#41
| ||
| ||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سأضع بمشيئة الله تعالى سيرة الصحابي الجليل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه هنا وهي منقولة من كتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين 2 فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه للدكتور علي محمد الصلابي . كتاب الكتروني رائع , حجم البرنامج980 كيلوبايت روابط التنزيل http://adel-ebooks.sheekh-3arb.info/.../Seera/291.rar أو http://ahlalhdeeth.com/vb/attachment...6&d=1215344362 يتبع بمشيئة الله
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#42
| ||
| ||
مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ102 { آل عمران،أية:102 } يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا1 { النساء،الآية:1 } يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا70 يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا71 { الأحزاب،الآية:70-71 . أما بعد : هذا الكتاب الفاروق عمر بن الخطاب شخصيته وعصره يرجع الفضل في كتابته إلى المولى عز وجل ثم إلى مجموعة خيرة من العلماء والشيوخ والدعاة الذين شجعوني على المضي في دراسة عصر الخلفاء الراشدين حتى إن أحدهم قال لي: لقد أصبحت هناك فجوة بين أبناء المسلمين وذلك العصر، وحدث خلط في ترتيب الأوليات حيث صار الكثير من أبناء المسلمين يلمون بسيرة الدعاة والعلماء والمصلحين أكثر من إلمامهم بسيرة الخلفاء الراشدين، وأن ذلك العصر غني بالجوانب السياسية، والتربوية، والإعلامية، والأخلاقية، والاقتصادية، والفكرية، والجهادية والفقهية التي نحن في أشد الحاجة إليها ، ونحتاج أن نتتبع مؤسسات الدولة الاسلامية، وكيف تطورت مع مسيرة الزمن، كالمؤسسة القضائية والمالية ونظام الخلافة والمؤسسة العسكرية، وتعيين الولاة وما حدث من اجتهادات في ذلك العصر عندما احتكت الأمة الإسلامية بالحضارة الفارسية، والرومانية، وطبيعة حركة الفتوحات الإسلامية . كانت بداية هذا الكتاب فكرة أراد الله لها أن تصبح حقيقة، فأخذ الله بيدي وسهل لي الأمور وذلل الصعاب، وأعانني على الوصول للمراجع والمصادر والفضل لله تعالى الذي أعانني على ذلك . إن تاريخ عصر الخلفاء الراشدين مليء بالدروس والعبر وهي متناثرة في بطون الكتب والمصادر والمراجع سواء كانت تاريخية أو حديثية أو فقهية أو أدبية أو تفسيرية أو كتب التراجم والجرح والتعديل فقمت بدراستها حسب وسعي وطاقتي فوجدت فيها مادة تاريخية غزيرة يصعب الوقوف على حقيقتها في الكتب التاريخية المعروفة والمتداولة، فقمت بجمعها وترتيبها وتوثيقها وتحليلها، وقد طبع الكتاب الأول عن الصديق رضي الله عنه وقد سميته أبو بكر الصديق شخصيته وعصره. وبفضل الله انتشر هذا الكتاب في المكاتب العربية والمعارض الدولية ووصل إلى كثير من القراء والدعاة والعلماء وطلاب العلم، وعوام المسلمين، فشجعوني على الاستمرار في دراسة عصر الخلفاء الراشدين ومحاولة تبسيطه وتقديمه للأمة في أسلوب يلائم العصر . إن تاريخ عصر الخلفاء الراشدين ملئ بالدروس والعبر، فإذا أحسنا عرضه وابتعدنا عن الروايات الضعيفة والموضوعة وعن كتب المستشرقين وأذنابهم من العلمانيين والروافض وغيرهم، واعتمدنا منهج أهل السنة في الدراسة نكون قد أسهمنا في صياغته بمنظور أهل السنة، وتعرفنا على حياة وعصر من قال الله فيهم} وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ100 { التوبة،آية:100. وقال تعالى : } مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا { الفتح،الآية:29 . وقال فيهم رسول الله r : خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ….[1] وقال فيهم عبدالله بن مسعود : من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد r كانوا والله أفضل هذه الأمة ،وأبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم[2]، فالصحابة قاموا بتطبيق أحكام الإسلام ونشروه في مشارق الأرض ومغاربها فعصرهم خير العصور، فهم الذين علموا الأمة القرآن الكريم ورووا السنن والآثار عن رسول الله r ، فتاريخهم هو الكنز الذي حفظ مدخرات الأمة في الفكر والثقافة والعلم والجهاد، وحركة الفتوحات والتعامل مع الشعوب والأمم ، فتجد الأجيال في هذا التاريخ المجيد ما يعينها على مواصلة رحلتها في الحياة على منهج صحيح وهدي رشيد وتعرف من خلاله حقيقة رسالتها ودورها في دنيا الناس ، وتستمد من ذلك العصر ما يغذي الأرواح، ويهذب النفوس، وينور العقول، ويشحذ الهمم، ويقدم الدروس، ويسهل العبر، وينضج الأفكار ويجد الدعاة والعلماء والشيوخ وأبناء الأمة ما يعينهم على إعداد الجيل المسلم وتربيته على منهاج النبوة ويتعرفوا على معالم الخلافة الراشدة وصفات قادتها وجيلها، وخصائصها وأسباب زوالها فهذا الكتاب الثاني عن عصر الخلفاء الراشدين يتحدث عن الفاروق عمر بن الخطاب ويتناول شخصيته وعصره ، فهو الخليفة الثاني وأفضل الصحابة الكرام بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنهم جميعاً وقد حثنا رسول الله r وأمرنا باتباع سنتهم والاهتداء بهديهم قال رسول الله r:عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي[3]فعمر خير الصالحين بعد الأنبياء والمرسلين وأبي بكر الصديق وقد قال فيهما رسول الله r : اقتدوا باللذين من بعدي ،أبي بكر وعمر[4]. وقد وردت الأحاديث الكثيرة والأخبار الشهيرة في فضائل الفاروق فقد قال رسول الله r : لقد كان فيمن قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر[5] وقال رسول الله r : أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب [6]، فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له[7] ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن[8]وقد قال عمرو بن العاص : قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة، قلت: يا رسول الله من الرجال؟ قال : أبوها قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب ثم عد رجالاً[9]. إن حياة الفاروق عمر بن الخطاب صفحة مشرقة من التاريخ الإسلامي الذي بهر كل تاريخ وفاقه والذي لم تحوِ تواريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة في سبيل الله ولذلك قمت بتتبع أخباره وحياته وعصره في المصادر والمراجع واستخرجتها من بطون الكتب وقمت بترتيبها وتنسيقها وتوثيقها وتحليلها لكي تصبح في متناول الدعاة والخطباء والعلماء والساسة ورجال الفكر وقادة الجيوش وحكام الأمة وطلاب العلم وعامة الناس لعلهم يستفيدون منها في حياتهم ويقتدون بها في أعمالهم فيكرمهم الله بالفوز في الدراين. لقد تتبعت حياة الفاروق منذ ولادته حتى استشهاده فتحدثت عن نسبه وأسرته وحياته في الجاهلية وعن إسلامه وهجرته وعن أثر القرآن الكريم وملازمته للنبيr في تربيته وصياغة شخصيته الإسلامية العظيمة وتكلمت عن مواقفه في الغزوات وفي المجتمع المدني في حياة الرسول r والصديق وبينت قصة استخلافه ووضحت قواعد نظام حكمه كالشورى واقامة العدل والمساواة بين الناس واحترامه للحريات وأشرت إلى أهم صفات الفاروق وحياته مع أسرته واحترامه لأهل البيت وإلى حياته في المجتمع بعدما أصبح خليفة المسلمين كاهتمامه ورعايته لنساء المجتمع وحفظه لسوابق الخير لرعيته وحرصه على قضاء حوائج الناس وتربيته لبعض زعماء المجتمع وإنكاره لبعض التصرفات المنحرفة واهتمامه بصحة الرعية ونظام الحسبة. وبالأسواق والتجارة وحرصه على تحقيق مقاصد الشريعة في المجتمع كحماية جانب التوحيد ومحاربة الزيغ والبدع واهتمامه بأمر العبادات وحماية أعراض المجاهدين . وتحدثت عن اهتمام الفاروق بالعلم وعن تتبعه للرعية بالتوجيه والتعليم في المدينة وجعله المدينةَ داراً للفتوى والفقه ومدرسة تخرج منها العلماء والدعاة والولاة والقضاة وبينت الأثر العمري في مدارس الأمصار كالمدرسة المكية والمدنية والبصرية والكوفية والشامية والمصرية فقد اهتم الفاروق بالكوادر العلمية المتخصصة وبعثها إلى الأمصار وأرشد القادة والأمراء مع توسع حركة الفتوحات إلى إقامة المساجد في الأقاليم المفتوحة لتكون مراكز للدعوة والتعليم والتربية ونشر الحضارة الإسلامية فقد كانت المساجد هي المؤسسات العلمية الأولى في الإسلام ومن خلالها تحرك علماء الصحابة لتعليم الشعوب الجديدة التي دخلت في الإسلام طواعية بدون ضغط أو إكراه وقد وصلت المساجد التي تقام فيها الجمعة في دولة عمرإلى اثني عشر ألف مسجد وقد كانت المؤسسات العلمية خلف مؤسسة الجيش التي قامت بفتح العراق وإيران والشام ومصر وبلاد المغرب وقد قاد هذه المؤسسات كوادر علمية وفقهية ودعوية متميزة تربت على يدي رسول الله r في المدينة وقد استفاد الفاروق من هذه الطاقات فأحسن توجيهها ووضعها في محلها فأسست تلك الطاقات الكوادر للحركة العلمية والفقهية التي كانت مواكبة لحركة الفتح وتكلمت عن اهتمام الفاروق بالشعر والشعراء فقد كان عمر أكثر الخلفاء الراشدين ميلاً لسماع الشعر وتقويمه كما كان أكثرهم تمثلاً به حتى قيل: كان عمر بن الخطاب لا يكاد يعرض له أمر إلا أنشد فيه بيتاً من الشعر وقد برع الفاروق في النقد الأدبي وكانت له مقاييس يحتكم إليها في تفضيله أو إيثاره نصاً على نص أو تقديمه شاعراً على غيره ومن هذه المقاييس سلامة العربية وأنس الألفاظ والبعد عن المعاضلة والتعقيد والوضوح والابانة وأن تكون الألفاظ بقدر المعاني وجمال اللفظة في موقعها وحسن التقسيم وكان يمنع الشعراء من قول الهجاء أو ما يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية واستخدم أساليب متعددة في تأديبهم منها أنه أشترى أعراض المسلمين من الحطيئة بثلاثة آلاف درهم حتى قال ذلك الشاعر : وأخذت أطراف الكلام فلم تدع شتماً يضر ولا مديحاً ينفع ومنعتني عرض البخيل فلم يخف شتمي فأصبح آمناً لا يفزع وتحدثت عن التطور العمراني وإدارة الأزمات في عهد عمر فبينت اهتمام الفاروق بالطرق ووسائل النقل البري والبحري وإنشاء الثغور والأمصار كقواعد عسكرية ومراكز إشعاع حضاري، وتكلمت عن نشأة المدن الكبرى في عهد عمر كالبصرة والكوفة والفسطاط، وسرت،وعن الاعتبارات العسكرية والاقتصادية التي وضعها الفاروق عند إنشاء المدن، وعن الأساليب التي اتخذها عمر في مواجهة عام الرمادة، وكيف جعل من نفسه للناس قدوة؟ وعن معسكرات اللاجئين في تلك السنة، وعن الاستعانة بأهل الأمصار، والاستعانة بالله وصلاة الاستسقاء، وعن بعض الاجتهادات الفقهية في عام الرمادة، كوقف إقامة حد السرقة، وتأخير دفع الزكاة في ذلك العام. وأشرت إلى عام الطاعون وموقف الفاروق من هذا الوباء الذي كان سبباً في وفاة كبار قادة الجيش الإسلامي بالشام، وقد مات أكثر من عشرين ألفاً من المسلمين بسبب الطاعون، واختلت الموازين وضاعت المواريث، فذهب الفاروق إلى الشام وقسم الأرزاق وسمى الشواتي والصوائف وسد ثغور الشام ومسالحها وولى الولاة، ورتب أمور الجند والقادة والناس، وورّث الأحياء من الأموات. ووضحت دور الفاروق في تطوير المؤسسة المالية والقضائية فتحدثت عن المؤسسة المالية، وعن مصادر دخل الدولة في عهد عمر رضي الله عنه، كالزكاة والجزية، والخراج، والعشور، والفيء والغنائم، وعن بيت مال المسلمين وتدوين الدواوين، وعن مصارف الدولة في عهد عمر وعن اجتهاد الفاروق في مسألة أرض الخراج وعن إصدار النقود الإسلامية، وبينت دور الفاروق في تطوير المؤسسة القضائية، وتكلمت عن أهم رسائل عمر إلى القضاة، وعن تعيين القضاة، ومرتباتهم وصفاتهم وما يجب عليهم، وعن مصادر الأحكام القضائية، والأدلة التي يعتمد عليها القاضي، وعن اجتهادات الفاروق القضائية كحكم تزوير الخاتم الرسمي للدولة، ورجل سرق من بيت المال بالكوفة، ومن جهل تحريم الزنا، وغيرها من الأحكام القضائية والفقهية ، وعن فقه عمر في التعامل مع الولاة، فبينت أقاليم الدولة في عهد عمر وأسماء من تولى إمارة الأقاليم في عصره، وعن أهم قواعد عمر في تعيين الولاة وشروطه عليهم ، وعن صفات ولاة عمر، وعن حقوق الولاة وواجباتهم، وعن متابعة الفاروق للولاة ومحاسبتهم، وعن تعامل الفاروق مع شكاوى الرعية في الولاة، وعن أنواع العقوبات التي أنزلها الفاروق بالولاة، وعن قصة عزل خالد بن الوليد رضي الله عنه، وعن عزله في المرتين الأولى والثانية، ومجمل أسباب عزله، وعن موقف المجتمع الإسلامي من قرار العزل، وعن موقف خالد بن الوليد من ذلك القرار وماذا قال عن الفاروق وهو على فراش الموت. ووصفت فتوح العراق وإيران والشام ومصر وليبيا في عهد الفاروق ووقفت مع الدروس والعبر والفوائد والسنن في تلك الفتوح، وسلطت الأضواء على الرسائل التي كانت بين الفاروق وقادة جيوشه واستخرجت منها مادة علمية تربوية في توجيه الشعوب وبناء الدول، وتربية المجتمعات وترشيد القادة ، وفنون القتال، واستنبطت من رسائل عمر إلى القادة حقوق الله كمصابرة العدو، وأن يقصدوا بقتالهم نصرة دين الله ، وأداء الأمانة وعدم المحاباة في نصر دين الله، وحقوق القادة، كالتزام طاعتهم، وامتثال أوامراهم، وحقوق الجند، كاستعراضهم وتفقد أحوالهم، والرفق بهم في السير، وتحريضهم على القتال…إلخ. وتكلمت عن علاقة عمر مع الملوك وعن نتائج الفتوحات العمرية وعن الأيام الأخيرة في حياة الفاروق وعن فهمه لفقه القدوم على الله الذي كان مهيمناً على نفسه ومتغلغلاً في قلبه منذ إسلامه حتى استشهاده ـ لقد حاولت في هذا الكتاب أن أُبين كيف فهم الفاروق الإسلام وعاش به في دنيا الناس، وكيف أثر في مجريات الأمور في عصره، وتحدثت عن جوانب شخصيته المتعددة السياسية، والعسكرية، والإدارية والقضائية، وعن حياته في المجتمع لمَّا كان أحد رعاياه وبعد أن تولى الخلافة بعد الصديق، وركّزت على دوره في تطوير المؤسسات المالية والقضائية والإدارية والعسكرية. إن هذا الكتاب يبرهن على عظمة الفاروق ، ويثبت للقارئ بأنه كان عظيماً بإيمانه، عظيماً بعلمه، عظيماً بفكره عظيماً ببيانه، عظيماً بخلقه ـ عظيماً بآثاره ـ فقد جمع الفاروق العظمة من أطرافها وكانت عظمته مستمدة من فهمه وتطبيقه للإسلام وصلته العظيمة بالله واتباعه لهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. إن الفاروق من الأئمة الذي يرسمون للناس خط سيرهم ويتأسى بهم الناس بأقوالهم وأفعالهم في هذا الحياة، فسيرته من أقوى مصادر الإيمان، والعاطفة الإسلامية الصحيحة والفهم السليم لهذا الدين، فما أحوج الأمة الإسلامية إلى الرجال الأكفاء الذي يقتدون بالصحابة الكرام ويجسّدون المعاني السامية ـ فيحيونها بتضحيات يراها الناس ويحسُّون بها، فإن تاريخ الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام يظل مذكراً للأمة عبر الأجيال، ويكون الانتفاع به بالتأسيِّ بأولئك العظماء وتطبيق تلك المواقف الكريمة من عظماء الرجال الذي يشاركون أفراد الأمة في ظروف الحياة المعاصرة حتى لا يظن ظان أن هذه المواقف والدروس والعبر، إنما كانت في عصور ملائمة لوجودها وأن تكرارها يتطلب ظروفاً حياتية مشابهة والحقيقة تقول إنه كلما قويَ المحرك الإيماني واتضح فقه القدوم على الله وحرص المسلمون على العمل به، فإن الله يتكفل بنصر أوليائه وتسخير ظروف الحياة لصالحهم. هذا وقد اجتهدت في دارسة شخصية الفاروق وعصره حسب وسعي وطاقتي، غير مدع عصمة، ولا متبرئ من زلة ووجه الله العظيم لا غيره قصدت، وثوابه أردت، وهو المسؤول في المعونة عليه، والانتفاع به إنه طيب الأسماء، سميع الدعاء. هذا وقد انتهيت من هذا الكتاب يوم الأربعاء الساعة السابعة وخمس دقائق صباحاً بتاريخ 13 رمضان 1422هـ ـ الموافق 28/نوفمبر/ 2001م والفضل لله من قبل ومن بعد، واسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا العمل ويشرح صدور العباد للانتفاع به ويبارك فيه بمنه وكرمه وجوده ـ قال تعالى:} مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ2 { فاطر،آية:2. ولايسعني في نهاية هذه المقدمة إلا أن أقف بقلب خاشع منيب بين يدى الله عز وجل، معترفاً بفضله وكرمه وجوده، فهو المتفضل وهو المكرم وهو المعين وهو الموفِّق ، فله الحمد على ما منّ به عليّ أولاً وآخراً، وأسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل عملي لوجهه خالصاً ولعباده نافعاً، وأن يثيبني على كل حرف كتبته ويجعله في ميزان حسناتي، وأن يثيب إخواني الذي أعانوني بكافة ما يملكون من أجل إتمام هذا الجهد المتواضع ونرجو من كل مسلم يطلع على هذا الكتاب أن لا ينسى العبد الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه من دعائه قال تعالى:} رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ19 { النمل،آية:19 سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه علي محمد محمد الصَّلاَّبي 13/رمضان/1422هـ -------------------------------------------------------------------------------- ([1]) مسلم (4 / 1963-1964) . ([2]) شرح السنة للبغوي (1/214-215) ([3]) سنن أبي داود (4/201 ) ، الترمذي (5/44 ) حسن صحيح . ([4]) صحيح سنن الترمذي للألباني (3/200 ) . ([5]) البخاري رقم 3689 ، مسلم 2398 . ([6]) القليب البئر غير المطوية . ([7]) والله يغفر له : هذه عبارة ليس فيها تنقيص لأبي بكر وإنها كلمة كان المسلمون يدعمون بها كلامهم . ([8]) مسلم رقم 2393 . ([9]) الاحسان في صحيح ابن حبان (15/309) . م ::: سأحاول أن أنقل مختاراتي من الكتاب ليس بالضرورة ان انقله كاملا. م ::: سأحاول أن أنقل مختاراتي من الكتاب ليس بالضرورة ان انقله كاملا.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#43
| ||
| ||
الفصل الأول عمر رضي الله عنه بمكة المبحث الأول اسمه ونسبه وكنيته وصفته وأسرته وحياته في الجاهلية أولاً: اسمه ونسبه وكنيته وألقابه: هو عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العُزَّى بن رياح بن عبد الله بن قرُط بن رَزاح بن عدي بن كعب بن لؤي[1]، بن غالب القرشي العدوي[2]، يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي بن غالب[3]، ويكنى أبا حفص[4]، ولقب بالفاروق[5]، لأنه أظهر الإسلام بمكة ففرّق الله به بين الكفر والإيمان[6]. ثانياً: مولده وصفته الخَلْقية: ولد عمر رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة[7] وأما صفته الخَلْقية، فكان رضي الله عنه، أبيض أمهق، تعلوه حمرة، حسن الخدين والأنف والعينين، غليظ القدمين والكفين، مجدول اللحم، وكان طويلاً جسيماً أصلع، قد فرع الناس، كأنه راكب على دابة، وكان قوياً شديداً، لا واهناً ولا ضعيفاً[8]، وكان يخضب بالحناء، وكان طويل السَّبلة[9] وكان إذا مشى أسرع وإذا تكلم أسمع، وإذا ضرب أوجع[10]. ثالثاً: أسرته: أما والده، فهو الخطاب بن نفيل، فقد كان جد عمر نفيل بن عبد العزى ممن تتحاكم إليه قريش[11]، وأما والدته فهي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، وقيل بنت هاشم أخت أبي جهل[12]، والذي عليه أكثر المؤرخين هو أنها بنت هاشم ابنة عم أبي جهل بن هشام[13]، وأما زوجاته وأبناؤه وبناته؛ فقد تزوج في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون، فولدت له عبد الله، وعبد الرحمن الأكبر، وحفصة، وتزوج مليكة بنت جرول، فولدت له عبيد الله، فطلقها في الهدنة، فخلف عليها أبو الجهم بن حذيفة، وتزوج قُرَيْبة بنت أبي أمية المخزومي، ففارقها في الهدنة، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن أبي بكر، وتزوج أم حكيم بنت الحارث بن هشام بعد زوجها عكرمة بن أبي جهل حين قتل في الشام[14]، فولدت له فاطمة، ثم طلقها وقيل لم يطلقها[15]، وتزوج جميلة بنت[16] عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح من الأوس، وتزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نُفيل، وكانت قبله عند عبد الله بن أبي بكر[17]، ولما قتل عمر تزوجها بعده الزبير بن العوام رضي الله عنه، ويقال هي أم ابنه عياض، فالله أعلم. وكان قد خطب أم كلثوم ابنة أبي بكر الصديق، وهي صغيرة وراسل فيها عائشة فقالت أمُّ كلثوم: لا حاجة لي فيه، فقالت عائشة أترغبين عن أمير المؤمنين؟ قالت: نعم، إنه خشن العيش، فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص، فصدّه عنها ودلّه على أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب، من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: تعلق منها بسبب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطبها من علي فزوجه أياها فأصدقها عمر رضي الله عنه أربعين ألفاً، فولدت له زيداً ورقية[18]، وتزوج لُهْيَة امرأة من اليمن فولدت له عبد الرحمن الأصغر، وقيل الأوسط. وقال الواقدي: هي أم ولد وليست بزوجة[19]، قالوا: وكانت عنده فكيهة أم ولد، فولدت له زينب قال الواقدي: وهي أصغر ولده[20]، فجملة أولاده رضي الله عنه ثلاثة عشر ولداً، وهم زيد الأكبر، وزيد الأصغر، وعاصم، وعبد الله، وعبد الرحمن الأكبر، وعبد الرحمن الأوسط، وعبد الرحمن الأصغر، وعبيد الله، وعياض، وحفصة، ورقية، وزينب، وفاطمة رضي الله عنهم، ومجموع نسائه اللاتي تزوجهن في الجاهلية والإسلام ممن طلقهن أو مات عنهن سبع[21]، وكان رضي الله عنه يتزوج من أجل الانجاب، والإكثار من الذرية، فقد قال رضي الله عنه: ما آتي النساء للشهوة، ولولا الولد، ما باليت ألا أرى امرأة بعيني[22]، وقال رضي الله عنه: إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله مني نسمة تسبحه وتذكره[23]. رابعاً: حياته في الجاهلية: أمضى عمر في الجاهلية شطراً من حياته، ونشأ كأمثاله من أبناء قريش، وامتاز عليهم بأنه كان ممن تعلموا القراءة وهؤلاء كانوا قليلين جداً[24]، وقد حمل المسؤولية صغيراً، ونشأ نشأة غليظة شديدة، لم يعرف فيها ألوان الترف، ولا مظاهر الثروة ودفعه أبوه الخطاب في غلظة وقسوة إلى المراعي يرعى إبله، وتركت هذه المعاملة القاسية من أبيه أثراً سيئاً في نفس عمر رضي الله عنه، فظل يذكرها طيلة حياته، فهذا عبد الرحمن بن حاطب يحدثنا عن ذلك فيقول: كنت مع عمر بن الخطاب بضجنان[25]، فقال: كنت أرعى للخطاب بهذا المكان، فكان فظاً غليظاً فكنت أرعى أحياناً وأحتطب أحياناً.. [26] ولأن هذه الفترة كانت قاسية في حياة عمر، فإنه كان يكثر من ذكرها فيحدثنا سعيد بن المسيب رحمه الله قائلاً: حجّ عمر، فلما كان بضجنان قال: لا إله إلا الله العلي العظيم، المعطي ما شاء، لمن شاء. كنت أرعى إبل الخطاب بهذا الوادي، في مدرعة صوف، وكان فظاً، يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أمسيت ليس بيني وبين الله أحد، ثم تمثل: لا شيء مما ترى تبقى بشاشته يبقى الإله ويُردى المال والولد لم تُغن عن هرمز يوماً خزائنه والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا ولا سليمان إذ تجري الرياح له والإنس والجن فيما بينها بردُ أين الملوك التي كانت نواهلها من كل أوب إليها راكب يفد حوضاً هنالك، مورود بلا كذب لابد من ورده يوماً كما وردوا[27] ولم يكن ابن الخطاب رضي الله عنه يرعى لأبيه وحده بل كان يرعى لخالات له من بني مخزوم وذكر لنا ذلك عن عمر رضي الله عنه نفسه حين حدثته نفسه يوماً وهو أمير المؤمنين أنه أصبح أميراً للمؤمنين فمن ذا أفضل منه... ولكي يُعرِّف نفسه قدرها – كما ظن – وقف يوماً بين المسلمين يعلن أنه لم يكن إلا راعي غنم، يرعى لخالات له من بني مخزوم يقول محمد بن عمر المخزومي عن أبيه: نادى عمر بن الخطاب بالصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس، وكبروا، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على نبيه عليه الصلاة والسلام ثم قال: أيها الناس.. لقد رأيتني أرعى على خالات لي من بني مخزوم، فيقبضن لي قبضة من التمر أو الزبيب، فأظل يومي وأي يوم!! ثم نزل، فقال له عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين، ما زدت على أن قمّأت نفسك – عبْتَ – فقال: ويحك يا ابن عوف!! إني خلوت فحدثتني نفسي، قال: أنت أمير المؤمنين، فمن ذا أفضل منك؟! فأردت أن أعرفها نفسها وفي رواية: إني وجدت في نفسي شيئاً، فأردت أن أطأطئ منها[28]. ولا شك أن هذه الحرفة – الرعي – التي لازمت عمر بن الخطاب في مكة قبل أن يدخل الإسلام قد أكسبته صفات جميلة كقوة التحمل، والجلد وشدة البأس، ولم يكن رعي الغنم هو شغل ابن الخطاب في جاهليته[29]، بل حذق من أول شبابه ألواناً من رياضة البدن، فحذق المصارعة، وركوب الخيل والفروسية، وتذوق الشعر ورواه[30]، وكان يهتم بتاريخ قومه وشؤونهم، وحرص على الحضور في أسواق العرب الكبرى، كـ عكاظ ومجنة وذي المجاز واستفاد منها في التجارة ومعرفة تاريخ العرب وما حدث بين القبائل من وقائع ومفاخرات ومنافرات حيث تعرض تلك الأحداث في إطار آثار أدبية يتناولها كبار الأدباء بالنقد على مرأى ومسمع من ملء القبائل وأعيانها مما جعل التاريخ العربي عرضاً دائم الحركة لا ينسدل عليه ستار النسيان، وربما تطاير شرر الحوادث فكانت الحرب وكانت عكاظ – بالذات – سبباً مباشراً في حروب أربع سميت حروب الفجار[31]. واشتغل عمر رضي الله عنه بالتجارة وربح منها ما جعله من أغنياء مكة، وكسب معارف متعددة من البلاد التي زارها للتجارة، فرحل إلى الشام صيفاً وإلى اليمن شتاءً[32] واحتل مكانةً بارزة في المجتمع المكي الجاهلي، وأسهم بشكل فعَّال في أحداثه، وساعده تاريخ أجداده المجيد، فقد كان جده نفيل بن عبدالعزى تحتكم إليه قريش في خصوماتها[33]، فضلاً عن أن جده الأعلى كعب بن لؤي كان عظيم القدر والشأن عند العرب، فقد أرّخوا بسنة وفاته إلى عام الفيل[34]، وتوارث عمر عن أجداده هذه المكانة المهمة التي أكسبته خبرة ودراية ومعرفة بأحوال العرب وحياتهم، فضلاً عن فطنته وذكائه، فلجأوا إليه في فض خصوماتهم، يقول ابن سعد إن عمر كان يقضي بين العرب في خصوماتهم قبل الإسلام [35]. وكان رضي الله عنه، رجلاً حكيماً، بليغاً، حصيفاً، قوياً، حليماً، شريفاً، قوي الحجة، واضح البيان، مما أهله لأن يكون سفيراً لقريش، ومفاخراً ومنافراً لها مع القبائل[36]، قال ابن الجوزي: كانت السفارة إلى عمر بن الخطاب، إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيراً، أو نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافراً ومفاخراً، ورضوا به رضي الله عنه[37]. وكان يدافع عن كل ما ألفته قريش من عادات وعبادات ونظم وكانت له طبيعة مخلصة تجعله يتفانى في الدفاع عما يؤمن به، وبهذه الطبيعة التي جعلته يشتد في الدفاع عما يؤمن به، قاوم عمر الإسلام في أول الدعوة، وخشي عمر أن يهز هذا الدين الجديد النظام المكي الذي استقر، والذي يجعل لمكة بين العرب مكاناً خاصاً، ففيها البيت الذي يُحَجّ إليه والذي جعل قريشاً ذات مكانة خاصة عند العرب، والذي صار لمكة ثروتها الروحية، وثروتها المادية، فهو سبب ازدهارها، وغنى سراتها ولهذا قاوم سراة مكة هذا الدين، وبطشوا بالمستضعفين من معتنقيه وكان عمر من أشد أهل مكة بطشاً بهؤلاء المستضعفين[38]. ولقد ظل يضرب جارية أسلمت، حتى عيت يداه، ووقع السوط من يده، فتوقف إعياء، ومر أبو بكر فرآه يعذب الجارية، فاشتراها منه وأعتقها[39]. لقد عاش عمر في الجاهلية وسبر أغوارها، وعرف حقيقتها، وتقاليدها وأعرافها ودافع عنها بكل ما يملك من قوة ولذلك لما دخل في الإسلام عرف جماله وحقيقته وتيقن الفرق الهائل بين الهدى والضلال والكفر والإيمان والحق والباطل ولذلك قال قولته المشهورة: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية[40]. -------------------------------------------------------------------------------- ([1]) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/265) ، محض الصواب لابن عبد الهادي (1/131). ([2]) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (1/131). ([3]) نفس المصدر (1/131). ([4]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب 5 . ([5]) نفس المصدر 5 . ([6]) نفس المصدر 5 . ([7]) تاريخ الخلفاء للسيوطي 33 . ([8]) الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب للعاني 5 . ([9]) السبلة: طرف الشارب وكان إذا غضب أو حزنه أمر يمسك بها ويفتلها. ([10]) تهذيب الأسماء (2/14) للنووي، أوليات الفاروق للقرشي 4 . ([11]) نسب قريش للزبيري 47 . ([12]) أوليات الفاروق السياسية 2 . ([13]) نفس المصدر 2 . ([14]) البداية والنهاية (7/144). ([15]) نفس المصدر (7/144). ([16]) ترتيب وتهذيب البداية والنهاية خلافة عمر للسُّلمي . ([17]) نفس المصدر . ([18]) الكامل في التاريخ (2/212 ([19]) تاريخ الأمم والملوك للطبري (5/191). ([20]) تاريخ الأمم والملوك (5/192). ([21]) البداية والنهاية (7/144). ([22]) الشيخان أبو بكر وعمر برواية البلاذري تحقيق الدكتور إحسان صدقي 27 . ([23]) فرائد الكلام للخلفاء الكرام، قاسم عاشور 12 . ([24]) الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب، فاروق مجدلاوي 0 . ([25]) ضجنان جبل على مسيرة بريد من مكة وقيل على مسافة 25كم. ([26]) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (52/268)، حلقات ابن سعد (3/266) وقال الدكتور عاطف لماضة صحيح الإسناد. ([27]) الفاروق مع النبي د. عاطف لماضه نقله عن ابن عساكر (52/269). ([28]) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/293) وله شواهد تقويه. ([29]) الفاروق مع النبي . ([30]) التاريخ الإسلامي العام، علي حسن إبراهيم 26 ، الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب 0 . ([31]) عمر بن الخطاب، حياته، علمه، أدبه، د. علي أحمد الخطيب 53 . ([32]) عمر بن الخطاب، د. محمد أحمد أبو النصر 7 . ([33]) الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، د. العاني 6 . ([34]) تاريخ خليفة بن خياط ص(1/7) نقلاً عن د. العاني 6 . ([35]) الخليفة الفاروق د. العاني 6 . ([36]) نفس المصدر 6 . ([37]) مناقب عمر 1 . ([38]) الفاروق عمر، عبد الرحمن الشرقاوي . ([39]) نفس المصدر . ([40]) الفتاوى (15/36)، فرائد الكلام للخلفاء الكرام 44 .
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#44
| ||
| ||
المبحث الثاني إسلامه وهجرته أولاً: إسلامه: كان أول شعاعة من نور الإيمان لامست قلبه، يوم رأى نساء قريش يتركن بلدهن ويرحلن إلى بلد بعيد عن بلدهن بسبب ما لقين منه ومن أمثاله، فرق قلبه، وعاتبه ضميره، فرثى لهن، وأسمعهن الكلمة الطيبة التي لم يكنّ يطمعن أن يسمعن منه مثلها[1]. قالت أم عبد الله بنت حنتمة: لما كنا نرتحل مهاجرين إلى الحبشة، أقبل عمر حتى وقف عليّ، وكنا نلقى منه البلاء والأذى والغلظة علينا، فقال لي: إنه الانطلاق يا أم عبد الله؟ قلت نعم، والله لنخرجنّ في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا فرجاً. فقال عمر: صحبكم الله. ورأيت منه رقة لم أرها قط. فلما جاء عامر بن ربيعة وكان قد ذهب في بعض حاجته وذكرت له ذلك فقال: كأنك قد طمعت في إسلام عمر؟ قلت له: نعم فقال: إنه لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب[2]. لقد تأثر عمر من هذا الموقف وشعر أن صدره قد أصبح ضيقاً حرجاً؛ فأي بلاء يعانيه أتباع هذا الدين الجديد، وهم على الرغم من ذلك صامدون! ما سر تلك القوة الخارقة؟ وشعر بالحزن وعصر قلبه الألم[3]، وبعد هذه الحادثة بقليل أسلم عمر رضي الله عنه وبسبب دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت السبب الأساسي في إسلامه فقد دعا له بقوله: اللهم أعزَّ الإسلام بأحب الرجلين إليك: بأبي جهل بن هشام، أو بعمر بن الخطاب، قال: وكان أحبهما إليه عمر[4]، وقد ساق الله الأسباب لإسلام عمر رضي الله عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ما سمعت عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس إذ مرّ به رجل جميل، فقال عمر: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم. عليّ بالرجل، فدُعي له، فقال له ذلك. فقال: ما رأيت كاليوم استُقبل به رجلٌ مسلم. قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني. قال: كنت كاهنهم في الجاهلية. قال: فما أعجب ما جاءتك به جنِّيَّتُك؟ قال: بينما أنا يوماً في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع فقالت: ألم تر الجن وإبلاسها[5]، ويأسها من بعد إنكاسها[6]، ولحوقها بالقلاص، وأحلاسها[7]. قال عمر: صدق، بينما أنا نائم عند آلهتهم، إذ جاء رجل بعجل فذبح، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخاً قط أشد صوتاً منه يقول: يا جليح[8]، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله. فقمت، فما نشبنا[9] أن قيل: هذا نبي[10] وقد ورد في سبب إسلام الفاروق رضي الله عنه الكثير من الروايات، ولكن بالنظر إلى أسانيدها من الناحية الحديثية فأكثرها لا يصح[11]، ومن خلال الروايات التي ذكرت في كتب السيرة والتاريخ يمكن تقسيم إسلامه والصدع به إلى عناوين منها. 1- عزمه على قتل رسول الله: كانت قريش قد اجتمعت فتشاورت في أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أي رجل يقتل محمداً؟ فقال عمر بن الخطاب: أنا لها، فقالوا: أنت لها يا عمر، فخرج في الهاجرة، في يوم شديد الحر، متوشحاً سيفه يريد رسول الله ورهطاً من أصحابه، فيهم أبو بكر وعلي وحمزة رضي الله عنهم في رجال من المسلمين ممن كان أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة، وقد ذكروا له أنهم اجتمعوا في دار الأرقم في أسفل الصفا. فلقيه نُعَيم بن عبد الله النّحّام. فقال: أين تريد يا عمر؟ قال: أريد هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها، فأقتله. قال له نُعَيم: لبئس الممشى مشيت يا عمر، ولقد والله غرّتك نفسك من نفسك، ففرّطت وأردت هلكة بني عديّ، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً؟ فتحاورا حتى علت أصواتهما، فقال عمر: إني لأظنك قد صبوت ولو أعلم ذلك لبدأت بك، فلما رأى النَّحَّام أنه غير مُنْتَه قال: فإني أخبرك أن أهلك وأهل ختَنك قد أسلموا وتركوك وما أنت عليه من ضلالتك، فلما سمع مقالته قال: وأيهم؟ قال: خَتَنك وابن عمك وأختك[12]. 2- مداهمة عمر بيت أخته وثبات فاطمة بنت الخطاب أمام أخيها: لما سمع عمر أن أخته وزوجها قد أسلما احتمله الغضب وذهب إليهم فلما قرع الباب قالوا: من هذا؟ قال: ابن الخطاب. وكانوا يقرؤون كتاباً في أيديهم، فلما سمعوا حس عمر قاموا مبادرين فاختبئوا ونسوا الصحيفة على حالها، فلما دخل ورأته أخته عرفت الشر في وجهه، فخبأت الصحيفة تحت فخذها قال: ما هذه الْهَيْنَمَة والصوت الخفي التي سمعته عندكم؟ وكانوا يقرؤون طه فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا. قال: فلعلكما قد صبوتما، فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه سعيد وبطش بلحيته فتواثبا، وكان عمر قوياً شديداً، فضرب بسعيد الأرض ووطئه وطأ ثم جلس على صدره، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها، فقالت وهي غضبى: يا عدو الله، أتضربني على أن أوحّد الله؟ قال: نعم. قالت: ما كنت فاعلاً فأفعل، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لقد أسلمنا على رغم أنفك، فلما سمعها عمر ندم وقام عن صدر زوجها، فقعد، ثم قال: أعطوني هذه الصحيفة التي عندكم فأقرأها، فقالت أخته: لا أفعل. قال: ويحك قد وقع في قلبي ما قلت، فأعطينيها أنظر إليها، وأعطيك من المواثيق أن لا أخونك حتى تحرزيها حيث شئت. قالت: إنك رجس فـ} لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ { فقم فاغتسل أو توضأ، فخرج عمر ليغتسل ورجع إلى أخته فدفعت إليه الصحيفة وكان فيها طه وسور أخرى فرأى فيها: بسم الله الرحمن الرحيم فلما مرّ بالرحمن الرحيم ذعر، فألقى الصحيفة من يده، ثم رجع إلى نفسه فأخذها فإذا فيها: } طه1 مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى2 إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى3 تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأرض وَالسَّمَواتِ الْعُلاَ4 الرحمن عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى5 لَهُ مَا فِي السَّمَواتِ وَمَا فِي الأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى6 وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى7 اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى8 {. طه،الآيات:1-8 فعظمت في صدره. فقال: من هذا فرّت قريش؟ ثم قرأ. فلما بلغ إلى قوله تعالى: } إنّني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري. إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى { طه،الآيات:14،15،16. قال: ينبغي لمن يقول هذا أن لا يُعبد معه غيره دلوني على محمد[13]. 3- ذهابه لرسول الله وإعلان إسلامه: فلما سمع خبّاب رضي الله عنه ذلك خرج من البيت وكان مختفياً وقال أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون قد سبقت فيك دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين: اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل بن هشام، أو بعمر بن الخطاب [14]. قال: دلوني على مكان رسول الله، فلما عرفوا منه الصدق قالوا: هو في أسفل الصفا. فأخذ عمر سيفه فتوشّحه ثم عمد إلى رسول الله وأصحابه فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته وَجِلوا ولم يجترئ أحد منهم أن يفتح له، لما قد علموا من شدته على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة رضي الله عنه وجَلَ القوم قال: مالكم؟ قالوا عمر بن الخطاب قال: عمر بن الخطاب؟ افتحوا له، فإن يرد الله به خيراً يُسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله عليناً هيناً، ففتحوا، وأخذ حمزة ورجل آخر بعضديه حتى أدخلاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أرسلوه[15]، ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ بحجزته[16]، وبجمع ردائه ثم جبذه جَبْذَة شديدة، وقال: ما جاء بك يا ابن الخطاب؟ والله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال له عمر: يا رسول الله جئتك أؤمن بالله وبرسوله وبما جئت به من عند الله، قال: فكبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف أهل البيت من أصحاب رسول الله أن عمر قد أسلم، فتفرق أصحاب رسول الله من مكانهم وقد عزّوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة بن عبد المطلب، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله، وينتصفون بهما من عدوهم[17]. 4- حرص عمر على الصدع بالدعوة وتحمله الصعاب في سبيلها: دخل عمر في الإسلام بإخلاص متناهٍ، وعمل على تأكيد الإسلام بكل ما أوتي من قوة، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال صلى الله عليه وسلم: بلى، والذي نفسي بيده إنكم على الحق، إن متّم وإن حييتم. قال: ففيمَ الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لَتَخرجنّ وكان الرسول صلى الله عليه وسلم على ما يبدو قد رأى أنه قد آن الأوان للاعلان، وأن الدعوة قد غدت قوية تستطيع أن تدفع عن نفسها، فأذن بالاعلان، وخرج صلى الله عليه وسلم في صفَّيْن، عمر في أحدهما، وحمزة في الآخر ولهم كديد ككديد الطحين[18]، حتى دخل المسجد، فنظرت قريش إلى عمر وحمزة فأصابتهم كآبة لم تصبهم قط وسمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق[19]. لقد أعز الله الإسلام، والمسلمين بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد كان رجلاً ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره وامتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة[20]. وتحدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مشركي قريش: فقاتلهم حتى صلى عند الكعبة[21]، وصلى معه المسلمون، وحرص عمر رضي الله عنه على أذية أعداء الدعوة بكل ما يملك، ونتركه يحدثنا عن ذلك بنفسه قال رضي الله عنه: كنت لا أشاء أن أرى رجلاً من المسلمين، فذهبت إلى خالي أبي جهل – وكان شريفاً فيهم – فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ قلت ابن الخطاب . فخرج إليّ فقلت: أعلمت أني قد صبوت؟ قال: فعلت؟ قلت: نعم. قال: لا تفعل. قلت: بلى! قال: لا تفعل ثم دخل وأجاف الباب أي رده دوني وتركني. قلت: ما هذا بشيء. فذهبت إلى رجل من أشراف قريش فقرعت عليه بابه، فقيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب فخرج إليّ، فقلت: أشعرت أني صبوت؟ قال: أفعلت؟ قلت: نعم. قال: لا تفعل، ودخل فأجاف الباب دوني، فقلت: ما هذا بشيء، فقال لي رجل: أتحب أن يُعلم إسلامك؟ قلت: نعم. قال: إذا جلس الناس في الحِجْر، جئتَ إلى ذلك الرجل جميل بن معمر الجمحي فجلست إلى جانبه وقلت: أعلمت أني صبوت؟ فلما جلس الناس في الحِجْر فعلت ذلك، فقام فنادى بأعلى صوته: إن ابن الخطاب قد صبأ. وثار إليّ الناس يضربونني وأضربهم[22] . وفي رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: لما أسلم عمر لم تعلم قريش بإسلامه، فقال: أي أهل مكة أنقل للحديث؟ قيل له جميل بن معمر الجُمحي. فخرج إليه وأنا معه أتبع أثره، وأنظر ما يفعل، وأنا غلام أعقل كلّما رأيت وسمعت. فأتاه فقال: يا جميل إني قد أسلمت فوالله ما ردّ عليه كلمة حتى قام يجرّ رداءه، وتبعه عمر واتبعت أبي، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش: وهم في أنديتهم حول الكعبة ألا إنَّ عمر بن الخطاب قد صبأ. وعمر يقول من خلفه: كذب ولكنني أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. فثاروا إليه، فوثب عمر على عتبة بن ربيعة، فبرك عليه وجعل يضربه، وأدخل إصبعيه في عينيه، فجعل عُتبة يصيح، فتنحى الناس عنه، فقام عمر فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ شريف من دنا منه، حتى أحجم الناس عنه، واتبع المجالس التي كان يجلسها بالكفر فأظهر فيها الإيمان[23]، وما زال يقاتلهم حتى ركدت الشمس على رؤوسهم وفتر عمر وجلس، فقاموا على رأسه، فقال: افعلوا ما بدا لكم، فوالله لو كنا ثلاثمائة رجل لتركتموها لنا، أو تركناها لكم. فبينما هم كذلك إذ جاء رجل عليه حلة حرير وقميص مُوّشّى، قال: ما بالكم؟ قالوا: ابن الخطاب قد صبأ. قال: فمه؟ امرؤا اختار ديناً لنفسه، أتظنون أن بني عديّ يُسلمون إليكم صاحبهم، فكأنما كانوا ثوباً انكشف عنه، فقلت له بالمدينة: يا أبت من الرجل ردّ عنك القوم يومئذ؟ قال: يا بني، ذاك العاص بن وائل السهمي[24]. 5- أثر إسلامه على الدعوة: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نطوف بالبيت ونصلي، حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا، فصلينا وطفنا[25]. وقال أيضاً: كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة، لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي ونطوف بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلناهم حتى تركونا نصلي[26] وقال صهيب بن سنان: لما أسلم عمر بن الخطاب، ظهر الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقاً، وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه[27]. ولقد صدق في عمر رضي الله عنه قول القائل: أعني به الفاروق فرّق عنوةً بالسيف بين الكفر والإيمان هو أظهر الإسلام بعد خفائه ومحا الظلام وباح بالكتمان[28] 6- تاريخ إسلامه وعدد المسلمين يوم أسلم: أسلم عمر رضي الله عنه في ذي الحجة من السنة السادسة من النبوة، وهو ابن سبع وعشرين سنة[29]، وكان إسلامه بعد إسلام حمزة رضي الله عنه بثلاثة أيام[30]، وكان المسلمون يومئذ تسعة وثلاثين: قال عمر رضي الله عنه: لقد رأيتني وما أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تسعة وثلاثون رجلاً فكملتهم أربعين، فأظهر الله دينه، وأعز الإسلام، وروي أنهم كانوا أربعين أو بضعة وأربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة، ولكن عمر لم يكن يعرفهم كلهم لأن غالب من أسلم كان يخفي إسلامه خوفاً من المشركين، ولا سيما عمر فقد كان عليهم شديداً فذكر أنه أكملهم أربعين ولم يذكر النساء لأنه لا إعزاز بهن لضعفهن[31]. ثانياً: هجرته: لما أراد عمر الهجرة إلى المدينة أبى إلا أن تكون علانية يقول ابن عباس رضي الله عنهما: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا متخفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما همّ بالهجرة، تقلد سيفه، وتنكّب قوسه، وانتضى في يده أسهماً، واختصر عنزته[32]، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام، فصلى متمكناً، ثم وقف على الحلق واحدة، واحدة، فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس[33]، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، أو يرمل زوجه فليلقني وراء هذا الوادي. قال عليُّ رضي الله عنه: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم، وأرشدهم ومضى لوجهه[34]. وكان قدوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وكان معه من لحق به من أهله وقومه، وأخوه زيد بن الخطاب، وعمرو وعبد الله ابنا سراقة بن المعتمر، وخنيس بن حذافة السهمي، زوج ابنته حفصة، وابن عمه سعيد بن زيد، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وواقد بن عبد الله التميمي، حليف لهم، وخولى بن أبي خولى، ومالك بن أبي خولى، حليفان لهم من بني عجل وبنو البكير، وإياس وخالد، وعاقل، وعامر، وحلفاؤهم من بني سعد بن ليث، فنزلوا على رفاعة بن عبد المنذر في بني عمرو بن عوف بقباء[35]. يقول البراء بن عازب رضي الله عنه: أول من قدم علينا مصعب بن عمير، وابن أبي مكتوم، وكانوا يُقرئون الناس، فقدم بلال، وسعد، وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين نفراً من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم[36]. وهكذا ظل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خدمة دينه وعقيدته بالأقوال والأفعال لا يخشى في الله لومة لائم وكان رضي الله عنه سنداً ومعيناً لمن أراد الهجرة من مسلمي مكة حتى خرج، ومعه هذا الوفد الكبير من أقاربه وحلفائه، وساعد عمر رضي الله عنه غيره من أصحابه الذين يريدون الهجرة وخشي عليهم من الفتنة والابتلاء في أنفسهم[37]، ونتركه يحدثنا بنفسه عن ذلك حيث قال: اتعدت لما أردنا الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل السهمي، التناضب[38]، من أضاءة[39] بني غفار، فوق سَرِف[40]، وقلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حُبس فليمض صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التَّناضب، وحُبس عنا هشام، وفُتن فافتتن[41]، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عيّاش بن أبي ربيعة، وكان ابن عمهما وأخوهما لأمهما، حتى قدما علينا المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فكلّماه وقالا: إن أمك نذرت أن لا يمسّ رأسها مُشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرقّ لها، فقلت له: عياش، إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك، فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظللت. قال: أبرُّ قسم أمي، ولي هناك مال فآخذه. قال: فقلت: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالاً، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى عليُّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك، قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت، فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول[42]، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: يا أخي، والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تُعقبني[43] على ناقتك هذه؟ قال: بلى. قال: فأناخ، وأناخ، ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه، فأوثقاه، ثم دخلا به مكة، وفتناه فافتتن[44]. قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفاً ولا عدلاً ولا توبة، قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم: } قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ53 وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ54 وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ55 { الزمر، الآيات: 53-55. قال عمر بن الخطاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاص قال: فقال هشام: فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى[45]، أصَعَّد بها فيه، وأصَوَّبُ، ولا أفهمها حتى قلت: اللهمّ فهِّمنيها، قال: فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري فجلست عليه، فلحقت برسول الله وهو بالمدينة[46]. هذه الحادثة تظهر لنا كيف أعد عمر رضي الله عنه خطة الهجرة له، ولصاحبيه عياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل السهمي، وكان ثلاثتهم كل واحد من قبيلة، وكان مكان اللقاء الذي اتعدوا فيه بعيداً عن مكة وخارج الحرم على طريق المدينة، ولقد تحدد الزمان والمكان بالضبط بحيث إنه إذا تخلف أحدهم فليمض صاحباه ولا ينتظرانه، لأنه قد حبس، وكما توقعوا، فقد حبس هشام بن العاص رضي الله عنه بينما مضى عمر وعياش بهجرتهما ونجحت الخطة كاملة ووصلا المدينة سالمين[47] إلا أن قريشاً صممت على متابعة المهاجرين ولذلك أعدت خطة محكمة قام بتنفيذها أبو جهل، والحارث وهما أخوا عياش من أمه، الأمر الذي جعل عياشاً يطمئن إليهما، وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بأمه، فاختلق أبو جهل هذه الحيلة لعلمه بمدى شفقة ورحمة عياش بأمه، والذي ظهر جلياً عندما أظهر موافقته على العودة معهم، كما تظهر الحادثة الحس الأمني الرفيع الذي كان يتمتع به عمر رضي الله عنه، حيث صدقت فراسته في أمر الاختطاف[48] كما يظهر المستوى العظيم من الأخوة التي بناها الإسلام فعمر يضحي بنصف ماله حرصاً على سلامة أخيه، وخوفاً عليه من أن يفتنه المشركون بعد عودته،ولكن غلبت عياش عاطفته نحو أمه، وبره بها ولذلك قرر أن يمضي لمكة فيبر قسم أمه ويأتي بماله الذي هناك، وتأبى عليه عفته أن يأخذ نصف مال أخيه عمر رضي الله عنه وماله قائم في مكه لم يمس، غير أن أفق عمر رضي الله عنه كان أبعد، فكأنه يرى رأي العين المصير المشؤوم الذي سينزل بعياش لو عاد إلى مكة، وحين عجز عن إقناعه أعطاه ناقته الذلول النجيبة، وحدث لعياش ما توقعه عمر من غدر المشركين[49]. وساد في الصف المسلم أن الله تعالى لا يقبل صرفاً ولا عدلاً من هؤلاء الذين فتنوا فافتتنوا وتعايشوا مع المجتمع الجاهلي فنزل قول الله تعالى:} قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ …{ وما أن نزلت هذه الآيات حتى سارع الفاروق رضي الله عنه فبعث بها إلى أخويه الحميمين عياش وهشام ليجددا محاولاتهما في مغادرة معسكر الكفر. أي سمو عظيم عند ابن الخطاب رضي الله عنه. لقد حاول مع أخيه عياش، أعطاه نصف ماله على أن لا يغادر المدينة، وأعطاه ناقته ليفر عليها ومع هذا كله، فلم يشمت بأخيه، ولم يتشفَّ منه لأنه خالفه، ورفض نصيحته، وألقى برأيه خلف ظهره، إنما كان شعور الحب والوفاء لأخيه هو الذي يسيطر عليه، فما أن نزلت الآية حتى سارع ببعثها إلى أخويه من مكة وإلى كل المستضعفين هناك ليقوموا بمحاولات جديدة للانضمام إلى المعسكر الإسلامي[50]. هذا وقد نزل عمر بالمدينة، وأصبح وزير صدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عويم بن ساعدة[51]، وقيل بينه وبين عتبان بن مالك[52] وقيل بينه وبين معاذ بن عفراء[53] وقد علق ابن عبد الهادي على ذلك وقال: لا تناقض بين الأحاديث ويكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين كل أولئك في أوقات متعددة، فإنه ليس بممتنع أن يؤاخي بينه وبين كل أولئك في أوقات متعددة[54]. -------------------------------------------------------------------------------- ([1]) أخبار عمر، الطنطاويات 2 . ([2]) سيرة ابن هشام (1/216)، فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/341) إسناد حسن. ([3]) الفاروق عمر . ([4]) الترمذي (3682) المناقب وصححه الألباني صحيح الترمذي 2907 . ([5]) إبلاسها: المراد به اليأس ضد الرجاء. ([6]) الإنكاس: الانقلاب. ([7]) القلاص جمع قُلُص، وهي الفتية من النياق، والأحلاس ما يوضع على ظهور الإبل. ([8]) يا جليح: معناه الوقح المكافح بالعداوة. ([9]) فما نشبنا: أي لم نتعلق بشيء من الأشياء حتى سمعنا أن النبي قد خرج. ([10]) البخاري رقم 3866 . ([11]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق 3 وقد ذكر الروايات التي ذكر منها إسلام عمر وخرجها وحكم على أسانيدها. ([12]) سيرة ابن هشام (1/343) فيه انقطاع الطبقات لابن سعد (3/267) عن القاسم بن عثمان البصري عن أنس والقاسم ضعيف وقد حقق الروايات الدكتور وصي الله محمد عبّاس في تحقيقة لكتاب فضائل الصحابة للإمام أحمد بن حنبل (1/342). ([13]) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/344). ([14]) سبق تخريجه، عمر بن الخطاب الطنطاويات 17 . ([15]) أخبار عمر الطنطاويات 8 . ([16]) حجز الإنسان: معقد السراويل والإزار لسان العرب (5/332). ([17]) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/344). ([18]) الكديد: التراب الناعم فإذا وطئ ثار غباره. ([19]) حلية الأولياء (1/40)، صفة الصفوة (1/103-104). ([20]) الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب 6،27 . ([21]) الرياض النضرة (1/257) لمحب الطبري. ([22]) شرح المواهب (1/320)، أخبار عمر الطنطاويان 9 . ([23]) الرياض النظرة 19 . ([24]) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/346) إسناده حسن. ([25]) فضائل الصحابة (1/344) إسناده حسن. ([26]) الشيخان أبو بكر وعمر برواية البلاذري 41 . ([27]) الطبقات الكبرى (3/269)، صفة الصفوة (1/274). ([28]) نونية القحطاني 2 . ([29]) تاريخ الخلفاء 37 . ([30]) أخبار عمر، الطنطاويان 2 . ([31]) نفس المصدر 2 . ([32]) عنزته: العنزة عصا في قدر نصف الرمح وهي أطول من العصا وأقوى من الرمح. ([33]) المعاطس: الأنوف. ([34]) خبر لا بأس به انظر صحيح التوثيق في سيرة الفاروق 0 . ([35]) فتح الباري (7/261) نقلاً عن صحيح التوثيق 1 . ([36]) البخاري رقم 3925 . ([37]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب 1 . ([38]) التناضب: جمع تنضيب وهو شجر. ([39]) الأضاءة: على عشرة أميال من مكة. ([40]) سرف: وادي متوسط الطول من أودية مكة. ([41]) الهجرة النبوية المباركة، عبد الرحمن عبد البر 29 . ([42]) الذلول: أذلها العمل، فصارت سهلة الركوب والانقياد. ([43]) تُعقبني: تجعلني أعقبك عليها لركوبها. ([44]) السيرة النبوية الصحيحة (1/205). ([45]) ذو طوى: واد من أودية مكة. ([46]) الهجرة النبوية المباركة 31 . ([47]) التربية القيادية (2/ 159). ([48]) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث للصلابي 12. ([49]) التربية القيادية (2/160). ([50]) نفس المصدر (2/ 160). ([51]) مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي 31 . ([52]) الطبقات لابن سعد (3/272). ([53]) مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي 31 . ([54]) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (1/184).
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#45
| ||
| ||
الفصل الثاني التربية القرآنية والنبوية لعمر بن الخطاب رضي الله عنه المبحث الأول حياة الفاروق مع القرآن الكريم أولاً: تصوره عن الله والكون والحياة والجنة والنار والقضاء والقدر: - كان المنهج التربوي الذي تربى عليه عمر بن الخطاب وكل الصحابة الكرام هو القرآن الكريم، المنزل من عند رب العالمين، فهو المصدر الوحيد للتلقي، فقد حرص الحبيب المصطفى على توحيد مصدر التلقي وتفرده وأن يكون القرآن الكريم وحده هو المنهج والفكرة المركزية التي يتربى عليها الفرد المسلم والأسرة المسلمة، والجماعة المسلمة، فكانت للآيات الكريمة التي سمعها عمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة أثرها في صياغة شخصية الفاروق الإسلامية، فقد طهّرت قلبه، وزكت نفسه، وتفاعلت معها روحه، فتحول إلى إنسان جديد بقيمه ومشاعره وأهدافه وسلوكه وتطلعاته[1]. فقد عرف الفاروق من خلال القرآن الكريم من هو الإله الذي يجب أن يعبده، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغرس في نفسه معاني تلك الآيات العظيمة فقد حرص صلى الله عليه وسلم أن يربي أصحابه على التصور الصحيح عن ربهم وعن حقه عليهم، مدركاً أن هذا التصور سيورث التصديق واليقين عندما تصفى النفوس وتستقيم الفطرة، فأصبحت نظرة الفاروق إلى الله، والكون والحياة والجنة والنار، والقضاء والقدر، وحقيقة الإنسان، وصراعه مع الشيطان مستمدة من القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم. - فالله سبحانه وتعالى منزه عن النقائص موصوف بالكمالات التي لا تتناهى فهو سبحانه واحد لا شريك له، ولم يتخذ صاحبة ولا ولداً . - وأنه سبحانه خالق كل شيء ومالكه ومدبره } إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ54 { الأعراف،آية:54. - وأنه تعالى مصدر كل نعمة في هذا الوجود دقت أو عظمت ظهرت أو خفيت} وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ53 { النحل،آية:53. - وأن علمه محيط بكل شيء، فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ولا ما يخفي الإنسان وما يعلن. - وأنه سبحانه يقيد على الإنسان أعماله بواسطة ملائكته، في كتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وسينشر ذلك في اللحظة المناسبة والوقت المناسب: } مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ18 { ق، آية:18. - وأنه سبحانه يبتلي عباده بأمور تخالف ما يحبون، وما يهوون ليعرف الناس معادنهم، ومن منهم يرضى بقضاء الله وقدره، ويسلم له ظاهراً وباطنا، فيكون جديراً بالخلافة والإمامة والسيادة، ومن منهم يغضب ويسخط فلا يساوي شيئاً، ولا يسند إليه شيء: } الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ2 {. - وأنه سبحانه يوفق ويؤيد وينصر من لجأ إليه، ولاذ بحماه ونزل على حكمه في كل ما يأتي وما يذر } إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ196 { الأعراف،آية:196. - وأنه سبحانه وتعالى حقه على العباد أن يعبدوه ويوحدوه فلا يشركوا به شيئاً } بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ66 { الزمر، آية:66. - وأنه سبحانه حدد مضمون هذه العبودية، وهذا التوحيد في القرآن الكريم[2]. وأما نظرته للكون فقد استمدها من قول الله تعالى:} قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ9 وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ10 ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ11 فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ12 { فصلت:9-12. وأما هذه الحياة مهما طالت فهي إلى زوال، وأن متاعها مهما عظم فإنه قليل حقير قال تعالى: } إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرض مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأرض زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ24 { يونس،آية:24. وأما نظرته إلى الجنة، فقد استمدها من خلال الآيات الكريمة التي وصفتها، فأصبح حاله ممن قال الله تعالى فيهم: } تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ16 فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ17 { السجدة،آية:16،17. وأما تصوره للنار فقد استمده من القرآن الكريم، فأصبح هذا التصور رادعاً له في حياته عن أي انحراف عن شريعة الله فيرى المتتبع لسيرة الفاروق عمق استيعابه لفقه القدوم على الله عز وجل، وشدة خوفه من عذاب الله وعقابه، فقد خرج رضي الله عنه ذات ليلة في خلافته يعسُّ بالمدينة، فمرّ بدار رجل من المسلمين، فوافقه قائماً يصلي، فوقف يسمع قراءته، فقرأ: } وَالطُّورِ1 وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ2 فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ3 وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ4 وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ5 وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ6 { إلى أن يبلغ } إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ7 { الطور،آية:7. قال: قسم ورب الكعبة حق. فنزل عن حماره، فاستند إلى حائط، فمكث ملياً، ثم رجع إلى منزله، فمرض شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه[3]. وأما مفهوم القضاء والقدر فقد استمده من كتاب الله وتعليم رسول الله له، فقد رسخ مفهوم القضاء والقدر في قلبه، واستوعب مراتبه من كتاب الله تعالى، فكان على يقين بأن علم الله محيط بكل شيء } وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرض وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ61 { يونس، آية:61. وأن الله قد كتب كل شيء كائن } إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ12 { يس،آية:12. وأن مشيئة الله نافذة وقدرته تامة } وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَواتِ وَلاَ فِي الأرض إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا44 { فاطر،آية:44. وأن الله خالق لكل شيء } ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ 102 { الأنعام،آية:102. وقد ترتب على الفهم الصحيح والاعتقاد الراسخ في قلبه لحقيقة القضاء والقدر، ثمار نافعة ومفيدة ظهرت في حياته وسنراها بإذن الله تعالى في هذا الكتاب وعرف من خلال القرآن الكريم حقيقة نفسه وبني الإنسان وأن حقيقة الإنسان ترجع إلى أصلين: الأصل البعيد وهو الخلقة الأولى من طين، حين سواه ونفخ فيه الروح، والأصل القريب وهو خلقه من نطفة[4] فقال تعالى: } الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الأنسَانِ مِنْ طِينٍ7 ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ8 ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ9 { السجدة،آية:7-9.وعرف أن هذا الإنسان خلقه الله بيده، وأكرمه بالصورة الحسنة والقامة المعتدلة، ومنحه العقل والنطق والتمييز وسخر الله له ما في السماء والأرض، وفضله الله على كثير من خلقه، وكرمه بإرساله الرسل له، وأن من أروع مظاهر تكريم المولى عز وجل سبحانه للإنسان أن جعله أهلاً لحبه ورضاه ويكون ذلك باتباع النبي صلى الله عليه وسلم الذي دعا الناس إلى الإسلام لكي يحيوا حياة طيبة في الدنيا ويظفروا بالنعيم المقيم في الآخرة قال تعالى: } مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ97 { النحل،آية:97. وعرف عمر رضي الله عنه حقيقة الصراع بين الإنسان والشيطان وأن هذا العدو يأتي للإنسان من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، يوسوس له بالمعصية ويستثير فيه كوامن الشهوات، فكان مستعيناً بالله على عدوه إبليس وانتصر عليه في حياته، كما سترى من سيرته، وتعلم من قصة آدم مع الشيطان في القرآن الكريم؛ أن آدم هو أصل البشر، وجوهر الإسلام الطاعة المطلقة لله، وأن الإنسان له قابلية للوقوع في الخطيئة، وتعلم من خطيئة آدم ضرورة توكل المسلم على ربه، وأهمية التوبة والاستغفار في حياة المؤمن، وضرورة الاحتراز من الحسد والكبر، وأهمية التخاطب بأحسن الكلام مع الصحابة لقول الله تعالى: } وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلأنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا53 { الإسراء،آية:53. وسار على منهج رسول الله في تزكية أصحابه لأرواحهم وتطهير قلوبهم بأنواع العبادات وتربيتهم على التخلق بأخلاق القرآن الكريم. لقد أكرم المولى عز وجل عمر بن الخطاب بالإسلام الذي قدم له عقيدة صحيحة صافية خلفت عقيدته الأولى، وقضت في نفسه عليها فانهارت أركان الوثنية، فلا زلفى لوثن، ولا بنات لله، ولا صهر بين الجن والله، ولا كهانة تحدد للمجتمع مساره، وتقذف به في تيه التشاؤم والطيرة ولا عدم بعد الموت[5]، انتهى ذلك كله وخلفته عقيدة الإيمان بالله وحده مصفَّاة من الشرك، والولد والكهانة والعدم بعد الحياة الدنيا، ليحل الإيمان بآخرة ينتهي إليها عمل الإنسان في تقويم مجزي عليه، انتهى عبث الجاهلية في حياة بلا بعث ولا مسؤولية أمام الديان وخلفتها عقيدة الإيمان باليوم الآخر ومسؤولية الجزاء وانصهر عمر بكليته في هذا الدين وأصبح الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وعبد الله وحده في إحسان كأنما يراه[6]، وتربى عمر على القرآن الكريم وتنقل به من تشريع إلى آداب، ومن تاريخ إلى حكمة، في عطاء مسترسل كريم، مع توفيق من الله تعالى له في العيش مع القرآن الكريم الذي أثر في عقله وقلبه ونفسه وروحه وانعكست ثمار تلك المعايشة على جوارحه، وكان سبب ذلك – بعد توفيق الله له – تتلمذه على يدي رسول الله[7]. ثانياً: موافقات عمر للقرآن الكريم، وإلمامه بأسباب النزول وتفسيره لبعض الآيات: 1- موافقات عمر للقرآن الكريم: كان عمر من أكثر الصحابة شجاعة وجرأة، فكثيراً ما كان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن التصرفات التي لم يدرك حكمها، كما كان رضي الله عنه يبدي رأيه واجتهاده بكل صدق ووضوح ومن شدة فهمه واستيعابه لمقاصد القرآن الكريم نزل القرآن الكريم موافقاً لرأيه رضي الله عنه في بعض المواقف، قال عمر رضي الله عنه: وافقت الله تعالى في ثلاث، أو وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مُصلّى، فأنزل الله تعالى ذلك، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البرُّ والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله تعالى آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيراً منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه، حتى تعظهن أنت[8]؟ فأنزل الله: } عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا5 { التحريم،آية:5. 2- ومن موافقته في ترك الصلاة على المنافقين: قال عمر: لما توفي عبد الله بن أبي دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فقام إليه، فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت: يا رسول الله: أعلى عدوّ الله عبد الله بن أبيّ القائل يوم كذا: كذا وكذا، والقائل يوم كذا: كذا وكذا أعدد أيامه الخبيثة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم حتى إذا أكثرت عليه، قال: أخر عني يا عمر، إني خيّرت فاخترت: قد قيل لي:} اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ80 { التوبة،آية:80. فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له زدت. ثم صلى عليه ومشى معه على قبره حتى فرغ منه، فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله، والله ورسوله أعلم، فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان: } وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ { التوبة،آية:84. فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل[9]. 3- موافقته في أسرى بدر: قال عمر - رضي الله عنه - : لما كان يوم بدر وهزم الله المشركين فقتل منهم سبعون وأسر سبعون، استشار رسول الله أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، فقال لي: ما ترى يا ابن الخطاب؟ فقلت: أرى أن تمكنني من فلان – قريب لعمر – فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عقيل[10]، فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم، وقادتهم. فلم يهوَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت، فأخذ منهم الفداء. فلما كان من الغد غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر، وهما يبكيان، فقلت يا رسول الله ما يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: للذي عَرَضَ عليَّ أصحابك: من الفداء، لقد عُرض عليَّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة - فأنزل الله تعالى: } مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى { إلى قوله } عَذَابٌ عَظِيمٌ68 { الأنفال،آية:68، فلما كان من العام المقبل قتل منهم سبعون، وفر أصحاب رسول الله وكُسِرَت رباعيته[11]، وهشمت البيضة[12]، على رأسه، وسال الدم على وجهه، وأنزل الله تعالى: } أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ { بأخذكم الفداء } إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ165 { آل عمران،آية:165 [13]. 4- موافقته في الاستئذان: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غلاماً من الأنصار إلى عمر بن الخطاب. وقت الظهيرة ليدعوَه، فدخل عليه وكان نائماً وقد انكشف بعض جسده، فقال: اللهم حرّم الدخول علينا في وقت نومنا وفي رواية قال: يا رسول الله وددت لو أن الله أمرنا ونهانا في حال الاستئذان[14] فنزلت } يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ { النور،آية:58 [15]. - عمر ودعاؤه في تحريم الخمر: لما نزل قول الله تعالى: } يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ { البقرة،آية:219. قال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت الآية التي في النساء} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى { النساء،آية:43 فكان منادي النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية في المائدة فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ} فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ91 { المائدة،آية:91. قال عمر: انتهينا، انتهينا[16]، وهكذا خضع تحريم الخمر لسنة التدريج وفي قوله} فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ91 { فهم عمر من الاستفهام الاستنكاري بأن المراد به التحريم، لأن هذا الاستفهام أقوى وأقطع في التحريم من النهي العادي، ففي ألفاظ الآية وتركيبها وصياغتها تهديد رهيب واضح كالشمس في التحريم[17]. - إلمامه بأسباب النزول: حفظ عمر القرآن كله[18]، في الفترة التي بدأت بإسلامه، وانتهت بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حفظه مع أسباب التنزيل إلا ما سبق نزوله قبل إسلامه، فذلك مما جمعه جملة ولا مبالغة إذا قلنا: أن عمر كان على علم بكثير من أسباب التنزيل، وبخاصة في الفترة الإسلامية من حياته، ثم لشدة اتصاله بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هو قد حفظ منه ما فاته، فإن يلم بأسباب النزول والقرآن بكر التنزيل، والحوادث لا تزال تترى فذلك أمر يسير[19]. وقد كان عمر سبباً في التنزيل لأكثر من آية، بعضها متفق على مكيته، وبعضها مدني، بل كان بعض الآيات يحظى من عمر بمعرفة زمانه ومكانه على وجه دقيق، قال عن الآية الكريمة } … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الأسْلاَمَ دِينًا… { المائدة،آية:3 والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله والساعة التي نزلت فيها على رسول الله عشية عرفة في يوم الجمعة[20]، وقد كان عمر – وحده أو مع غيره – سبباً مباشراً في تنزيل بعض الآيات منها، قول الله تعالى:} أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ19 الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ20 يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ21 خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ22 { التوبة،آبة:19-22. وفي الصحيح: أن رجلاً قال: لا أبالي ألا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، فقال علي بن أبي طالب: الجهاد في سبيل الله أفضل من هذا كله. فقال عمر بن الخطاب: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله. ولكن إذا قضيت الصلاة. سألته عن ذلك، فسأله، فأنزل الله هذه الآية، فبين لهم أن الإيمان والجهاد أفضل من عمارة المسجد الحرام والحج والعمرة والطواف ومن الإحسان إلى الحجاج، بالسقاية، ولهذا قال أبو هريرة - رضي الله عنه - : لأن أرابط ليلة في سبيل الله، أحب إلي من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود[21]. - سؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض الآيات: كان عمر رضي الله عنه يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض الآيات وأحياناً أخرى يسمع صحابياً يستفسر من رسول الله عن بعض الآيات فيحفظها ويعلمها لمن أراد من طلاب العلم، فعن يَعْلى بن أمية، قال: سألت عمر بن الخطاب، قلت:} فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا { النساء،آية:101، وقد أمن الله الناس[22]؟! فقال لي عمر: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: صدقة تصدّق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته[23]، وقد سئل عمر بن الخطاب عن هذه الآية:} وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ { الأعراف،آية:172، فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه، واستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون، فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عملٍ من أعمال أهل الجنة، فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله به النار[24]. ولما نزل قول الله تعالى: } سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ45 { القمر،آية:45. قال عمر: أي جمع يهزم؟ أي جمع يغلب؟ قال عمر: فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت في الدرع وهو يقول: } سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ { فعرفت تأويلها يومئذ[25]. - تفسير عمر لبعض الآيات وبعض تعليقاته: كان عمر يتحرّج في تفسير القرآن برأيه ولذلك لما سئل عن قوله تعالى } وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا { قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قيل: } فَالْحَامِلاَتِ وِقْرًا {. قال: السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قيل:} فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا {؟ قال: السفن، ولولا أني سمعت رسول الله يقوله ما قلته، قيل:} فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا {؟ قال: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته[26]، وكان رضي الله عنه له منهج في تفسيره للآيات، فإنه رضي الله عنه إذا وجد لرسول الله تفسيراً أخذ به، وكان هو الأفضل مثل ما مرّ معنا من تفسيره وإذا لم يجد طلبه في مظانه عند بعض الصحابة مثل: ابن عباس، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود ومعاذ وغيرهم - رضي الله عنهم _ وهذا مثال على ذلك؛ فقد قال عمر رضي الله عنه يوماً لأصحاب النبيصلى الله عليه وسلم: فيم ترون هذه الآية نزلت } أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الأيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ266 { البقرة،آية:266، قالوا: الله أعلم. فغضب عمر فقال: قولوا نعلم أولا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. قال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك. قال ابن عباس: ضربت مثلاً لعمل، قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لعمل. قال عمر: لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله[27]، وفي رواية قال ابن عباس: عني بها العمل، ابن آدم أفقر ما يكون إلى جنته إذا كبر سنه وكثر عياله، وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم يبعث، فقال عمر: صدقت يا ابن أخي[28]. وكانت له بعض التعليقات على بعض الآيات مثل قوله تعالى:} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ156 أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ157 { البقرة،آية:156،157. فقال: نعم العدلان ونعم العلاوة[29]، ويقصد بالعدلين الصلاة والرحمة والعلاوة الاهتداء[30]. وسمع القارئ يتلو قول الله تعالى: } يَاأَيُّهَا الأنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ6 { الانفطار،آية:6. فقال عمر: الجهل[31]. وفسر قول الله تعالى: } وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ7 { التكوير،آية:7. بقوله: الفاجر مع الفاجر والطالح مع الطالح[32]، وفسر قول الله تعالى: } تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا { التحريم،آية:8. بقوله: أن يتوب ثم لا يعود، فهذه التوبة الواجبة التامة[33]، وذات يوم مر بدير راهب فناداه يا راهب فأشرف الراهب، فجعل عمر ينظر إليه ويبكي فقيل له يا أمير المؤمنين: ما يبكيك من هذا؟ قال ذكرت قول الله عز وجل في كتابه } عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ3 تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً4 { الغاشية،آية:4،3. فذاك الذي أبكاني[34]، وفسر الجبت بالسحر، والطاغوت بالشيطان في قوله تعالى:} يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ {[35] النساء،آية:51. -------------------------------------------------------------------------------- ([1]) السيرة النبوية للصلاَّبي (1/145). ([2]) منهج الرسول في غرس الروح الجهادية 0 إلى 16 . ([3]) الرقة والبكاء، عبد الله بن أحمد المقدسي 66 . ([4]) أصول التربية للخلاوي 1 . ([5]) عمر بن الخطاب، علي الخطيب 1 . ([6]) عمر بن الخطاب، حياته، علمه، أدبه 1 . ([7]) نفس المصدر 2 . ([8]) البخاري، ك التفسير رقم 4213 . ([9]) مسلم رقم 2400، أخبار عمر الطنطاويان 80،381 . ([10]) عقيل بن أبي طالب الهاشمي أسلم يوم الفتح وتوفي في أول خلافة يزيد. ([11]) الرباعية: السّنُ التي بين الثَّنية والناب. ([12]) البيضة: الخُذة سميت بذلك لأنها على شكل بيضة النعام. ([13]) مسند أحمد (1/250) رقم 221 وصححه أحمد شاكر، مسلم بنحوه رقم 1763 . ([14]) الرياض النضرة 32 سنده ضعيف ذكره الواقدي بدون إسناد. ([15]) الفتاوى (28/10). ([16]) صححه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم 378 . ([17]) شهيد المحراب للتلمساني 01 . ([18]) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (1/72) ([19]) عمر بن الخطاب د. علي الخطيب 0،91،92 . ([20]) إسناده صحيح على شرط الشيخين الموسوعة الحديثية مسند أحمد رقم 188 . ([21]) الفتاوى (28/10). ([22]) وفي رواية: أمن الناس. ([23]) إسناده صحيح على شرط مسلم، مسند أحمد رقم 174 الموسوعة الحديثية. ([24]) صحيح لغيره مسند أحمد رقم 311 الموسوعة الحديثية. ([25]) تفسير ابن كثير (4/266). ([26]) أخبار عمر بن الخطاب الطنطاويان 08 نقلاً عن الرياض النظرة. ([27]) فتح الباري (8/49). ([28]) الخلافة الراشدة والدولة الأموية، د. يحيى اليحيى 05 . ([29]) المستدرك (2/270). ([30]) الخلافة الراشدة والدولة الأموية 05 . ([31]) تفسير ابن كثير (4/513). ([32]) الفتاوى (7/44). ([33]) الفتاوى (11/382). ([34]) تفسير ابن كثير (4/537). ([35]) تفسير ابن كثير (1/524).
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حملة (تثقيف الشيعه)معلومات لا يعرفها الكثير من الشيعه....!!! | مؤمن الرشيدي | نور الإسلام - | 121 | 11-15-2014 03:25 PM |
نظرة (الرافضه اليك وحكمهم فيك)ايها السنيّ الموحد...!!! | مؤمن الرشيدي | نور الإسلام - | 1 | 01-25-2013 08:04 PM |
تكفير الصحابه ما عدا ثلاثه عند(الرافضه)...!!! | مؤمن الرشيدي | نور الإسلام - | 8 | 04-18-2012 10:42 AM |