نَظَرتُ بعَيناىَ البَاكيتَينِ إلىَ الأفقْ
وَصورتكُ المُتلاشية تَلوحُ لى مِنْ بَعيدْ
يَدورُ بِخُلدى سؤالٌ لا إجَابَةَ لهْ
وَتمرُ مِنْ أمامىِ ذكرياتِى مَعَهُمْ
آنَ الأوانُ ليثورَ البُركانُ الكامِنُ دَاخلى لِتَمحونى نِيرانُهْ
بَدَأ عَزفُ لَحّنِ الخِتامِ لِقصتىِ
لِيُسدَلَ السِتارُ وَتوضَعَ كَلِمَةُ النِهايةْ
إنهُ اليَومُ الأخيرُ لِى...
شَاهَدوا ظِلاً غَريباً يَتَحرْكُ فِى الظَلامْ وَيَتْرددُ صَدىَ خُطواتهِ فِى المَكان لِشدَةِ الهُدوء
لَكِنَ كِيمِيكو أحَستْ بِأنْها تَعرفُ صَاحِبَ الظِل فَاقتَربَت مَنهُ شَيئاً فَشَيئاً لِتَتأكدَ مِن صِحة شُكوكِها
وَتَبِعَها الآخَرونَ لإشبَاعِ فُضُولِهمْ وَمَعرِفةِ مَا يَحدُثْ
وَمَا أَنْ إقتَربوا أكْثَرَ حَتى بَدَأ الضَبابُ بِالإنقِشاعِ بِبُطءٍ ليُظهِر َفَتَاةً ذَاتَ ثَوبٍ أسْود تَتَخَللهُ نُقوشٌ بَيضاءَ وَذَهَبيةْ
يُغَطى شَعرُها الأحمَرُ الطَويلُ وَجهُها وَتَتَلألأُ دُمُوعُها المُتسَاقِطة فِى مِياهِ النَهرِ العَمِيقةِ حَيثُ كَانتْ تَنْظُر
وَلَفَتَ انتِباهَهُم أنهَا كَانت تُمسِكُ بيدِها اليُمنَى حَقِيبةٌ كَتِلكَ التَى تُوضَعُ بِها كُراتُ البولِينغْ مَوصُولةٌ بِسِلسِلةٍ فولاذيةِ اِلى قَدَمِها اليُمنىَ
وَوَرقةٌ صَغيرةٌ أمسَكَتها يَدُها اليُسرىَ المُرتَجِفة وَانحَنَت قَليلاً لِتَضعَ الوَرَقةَ عَلى الأرض
ثُمَ وَقَفَت تُحَدِقُ بِشئٍ مَا فِى السَمَاءِ وَهىَ تُتَمتِمُ بِكَلِماتٍ غَيرِ مَفهومَة
وَسُرعانَ ما تَنَفَسَت الصَعداءَ وَألقَت بِالحَقيبةِ الثَقيلةِ فِى المَاءِ لِتجذبَ قَدَمَها ويَستَقرَ جَسدُها النَحيل فِى الأعمَاق
تَاركاً خَلفهُ ذِكرىَ طيبةً حُفِرت فِى قُلوبِ مَنْ أحَبها حقَاً
حَدثَ كُل شئٍ بسُرعةَ ولمْ يَتَوفر لََهم الوَقَت الكَافى لإيقَافِها
وَلم يَسعهُم سِوى أن يُسرِعوا إليِها آملينَ بأَنها مَا تَزَالُ عَلى قَيدِ الحَياة
حِينَها عَلت صَرخَاتُ كِيمِيكو لِتَشُقَ سُكونَ اللَيل وَهى تُنادى بِإسِمْ تِلكَ الفَتاةِ الغَريبةَ , مَارِيكآا
نَعَمْ لَقَد كَانتْ مَاريكآا هِى صاحِبةُ الظِل الغَرِيبْ
وَقَدْ مَيَزَتها كِيمِيكو عَلىَ الفَورْ بِالرَغمِ مِنَ الضَبَابِ الذِى أخفَى مَلامِحَها
فَاندَفَعَت بكُل قُوَتِها نَحو البُحَيرةِ وَكَادْت أَنْ تَقفِزَ فِيها لَولا أَنْ أوقَفَها مُوتسُويا لِعِلمِه بِأنْها لا تُجيدُ السِبَاحَة
ثُمَ قَفَزَ هوَ وَأنْدو إلىَ تِلكَ المِياهِ التِى اخْتَلطَ صَفَاؤها بِدِموعِ فَتَاةٍ اِستَسلَمَتْ لِقَدَرها
بَقِيَتْ هَارونَا بِجوَارِ كِيميِكو تُحَاولُ تَهْدِئَتَها وَمَنحَها بَعضً مِنَ الأمَلْ
وَلَكِنَ كِيميكو اِكتَفَت بِالبُكاءِ فى صَمتٍ وَعَينَيها تَنظُرانِ بِدقةٍ اِلى النَهرِ محاولة رُؤيَتهمْ
ثُمَ تَذَكَرَت تِلكَ الوَرَقةَ التِى كَانتْ تُمسِكها وَأسرَعَتْ بِالبَحثِ عَنها حَولهَا اِلى أنْ وَجَدَتهاَ
فَفَتَحَتها وضَرباتُ قَلْبِها المُتسَارِعة مِن شِدَةِ الخَوفْ تَكَادُ تَكونُ مَسموعَة
وَبَدأتْ تُبَعثرُ النَظراتِ فِى الوَرقَة لِتَقرأ بإمعَانٍ كَافٍ لَكِنها وَمَعَ ذَلكْ لَم تَجد ضَالَتها فَعَادتْ تُحَدقُ بِتِلكَ المِياهْ
وَفِى الَأعمَاقْ
كَانَ موتْسُويَا قَدْ وَصَلَ اِلى مَارِيكا وَلكِنَهُ لَمْ يَتَمَكنْ مِنْ تَحرِيكها لِأعلىَ فَقَدْ كَانتْ الحَقِيبَةُ تَحُولُ دُونَ ذَلكْ
كَمَا أَنَ أنْدو حَاوَلَ كَسرَ السِلسِلةِ اَلتِى تَصِلهُما بِبَعضِهِِما وَلَكِنَ مُحَاوَلاتِه بَاءتْ بِالفَشَلْ
فَلَمْ يَجدْ مُوتسُويا خِياراً آخَرَ سِوىَ اِسْتِدعَاءِ عَصَاهِ المَاسِيةَ
وَكَمْ اِستَهلَكَ هَذَا مِنْ طَاقَتهِ القَليلةِ المُتَبَقيةْ وَلَكِنهُ تَمَكنَ مِنَ الصُمودْ
وَقَامَ بتَحطِيمِ السِلسِلةِ وَبِصعوبَةٍ تَمَكنَ مِنْ رَفعِ مَارِيكا بِمُساعَدةِ أَندْو اِلىَ السَطحِ
عِندَها قَامَ نَايتْ بِمُسَاعَدتِهمْ وَاِخرَاجِها مِنَ المَاءِ
لِتَستَقرَ بَينَ ذِرَاعىْ كِيمِيكو اَلَتِى تَهُزُها بِقُوةٍ حَتَى تَستَيقِظْ وَتَضغَطُ عَلَى رِئَتَيها مُحَاولَةً اِخرَاجَ اَلمَاءَ مِنهَا
وَلَكِنْ بِلا فَائِدة,لَمْ تَنجَحْ أَىٌ مِن مُحَاوَلاتِها لِإنقَاذِها
وَكَأنمَا فَارَقَتْ اَلروحُ الجَسَدَ تَارِكةً اِياهُ دُميَةً خَاويةَ وَجُثَةً هَامِدةَ
"مَارِيكآا" كَلِمَةٌ قَالَتها كِيمِيكو بِصَوتٍ شِبهِ بَاكـٍ وَمُنخَفِضْ
وَلَكِنَهُ سُرعَانَ مَا اِزدَادَ عُلواً وَهو يُنَادى:
- "(أَرْجوكِ لا تَمُوتى,أرْجوكِ أَنا فِى حَاجَةٍ اِليكِ,لَا تَتركينى)"
وَقَفَتْ هَارونَا بَعيدَاً عَنهُمْ , تَنظُرُ فِى دَهشةٍ وَلَقطاتٌ مِنَ المَاضِى تَمُرُ أَمَامَ نَاظِريهَا
وَكأنْمَا يُعيدُ التَارِيخُ نَفسَهُ أمَامَها فَيَقتَنصُ ضَحيةً جَديدةً
لِيُخضِعَها لِمرَارةِ العَذَابِ كُلَما تَذَكَرَتْ كَيفَ مَاتَ أحِبَاؤها بَينَ ذِرَاعَيها وَهَذهِ الضَحِيةُ الجَديدةُ هِى كِيمِيكو
أَحَسَتْ بِأنَها المَسؤُولةُ عَنْ الأمْرِ لأنَها أَينَمَا ذَهبَتْ تَلحَقُها المَصَائِبْ
وَلَكِنْ لَيسَ هَذِهِ اَلمَرةْ, هِىَ لَنْ تَسمَحَ بِأنْ تَتَعَرضَ كَيمِيكو لِمَا تَعَرَضَتْ لَه
اِنْ مَاتَتْ مَارِيكآا فَسَتَكونُ هَذِهِ البِدَايَةَ فَحَسبْ, لِذَلكَ يَجِبُ أنْ تَمنَعَ مَوتَها
فَاندَفَعَتْ نَحوَها وَحَاوَلتْ اِنعَاشَها, لَمْ تَفقِدْ الأمَلَ فَحَاوَلَتْ وَحَاوَلَتْ وَهِىَ تُرَدِدْ:
-"(لَا تَموتِى.اُصمُدِى مِنْ أَجلِ كِيمِيكو..مِنْ أَجلِ عَائِلَتكْ..اِبقَىّ عَلَىَ قَيدِ الحَيَاةْ)"
بَينَما جُثة تِلكَ الفَتَاةِ لَا تُفارقُ عَقلَها
..مُحُاطةٌ بِالظَلامْ ،غَيرُ قادِرَةٍ عَلىَ الشُعورِ بِشئْ..
-"(أَينِ أنَا ؟ وَمَاهوَهَذا المَكَانْ ؟ هَلْ مَا زِلتُ عَلىَ قَيدِ الحَياةْ ؟ )"
هَذَا كُلُ مَا فَكَرَتْ فِيهِ وَهِىَ تَائِهةٌ تَبحَثُ عَنْ طَوقِ النَجَاةْ
عَنْ الأمَلِ فِى الغَدْ وَعَنْ الرَغبَةِ فِى الحَيَاةْ ، تُفَكِرُ كَمْ كَانْ الِانتِحَارُ عَمَلا ًغَبياً وَلَكِنَها مَعَ ذَلكَ غَيرُ نَادِمَةٍ عَليهْ
ثُمَ أغمَضَتْ عَينَاها وَاسْتَسلَمَتْ لِلأمْرِ الوَاقِعْ لِتَشعُرَ فَجأةً بِشَئٍ دَافِئٍ يَنسَابُ بِرِفقٍ عَلىَ خَدِها
فَفَتَحَتْ عَينَاها مُجَدَداً بِتَثاقُلْ ، لَكِنَها لَمْ تَتَمَكَنْ مِنْ رُؤيَةِ شَئٍ فَأرَادَتْ تَجَاهُلَ اَلأمرْ
لَكِنَ الأصوَاتَ الغَريبَةَ التِى بَدَأتْ تَسمَعُها مَنَعَتها مِنْ ذَلكْ فَفَتحَتهُما ثَانيةً لِتَرَىَ ضَوءً أبْيضَ خَافِتْ يُشِعُ مِنْ بَعيدْ
فَاقتَرَبَتْ مِنْ ذَلكَ الضَوءِ بِبطءْ وَكُلَمَا اِقتَرَبَتْ مِنهُ أكثَرْ عَادَ اِليها ذَلكَ الإحسَاسُ الدَافِئ بِالطُمأنِينةْ
...شَئٌ لَمْ تَكنْ مُعتادَةُ عَلَىَ الشُعُورِ بِهْ
وَمَدَتْ يَدَها اِلىَ النورِ لِتَفتحَ بِبطءٍ عَينيها الذَابِلَتَينْ وَيَقعَ بَصَرُها عَلىَ وَجهِ كِيمِيكو الأحمَرِ المُنتَفِخِ بِسَبَبِ البُكاءْ
وَعَيناها اللتَانْ كَانتا تَنْظُرَانِِ بِذُهولٍ يُخَالِطهُ الفَرحُ اِليها فَابتَسَمَتْ بِإرهَاقٍ وَهىَ تَقولُ لِكِيمِيكو
-"(مَا بَالكِ تُشبِهينَ حَبَةَ البَنَدورا؟)"
بَعَدَ سَمَاعِ هَذهِ الكَلِمَاتْ تَأكَدَتْ كِيمِيكو أنَها لَمْ تَكُنْ تَحلُمْ
فَلمْ تَتَمَالكْ نَفسَها وَعَانَقتْ مَارِيكا بِقُوةٍ وَهِىَ تَبْكىِ مِنْ فَرْطِ سَعَادَتِها فَقَالتْ مَارِيكآا بِإختِنَاقْ
-"(أَنتِ تُؤلِمِينَنَى بِشِدةْ..لَا أَسْتَطيعُ التَنَفُسْ)"
فَابتَعَدَتْ عَنها كِيمِيكو فَوراً وَهِىَ تَعتَذِرُ مِنها وَتَقولْ:
- "(أَيَتها الحَمْقاءْ لَقَدْ أقلَقتِنىِ حَقاً.مَاالذى كُنتِ تُحَاوِلينَ فِعلهْ؟)"
اِختَفَتْ تِلكَ الإبتِسَامَةُ اللطِيفَةُ وَحَلَتْ مَحَلَها مَلامِحُ بَارِدَةٌ وَقَاسِيةَ وَأجَابَتْ قَائِلةً:
- "(ألَمْ يَكُنْ وَاضِحاً أننى أُرِيدُ المَوتْ؟)"
وَبَعدَها أَبعَدتْ ذِرَاعَ كِيمِيكو التِىِ كانتْ تَسْتَنِدُ عَليها
وَبِصُعوبَةٍ بَالِغَةَ تَمَكَنَتْ مِنَ الوقوفِ وَمَشَتْ لِلأمَامِ بِضعَ خُطوَاتٍ وَكانتْ كُلٌ مِنها نِزَاعَاً مَريراً قَبلَ أنْ تَتَوَقْفَ وَتَقولَ بِصَوتٍ قَاسٍ:
- "(لَمَا لَمْ تَترُكونِى أَمُوتْ؟لِمَاذَا تَدَخَلتُمْ؟)"
فَتَبَادَرَ اِلىَ ذِهنِهِمْ ألفُ سُؤالٍ وَسُؤالْ قَبلَ أنْ تُبَادرَ كِيمِيكو بِالرَدِ عَلَيها:
- "(مَاالذِى تَقولِينَهْ, لَقَدْ أنقَذواْ حَيَاتكِ وَيَجبُ أنْ تَشكُريهِمْ عَلَىَ الأقَلْ)"
فَالتَفَتتْ مَاريكآا اِليها وَرَمَقتها بِنَظَرَةٍ حَادَةْ جَعَلَتْ كِيمِيكو فِى حَيرَةٍ مِنْ أمْرِها بِسَبَبِ تَصَرفاتِها
فَتَصَنعَتْ الِابتِسَامَةَ وَقالتْ بِمَكرْ:
-"(أشْكُرُهمْ؟عَلَىَ مَاذا؟لَقَدْ أفسَدتُمْ كُلَ شَئ بِتَدَخُلِكمْ)"
(ثُمَ نَظَرَتْ اِلىَ الرِسَالَةِ الَتىِ كَانَتْ كِيمِيكو مُمسِكةً بِها)
-"(أَعتَقِدُ بِأنكِ قَرَأتِ رِسالَتىِ , أَلَمْ يَكُنْ مَا فِيها وَاضِحاً؟أَلَمْ أقُل بِأنَنَىِ إتَخَذتُ قَرَارىِ بِالإنتِحَارْ؟)"
-"(بَلَىَ وَلَكِنْ....)"
-"(لَقَدْ أفسَدتُمْ كُلَ شَئ...اللحْظَةُ اَلَتىِ تَحَلَيتُ فِيها أخِيراً بِالشَجَاعَةِ لِفِعلِ ذَلِكْ جِئتُمْ أَنتُمْ وَهَدَمتُمْ كُلَ مَا خَطَطتْ لَهْ)"
مُوتْسويا-"(وَلَكِنْ لِمَاذَا؟)"
مَاريكآا-"(هَلْ تُريدُ حَقاً أنْ تَعرِفَ السَبَبْ؟)"
ثُمَ صَمَتَتْ قَلِيلاً وَنَكَسَتْ رَأسَها وَنَظَرَتْ لِلأرضِ لِيُغَطِى شَعرُها الأحمَرُ عَينَاهَا الزَرقاءْ
وَتَدَحرَجَتْ عَلَىَ خَدِها دَمعَتَانِ قَامتْ سَريعاً بِمَسحِهمَا ثُمَ تَابَعَتْ كَلامَها قائلةً:
-"(لِأنَنَىْ وَحِيدَةْ..لِأنَنَىْ مَكرُوهَةْ..لِأنَنَىْ...سَأخسَرُهْ..)"
ثُمَ صَمَتَتْ قَلِيلاً وَحَاوَلَتْ تَمَالُكْ نَفسِها وَحَبْسِ دُمُوعِها فَأغمَضَتْ عَينَيها بِقُوةٍ
وَعَضَتْ عَلَىَ شَفَتِها السُفلىَ وَبَدَتْ كأنَها قَدْ ذَهبَتْ بِعَقلِها الحَائرِ إِلىَ عَالمٍ آخَرْ إِلىَ أنْ اِنتَبَهَتْ لِكَلامِ كِيمِيكو:
- "(لِمَاذَا تَقولِينَ هَذَا الكَلامْ ؟ أَنْتِ لَستِ وَحِيدَةً بَلْ عَزَلتِ نَفسَكِ عَنْ الآخَرينْ وَرَحَلتِى بِإرَادَتِكْ
كَمَا أنَهُ لا أحَدَ يَكرَهُكْ عَلَىَ الرَغمِ ِمنْ أنَكِ آذَيتىِ الكَثِيرِينْ إِلا أنَهُمْ لَمُ يَحقِدُوا عَلَيكِ يَوماً...)"
-"(أَنتِ لا تَفهَمِينَ شَيئاً يا كِيمِيكو)"
-"(إِذاً وَضِحىِ لِىْ قَصدَكِ..)"
فَأجَابَتها بِصَوتٍ مَمزوجِ بِالألَمِ وَشَئٍ مِنَ الكَرَاهيةْ
-"(لَنْ تَفهَمِينىِ لِأنَكِ لَا تَشعُرِينَ بِمَا أشعُرُ بِهْ..
أنَا لَمْ أعنِيكُمْ أنتُمْ بِكَلامِىْ..)"
ثَمَ رَفَعَتْ رَأسَها وَقَدْ اِغرورِقَتْ عَينَاها بِالدُمُوعِ التىْ عَجِزَتْ أجفَانُها عَنْ اِمسَاكِها
فَتَسَاقَطتْ عَلَىَ وَجنَتَيها بِخِفَةٍ كَحَبَاتِ اللؤلؤ المَنثورِعَلَها تَتَمَكنُ مِنْ تَخفِيفِ ألمِها وَتابَعَتْ كَلامَها
-"(لَقَدْ عَنَيتُ عَائِلَتىْ..سَبَبَ كُلِ أحزَانِىْ..أَنتِ لَا تَعرِفَينَ شَيئاً)"
ثُمَ وَضَعَتْ يَدَها عَلَىَ فَمِها لِتَكتُمَ صَوتَ بُكائِها بَينَمَا نَظَرَ اِليها كُلُ الحُضورِ فِى أَسَىً وَأردَفَتْ:
- "(أنَا لَمْ أُخبِركِ بِهَذِهِ الأشيَاءِ مِنْ قَبلْ لِأنَنَىْ ظَنَنتُ بِأنَها فَترَةٌ وَسَتَمضِى عَاجلاً أمْ آجلاً لَكِنىِ لَمْ أعُدْ أستَطِيعُ الِإحتِمَالَ أكثَرْ)"
-"(رُبَمَا لَدَيهمْ عُذرٌ مِا)"
فَقَالتْ ماريكآا وَقَدْ بَرَزَتْ اِبتسَامةٌ سَاخِرَةٌ عَلىَ مُحَياهَا
-"(طٌوَالَ سَبعَةَ عَشرَ عَامَاً وَأنا أُبَررُ لَهُمْ أفعَالَهُمْ إِلىَ أَنْ...)"
-"(إِنَهُمَا وَالِدَاكِ وَبالتأكِيدِ يُريدَانِ الخَيرَ لَكِ..)"
-"(وَهَلْ فِى مَوتِى خَيرٌ لِىْ؟)"
كَانَ لِكلمَاتِها الأخِيرَةُ وَقعٌ مُختَلِفٌ عَلَىَ أّذنِ كُلٍ مِنهُمْ
فَنَظَرَتْ إِلىَ الحُضُورِ وَأحَسَتْ بِغَضَبٍ طَفِيفٍ لِظَنِها أَنَهُمْ يُشفِقونَ عَليهَا
فَتَنَهَدَتْ وَكأنَ هُنَاكَ جَبَلاً مِنَ الهُمُومِ يُثقِلُ كَاهِلها
- "(هَذَا صَحِيحْ..لَقَدْ حَاوَلا قَتلِى..مُنذُ وِلادَتِى وَهُمَا لَمْ يُحِبَانِى قَطْ...
لَمْ يَعتَبرونِى وَاحِدَةً مِنَ عَائِلَتِهِمْ وَتَرَكُونِى لِلخَدَمِ حَتَىَ يَقومُوا بِتَربِيتى...
كَانَا يَهتَمَانِ فَقَطْ بِجَمعِ المَالِ وَزيَادَةِ الثَروةَ.. لِهَذَا فَضَلا أَخِى فُومَآا عَلَىّ وَكَرِهَانِنى كَمَا لَوكُنتُ عَدُوةً لَهُمَا
فَقَطْ لِأنَهُمَا كَانَا يَريَانِ بِأنَنىِ فَتَاةٌ ضَعِيفَةٌ لَا يَحِقُ لَهَا أَنْ تَرثَ إسمَ عَائِلَتِنا
فَخَططا لِقَتلىْ فِى حَادِثِ سَيرْ...عَرَفتُ الحَقيقة مُنذُ مُدَة وَحَاوَلتُ تَجَاهُلَ الأمْر لَكِنى لَمْ أسْتَطِعْ..
حَتىَ أننى لَمْ أَتَمَكنْ مِنَ النَومِ فِى اللَيل لِشِدَةِ خَوفِى مِمَا قَدْ يَفعَلونَهُ بىْ...
كَانَ أخِى هِو مَلاذِىَ الوَحيِدْ..دَائِماً كَانَ يُشَجعُنىْ وَيَهتَمُ بِى
وَيُخَففُ عَنى آثارَ مُعَاملتِهمْ القاسِيةَ لِى..لَكِنهُ...لكِنهُ الآنَ...سَيَرحَلُ وَيَترُكنى)"
أَجَل إنَهُ مُصَابٌ بِمَرَضٍ عُضَالْ وَقالَ الأطِباءُ أنْ لَا أمَلَ مِنْ شِفائهْ...
هَذَا المَرَض اللعِينْ يُدَمِرهُ شَيئاً فشيئاً حَتىَ يَتهاوَى جَسَدهُ وَيُصبحَ جُثةً هامِدةَ
يَنثرُ الزَمَنُ رَمَادَها وَيَمحو ذِكرَاها مِنَ التَارِيخِ فَتصبِحُ مَنسِيةْ
صَدَمَتْ كلِمَاتُ مَاريكآا كُلَ الحَاضِرينْ وَخَاصَةً كِيمِيكو فَقدْ أحَسّتْ بِأنَها مُلامَةٌ بَعضَ الشئ
عِندَمَا لمْ توقِفْ مَاريكآا فِى المَاضِىْ .. وَلكِنَها حِينَئِذٍ ظنّتْ بِأنَ هَذا سَيَجعَلها سَعِيدَةْ..
سَيَجَعلُ حَيَاتها أفضَلْ..
لَمْ تَكنْ لِتتوَقعَ بِأنْ كُلَ هَذا يَحدُثُ لَهَا وَالأسوَءُ أنَها لَمْ تتمَكنْ مِنَ التخفَيفِ عَنها..
لَمْ تكُنْ مَوجودَةً عِندَمَا كانتْ مَاريكآا فِى أمَسّ الحَاجَةِ اِليها
-"(هَلْ عَرَفتِ الآنَ لِمَا أُريدُ المَوتْ ؟ لِمَا أنا أكرَهُ كلَ شَئْ ؟ أنتمْ مَا كانَ يَجبُ....)"
لمْ تتمَكنْ مَاريكآا مِنْ إكمَالِ كلامِها إِذْ فَاجَئتها صَفعَةٌ قَويةٌ مِن كِيمِيكو
سَقطتْ الأولىَ عَلىَ رُكبَتيها بِسَبَبها وَوَضَعَتْ يَدَها عَلىَ خَدّهِا فِى شَئٍ مِنَ الدَهشةْ
وَلَكِنْ سُرعَانَ مَا تَبَدَلَ حَالُها إلىَ البُكاءِ بِصَوتٍ مَخنوقٍ وَالتمتَمَةَ بِأشيَاءٍ غَيرِ مَفهومَةَ
وَنظرَتْ إلىَ كِيمِيكو نظرَةً بَائِسَة ْوَكأنَمَا كانَتْ تَطلُبُ مِنهَا المُسَاعَدَةْ فَأجَابَتْ كِيمِيكو بِكلِ قَسوَةَ:
- "(أيَتُهَا الحَمقاءْ ، هَذَا ليسَ سَبَبَاً لِتفكِرىِ فِى إِزهَاقِ رُوحِكْ..
بَلْ لَا يوجَدُ سَبَبٌ يَدفَعُكِ لِذلِكْ..
وَفومَآا ؟ أَلمْ تُفكِرىِ بِمَا سَيَحدُثُ لَهُ إِنْ سَمِعَ بِأنكِ قَدْ مُتِ؟
أنتِ أنَانِيةٌ لَا تَهتَمِينَ بِمَشاعِرِ الآخَرينْ ، تُنَفِذِينَ مَا تُرِيدِينهُ فَحَسبْ وَلَا تُفكِرينَ لِلَحظَةٍ فِى أحَدٍ غَيرِ نَفسِكْ)"
لِلحظَةٍ عَجِزَ لِسَانُها عَنْ الرَدِ عَلى هَذِهِ الكَلِمَاتِ المؤلِمَةَ وَلكِنَّ هَذا لَمْ يَمنَعها مِنَ التَحدُثِ بصَوتٍ اِمتزَجَتْ فِى طيَاتِهِ مَشاعِرُ مُتَضارِبَة ليَعلوَ مُصَاحِباً الشَهِيقَ النَاجِمَ عَنْ البُكَاءْ
-"(أَرجوكِ سَاعِدِينى ، أَنا أشعُرُ بِأنَنَى تَائِهَةٌ فِى هَذا العَالَمْ..
أَرجوكِ كونِى النورَ الذىِ يَهدِينى إِلىَ الصَوَابْ.....لَا تترُكِينى..)"
فَجَلَسَتْ كِيمِيكو عَلىَ رُكبَتيها وَقامَتْ بِمُعَانقتِها مُحَاوِلَةً تَخفِيفَ بُكائها
فِى حِينِ أَطلقَتْ هِى العَنَانَ لِدمُوعِها وَأذِنَتْ لَهَا بِالتَسَاقُطِ لِتبَلِلَ كَتِفَ مَارِيكآا
وَأثناءَ كُلِ هَذِهِ الدِرَامَا وَقفَ نَايتْ بَعيداً يَتأمَلُ مَا يَحدُثْ
وَيَنظرُ إَلىَ وجُوهِ الجَمِيعِ لِيَرَىَ كيفَ تَأثَروا بِالَأمرْ
فَـتَارَةً يَنظرُ إِلىَ وَجهِ مُوتسويَا لِيَجِدَهُ مَمْلوءً بِشَئٍ مِنَ الشَجَنْ
وَتارَةً أُخرَىَ يَنظرُ إِلىَ وَجهِ أَندو اَلذىِ إِعتَرَاهُ الغَضَبُ لِسَبَبٍ مَا لَكِنهُ لَمْ يَبُحْ بِمَا يَجولُ فِى خَاطِرِهْ
وَلَكِنهُ كَانَ يَنظرُ غَالِباً إِلىَ وَجهِ هَارونَا فَيَجِدُها شَارِدَةَ الذِهنْ
فَتوَقعَ بِأنَهَا عَلىَ الَأغلَبِ كَانَتْ تُفَكِرُ فِى ذِكرَيَاتِها وَكمْ كَانتْ حَيَاتها جَمِيلَةً قَبلَ أنْ يُخرَبَ كُلُ شَئْ
مُجَرَدُ تَوَقعْ...
فَاقترَبَ مِنها وَوَضعَ يَدَهُ عَلىَ كَتِفِها..
الَأمرُ الذَىِ فَاجَأَ هَاروناَ فَالتفتتْ إِليهِ وَأخبَرَها بِإبتِسَامَةٍ لَطِيفةً أنَ اليَومَ كَانَ حَافِلاً بالكثِيرِ مِنَ الَأشيَاءْ
فَابتسَمَتْ بدَورِها ثمَ أعَادَتْ النَظرَ إِلىَ كِيمِيكو التِى تَربِتُ عَلىَ ظَهرِ مَارِيكآا
وَقالتْ بِأنَهُ مُحِقْ فَهذِهِ لَيلةٌ بِالتأكِيدِ لَنْ تَنسَاها
وَفِى مَكانٍ آخَرَ لَيسَ ببَعِيدٍ عَنْ مَكانِ توَاجِدِهِمْ
وَقَفَ أَولِئكَ الثلاثةَ يُتابِعونَ بِهمْسٍ مَا يَحدُثْ..
إِلى أنْ أمسَكَ أحَدُهُمْ قَوسَهُ وَقامَ بِتوجِيههِ نَحوَ رَأسِ هَارونَا
لِيَلمَعَ نَصلُ سَهمِهِ فِى الظَلامْ ، وَاسّتَعَدَ جَيداً لِلتَصوِيبْ...
أول شئ أحب أعرف رأيكم الصريح فى أسلوبى فى الكتابة
ولا تبخلوا على بنصائحكم رجاءً
.
.
الأسئلة
ماهو رأيكم فى ماضى ماريكآا؟
برأيكم هل ستنجو هارونا؟واذا أجبتم بنعم فكيف ستنجو؟
مين أكتر شخصية أحببتموها حتى الآن؟
أرائكم؟وانتقاداتكم؟>>أهم سؤال ^_^
توقعاتكم للفصل القادم؟