بداية الفصل التاسع عشر :
في تلك المُدن التي تقع تحت حكم الكنيسة تحديداً في الغابة الفاصلة بين مناطق الكنيسة و الحاكم .. بدأت معركة كبيرة بالإندلاع بعد أن كانت مجرد مبارزة بين أدريان وكارل .. إلا أن الأشخاص الذين إعتادوا القتال إلى جانب أدريان تدخلوا بها وقد حدث الأمر ذاته مع من كان بجانب كارل .. إذ إندلعت حرب داخلية بين الجنود أنفسهم .. ليحدث إضطراب كبير في تلك المنطقة :
كان سيفا القائدين يلتحمان ببعضهما البعض بقوة كبيرة .. وكأن كل واحد منهما عازم على قتل الآخر وإنهاء حياته .. نظرات كارل الغاضبة كانت منعكسة وبشدة على قوة هجومه الكبيرة .. بينما نظرات أدريان الحادة والجادة والتي لم يسبق له ولا حتى عندما كان يلقب بكلاريس أن يظهرها ويظهر كل هذا العزم .. دفاعه و هجومه كان حاداً كتلك النظرات أيضاً .. لكل منهما هدف وعلى ما يبدو أن هذه الأهداف قد تعارضت مع بعضها البعض لتشكل نقطة خلاف بينهما .
هوى سيف كارل بقوة شديدة جعلت أدريان الذي تمكن من صدها يتراجع إلى الخلف وقد فقد توازنه للحظات .. إستغل كارل تلك الفترة القصيرة جداً كي يطلق العنان لسيفه ويغرسه في كتف خصمه بقوة شديدة .
..........
وفي نفس المنطقة بداخل زنزانة التي وضع بها دانيل :
جاكوب بسخرية : حسناً إذن لا تقل لي أنك استسلمت حقا دانيل .
أشاح بوجهه وهو يتحاشى النظر إلى أي أحد .. كما أنه كان يرفض تناول الطعام والتحدث أو الرد على أي شخص .. مما جعل جسده يضعف أكثر وغير قابل للمزيد من تلك التعذيبات التي كان يلقاها .. لا جسدياً ولا حتى نفسيا فهو على وشك الإنهيار تماماً .. إن لم يكن قد إنهار بعد .
فرناندو بهدوء : أترى يا جاكوب ؟ إنه أكثر عدو كنا قلقين إتجاهه .. والآن هو حتى لا يستطيع التحدث أو التهكم معنا كما هي عادته .. هذه هي نهاية كل من يقف بوجهنا .
جاكوب بنظرة إنزعاج وشك : أجل سيدي لقد رأيت ذلك .
قطع تلك المحادثة دخول أحدهم بسرعة كبيرة وهو يحاول إلتقاط انفاسه المتعبة
الجندي : سيدي فرناندو إنها مصيبة .
فرناندو بحدة : مالذي يحدث ؟
الجندي بقليل من الخوف : سيدي .. إن السيد أدريان وجنوده إضافة إلى سيد كارل وجنوده دخلوا في معركة قوية .. إلى الآن أصيب أدريان بالقليل من الجروح .. وطعنة في كتفه الأيمن .. سيقضي أحدهما على الآخر وأيضاً .. جنودنا قد وقع عدد كبير من الضحايا وكل ذلك في الغابة .. إن علم الحاكم بهذا الأمر ...
جاكوب : سيستغل الأمر ويأتي للهجوم علينا .. بمساعدة من الثوار .
ليغادر بعدها مسرعاً وقد تبعه فرناندو .. بينما بقي دانيل يحدق بالفراغ .. غير قادر على التفكير بأي شيء .
............
في قصر الحاكم :
كان جو من الصمت والكآبة يحلق بالأجواء .. نظر جاك حوله ليرى هنري يقوم بأعماله بكل هدوء وقد إرتسمت نظرة حزن في عينيه .. أما لويس فهو وللمرة الأولى يعمل من دون أن ينطق بأي حرف .. ودورثي هادئة ولا تقوم بإزعاج لويس كالعادة .. تنهد بقليل من التعب وقد شعر بالملل من هذه الأجواء .. آخر ما كان يتوقع حصوله هو أن يتمنى عودة الضحكات مرة أخرى إلى وجوه الجميع بمن فيهم حراسه !
جاك بهدوء : لماذا لم تذهب لزيارته اليوم يا هنري ؟
توقف هنري عن الكتابة قليلاً وقد تحاشى النظر إلى وجه سيده ليتحدث بهدوء مصطنع : لدينا الكثير من الأعمال ولا أظن أن وجودي سيشكل أي فرق بالنسبة له
لويس بقليل من الإنزعاج : أنت مخطئ .. تعلم أن آرثر سيكون أفضل حالاً إن بقيت إلى جانبه !
أخفض رأسه ليتحدث بحزن : لا , بل ربما ستزداد حاله سوءاً .. من الأفضل لي أن أختفي عن ناظريه تماماً هذه الفترة فربما تتحسن صحته إن رحلت أنا .
نظرت دورثي له لتتحدث بشك : ماذا تعني بجملة إن رحلت أنا ؟ أنت لا تنوي إيذاء نفسك صحيح ؟
لويس بغضب : من فضلك هنري لا تفكر بمثل هذه الطريقة البلهاء .. أنت من فهم كل شيء بطريقة خاطئة .
هنري بهدوء : وكيف علمت أنت بالأمر ؟
لويس وقد بدى التردد على محياه : ح .. حسنا .. لقد .. علم الجميع بالأمر .. لإنه .. قام كلاود بصفع آرثر .. وقد تشاجرا لذلك ...
توسعت عينا هنري من الصدمة ليتحدث بإنفعال : وكيف يشاجره وهو متعب ؟ ومن ثم ما شأنه هو بما يحدث بيني وبين أخي ؟
لويس بهدوء مفاجأ : إنه يعتبر نفسه صديقاً لكما وهذا يكفي لكي يتدخل .. و أيضاً لقد كان شجاراً من طرف واحد على ما أظن لإنه وببساطة لم يجبه آرثر بل بقي ينظر له بصدمة حتى النهاية .. ولكي تعلم فقط .. أن آرثر قد إلتزم أخيراً بتناول الدواء والطعام فقط حتى تتحسن صحته ويأتي هو بنفسه إليك كي يعتذر ويوضح لك مقصده .
هنري بإنزعاج شديد وصوت مخنوق : سيدي الحاكم من فضلك أيمكنني العودة لغرفتي قليلاً .
جاك بهدوء مخلوط بمشاعر الحيرة : أجل يمكنك الذهاب .
.............
في قصر الثوار :
فريدريك بتعب شديد : كم هذا العمل مزعج .. كيف كان دانيل يقوم به لوحده ؟
كلاود وهو يتنهد : أنت محق .. نحن إثنان ولم ننم طوال الليل لإنجازه وبالرغم من ذلك .. تباً .. فريدي هل يكون قائدي بخير بعد كل هذه المدة ؟ أعني ذلك الفرناندو شخص ماكر ولا أعلم ماذا قد يفعل به .
فريدريك بحزن شديد : أخبرني ماذا نفعل ؟ هل نتجاهل حقيقة أننا سنقوم بإختراق أراضي الكنيسة حيث مقرهم وهم لابد أنهم مستعدون لنا .. أم نترك القائد تحت رحمتهم .
جين بغضب : علينا الذهاب والمخاطرة بحياتنا كما خاطر هو من أجلنا من قِبل .. تماماً كما أنقذنا من الموت والهلاك .. وكما سلم نفسه للحاكم من أجلنا .
جولييت بهدوء : وأنا أيضاً , أفضل الموت على أن نتخلى عنه .. ماذا لو أقنعه فرناندو أننا لن نأتي أبداً .. أو ربما قام بغسل دماغه كما فعل لشقيقه الأصغر .
لورا بحزن : نحن خذلناه .. تماما كما نفعل دائماً .. فقط يومان ويكمل دانيل الشهر في ذلك المكان .
أخفض الجميع رؤوسهم بحزن شديد .. وهم يشعرون بالحيرة والعجز .
إيزابيلا : دانيل شخص قوي .. لإنه إستطاع ان يجمعكم ويحافظ على وحدتكم حتى في غيابه .. أظن أنه سيكون بخير .
كلاود وقد أخفض رأسه : ولكنه إنسان أيضاً .
فريدريك موافقا لكلاود : لقد قُتل والداه أمامه .. ولم يتمكن حتى من الحِفاظ على شقيقه الأصغر بل تم تحويله لعدو له .. دانيل كان يقاتل شقيقه وهو يحمل في داخله الكثير من الألم والحزن .
جولييت وقد كانت على وشك البكاء : لم يخبر أحداً بما يعاني كان دائما يطلب منا البكاء حتى نرتاح من تلك الهموم المثقلة .. يستمع إلينا ويحدثنا بلطف ..ونحن لم نفعل شيئاً له .
عاد الصمت الثقيل ليحل على الأجواء مرة أخرى .
.........
في منزل الحكيم :
أنجلينا : أنت هادئ للغاية . وهذا أمر مزعج كما تعلم .
آرثر وهو يقرأ كتابا ما : ربما .
أنجلينا بإنزعاج : لا يهم .. لقد حان موعد دوائك .
آرثر وهو يضع الكتاب جانباً : حسناً .
أنجلينا : لو أنني أعلم أن شجارك مع هنري بل سوء الفهم الذي وقع سيجعلك مطيعاً لقُمت بالتسبب به منذ زمن بعيد .
آرثر بحزن طفيف : ولكن آنجلينا .. هنري لن يتمكن حقاً من أن يفهمني جيداً .. أظن أن الحقيقة هي لا أحد منا يفهم الآخر .
أنجلينا بهدوء وبإبتسامة : ولكن كلاكما تريدان مصلحة الآخر آرثر .. أعني أنتما متشابهان جداً .. هو لا يريد لك سوى السعادة ويرى نفسه الملام على ما يحدث لك .. وأنت أيضاً ترى أنك المخطأ .. ليتك كنت مسيقظاً لترى دموعه .. واعتذراه لك .. حتى أنه بقي يردد بأنه السبب .
أخفض آرثر عينيه لينظر إلى ارضية الغرفة وهو يتحدث بحزن واضح : كيف يمكنني تصحيح الأمر ؟ لا أريد حقاً أن يحزن أو يغضب مني .. أنا أشعر بالإختناق الشديد هنا .. أرغب في ان ( بدء يتحدث بتردد واضح ) : في .. البكاء .. على الأقل ربما .. أتمكن من التخفيف قليلاً عن نفسي .. لا يمكنني نسيان ألمه عندما وضع يده على قلبه .. أنا من كان السبب .
همت أنجلينا بالرد ولكنها سرعان ما إبتسمت إبتسامة واسعة وهي ترى محور حديثهما يدخل إلى الغرفة لتغادرها بهدوء بينما لم يشعر آرثر بذلك لإن نظره كان موجهاً للأرض .
هنري بحزن وشيء من الهدوء وهو يجلس على الأرضية بجوار سريره ويضع رأسه على حافته : أخبرني أنت أخي .. أتظن أنني سأكون سعيداً إن أشعرتك بالحزن ؟ لا داعي للإعتذار .. فقط إن كنت أسبب لك الألم والحزن فأنا أقسم لك بأنني سأختفي من هذا العالم إلى الأبد .. ولكن أنت كن بخير .
رفع آرثر عينيه بصدمة ودهشة لينظر إلى شقيقه الذي دفن وجهه في السرير .. رفع يده ليضعها على رأسه بهدوء .
آرثر بألم : انت مخطئ .. أنا يا أخي لا أريد رؤية هذا الحزن في عينيك أريد رؤية إبتسامتك .. وشخصيتك القديمة ذاتها التي فقدتها .. لا أرغب برؤيتك حزينا .
هنري وقد رفع رأسه : أنا لستُ حزيناً .. ما دمت أنت هنا يا أبله .. أنت هو قدوتي منذ كنت طفلاً .. ولهذا السبب أبتعدت فقط عن شقاوتي حتى أهزمك .. كي أصبح مثلك فأنت هو مثلي الأعلى .. أتعلم ما مدى السعادة التي شعرت بها عندما إنتصرت عليك في تحدي قائد الحرس في القصر ! وفي الوقت ذاته شعرت بالألم الشديد لإن أخي هزم أمامي وأنني سوف أصبح قائدا عليه بينما أنا لا شيء سوى مجرد منتحل لشخصيته !
بدت ملامح الصدمة تظهر على آرثر الذي تحدث بدهشة : أتعني أنك طوال تلك المدة تنتحل شخصيتي أنا ؟!
هنري بإبتسامة : أجل , لكنني مللت منها عندما واجهنا مشكلة أختي إيزابيلا وسمو الأمير ... لقد كان الأمر مملاً للغاية وكنت بحاجة للغضب والشجار مع أحدهم فقررت العودة لشخصيتي القديمة .
كلاود بإبتسامة : كان عليكما التحدث منذ زمن طويل عن مشكلكما بدلا من الشجار الأبله .
فريدريك : على الأقل لقد عادت المياه إلى مجاريها بينهما .. وفقط تبقى أن يعتني آرثر بصحته جيداً .
آرثر بإبتسامة : بالطبع سوف أفعل .
...........
في مناطق الكنيسة :
بالرغم من أن الدماء ملئت قميصه بسبب ذلك الجرح العميق إلا أن ذلك لم يمنعه من الهجوم بأقصى ما لديه من قوة .. ليسمح لنفسه أخيراً بغرز سيفه في صدر خصمه الذي سقط أرضاً من الألم .. نظر أدريان له بإبتسامة واسعة وهو يرفع سيفه لإنهاء حياة خصمه إلى الأبد ولكن :
فرناندو بغضب شديد : توقف مكانك حالاً !
نظر المعني بقليل من الإنزعاج والغضب ليهوي بالسيف أمام أنظار الجميع المترددة والقلقة والغاضبة حتى جعله يستقر أخيراً على الأرض بجانب رأس خصمه تماماً .. ليجلس هو الآخر على الأرض ويهمس في أُذن كارل ببعض الجمل التي لم يتمكن أحد ما من سماعها لينهض بعدها ويقف وهو يحني رأسه قليلاً أمام سيده .
جاكوب بهدوء : هل أنت بخير كارل ؟ تباً إصابته بليغة .. أكنت تنوي قتله حقاً ؟
أدريان بهدوء وبرود أيضاً : أجل .. ولكن يبدوا لي أن حظه جيد اليوم .
فرناندو بصراخ : أدرياان .. من طلب منك أن تشعل حربا داخلية ؟
أدريان وهو ينحني : لا أحد سيدي .. ولكنه من بدأ بهجومه .. وأنا لن أسمح لأي أحد بأن يأخذ حياتي مني بسهولة .
فرناندو بهدوء : لا يهم .. جاكوب إبدء بتنظيف هذه الفوضى حالاً ولكن أولا تأكد من علاج أدريان وكارل من جراحهما .
ليغادر المكان بعدها .. بينما حمل جاكوب كارل ووضعه على أحد الأحصنة وقد طلب من أحد الجنود أخذه إلى الحكيم ليمسك هو بأدريان ويجبره على الذهاب معه .
...........
في الزنزانة :
دانيل بهدوء : ماذا حدث لك الآن ؟ تباً لكل هذا .. علي الخروج من هنا .. سيكون علي أن أعود لرشدي .. يجب أن لا أستمع لحماقتهم .. كيف سأقابل الآخرين وأنا بدأت أفقد ثقتي بهم بسبب كلامه التافه .. تباً .. وأدريان الأحمق بماذا يفكر ؟
..........
في قصر الحاكم :
نظر جاك بقليل من الدهشة الى هنري ولويس اللذين دب فيهما النشاط فجأة بعد عودتهما إلى القصر .
جاك وهو يعيد نظره إلى الأوراق : ماذا حدث ؟
لويس : لقد حدثت بعض الأمور الجيدة في الواقع .
جاك بهدوء : هل الأمر له علاقة بصحة آرثر ؟
لويس : أجل , يبدوا أنه سيتحسن قريباً .
جاك : جيد .. هنري .
هنري وهو ينحني : تحت أمرك سيدي .
جاك : أريد منك أن تذهب وتسأل شقيقتك إن كانت تحب لويس حقاً .. لإنه الحفل الأسبوع المقبل سيكون حفل إختيار وإعلان عن الحاكمة المستقبلية .. وإن كانت إيزابيلا ترغب حقاً في أن تكون إلى جانب لويس فأنا لن أعارض أبداً .
هنري بقليل من الهدوء والتردد : أمرك سيدي .
لويس بصدمة وحزن : ولكنها لن تتخلى عن شقيقيها يا أبي .
جاك وهو يتنهد : ومن طلب منها فعل ذلك ؟ شقيقيها هما قائدا الحرس في هذا القصر .. يمكن إعتبار قائد الحرس من الاسر النبيلة صحيح ؟
لويس بإبتسامة : حقا أبي !
جاك : وهل ترى أنني أمزح ؟
لويس : لا .. أنت رائع بالفعل !
نظر جاك للويس بإنزعاج وحدة جعلته يعود إلى عمله بينما أخفض هنري رأسه في محاولة منه لعدم الضحك .. بينما تعالت ضحكة دورثي بالفعل .
جاك بجدية : ولكن هنري .. في الواقع هنالك أمر ما .. على إيزابيلا أن تعلم أنه في الحقيقة ليس لويس هو وريث العرش .
نظر الجميع إليه بصدمة وحيرة .
دورثي بتردد : م .. ماذا تقصد ؟
جاك بنفس الجدية : تعلمون جميعاً أنه لدي أخ أكبر مني تم إختطافه بعد ولادته بأيام قليلة .. وبناءاً على ذلك أنا لستُ الوريث الشرعي للعرش فهو من أحق به .
لويس بحيرة : ولكن أبي .. لم يتم العثور على عمي فكيف يكون له وريث ؟
إليزابيث بهدوء : إنه محق .. شقيقنا الأكبر لا أحد يعلم أي شيء عنه .. فكيف لك أن تقول أن له وريث ؟
جاك بإبتسامة غامضة : بل وريثان في الواقع .. وأهلاً بكي هنا إليزابيث .
إليزابيث وهي تنحني : شكرا لك أخي .. أعتذر على دخولي الوقح منذ قليل .
جاك : لا يهم ذلك .
هنري بتردد : ولكن سيدي من هو الوريث الشرعي للعرش ؟
تنفس جاك بعمق ليتحدث : دانيل و أدريان أبناء جون هونسون .. هم ورثة العرش هنا .
وكأن هنالك إنفجاراً ما وقع في تلك الغرفة التي غلفها السكون التام بعد تلك الجمل .
أغمض جاك عينيه ليتحدث بعدها بهدوء وهو يذكر لهم أحداث الماضي البعيد ..
............
في الماضي :
دخل جاك الذي كان ربما في العاشرة من عمره إلى قاعة العرش .. ليجد أن الأوضاع مضطربة للغاية .. كان جون يجلس على ركبة واحدة وهو يحني رأسه للأسفل بحيث لم تظهر ملامح وجهه جيدا بينما كان الغضب يعتلي وجه الملك .. أما الملكة فقد تجمعت الدموع بعينيها .. كانت الغرفة خالية من أي حرس .. تقدم بهدوء وهو يقف إلى جانب جون وينظر حوله بتوتر وقليل من الخوف .
الملك بحدة : هذا مرفوض .. أقسم أنني سأقضي على كل تلك العائلة .. لقد وثقت بهم .. الأسرة الوحيدة التي لم اقم بطردها بعد إختطاف ابني .. لم أتخيل يوما أن يكونوا هم من قاموا بإختطافه .. بل وتجرأوا على تحويله لخادم يعمل هنا .. سأقضي على كل من تجرأ على ذلك .. سأقوم بجعل ابناء هذه الاسرة يلحقهم العار اينما ذهبوا .
رفع جون عيناه وقد إمتلئ وجهه بالدموع ليخفضه بسرعة كبيرة ..
جون بصوت حزين : ولكن سيدي أرجوك لا تفعل ذلك .. هم قاموا بتربيتي .. واعتنوا بي .. لستُ مهتماً بأي أمر آخر .. لقد ماتا بكل حال .. لا شأن للأسرة كلها بما فعلاه .. أرجوك .
الملك بغضب : إعتنوا بك ؟! ليس وكأننا ألقيناك إلى الشارع وهم وجدوك .. لقد إختطفوك من غرفتك .. من منزلك .. وذلك الرجل وزوجته هما كبيرا اسرة هونسون .. وبموجب غلطتهما سيعاقب الجميع .. كان عليهم إخبارنا بالحقيقة .. أنت مهتم بهم فقط .. ألم تفكر بما حدث لي ولوالدتك عندما إختفيت ؟ كيف لا تفكر بنا .. أنت تناديني بسيدي حتى هذه اللحظة .
جون بنبرة صوته السابقة : ولكنها أخبرتك بالحقيقة قبل موتها .. أنا بخير امامك .. لم يحدث لي أي مكروه .. هما لم يعاملاني بسوء قط .. أرجوك لا يمكنني نسيان أنني عشت بينهم طوال الثلاثة عشر عاماً التي مضت .
الملكة برفق : لا باس صغيري .. لماذا لا ترتاح قليلاً الآن ثم سنتناقش فيما بعد ؟
الملك : لا يوجد ما سوف نناقشه .. لقد قررت فقط .
جون بهدوء : أنت سيدي أخبرني .. من انا بالنسبة لك ؟ أأنا ابنك الذي كدت تفقد عقلك للعثور عليه ومعرفة مصيره ؟ أم أنا وريث العرش ولعبتك الخاصة ؟ أم الشخص الذي ستستغله في هذه الأوضاع الصعبة لكسب تعاطف العامة معه بأنه عثر على ابنه أخيراً ؟
سيطر هدوء وصمت مريب على تلك القاعة .. بينما تقدم جاك من جون ووضع يده على كتفه
جاك : أأنت أخي ؟ لست مجرد صديق لي صحيح ؟
رفع رأسه ليرسم إبتسامة حنونة على محياه وهو يعبث بشعر جاك بهدوء .
الملك وهو يتنفس بعمق : لا بأس جون لقد إنتصرت .. لن أتخذ أي إجراء في حقهم ولكن .. كيف لي أن أحتفل بعودتك ؟
جون بإبتسامة : شكرا لك حقاً .. لا داعي لذلك .. لا أريد لسمعة تلك الأسرة أن تلوث ولهذا أفضل البقاء كجون هونسون .. لا أريد أيضاً أن أصبح الحاكم .. أظن أن العمل كحارس ومستشار لجاك سيكون أفضل بالنسبة لي .
الملك : ولماذا ؟
جون : أنا لست بارعا في السياسات ولا أهتم لها في الواقع ولهذا السبب لا يهمني الأمر أبداً .
الملك بتنهد : وكأنك لست من قام بإقناعي قبل قليل ..ثق بي يمكنك أن تقنع الجميع بمثل هذا الأسلوب .
جون بإبتسامة وهو يقف : ولكنك أبي صحيح ؟ دائما ما يتنازل الوالد لأجل ابنه .
الملك بتعب وهو يجلس : تباً .. أنت حتى غير مقتنع حتى هذه اللحظة أنني والدك .. بالرغم من أنك سمعت تلك المرأة وهي تقول ذلك .. وتحضر الأدلة .
جون بحزن وهو يخفض رأسه : أعتذر حقاً .. على القلق الذي سببته لكما .. والحزن .. وأعتذر لإنني أحببت من قاما بتربيتي وأنني مازلت أحبهما حتى مع علمي أنهما قاما بإيذائكما .. ولكن أنا مستعد لقتل نفسي الآن لأريحكم من التفكير في مصيري أو ما شابه ذلك .
الملكة وهي تضمه : توقف عن قول ذلك أرجوك .. أخبرناك أننا سنوافق على كل شروطك .. المهم أن تبقى في القصر معي .. أمام عيناي .. بخير وأمان هذا كل ما يهمني .
الملك بهدوء : أجل يا عزيزتي أنتي محقة .. على الأقل إبننا يقف هنا أمام عيناي .. ولديه من العناد ما يكفي لإخضاع أمة بأكملها .. لا بأس سيبقى جاك وريث العرش ولكن أبنائك لن يكونوا كذلك .. جاك تذكر هذا جيدا أبناء جون هم ورثة العرش وابنائك هم نبلاء البلاد .
أومأ جاك برأسه .. ليقترب من جون الذي إبتعدت الحاكمة عنه ويضع يده على وجهه .
جاك بإبتسامة : إذن أنت أخي .. وأنا فقط من عليه أن يعلم بهذا السر .. صحيح ؟
جون بإبتسامة : أجل صحيح .
جاك : إذن يمكنني إزعاجك أكثر الآن صحيح ؟ فواجب الأخ الأكبر تحمل الأخوة الأصغر .
جون بخيبة أمل وهو يعبث بشعره : أهذا هو كل ما يهمك جاك ؟ لا بأس .. بكل حال أنا أعمل خادم لديك منذ ثلاث سنوات .. لا داعي لترحيب بعودتي .
...........
في الحاضر :
فتح عينيه وهو ينظر لوجوه الجميع المصدومة والحائرة ليعود إلى عمله بعد أن ألقى نظرة على وجه شقيقته الصغرى إليزابيث التي كانت الدموع تتجمع في عينيها
..........
في قصرالثوار :
كلاود : أنا موافق .. إذن ما رأيكم بعد الحفل الذي سوف يقيمه الحاكم سنهجم على الكنيسة ؟
فريدريك : وهذا الأمر سيحدث في الأسبوع المقبل ونحن سننطلق مع بداية الأسبوع الذي يليه .
جولييت : ولكن هكذا سيقضي دانيل شهر ونصف في ذلك المكان .
لورا : لقد إنقضى الشهر بالفعل .. فقط ليصبر قليلاً .
فريدريك : أتسائل عن المناسبة التي قرر الحاكم أن يقيم هذا الإحتفال لأجله .
كلاود : ربما هو لايزال يفكر بموضوعها حتى اللحظة .
إيزابيلا : ولكن ألم يقترح كلاود فكرة ما تجعل الجميع يظن بأننا نسينا أمر دانيل وأننا فقط سنستمر بحياتنا ؟
فريدريك : أجل .. أظن أنها جيدة حيث أنه وبعد مرور شهر ونصف .. ستقام حفلة في قصر الحاكم وأخرى هنا .. إضافة إلى أننا أغلقنا العمل الذي قام دانيل بتأسيسه هنا .. وأخفضنا كل الأعلام التي تدل على الثوار في مناطقنا وإستبدلناها بأعلام بيضاء لتأكيد على أننا نريد السلام فقط .
جين : فقط لنأمل أن ذلك الأبله لن يظن أننا تخلينا عنه فعلا .. لاسيما أن ذلك الماكر قادر على التحدث بشكل جيد ومقنع .
كلاود : لقد إستخدم دانيل الاسلوب ذاته هنا .. عندما أردنا إخراج فريدي .. طلب مني الإنتظار إلى أن ييأس فريد من عودتنا .
لورا : أي علينا أن نتظره حتى يمل من توقع مجيئنا ؟
فريدريك : وكأن دانيل يبالي حقاً .
جولييت : إذن ما هو موضوع الإحتفال ؟
فريدريك : ربما سنعلن عن خطبة كلاود ولورا .
كلاود بدهشة : ولماذا نحن ؟
لورا : أريد أن يأتي دانيل أولا .
فريدريك بإبتسامة : لا بأس فدانيل بالتاكيد سيكون هنا في مناسبة أخرى ولكن الآن تنازلا قليلاً .
كلاود : ولماذا لا تعلن خطبتك من جولييت ؟
فريدريك : لإنك ولورا أكبر سنا منا .
جين : لدي حل أفضل .. سنعلن خطبتكم الأربعة في اليوم ذاته .. وبهذا ننتهي من اربعتكم مرة واحدة .
إيزابيلا بإبتسامة : سيكون الأمر ممتعاً .
فريدريك : ولكن ...
كلاود : من دون لكن فريدي .
فريدريك بتنهد : لا بأس أنا موافق .
.............
في الزنزانة :
دانيل بقلق : ماذا سيحدث الآن إذن ؟
جاكوب وهو يجلس بجانبه : لا أعلم .. ولكن تصرفات شقيقك بدأت تزعجني بالفعل .. ماذا يحدث لعقله دانيل .. عندما إستعاد ذاكرته للمرة الأولى أراد أن ينتقم من فرناندو على جعله يقاتلك فماذا حدث لعقله الآن ؟ إنه مستعد لتدمير الجميع .
دانيل وهو ينظر إلى أرضية الزنزانة : لا أعلم .. حقاً لا أعلم .. ولكن أريده أن يعود لرشده فقط .
جاكوب بهدوء : بكل حال دانيل .. إصابته ليست خطيرة ولكنني أعطيته مسكن ما لينام فقط .. ولكن كارل ليس بخير أبداً .. حالته سيئة للغاية .
أخفض دانيل راسه للأسفل ليتحدث بحزن عميق : ماذا علي أن أخبر جوليان الآن ؟ إن لم ينجوا شقيقها فهي سوف تحاول قتله وأنا بالتأكيد لن أسمح لها بذلك .
جاكوب وهو ينهض : إنسى أمر أدريان دانيل .. لا أعلم لماذا ولكنني أشعر بان شخصيته الحقيقية قد ظهرت للتو .. وهي لا تختلف كثيرا عن فرناندو .. أشعر بأنه سيكون وريثه هنا .
دانيل بغضب : يكفي .. لابد أن ذلك الأبله خدعه .. ومن ثم أنا لن أتركه ينفذ كل ما يجول في خاطره .
جاكوب وهو يهم بالخروج : دانيل .. تعلم أنني أحب شقيقك أدريان .. ولم أقم بقتله بالرغم من أن مهمتي الأساسية هي إرساله لك مضرج بدمائه .. ولكن لم أتمكن قط من فعلها .. ولكنني اشعر الآن بأنه لن يفعل الشيء ذاته .. سيفه لن يتردد في إقتحام جسدي .. وانا سأقف عاجزا أمامه ولن أتمكن من الدفاع عن نفسي حتى ! بالرغم من كرهي لوالدك .. والقليل من الغيظ و الإنزعاج من جهتك ولكنه ... لا أستطيع إيذائه فحسب .
ليغادر بعدها المكان بينما إرتجفت أوصال دانيل .
دانيل بتفكير : ولكن أيعقل أن آدي قد يقوم بفعلها .. هذا مستحيل .. هو ليس سيئا لهذا الحد .. ليس سيئا أبداً .
فرناندو : ماذا بك تتحدث مع نفسك كالمجانين دانيل ؟ مالذي قاله جاكوب لك ؟
دانيل بإنزعاج : أغرب عن وجهي فحسب .
فرناندو وقد قطب حاجبيه : أرى انك بدأت تداوي جروحك دانيل .. بكل حال أردت فقط أن أخبرك ان الثوار قد أبعدوا أعلامهم ووضعوا بدلا منها الأعلام البيضاء .. كما أنهم في الاسبوع المقبل سيقومون حفل خطبة لكل من كلاود و لورا وفريدريك وجولييت .. ما رأيك ؟
دانيل وقد أخفض راسه : يمكنهم فعل ما يرغبون به .. ماشأني أنا ؟
فرناندو بإستهزاء : تماما لا شأن لك دانيل .. أنت حتى لست شخصا ذا أهمية كبرى .. سيهتمون بشؤونهم الخاصة ويحققون أحلامهم وأنت تجلس هنا تحت رحمتي ! يبدوا لي أنك كنت قائداً مُستبداً .. ولهذا السبب شرع الجميع بتحقيق أحلامهم بعد رحيلك .. ودعنا لا ننسى أن شقيقك أيضاً يكرهك وبشدة .. حتى أنه اصبح مجرماً بسببك ... ( وبعد برهة من الزمن ) : آه صحيح سمو الأمير ايضاً سيكون حفل إعلان خطبته قريباً جداً .. أتصدق لقد دعاني جاك إلى ذلك الإحتفال ؟ سيكون ممتعا دون وجودك هذه المرة .
أشاح دانيل بوجهه عن فرناندو بقوة ليبتسم الآخير برضى وهو يخرج من الزنزانة قبل ويغلقها مجدداً ليختفي النور تماماً منها وتغرق في بحر من الظلام الشديد تماما كقلب دانيل .. الذي بدأت أفكاره بالتشوش تماماً .. وبات غير قادر على التفكير بروية أو هدوء .
في حلكة ذلك الظلام سمح لدموعه بالإنهمار من عينيه .. هل يتخيل ام أنه عاد للبكاء ؟ الم يقطع عهداً على نفسه أن يتوقف عن البكاء ليتمكن من تحقيق أهدافه .. ولكن لماذا ؟ كيف عليه أن يتحمل كل شيء ؟ لماذا عليه أن يكون القائد الذي يصبر ويتفهم كل شيء ؟ أو الصديق الوفي الذي يكره أن يرى الحزن في عيني صديقه ؟ والشقيق السيء الغير قادر حتى على مساعدة شقيقه حتى في محنته ! ليتهم يعيدونه إلى تلك الزنزانة التي وجد والده بها .. على الأقل لوجد شخصاً ما يستند عليه .. شخص سيتحمل عنه هذه المسؤوليات الضخمة !
..........
في منزل جوليان وكارل :
جوليان ببكاء : لكن لماذا تقحم نفسك بمشكلة كهذه ؟ لماذا يا أخي ؟
كارل بإبتسامة متعبة : لا تبكي .. أنا بخير . وأيضاً لقد كنت سبب في الشجار فأنا من رفع سيفي أولا بوجهه .
جوليان بحالتها السابقة : ولكنك بالتاكيد لم ترد قتله .. أنا أثق بذلك .. لم تكن لتفعل وتؤذي دانيل بهذه الطريقة .
كارل وهو يغمض عينيه : كل ما يحدث في هذا المكان بسبب دانيل وجاكوب .. ولاسيما دانيل بالطبع .
جوليان بحيرة وهي تكفكف دموعها : ماذا تعني يا أخي ؟
لم يجبها كارل على سؤالها ذاك بل عاد للنوم فقط .