04-13-2014, 02:27 PM
|
|
الجزء الثالث من الفصل التاسع عشر سار أدريان بهدوء خلف سيده ولكنه سرعان ما إلتف إلى الوراء وامسك بيد كاثرينا وسحبها معه ..وعندما وصلا إلى خلف أحد أشجار الحديقة .
أدريان بهدوء : إستمعي إلي جيداً .. أنتي إبقي في هذا المكان وعندما ينتهي الإحتفال .. أخبري أخي أنني بدئت المعركة بنفسي .. ربما ستكون المعركة على وشك الإنتهاء .. أرجوكِ أخبريه أن لا يحزن إن حدث لي مكروه .. وأنني سأضحي بحياتي فقط إنتقاماً له هو .. وليس لي أنا .. فقط لإنه تجرأ وأبعدني عنه .. وأيضاً أبعدي هذا الوجه المتجهم عنكي فجاكوب بخير .. لم أقتله حقاً لقد كانت مجرد تمثيلية وسيعود بعد ناية المعركة .
نظرت له بصدمة والدموع تترقرق في عينيها .. إقترب منها ليقبلها على رأسها بلطف وهو يهمس لها : أُحبك .. لذلك لا تفكري بأن تقعي بحب شخص آخر إلا إن علمتي بموتي .
ليغادر بعدها بسرعة ليكمل سيره بجانب كارل وكأن شيئاً لم يكن .. تاركاً كاثرينا غارقة في بكائها .
..........
عند العربة المخصصة لبابا :
فرناندو بغضب شديد : أدريان ايها الخائن !
أدريان بهدوء وهو يغمض عينيه : ليس وكأنني من قام بتهريبه أو إنقاذ حياته !
فرناندو وهو يلكمه على وجهه : أتحاول خداعي يا هذا ؟
أدريان وهو يمسح على وجهه : لا , ولكن ألم يكن من الأفضل لي البقاء في الداخل تحت حمايتهم ؟
فرناندو بحقد : لا يهمني ذلك .. لقد حان موعد رحيلك إلى الأبد .. سيتم إعدامك حالاً بالضرب بالسيوف .
شهقت جوليان بفزع بينما ظهر القلق على كارل .
كارل بتوتر : سيدي هنا ؟ أعني ألن يكون من الأفضل تنفيذ الحُكم في مدينتنا !
أدريان ببرود : لا يهمني الأمر حقاً .. يكنك فعل ما ترغب به .
كارل بشيء من الغضب : ايمكنك أن تغلق فمك أنت ؟ ( وبعد أن لاحظ نظرات فرناندو له ) : الشيء الوحيد الذي تسعى له هو جعل كل من في القصر يقوم بماجمتنا وقتلنا .. ما إن نحاول نحن قتلك !
فرناندو بقليل من التفكير : ربما تكون محقاً .. كارل قم بتقيده بعد أن تتأكد أنه لن يتمكن من الوقوف مجدداً .
كارل بتوتر شديد : كيف أفعل ذلك ؟
فرناندو بإبتسامة : إما أن تطعنه في قدميه أو تقوم بقطعهما .
نظر أدريان له بحقد شديد وهو يتمتم : لقد حانت نهايتك .. ثق بي لن تعيش سوى هذا اليوم أقسم .
فرناندو بغضب : سنرى بشأن هذا أيها التافه .. كارل هيا نفذ .
أغلق كارل عينيه بقوة وهو يستل سيفه .. ليتقدم ويقف أمام أدريان بينما كانت جوليان تراقب ما يحدث حولها برعب لتغلق عينيها عندما سمعت صوت صراخ أدريان البسيط .. فهو قد وضع يده على فمه حتى يمنع نفسه من الصراخ وإفساد كل شيء خطط له .. إلا أنه سمح لبضع دمعات متمردة بالهروب من عينيه .
كارل بألم : آسف .. سامحني أرجوك .
أومأ أدريان له بإبتسامة نقية .
فرناندو بقليل من الإنزعاج : لو أنني أحضرت شخصا ً أكثر قسوة منك لقرر قطع قدميه بدلا من طعنه بهما !
أخفض كارل رأسه وهو يقوم بتقييد يدا أدريان بهدوء بينما إختفت جوليان من المكان بهدوء ... وبسبب التوتر الذي حصل في الأجواء والإضطراب الكبير الذي يشعر به فرناندو لم يشعر بغيابها او شقيقتها عن المكان .. أمسك كارل بأدريان ووضعه في العربة بهدوء ورفق .
...........
في داخل القصر .. كان الثوار - سابقاً – يجلسون في إحدى غرف القصر يتحدثون معاً وعلى ما يبدوا أنهم قرروا العودة قليلاً إلى قصرهم وإنهاء أعمالهم بعد أن أعطاهم دانيل مهمة حراسة هذا القصر .. إلا جين الذي أصبح القائد في المناطق الشرقية ومسؤول عن حمايتها بمساعدة من جيش الثوار السابق .. بينما جولييت ولورا ستعيشان بالقرب من القصر برفقة زوجيهما فقد تقرر عمل الزفاف بعد مدة قصيرة لكي تتمكنا من البقاء مع فريدريك وكلاود .. فقد وضع دانيل قانون يمنع به مشاركة المرأة في الحرب أو في الأعمال الصعبة والقاسية عليها .. وكذلك نع كل من لم يصل عمره لثامنة عشر أن يشارك في المعارك وينضم إلى الجيش .. وقد طلب أيضاً إنشاء القليل من المدارس لتعليم أطفال البلاد بدلاً من جهلهم .. فهو كان قد أعلن كل هذا خلال الإحتفال .. لينبأ الجميع أن فرنسا لن تبقى كما كانت وأن أي شخص يفكر بالإعتداء عليها عليه أن يعيد تفكيره مجدداً .
جين بإبتسامة : وأخيراً ستتركونني وشأني .
فريدريك بهدوء : أخشى أن نأتي لزيارة المنطقة الشرقية فنجدها محطمة بالكامل !
كلاود بيأس : كان على دانيل التفكير بهذا الأمر جيداً .
جين بغضب : أعيدا ما قلتماه ؟ بكل حال دانيل أخطأ بجعلكما رئيسا للحرس هنا !
فريدريك بإبتسامة : أظن أن آرثر وهنري سيحظيان برؤيته يومياً تقريباً بما أن آرثر هو المستشار الخاص به وهنري هو حارسه الشخصي .
كلاود بإحباط : هذا صحيح .. كان عليهم إختيار أحدنا للبقاء معه .
وفجأة فتح باب الغرفة بقوة .. لتدخل جوليان وجسدها يرجف بقوة .
جولييت بقلق : جوليان هل أنتي بخير ؟
فريدريك بخوف : جوليان .. ماذا حدث ؟ أخبريني هل أنتي بخير ؟
أمسكت لورا بيدها وحاولت سحبها معها حتى تسمح لها بالجلوس ولكنها رفضت التحرك لتتحدث :
جوليان بخوف : لقد حكم على أدريان بالإعدام .. سوف يقوم بضربه بالسيوف حتى ينزف جسده بشدة ويموت .. و ..
جين بقليل من البرود : وماذا في ذلك ؟ أنا في الواقع لم أعد أرى فائدة من بقائه حياً
فريدريك بغضب : جين ! إنه شقيق دانيل الأصغر يجب أن لا نسمح لهم بفعل ذلك به .
كلاود بتساؤل : ولكن لماذا يريد إعدامه ؟
جوليان ببكاء : لإنه إكتشف خيانته .. أدريان هو من قام بمعالجو والده وهو من جعلني وكارل نحضره لكم .. و هو ينوي بدء معركة لا بل نهاية الحرب ودمائه هي شارة البدء .
جين بغضب شديد : رائع .. في كل مرة يخرج لي شخص أبله يظن أنه عليه القيام بالعمل لوحده !
جوليان وهي تبكي : أرجوكم .. أنا وأخي لن نتمكن من إنقاذ الآن .. لا أحد من الجنود سيتحرك إلا إن قُتل أدريان بحسب أوامره هو .
جين بقليل من الحيرة : أخاكي ؟! وهل تمتلكين أخاً ؟
نظر له فريدريك بقلة صبر ليتحدث : وهل هذا هو وقت التساؤل جين ؟
جوليان بقليل من الهدوء : كارل هو شقيقي الأكبر يا أبله !
لتغادر بعدها الغرفة ويتبعها فريدريك الذي طلب من كلاود البقاء حتى لا يعلم دانيل بالأمر وبالتالي سيعلم الجميع بالحقيقة أن هنالك صراع داخلي في فرنسا .. بقي جين يحدق بالفراغ وهو يقلب تلك الكلمات في رأسه مجدداً إلى ان إبتسم بسعادة وتبعهما بسرعة إلى الخارج .. بينما بقيت كُل من جولييت ولورا في المكان لنفس السبب الذي بقي كلاود لأجله .
..............
داخل الحفل :
دورثي بإنزعاج شديد : لقد أخبرتك أن تتركني وشأني صحيح ؟
ماركوس بإنزعاج : ولكن أيتها الأميرة علينا أن نتعرف إلى بعضنا البعض .. أعني فنحن قد نمضي بقية حياتنا معاً .
أرادت أن تهاجمه وتتخلى عن كل شبر من رقتها وأنوثتها .. ولكنها منعت نفسها في اللحظة الأخيرة وهي تتذكر والدها ومرضه الأخير .. ورفض دانيل لها قبل وقوعه في الأسر .. أخفضت رأسها بهدوء ووافقت على الذهاب معه إلى الخارج ولكنها شعرت بيد ما تحيط بها من الخلف .
دانيل بهدوء : أعتذر عن إزعاجك ولكن .. هذه الفتاة من ممتلكاتي الخاصة جدا ولن أسمح لأحد بالإقتراب منها .
ماركوس بإنزعاج شديد : ماذا تعني أيها الحاكم ؟
دانيل بإبتسامة : أعني أنني من سيشاركها بقية حياتها لا أنت ولا أي شخص آخر .
جاك بهدوء : حقاً ؟ وماذا إن قلت أنا أنني غير موافق ؟
نظرت دورثي لوالدها إلا أنها سرعان ما أخفضت رأسها
دانيل بإبتسامة واثقة : سأبدأ إذن بمعركة لإختطافها وجعلها ملكي وحدي .. ولكنك ستندم حينها عمي لإنني لن أسمح لك حتى برؤيتها .. سأبقيها في مكان لن يصل له أي أحد سواي .
جاك بإبتسامة : أيها الأمير ماركوس أرجو المعذرة ولكن لا أرغب في أن تعيش ابنتي في مكان آخر بعيد عني .. وأنت دانيل إن أغضبتها أو ىذيت طفلتي فأنا من سأقيم حربا عليك .
دانيل وهو ينحني : تحت أمرك سيدي .
ليبتسم بعدها .. بينما أبعدت دورثي يديه عنها وهي تنظر له بغضب .
دانيل بإبتسامة : أنا آسف أميرتي ولكنني لم أكن أعلم إن كنت سأعود من تلك المعركة أم لا .. و أيضا لم أرد أن أسبب لكِ الألم و الشقاء في حياتي السابقة لذا لم أتمكن إلا من رفض مشاعرك حينها لحمايتك .. حتى وإن سبب ذك الأمر ألما لي .
قامت دورثي بضمه إليها وهي تبكي .. بينما أعلن جاك عن خطبتهما رسميا .. وقد كان هذا الأمر مفاجئاً للجميع .
...........
في مناطق الكنيسة :
كان جنود فرناندو قد قيدوا أدريان في منتصف الساحة العامة للمدينة التابعة لهم ليبدؤا بتنفيذ حُكم الإعدام .. أغمض العديد من الأشخاص أعينهم بالم وعجز لمساعدته لاسيما العامة الذين شهدوا على ألمه .. أما هو فقد حاول قدر الإمكان منع نفسه من الصراخ أو البكاء ليمنع فرناندو من الشعور بلذة الإنتقام حيث سمح لعقله بالهروب من واقعه والذهاب لذكرياته السعيدة و التفكير بالمستقبل الأفضل لكل الأشخاص الذين عرفهم في حياته .. لم يمضي الكثير من الوقت حتى شحب وجهه وثقلت أنفاسه .. الكثير من الدماء أُخرجت من جسده .. لقد إمتلئ بدمائه وكأنه إستحم بها .. لم يعد قادراً على فتح عينيه حتى .. لم يتمكن كارل من أن يصمد أكثر من هذا وقد قرر التدخل سواء قُتل أم لا .. فهو لن ينسى تلك الكلمات التي همسها أدريان له في معركتهما الأولى والأخيرة تلك .
أدريان بهمس : أنت شخص أناني .. ستتخلى عن شقيقي دانيل وجاكوب مع أول تهديد تتلقاه من سيدك .. متناسياً أنهما من أعطى جوليان وكاثرينا حياة جديدة .. لذلك أكرهك .. لقد تخليت عن أخي وأختك الصغرى تخلت عنه أيضاً عندما هددناها بك أنت .. لقد مسح دموعها ولكنها تركته وحده .. لذا سأقضي على كل شخص يسبب لهما الحزن أقسم .
أخرج سيفه من غُمده وانطلق للهجوم على من يضربون أدريان بسيوفهم ولكنه فوجأ بذلك الشخص الذي كان يرتدي وشاح أسود اللون وهو يهجم عليهم أولاً بكل شراسة وغضب .. لم يبالي كارل بمن يكون ذلك الشاب بل إنضم إليه من فوره ليجعل كل الجنود الذين أعدهم أدريان للقيام بثورة يتقدمون لساحة المعركة .
تقدم ذلك الشاب من أدريان وفك وثاقه ليبتعد به عن أرض المعركة قليلاً ويبعد الوشاح عن وجهه وجسده .. نظر لأدريان بغضب شديد .
جاكوب بغضب : أأنت ابله ؟ أقسم أنني كنت أعلم أنك تخطط لأمر غبي كهذا .. تباً لك .. ماذا كان علي أن أتوقع من الشقيق الأصغر لدانيل؟ .
ليقوم بتمزيق وشاحه لقطع صغيرة ويلفه حول جراح أدريان لربما إستطاع بذلك أن يمنع أو يخفف سيل الدماء .
أدريان بألم شديد : أعتذر .. جاكوب ... ولكن ... أنا كان علي .. فعل ذلك .. لأجلكم جميعاً .
جاكوب بغضب : أتظن ذلك ؟ أبله .. لو أنك طلبت مساعدة من شقيقك أو من الحاكم لكان الأمر أفضل .. لا تطلب مني المسامحة بل عليك البقاء حياً لكي تطلبها من دانيل بنفسك .. أتفهم ذلك ؟ لن يسامحك دانيل أبداً كما لن يسامح نفسه أبداً .. ستتسبب بعيشه حزيناً إلى الأبد .
أدريان بنفس حالته السابقة : لا .. سيكون بخير .
جاكوب بغضب وحزن : لا , أن تفقد شقيقك ليس بالأمر السهل أبداً .. أبداً , لن يتمكن من أن يشعر بالراحة وأن يبعد الحزن عنه لاسيما أن شعر أنه كان بإمكانه حمايتك .. تباً لماذا أتحدث إلى شخص كالحائط ؟
إبتسم أدريان بهدوء ليغمض عيناه بألم شديد .
جوليان بقلق : هل .. هو ... أعني هل ...
جاكوب بقليل من الحزن : لا , ليس بعد على الأقل .
لينهض وهو يحمل سيفه ويقضي على كل من يقف في طريقه في محاولة فاشلة منه لمنع دموعه من الإنهمار وهو يشعر بمرارة خسارة شخص عزيز للمرة الثالثة بعد موت تشارلي ومن ثم والداه .
جوليان وهي تحمله برفق : علينا أخذه إلى الحكيم بسرعة .. وربما يجب علينا أن ...
فرناندو بغضب شديد : ربما يجب عليكي أن تسلميه لي فحسب .
تراجعت جوليان بضع خطوات لتضعه بالقرب من إحدى الأشجار وتستل سيفها بهدوء وحزم .. هي بالتأكيد لن تسمح له بإيذائه أكثر .. إبتسم بخبث ليخرج سيفه أيضاً ويبدأ بقتالها .. كانت المخعركة صعبة عليها بالفعل فهو بالرغم من كبر سنه إلا أنه شخص قوي ورشيق الحركة بالفعل .. بدء سيفها بالإلتحام بسيفه بصعوبة بالغة .. شعرت بأنها المرة الأولى التي تمسك بها سيفاً وتقاتل .. إنتهى الأمر بفقدها لتركيزها وهي ترى أحد جنود فرناندو يقترب من أدريان لتسقط أرضاً ! حاولت النهوض ومنعه من إيذاء ادريان ولكنها شعرت بظالم حاد يخترق كتفها الأيمن بسبب سيف فرناندو الذي إخترقه .. بضع ثوانِ او أقل كانت قد قلبت الموازين عندما وجد فرناندو نفسه أرضاً .. وذلك الجندي مقتولاً .. كانت نظرة الغضب والحقد مرسومة بدقة شديدة على وجه جين الذي أشار بسيف لفرناندو بالنهوض وكأنه يتحداه أن يجرأ ويقترب من جوليان مجدداً .. بينما أمسك فريدريك بأدريان بلطف لعطيه القليل من الماء بعد أن شعر بأنه مُستيقظ .
فريدريك بهدوء : هل أنت بخير ؟
أدريان بألم : قليلاً .. شكرا لك .
جين بغضب : وكأنه لا ينقصني دانيل الابله وآرثر الأحمق حتى تنضم أنت لهذه القائمة .. ألم يكن بمقدورك إخبارنا نحن الثوار على الأقل بخطتك ؟! حماية دانيل أمر مهم لنا ولم نكن لنخبره بهذه الخطة أبداً .
فرناندو بإبتسامة : ولكن لماذا أنت غاضب ؟ سيتذوق دانيل نوعا جديدا من المعاناة .. سيرى شقيقه ميتاً أمامه .. وهو لم يتمكن من حمايته أو معرفة ما يخطط له .. سيشعر بالندم حتى آخر يوم في حياته .
فريدريك بإنزعاج : لا .. أدريان سيكون بخير .
وفي جهة أخرى كان كل من كارل وجاكوب يخططان لكل خطوة يقوم الجنود التابعين لهم بها بكل براعة .. إلا أن قتال جاكوب كان ضعيفاً بسبب أنه لم يشفى بعد من تلك الإصابة .. ومع ذلك فقد قاتل بإستماتة لتحقيق الإنتصار والإنتقام منهم على مقتل شقيقه وإيذاء أدريان وموت والديه وكل ما حدث له بسببهم .
..............
وفي الإحتفال في القصر :
كان دانيل ودورثي قد تبادلا الخواتم والعهود وتم إعلان خطبتهما رسمياً .. ليبدء بعدها خِطاب نهاية الحفل والإستعداد لمرافقة ضيوفهم إلى بوابة القصر .. بينما كانت كاثرينا تنتظر بكل لهفة إنتهاء دانيل من خِطابه ليرسل الضيوف للبوابة وتتمكن هي حينها من إخباره بالحقيقة وهي تضم تلك القلادة التي بين يديها .
...........
عودة للمعركة :
إشتدت المُبارزة بين فرناندو وجين .. حيث كان كُل مُنهما يخطط للفوز بأي ثمن .. قام فريدريك بعلاج كتف جوليان بمساعدة من أدريان الذي كان يخبره بما عليه فعله .. وبعد أن إنتهى عالج القليل من جروح أدريان إلا أنه شعر بوجود عدد كبير من جنود الكنيسة يحاصرونهم ليقف بهدوء ويستل سيفه وهو يستعد للقتال حتى آخر رمق لديه .. وكذلك فعلت جوليان التي نهضت وأمسكت بسيفها بيدها اليسرى .
أدريان بإرهاق : ولكن أتجيدين القتال حقاً بيدك اليسرى؟
جوليان بإبتسامة : أجل لا تقلق .. فأنا أساساً كنت أستخدمها في القتال دائماً .
أومأ برأسه لها وهو يحاول النهوض بدلاً من الإعتماد على الآخرين لحمايته .. إستل سيفه هو الآخر وهو مُدرك تماماً أن لا أمل بالنسبة له للفوز .. ولكن ربما فقط حماية نفسه من هجمات الأعداء .
سقط جين أرضاً عندما تدخل أحد الجنود ووجد أنه قد تم حصاره من قِبل أعدائه ! نظر لهم بسخط شديد وهو يشعر بأنه مستعد لقتلهم جميعاً لو أمكنه ذلك .. تنفس بعمق وهو ينهض بسرعة مُتفادياً بذلك السيف الذي كاد أن يخترق وجهه .. كل ما يحدث حوله يغضبه لاسيما عندما شعر بإختفار فرناندو ليتمتم بنفسه بأنه أجبن من البقاء ... تحرك فريدريك لمساعدة جين في القضاء على من أحاط به .. بينما كان كل من جاكوب وكارل يحققان تقدم كبير على خصومهم لاسيما بعد تدخل العامة في المعركة .. فهم لم يرغبوا بالتخلي عن من قام بإنقاذهم .. وهي أيضاً فرصتهم الأخيرة للتحرر والعيش بسلام كبقية مناطق البلاد .. إعتلت إبتسامة واسعة شفتي جوليان وهي تتحرك بخفة بين الجنود وتقضي عليهم .. فقد تذكرت أنها لطالما إحتفظت بقدرتها ومهاراتها العالية في القتال بيدها اليسرى .. بما أنها كانت عسراء منذ البداية .. وجد أدريان نفسه أمام فرناندو دون سابق إنذار .. أمسك بسيفه بقوة وكأنه لا يريد أن ينهار أمامه أو يقتل على يديه هو بالذات .. ملامح الحدة والغضب جعلته يتجاهل ألم جراحه .. ويتجاهل حقيقة أن نجاته تعتمد على قلة حركته للحفاظ على ما تبقى من دمائه .. رغب أدريان بأن يطلق عليه أحد سهامه وينهي الأمر بذلك .. تمنى لو أن الأمر بهذه السهولة .. فهو الآن سيكون أبطئ من أن يصيب فرناندو قبل أن يغرز الأخير سيفه في قلبه مباشرة .
القليل من الدقائق مرت والتي لم يسمع بها سوى صوت إلتحام السيوف وصراخ بعض المصابين إلا أن سمع الجميع صوت فرناندو الذي بدى بعيداً عنهم لسبب ما .. فترك الجميع المعركة وبدؤوا بالبحث عنه بأعينهم حتى وقع بصرهم عليه وهو يقف على سطح إحدى البنايات المرتفعة وهو يُمسك بأدريان الذي بدى فاقداً للوعي .. تجمد أصدقائنا في امكانهم بينما علت الإبتسامة على وجوه من تبقى من جنود فرناندو ..
فرناندو بإبتسامة ماكرة : والآن .. هل أنتم مستعدون لرؤية صديقكم يقتل ؟ تريدون الإنتصار وقتلي صحيح ؟ لقد تجرأ على إعلان ثورة علي .. وخيانتي .. كنت أتمنى أن أجعله يتعذب قبل موته ولكن .. لن أخاطر بإبقاءه حياً .
جاكوب بغضب شديد : أتركه وشأنه حالاً أتفهم ذلك ؟
فرناندو بذات الإبتسامة الكريهة : وأنت لازلت حياً إذن ؟ لا بأس يكنك رؤية من قام بإنقاذك يسقط من هنا ويموت دون أن تتمكن من فعل شيء .
عض جاكوب على شفته السفلية ليبدأ بالركض فجأة .. بينما نظر فرناندو له بإبتسامة
فرناندو بسخرية : لا تتعب نفسك لن تتمكن من الوصول إلى هنا في الوقت المناسب
فتح أدريان عينيه لينظر إلى الجميع في الأسفل .. كانت نظرات القلق مرتسمة على وجوههم .. إبتسم بهدوء وهو يرى أن من تبقى من جنود فرناندو أقل بكثير ممن إنضم إليه وأن نهاية فرناندو على وشك الحدوث .. لذلك لم يعد يشعر بالندم إلا لإنه لم يتمكن من رؤية دانيل وتحدث معه .. شعر بجسده يهوي إلى الأسفل وقد إستطاع سماع صوت شهقات الآخرين .. أمسك بقوسه وسهمه وهو يفكر بكل تلك اللحظات التي تمنى أن يعيشها مع دانيل .. أن ينام بجانبه ويتحدث إليه بل أن يضمه بقوة ويبكي حتى ينام في صدره .. دمعت عيناه حينها وأطلق سهمه بإتجاه عدوه وقد وضع كل ما تبقى لديه من طاقة به ليصيب قلبه مباشرة ويسقط فرناندو إلى الأبد !
إبتسم بعذوبة والدموع تسيل من عينيه ليغمض عينيه هو الآخر .. لم يرتطم جسد أدريان بالأرض لإن جاكوب ركب بفرسه وجعله يقفز حتى يمسك بأدريان قبل سقوطه .. دقائق طويلة لم يتغير أي شيء .. لا أحد فتح فمه بأي حرف .. لم يستوعب أحدهم حقيقة موت فرناندو بعد .. أما أصدقائنا كارل وجوليان وجاكوب وفريدريك وجين .. كانوا يفكرون بأدريان الذي أغلق عينيه وبدء وجهه بالشحوب أكثر وأنفاسه أصعب بينما كان قلبه يضعف أكثر .. كيف سيأخذونه لدانيل وهو بهذه الحالة ؟ إستمر الجنود و العامة من الناس الذين عاشوا تحت ظلم فرناندو و أعوانه لمدة طويلة من الزمن بالقضاء على كل من كان برفقة فرناندو حتى قضوا عليهم تماماً بينما توج أصدقائنا إلى القصر بأقصى ما لديهم من سرعة لإنقاذ أدريان أو على الأقل لجلعه يرى دانيل ولو للمرة الأخيرة .
..........
في قصر الحاكم :
كان دانيل قد شعر بأنه حقا بلا عقل أو فائدة وهو يستمع لكلام كاثرينا التي كانت تبكي بمرارة وهي تشرح له عن خطة أدريان وعن حكم فرناندو بإعدامه .. بينما كان هو يشد على يده التي تمسك تلك القلادة بينما بدأ جسده بالإرتجاف .. نظر حوله بنظرات ميتة ليبدأ بالسير مبتعدا عن المكان .. أمسك كلاود بذراعه ليوقفه عن الحركة :
كلاود بتوسل : أرجوك دانيل .. إبقى هنا بكل حال لقد فات الأوان على الذهاب فقد مضت أربع ساعات منذ قدوم جوليان إلى هنا و إخبارنا بالحقيقة .
لم تمر ثانية واحدة حتى ظهرت الصدمة والقلق على ملامح الجميع عندما قام دانيل بصفع كلاود بقوة شديدة أسقطته أرضاً .. ليتقدم منه ويمسك به من ياقة قميصه بغضب شديد .
دانيل بغضب : كيف تجرأ على إخفاء هذا الأمر عني أجب ؟ كان عليكم إخباري بالحقيقة .. لماذا كذبتم ؟
أمسك جون بدانيل ليبعده عن كلاود وقد بدى القلق والحزن الممزوج بالغضب والحدة على محياه .
جون بحدة وقليل من البرود : لا تحمل شخصا آخر مسؤولية أخطائك .. إنه شقيقك أنت .. أنت من كان علي حمايته ومعرفة نواياه الحقيقة .. ليست غلطة أحدهم فهو كان يريد إيجاد طريقه الخاص .. إنه يفكر بمثل طريقتك الخاصة البلهاء .. كان عليك معرفة هذا بمفردك بما أنك شخص ذكي .. ولكنك عندما نتحدث عن أدريان تغلق عقلك تماماً وتصبح بلا فائدة .
نهض كلاود بسرعة ليبعد دانيل عن والده بينما أردف الأخير : كل شيء كان واضحا أن هنالك من يرغب بالقيام بثورة على فرناندو .. فأين كان دماغك لم يكن صعبا معرفة من هو قائدها .؟
أخفض رأسه وقد هدأت أنفاسه الغاضبة تماما ... ساد الصمت الثقيل العديد من الدقائق قبل أن يبعد دانيل يد كلاود عنه وهو يهم بالمغادرة إلا أن فتح باب القاعة بسرعة كبيرة ودخول بقية أصدقائنا وهم يحملون أدريان النازف بين أيديهم جعلت جسده يرتعش بشدة .. تقدم بهدوء وهو يهم بالإمساك أو التحدث إليه ولكن عبراته خانته .. أبعد يده قبل أن تلامس جبين شقيقه .
دانيل بألم وحزن شديد : أعتذر عن ذلك أخي .. أنت كنت محقاً فأنا أخفقت تماماً .. أظن ربما أنه ...
ليبتسم بعد أن أوقف كلامه بألم ليغادر تلك القاعة وهو يكمل كلامه لنفسه : لقد إنتهى كل شيء .. أخفقت في حمايته مرة أخرى .. لم يعد لدي سبب حتى أناضل أو أعيش لأجله إلا ..
توقف في غرفته وهو يقرأ تلك الرسالة المرفقة مع القلادة للمرة المئة ربما :" أخي دانيل .. أعتذر لإنني تصرفت دون علمك ولكنني لم أرغب بأن أدخلك في معركة أخرى .. أتعلم يا أخي أنا أحبك حقاً .. أعتذر على كل ما قلته لك سابقاً وأنت في الأسر .. هل ستسامحني دانيل ؟ أخي أيمكنني أن أطلب منك خدمة لأجلي ؟ أرجوك بما أنك ستصبح الحاكم .. لا تسمح لأي أحد بأن يظلم .. دانيل أرجوك أوقف الظلم الذي يحدث .. ولا تدع ما حدث معنا يتكرر مع غيرنا .. وأيضاً علم ابنائك بأن يكملوا بهذه الطريقة .. بالمناسبة هذه القلادة إشتريتها لك قبل الحرب ولكن لم أتمكن من إعطائها لك قط .. لطالما كانت معي برفقة قلادتي التي أهديتني إياها .. والآن دورك حتى تحصل على كلتا القلادتين .. أحبك حقاً أدريان "
ليسقط أرضاً وهو يبكي كطفل صغير فقد والدته للتو .. لما حدث كل ذلك له ؟ بل لماذا طلب منه البقاء حياً ؟ حسناً سيفعل ولكن فقط إلى أن يصبح لديه وريث ويبعد الظلم عن هذه البلاد حينها سيلقي بنفسه إلى البحر وهذا نهائي .
...........
بعد مرور عامين كاملين على تلك الأحداث :
عادت الإبتسامات على وجه السكان الذين بدؤوا بالعيش بكل راحة والإبتسامة لا تفارق شفاههم .. فاههم أخيراً يعيشون بمرح وسعادة دون خوف أو حروب تأرق نومهم وتقلق أطفالهم .. فُتحت الكثير من الدور وقد أشرف دانيل بنفسه على إختيار رئيس لكل منها دون أن يسمح بوجود فرع رئيسي للكنيسة .. ومنع أي أحد من الرهبان وغيرهم من تعلم القتال .. لم يسمح لهم إلا بتعلم علاج الناس و تعليم الأطفال الكتابة و القراءة .. أما عن أصدقائنا
فقد تزوج كل من جين وجوليان قبل عام .. وهما يشرفان معاً على حماية المنطقة الشمالية من أي إعتداء خارجي أو داخلي وقد نجحا بذلك .. لم تختلف شجارتهم اليومية حقاً إلا في الآونة الأخيرة عندما جين بأن جوليان حامل , أصبح يخشى الشجار معها خوفاً على صحتها وصحة طفله لاسيما بعدما حدث مع دانيل ودورثي ولذلك كان يتنازل من أجلها أغلب الوقت .. ولكنه دائماً ما كان يخبرها بأنه ما إن يأتي الشهر القادم وتنجب فيه طفلهما الأول حتى يجعلها تندم على ما فعلته به وهي كانت تستمر في الضحك بإستمتاع في كل مرة يهددها بهذه الطريقة .
ضم دانيل جاكوب لجين وقد كان مساعد جين الأول بالرغم من شجاراتهما الكثيرة والمتكررة .. وقد تعرف جاكوب بعد القضاء على فرناندو بفتاة تدعى ماريا وتزوجها قبل عام ونصف تقريباً وأصبح لدي إبن في عامه الأول إسمه تشارلي .. إلا أنه أصبح يغيب عن المنزل كثيراً بسبب كثرة إستدعائه إلى القصر الأساسي في جنوب الدولة .
عاش كارل برفقة شقيقته الصغرى كاثرينا في وسط البلاد وقد كان المسؤول عن الأمن في تلك المنطقة .. وكان دائماً يقول عندما يسأله أحدهم إن كان قد وجد زوجة لنفسه بأنه ليس بحاجة إلى الزواج أو الحب فهو بخير بمفرده إلا بأنه أصبح يقتنع بضرورة زواجه لاسيما عندما إلتقى ببائعة الورود سوزي في مدينته وبدء يمضي الكثير من أوقات فراغه معها .. بينما رفضت كاثرينا أي شخص يحاول التقرب منها وكلمات أدريان الأخيرة ترافقها دائماً وهي لم تيأس بعد من عودته .. :" أنا أحبك لذلك لا تفكري بان تقعي بحب شخص آخر إلا إن مت "
فريدريك وكلاود برفقة كل من جولييت و لورا أُقيم حفل زفافهم قبل عامين أي بعد إنتهاء الحرب ببضع أيام .. كان فريدريك و كلاود لا يعودان إلا نادراً لمنازلهما .. لاسيما أنهما يبحثان عن أي شخص كان له أي علاقة بفرناندو ومراقبته ليتأكدا من أنه لا يشكل أي خطر عليهم .. بينما كانت جولييت ولورا ربتا منزل بعد أن رفض كل من كلاود وفريدريك أن تعملا .. أصبح لكلاود طفل أسماه إيثن بينما لفريدريك توأم هما لوسيان ولوسي .
بالنسبة لآرثر وهنري فقد تزوج آرثر من أنجيلينا بعد فترة قصيرة من زواج فريدريك وكلاود .. وأصبح لديه طفلة جميلة عمرها شهرين فقط واسمها هو روزالين .. بينما تم إعلان خِطبة هنري من إيمليا قبل شهر واحد فقط من الآن .. عندما إقتنع هنري أخيراً بأنه يُحبها وقد سامحها تماماً عندما رأى شقيقه وقد سامحها .. بينما كانا يعملان في القصر يومياً ولهذا السبب كانت أنجلينا تعيش معهم في القصر .. وإيمليا بعد زواجها من هنري الذي حدد بعد شهر أيضاً ستأتي للعيش في القصر .
لويس وإيزابيلا غادر لويس القصر ليعيش بفيلا قريبة منه برفقة الفتاة التي أحبها وبالرغم من ذلك فهما لم يبتعدا عن القصر وكانا يقضيان معظم وقتهما به لاسيما بعد شجار دورثي ودانيل الذي وقع قبل عام ونصف تقريباً وكاد يؤدي إلى مصيبة إن لم يفعل مما دفع جاك وجون بإخباره أن ربما من الافضل له بيع الفيلا والعودة للعيش في القصر لتوفير العناء على نفسه .. وقد كان لديهما طفل في جميل عمره عام ونصف أسماه بآرثر الذي كان يعتبره شقيقه الأكبر .
وأخيراً دانيل ودورثي الذين تزوجا أولا وقبل الجميع إلا أن دانيل وقبل حفل زفافه بيوم واحد طلب من دورثي الإنسحاب وأخبرها بأنه لم يعد الشخص الذي أحبته من قبل .. إلا أن دورثي رفضت تماما الإبتعاد عنه .. لم يكذب دانيل عندما قال لها بأنه لم يعد نفسه .. صحيح أنه هادئ طوال الوقت ولا يصرخ بأي شخص أو يعاقبه كما كان يفعل عمه .. إلا أنه لم يكن أحد يجرأ على التحدث معه حتى أقرب أصدقائه إليه .. بعد مرور نصف عام من زواجه وقع شجار حاد بينه وبين دورثي وغادر غرفتهما الخاصة ولم يعد إليها لمدة أسبوع كامل عندما قام لويس بزيارة القصر وذهب لتحدث مع شقيقته إلا انه وجدها فاقدة للوعي وشاحبة تماماً مما دفعه لشجار مع دانيل وصفعه بقوة شديدة ... ولكن الصدمة الحقيقية للجميع هي أن الطفل الذي كانت بإنتظاره قد مات بسبب عدم تناولها للطعام ولبكائها المستمر مما دفع جون للغضب الشديد وقد كاد حقاً يقضي على ابنه لولا تدخل جاك الذي لم يكن أقل غضباً ولكنه أسكت غضبه لأجل شقيقه الأكبر لاسيما أن ابنته بخير .. لم تقبل دورثي التحدث إلى دانيل بعد استيقاظها مباشرة فقد كانت منهارة تماماً عندما علمت بما حدث لطفلها وقد بقيت تضربه على صدره وهي تردد له بأنه السبب .. غادر دانيل القصر في ذلك اليوم ولم يعد إلا بعد منتصف الليل وقد كانت ثيابه مبتلة بالمياه والدماء .. كان يسير بلا أي هدف أو رغبة في الحياة .. جلس بهدوء في قاعة العرش لإكمال عمله متناسياً كل الألم الذي يشعر به لولا تلك الدموع التي شعر بها تسقط على كفيه رفع رأسه ليرى دورثي تنظر له بقلق وخوف وحزن شديد .. وبقيت تهتف له بأنها آسفة وأنها لن تكرر فعلتها لن تصرخ بوجهه ولن تسمح لأحد بأن يذكره بالماضي وأنه يمكنهما البدء مجدداً فقط عليه أن لا يبتعد عنها مرة أخرى .. منذ ذلك الوقت أصبح دانيل هادئاً للغاية .. عصبيته في الماضي وصراخه أو حدته كانت أفضل بالنسبة لأصدقائه من هدوءه الذين يشعرون جميعاً بأنه سيأخذه منهم في أحد الأيام .
............
في قصر الحاكم :
كان دانيل يجلس على رأس الطاولة الحجرية المستديرة وهو يعمل بصمت وهدوء قاتل ويوزع قائمة المهام الخاصة بحاشيته ورفاقه .. أومأ آرثر برأسه موافقاً وهو يمسك بتلك الأوراق ليوجه نظره بعدها لكل من كلاود وفريدريك وهو يعطيهم بعض التعليمات بينما وقف هنري إلى جانبه الأيسر بهدوء بينما كان لويس يجلس بملل مقابلاً لدانيل .. حل الصمت تماماً عندما شعر دانيل بيديها تطوقانه من الخلف .. نظر الجميع بقلق ملحوظ لهما بينما أغمض دانيل عيناه وهو يعض على شفته السفلية قبل أن يفتح عينيه ويقبل يدها بهدوء وهو يجلسها على قدميه .
دانيل بإبتسامة واهنة : إذن ماذا تريد أميرتي مني أن افعل ؟
دورثي بقلق : قم بأخذ القليل من الراحة .. أنت لم تذق طعماً للراحة منذ الأمس .. وحتى أنك لم ..
قطعت كلامها وهي تنظر إلى الأرض محاولا كبت دموعها من الإنفجار عندما رأت نظرات الإنزعاج على وجهه ولكنه سرعان ما أمسك بوجهها ومسح دموعها ليبتسم برقة لها .
دانيل بإبتسامة : لا عليكي .. أنا بخير ومن ثم لا داعي لكل هذا القلق علي .. بمناسبة ذلك ألا يعني هذا أنكي لم تنامي ليلة أمس جيداً إن كنتي بإنتظار عودتي ؟ عليكي أن ترتاحي جيداً صحيح ؟
دورثي بنبرة قلقة : ولكن دانيل أنا لا أريد أن ... أنا آسفة لإنني زعجك و ..
لم تكمل كلامها بل شهقت بقوة عندما شعرت بجسدها يرتفع عن الأرض لترفع نظرها لدانيل الذي حملها بين ذراعيه وهو يتحدث للآخرين :
دانيل بهدوء : من فضلكم أيمكن لأحدكم تولي عملي قليلاً ؟ علي الإهتمام بهذه المدللة هنا .
لم يكد دانيل ينهي جملته حتى وجد أن رفاقه قد قاموا بتقسيم العمل فيما بينهم بالفعل .. إبتسم بألم وحزن ليسير بعدها مبتعداً عن المكان .
وضع دورثي على الفراش ليجلس بهدوء بجانبها وهو يضع الغطاء على جسدها .. نظر لها بحنان ليمسك بيدها ويقبلها .
دانيل بهدوء : اعتذر أميرتي لإنني ورطتك في هذه الحياة معي .. ثم وضع يده على بطنها ليتحدث بخفوت وألم : وأعتذر صغيري لإنني .. لا أظن أنني سأكون أباً جيداً فأنا لم أستطع أن أكون أخاً جيداً حتى .
أمسكت دورثي بيده ولكنه سرعان ما ابتسم بوجهها ليتحدث بقليل من المرح : لا داعي للقلق فأنا بخير .. والآن نامي جيداً وعندما تستيقظين سوف نتناول الطعام معاً موافقة ؟
أومأت برأسها بالموافقة ليغادر هو الغرفة .. لم تحتج لسؤاله إلى أين سيذهب فعيناه المليئتان بالألم والحزن كانت كفيلة بإخبارها .
سار دانيل في تلك الممرات الطويلة حتى وصل أخيراً إلى باب تلك الغرفة .. فتح بابها بتردد وضاح ليدخل إلى الداخل ويغلق الباب خلفه جلس على طرف السرير وهو يراقب ملامح وجهه المرهق .. نظر له بألم شديد قبل أن يضع رأسه على صدر ذلك الشخص ويسمح لدموعه بالنزول .
دانيل بألم : لماذا ؟ لماذا لم تستيقظ بعد آد ؟ أرجوك أخي أنا لن أتحمل أن أفقدك أمامي مجدداً .. عيد مولدك الثامن عشر بعد يومين فقط .. وهم سوف يقضون عليك إن لم تصحوا حينها بحجة أنه لا فائدة من تعذيبك أكثر بإبقائك متعلقاً بين الحياة والموت لأكثر من عامين ( بدأ صوته بالإرتجاف وهو يكمل ) : إنهم لا يعلمون أنني معلق أيضاً بين الحياة والموت .. آدي في اليوم الذي سيتوقف قلبك به أقسم بأنني لن أتمكن من الإستمرار أكثر .. لقد نفذت ما طلبته مني لم يعد أحد يخشى الظلم .. يمكن لأبي وعمي تربية ابني أو ابنتي القادمة .. لم أعد أمتلك شيئاً !
أغمض عينيه وهو يتذكر ما حدث عندما مات طفله الأول قبل أن يولد حتى ... غادر القصر دون أن يعلم إلى أين يتجه ولكنه وجد نفسه أمام غرفة جاكوب الذي ما إن علم ما حدث حتى إنفجر غاضباً بوجه دانيل وسحبه من يده بقوة شديدة ليلقي به أمام كاثرينا التي أخرجت رسالة ما وأعطته له .
فتح عينيه وهو يخرج تلك الرسالة التي ربما أعادت عقله للعمل جزئياً قرئها مجدداً بألم شديد :" أخي دانيل .. أتمنى من كل قلبي أن لا تصل هذه الرسالة إليك يا أخي .. لإنني طلبت منهم إعطائها لك فقط إن غابت إبتسامتك عن وجهك وأصبحت شخصاً غير ذاتك القديمة .. أخي دانيل أتعلم لطالما تمنيت العودة إليك ورؤية إبتسامتك التي تشفي بها روحي من الإنكسار .. تلك الإبتسامة التي تعيد الأمل للقلوب .. سامحني أخي فأنا لم أرغب بأن تأذى أنت ولهذا السبب قمت بتلك المعركة لوحدي .. لإنك من يستطيع إعادة البسمة على وجه الجميع .. أعلم أنك حزين للغاية .. ولكنني أتمنى أن لا تبقى كذلك للأبد فأنا حقاً لو كنت موجوداً ورأيت أن شخصيتك تغيرت للحد الذي دفعهم لإعطائك هذه الرسالة لما تحدثت بلطف معك كما هي كلماتي بل ربما قُمت بصفعك ولكمك أو قتلك حتى أتفهم ؟ دانيل تذكر جيداً أنني حقاً رغبت بالعودة دائماً لأجلك ومن أجل البقاء معك ورؤية إبتسامتك .. فلا تخذلني يا أخي "
أخفض بصره ليقع على شقيقه الهادئ ليتحدث والدموع تسيل بكل هدوء وألم من عينيه وبصوت مخنوق : أدريان أتوسل أنا إليك عد لي .. لا ترحل .. أرجوك
لينتهي الأمر بنومه في ذلك المكان .. لم يكن أحد يجرأ على الدخول لتلك الغرفة مادام دانيل بها .. فمن منهم يرغب برؤيته يبكي أو حزين .. لم يعد أي منهم يشعر بسعادة بالرغم من السلام الذي يعيشونه وهم يرون قائدهم يعاني بصمت كالعادة .
حل الليل سريعاً ليفتح عينيه ببطئ وهو ينظر حوله بإستغراب .. همس بنفسه محاولا تذكر ما حدث : أين أنا ؟
نظر لذلك الشخص النائم على طرف سريره ليضع يده على رأسه بهدوء .. تمتم بكلمات غير مفهومة والدموع تسيل من عينيه بلهفة جعلته يحرك النائم بقوة .. شعر دانيل بالإنزعاج من تلك الحركة مما دفعته للإستيقاظ وهو يرغب بقتل من أيقظه ولكنه صُدم تماماً عندما رأى شقيقه ينظر له بإبتسامة واسعة .
أدريان بإبتسامة : دانيل لقد إستيقظت .
رمش دانيل بعينيه عدة مرات قبل أن يسقط أرضاً وأدريان فوقه يقوم بضمه بقوة .. تحدث بإبتسامة واسعة وسعادة حقيقية لا تخلو من الإستهزاء بعد أن تجاوز مرحلة الصدمة : أجل بالطبع فأنا هو من كان بغيبوبة لمدة عامين صحيح ؟
إبتعد أدريان عنه وقد بدت الصدمة على وجهه ليتحدث :
أدريان بصدمة : أتعني داني أنني حقاً بقيت نائماً لمدة سنتين ؟
دانيل بإبتسامة عذبة والدموع تسيل على وجنتيه : أجل ولهذا السبب لا تظن أنني سأسامحك أبداً .
شعر أدريان بألم شقيقه ليعيد رأسه إلى صدره .
أدريان بحزن : أنا آسف أخي .. أقسم لك أنا ...
مسح دانيل على شعره بلطف وهو يبتسم له بسعادة
دانيل بإبتسامة : إن كان هذا حُلماً فأنا لا ارغب بالإستيقاظ أبداً .
أدريان وهو يبادله الإبتسامة : ولا أنا أيضاً .. أريد البقاء في المكان ذاته الذي تتواجد به .
إبتعد أدريان عن شقيقه قليلاً لينهضا على الأرض وقد أمسك أدريان بالورقة التي سقطت من شقيق لتتوسع عيناه بإندهاش شديد .
دانيل بتوتر : حسناً .. لم أتغير كلياً .. ربما ... أعني أنا .. كما تعلم لقد تغيرت لمدة نصف عام فقط ودفعت الثمن غالياً .. فقد فقدت طفلي قبل أن يولد وكدت أفقد زوجتي كذلك لذا ...
ليخفض رأسه بعد أن توقف عن إيجاد الكلمات المناسبة ولكنه شعر بيد شقيقه ليفاجأ بدموعه الحارقة .
دانيل بألم : لا تبكي أتوسل إليك آدي .. أنا آسف أعلم أنني خذلتك تماماً يا أخي .
أومأ أدريان برأسه نفياً ليضم شقيقه إليه .
أدريان بحزن: بل أنا من عليه الإعتذار لإنني سببت لك كل هذا الألم .
تنهد دانيل ليبعد الحزن عن عينيه ووجهه وهو يتحدث بمرح وسعادة : إذن ماذا ترغب بالتناول على العشاء ؟
أدريان بإبتسامة أيضاً : دعني أقابل زوجتك أولا دانيل .
دانيل وهو يضرب على رأسه بخفة : تباً لقد نسيتها تماماً.
ليغادر الغرفة مسرعاً ويتبعه ادريان إلى أن وصل إلى غرفته .. دخل دانيل بينما وقف أدريان خارجاُ للحظات إلا أنه تقدم لدخول .. إبتسم بقليل من المكر والخبث وهو يرى دانيل يجلس على ركبة واحدة ويعتذر لدورثي عن أنه نسي تماماً وعده لها بتناول الطعام .
أدريان بإبتسامته السابقة : لو انك تحبها فعلاً لما سمحت لنفسك بنسيانها دانيل .. كيف تفعل شيئاً كهذا وزوجتك حامل .. أنت قاسٍ يا اخي .
دانيل بغيظ : من أذن لك بالدخول إلى الغرفة أيها المزعج !
دورثي وهي تقف بإندهاش : ادريان !
أدريان وهو ينحني : تحت أمرك مولاتي .
إبتسم دانيل على منظره بينما قامت دورثي بضمه لها .
دانيل بغيظ : ولماذا تعانقيه وكأنكِ تعرفينه منذ زمن ؟ ليبعدها عنه ويقف في منتصفهما .
أدريان بإبتسامة مستفزة : ولماذا لا دانيل ؟ إنها زوجتك أي أنها بمقام أختي أيضاً صحيح ؟
دانيل بإنزعاج : لا , لا أحد بمقام أختك أو أخيك سواي ولا تقترب منها أيضاً .
أدريان بإستمتاع : إذن تغار منها لأجلي وتغار مني لأجلها .
دانيل بسخط : كان عليك البقاء في تلك الغيبوبة البلهاء .
أدريان بلهفة : وماذا عن جاكوب ؟ أهو بخير ؟ دانيل ماذا حدث له ؟
قطب دانيل حاجبيه بإنزعاج : بخير إنه يعيش في قصر الثوار سابقاً برفقة جين .. لديه ابن إسمه تشارلي وسيأتي غداً هو وزوجته وابنه إلى هنا أأنت سعيد ؟
أدريان بإبتسامة واسعة : هذا رائع , بالطبع سعيد .. وماذا عن كاثرينا ؟
دانيل بلامبالاة : تعيش مع شقيقها كارل بإنتظار إستيقاظ أميرها النائم دون الإهتمام بقلوب معجبيها .
أدريان بإنزعاج : أي معجبين ؟
إبتسم دانيل بسعادة وهو يراقب وجه ادريان المنزعج ليضحك بإستمتاع بعدها وللمرة الأولى منذ أعوام طويلة ضحكة نابعة من أعماق قلبه .. جعلت أصدقائنا يلتمون حول الغرفة ليصدقوا ما يسمعوه ويبتسمون بسعادة كبيرة ما إن شاهدوا ضحك دانيل وإستيقاظ ادريان ذلك الحلم الذي إكتمل أخيراً .. بينما سارع أدريان لإلقاء جسده في صدر والده بسعادة كبيرة . عادت السعادة لتلف قلوب الجميع في اليوم التالي حيث وصلتهم برقية من دانيل يطلب لقائهم جميعا فورا .. قضى الجميع تلك الليلة معاً يضحكون ويتحدثون ويتشاجرون بطفولية في أحيان أخرى وقد تم إعلان خطبة أدريان وكاثرينا في النهاية .. لا يمكنني القول بأنهم عاشوا حياتهم دون أي مشاكل أو أحزان بعدها ولكن بالتأكيد هم كانوا يداً واحدة في كل المصاعب التي واجهتهم والمشكلات التي إعترضت طريقهم .. لتجعلهم متحدين العديد من الاجسام في قلب وروح واحدة وما أجملها من صداقة ومحبة وأخوة عندما تجتمع معاني الوفاء والإخلاص و التضحية . |
__________________ شكراً غاليتي زيزي(زيزو) على الأهداء حب6 |