عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree369Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #56  
قديم 02-19-2013, 10:16 AM
 
في هذه الصفحة سأجمع اجزاء الفصول السابقة ليسهل الوصول اليها ...
عذرآ :wardah:
Monkey.D.yoky and TэmαŖi like this.
__________________




افتَقِدُني
music4

  #57  
قديم 02-19-2013, 10:20 AM
 

بطــل رغــم أنفــك ،*





الفصل الأول :






ارتفع رنين الهاتف مدويا في العاشرة من صباح يوم العطلة الأسبوعية ،

و ملأ أرجاء المنزل بضجيجه.

تقلب "كريس هاجاي" في فراشه و ضغط الوسادة على وجهه محاولا تجاهل الهاتف حتى يتوقف عن الرنين ،

لكن ذلك كان دون جدوى ،
فقد قذف بالوسادة بعيدا حين كاد يختنق ، ثم استلقى دافنا وجهه في فراشه.

مرت ثوان انقطع فيها صوت الهاتف و تنفس كريس خلالها الصعداء ،

ثم عاد رنينه المزعج يرتفع من جديد ،
كأنه أبى إلا أن يقطع عليه نومه و يجعله يكنث بوعده أن لا ينهض من سريره ما تبقى من حياته ..
أو حتى يغدو كبيرا في السن بما يكفي لكي لا يتعرفه أحد !!

كان قد قضى أمس يوما سيئا جدا !

بل أسوأ يوم في حياته أصدر على إثره قراره المضحك ذاك في الاختباء ،
لكن المنزل ليس آمنا ... فكر كريس ،
ذلك أشبه بأن يدفن رأسه في حفرة كالنعام !

ظل كريس يفكر في الأمر بضع لحظات أخرى قبل أن ينهض مستجيبا لنداء الهاتف ،

سار على مضض حتى الردهة الصغيرة أمام غرفته و التقط سماعة الهاتف :
‏_آلو ...

قال بضجر ، فأجابه صوت متحمس صاخب :

‏_كريس بني ... يا الهي كم أنا سعيدة بما سمعت ! لماذا لم ترد علي من فورك ؟!

‏_كنت نائما أمي ، ما الذي سمعته ؟


سأل بذات النبرة الضجرة ، فأجابته بفخر :

‏_سمعت عن حادثة الأمس ، سمعت كم كنت بطلا و كيف قمت بـ..

قاطعها بنكد :

‏_لم أكن كذلك ، ثم كيف وصلتك الأنباء و أنت في الطرف الآخر من الكرة الأرضية ؟!

تحولت نبرتها إلى الغضب وهي تجيبه :

‏_اتصلت بي جارتنا ، هل يعقل ذلك ؟! أسمع أخبار ولدي من الجيران ؟! كيف لم تتصل بي ؟! هيا أخبرني كل شيء !

‏_كان ذلك مروعا في الحقيقة .. حتى أنني أفكر في الاختباء لما تبقى من حياتي !!


دمدم كريس بتذمر ثم واصل :

‏_إنه سوء فهم فظيع ..أنا و البطولة لا ننسجم أبدا كما الغسيل الأبيض و الملون !

‏_لا تكن سخيفا كريس ! البطولة تجري في دمائك ، لكن قل لي هل مزجت الغسيل من جديد .. آه كم هذا سيئ !



‏_أمي أصغي إلي لثانية ، أنت تعرفين تماما بأن لا شأن لي بهذه الأمور .. تعرفين ابنك ... أنا لست بطلا !!
‏‎هتف‎ ‎كريس :

‏_أوه كريس ... بالطبع أعرفك بني ، لقد توقعت هذا منذ لحظة مولدك ، علمت أن وجهك الصغير يحمل قسمات بطل سأفخر به ذات يوم !!


سمعها تتنهد بسرور مستعيدة الذكرى ، و هتف بنفاذ صبر :

‏_أمي هذا ليس صحيحا !! أخبرتني أن الشيء الوحيد الذي سأجسده يوما هو الكآبة ، و قلت ألف مرة أن التعبير الذي على وجهي منذ ولادتي بشكل مستحيل الحدوث كان الضجر ! يا الهي ما الذي جرى للعالم !!‏

‏_حسنا .. حسنا .. لا تسرد لي أي شيء.


غمغمت الأم عبر الهاتف ، ثم استطردت بحماس :

‏_أخبر الصحافة عندما تأتي و ..

قاطعها كريس مذعورا :

‏_الصحافة ؟! أي صحافة ؟!!

ضحكت الأم قبل أن تجيب :

‏_إنهم زملائي في المكتب القديم حيث كنت أعمل ، لقد أرادوا كتابة مقال حول حريق المدرسة ، و عن البطولة و الشجاعة التين أبديتهما بإنقاذك للفتاتين من وسط النيران و بالطبع أخبرتهم أن بوسعهم اجراء مقابلة معك اليوم !

صمت كريس دون أن يعلق بشيء ،

كان يشعر بأنه يعيش أسوأ كوابيسه ...
الصخب ..
الضوضاء ..
الإهتمام و الانتباه ..
و الآن الشهرة !!
إذا كان الأمس سيئا فماذا يكون اليوم ؟!!
بدأت فكرة الاختباء تروق له أكثر فأكثر.
نادت الأم :
‏_كريس .. كريس هل تسمعني حبيبي ؟!

أجاب كريس بجمود :

‏_أسمعك أمي و لن أستقبل أي صحافيين !

هتفت أمه بسخط :

‏_و لكنني وعدتهم ، هل تريد إحراجي ؟! اسمع كن مهذبا و أجب عن الأسئلة البسيطة التي سيسألونك إياها ، آه أجل ... و ارتدي البذلة التي اشتريتها لك يوم مولدك !

تمتم كريس معترضا :

‏_أنا لا ارتدي البذلات !

و لكن أمه واصلت دون أن تكترث :

‏_صحيح .. لا تنسى أن تبتسم أيضا ، ستبدو أجمل في الصورة !

‏_و أنا لا ابتسم أيضا !


غمغم كريس من جديد و قالت أمه :

‏_و لما لا ؟! ارسم ابتسامة على سبيل التغيير ، لقد حققت ما يعجز غيرك عن تحقيقه !
صاح كريس :
‏_أنا ل
م أحقق أي شيء !

أصرت أمه :
‏_بل فعلت ، اكتسبت احترام الجميع و أصبحت لديك سمعة حسنة ، يكفيك انك رفعت رأس أمك فخرا ، قل لي لما لست سعيدا ؟!

أجاب كريس بعبوس :
‏_و لما أكون كذلك ؟ الشيء الوحيد الذي كان يسرني في حياتي كان تجاهل الآخرين لي ، كنت سعيدا بكوني غير مرئي .. اسير في الطرقات دون أن يلتفت إلي أحد ، و الآن فقدت ذلك فما الذي سيجعلني سعيدا ؟!!

‏_على أي حال سيأتي الصحافيون قبل الظهيرة فكن جاهزا ، إياك و أن تخيب أملي !

‏_لا أستطيع القيام بذلك .. أنا آسف !

_كريس !!

‏_لا أستطيع صدقا !

احتدت الأم :
‏_كريستوفر ميزل هاجاي ... نفذ ما أقول !!!!

أدار كريس عينيه نحو السماء ثم تنهد متذمرا.

‏_كريس !!!

هتفت أمه عبر الهاتف بغضب فاجابها مستسلما :
‏_حسنا .. حسنا سأفعل ما تريدين !

‏_جيد .. سأنتظر أخبارك المفرحة ، اهتم بنفسك و إياك و أن تخلط الغسيل ، سأعود قريبا ... قبلاتي !

ثم أغلقت الخط ،
ظل كريس يعبس بإتجاه السماعة عدة لحظات قبل أن يضعها مكانها متنهدا.
كان غير قادر على فهم لماذا يصر الجميع على تضخيم المسألة ؟!
لماذا لا يصدقونه ؟!
هو لم ينقذ حياة أحد ... لم يفعل عامدا على أي حال !!

حملق كريس في الفوضى التي تملأ المنزل ، في الثياب التي تنتشر على أرض الغرفة و في علب العصير و الطعام التي تملأ حتى المقاعد !

كانت أمه لتجن بهذا المنظر وهي التي تكاد تكون مهووسة بالنظافة !
ثم إن الصحافة في طريقها إلى هنا لذا فالخيار الصائب كان تنظيف المنزل.
لكن كريس كان واحدا من أولائك الناس اللامباليين ..
كان أكثر ضجرا من القيام بما هو صواب.
تثاءب بطريقه إلى المطبخ ليحضر شيئا ما ليتناوله.





*~نهاية الفصل الأول ...



__________________




افتَقِدُني
music4

  #58  
قديم 02-19-2013, 10:21 AM
 
ﺑﻄــﻞ ﺭﻏــﻢ ﺃﻧﻔــﻚ !! ،*






الفصل الثاني :







بعد عشر دقائق كان كريس جالسا إلى طاولة الطعام يقضم الخبز المحمص بالمربى ،

محاولا اقناع نفسه بأن كل هذا الصخب حوله سيختفي و يزول ،
و أن حياته ستعود إلى طبيعتها سريعا ،
جعلته هذه الفكرة يشعر بتحسن أكبر !

كسر الهدوء الذي كان يلف المكان ..

شهقة دهشة انطلقت من كريس حين وثب على رأسه فجأة سنجاب بري صغير !!
و غص كريس بالحليب الذي كان يشربه ،
فسعل بعنف و هو يمسك السنجاب من ذيله البني المنتفش و يرفعه من فوق رأسه ليضعه على سطح الطاولة.

رمقه بغضب بينما وجهه يستعيد لونه الطبيعي و سعاله يهدأ !

فأخفض السنجاب أذنيه الصغيرتين كما لو كان يفهم معنى تلك النظرات !

‏_لقد كدت أختنق !!


صاح كريس بالسنجاب غاضبا ،

التقط نفسا عميقا ثم تابع يخاطبه و كأنه سيفهمه :
‏_لا تقفز على رأسي هكذا ثانية ! ألم أرمك خارجا منذ يومين ؟!
ثم تبعتني إلى المدرسة ؟ ظننتك مت بحريق الأمس و كنت أعدها النقطة الإيجابية الوحيدة في هذه الحادثة كلها !

حرك السنجاب رأسه دون أن يصغي ،

كان يحدق بقطع الخبز في السلة بجوع ،
أسرع يجري نحوها لكن كريس رفع السلة من المائدة قبل أن يصل إليها ، قال :
‏_لا تتوقع مني إطعامك !

رفع السنجاب عينيه الكبيرتين المستديرتين نحو كريس هذه المرة ،

ناظرا إليه بإستعطاف لا يقاوم !!

قال كريس وهو يرمقه بملامحه الضجرة :

‏_أتعلم ما الذي تسبب في إشعال الحريق منذ البدء ؟!
لقد قام قارض سخيف بقضم أسلاك الكهرباء ،
و احزر كم قارضا سخيفا كان في المدرسة حينها ؟!!

لم يكن السنجاب الصغير ليعي شيئا مما يقوله كريس ،

فكل ما كان يشغله هو الطعام.
و كان الجزء المتبقي من الخبز المحمص الذي كان كريس يأكله لايزال في طبقه .. فاندفع إليه بسرعة ،
لكن كريس كان أسرع منه ، حمله من أمامه بيده الأخرى مواصلا حديثه الغاضب :
‏_أنت السبب في إشعال الحريق و في المأساة التي أعيشها ،
و فوق ذلك ماتزال حيا أيها الجرذ .. علي قتلك بنفسي !!

كان كريس لايزال جالسا أمام الطاولة ،

يرفع يديه الاثنتين في الهواء ليحمل الخبز بعيدا عن السنجاب ،
كان عابسا ، ساخطا ، بدا مضحكا وهو يخاطب و يصرخ بسنجاب !!
و كان شاكرا أن لا أحد هنا ليشهد على ذلك !

قفز السنجاب فجأة يتسلق ذراعه ،

التقط قطعة الخبز من الصحن ثم وثب وقف فوق رأسه ليأكلها بسرور !
تنهد كريس مستسلما و أعاد الطبقين إلى الطاولة ،
ثم أسند وجنته بيده بضجر و غضب .. شاعرا بفتات الخبز على شعره الأسود !
كان شعره الأسود دوما في فوضى و تعبير الملل و الضجر لا يفارق عينيه العسليتين لحظة.
حصل كريس على قطعة خبز أخرى من السلة و وضعها في فمه.
ارتفع جرس الباب فجأة فنهض ليفتحه ،
متوقعا رؤية صديقه "فرانك" فقد بدا سعيدا على نحو مريب بالأمس و لن يتفاجأ بزيارته.

ما إن فتح كريس الباب حتى بهره ضوء كاميرا باغتته بصورة ، و ابتسم المصور من خلفها.

أخرج كريس قطعة الخبز من فمه و هم بقول شيء ما ،
حين هتفت الصحفية الأخرى :
‏_يا له من سنجاب جميل ! أهو حيوانك الأليف يا كريس ؟!

نظر كريس إلى المرأة ذات الابتسامة الجميلة و الشعر الناعم المقصوص ليحيط بوجهها .. كانت مألوفة تماما لديه.

‏_"ستايسي" ؟!!

غمغم كريس غير سعيد ، فابتسمت قائلة :

‏_أرى بأنك تذكرني ، كنت و أمك صديقتين مقربتين فيما مضى ،
طلبت مني شخصيا إجراء هذه المقابلة ... هي تذكر كم كنا ننسجم معا أنا و أنت !

هز كريس رأسه :

‏_شيء مفرح !!

ضحكت ستايسي قائلة :

‏_طوال تلك السنوات و أنا أرى التعبير ذاته على وجهك ،
و مازال لم يتغير ... كم هو ظريف !!

قالت عبارتها الأخيرة وهي تقرص وجنتيه و تشدهما بالطريقة التي لطالما أحنقته بقدر ما آلمته في طفولته ،

كانت هذه واحدة من الأسباب التي لطالما كره ستايسي لأجلها في صغره .. ما إن تراه حتى تعامله كللعبة !!
و لا شيء تغير مع مرور الزمن.

أبعد رأسه عن يديها بعبوس ، في حين ردد المصور مستغربا :

‏_التعبير ذاته .. لسنوات ؟!!

قالت ستايسي بنشاط :

‏_حسنا .. فلندخل لنبدأ المقابلة !

هتف كريس معترضا :

‏_أنا لن أجري أي مقابلة !

ضحكت ستايسي و كذلك المصور ، ثم قالت :

‏_يا لها من دعابة ! ألم أقل بأنك ظريف !

ثم خطت إلى داخل المنزل و تبعها المصور ،

تمتم كريس مغتاضا :
‏_الحياة قاسية !!

أغلق الباب و تبعهما إلى الداخل !



كانت ستايسي الصحفية الناجحة جدا في عملها تطرح سؤالا و تحصل على الإجابة التي تريد ،
أو بالأحرى تأخذ الجزء الذي تريده من الإجابة ... الجزء الذي سيعجب القراء !

سألت فيما استمر المصور بالتقاط الصور :
‏_إذا .. صف لي كيف شعرت حين وجدت نفسك محاصرا وسط النيران أنت و الفتاتين !

كانوا قد جلسوا على طاولة المطبخ .. الغرفة الأقل تضررا من الفوضى التي سببها كريس خلال اليومين التين غابت أمه فيهما !
أجاب كريس :
‏_شعرت بأن علي النجاة بنفسي ،
و لم تكن الفتاتين معي في بادئ الأمر .. فقد كنت على وشك الخروج عندما ...

قاطعته ستايسي بحماس :
‏_عندما وجدت الفتاتين محاصرتين بين النيران و اندفعت مخاطرا بنفسك لإنقاذهما !
يا للشجاعة !!

و إلتمع ضوء الكاميرا في وجه كريس من جديد ،
و كان قد نسي أمر السنجاب تماما حتى قفز الأخير خائفا من ضوء الكاميرا و اختبأ خلف ظهره.
صاح كريس غاضبا :
‏_طفح الكيل ... سأرميك خارجا !

قالها و أمسك الحيوان الصغير رافعا إياه أمام وجهه ،
قالت ستايسي :
‏_كلا .. اتركه إنه حيوان جميل ، أقصد أن كليكما معا تبدوان رائعين ..

ثم خاطبت المصور آمرة :
‏_التقط صورة.

فأسرع المصور يومض بكاميرته الكبيرة ،
أفلت السنجاب و عاد إلى مخبئه ، قال كريس بغير اكتراث :
‏_إذا كان يعجبك فبإمكانك أخذه سيدتي !

لوحت ستايسي بيدها نافية :
‏_أوه .. كلا بالتأكيد ، أنا لن أجد وقتا للعناية به ،
أين كنا ... صحيح أخبرني كيف خرجتم من بين النيران !

هز كريس رأسه ليتذكر ثم أجاب :
‏_أعتقد أنني عثرت أولا على نافذة في الطابق الثاني لم تصل إليها النيران و ...

قاطعته ستايسي :
‏_الطابق الثاني ؟!
لا تقل لي ... لقد قفزت من الطابق الثاني ، آه كان علي الحصول على صورة لذلك المشهد !

أسرع المصور يضغط على زر كاميرته فور سماعه لكلمة صورة ،
و إلتمع ضوءها المبهر في وجه كريس الذي صاح ساخطا :
‏_و لكن أخبرني كم صورة تحتاج لمقال واحد ؟!

توقف المصور متراجعا لحدته المفاجئة ،
و تابعت ستايسي :
‏_إذا كيف قفزت من الطابق الثاني و معك الفتاتين ؟!

هتف كريس :
‏_لم أقفز من أي طابق ،
لقد خرجت من الباب فالفتاة الثانية كانت في الطابق الأول و ...

قالت ستايسي تقاطعه من جديد :
‏_واو ... لكن الطريق نحو الباب كانت شاقة حتما فذلك الجزء بالذات قد إلتهمته النار بشدة ،
و أنت اقتحمته منقذا الفتاة ؟!

صاح كريس بنفاذ صبر :
‏_لم أنقذ أحدا !

ضحكت ستايسي قائلة :
‏_كم أنت متواضع ! على كل لقد حصلت على الجزء الآخر من القصة ،
من الفتاتين اللتين تشكرانك كثيرا بالمناسبة ،
و سوف أنشره على ذلك النحو فأنت أكثر تواضعا من أن تروي لنا ما حدث.

ثم هبت واقفة :
‏_هيا بنا ... لدينا عمل نقوم به لإنهاء المقال.

نهض المصور و سار خلفها نحو باب المنزل ،
هتف كريس وهو يلحق بهما :
‏_هل ستنشران ذلك فعلا ؟!

وقف كريس مع الصحافيين أمام الباب ، أجابته ستايسي :
‏_بالتأكيد .. كل حرف منه ،
ستكون حديث المدينة لأشهر على الأقل ،
"بطل في المرحلة الثانوية" ... عنوان لافت للنظر !!

اتسعت عينا كريس بصدمة وهو يحتج :
‏_لا يمكنك نشر ذلك .. إنها ليست الحقيقة ، أنا لم أفعل شيئا !

ابتسمت ستايسي :
‏_أوه كم أنت ظريف ، متواضع جدا و ظريف !

شدت وجنتيه بتلك الحركة المزعجة من جديد ،
ثم فتحت باب المنزل مستطردة :
‏_اعتني بنفسك ، و كن أكثر لطفا مع سنجابك ، إلى اللقاء !

هتف كريس :
_مهلا ...

لكنها كانت قد أغلقت الباب خلفها ،
غمغم كريس بغضب و يده تتحسس وجنته حيث كانت تقبض تلك الصحفية المجنونة :
‏_سحقا لهذا الأمر !!


*~انتهى الفصل الثاني


__________________




افتَقِدُني
music4

  #59  
قديم 02-19-2013, 10:27 AM
 
ﺑﻄــﻞ ﺭﻏــﻢ ﺃﻧﻔــﻚ !! ،*









الفصل الثالث:






أمضى كريس بقية نهاره محتدا ،

كان يشتعل غضبا من الداخل لكنه بدا هادئا جدا وهو جالس على الأرض ،
مستندا بأحد أركان سريره يرمي طابة صغيرة حمراء بإتجاه الحائط المواجه له ،
ثم يلتقطها بيده في حركة متكررة سريعة.
كان ذهنه منشغلا يتذكر كيف بدأت هذه المسألة كلها ،
لقد ارتد رأسه من فوق طاولته في المدرسة ،
تقريبا أسرع من ارتداد تلك الكرة عن الحائط .. حين قطع عليه غفوته صياح أستاذه الغاضب !!

كان كريس مشوشا نصف نائم ليتذكر ما أسمعه إياه أستاذه حرفيا ،

لكنه فهم أنه طرده من الفصل على أي حال.
سار كريس عبر ممرات المدرسة ناعسا و عيناه نصف مغمضتين ،
كان المفترض به التوجه إلى مكتب نائب مدير المدرسة ،
و الذي كان كالشوكة في خاصرته ... يترصده في كل حركة و خطأ يرتكبه ،
و كأن المدرسة قد خلت من الطلاب الكسالى المذنبين سواه !!

همهم بكلمات غاضبة متخيلا نفسه يحصل على احتجازه الثالث لهذا الأسبوع ،

و لمح أثناء سيره زلاجة مرمية في زاوية الممر اليسرى ،
تقريبا بجانب الدرج المؤدي للمخزن.
علم كريس تماما أن موضعها ذاك قد يسبب الأذى لأحدهم ،
و فكر في إزاحتها عن الطريق لكن فكرته ماتت في مهدها عندما قرر أنه أكثر كسلا من أن يهتم !!

كان كريس قد قطع أكثر من ثلثي الطريق نحو باب المدرسة الخارجي ،

عندما أدرك مستفيقا من نعاسه أنه يسير في الإتجاه الخاطئ !
أدخل يديه في جيوب بنطاله الأسود و أطلق زفرة ضجر حركت بضعا من خصلات شعره المتناثرة فوق جبهته ،
و التف عائدا من حيث أتى.

كانت الممرات خالية حتى تلك اللحظة ،

حتى انطلقت فجأة صفارات إنذار الحريق بصوتها المعهود الصاخب ،
و ارتفعت عبر مكبرات الصوت الأوامر الجادة بإخلاء المبنى و التحذير من خطورة التلكؤ.
تذمر كريس .. لما لم تنطلق صفارات الإنذار عندما كانت تفصله عن البوابة بضع أمتار فقط ؟!
ثم فكر كم هو محظوظ‎ ‎لنجاته من عقوبة الاحتجاز و من مواجهة نائب المدير .."المفترس" كما كانوا يدعونه.

تدافع الطلاب متزاحمين خارج الصفوف و اكتضت بهم الممرات ،

رفض عشرات الطلاب و الطالبات أن ينصاعوا للأوامر و التعليمات ،
و أن يتحركوا بنظام كما يفترض بتلاميذ في المرحلة الثانوية أن يفعلوا !
كانوا سعداء بإلغاء الدروس بفضل إنذار الحريق ،
كانوا تقريبا بمثل سعادة كريس ...
لكنهم لم يتوانوا عن التعبير عن تلك الحماسة بخلافه.

لم يعد كريس يذكر شيئا بعد رؤيته لأفواج الطلاب المندفعة نحوه ،

كسيل متدفق عنيف يتسابق لخط النهاية !!
هو يذكر كونه قد دفع بقوة ليتعثر بتلك الزلاجة ،
ثم اصطدم بالفتاة الأولى في طريقه ...
و ربما سقطا عبر الدرج بعدها ، فقد شعر بكثير من الألم ...
ثم كان هناك دخان كثيف ...
و صياح الفتاة الثانية ...
و النيران ..
و الحرارة ...
و مزيد من الألم ...
و أخيرا .. أوضح صورة في ذهنه من بين هذه الأحداث المتسارعة كلها ...
سقوطه على الأرض خارج بوابة المدرسة حيث توقفت الزلاجة بتحطم إحدى عجلاتها ،
شاعرا بآلام شديدة في نواحي شتى من جسده ،
و فوقه الفتاتان ،
إحداهما تنتحب و الأخرى تشكره بإمتنان !!

لم يميز كريس الوجوه التي أحاطت به ،

فقد توالت الأحداث على ذهنه بسرعة شديدة جعلته يشعر بالدوار !!
و في لحظات وجد نفسه و قد توج بطلا و جميع الحضور يهتفون له و يهنئونه ،
و ضاعت محاولاته لشرح الحقيقة مع الضجيج و الصخب المرتفعين من حوله !!


هز كريس رأسه بعنف ينفض عنه تلك الذكرى ،

وهو يمسك الطابة بيده و نهض واقفا يمط ذراعيه بكسل مغمغما :
‏_علي كتابة ذلك البحث المقرر تسليمه غدا فقد أجلته ما يكفي !!

ثم سحب مقعد طاولة الكتابة التي وضعت بجانب النافذة ليجلس عليه ،

و أخرج كتبه المدرسية باحثا عن موضوع ذلك البحث الذي تناساه طيلة الأسبوع الماضي.
صاح كريس بأعلى صوته و هو يقرأ موضوع البحث في الكتاب الذي كاد يلصقه بأنفه من فرط دهشته :
‏_مستحيل ! "البطولة عبر العصور" ؟!!

ثم ترك الكتاب يسقط على الطاولة و ترك رأسه يستقر فوقه و راح يغمغم ببؤس :

‏_لما يا الهي ... هذه الكلمة التي أمقت ؟!







كاد كريس ينتهي من تناول إفطاره في وقت مبكر من صباح اليوم التالي ،
حين قفز سنجابه الصغير على رأسه كالمعتاد ،
شعر كريس بالغضب يشتعل داخله ،
لكن السنجاب الصغير الذي بدا سعيدا بخلافه و أكثر حيوية هذا الصباح ،
راح يدور حول رأسه و يتناقل بين كتفيه مصدرا صوتا صغيرا أشبه بالصفير ،
و بدت عليه رغبة عارمة في اللعب.
‏_يكفي !!!

صاح كريس ساخطا و مفزعا السنجاب الذي وثب يختبئ داخل حقيبته المدرسية التي كانت فوق المقعد المجاور ،
جذبه كريس من ذيله المرتعش خوفا خارج حقيبته ،
دون أن يبدو عليه أي أسف لإخافته و وضعه فوق الطاولة قائلا :
‏_أنت أكثر حيوان مزعج على وجه الأرض !

ثم قرب إليه الطبق الذي كان يأكل منه ،
و الذي تبقى فيه شيء من رقائق الذرة التي كان يتناولها قائلا :
‏_بإمكانك أكل هذا ،
لكنك لن تذهب معي فلن أحتمل وجودك فوق رأسي طوال الوقت ،
ابقى هنا !!

أشار إليه بإصبعه بحزم و السنجاب يرمقه بعيونه الكبيرة و كأنه يفهم ،
ثم توجه كريس إلى غرفته ليجلب البحث الذي كاد ينساه بعد عنائه أمس في انهائه ،
و ما إن غاب داخل غرفته حتى قفز السنجاب داخل حقيبته يختبئ فيها من جديد.
عاد كريس خلال ثوان يحمل بحثه و دسه في الحقيبة دون أن يتمعن فيها ،
ثم أغلقها بسرعة و حملها متجها إلى الباب الذي ارتفع جرسه فجأة معلنا وجود زائر.
فتح كريس الباب :
‏_أهو أنت ؟!

تمتم محملقا في وجه صديقه "فرانك" ذي الابتسامة اللامعة و العيون البنية المتفائلة على الدوام ،
ثم ارتفع بصره تلقائيا إلى أعلى رأسه ،
إذ كان فرانك ينصب خصلات شعره الأشقر و يجعلها تتجه إلى أعلى على نحو شائك دوما.
و كان مظهره هذا يجعله يبدو عجيبا في نظر كريس.
ابتسم فرانك :
‏_واو .. يا له من ترحيب ، صديقي البطل !

‏_ظننت صديقك الوحيد هو جل الشعر !

‏_لا تصنع نكاتا حول شعري سيد بطل ،
و لا تعتقد لمجرد كونك صرت في الصفحة الأولى أني سأسمح لك بذلك !

قالها وهو يفرد صحيفة مطوية كان يحملها بيده أمام وجه كريس مبتسما ،
ثم واصل :
‏_على الأقل أنا لا أجول و على رأسي سنجاب !

انتزع كريس الصحيفة من يده وهو يحدق في المقال الكبير و الصورة الواضحة هاتفا بإرتياع :
‏_لقد فعلتها .. فعلتها ستايسي !!

ردد فرانك بتساؤل :
‏_ستايسي ؟!!

ثم أشار إلى كيس كبير كان يحمله قائلا بابتسامته اللامعة :
‏_على كل لا تكتئب يا صديقي البطل ،
لقد جئت لك بأدوات الشهرة التي تحتاج !

_أدوات ماذا ؟!

سأل كريس وهو يبتعد عن الباب ليفسح لفرانك مجالا لدخول المنزل.
‏_اسمع .. سنتأخر و أنا لا أريد أن أعلق مع "المفترس روجر" ،
أنت تعلم كم يمقتني !

وضع فرانك الكيس فوق الطاولة و قال :
‏_لا يمكنك لومه فأنت لست طالبا مثاليا أيضا !

‏_تقول هذا لأنه لا يطاردك ليل نهار كالكابوس الذي لا تستيقظ منه !

ضحك فرانك و قال :
‏_لا بأس ، لدي هنا الحل الأمثل لكل مشاكلك !

تطلع إليه كريس بتساؤل ،
فراح فرانك يشرح :
‏_المعروف أن كل المشاهير يحتاجون إلى أدوات معينة تساعدهم ،
ليتعايشوا مع ما تسميه أنت معاناة ،
و أنا ذهبت إلى متجر خاص وسط المدينة ،
كان صاحبه يبيع بأسعار معقولة جدا ،
و جلبت لك هذه الأشياء !

سأل كريس وهو ينظر إلى الكيس الذي انحنى فرانك يفتش فيه :
‏_عن أي نوع من الأشياء تتحدث ؟!

وجد فرانك وشاحا صوفيا رماه باتجاه كريس :
‏_هاك .. ارتدي هذا !

تأمل كريس الوشاح بمزيج من الدهشة و الغضب :
‏_و لكن الجو ليس باردا !

لم يسمعه فرانك الذي عاد يفتش في الكيس الضخم ،
فعاد كريس يستنكر :
‏_ثم إنه زهري اللون !

أخرج فرانك رأسه من الكيس و ابتسم بمكر :
‏_بالضبط .. لونه لافت جدا بحيث أن أحدا لن يلاحظك ،
بل ستتجه الأنظار إلى الوشاح الزهري ... خاصة بعد أن ترتديه مع هذه !

و رمى إليه بقبعة خضراء أيرلندية ،
هبطت فوق رأس كريس طويلة .. خضراء .. مناسبة تماما لمقاسه ،
لكنه أبعدها صائحا بغضب :
‏_و لكن ما الذي تفعله ؟!

عاد فرانك يفتش في الكيس قائلا :
‏_مهلا بقي شيء آخر.

ثم رمى إليه بنظارات شمسية داكنة اللون .. كبيرة العدسات ،
القى كريس القبعة و الوشاح من يديه ليلتقط النظارة قائلا بحدة :
‏_أتظنني سأرتدي هذه الأشياء فعلا ؟!
و لكن ما الخطة ؟! أن أظهر كالمهرج !!

صحح فرانك :
‏_بل أن تختفي عن أنظار الآخرين ،
أنت لا تحب أن تكون محط الأنظار صحيح ؟!
انه اجراء مؤقت حتى تتراجع نسبة شهرتك و تعود نكرة من جديد !



صحح فرانك :
‏_بل أن تختفي عن أنظار الآخرين ،
أنت لا تحب أن تكون محط الأنظار صحيح ؟!
إنه إجراء مؤقت حتى تتراجع نسبة شهرتك و تعود نكرة من جديد !

قال كريس مستنكرا :
‏_و ذلك سيتم عبر ظهوري كمغفل كبير ؟! أنت أكثر غباءا مما ظننت.

تلاشت ابتسامة فرانك وهو يعقد ساعديه و يهز رأسه :
‏_أتعلم شيئا ؟! أنت متطلب جدا و قصير النظر !

ضاقت عينا كريس :
‏_هل تسمي هذا إهانة ؟!!

هز فرانك كتفيه :
‏_أنا أعرف بأنك لست بطلا ،
و أعرف بأنك لن تتجشم عناء إنقاذ أي إنسان فأنت لا تكترث ،
و لكن الآخرين لا يعلمون ،
و بحسب معرفتي بك فإن خطتك العبقرية لمواجهة هذه المسألة هي عبر الهروب و الاختباء ،
و أنا بصفتي صديقا لا تستحقه قررت أن اساعدك في ذلك ...
و ها أنت تشكرني !!

زفر كريس و حاول الاعتراض على نحو اهدأ :
‏_حسنا .. أعلم بأنك تريد المساعدة ،
و لكن كن واقعيا فرانك هذا ليس حلا !

لوح فرانك بذراعه متهكما :
‏_و اختباؤك في سريرك يعد حلا ؟!!

هتف كريس :
‏_كيف علمت بشأن ال...

قاطعه فرانك وهو ينظر إلى ساعته :
‏_سنتأخر .. لم يعد لدينا وقت للجدال.

تمتم كريس بغضب :
‏_و ستكون أنت السبب !

خرج الاثنان على عجل و تحركا في طريقهما للمدرسة سيرا على الاقدام ،
و ظل فرانك يزعج‎ ‎كريس طيلة الطريق ..
بدعابات لم يجدها الاخير مضحكة ابدا





كان استقبال حافل في انتظار كريس فور عبوره بوابة المدرسة ،
و بجانبه فرانك الذي زينت وجهه بعض الكدمات كدليل على إعجاب كريس بدعاباته الأخيرة !

و ما إن أبصره التلاميذ الذين كانوا منشغلين كل في نشاطاته المعتادة ،
حتى أسرعوا يتجمهرون حوله على نحو لم يألفه من قبل .. يشيدون على شجاعته و بسالته بكلمات جعلته يصاب بحالة طارئة من الضيق !!

تراجع كريس متقهقرا عندما تدافع حشد من الفتيات باتجاهه كل واحدة منهن تقاتل الأخرى لتكلمه أولا !
و كأنه استيقظ فجأة ليجد نفسه نجما تلفزيونيا من نوع ما !!
شي يبعث على الجنون !

صاحت ساندي مسؤولة صحيفة المدرسة بشعرها الزنجبيلي المجدل و نظاراتها الطبية من بين الحشد الكبير :
‏_لحظة .. أريد إجراء مقابلة لصحيفة المدرسة من فضلك !

صاح كريس الذي تزايد انزعاجه فور سماعه لتلك العبارة :
‏_شيء مستحيل .. هذا لن يحدث أبدا !!

دفعت بها بضع فتيات خارج التجمهر بلؤم بالغ بعد ذلك الرفض العنيف !
لتصبح مجموعة الفتيات تلك في أول الحشد حول كريس ،
يطالبنه بسرد القصة بحماس منقطع النظير ... و عيون ترمش بخفة ..
و ابتسامات ساحر‎ة ‎أهدوها ‎لكريس ‎بإفراط !‏‎!

ازدرد كريس ريقه بصعوبة ... و هذا نوع آخر من الشهرة لم يحسب له حسابا !!

هتف فرانك الذي تقدم ليقف مواجها الحشود ،
واضعا على وجهه نظارته السوداء الكبيرة ،
ليتصرف كمدير أعمال عتيد :
‏_تراجعوا .. تراجعوا قليلا !!

قالها ملوحا بيده ،
ثم أردف مخاطبا الفتيات و كريس يرمقه بدهشة :
‏_لتدفع كل من تريد البطل الوسيم هنا رفيقا لها في موعد !

استنكر كريس و مجموعة الفتيات في آن واحد :
‏_ماذا ؟!!

ضحك فرانك بخفة ،
ثم أخرج الجريدة التي كانت صورة كريس و المقال المنصوص حوله تحتلان الصفحة الأولى عليها ليريهم إياه ،
و قال وهو يعدل نظارته الشمسية فوق عينيه مواصلا عمله كمدير أعمال خبيث :
‏_الأمر سهل جدا و واضح يا آنساتي ،
سنحل الأمر بطريقة هوليود العصرية ،
السيد كريس هاجاي هنا شخص شهير الآن لذا سيكون رفيق الفتاة التي ستدفع أكثر !!

اتسعت عينا ساندي التي كانت تقف في الخلف ،
و إنزلقت نظاراتها الطبية فوق أنفها و هي تتمتم :
‏_لا أكاد أصدق !!

أقسمت أنها تكاد ترى بريق عينيه الجشع خلف نظارته الشمسية الداكنة.

تلقى فرانك ضربة على رأسه جعلته يكاد يوقع نظارته ،
فإستدار غاضبا إلى كريس الذي سحبه من ذراعه متجاوزا حشد الطالبات بسخط ،
حتى توقفا في زاوية بعيدة :
‏_و لكن ما خطبك ؟!!

سأله كريس بكل ثورته و حنقه و واصل :
‏_تجمع المال لقاء مواعدتي للفتيات ؟!!
و تجعل المسألة تبدو أهم مما هي عليه ؟!!
ماذا حصل لخطة الاختفاء عن الأنظار ؟!!

عدل فرانك قميصه الأنيق و أجابه بلامبالاة :
‏_اسمع .. عليك تقبل الأمر ،
الوضع لن يتغير و إذا كنت ستبقى مشهورا و شعبيا لفترة فالأفضل أن نستفيد من ذلك ،
هيا .. لا يمكنك الاعتراض !!

انفتحت عينا كريس باستنكار :
‏_مستحيل ... أنا لا أواعد الفتيات ،
و إن أجبرت على ذلك فاني حتما لن أتقاضى المال لقاء هذا !!!

ابتسم فرانك :
‏_جيد إذا ...

و إلتمعت عيونه البنية خلف نظارته بجشع :
‏_دعني أنا أتقاضى المال بالنيابة عنك و سوف ...
آه .. توقف عن ضربي و إلا ستندم !!

عقد كريس ذراعيه يرمقه بعبوس :
‏_بل أنت من سيندم إن لم تعد لعقلك !

‏_هاجاي .. كنت أبحث عنك !

التفت الاثنان نحو "كورتني" قائدة فريق المشجعات ،
و الفتاة الشقراء الفاتنة التي أنقذها كريس قبل يومين من الحريق !
‏_حقا ؟!!

تمتما معا باستغراب فلم يكن أي منهما معتادا على أن تخاطبهما .. كورتني ،
نجمة فتيات المدرسة و أكثرهن شعبية و غرورا !
رسمت كورتني ابتسامة متألقة جذابة شأن فتاة تدرك جيدا حجم الجمال الذي تملكه ،
و ابتسامتها تلك .. أوحت بطريقة ما .. بما تريده منهما .. من كريس خاصة !


‏*~انتهى الفصل الثالث ،،



__________________




افتَقِدُني
music4

  #60  
قديم 02-19-2013, 10:40 AM
 
Talking

ﺑﻄــﻞ ﺭﻏــﻢ ﺃﻧﻔــﻚ !! ،*








الفصل الرابع :







جعدت تلك الفتاة الطفولية الوجه ذات الشعر الأسود القصير ،
مجموعة أوراق كانت تحملها في يدها ،
تماما كما قطبت جبينها بانزعاج و هي تنظر بإهتمام بالغ ،
إلى كريس و صديقه يقفان مع تلك الفتاة المدعية كورتني هيلز !
همست تخاطب نفسها :
‏_ليس كريس هاجاي أيضا !

رأتها تمد يدها وهي تضحك لتعدل له ياقة معطفه المرفوعة ،
فعضت على شفتيها بحنق بالغ .. غمغمت :
‏_يا الهي كم أكرهها !!

لم تحاول تفسير سبب غضبها هذا ،
و هي تتحرك إلى داخل المدرسة .. مبتعدة عن ذلك المنظر !
لا حاجة لأن تعرف السبب .. لقد كان يريحها دوما أن ترى كريس الوحيد الذي لا يبدي إهتماما بتلك المدعية ،
و حين أنقذ حياتهما بالأمس ... اعتقدت .. اعتقدت ..
توقفت قليلا .. تسأل نفسها بحزن :
‏_اعتقدت ماذا "ساليا" ؟!!

لم تجد أي جواب في أعماقها المضطربة ،
كل ما تعرفه هو شعورها الغريب تجاه كريس ،
تحركت بهدوء مواصلة طريقها إلى صفها .. تحاول قدر استطاعتها تناسي ذلك المشهد !












ابتسمت كورتني ابتسامة جذابة و قالت :
‏_لم تسنح لي الفرصة لأن أشكرك كما ينبغي يا هاجاي ،
أنت تعلم .. على إنقاذك لحياتي قبل أمس !
أوه ... دعني أصلح لك هذا !

ضحكت محركة أناملها المطلية الأظافر إلى طرف ياقة معطفه ،
تعدله وهي تقترب خطوتين قلصت بهما المسافة بينهما بشدة !

عقد فرانك ذراعيه يتفرج بتسلية على كريس الذي ارتبك مبعدا يدها عنه ،
و متراجعا إلى الوراء خطوة .. ليعدل معطفه بنفسه ، تمتم :
‏_لا شيء يستحق الشكر .. صدقا !

قالت كورتني محاولة عدم إظهار خيبتها من حركته الرافضة :
‏_كيف تقول هذا يا هاجاي ؟! لقد قمت بعمل عظيم هناك و كنت شجاعا ،
و لأجل هذا .. أنا .. قررت .. أن ..

أشار إليها فرانك و كأنها يستحثها على المتابعة ..
بدا و كأنه يرى مشهد الذروة في فيلم شائق !
في حين بقي كريس ينظر إليها بوجه كان الضجر عنوان ملامحه ،
ابتسمت له بخجل مصطنع ، ما كانت كورتني مترددة فعلا لكن الإعلان الهام الذي توشك أن تقوله يتطلب منها ذلك !

ألقت شعرها الذهبي الحريري خلف كتفها باناقة ،
و أعلنت :
‏_سأسمح لك بأن تحمل كتبي من اليوم وصاعدا هاجاي !

تلاشت ابتسامة فرانك ببطء و استبدلها تعبير بلاهة مضحك ، تمتم سائلا :
‏_ماذا قالت ؟!

عبس كريس مضيقا عينيه دون أن يعلق بشيء ،
أثار ذلك حفيظة كورتني فعادت تلقي بشعرها الحريري إلى الخلف ،
تتساءل بينها و بين نفسها أين اختفى تأثير حركتها هذه على الفتيان !!
‏‎كررت ‎بذات‏ الابتسامة‎ :
‏_لقد قلت .. أسمح لك من اليوم بحمل كتبي و أشياءي .. و كذلك شراء الغداء لي يا هاجاي !

ظل الثلاثة للحظات يتبادلون النظرات بصمت و على وجوههم تعابير مختلفة ،
حتى كسر كريس الصمت سائلا ببطء :
‏_دعيني أفهم هذا جيدا ...
لأنني أنقذت حياتك .. يتوجب علي أن ... أتحول لخادمك الخاص ؟!!!

صاحت كورتني بعصبية :
‏_كلا أيها الأحمق ..
إن هذا يعني أنني أجعل منك رسميا حبيبي الجديد ،
‏‎أنت الأكثر شعبية الآن و من ‏‎البدهي أن نكون معا ‏‎!!!

تنهدت لتسيطر على أعصابها و عدلت شعرها من جديد مغمغمة :
‏_الأولاد ... كم هم بطيؤو الفهم !!

نظر إليها كريس رافعا حاجبيه بغير تصديق ،
في حين ضحك فرانك قائلا بمكر :
‏_واو .. انه عرض مغري بالفعل !

‏_اخرس أنت !!

صاح فيه كريس بسخط ،
و ارتفع جرس المدرسة معلنا بدء موعد الدرس الأول ،
فقالت كورتني مغادرة :
‏_سأنتظرك اليوم بعد الدروس .. لا تتأخر !

‏_و لكني لم أوافق !

صاح كريس من خلفها لكنها لم تسمعه ،
احتقن وجه كريس وهو يهتف بغضب :
‏_لقد سئمت حقا ،
يرونني بطلا و يرفضون سماعي كإنسان !!!

ارتفعت ضحكات فرانك الشامتة إلى جواره و هما يتوجهان إلى مدخل المدرسة.
‏_أتعلم ماذا ؟!
لدي رغبة في أن أدق عنق أحدهم ،
و هذا الاحد هو أنت !!

قالها كريس عابسا في وجه فرانك الذي ضحك من جديد :
‏_و ما علاقتي أنا ؟!
لا شأن لي بك أو بحبيبتك الجميلة ،
أتعلم ؟! سمعت أن صحبتها ممتعة !!

ضيق كريس عينيه :
‏_لا أدري لماذا يراودني شعور بأنك مستمتع بكل هذا ؟!

إجابة فرانك كانت بابتسامته المستفزة التي اتسعت أكثر ،
أطلق كريس تنهيدة :
‏_كان علي البقاء في البيت !










سار كريس عابرا مدخل المدرسة ،

طويل القامة ،
أسود الشعر عسلي العينين ،
وسيم غير أنيق ،
عابس على الدوام ،
يتجاهل أي شخص يحاول مخاطبته !!

بينما سار فرانك إلى جواره ،

بابتسامته المعهودة ،
و تسريحته الفريدة ،
يلقي التحية على الجميع بمرح ،
و أحيانا يرد التحية بالنيابة عن كريس بابتسامة معتذرة ،
فهو يعلم كم هو غاضب من شعبيته الجديدة .. الغبية كما يسميها !!

كانا يعبران ممرات المدرسة الكبيرة ،

و فرانك يلقي بدعابة كل دقيقة عن تصرفات كريس الغير منطقية !!


_اصمت و إلا حطمت رأسك !

هتف كريس كريس مغتاظا بينما ضحك فرانك منه.
‏_مكانكما !!!

جعلهما ذلك الصياح الفجائي يجفلان ،

كلاهما تعرف على الصوت حتى قبل أن يستديرا ليريا صاحبه يتقدم ليقف أمامهما !
رفعا بصرهما ببطء لوجه ذلك الرجل الضخم الذي تقلص إلى جواره طولهما الواضح عادة !
كان حاجباه الكثيفان يكادان يتلامسان وهو يعقدهما بصرامة شديدة ،
و تلك الندبة الكبيرة على خده الأيسر ،
و التي تأبى إلا أن تكون الدليل الحي على رواية التلاميذ التي يتناقلونها ،
بخصوص كونه قد خدم في الجيش سابقا و طرد منه لعنفه و قسوته البالغين ،
تمنحه مظهرا مخيفا !

توقع كريس وقوعه في المتاعب كالعادة ،

عندما وجد الرجل المفترس روجر ،
نائب مدير المدرسة يرمقه بشكل خاص ،
متجاهلا صديقه الواقف بجانبه !
لكن الرجل القاسي الوجه دوما ابتسم فجأة ..
و على نحو مباغت و مستحيل الحدوث ،
فطوال فترة دراسة كريس هنا .. بل و طوال مدة عمل روجر نفسه في هذه المدرسة ،
بحسب الشائعات .. لم يسبق و أن ابتسم روجر في يوم !
مما جعل كريس و فرانك يرتدان للخلف بصدمة !!

قال روجر موجها حديثه لكريس و ابتسامته الكئيبة تبعث على القشعريرة :

‏_سيد هاجاي ،
اسمح لي أن أقول أن ما فعلته في حادثة الحريق كان عملا بطوليا بحق أهنئك عليه !

لم تدل نبرة صوته على الود ككلماته ،

اتسعت عينا كريس و بقي صامتا و روجر يربت على كتفه مواصلا بصوته الغليظ الخشن :
‏_ثانويتنا تفخر بك بكونك واحدا من طلابها أيها الفتى !

قال كلماته المقتضبة ثم سار مواصلا طريقه و قد اختفت ابتسامته بنفس سرعة ظهورها !

بقي كريس متسمرا في مكانه ،
يحدق حيث كان روجر يقف هامسا :
‏_هل قال للتو .. أن ثانويتنا فخورة بي ؟!!
هل كان ذلك استحسانا ؟!

في حين همس فرانك الذي كان متسمرا هو الآخر إلى جانبه :
‏_أرأيت ذلك ؟! روجر المفترس ... ابتسم ؟!!

التفت إليه كريس بحدة و قال مستنكرا :
‏_ماذا دهاك ؟! روجر المفترس لا يبتسم !

عقد فرانك حاجبيه بريبة :

‏_بلى لقد ابتسم ،
و أنت رأيت هذا أيضا ،
لم تبدو ابتسامة كسائر البشر ،
لقد كانت أقرب إلى ابتسامة الوحش الشرير في ذلك الفيلم المرعب !

تكلم كريس و كأنه يتحدث عن طيران الإنسان دون أجنحة :

‏_لا أحد سيصدق ذلك !

أجابه فرانك ضاحكا :

‏_لكن هذا ما حصل ،
و هذا يعني أن هناك أملا لأن تبتسم أنت أيضا ذات يوم !

تجهم كريس :

‏_أحمق !

‏_أتتشاجران كالعادة ؟!


التفت كريس و فرانك إلى جودي التي نطقت العبارة مبتسمة بمرح ،
كانت تقف خلفهم و هي تعقد يديها خلف ظهرها ،
تحمل أكبر حقيبة مدرسية على الإطلاق !
‏_لا أدري كيف تسميانها صداقة و أنتما تقضيان جل وقتكما في الشجار !

اضافت جودي وهي تخطو مقتربة بخفة ،
فتراقصت خصلات شعرها البني حول وجهها ،
رغم أنها حاولت إبعادها بشريطها الزهري الذي يزين منتصف رأسها.

ارتسمت ابتسامة جميلة على شفتي فرانك وهو يرمقها ،

بينما أجابها كريس :
‏_نتشاجر كثيرا لكن الحياة تستمر ،
هذه هي صداقة الذكور !

ثم ضاقت عيناه بانزعاج وهو ينظر إلى فرانك ،

الذي ينقلب دائما ليصير شخصا آخر في حضرة جودي اللطيفة ،
فيصبح لطيفا بقدرها و أكثر أحيانا !
تململ فرانك في وقفته قليلا و ابتسامته اللامعة تزين وجهه :
‏_مرحبا !


‏_مرحبا !

كانت تلك التحية القصيرة هي كل ما تبادلاه فرانك و جودي من كلمات ،

لكنهما ظلا واقفين يبتسمان و يحملقان بوجه بعضهما البعض !
أدار كريس عينيه إلى الأعلى و تنهد متذمرا ،
الحوار الصامت الذي يدور بين هذا الثنائي العجيب يستمر لدقائق عادة دون أن يقول أيهما أي شيء ،
يتخاطبان بلغة غير مفهومة و لا يقدران قيمة الوقت !!

زفر كريس بملل ،

بحق الله من سمع عن شخص يقضي الوقت في التحديق الصامت ؟!
حاول كثيرا دون جدوى فهم ما يدور بينهما في الخفاء ،
و في هذه اللحظة بالتحديد إلتمعت عينا فرانك و توردت وجنتا جودي دون أن تتحرك عينيها عن عينيه !
ارتفع أحد حاجبي كريس و تساءل .. ما الذي يفوته ؟!
لكنه سرعان ما فقد الرغبة في فهم ما يجري ،
فلم يكن من هواة الظواهر الغريبة أو الخارجة عن المألوف !
هز رأسه متذمرا :
‏_ألا يفترض بنا التواجد في مكان آخر ؟! كالفصل مثلا ؟!

قطعت عبارة كريس ذلك التواصل الغامض ،

فتنحنح فرانك ملتفتا إليه :
‏_بلى .. بلى .. لم يبدأ الدرس بعد هيا بنا.

و أضاف بابتسامة :

‏_من بعدك عزيزتي !

ابتسمت له جودي برقة جعلته يشعر بخفة تسمح له بالطيران !!

ثم سألت و قد تذكرت فجأة :
‏_ماذا كان يريد روجر المفترس منكما ؟!

توجهوا إلى خزاناتهم و قال فرانك وهو يفتح خزانته التي كانت الأقرب :

‏_لقد كان يهنئ كريس على عمله البطولي !

ضربت جودي جبهتها بيدها بخفة :

‏_صحيح ... لقد نسيت موضوع الحريق تماما بالطريقة التي أصلحوا فيها المدرسة ،
لقد كنت رائعا كريس !

قلب كريس شفتيه بعبوس :

‏_ليت الجميع ينسى مثلك !

واصل فرانك وهو يبتسم :

‏_ثم ابتسم روجر و ربت على كتفه قائلا :
ثانويتنا فخورة بك أيها الفتى !!

قالها وهو يقلد نبرة صوته الخشن ،

ضحكت جودي وهي تخرج الكتب من خزانتها :
‏_روجر المفترس كان يبتسم ، غير معقول !!

أغلق كريس باب خزانته و تمتم :

‏_كان أشبه بثعبان ضخم له ندبة كبيرة ،
لا شيء فيه يبعث على الراحة !

غمغمت جودي :

‏_أظنني سأرى كوابيس الليلة !

ضحك فرانك و هم يسيرون متوجهين لفصل الأحياء حيث كان درسهم الأول ،

لكن جودي توقفت فجأة تنظر لمشهد أقلقها ،
حيث كان أربع أولاد ضخام ملتفين حول صبي ضئيل الجسد يحاصرونه ،
توقف كريس و فرانك عن السير و التفتا إلى حيث تنظر جودي ، فسألتهما :
‏_ما الذي يفعلونه ؟!

القى كريس و فرانك نظرة على المشهد و بديا غير مكترثين كثيرا ،

أجاب فرانك :
‏_إنه "كونور" المشاكس و الفتى بالنظارات الضحية "رودي" ،
إنه يطلب نقود غدائه حسبما أعتقد !

‏_هيا بنا !

قال كريس بلامبالاة وهو يستدير ليواصل طريقه ،
و هم فرانك باللحاق به حين هتفت جودي باستنكار :
‏_مهلا .. أين تذهبان ؟!
ألن نفعل شيئا لمساعدته ؟!

أجاب كلاهما بصوت واحد :

‏_كلا !!

عقدت جودي حاجبيها غاضبة :
‏_لا أصدق كم أنتما غير مباليان !
ماذا لو كان أحدكما مكان ذلك الفتى المسكين ؟!

تبادل كريس و فرانك النظرات للحظة ،
ثم انفجر فرانك ضاحكا في حين هز كريس رأسه علامة النفي قائلا :
‏_هذا لم يحدث يوما و لن يحدث أبدا !

شدت جودي ساعديها حول كتبها بغضب :

‏_و لما هذه الثقة أيها القويان ؟!
أنتما لا تجاريانهم حجما !

نظر كريس إليها و راح يشرح و كأنه يخاطب طفلا :

‏_أنا يا جودي إنسان غير مرئي ،
كنت على أي حال .. لذا لا أتعرض أبدا للمضايقات ،
أما فرانك فهو ... في الحقيقة لست أعلم ،
هيي فرانك .. كيف لا تكون هدفا لكونور و رفاقه ؟!!

وجه سؤاله الأخير لفرانك ، فتنحنح الأخير بغرور قبل أن يجيب :

‏_وحدهم الأغبياء يكونون مستهدفين !

‏_إنه رئيس نادي الرياضيات !

أخبرته جودي معترضة ،
و وافقها كريس :
‏_معها حق ، فرودي أذكى منك في الغالب !

هز فرانك سبابته نافيا :

‏_أنتما ساذجان ، ففي الحقيقة يوجد نوعان من الذكاء ،
و رودي المسكين يملك الذكاء الغير ذي فائدة !

بادره كريس ساخرا :
‏_مما يترك لك ماذا ؟! الذكاء المفيد ؟!

وافق فرانك :
‏_بالضبط يا صديقي !

فتمتم كريس :

‏_أنت تدرك أنه كي تكون ذكيا عليك امتلاك عقل أولا !

‏_أوه .. أحقا ؟! و ماذا يوجد داخل هذا الرأس إذا ؟!


‏_فراغ تام !!


صاحت جودي لتقاطع جدالهما :

‏_يكفي سخفا ،
إن لم ترغبا في المساعدة أيها الجبانان فلا بأس ، ساتصرف وحدي !

ضربت كتبها بصدر فرانك بقوة هاتفة :

‏_أمسك هذه لحظة !

ثم رفعت أكمام كنزتها البيضاء تشمر عن ساعديها و هي تتجه إلى كونور و رفاقه !

تمتم كريس ساخرا :
‏_واو .. جريئة للغاية ، إنها أشجع منك ... يعجبني ذلك !

هتف به فرانك وهو يتحرك ليلحقا بها :

‏_اخرس !!








_هيي .. أنت !

وقفت جودي أمام كونور الأسمر الضخم ،
ذي الرأس الحليق بشكل غريب ،
كان قد أخذ المبلغ المالي الصغير من رودي و استمر يطالبه بالمزيد.

_ماذا ؟!

التفت يسألها ، فسارعت تقول بشجاعة :
_دعه و شأنه و أعد إليه نقوده !

نظر إليها كونور ببله للحظة ،
ثم انفجر ضاحكا هو و رفاقه حين استوعبوا كلامها !

_تريدك أن تعيد إليه نقوده !

قال واحد منهم ، و سخر آخر :
_و ماذا تكونين ؟! محاميته ؟!!

جعلتها ضحكاتهم المستخفة تغضب ،
لعله كان سذاجة منها أن تعتقد أن المسألة ستحل بالكلام فقط .. لكنها حارت الآن كيف تتصرف !
ربت فرانك على كتفها قائلا :
_اهدئي جودي ،
فحتى رودي لا يرغب بتعريض نفسه لمهانة أن تدافع عنه فتاة !

التفتت جودي خلفها و وجدته يقف بجوارها ،
هو و كريس الذي كان يشعر بانزعاج كبير لأنه لم يتجاهل الموقف برمته و يواصل طريقه من البداية !

_هل لديك أي إقتراح ؟!

سألت جودي وهي ترى كونور و رفاقه الثلاث يتركون رودي و يلتفتون إليهم الآن !

فخاطبه كريس في محاولة يائسة لتجنب القتال :
_دعونا لا نثير مشكلة يا شباب ، المشاكل مرهقة !

كانت إجابة كونور بالإيجاب :
_بالطبع .. لا مشاكل بيننا و بين هاجاي ، بالنسبة لك و للفتاة يمكنكما الذهاب !

رفع فرانك أحد حاجبيه :
_لا أرغب في أن أبدو سخيفا لكن .. لماذا تستثنيني أنا ؟!!

ابتسم كونور بخبث :
_لن يمر تدخلكم هذا بسلام ،
و على أحد أن يدفع الثمن !

بدل أن تزعجه تلك الكلمات .. هز فرانك رأسه بما بدا حكمة :
_أنا أفهم .. أنت إنسان شرير و أنا أحترم ذلك !
و لكنك لا تجيد الأستفادة من طاقاتك الشريرة !!

استنكر كونور :
_و لكن بماذا تهذي أيها الأحمق ؟!!

ابتسم فرانك بدهاء :
_قد لا تدرك ذلك لكن كل إنسان يمكن أن يفيد في شيء لا يجيده غيره ،
رودي لا يملك الكثير من النقود لكنه رئيس لنادي الرياضيات ،
يمكنه أن يحل وظائفك شرط أن يحتفظ بماله !

عرض فرانك ببساطة و كأنه بائع يعرض سلعة جديدة ،
دون أن يسأل رودي عن رأيه حتى !

هز كونور رأسه باقتناع مفاجئ :
_في الحقيقة .. هذه فكرة جيدة !

أكد فرانك مغترا :
‏_بالطبع هي كذلك !


و لدهشة جودي و كريس الذين راقبا صامتين ،
أعاد كونور النقود لرودي و أمره بأن يحل وظائفه من الآن وصاعدا ،
و مما ضاعف دهشتهما .. كان رودي الضعيف راضيا و سعيدا بهذا الخيار ،
فإنصرف سريعا قبل أن يحدث أي تغيير في الرأي.
دفع كونور فرانك فجأة فكاد الأخير يتعثر ،
نظر إليه دون أن يتفاجأ بينما قال كونور بخبث :

‏_قلت يا هذا أن كل إنسان يفيد في شيء ما ،
و أنا أتساءل بماذا استفيد منك !!

اعتدل فرانك في وقفته كما عدل من ملابسه الأنيقة قائلا ببساطة :
‏_لا تكن طماعا يا صاحبي ،
لقد قدمت لك للتو خدمة و أنت مدين لي لأن فروضك ستحل نفسها من الآن وصاعدا !

قرقع كونور أصابع قبضتيه القويتين و ابتسامة شرسة ترتسم على شفتيه ،
كونه متنمرا مستبدا ، و مغرورا غبيا ،
فقد كان يريد أي سبب ليستعمل قبضته و يقدم عرضا لقوته ، قال :
‏_لست مدينا لك بشيء ،
و أنا لا أحبذ التدخل في شؤوني أبدا !

شعر كل من كريس و جودي بالقلق مما على وشك الحدوث ،
فأي قتال قد يبدأ لن يكون عادلا مطلقا ..
فبالإضافة إلى حجم كونور الذي كان أكبر من أي فتى مثل سنه ،
كان معه ثلاثة آخرون.

كان كريس قد ضاق ذرعا بهذا الأمر فانفجر بكونور غاضبا :
‏_أتعلم بأنك مغفل !!
ما الذي تريد إثباته بأفعالك ؟! أن تصرفك كثور عنيف شيء مميز ؟!
إليك خبرا جديدا : إنه ليس كذلك !!
إن تصرفت كثور فهذا ما ستكون عليه يا عديم العقل !!

شعر كريس بالضيق فور تفوهه بتلك الكلمات ،
لم يكن نادما أو خائفا ، و إنما متضايقا من فكرة كونه سيتعارك مع هذا الكونور الآن لا محالة !
كان ضيقه نابعا من تفكيره بالجهد الذي سيبذله في قتاله و بالضجة التي ستحصل سواء أخسر أم ربح هذا العراك !
لقد كان كسولا بشكل مستحيل الحدوث و هذا كان سبب ضيقه !

صاح كونور بشراسة :
_لقد جنيت على نفسك .. كنت أنوي تركك تذهب و لكن لا !!

هتفت به جودي حين رأته يسحبه من تلاليب قميصه :
_دعه أيها البغيض !

نهرها أحدهم :
_التزمي الصمت أيتها الحمقاء !!

ما إن نطق بها واحد من الفتية الثلاث حتى أصابته لكمة سريعة في وجهه أوقعته أرضا ،
التفت الجميع إلى فرانك الواقف ينظر إلى الفتى الذي ضربه ،
و قد تغير تعبير وجهه الودود و المرح إلى شيء غاضب و صارم بشدة ، قال :
_لا تجرؤ و تهنها ثانية و إلا حطمت وجهك !

اتسعت عينا جودي التي كانت تنظر إليه بما بدا مزيجا من الدهشة و التأثر !
و بدا أن المشكلة التي أقحموا أنفسهم فيها الآن .. ستختم بالاقتتال لا محالة !






*~نهاية الفصل الرابع...

__________________




افتَقِدُني
music4


التعديل الأخير تم بواسطة Prismy ; 02-20-2013 الساعة 09:33 AM
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ياصاحبي محـتاج منـــك دقايــــق.. hissrahif أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 06-11-2012 09:00 AM
ياصاحبي محـتاج منـــك دقايــــق.. hissrahif محاولاتك الشعرية 1 05-21-2012 03:46 PM
ريواية بقلمــي / جروح الحياة الطالبة المجنونة أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 28 06-29-2011 05:22 PM


الساعة الآن 07:38 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011