عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام العامة > مواضيع عامة

مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين.

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 05-01-2013, 09:08 AM
 

الأقلية المسلمة في بنما
03/10/2012
مجلة البيان العدد 301
******
بنما..هي إحدى دول أمريكا الوسطى، تقع شمال أمريكا الجنوبية.. وهي التي تربط بين الأمريكتين.. وهي التي تحجز المحيط الأطلنطي عن المحيط الهادي..
******
تحدّها من الشمال:جمهورية كوستاريكا.. ومن الجنوب: كولومبيا.. ومن الشرق: البحر الكاريبي.. ومن الغرب: المحيط الهادي..
وتعتبر بنما من أقل دول أمريكا الوسطى سكاناً.. فعدد سكانها نحو 2 مليون ونصف مليون نسمة، ويبلغ عدد المسلمين نحو 15 ألف نسمة.
******
من أهم معالمها قناة بنما التي تعتبر من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم وتصل بين المحيط الهادي والبحر الكاريبي والمحيط الأطلسي بواسطة ممر مائي يمر خلال برزخ بنما، وقد بدأت العمل في عام 1914م..
******
وكانت بنما مستعمرة إسبانية منذ عام 1551م حتى حصلت على استقلالها وانضمت إلى الأمم المتحدة في 13نوفمبر سنة 1945 م. ونظام الحكم فيها جمهوري.. والعاصمة هي مدينة "بنما"، واللغة الإسبانية هي اللغة الرسمية.. والعملة المتداولة هناك اسمها "بَالْبُو"..أهم المدن: بوكاس، جيركي، كولون، وفراكوس.
******
الجماعات العرقية:
******
58.1 % متسيزو.
14 % مولاتو.
6.7 % الشعوب الأصلية في الأمريكتين.
8.6 % بيض.
5.5 % آسيويون.
7.1 %آخرون.


الأديان:
رومان كاثوليك (85 %).
بروتستانت(14 %).
مسلمون وأديان أخرى (1 %).
******
وقد عرفت بنما الإسلام في القرن العاشر الهجري، حيث هاجر إليها عدد من مسلمي الأندلس وبعض المسلمين من الشام.. وقد جلبت إسبانيا العديد من المسلمين عندما فكّرت في حفر قناة بنما في عام 1299 هجرية (1881ميلادية).. وذلك بعد نجاح حفر قناة السويس في مصر.
ويتكون المجتمع الإسلامي في بنما من مسلمي الهند وباكستان والصين وإفريقيا والعرب.. إلى جانب عدد من الهنود الحمر سكان البلاد منذ القدم.
******
وشهدت بنما في السنوات الأخيرة إقبالاً متزايداً على اعتناق الإسلام.. فأعلن أكثر من ألف شخص إسلامهم.. كما تم تأسيس بعض المساجد الجديدة والمدارس الإسلامية.. ووصلتها هجرات إسلامية معاصرة من مسلمي الهند والصين والشام.. وتنظّم المراكز الإسلامية في فنزويلا وترينداد زيارات دورية إلى بنما لدراسة أحوال المسلمين وتقديم المساعدات اللازمة لهم وتزويدهم بترجمات معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية والكتب الدينية بهذه اللغة.. حتى أصبحت الأقلية المسلمة ذات هوية أصيلة ومعترف بحقوقها في البلاد.
******
عدد المساجد في بنما تسعة مساجد موزعة في العاصمة وبقية المدن، من أهمها: المسجد الكبير في العاصمة بنما وهو تابع للمركز الثقافي الإسلامي في بنما، وكذلك المركز الثقافي الإسلامي في مدينة كولون، ومسجد سليمان بيكو وهو أقدم مسجد في بنما أنشأه سليمان بيكو وهو مسلم هندي في عام 1998م وألحق بالمسجد عمارة كبيرة يقوم على تأجير شققها للصرف على المسجد من ريعها.
******
أهم مطالب المسلمين:
********
إنشاء المدارس الإسلامية وزيادة عدد المساجد وزيادة عدد الدعاة وكتب التفسير والحديث باللغة الإسبانية، فضلاً عن تدريب الدعاة من مسلمي بنما على العلوم الشرعية والتأييد السياسي من الدول العربية والإسلامية لتدعيم الأقلية المسلمة وتأسيس قناة إسلامية وجريدة رسمية لهم.
******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 05-01-2013, 09:25 AM
 

مميزات وعدل القضاء الإسلامي
23/09/2012
د. راغب السرجاني
******
تتملك الدهشة كلاًّ مِنَّا حينما يقرأ في تاريخ مؤسسة القضاء الإسلامية، وإسهاماتها الواضحة في مسيرة الحضارات الإنسانية كلها؛ لقد أتت هذه المؤسسة بكمٍّ هائل من التنظيم والدقة والإبهار، لم تعرفه أي مؤسسة قضائية كانت قبل الإسلام، أو حتى بعد الإسلام إلا منذ عهد قريب جدًّا، ولا ريب في ذلك؛ فقد استقت هذه المؤسسة أحكامها وتشريعاتها من الشريعة الإسلامية الغرَّاء، التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، فكانت تطبيقات هذه المؤسسة عبر مئات السنين تراثًا حضاريًّا زاخرًا، استفادت منه الأمم الغربية في واقعها، فتقدَّمت وعَلَتْ، وتمسكنا نحن ببعضه، فأصبحنا تابعين بعدما كنا أصحاب المكانة والمقدمة.
******


إن أهم ما تميزت به الحضارة الإسلامية على غيرها من الحضارات الأخرى، أنها جاءت بمجموعة من الأنظمة القائمة على قيم تستمدُّ تعاليمها من رب العالمين، فلا تتغير ولا تتبدل ولا تخضع للأهواء؛ لذلك فإن البشرية قبل وجود الحضارة الإسلامية لم تعش في هذه الحالة من الصفاء النفسي والروحي، التي أضفتها الحضارة الإسلامية على العالم؛ ولذلك كانت هذه القيم بمنزلة الإطار الجذاب الذي انبهرت به الإنسانية، من خلال رؤيتها للتطبيق الفعلي لحضارتنا العريقة.
******

مميزات القضاء في الإسلام:
************
وأكثر ما تميزت به المؤسسة القضائية الإسلامية أنها جعلت العدل غايتها في التعامل مع كل من يقف أمام مؤسساتها، ولكن لم تكن مؤسسة القضاء وحدها التي تمتعت بهذا المبدأ، بقدر ما تمتعت به الأمة الإسلامية كلها؛ إذ كان الحرص على العدل وتطبيقه، مبدأً أساسًا في بناء الحضارة الإسلامية.
وقد استقى المسلمون هذه القيمة العظيمة من خلال الوحي الرباني الكريم، من مصدريه: القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة ؛ ولذلك فقد روى أبو ذر عن النبي فيما روى عن الله i في الحديث القدسي أنه قال: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْـمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالـَمُوا"( رواه مسلم) ومن هنا أدرك المسلمون قيمة العدل، ووجوب تطبيقها فيما بينهم.
******
ولم يكن تطبيق العدل فيما بين المسلمين وبعضهم فقط، بل أمرنا الله iبضرورة التعامل بالعدل مع من نكرههم ونبغضهم، وهو ما كان جديدًا في ساحة التعامل العالمي، ومن ثَمَّ قال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} [المائدة: 8].
بل أكد الإسلام على ضرورة التعامل بالقسط مع غير المسلمين، وحذَّر من انتقاصه حقه، أو ظلمه لضعفه، أو خيانته، فقال النبي : "مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ حَقًّا، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ؛ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(أبو داود).
******

ولذلك حمَّل الإسلام الجماعة المسلمة مسئولية تحقيق العدل فيما بينهم، أو مع غيرهم، وقد آجرهم على ذلك، وهو ما يُخبر به النبي بقوله: "تَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ" ( البخاري).
بل الأكثر من ذلك، فقد حذَّر الإسلام المتخاصمين بعدم تزييف الحقائق، والإتيان بالحجج والأدلة التي تؤيد له وجهة نظره، وتُعينه على أخذ حق غير حقه، ولا شكَّ أن هذه التربية الإسلامية القويمة، هي مما تجعل ضمير المسلم يقظًا ضد كل شرٍّ، حذرًا من كل تدليس أو تغيير للحق؛ ولذلك قال النبي : "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْـحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ" (البخاري).
******

ومن هنا، نُدرك أن الحضارة الإسلامية، إنما جاءت بالأخلاق والقيم، ورسَّخت مبدأ العدل الإلهي بين البشر في تعاملاتهم، فلا خوف من هذه الحضارة؛ إذ إنها لا تفرق بين المتخاصمين على أساس الجنس أو اللون أو الدين، ولا شك أن هذا الأمر ليقطع لدينا أي شكٍّ، ويدحض لدينا كل شُبهة قيلت أو تُقال في حق هذه الحضارة العريقة.
******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 05-01-2013, 09:49 AM
 

مسلمو آسام الهندية .. مأساة جديدة !
02/08/2012
موقع : قصة الإسلام
******
أصبح من غير المألوف أن يمضي يوم دون أن نسمع فيه عن جريمة هنا وأخرى هناك بحق المسلمين، فما من يوم يمر إلا ودماء زكية تُسفك، وأعراض تنتهك، تحت سمع وبصر العالم، ذلك العالم الأصم الأبكم عن مآسي المسلمين دون غيرهم.
يموت المئات بل والألوف من المسلمين ولا مغيث لهم ولا منافح ومدافع عنهم، وفي المقابل تقوم الدنيا ولا تقعد لأجل تمثال هُدم أو حيوان أهين، أو رواية فجّة مُنعت! وتعلو طنطنات من لا خلاق لهم وزمزماتهم مطالبين بحقوق (الأقليات من غير المسلمين) -زعمًا- تاركين أبناء المسلمين ضحية سهلة لجماعات الإرهاب وكيانات البغي.
******
وصرنا نحن المسلمين نتحول من مأساة إلى مأساة أخرى، ونخرج من حرب إلى التي تليها، وبتنا نتلظى بين مطارق الباطل وسنادين البغي والنفاق، وصار العالم بمختلف عرقياته ولغاته ودوله موحدًا علينا، وقد تداعى علينا كما تداعى الأكلة على قصعتها.
******
فبعد مأساة بورما وما حصل للمسلمين هناك، من قتلٍ وانتهاك للأعراض وتشريد، تجددت الأحداث بنفس الطريقة في ولاية آسام الهندية ، حيث هاجم مسلحون من قبائل بودو البوذية بالولاية السكان المسلمين اعتقادًا منهم بأنهم وراء جريمة قتل لأربعة شبان بوذيين، وكأن مأساة بورما تعاد مرة أخرى، حيث أشيع في أحداث بورما أنها كانت نتيجة لاعتقاد السكان البوذيين أن مسلمًا اعتدى على فتاة بوذية، وهو مسلسل مكرر في غالب الاعتداءات، وكأنها أعمال مدبرة لتبرير ما يعقبها من عمليات قتل وتهجير واعتداء على الأقليات المسلمة.
******
فقد ارتكبت ميليشيات بوذية في ولاية آسام الهندية الحدودية القريبة من بورما - مجزرة بحق المسلمين في آسام، راح ضحيتها العشرات وأصيب 400 بحسب إحصائيات أولية، فيما نزح أكثر من 50 ألف مسلم إلى مناطق هندية داخلية بعد حرق 500 قرية، كما واجهتهم قوات الشرطة بقمع أمني غير مسبوق، وفتحت النار على الاحتجاجات، وأسفرت المواجهات عن نزوح أكثر من 50 ألف شخص إلى معسكرات الإغاثة هربًا من المواجهات.
وذكرت قناة "سي إن إن إي بي إم" الإخبارية الهندية الثلاثاء الماضي أن أعمال العنف العرقي تصاعدت في منطقة "كوكراجهار" بولاية "آسام" الواقعة في شمال شرق البلاد، حيث انتشرت في المناطق المجاورة مثل شيرانج، وتحولت إلى احتجاجات قطعت خلالها خطوط السكك الحديدية.
******
يذكر أن أحداث العنف التي تشهدها آسام نتيجة تجاوزات البوذيين والهندوس هذه الأيام ليست الأولى من نوعها، وإنما هي أحداث متكررة، تتكرر من حين لآخر، وقد كان أعنفها أحداث آسام عام 1984م، والتي أسفرت عن مجازر راح ضحيتها آلاف المسلمين، فنسأل الله ألاّ تتكرر وأن يتم تجاوز الأزمة الحالية والسيطرة على الوضع، وحماية إخواننا المسلمين هناك من بطش البوذيين والهندوس.
******
ويضم شمال شرق الهند الذي يشترك في حدوده مع الصين وميانمار وبنجلاديش وبوتان أكثر من 200 مجموعة عرقية وقبلية، ويعاني من حركات انفصالية منذ استقلال الهند عن بريطانيا عام 1947م، ويسود شعور بمعاداة الوافدين خصوصًا المسلمين منهم بين أبناء القبائل التي تسكن ولاية آسام، وهي قبائل يدين أغلبية أبنائها بالديانة الهندوسية، وبعضهم تحول إلى المسيحية خلال القرون الثلاثة الماضية.
******
ويمثل المسلمون في آسام Assam نسبة 30.9% من إجمالي عدد سكان الولاية، حيث تعتبر ثاني الولايات الهندية من حيث عدد المسلمين بعد جامو وكشمير ، ويبلغ عدد المسلمين بها حوالي ثمانية ملايين ونصف المليون نسمة.
******
وتقع ولاية آسّام في الجزء الشمالي الشرقي من الهند، إلى الشمال الشرقي من دولة بنجلاديش، ويحدها من الشمال والشمال الغربي دولة بوتان، والمقاطعة الاتحادية أروناشال براديش، ومن الشرق ولايتا ناجَلاند ومانيبور اللتان تفصلانها عن أراضي دولة ميانمار (بورما)، ومن الجنوب المقاطعة الاتحادية ميزورام وولاية تريبورا الهندية اللتان تفصلانها عن بنجلاديش، وإلى الغرب منها تقع أراضي دولة بنجلاديش، وولايتا ميغالايا والبنغال الغربية، وتتصل هذه الولاية في أقصى الشمال الغربي منها ببقية أراضي الهند ببرزخ ضيق يمر بأراضي ولاية البنغال الغربية يقع بين أراضي دولتي بوتان وبنجلاديش.
******
*إسلام ويب*


__________________
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 06-09-2013, 11:44 AM
 
أوضاع مسلمي بورما
26/07/2012

الشيخ دين محمد أبو البشر

*****
كانت بورما منذ سيطرتها على أراكان المسلمة عام ( 1198هـ 1784م)، تُحاول القضاء على المسلمين، ولكنّها فقدت سلطتها بيد الاستعمار البريطاني (1239هـ 1824م). وبعد مرور أكثر من مائة سنة تحت سيطرة الاستعمار نالت بورما الحكم الذاتي عام (1356هـ 1938م). فأوّل أمر قامت به بورما هو قتل وتشريد المسلمين بشكل عام في جميع مناطق بورما حتى في العاصمة رانغون، حيث استشهد عدد كبير، واضطرّ أكثر من (500.000) خمسمائة ألف مسلم إلى مغادرة بورما.
*****
وفي العام ( 1361هـ 1942م) قام البوذيون المشاغبون بمساعدة السلطة الداخلية بالقتل والدمار الشامل على المسلمين في جنوب أراكان، حيث استشهد حوالي مائة ألف مسلم، ومنذ أن حصلت بورما استقلالها من بريطانيا عام (1367هـ 1948م) كانت أوّل خُطّتها هي "برمنة " جميع الشعوب والأقليّات التي تعيش في بورما، وفعلاً نجحت في تطبيق خُطّتها في خلال عدّة سنوات، لكنّها فشلت تماماً في حقّ المسلمين لكونهم مستمدين مباشرة من المنبع الصافي للهداية الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلّم: "تـركتُ فيكم أمرين لن تضلّوا بعدي ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنّة رسوله". فلا يوجد أيّ واحد من المسلمين ارتدّ عن الإسلام واعتنق الديانة "البوذية " أو أيّ دين آخر.
*****
فلمّا أحسّت بورما بهذه الحقيقة وشعرت جيداً غيّرت موقفها وخطّتها إلى القضاء على المسلمين واقتلاع جذور الإسلام عن أرض بورما، وذلك بقتل ونهب وتشريد ومسخ هويّتهم وطَمْس شعائرهم وتراثهم وتغيير معالمهم وثقافتهم ودسّ السموم في نفوسهم وما إلى ذلك من الأساليب والبرامج للظلم والعدوان.
*****
ومنذ أن استولى الجيش على مقاليد الحكم ( 1398هـ 1978م) شرّدت بورما أكثر من (300.000) ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنغلاديش. وفي عام (1402هـ - 1982م)، ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنّهم متوطّنون في بورما بعد عام (1239هـ 1824م عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما) رغم أنّ الواقع يُكذّب ذلك.
*****
وفي عام (1411-1412هـ 1991-1992م) شرّدت بورما حوالي ثلاثمائة ألف (000،300) مسلم إلى بنغلاديش مرة أخرى.
وهكذا كان نُزوح المسلمين إلى بنغلاديش ومنها إلى بلاد أخرى مستمرّ كلّ يوم، لأنّ الحكومة خلقت جوّ الهجرة، فالوضع الذي يعيشه مسلمو أراكان مأساوي جدّاً، فهم محرومون من أبسط الحقوق الإنسانية، وهناك مئات الآلاف من الأطفال تمشي في ثياب بالية ووجوه شاحبة، وأقدام حافية، وعيون حائرة لما رأوا من مظالم واعتداءات البوذيين ،تثقل الأجواء بصرخات الثكالى والأرامل الّلائي يبكين بدماء العفّة، يُخْطف رجالهنّ ويُعلّقون على جذوع الأشجار بالمسامير حيث تُقْطع أُنوفهم ويُفْعل بهم الأفاعيل، وعشرات المساجد والمدارس تُمّرُ بأيدٍ نَجسةٍ مُدنّسة.
*****
وفي الآونة الأخيرة تُكثّف برامج تحديد النسل فيما بين المسلمين، حيث أصدرت قرارات ينصّ على أنّ "المرأة المسلمة لا يُمكن زواجها إلا بعد أن تبلغ 25 سنة من عمرها، بينما لا يُسمح للرجل بالزواج إلا بعد مرور 30 سنة من عمره، ولا يُمكن الزواج إلا بعد الحصول على التصريح المكتوب من إدارة قوّات الأمن الحدودية " ناساكا " والذي لا يُعطي إلا إذا توافرت الشروط وهي :
******
تقديم الطلب مع الصّورة الفوتوغرافية لكلّ من العريس والعروس إلى " ناساكا" للفحص والتأكّد على عمرهما، وأنّهما هل راضيان ومـؤهلان للزواج أم لا؟ وعلى الرغم من الانتهاء من جميع هذه الإجراءات فإنّ " ناساكا " لا تسمح بالزواج إلا بعد تقديم الرشوة بمبلغ كبير يرضيها، والذي لا يَقْدر الجميع على تسديده، كما أنّها لا تسمح في سنة كاملة لأكثر من عشرين أسرة بالزواج في القرية التي تتكوّن من ألفي أسرة على أقلّ التقدير، فإذا خالف أحد هذا القرار المرير فعقوبته تفكيك الزواج والاعتقال لمدّة ستّة أشهر وغرامة (50.000) "كيات" بورمي.
*****
ومنها: قرار يَهزّ مشاعر المسلمين وانطباعاتهم، ويُهدّد كيانهم ووجودهم؛ والذي لا يوجد له نظير في تاريخ الإنسانية، فهذا القرار الشنيع ينصّ على إحضار المرأة المسلمة الحامل إلى قاعدة إدارة قوّات الأمن الحدودية " ناساكا " لأخذ صورتها الملوّنة كاشفة بطنها بعد مرور كلّ شهر حتّى تضع حملها، وفي كلّ مرّة لا بدّ من دفع الرسوم بمبلغ كبير، وذلك للتأكّد ـ كما تقول السلطة ـ على سلامة الجنين، ولتسهيل إحصائية المولود بعد الولادة، ولكنّ لسان الواقع يُلحّ بأنّ الهدف من إصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنّه ليس لهم أيّ حقّ للعيش في أراكان بأمن وسلام.
*****
وعلى الصّعيد السُكّاني فإنّ الحكومة ما زالت تقوم بإحداث تغيرات ملموسة في التركيبة الديموغرافية لمناطق المسلمين، فلا توجد أيّة قرية أو منطقة إلا وفيها منازل البوذيين المستوطنين، وتكون السلطة حتّى في القرية بأيدي البوذيين، ومنذ عام ( 1418هـ 1988م ) قامت الحكومة بإنشاء ما يُسمّى بالقرى النموذجيّة في شمال أراكان من بورما حتى يتسنّى تشجيع أُسر الريكهاين البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق، ومن ناحية استيطان البوذيين الذين ينتقلون من أماكن مختلفة حتى من بنغلاديش إلى هذه القرى النموذجية، وتُمنح لهم الأراضي وبيوت جاهزة والتي شُيّدت بأيد المسلمين بغير أجر، فمصادرة الأراضي من المسلمين ومنحها إلى الريكهاين البوذيين بهذه الطريقة خلق توتّراً شديداً فيما بين المسلمين.
*****
وفي ظلّ أجواء من عدم الاستقرار الأمني والديني والاجتماعي للمسلمين في بورما بيد السلطة البوذية العسكرية التي تتخذ وتّطبّق قرارات وخطوات شنيعة ومفجعة هدف إلى القضاء على مشاعر المسلمين وطَمْس شعائرهم ومسخ ثقافتهم وتراثهم، فإنّ السلطة تقدّمت على إصدار قرار يمسّ مشاعر المسلمين وهو : حظر تأسيس مسجد جديد، وعدم إصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تمّ بناؤها أو إصلاحها في خلال عشر سنوات المنصرمة في إقليم أراكان، وبموجب هذا القرار فإنّ السلطة هدمت إلى الآن أكثر من 72 مسجداً.
*****
وجدير بالذكر أنّ في بورما يوجد أكثر من (2566) مسجداً، كما يوجد أكثر من (1095) مدرسة وجامعة إسلامية، ومنها في أراكان (1538) مسجداً، و(405) مدرسة وجامعة إسلامية، وقد قام المشاغبون البوذيون في مدينة أكياب بإحراق وتدمير قرى المسلمين، وقتل وتشريد سكّانها بطريق شامل حيث راح ضحيّتها حوالي خمسمائة شهيد وأكثر من ألفي جريح.
*****
وكذلك قام المشاغبون البوذيون بشنّ الهجوم على المسلمين في مدينة تونجو على مقربة من عاصمة رانغون، بإثارة وتعاون السلطة العسكرية، ممّا أدّى إلى استشهاد عشرات من المسلمين، ودمّرت أربعة مساجد.
وفي الآونة الأخيرة أصدرت السلطة قراراً بأنّ العاملين والموظفين في الحكومة لا يُسْمح لهم بإطلاق لحاهم وارتداء الزّي الإسلامي في الدوائر الرسمية وكلّ من لا يمتثل لهذا الأمر يُفْصل من الوظيفة، وفعلاً تمّ العمل بهذا القرار، وأُعفي المسلمون من الوظيفة لاقترافهم جريمة عدم الامتثال لأمر السلطة بحلق الّلحى وعدم ارتداء الزّي الإسلامي.
*****
إنّ قضيّة مسلمي بورما تُشكّل محنة كبيرة، وهي كارثة إنسانية بكاملها، وجريمة عظيمة في حقّ المجتمع الدولي وضدّ القانون الدولي، وإنّ إبادة جنس بشري أو فئة معيّنة داخل بورما لا يُعتبر شأناً داخليّاً يخصّ بورما وحدها ؛ بل هو يستدعي اهتمام وعناية الجميع في العالم، لأنّه يتعلّق بحقوق الإنسان التي لحمايتها أعلنت هيئة الأمم المتحدة وثيقة دولية قبل نصف قرن من الزمان.
*****
فهؤلاء المستضعفون في بورما من الرجال والنساء والولدان يَصْرخون ويستنصرون بالأمّة الإسلامية حكومات وشعوباً، الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلّم : "مثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى"، ويُناشدون المسلمين في العالم أن يقفوا بجانب مسلمي بورما، وأن يقوموا بأخذ الإجراءات الّلازمة لوقف العمليّات العُدوانية التي تمارسها بورما ضدّ مسلمي بورما. وأنْ يُمارسوا كافّة الأساليب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لحماية مسلمي بورما من بطش السلطة العسكرية البوذية.
*****
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 06-10-2013, 10:36 PM
 

ديوان المظالم في العصور الإسلامية

19/07/2012
د. راغب السرجاني
******
مما لا شكَّ فيه أن أول من طَبَّق النظر في المظالم، هو النبي ، لكنه لم يكن بشكله الذي كان عليه في الخلافة الأموية بعد ذلك، وكان ذلك طبيعيًّا؛ إذ لم يكن في عهد الرسول ما يستدعي وجود ولاية المظالم إلا في حالات قليلة جدًّا، مثل ما وقع بين الرسول وبين ابن اللتبيّة الأزدي، فقد استعمله رسول الله على صدقات (بني سليم)، فلما جاء حاسبه -وهو ما يرويه أبو حميد الساعدي- فقال: هذا مالكم وهذا هدية.
فقال رسول الله : "فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا". ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : "أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلاَّنِي اللهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي. أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللهِ! لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ" (البخاري).
******
عصر الخلفاء الراشدين
***********
وقد أعلن خليفة رسول الله أبو بكر عن عزمه للقيام بقضاء المظالم؛ لرفع الظلم، وإقامة العدل والحق، وكان ذلك في أول خطبة خطبها ، فقال: " أمَّا بعد؛ أيها الناس، فإنِّي قد وُلِّيت عليكم ولستُ بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني؛ وإن أسأت فقوِّموني؛ الصدق أمانةٌ، والكذب خيانةٌ، والضَّعيف فيكم قويٌّ عندي حتى أريح عليه حقَّه إن شاء الله، والقويُّ فيكم ضعيفٌ عندي حتى آخذ الحقَّ منه..."
وبدأ قضاء المظالم يأخذ في التدرج منذ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، فقد كان يجمع ولاته وأمراءه كل عام في موسم الحج، ويستمع إلى شكاوى الناس، ويقتصُّ من المسيء من هؤلاء الولاة والأمراء، بل أقر عمر مبدأ مهمًّا في محاسبة الولاة والعمال، هذا المبدأ هو ما نسميه اليوم "إساءة استعمال النفوذ"، وقد ظهر جليًّا مع والي مصروأحد أبنائه، الذي لطم مصريًّا سبقه في عدْوٍ كان بينهما.
******
وهذه القصة يرويها أنس بن مالك؛ إذ قال: "إن رجلاً من أهل مصر أتى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم. قال: عُذْتَ مَعَاذًا قال: سابقتُ ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين. فكتب عمر إلى عَمرو يأمره بالقدوم ويُقْدِم بابنه معه، فَقَدِمَ، فقال عمر : أين المصري؟ خذ السوط فاضرب. فجعل يضربه بالسوط، ويقول عمر : اضرب ابن الأكرمين. قال أَنس : فضُرب، فوالله لقد ضربه ونحن نحبُّ ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنَّيْنَا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصريِّ: ضع السوط على صلعة عَمرو . فقال: يا أمير المؤمنين، إنما ابنه الذي ضربني، وقد استقدت منه. فقال عمر لعَمرو: مذ كم تَعَبَّدْتُم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ قال: يا أمير المؤمنين، لم أعلم، ولم يأتني" .
******
قد يتملكنا النصب والتعب إذا أردنا أن نجد قصة شبيهة، أو موقفًا مماثلاً في تاريخ الأمم الأخرى، لقد استُقود من الابن أمام أبيه، ولم يكن مجرَّد ابن عادي؛ فهو ابن أمير مصر، ولا عجب في ذلك؛ إذ الناس سواسية أمام الإسلام وحضارته.
******
عصر الخلافة الأموية:
************
وفي عهد الخلافة الأموية كان عبد الملك بن مروان أشهر من جلس لهذه الولاية، ويجب أن نوضِّح أن ولاية المظالم، تتطلب علمًا بالأحكام الشرعية، وقدرة على الاجتهاد مع النصوص، وهذا يعني أن هذه الولاية تحتاج إلى فقيه عالم؛ ولذلك كان الخلفاء في الحضارة الإسلامية الذين يقومون بولاية المظالم على علم راسخ بمسائل الفقه والفروع، وكان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان من أوائل الخلفاء الأمويين الذين جلسوا لولاية المظالم، ولم يكن هؤلاء الخلفاء القائمون بولاية المظالم يُفْتُون بغير علم، أو يُنزلون العقوبة بغير استيعاب للقضايا، ثم الحكم فيها.
******
وتوسَّعت ولاية المظالم في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله؛ فقد اغتصب عدي بن أرطاة (ت 102هـ) والي البصرة، أرضًا لرجل، فقرر الرجل أن يتجه إلى الخليفة رأسًا في دمشق، وهو ما يرويه ابن عبد الحكم بقوله: "خرج عُمَر -رحمه الله- ذات يوم من منزله... إذ جاء رجل على راحلة له فأناخها، فسأل عن عُمَر، فقيل له: قد خرج علينا وهو راجع الآن، فأقبل عُمَر، فقام إليه الرجل فشكا إليه عدي بن أرطاة، فقال عُمَر: أما والله ما غرَّنا منه إلا بعمامته السوداء! أما إني قد كتبتُ إليه، فضلَّ عن وصيتي: إنه من أتاك ببيِّنَة على حق هو له فَسَلِّمْه إليه، ثم قد عَنَّاك إليَّ ( شق عليك). فأمر عُمَر بِرَدِّ أرضه إليه، ثم قال له: كم أنفقت في مجيئك إليَّ؟ فقال: يا أمير المؤمنين، تسألني عن نفقتي، وأنت قد رددت عليَّ أرضي، وهي خير من مئة ألف؟ فقال عُمَر: إنما رددت عليك حقك، فأخبرني كم أنفقت؟ قال: ما أدري. قال: احزره. قال: ستين درهمًا. فأمر له بها من بيت المال".
******
إن المتأمل في هذا الموقف ليندهش من فعل أمير المؤمنين، إنه رئيس أكبر دولة لها كيانها الثقافي والعسكري والحضاري، ومع هذه العظمة، لا يتوانى أمير المؤمنين في القصاص من والي البصرة، واسترداد الحق لصاحبه، بل أعظم من ذلك يُحَمِّل بيت المال (خزينة الدولة) نفقات انتقال المدعي مهما كانت ضئيلة أو كبيرة، وهذا من أعظم مظاهر رقي الحضارة الإسلامية، وتكافلها مع أفرادها.
******
العصر العباسي:
********
وأما في العصر العباسي ، فقد تَطَوَّر النظر في المظالم حتى أخذ شكلاً ناضجًا جدًّا في منتصف القرن الخامس الهجري، فأصبح للمظالم ديوان مستقلٌّ، أي ما يُعادل وزارة مختصَّة في زماننا الآن، وقد ترك لنا الماوردي صورة رائعة عن الأصناف التي تقوم بهذا الديوان، وهم:
الحماة والأعوان؛ لجذب القوي، وتقويم الجريء، فالحماة هم كبار القواد، والأعوان هم الشرطة القضائية.
القضاة والحكام؛ لاستعلام ما يثبت عندهم من الحقوق، وبهذا استدركوا النقص الذي يمكن أن يكون في والي المظالم من حيث معرفته بالقضاء وبالأصول القضائية.
الفقهاء؛ ليُرجع إليهم فيما أُشْكل، ويسألهم عما اشتبه، وبهذا أكملوا نقص العلم المحتمل.
الكُتَّاب؛ ليُثبتوا ما جرى بين الخصوم، وما توجَّب لهم أو عليهم من حقوق.
الشهود؛ ليُشهدهم على ما أوجبه من حق، وأمضاه من حكم، وهؤلاء يُشبهون "النيابة العامة".
******
وقد جلس خلفاء وأمراء العباسيين لولاية المظالم، ومن أعجب الأمثلة التي ذُكِرَتْ عن هذه الولاية، أن رجلاً دخل على أبي جعفر المنصور -وكان والي المظالم على أرمينية في خلافة أخيه أبي العباس السفاح- فقال: "إن لي مظلمة، وإني أسألك أن تسمع مني مثلاً أضربه قبل أن أذكر مظلمتي. قال: قل. قال: إني وجلتُ لله تبارك وتعالى، خلَقَ الخلقَ على طبقاتٍ، فالصبيُّ إذا خرج إلى الدنيا لا يعرف إلا أمه، ولا يطلبُ غيرها، فإذا فزع من شيء لجأ إليها، ثم يرتفعُ عن ذلك طبقة، فيعرف أن أباه أَعَزّ من أمه، فإن أفزعه شيءٌ لجأ إلى أبيه، ثم يبلغ ويستحكم، فإن أفزعه شيء لجأ إلى سلطانه، فإن ظلمه ظالم انتصر به، فإذا ظلمه السلطان لجأ إلى ربه واستنصره، وقد كنتُ في هذه الطبقات، وقد ظلمني ابن نهيك (عثمان بن نهيك قائد جيش أبي جعفر) في ضيعة لي في ولايته، فإن نصرتني عليه، وأخذتَ بمظلمتي وإلا استنصرتُ إلى الله ولجأتُ إليه، فانظر لنفسك أيها الأمير أو دعْ. فتضاءل أبو جعفر، وقال: أعد عليَّ الكلام. فأعاده فقال: أما أول شيء فقد عزلتُ ابن نهيك عن ناحيته. وأمر بردِّ ضيعته"( تاريخ دمشق / ابن عساكر).
******
لقد كانت الحضارة الإسلامية تُعنى بجميع الأفراد، ولم تُفرِّق المؤسسة القضائية الإسلامية بين الرعايا على أساس الدين أو الجنس أو المكانة الاجتماعية، كما كان عند الرومان والفرس، أو حتى عند العرب أنفسهم قبل الإسلام، وكون خليفة المسلمين يخضع لقرار المؤسسة القضائية، ويُنفِّذ هذا القرار لرجل من عامة المسلمين- قد لا يكون صاحب منصب أو قبيلة تسانده، أو مال يتزلَّف به - لَيُؤَكِّد على رقي الحضارة الإسلامية، ويُعمِّق عندنا أن هذه الحضارة كانت تحترم مواطنيها، وتقف بجوار الضعيف والمظلوم منهم.
******
بل رأينا من الخلفاء، من يُقَدِّم النظر في المظالم على عيادة أمه المريضة وزيارتها؛ فقد حُكي أن الخليفة الهادي (ت 170هـ) "ركب يومًا يريد عيادة أمه الخيزران من علَّة كانت وجدتها، فاعترضه عمر بن بزيع ، فقال له: يا أمير المؤمنين، ألا أدلك على وجه هو أعود عليك من هذا؟ فقال: ما هو يا عمرُ؟ قال: المظالم، لم تنظر فيها منذ ثلاث. قال: فأومأ إلى المُطْرِقَة (حراسته وجنده) أن يميلوا إلى دار المظالم، ثم بعث إلى الخيزران بخادم من خدمه يعتذر إليها من تخلفه، وقال: قل لها: إن عمر بن بزيع أخبرنا من حق الله بما هو أوجب علينا من حقِّك، فملنا إليه، ونحن عائدون إليك في غد إن شاء الله".

وتأديبًا من الخلفاء للعمال الظالمين "كان المنْصُور إذا عزل عاملاً أخذ ماله وتركه في بيت مالٍ مفرد سمَّاه بيت مال المظالم، وكتب عليه اسم صاحبه"، لكن هذه المصادرات كانت إلى حين؛ إذ كانت غايتها تأديب هؤلاء الولاة وترهيبهم؛ ولذلك قال المنْصُور لابنه المهدي:" قد هيَّأت لك شيئًا، فإذا أنا متُّ فادع من أخذتُ ماله فاردده عليه، فإنك تُسْتَحْمد بذلك إليهم وإلى العامة. ففعل المهدي ذلك".
******
العصر الأندلسي:
**********
وكان قضاء المظالم قد عُرف في الأندلس باسم "خُطَّة المظالم" التي ظهرت في وقت مبكِّر منذ الدولة الأموية في الأندلس، لكن لم تتَّضح واجباتها إلا في عصر الخلافة في القرن الرابع الهجري.
وقد مرَّت خُطَّة المظالم في المغرب والأندلس بتطور يختلف عن مثيلتها في الشرق الأموي والعباسي؛ إذ كانت أقل منزلة من رتبة "قاضي الجماعة"، أو ما يُسمى في المشرق بـ"قاضي القضاة"، ولم يَلِ هذه الوظيفة من الأمراء والخلفاء في الأندلس والمغرب إلا القليل منهم؛ ولذلك كان المتَوَلُّون لهذه المهمة من الفقهاء والعلماء الراسخين، ومن أشهر من تولَّى المظالم في إفريقية محمد بن عبد الله (ت 398هـ) الذي قال في حقه ابن عذارى: "كانت وطأته اشتدت على أهل الريب والفساد، بالضرب والقتل وقطع الأيدي والأرجل، لا تأخذه فيها لومة لائم".
******
وبلغت شهرة ومكانة بعض مَنْ وَلِيَ خطة المظالم في الأندلس درجة عالية بين الخاصة والعامة، وترقى بعضهم في المناصب الإدارية العليا في الدولة، فهذا "أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس قد تقلَّد خطة المظالم بعهد المنصور محمد بن أبي عامر ؛ فكانت أحكامه شدادًا، وعزائمه نافذة؛ وله على الظالمين سَوْرة (سطوة وقوة ) مرهوبة، وشارك الوزراء في الرأي؛ إلى أن ارتقى إلى ولاية القضاء بقرطبة، مُجْمِعًا إلى خُطة الوزارة والصلاة؛ وقلَّ ما اجتمع ذلك لقاضٍ قبله بالأندلس".
******
عصر الولاة:
*******
واهتمَّ كثير من ولاة المسلمين بالنظر في المظالم كما كان الحال مع الخلفاء؛ فقد كان كافور الإخشيدي يجلس للمظالم يوم السبت من كل أسبوع، واستمرَّ على هذه العادة إلى أن توفي ، وكذلك كان دأب أمراء السلاجقة ، فقد خَصَّص الأمير طغرلبك يومين من كل أسبوع للنظر في المظالم، وكانت هذه عادة ملوكهم ، وكان الملك الْعَزِيز في الدولة الأيوبية يجلس للمظالم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.
******
عصر المماليك:
********
وقد اهتمَّ المماليك بولاية المظالم، وعَيَّنُوا لها خيار القضاة والفقهاء، ولم يمنع ذلك من نظرهم في بعض المظالم، فقد ذكر المقريزي في حوادث عام (661هـ) أن رجلين من أهل الإسكندرية قدما على سلطان مصر ركن الدين بيبرس البندقداري (ت 676هـ) "أحدهما يقال له ابن البوري، والآخر يُعرف بالمكرم بن الزيات، ومعهما أوراق تتضمن استخراج أموال ضائعة، فاستدعى السلطان في يوم الثلاثاء سادسه الأتابك والصاحب والقضاة والفقهاء، وأُمِرَتْ فقُرِئت، وصار كلما ذُكِر له باب مظلمة سدَّه، ويعودُ على المذكورين بالإنكار، حتى انتهت القراءة. فقال: اعلموا أني تركتُ لله تعالى ستمائة ألف دينار من التصقيع والتقويم والراجل والعبد والجارية وتقويم النخل، فعوَّضني الله من الحلال أكثر من ذلك، وطلبت جرائد الحساب فزادت بعد حطِّ المظالم جملة، ومن ترك شيئًا لله عَوَّضه الله خيرًا وأمر بإشهار ابن البوري".

ففي هذا الموقف، نجد أن السلطان يُحاسب معظم أجهزة الدولة؛ هم: وزير الحربية، ورئيس الوزراء، والمؤسسة القضائية، وكذا الفقهاء على تقصيرهم في ضياع أموال الرعية، ويُذَكِّرهم بأنه ترك لله تعالى آلاف الدنانير التي ارتأى أنها لم تكن من حقِّه، حثًّا لهم على الحفاظ على الأموال، بل يعزل السلطان أحد الرجلين اللذين أتيا إليه بهذه الأوراق، ويأمر بإشهاره وفضحه في القاهرة؛ لأنه لم يُعلم السلطان بهذه الواقعة في وقتها.
وكان كثير من سلاطين المماليك يذهبون إلى الميادين العامة لقضاء مظالم الرعية؛ فكان منهم سيف الدين برقوق (ت 801هـ)، ففي حوادث عام (792هـ) يذكر المقريزي "أن برقوق قد جلس بالميدان تحت القلعة للنظر في المظالم والحُكْم بَيْنَ الناس على عادته، فهرع الناس إليه، وأكثروا من الشكايات، فكثر خوف الأكابر وفزعهم، وترقَّب كل منهم أن يُشْتَكى إليه".
******
إن نظر الخلفاء والأمراء في المظالم على مدار تاريخ الحضارة الإسلامية، ليُؤَكِّد على أن كل الناس تحت طائلة القانون والمحاكمة إذا أخطئوا، لا ميزة في ذلك لطائفة الحكام والأمراء على من سواهم؛ فمعاقبة الأمراء وقادة الجند والولاة والوزراء وكبار رجال الدولة بمن فيهم الخليفة نفسه، لتؤكد لنا على نزاهة ورفعة الحضارة الإسلامية، ولم تكن الحضارات كالفارسية والرومانية، أو حتى في العصور الحديثة كمحكمة العدل الدولية، لتُضارع أو تشابه عمل ولاية المظالم في حضارتنا الإسلامية الخالدة، التي كانت تأخذ على يد الظالم دون محاباة، أو تكيل بمكيالين، كما في عصرنا هذا!

وبعدُ، فإننا لن نستطيع أن نجمع كل ما تميزت به المؤسسة القضائية في الحضارة الإسلامية في فقرات قليلة، أو وريقات متعددة، فلا ريب أن هذا غمطٌ للحق، وبُعْدٌ عن جادَّة الصواب، ولكن تلك المواقف الرائعة التي أتينا بها ما هي إلا دليل على فيض هذه المؤسسة العريقة من المواقف والنظريات، التي سنَّت للمؤسسات الدستورية والقانونية في العالم المعاصر الأسس العامة، والمنهجية السليمة للتعامل في هذا السبيل المهم.
******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:14 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011