عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام العامة > مواضيع عامة

مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين.

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 06-16-2013, 12:39 PM
 

العسكرية الإسلامية .. فنون قتالية بأخلاقيات الإسلام
10/05/2012
موقع : قصة الإسلام

******

لما جاء الإسلام، وأُذِنَ للمسلمين في الجهاد في سبيل الله، كان كل مسلم جنديًّا، وله من حُبِّهِ لدينه ما يدفعه إلى المبادرة إلى الجهاد، والاستشهاد في سبيل الله التي جعل الله منزلتها أسمى المنازل.
******

ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو القائد الأعلى لجيوش المسلمين، وبعد وفاته كانت الأحوال قد تطوَّرَتْ، وميادين القتال قد كثرت، وتعدَّدت الجيوش في الأماكن المختلفة؛ فأصبح من العسير على الخليفة أن يقوم بمهمَّة القيادة بنفسه، فأسندها إلى مَنْ يَصْلُح لها ممَّن عُرِفَ بالشجاعة، والحزم، وحُسن التدبير. وقد كانت الطاعة واجبة لهؤلاء القوَّاد، وكان القوَّاد يعرضون الجند قبل لقاء العدُوِّ؛ حتى يطمئنُّوا عليهم وعلى عُدَّتهم، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومتى انتهى القتال أصبحت مهمَّة القائد النظر في أمر الجند، وتدريبهم، وتحسين معداتهم، والاستزادة منها .
******
وقد عني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأمر الجند، وأنشأ لهم ديوانًا خاصًّا للإشراف على شئونهم، ومختَلَف أمورهم؛ من بيان أسمائهم، وأوصافهم، وأعمالهم، وأرزاقهم، وإليه أيضًا يرجع الفضل في إقامة الحصون والمعسكرات الدائمة لإراحة الجنود في أثناء سيرهم إلى عَدُوِّهم؛ فبُنِيَتِ الأمصار كالبصرة والكوفة والفسطاط؛ لإراحة الجند، وصدِّ هجمات الأعداء.
وقد أتمَّ الأمويون ما بدأه عمر -رضي الله عنه- من العناية بالجيش؛ فنظَّمُوا ديوان الجند، واعتنَوْا بالجيش، ولما استقرَّ لهم الأمر نهائيًّا حين تقاعد كثير من المسلمين عن الحرب والجهاد، أدخل عبد الملك بن مروان نظام التجنيد الإجباري .
******
كما أرسى المسلمون تقاليد عسكرية، وابتكروا الكثير من فنون القتال، فلم يكن العرب في جاهليتهم يعرفون نظامًا في الحرب، وكانوا يعتمدون طريقة الكَرّ والفَرّ، ولما جاء الإسلام ونزل قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} رتَّبَ المسلمون الجيوش ونَظَّمُوها، وخاصَّة حين اتَّسَعَتْ حركة الفتوح، والتقت جيوش المسلمين بجيوشٍ لها تاريخ في التخطيط والتنظيم؛ مثل: الفرس، والروم.
فعَرَفَ المسلمون في تنظيم صفوفهم القتالية طريقة تُعْرَفُ بالكراديس، وتعني: الكتائب أو الوحدات، وتقوم على تقسيم الجيش إلى خمس مجموعات رئيسية؛ هي: المقدِّمَة، ثم الميمنة، والميسرة، وقلب في الوسط، ثم كتيبة في الخلف تُعْرَفُ بالساقة أي المؤخِّرَة.
******
وتُعْتَبَرُ اليرموك، والقادسية، وأجنادين من المواقع الحربية التي تُعَدُّ مثالاً لغيرها في تعبئة الجيوش وحُسْنِ قيادتها، وقد تأسَّى الحلفاء الأوربيون في الحرب العالمية الأولى بما صنعه خالد بن الوليد رضي الله عنه في موقعة اليرموك من توحيد القيادة، واختيار الموقع المناسب للمعركة.
******
وقد استخدم المسلمون منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم ما يُعرف بآلة "الدبّابة"، وهي آلة تُستخدم في ثقب حوائط الأماكن المحصَّنَة وتدميرها؛ فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن "نفرًا من الصحابة دخلوا تحت دبابة، ثم زحفوا ليحرقوا جدار أهل الطائف..." ، وكانت تصنع من الخشب بعكس المعنى المعروف لها اليوم.
******
واهتم الأمويون بصناعة المجانيق، حتى استطاع الحجاج بن يوسف الثقفي صُنْعَ منجنيق أسماه (العروس)، يحتاج إلى خمسمائة رجل لخدمته والعمل عليه، وقد سلَّم عددًا من هذه المنجنيقات إلى ابن عمه المجاهد القائد محمد بن القاسم الثقفي، ففتح بها مدينة الدَّيبُل (كراتشي) عام 89هـ، وعدة مدن أخرى في وادي السند.
******
وقد استحدث الجيش الإسلامي فرقة تُسمى بالنفَّاطة، وهم الذين يستخدمون النفط في الحرب من على أظهر الخيل، أو تعبئته ورميه في قارورات على العدوِّ، وانتشرت هذه الفرقة منذ العصر العباسي، وكثر الاعتماد عليها في وقت الحروب الصليبية.
والعجيب أن الجيش الإسلامي أول من استخدم البارود، وقد عرفه المسلمون قبل الغربيين، وليس كما يزعم بعض المستشرقين، أن الأوربيين قد استخدموه في حروبهم وعرفوه قبل المسلمين، فقد تمَّ استعماله لأول مرة في مصر؛ وذلك لتوافر مادة النطرون بكثرة فيها، وذكر المقريزي في حوادث عام 727هـ أن البارود قد استُعْمِل بجوار النفط في حفل زفاف ابنة سلطان مصر الناصر محمد بن قلاوون، فقال: "وعُمل في القلعة برجًا من بارود ونفط".
******
والظاهر أن المسلمين قد عرفوه قبل ذلك التاريخ بمدة كافية، فقد ذكر ابن خلدون أن المرينيين في المغرب استخدموه في حروبهم، خاصة في فتحهم لمدينة سجلماسة، فذكر أن سلطانهم يعقوب بن عبد الحق قد نصب على المدينةِ "هندام النفط القاذف بحصى الحديد، ينبعث من خزانة أمام النار الموقدة في البارود بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة بارئها!"؛ وكانت هذه الحادثة عام 672هـ، مما يبدو أن المسلمين قد عرفوا "المدفع" في حروبهم -كما يذكر ابن خلدون هنا- منذ القرن السابع الهجري، فاستخدموا حصى الحديد (القنابل الصغيرة)، التي كانت تنطلق بقوة البارود المفزعة؛ ولذلك تعجَّب ابن خلدون من هذه القوة، وهو ما يبدو في وصفه السابق.
******
واستخدم المماليك المدافع بكثرة في حروبهم، وجعلوا منها أنواعًا متعددة؛ فمنها المدفع أو المكحل الكبير، ومنها المدفع الصغير، وقد وصف لنا القلقشندي في "صبح الأعشى" مكاحل البارود، فقال: "وهي المدافع التي يُرْمَى عنها بالنفط، وحالها مختلف، فبعضها يُرْمَى عنه بأسهم عظام، تكاد تخرق الحجر ببندق، وبعضها يَرْمِي عنه من حديد من زنة عشرة أرطال بالمصري إلى ما يزيد على مائة رطل، وقد رأيتُ بالإسكندرية في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين في نيابة الأمير صلاح الدين بن عرام رحمه الله، بها مدفعًا قد صُنِعَ من نحاس ورصاص، وقُيِّد بأطراف الحديد، رمي عنه من الميدان ببندقة من حديد عظيمة محماة، فوقعت في بحر السلسلة خارج باب البحر وهي مسافة بعيدة".
******
واللافت أن الحضارة الإسلامية امتازت بالجانب التخصصي منذ بداياتها؛ ففي مكتبات العالم ودور كتبه لا تزال المخطوطات الإسلامية التي تتناول الحديث عن العسكرية الإسلامية وأبوابها وإستراتيجياتها والتسليح والتعبئة والإمداد والتخطيط وتطور المفاهيم بل والجانب الأخلاقي، والعقيدة العسكرية الإسلامية لا تزال تحتاج من الباحثين والمحققين إلى جهد كبير.
******
وإن البحوث الجادة والتحقيقات النافعة التي بذلها اللواء العراقي محمود شيت خطاب -رحمه الله- باهتمامه في هذا الجانب المعتم في حضارتنا ليستحق عليه منا الدعاء الكثير، وثمة عمل مهم قام بتحقيقه رحمه الله، هذا العمل هو تحقيقه لمخطوط من العصر المملوكي بعنوان (الأدلة الرسمية في التعابي الحربية) ومؤلفه أحد نقباء الجيش المصري وأمرائه في عصر السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (ت 778هـ)، واسمه محمد بن محمود منكلي.
******
يقول شيت خطاب عن هذا الكتاب: "استمتعتُ كثيرًا بقراءة هذا الكتاب وتحقيقه؛ لأنني استفدتُ منه شخصيًّا معلومات عسكرية جديدة، لعل أهمها ما يمكن أن نطلق عليه: السجية العسكرية أو الأخلاق العسكرية؛ ولأنني اكتشفتُ أن أجدادنا الغرّ الميامين كانوا عُلماء من الطراز الأول في العلوم العسكرية؛ ولأن هذا الكتاب وغيره من التراث العربي الإسلامي في العسكرية قدّم الجواب الشافي عن تساؤلي: كيف انتصر أجدادنا على أعدائهم الكثيرين؟ لقد كنتُ أظنُّ أن أجدادنا انتصروا بعقيدتهم أولاً؛ العقيدة المنشئة البناة التي ذاد عنها حماة قادرون، وقد تعلمتُ من هذا الكتاب وغيره من كتب التراث العسكري، أن أجدادنا كانوا عُلماء حقًّا في العسكرية، فكان انتصارهم بعقيدتهم الراسخة، وقيادتهم المحنكة، وعلمهم المتين".
******
وبعدُ، فهذه صورة مبسطة لطبيعة العسكرية الإسلامية في الحضارة الإسلامية، اكتشفنا فيها الجدة التي أضافوها على هذا الجانب المهم منذ فجر الحضارة، والمهارات التي منحتهم الحافز والقوة للفتوحات التي امتدت من فرنسا للصين ومن روسيا لعمان، بجانب القواعد الأخلاقية والروحية التي امتازت بها حضارة الإسلام على حضارات العالمين.

******
*إسلام ويب*


__________________
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 06-17-2013, 01:52 PM
 

سُــرّاق التاريخ
26/04/2012
أحمد فال ولد الدين
******
خلال الحرب العالمية الثانية، غيّر الحلفاء خُطتهم الحربية حتى لا يُلحقوا أي أذى بمدينة فلورانس الإيطالية التاريخية. وفي 9 أبريل من العام 2003، وقف الجنود الأميركيون يتفرجون على كنوز المتاحف العراقية وهي تنهب من دون أن يرف لهم جفن.
******
بين هذيْن النموذجين تكمن الحقيقة العنصرية في طريقة النظرة الغربية إلى الحضارة العربية الإسلامية. لقد برهن الأميركيون من خلال تغاضيهم عن نهب الحضارة والتاريخ من متاحف بغداد، وتركيزهم على حماية كل ما له علاقة بالبترول، على أنهم مقامرون باحثون عن الذهب، لا رواد حرية أو بناة حضارة.
******
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز (16/04/2003) أن "الجنود الأميركيين كانوا داخل دبابتهم أمام المتحف الوطني ببغداد وهو يُنهب، وأن عمّال المتحف كانوا يستجدون الجنود المساعدة" لكن "رواد الحضارة" رفضوا مجرد التدخل لإنقاذ متحف يحتوي على أول أحرف خطها البشر على هذا الكوكب.
******
لقد قفّ شعري قبل أيام وأنا أقارن بين ما كتبته الصحافة الأميركية (شاهد من أهلها) عن إضاعة كنوز المعرفة في المتاحف العراقية على أيدي جنود الاحتلال، وبين ما كتبه بعض المؤرخين عن دخول المغول لبغداد عام 656هـ وما فعلوه بمكتباتها حينئذ.
******
وخرجتُ من تلك المقارنة بخاتمة مفادها أن العدو يظل عدوا بغض النظر عن كثافة الأصباغ التي يتدثر بها لتغيير ملامحه، فما ثمَّ كبير فرق بين الجندي المغولي المتشح بجلود النمور، وبين الجندي الأميركي القادم من أكثر دولة يلوك ساستُها مصطلحاتٍ من قبيل"الحرية"و"الديمقراطية".
******
.. قبل غزو العراق، حذرتْ منظمات ثقافية من خطر تعرض كنوز المتاحف العراقية للنهب والسلب، لكن السلطة الأميركية تجاهلت ذلك كله.
فقد اجتمع بعض الباحثين، بقيادة مكغير غيبسون، أستاذ الدراسات الشرقية بجامعة شيكاغو، مع مسؤولين في البنتاغون في يناير 2003 وحذروهم من أن تاريخ البشرية المحفوظ في متاحف بغداد قد يتعرض للضياع إذا لم تتم حمايته من طرف الجنود الأميركيين. كما قامت منظمة علماء الآثار البريطانية بتوجيه رسالة لتوني بلير بداية 2002 تحذره فيها من مغبة عدم حماية المتاحف العراقية.
******
رغم كل ذلك، وقعت الكارثة. إذ يقول شهود عيان إن ست شاحنات خرجت تتهادى من المتحف حاملة التاريخ إلى جهة غير معروفة. كما قدر بعض عمال المتحف العراقي القطع المسروقة بـ170000، إلا أن الأميركيين قالوا إن "الرقم مبالغ فيه وإن المفقود هو مجرد 15000" (نيويورك تايمز 01/04/2006).
******
لقد اختفت التحف النادرة، مثل أول نسخة من القرآن الكريم، وقبلها اختفت أقدم نسخة من التوراة -يقال إنها ظهرت في إسرائيل- كما اختفت قطع الطين التي كتب عليها الإنسان أولى عباراته قبل 4000 عام.
******
ويرى المنشغلون بالآثار أن من قاموا بسرقة المتاحف العراقية قوم مختصون، نظرا لطبيعة الاختيار وآلية السرقة.
هذه الفاجعة الثقافية حركت كل من يفهم خطر وأهمية التحف التي كانت في حنايا متاحف بغداد الساحرة.
******
لقد قام ثلاثة مستشارين ثقافيين للرئيس بوش بتقديم استقالاتهم احتجاجا على إضاعة الأميركيين لتراث البشرية قصدا. حتى إن أحد هؤلاء المستشارين، واسمه ريتشارد لانيير، قال: "إن الولايات المتحدة تعرف ثمن النفط، لكنها لا تعرف قيمة الآثار التاريخية".
******
لكن الحقيقة المرة التي علينا أن نفهمها هي أن أميركا تعرف قيمة تاريخ وآثار الحضارة المسيحية الغربية وفضاءاتها، أما التاريخ العربي الإسلامي فلا ترى فيه غير خصم لدود يجب القضاء عليه.
ورحم الله فيلسوف الجزائر مالك بن نبي الذي قال: "إن المستعمر لا يحمل فضائله خارج أرضه".

******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 06-18-2013, 05:34 PM
 

الأقلية الإسلامية في جمهورية التشيك
19/04/2012
مجلة البيان العدد 296

******
تقع جمهورية التشيك وسط قارة أوروبا تجاورها ألمانيا من الغرب والشمال الغربي، وبولندا من الشمال، والنمسا من الجنوب وسلوفاكيا من الشرق. ليس لجمهورية التشيك منفذ على البحر. العاصمة براغ وأهم المدن برنو وأسترافا وبيلزن.
******
تأسست الجمهورية التشيكية دولةً مستقلةً في عام 1993م، بعد سبعين عاماً من الوحدة مع سلوفاكيا في إطار الفيدرالية التشيكية السلوفاكية السابقة .
السكان: التركيبة العرقية تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية وهي على النحو التالي:
**************
90 % من السكان من أصل تشيكي، والباقي سلوفاك وموران وبوسنيون وألمان.
الأديان: 59 % من التشيك رسمياً بدون ديانة، 26.2 % رومان كاثوليك، 1.2% بروتستانت 2.0.. % شهود يهوه، تتراوح أعداد المسلمين بين 30 ألف 0 ألف مسلم.
******
وصل الإسلام إلى جمهورية التشيك في القرن العاشر الميلادي، عن طريق قبائل مسلمة من وسط آسيا. وبعد دخول الأتراك العثمانيين إلى وسط أوروبا، وبعد انتصار الأتراك في معركة (كوسوفا) ومعركة (الموهاج) دخل كثير من سكان هذه المنطقة الإسلام. بعد انسحاب الأتراك من وسط أوروبا تعرَّض المسلمون للتنكيل وهدمت مساجدهم وأغلقت مدارسهم وهاجر كثير منهم، وتعرض الإسلام لتحديات كثيرة شنتها إمبراطورية النمسا التي حاولت محو آثار الإسلام في وسط أوروبا وظل الأمر على هذا الوضع حتى صدر قانون التسامح الديني سنة (1782م ) وبصدور هذا القانون تنفَّس المسلمون شيئاً من الحرية.
******
في عام 1912م صدر مرسوم الإمبراطور النمساوي (فرنسوا جوزيف الثاني) واعترف بالإسلام ديناً في الدولة، فشيد المسلمون المساجد والمدارس، وأسسوا الجمعيات وكوَّنوا الاتحاد الإسلامي بتشيكوسلوفاكيا. وهاجر كثير من مسلمي البوسنة والهرسك والألبان إلى تشيكوسلوفاكيا.
******
تم تسجيل أول مؤسسة تمثل المسلمين رسمياً في تشيكيا في عام 1934م، وقد بادر بهذه الخطوة القنصل المصري في براغ آنذاك "عبد الحميد البابابي" بالتعاون مع الصحافي التشيكي المسلم "محمد عبد الله بريكتسيوس" والمثقف الهندي "ميرزا خان"، فحصلت الجماعة الدينية الإسلامية الأولى على الاعتراف القانوني المبدئي بها في عام 1935م دون صعوبات تذكَر، وتجدَّد الاعتراف من جانب وزارة الداخلية في عام 1941م.
******
أهم مناطق تجمع المسلمين في تشيكوسلوفاكيا في مدينة (برنو)، وتوجد جاليات مسلمة في كلٍّ من براغ وأوسترافا وتبليتسه وألوموتس وكارفينا وبعض المناطق الأخرى ولكن بنسَب أقل.
******
ولم تأتِ بوادر الحضور الفعلي للإسلام إلاَّ مع أفواج الطلبة العرب والمسلمين الذين استفادوا من "الثورة المخملية" في تشيكوسلوفاكيا في خريف عام 1989م ليعلنوا عن قيام "الاتحاد العام للطلبة المسلمين في تشيكوسلوفاكيا" فور انهيار النظام الشيوعي، وتم افتتاح أول مسجد معترَف به رسمياً في تشيكيا بقيادة الشيخ منيب حسن الراوي وبعض الأخوة في عام 1998م، ليدخل معه المسلمون في البلاد حقبة الانفتاح والتواصل الفاعل مع المجتمع؛ فالمسجد المشيد في مدينة برنو (عاصمة إقليم مورافيا وثاني مدن البلاد) استقطب في أيامه الأولى آلاف الزائرين الذين أبدوا شغفهم بالاطلاع على الآخر عن كثب وإثراء حصيلتهم المعرفية عن الإسلام.
******
ولم تمضِ سنة واحدة حتى افتُتح في العاصمة التشيكية براغ المسجد الثاني في البلاد، بينما انبثقت "مؤسسة الوقف الإسلامي" من رحم اتحاد الطلبة المسلمين لتتولى الإشراف على المركزين الإسلاميين في برنو وبراغ.
******
مشكلات المسلمين في تشيكيا:
**************
- الحاجة إلى ترجمات صحيحة للقرآن الكريم باللغة التشيكية.
******
- الحاجة إلى إنشاء مدارس إسلامية لتعليم الدين واللغة العربية.
******
- الحاجة إلى دعاة يجيدون اللغة التشيكية للتعريف بالإسلام وفرائضه.
******
- الحاجة إلى منابر إعلامية لعرض الإسلام والدفاع عن قضايا المسلمين والتعامل مع مشاكلهم.
******
- الضغط على الحكومة التشيكية للموافقة على بناء مسجد في أماكن تجمع المسلمين.

******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 06-19-2013, 09:02 PM
 

من ثمرات الغزو الفكري

12/04/2012
مجلة البيان العدد 295
******
لقد عانى أجدادنا كثيراً من الاحتلال العسكري الذي فشا في الدول الإسلامية، خاصة بعد انهيار الخلافة العثمانية عام 1924م، وقد مهَّد لهذا الاحتلال وهيَّأ له الغزو الفكري بوجهيه القبيحين المتمثلين في الاستشراق والتنصير؛ ذلك الغزو الذي اتخذ أشكالاً عدة ومنافذَ مختلفة للسيطرة على عقول المسلمين تمهيداً للاحتلال الأوروبي وانسجاماً معه.

******
تدافعت المحن على الأمة الإسلامية وأصبح كل قُطر يفكر في ذاته كيف يهرب من القصعة ويتجنب الأَكَلَة المحتلين بعد معاهدة سايكس بيكو؛ التي تم بمقتضاها تقسيم التَرِكَة العثمانية في ما بينهم؛ فسيطرت بريطانيا على مصر والأردن والعراق وفلسطين، واستأثرت إيطاليا بليبيا، وأخذت فرنسا سورية ولبنان وسيطرت على تونس والجزائر وغيرها، ولم تنجُ بعض دول الخليج خلال القرنين الماضيين من إرساليات تبشيرية أثَّرت فيها إلى حدٍّ ما، كالبحرين والكويت.
******
لم يبدُ حينها الاحتلال نزيها أو رحيماً في الدول التي وطأت فيها أقدامه ولم ترفع شعارات كثيرة عن الديمقراطيات كما هي عليها الآن، ولم لا ؟ والوضع في دولة الخلافة كان الأسوأ من نوعه حين أعلن كمال أتاتورك عن القومية الطورانية التي لا علاقة لها بالعالم الإسلامي، وألغى اللغة العربية واستبدلها بالحروف اللاتينية، وحوَّل المساجد إلى مسارح، وألغى كتاتيب حفظ القرآن... إلخ؟ فبادلته بريطانيا المغازلة واشتدت الوطأة على بعض الدول العربية خلال هذا العصر.
******
السخرة الجسدية:
*********
ومما عاناه المسلمون استغلالُهم في ما يسمى بنظام السخرة؛ وهو استخدام العمال والفلاحين كعبيد للسيد المحتل في أعمال شاقة للتشييد والزراعة، تخدم أهدافهم في مقابل الأكل والشرب فحسب.
******
هذا التشييد في جميع أحواله لم يكن الهدف منه هدفاً سامياً؛ فقد أُجبر الآلاف - بل قيل: إنهم أكثر من مليونَي ونصف من أبناء مصر - تحت قهر السياط على أعمال لا تصلُح أن تقوم بها حتى الحيوانات - أعزكم الله - كما حدث في حفر قناة السويس وبعض أعمال المزارعة.
******
وحينما خرج المحتل خلَّف وراءه مفسدين يعيثون في الأرض فساداً، بداية من إفساد حركة التعليم وعَلمَنَتها وزرع مدارس تنصيرية، مروراً بشبهات التحرُّرية وإهدار كرامة اللغة الفصحى، وانتهاء بإلغاء المحاكم الشرعية وإحلال المحاكم الوضعية محلَّها.
******
نتج عن هذه التغيرات جيل جديد يركن بعضُه للباطل ويترعرع على عشبه الضار.
ولا ننكر ولا نستصغر دور الإسلاميين والمؤسسات الإسلامية في إعادة تدعيم ثوابت الأمة مرة أخرى في القرن العشرين؛ إلا أن دورهم في هذه المرحلة كان يوصف بسمات متباينة ، من عدم وحدة الصف، واختلاف الرؤى بين التيارات الإسلامية، والإقصاء المتعمَّد من الحكام العرب، وغيرها من المصاعب التي واجهها الإسلاميون بشكل عام.
******
السخرة الفكرية:
********
لكنَّ الأمر لم يسلم؛ فتحت سياط الإهدار الفكري والانحطاط الخُلُقي ونشر الفكر العَلماني المتطرف فإن بعضاً من أبناء عالمنا الإسلامي - وللأسف الشديد - كان قد استعذبهم مبدأ السخرة واستهوتهم سادية الأوروبي، وجرت في عروقهم مجرى الدم فشعروا بأنهم لا بد أن يكونوا دوماً تحت رحمة الأوروبي طوعاً أو كرهاً، واعتقدوا أن البعد عن منهجه يعني الفشل والدمار والتأخُّر والضياع.
******
والسخرة الفكرية هذه المرة كانت على الطريقة العصرية الأنيقة؛ فهي تحاكي دعايات الحرية والإخاء والمساواة، إنها أقل حدَّة وأشدُّ وطأة، وتتمثل في استغلال فكر بعضٍ من المولَعين بالحضارة الأوروبية وادخار قدراتهم لخدمة أهداف أجنبية لتشييد وبناء مطامع الغرب في بلاد العرب.
******
هؤلاء المسخَّرون تتضح ملامحهم من خلال سمات مشتركة فيما بينهم تدل دلالة واضحة على ما نزعمه.
وهذه السمات باتت تفضحهم وتجعلهم في قائمة التاريخ السوداء؛ فلقد حمل هؤلاء أدواتهم التي أصبحت علامة لهم، وباتت مميَّزة تميُّز الفأس على كتف العامل المسخَّر وهو يحفر ليمهد ويشيد ليس له ولا لأبنائه بل للسيد المحتل الأصفر ؛إنها أدوات مكررة أكل عليها الدهر وشرب .
******
السمات المشتركة لعمال السخرة الفكرية:
*******************
ترديد دعاوى المفكرين المتأثرين بالفكر الاستشراقي التي عفا عليها الزمان وامتلأت المكتبات ردوداً عليها، وقد سبقهم إليها أسلافهم، ومنهم من تاب ومنهم من ردَّ عليه العلماء ردوداً مفحمة، ولا يزال هؤلاء المسخَّرون يفتحون الكتب الصفراء نفسها لينقلوا ما فيها وكأنهم يتحـدثون إلى أحجار لا تعي؛ فلا تزال مزاعم طه حسين في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر)، ومزاعم علي عبد الرازق في كتابه (الإسلام وأصول الحكم)، وسلامة موسى في كتابه (ما هي النهضة؟) وقاسم أمين في كتابه (المرأة الجديدة)... وغيرهم
******
لا تزال تتكرر وكأننا نعود لنقطة الصفر مرة أخرى لنقول: إن الإسلام عقيدة لا شريعة وندعو بدعاوى القرن التاسع عشر من التحرُّرية المزيفة! ولا أدري هل يريدوننا أن نعيد كرة الذل والعار مرة أخرى؟ ألم يكتفِ العالم الإسلامي من ويلات تلك الشعارات البائدة؟ ألم يتنبه شباب الأمة إلى أن التغييـر الـذي يحمله هؤلاء هو تغيير فقط في المسميات لا في الأفكار والرؤى؟
******
الربط بين التقدمية والحرية وبين التخلي عن الإسلام: من خلال عقد مقارنات زائفة بين الحضارة الأوروبية المتقدمة وتحرُّرها من الكنيسة، وبين تخلُّف المسلمين والتزامِهم بدينهم، مقتبسين قضايا وحججاً عانى منها الغرب النصراني من تسلط الكنيسة ومن ثَمَّ إسقاطها قسراً على الإسلام للتلبيس على عامة المسلمين، ومن المعروف البون الشاسع بين فكرتَي الدولة الدينية الثيوقراطية والخلافة الإسلامية.
******
رفع الشعار الأتاتوركي مرة أخرى بعد أن ظهر زيفه وحقارته؛ وهو أن الخلافة الإسلامية هي احتلال عربي أو تركي، وأنها بأفكارها القديمة باتت كالرجل المريض الذي لا يُرجى برؤه، وتهييج الحس القومي والمؤثرات العرقية في كل قطر
******
تكرار بعض القضايا القديمة التي قُتلَت بحثاً وردّاً، وأثبتتْ في تطبيقها على المسلمين فشلها المحض، بل واعترف الغرب الحديث بأهمية العودة لمبادئ الإسلام في مثل: قضايا تحرير المرأة، وسياحة العري، وقضية الاقتصاد الربوي البديل عن الاقتصاد الإسلامي، والقضايا المتعلقة بالجنس والترهيب من تطبيق الحدود.
******
إثارة الشبهات بالطعن في الثوابت ونشر ثقافة التعددية في الإسلام: بمعنى أن الاسلام ليس فقط الإسلام السني؛ بل هناك فكر معتزلي عقلاني قويم (المدرسة العقلانية الحديثة)، وآخر صوفي متبتل، وثالث شيعي معتدل! واللعب على أوتار التزوير في القصص التاريخية بنقل روايات متهافتة تستند إلى الوضع والتدليس، للطعن في الصحابة وفي أعلام أهل السنة بطريقة لا تمتُّ لمنهج علمي صحيح بصلة.
******
إلقاء شبهات مكررة ضد التيارات الإسلامية: وكأننا نرجع القهقرى ثلاثين عاماً أو يزيد، لنتهم التيارات الإسلامية بالاستغلاق والإرهاب وانعدام الوعي والصلف والجمود، والتعامل مع القضايا الحياتية والمعاملات الاجتماعية بالقسوة والتعصب، ونحن لا نطالب بأكثر من التعامل مع الجميع بحيادية دون الحكم المسبق والمعقود على الآخرين.

محاولة تبنَّي الفكر العقلاني المستعلي على النقل والغيبيات، وتحكيم العقل محل الشرع، ووضع ذلك وكأنه الخيار الأول والأخير في تحكيمهم للقضايا الشرعية والعقدية وتغليف الحوار بمقولة الرأي والرأي الآخر، رغم أنه لا يوجد في معظم أطروحاتهم إلا رأي آخر.
******
ظهور بعضٍ من هؤلاء الملحوظ في الإعلام بمجالاته المختلفة، وارتفاع صوتهم بلا مبرر، ومنحهم دورات ابتعاثية في بعض الدول الأوروبية، وتدعيم آرائهم الشاذة من قِبَل جهات معروف تاريخها في التعاون مع الغرب رغم عدم تميُّز هؤلاء العلمي، ولا قدراتهم السياسية في بعض الأحيان، وهو ما يجعلنا نفسر الأمر ونربطه بأسبابه الحقيقية، والعجب يبلغ أشده حين تجد منهم من خَفَتَ ذكره ورسمه، وما إن يحارب دين الله إلا وتنافح عنه المنظمات الحقوقية العالمية، بل قد يصل الأمر لوزراء بعض الدول الغربية أن يدافعوا عنه بالظُّفْر والناب!
******
إن ما يحدث الآن - خاصة في البلاد التي بدأت فيها الثورات المعاصرة أو الربيع العربي - لا يمكن بحال وصفه بأنه حالة من (الغزو الفكري) كما حدث سابقاً في احتلال القرن الماضي؛ فلقد ساعدت هذه الثورات على تمييز الصفوف واتضاح الرؤى المتباينة، ولكننا يمكننا القول بأنها مرحلة متقدمة عن هذا المصطلح؛ حيث تم انتقاء العيِّنات المناسبة من تجربة الغزو الفكري وتصفيتها لاستخدامها في السخرة الفكرية.
******
فلم تَعُدْ كما بالسابق مجرد منشورات ومقالات وكتب تكتب على استحياء من المتأثرين بالفكر الغربي، يصادَر بعضها وتمنَع من النشر ويُرَدُّ على بعضها ويتراجع الآخرون عن بعض أقوالهم، بل أصبحت مناهجَ مدروسة تمالأ عليها مفكرو السخرة، وعمال الشاشات الإعلامية، وبعض ممن يسمَّون بالنشطاء الإنسانيين في الملتقيات الثقافية والصحف وشبكة التواصل الاجتماعي.
وثمة كثير من الأدلة المصورة التي تبرهن صدق حديثنا وتوضح كيف يتواطأ هؤلاء على رواية الخبر وتحليل الحدث في أوقات متزامنة تجعلنا نضع حولهم كثيراً من علامات الاستفهام.
******
ويحدونا الأمل:
*******
إن الأمل في الله كبير؛ فخذلانهم بات سهلاً على المجتمعات الإسلامية، ولقد أثبتت لنا الشعوب الإسلامية في الآونة الأخيرة أن الخبرة المجتمعية والعقل الجماعي للشعوب الإسلامية اكتسب خبرة عريضة خلال تجربة القرن السابق، ولم يعد مخدوعاً كسابق عهده؛ رغم اشتداد وطأة هؤلاء المسخَّرين وتحسُّن نتاجهم وأدائهم عن السابق، وتمكُّنهم من أدوات عصرية حديثة ليست في أيدي غيرهم.
******
ومهما يكن من مخاوف وتوجُّسات من التفافٍ حول الثورات المعاصرة، فلن يضر كثيراً العقلَ المسلمَ في القرن الـ 21 بإذن الله، وهو الذي ظهر حجمه الطبيعي للمرة الأولى بعد مضي قرن من التعتيم والتكتم والإقصاء المتعمَّد، لقد كانت تجربة الغزو الفكري مريرة بحق ولا نزال نعاني منها، وأضحت السُّخرة الفكرية أشد مرارة لكنها أيضاً أشد تمايزاً عن الحقيقية والحق.
وكما يقال: إن الضربة التي لا تقصم الظهر تقوِّيه، ونحن على يقين أن ما لا يأتي بالحوار سيفلُّه في يوم ما الحديد والنار؛ وذلك إذا انكشف الوجه القبيح للاحتلال الحديث مرة أخرى وفكَّر في إعادة كرة الاستعمار العسكري.


******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 06-25-2013, 10:21 AM
 

الأغلبية بين الإسلام والديمقراطية
22/03/2012
محمد بن شريف شاكر

******

الأغلبية والأكثرية لفظان مترادفان يدلان على معنى واحد وهو الكثرة في مقابل ما يضادها وهو الأقلية فالأقلية والأكثرية وجهان متضادان، لكن ليس واحداً منهما بمجرده دال على الحق أو الباطل، فليست الأكثرية معياراً للحق كما أن الأقلية ليست ملازمة للباطل والعكس أيضاً صحيح فليست الأكثرية دلالة على الباطل كما أن الأقلية ليست ملازمة للصواب.
******
لكن في أحيان كثيرة تكون الأغلبية قرينة على الصواب أو على الموقف الذي ينبغي اعتماده، ونظراً لأن الديمقراطية تقوم على أساس جعل الأكثرية معياراً للحقائق ومناطاً للإلزام فقد حصل نفور شديد لدى قطاع عريض من الإسلاميين تجاه هذه اللفظة حتى ربما وصمها البعض بطاغوت الأكثرية أو الأغلبية ووصم من يعتمد هذه اللفظة
******
ويعمل بما دلت عليه في الفصل بين الأمور على أنه متبع للمذهب الديمقراطي ومروج للباطل بين المسلمين.
واستخدام أهل الباطل للفظ ما في تسويق باطلهم وترويجه في سوق الأفكار لا يحملنا على ترك استعماله إذا كان دالا على الصواب، غاية ما هناك أن يكون لدينا احتراز شديد من أن يتسرب من خلال هذا اللفظ شيء من الباطل الذي يستخدم في ترويجه.
******
وعندما ننظر للفظ الأغلبية أو الأكثرية نجد أن أهل العلم يستخدمونه في أقوالهم سواء بلفظه أو معناه مع اعتدادهم به وعملهم بمقتضاه وهذا يؤدي بنا للتعامل مع هذا اللفظ من غير حساسية، أو من غير الشعور بانتماء هذا اللفظ إلى مجال معرفي مناقض لما دل عليه دين رب العالمين
******
هناك من القضايا المقررة شرعاً ما لا يمكن العمل بها في بعض حالاتها إلا مع الاعتداد بقول الأغلبية أو الأكثرية ومن ذلك الشورى التي مدح الله المؤمنين بالقيام بها، كما في قوله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} فإذا تشاور المسلمون في أمر وانقسموا بإزائه إلى فريقين أو كثر فما العمل إذن؟
******
إذا كان في الأمر نص يجب المصير إليه فلا شك أن الصواب مع الفريق الذي يكون النص في صفه ولو كان الفريق فرداً واحداً ومن ثم فيكون هو الواجب الاتباع، وهذا القول مناظر لتفسير أهل العلم للأمر الوارد بلزوم الجماعة أو السواد الأعظم إذ ليس المقصود من ذلك لزوم العدد الكثير أيا كان موقفه من الصواب، بل المقصود اتباع الحق قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: "الجماعة ما وافق الحق وأن كنت وحدك".

لكن إذا لم يكن في الأمر نص يجب المصير إليه فما العمل إذن؟
******
لا يمكن أن نكون محققين للشورى بعد إجرائها إلا إذا اعتمدنا الرأي الذي تدل عليه الأغلبية، وهذا أيضا قد يصادفنا في مسألة في غاية الأهمية وهي تولية الخليفة فمن المقرر في فقه السياسة الشرعية أن أهل الحل والعقد هم من يعقد الإمامة للخليفة ومن المقرر أنه لا يشترط في عقدها إجماع أهل الحل والعقد، فإذا لم يتفقوا على شخص واحد بل مال فريق إلى شخص ومال فريق آخر إلى شخص ثاني فالحل في ذلك أن تعقد الخلافة لمن مال إليه أغلبية أهل الحل والعقد
******
لذا نجد في بعض أقوال أهل العلم أن الخلافة "لا تنعقد إلا بجمهور أهل العقد والحل من كل بلد"، ونحو هذا ما كان من تدبير عمر رضي الله تعالى عنه حينما حصر الخلافة في الستة الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض قال كما أخرج ابن سعد في الطبقات: "قال عمر بن الخطاب لأصحاب الشورى: تشاوروا في أمركم فإن كان اثنان واثنان فارجعوا في الشورى. وإن كان أربعة واثنان فخذوا صنف الأكثر".
******
وهو ما يعني الاعتداد بقول الأغلبية أو الأكثرية، وفي رواية أنه قال: "وإن اجتمع رأي ثلاثة وثلاثة فاتبعوا صنف عبد الرحمن بن عوف واسمعوا وأطيعوا" فحينما لم يكن هناك أقلية أو أكثرية بل تساوى الطرفان رجح الفريق الذي فيه عبد الرحمن بن عوف، وهو الترجيح بمرجح خارجي عندما لا تكون أكثرية وأقلية.
******
وقد نقل ابن القيم في إعلام الموقعين عن البيهقي قوله فيما اختلف فيه الصحابة: "وإن اختلفوا بلا دلالة نظرنا إلى الأكثر"، أي إذا لم يكن مع المختلفين دليل فيما يذهبون إليه فالتعويل على الرأي الذي معه الأكثر منهم.
******
بل قد تجاوز التعويل على الأكثرية هذه الأمور حتى عمل بها العلماء في شأن من يؤم بالناس في المساجد الأهلية وهي المساجد التي يبنيها أهل الشوارع والقبائل في شوارعهم وقبائلهم وأحيائهم
******
قال الماوردي: "وإذا اختلف أهل المسجد في اختيار إمام عمل على قول الأكثرين"، وكذلك في تفسير حديث: من أم قوما وهم له كارهون...الحديث قال ابن قدامة في المغني وغيره: "قال أحمد، - رحمه الله -: إذا كرهه واحد أو اثنان أو ثلاثة فلا بأس، حتى يكرهه أكثر القوم"فلم يعتد أحمد رحمه الله بكراهية الأقلية حتى يكرهه أكثر القوم.
******
وقد علّق ابن حجر على الحديث الذي يرشد بعدم القدوم على أرض نزل الطاعون بها ولا الفرار من أرض نزل بها واختلاف الصحابة في أمر الطاعون الذي نزل بعمواس

فقال ابن حجر: "وفيه الترجيح بالأكثر عدداً والأكثر تجربة لرجوع عمر لقول مشيخة قريش مع ما انضم إليهم ممن وافق رأيهم من المهاجرين والأنصار فإن مجموع ذلك أكثر من عدد من خالفه من كل من المهاجرين والأنصار ووازن ما عند الذين خالفوا ذلك من مزيد الفضل في العلم والدين ما عند المشيخة من السن والتجارب، فلما تعادلوا من هذه الحيثية رجح بالكثرة" وعندما قال له أبو عبيدة: فرارًا من قدر الله؟ أي ترجع فرارا من قدر الله فقال له عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، قال القسطلاني:"لأدبته لاعتراضه عليّ في مسألة اجتهادية اتفق عليها أكثر الناس من أهل الحلّ والعقد".
******
واذا انتقلنا إلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ففي غزوة أحد على سبيل المثال انقسم المسلمون في الرأي هل ينتظرون المشركين حتى يقدموا المدينة ويقاتلونهم فيها وهذا كان رأي المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعه طائفة من المسلمين، والرأي الثاني هو الخروج لملاقاة المشركين خارج المدينة قال ابن كثير: :فأشار جمهورهم بالخروج إليهم، فخرج إليهم"، وهو ما يعني الاعتداد برأي الجمهور والجمهور لفظ مرادف للأغلبية أو الأكثرية.
******
لكن نلاحظ هنا أمور:
************
- أن الأغلبية يعمل بها عندما لا يكون هناك ما هو أقوى منها في العمل كوجود الأمير الصالح العالم وفي حالة غياب الأمير كما في اختيار الإمام فتم التعويل على الأغلبية لعدم وجود الأمير الذي يفصل في الأمر، فإذا وجد الأمير فرأيه في مسائل الاجتهاد مقدم على غيره سواء كان الغير أقلية أو أكثرية
قال شارح الطحاوية: "وقد دلت نصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أن ولي الأمر، وإمام الصلاة، والحاكم، وأمير الحرب، وعامل الصدقة: يطاع في مواضع الاجتهاد، وليس عليه أن يطيع أتباعه في موارد الاجتهاد، بل عليهم طاعته في ذلك، وترك رأيهم لرأيه".
******
- كما يعمل بها إذا قبل صاحب الصلاحية أن يعمل برأي الأكثرية كما حدث في غزوة أحد حيث ترك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم رأيه لرأي الجمهور كما قرر ذلك ابن كثير رحمه الله تعالى.
******
- على أن هناك فرقاً جوهرياً بين الأغلبية في الإسلام والأغلبية في الديمقراطية، فأغلبية الإسلام تعمل تحت غطاء الشريعة فلا تستقل بتقرير الحق أو الواجب، وأكثر ما تستخدم فيه تطبيق أو تنفيذ المقرر شرعاً أو تحقيق المناط أو الترجيح بين الأمور، وأما الأغلبية في الإطار الديمقراطي فهي تتجاوز ذلك حتى تستقل بتقرير الحق والصواب أيا ما كان ما خالفها في ذلك، كما أن الأغلبية في الإسلام أغلبية قد استجمعت المؤهلات التي تؤهلها لما يؤخذ فيه رأيها، بينما الاغلبية في الديمقراطية أغلبية عددية دون النظر إلى المؤهلات التي تؤهل صاحب الرأي في الموضوع الذي يؤخذ الرأي فيه.
******
وقد يعترض معترض على ما تقرر في الأسطر السالفة بآيات القرآن التي جاء فيها {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} ونحوها، وبالتأمل في مواضع مجيء هذه الآيات يتبين بكل وضوح أنه لا تعارض بين ما تم تقريره أولاً وبين ما جاء في الآيات الكريمات، لأن الآيات إما أنها تذكر ذلك بخصوص أقوام معينين أو بشرائط خاصة أو مقيدة بمجال معرفي محدد، والمقال لا يتسع لإيراد كل تلك الآيات وبيان المراد في كل آية على حدة، ومما يبين أن الآيات ليست على العموم الذي يتبادر لبعض الناس، فلو كانت عامة لشمل ذلك الناس كلهم ولانطبق ذلك على الصحابة رضي الله تعالى عنهم فهل يقول مسلم: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلون في قوله تعالى {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} أو قوله {ولكن أكثر الناس لا يشكرون}، ونحو ذلك،ولعل ما تقدم يكون سبباً في تعامل الإسلاميين التعامل الصحيح مع هذا المصطلح.

******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:31 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011