03-24-2013, 12:44 PM
|
|
الاقتداء بالرسول [size="5"][color="darkred"]السلام عليكم اعضاء وزوار المنتدى الكرام
اليوم حبيت انزل موضوع جديد عن الاقتداء بالرسول-صلى الله عليهوسلم-
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة الأحزاب / 21
إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله آل عمران / 31
روى الإمام الباقر عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «لا نبي بعدي ، ولا سنّة بعد سنّتي»
للقدوة والأسوة العملية في المبادئ والقيم دور أساس وفعّال ، فالقدوة تمنح الفكر قيمة عملية ، وتمنح رجالاتها المصداقية والوثاقة وتمثل القدوة العملية الصيغة الحية للفكر والمبادئ وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم القدوة
والاقتداء به ينبغي أن نجيب على السؤال الذي يثيره خصوم الإيمان ، وهو : ما معنى أن يقتدي إنسان بانسان فيقلده ويتبعه خطوة بخطوة أليس في ذلك مصادرة لإرادة المقتدي ، وتغييب لعقله واختياره أليس هناك تطورات زمنية وظروف مستجدة تختلف عن تلك التي عاشها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟
وللإجابة على هذه الإثارات الصادرة عن فهم سيِّئ لمعنى القدوة والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ينبغي الانطلاق من الإيمان بالله تعالى والنبوة أوّلاً ، وأنّ الله سبحانه أعلم حيث يضع رسالته ، فهو الذي اصطفاه واختاره لحمل الرسالة
والدعوة إليها وتلك المهمة تقتضي أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم معصوما من ارتكاب المعصية ، أي معصوماً من فعل القبائح والسيئات التي دعا الناس إلى تركها ، وعاملاً بما أمر الناس العمل به وثانياً دراسة السيرة العملية والقولية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ضوء التحليل العلمي والنفسي لنكتشف الاستقامة والكمال البشري في سلوكه فنفهم لماذا القدوة
والعصمة : هي صفة نفسية وعقلية تعني حصول درجة الكمال الإنساني عند المعصوم فالانسان بانسانيته التي فطره الله عليها له ماهية ممثلة لنوعه ، كما لأي شيء مادي أو حيواني أو نباتي صورة عُليا ممثلة لنوعه فالماء له ماهية ممثلة لنوعه ، والهواء له
ماهية ممثلة لنوعه ، والحيوان له بحيوانيته ماهية ممثلة لنوعه ، والنبات بنباتيته له ماهية ممثلة لنوعه فالانسان كما هو واضح ومفطور له هوية إنسانية صورتها الحقة في السلوك هي الكمال ، كالصدق والعدل والرحمة ، واستخدام الغريزة بما وضعت له تكوينياً
وتحقيقها يتأتى باختيار الإنسان بما لديه من ملكات نفسية وعقلية وإرادة وتوازن في بناء الشخصية
والمعصوم بلطف من الله ، وبفعله الاختياري يحقق العصمة ، يصنع من ذاته الإنسان الكامل ، أو كما يقول أهل الفلسفة والعرفان يحقق الآدمية الكاملة
ولكي تتحقق العصمة السلوكية من الناحية النظرية لدى الإنسان فإنّه يحتاج إلى توفر
شيئين هما :
أوّلاً : العلم والمعرفة التامة بكل مفردة سلوكية ليعرف الحسَن من القبيح ، والحق من الباطل ، والضار من النافع
ثانياً : تطابق الإرادة مع الحقيقة العلمية تلك بصورة دائمة ، وتحقيق ذلك من الناحية العملية قد يسّره الله بلطفه لأنبيائه ، ليكونوا الممثلين للنوع الإنساني ولصورة الإنسان المطلوب تحقيقها ، وجاءت الشرائع بمنهاج سلوكي لتكون دليلاً للانسان لبناء ذاته ، كما تكون الخارطة دليلاً لبناء الجهاز الآلي ، وادارة عمله وصيانته ، أو كما يهتدي الطيار والبحار بالخارطة في مساره ، فلا يضل الطريق
وتفيد الدراسات النفسية انّ الإنحرافات السلوكية مثل الكذب والسرقة وجريمة القتل والحقد والأنانية واللجوء إلى الخمور أو الزنا واللواط أو ظلم الآخرين ، وارتكاب السلوك العدواني ، إنّما سببه الجهل والتربية السيئة ، والتكوين النفسي والجسدي غير المتوازن ، لا سيما أنشطة الغدد الصماء والجهاز العصبي ومناطق المخ ، وضعف الإرادة ، لذا فتح الله سبحانه باب التوبة والعفو والرحمة ، ليكون أمام الإنسان متسع لتلافي ما صدر عنه من سوء بسبب تلك المؤثرات
والمعصوم : قد سلمت فطرته التكوينية من تلك المؤثرات ، وهو بعلمه واختياره النقي صار معصوماً ، أي يسير في سلوكه وفق نقاء الفطرة من غير تلويث ، وبذا فهو يمثل الهوية الانسانية الآدمية بصيغتها التكاملية ، وسلوكه يمثل السلوك الصحي السوي ، الخالي من العقد والأمراض النفسية ، والجهل والخطأ فهو يشخص بسلوكه قانونية السلوك الإنساني السليم ، لذا فالاقتداء به هو عمل بالسلوك الإنساني السوي ، وممارسة عملية لبناء الذات الإنسانية السويَّة
وبذا يكون السلوك النبوي مقياساً للسلوك ، فهو مصحح للسلوك والمحتوى الذاتي للانسان ، وعاصم له من الانحراف ، فهو بيان عملي للمنهج والسلوك السوي علمياً في الحياة
لذا فاتباعه إذاً ليس تقليداً أعمى يمارسه إنسان لإنسان ، ولا مصادرة للذات الانسانية ، ولا إسقاطاً لهوية الإنسان المقتدي ، كما يدعي خصوم الإيمان ، بل هو عمل بالسلوك السوي المستقيم
إنّ السيرة النبوية تشكل مقياساً وتفسيراً إسلامياً للقيم والمبادئ والمعتقد الاسلامي بشكله النقي الأصيل بعيداً عن عبث العابثين وتفسيرات الفلسفة والرأي والتأويل الخاطئ للنصوص فالسيرة صورة تنفيذية مفسِّرة للنص اللفظي ، أو صانعة لمفهوم وتشريع اسلامي مجسَّد بشكله المادي المشرق المحسوس ، كما أن مسألة إثبات ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نجدها في مجال السيرة العملية أفضل منها في السنّة اللفظية ، فالمكذوب في مدونات السيرة العملية ورواياتها أقل بكثير منه في السنّة اللفظية والقولية
إن مجتمعنا المعاصر أحوج ما يكون إلى الاقتداء بسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم العملية ، وإن إحياء السيرة والسنّة النبوية مسألة أساسية وحضارية إنّنا بحاجة إلى تأسيس المشاريع والمؤسسات العصرية لإحياء السنّة فقد كان في كل سلوك سلكه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مؤسسة خير وإصلاح وتطوير للمجتمع وبناء أخلاقي وحضاري للانسان
فكم دافع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمواقفه العملية عن المظلوم ومن ضُيّع حقّه ، وكم اهتمّ بالأيتام ، وكم قضى حوائج المحتاجين ، وأغاث الملهوفين ، وكم صدر عنه ما يؤكد عنايته بالحيوان وكم كان له من مواقف لحل المشاكل والإصلاح ، وكم كان من وقته وجهده للعبادة والدعوة إلى الإسلام
إن تأسيس المؤسسات ومشاريع البرّ التي تقوم بكل تلك الأنشطة ، ونشر تراث السيرة ، والتثقيف عليه ، والحث على العمل به في حياتنا العملية ، هو بناء لوجودنا الحضاري في مجال الأسرة والمجتمع والدولة ، وفي التعامل مع ذوي القربى والجار والخصم والصديق ، في الأفراح والأحزان ، وهي أساس لتصحيح التقاليد الاجتماعية الخاطئة
إنّ الدعوة إلى الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتعميق البحوث والدراسات التحليلية للسيرة هي دعوة لتطوير المجتمع ، والتسامي به نحو إنسانية الإنسان وآدميته
بتمنى الردود وتقيم [/color][/size]
__________________
لا نستطيع أن نغير الماضي ،، ولكن نستطيع أن نغير الحاضر لمستقبل أفضل.. |