتحايل عليها وبقاؤها مع وقف التنفيذ.
وعلي سبيل المثال هل أنكر واحد من الدساتير السابقة أن السيادة للشعب ومع ذلك شاهد الشعب في ظل وجود الدساتير من الامتهان والانتهاك والسحق ما لا مثيل له.. ولم يكن هناك من ينكر مثل سلطة الأمة وأنها مصدر جميع السلطات أكدها دستور3291 والإعلان الدستوري المؤقت عام3591 ودستور6591, وفي مارس4691 صدر دستور جديد نص علي انهاء العمل بدستور8591 والإعلان الدستوري لعام.1691
وانعكست فيه مرحلة التحول الاشتراكي وبالطبع من المباديء الأساسية أن الأمة مصدر السلطات ـ إلي إعلان دستور1791 ـ وبالطبع وبالضرورة كان تأكيد سيادة الشعب عنوانا رئيسيا ـ ولم تكن ثورة52 يناير إلا حصاد كل ما ارتكب بحق الشعب, وفي مسودة دستور ثورة52 يناير تنص المادة الخامسة ان السيادة للشعب يمسها ويحميها ويصون الوحدة الوطنية وهو مصدر السلطات.. فهل نحن أمام نسخة جديدة من سيادة الشعب علي طريقة كل ما ارتكب من قبل ـ لقد قرأت مواد المسودة ولم استطع الاهتداء إلي قواعد جديدة حاكمة ومتقدمة تضمن الا تعود هذه السيادة إلي موقعها القديم في قبضة نفوذ السلطة إن لم يكن تحت أقدامها!! وفي الدباجة الرائعة التي كتبها ونشرها الشاعر الكبير فاروق جويدة الأهرام2102/01/21 يقول في هذا الدستور تأكيد علي أن السيادة للشعب يسبق كل ماعداه من السلطات فهو السيد الحقيقي وكل سلطات الدولة تخضع لإرادته ولا سيادة لسلطة من السلطات الا بقدر ما توفر للشعب من مصادر الأمن والقوة والاستقرار والحياة الكريمة ويبقي الشعب صاحب الحق الوحيد في اختيار سلطاته وأصحاب القرار فيه لا عودة لماض استباح الحقوق وأهدر الثوابت وغامر بمصير الأوطان وجعل من الاستبداد منهج حكم وأسلوب حياة. اعترف بأنني عجزت في قراءتي لمسودة الدستور في العثور عن الضمانات الحاكمة لعدم استنساخ الديكتاتورية والاستبداد!! مما يلفت النظر في ما ورد في المسودة أن يكون من حق الحكومة حل مجلس الشعب وكيف يحاسب مجلس الشعب هذه الحكومة!! ذرا للرماد في الأعين تضيف المادة921 بعد استفتاء الشعب علي هذا الحل!! كذا يقوم رئيس الجمهورية بتعيين رؤساء الأجهزة الرقابية ـ وما هي ضمانات الاستقلالية والتمثيل المتكامل لجميع التيارات والأطياف السياسية في الكيانات الجديدة التي ينشئها دستور الثورة مثل المفوضية الوطنية للانتخابات ـ كذا الضمانات الحاكمة لعدم تغول أي سلطة؟! بدت لي المواد الخاصة بالهيئات المستقلة للاعلام والصحافة612 ـ712 كأنها استبدال لاسم وزارة الإعلام ومجلس الشوري بالهيئة الوطنية للصحافة والإعلام والمجلس الوطني للاعلام المسموع والمرئي وغابت صيغة جديدة لاستقلالية الإعلام بجميع أشكاله ومشاركة ابنائه ونقابته في إدارته.
في المادة(75) ما هو المقصود بحد الكفاية ووفق أي مستويات!! حد كفاية الطعام من صناديق القمامة أم سكن العشوائيات والمقابر أو حد الكفاية الذي يحققه عدالة توزيع الدخول وتعظيم استثمار الثروات الطبيعية والبشرية ومستويات الكفاية الإنسانية والدولية. ومثلها وفي المادة(94) تكفل الدولة سلامة الانتخابات وجديتها ونزاهتها وهل نص دستور17 علي ما تم من تزوير في انتخابات5002 ووصل إلي ذروته في0102!!.
وفي المادة(05) بشأن التعليم والربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج يجب أن يضاف الربط بين التعليم وسلامة وقوة ووحدة النسيج الوطني للأمة كذا في المادة(35) الخاصة بمحو الأمية ضرورة أن تلتزم جميع مؤسسات الدولة بمحو أمية جميع العاملين فيها. وأن يكون من المهمات الأساسية للمحافظين وللإدارة المحلية إنهاء الأمية في جميع محافظات مصر وتتناول المادة(45) الصحة وسكتت تماما عن حقوق المواطنين الأكثر احتياجا في العلاج المجاني وحظر البيع أو الاستثمار التجاري للمستشفيات الجامعية والذي تتوارد أخباره بشأن البدء في اجراءات تنفيذه بالفعل!! أيضا لماذا غابت رقابة المجتمع المدني علي تطبيق الحقوق الإنسانية في العلاج وفي سائر شئون الحياة.. وأين التجريم لجرائم إبادة وقتل المصريين بالتلوث الذي يعيشون تحت أخطر أشكاله الآن وحقوق الإنقاذ البيئي العاجل للإنسان والأرض والحيوان والمياه والهواء, وفي المادة(76) لم أفهم معني حظر تشغيل الأطفال قبل تجاوزهم سن الالزام التعليمي في أعمال لا تناسب أعمارهم!! أتمني علي أحد الأفاضل الذي سمح عقله وضميره بصياغة هذه المادة أن يقول لنا ما هي الأعمال التي تناسب الأطفال ولم يبلغوا السادسة, ومن السادسة ما هي الأعمال التي يراها مناسبة لانتهاك آدمية الطفولة؟! أما المواد الخاصة بحماية وصيانة التراث الحضاري والثقافي والآثار وتجريم وإيقاف سرقته ونهبه فقد بدت هزيلة ولا تليق بشعب لديه النصيب الأكبر والأعظم من الآثار وتراث الحضارات الإنسانية لا تقل ضعفا المادة الخاصة بالبحث العلمي وادراك سباق الدنيا علي التفوق والتنافس العلمي وارجو اعادة صياغة المادة(15) والنص علي انشاء مجلس أعلي لإدارة ثروات مصر الطبيعية والبشرية والعلمية ويتشكل من علماء وأندر الخبرات والكفاءات في جميع مجالات العلوم والأبحاث ويحمل اسم مجلس انقاذ مصر وتكون مهمته الأولي جمع شتات واحياء وتطبيق كل ما أهدر وضيع وتم ايقافه من أبحاث ودراسات قبل الثورة وتفعيل كنوز العلم وثمار ابداعات العقول العلمية المصرية ويضع رؤية مستقبلية.. هذه الرؤية والأهداف الكبري التي غابت عن أن تكون إطارا جامعا وبوصلة هادية لجميع المواد ولضمانات التفعيل والتطبيق.تداعيات الحوار مع مواد مسودة الدستور لا يمكن أن يغيب عنها ما جاء في المادة(86) يتعلق بالمرأة وترسيخ مساواتها مع الرجل في مختلف مجالات الحياة دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية ـ لماذا لم نقيدها بما جاء في المادة الثانية من أن مباديء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وبما يحمي المرأة من الأفكار والآراء المتطرفة والظلامية التي تستخدم من الأحكام ما يتطابق مع مفاهيمها!!.
بدت لي المادة(551) شديدة الأهمية وهي الخاصة بأن أوامر رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء الشفهية أو المكتوبة لا نعفي الوزراء من المسئولية وارجو أن يضاف أيضا ولا تعفي جميع المسئولين.ويتبقي السؤال الأهم.. الجموع والملايين التي ستخرج للاستفتاء علي هذا الدستور, وألفت النظر إلي مطالبات للمجتمع المدني بألا تقل نسبة المشاركة عن06% ليعبر الدستور عن أكبر قطاعات من الشعب ـ وقبلها ما هي المساحة والآليات لتعرف هذه الجموع وتختار وتتأكد أنه توفر لها في دستورها الجديد ما لا يجعله يلحق بما قبله كل ما ضمته الدساتير من مباديء ومواد محترمة لم نستطع أن تمنع الواقع والوقائع الكارثية التي عاش تحتها المصريون وان يأتي دستور الثورة معبرا عن روح وقيم الثورة ومعجزتها التي تحققت في أيامها الأولي في وحدة المصريين وأن يكون بالفعل صك ملكية واستعادة للوطن وصك تأمين ضد جميع أشكال التمييز والانتهاك والاستبداد.
نقلا عن الاهرام


http://www.misrelmahrosa.gov.eg/sect...88%D8%B3%D8%A9