عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree21Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 04-19-2013, 03:45 PM
 

زيارة المسجد النبوي .. فضائل وآداب




زيارة مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشد الرحال إليه عبادة مستحبة في أي وقت ، وهي من القربات التي انعقد الإجماع على استحبابها ، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومسجد الأقصى )(البخاري) وعلى المسلم أن يستشعر نعمة الله عليه إذا وفقه لزيارة مدينة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومسجده ، ويستحضر في قلبه شرف المدينة ، إذ هي حرم رسول الله ، ودار هجرته ، ومهبط وحيه ، ومثواه بعد موته ، بها قامت دولة الإسلام ، وانتشر منها نور الهداية إلى جميع بقاع الأرض ، وهي أفضل البقاع بعد مكة ، من أرادها بسوء أذابه الله ، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال أبو القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من أراد هذه البلدة بسوء ـ يعني المدينة ـ أذابه الله كما يذوب الملح في الماء )(مسلم) .
******
فالمدينة المنورة بالحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها حرمة كحرمة مكة ، ولم يثبت لغيرها ذلك ، فقد روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها (طرفيها) ، لا يقطع عِضَاهُها (شجر فيه شوك) ، ولا يصاد صيدها )(مسلم)
ومن ثم ينبغي رعاية حرمتها ، وأن يصرف المسلم وقته حال وجوده بها في طاعة الله ، وليحرص كل الحرص على الصلاة والعبادة في المسجد النبوي ، لما في ذلك من الأجر الكبير والثواب العظيم ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام )(البخاري) .
******
ولمسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزيارته آداب كثيرة ينبغي التأدب بها ، إذ حرمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيا كحرمته ميتا فإذا وصل زائر المدينة إلى مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُنَّ له أن يقدم رجله اليمنى وأن يقول : ( بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك )(مسلم) ، وهذا الذكر مسنون عند دخول سائر المساجد في أي مكان ..
ثم يصلي تحية المسجد ، والأفضل ـ إن استطاع دون ضرر أو إيذاء لأحد ـ أن يصليها في الروضة الشريفة ، لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة )(البخاري) .
وبعد الصلاة يزور قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقبري صاحبيه : أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ ، فيقف تجاه قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأدب وخفض صوت ، ثم يسلم عليه قائلا : " السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته" فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله عليَّ روحي حتى أردّ عليه السلام )(أبو داود)
ويجمع بين التسليم والصلاة عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، لما تقرر من استحباب الجمع بين الصلاة والسلام عليه ، عملاً بقول الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }(الأحزاب:56) . ثم يسلم على أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ ، ويدعو لهما ..
وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا سلم على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحبيه ، لا يزيد غالباً على قوله : " السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه " ، ثم ينصرف .
قال ابن تيمية : " وإذا قال في سلامه : السلام عليك يا رسول الله يا نبي الله ، يا خيرة الله من خلقه ، يا أكرم الخلق على ربه ، يا إمام المتقين ، فهذا كله من صفاته بأبي هو وأمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكذلك إذا صلى عليه مع السلام عليه فهذا مما أمر الله به
ويُسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، خاصة في الروضة الشريفة ، وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغير ذلك من الطاعات ، اغتناماً لما في ذلك من شرف المكان ، وعظم الأجر والثواب
ولا يجوز لزائر مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها ، لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح ، بل هو بدعة منكرة
قال ابن الصلاح : " وليس من السنة أن يمس الجدار ويقبله وقال النووي : " ويكره مسحه باليد وتقبيله ، بل الأدب أن يبعد عنه كما يبعد منه لو حضر في حياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، هذا هو الصواب وهو الذي قاله العلماء ، وأطبقوا عليه ، وينبغي ألا يغتر بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك " .
ومن ثم فمن باب أوْلى أن لا يُسْأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قضاء حاجة ، أو تفريج كربة ، أو شفاء مريض ونحو ذلك ، لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله سبحانه ، وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره ، ودين الإسلام مبني على أصلين : أحدهما : ألا يعبد إلا الله وحده ، والثاني : ألا يعبد إلا بما شرعه الله والرسول - صلى الله عليه وسلم
ويلزم الزائر لمسجد الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لا يرفع صوته فيه ، لأن الله سبحانه نهى المؤمنين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض ، وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }(الحجرات:2-3 ) .
وعن السائب بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كنت نائماً في المسجد فحصبني رجلٌ فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال : اذهب فأتني بهذين ، فجئته بهما ، فقال : مِن من أنتما ؟ ـ أو من أين أنتما؟ ـ ، قالا : من أهل الطائف ، قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ )(البخاري) ولذا فلا يرفع الصوت في مسجده ، ولا يطال القيام عند قبره ، لأن طول القيام عند قبره - صلى الله عليه وسلم - ، والإكثار من تكرار السلام يفضي إلى الزحام وكثرة الضجيج ، وارتفاع الأصوات ، وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الآيات المحكمات ، وهو- صلى الله عليه وسلم - محترم حياً وميتاً ، فلا ينبغي للمؤمن أن يفعل عند قبره ما يخالف الأدب الشرعي .
******
وإذا أراد الزائر الدعاء فليتوجه إلى القبلة ويدع ، ولا يحرص على تحري الدعاء عند قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مستقبلاً للقبر رافعاً يديه يدعو ، فهذا كله خلاف ما كان عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتباعهم بإحسان ، بل هو من البدع المحدثات,روى ابن أبي شيبة : أن علي بن الحسين - رضي الله عنهما ـ رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيدخل فيها فيدعو فنهاه ، وقال له : ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا عليَّ ، فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم )
قال ابن تيمية : " يشير بذلك ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم منه ، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدا ، والأحاديث عنه بأن صلاتنا وسلامنا تعرض عليه كثيرة " .
******
ومعلوم أن الذي أصلح أول هذه الأمة هو السير على منهاج النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأتباعهم بإحسان ، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا تمسكهم بذلك ، وسيرهم عليه ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )(أبو داود)
******

إن زيارة المسجد النبوي مستحبة في أي وقت ، ومشروعة قبل الحج وبعده ، ولا تعلق لها بمناسك الحج والعمرة ، فهي عبادة مستقلة ، خلاف ما يعتقد البعض من أنه لابد منها في الحج أو العمرة ، فليست ركنا ولا شرطا فيهما ، ولكن إذا وصل الحاج أو المعتمر إلى تلك البقاع الطاهرة فليحرص على زيارة مسجد الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصلاة والإكثار من العبادة فيه ، لما في ذلك من فضل وشرف وأجر كبير، مع التزامه بآداب هذه الزيارة ..
******
*إسلام ويب*
__________________
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 04-20-2013, 07:20 PM
 

المثل الأعلى والأسوة الحسنة صلى الله عليه وسلم




ستظل سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مدى الأجيال والقرون ، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها نبراساً للمسلمين ، يضيء لهم حياتهم وأعمالهم ، فقد كانت تطبيقاً كريماً لمنهج الله الذي جاء به القرآن الكريم ، ونوراً هادياً لكل أمة تريد أن تصل إلى الحياة الكريمة على هذه الأرض ..
فحيث نظرت في وقائع حياة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته ، وتوجيهاته وتعاليمه ، تجد المثل الأعلى والقدوة الحسنة ، التي تضيء لك الطريق والحياة ، وتأخذ بيدك إلى الطمأنينة والسعادة ، وصدق الله تعالى حيث قال: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }(الأحزاب:21) ..
قال ابن كثير: " هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، في أقواله وأفعاله وأحواله " .
******
لقد كانت حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حافلة بالبذل والعطاء، والدروس والعبر، ووصلت إلينا كاملة بأدق تفاصيلها ، كأنما نرى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونسمعه في مختلف وقائع حياته ، قائمًا ونائماً ، وعابدًا وقائداً ، وأباً وزوجا ، ومربياً ومعلما .فقد جمع الله له بين الدعوة والدولة ، والرسالة والقيادة ، والتبليغ والحكم ، وهو ما لم يتحقق لنبي من قبل
******
وقد أُعْطِىَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما لم يعط رسول سبقه ، فجاء الأنبياء برسالتهم إلى قومهم ، وبُعِث ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كافة ، وختمت به رسالات السماء فلا نبي بعده ، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وُضِعت هذه اللبنة ؟، قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين )(البخاري) ..
******
وقد أُعْطِىَ الأنبياء معجزات حسية لعصرهم وبيئتهم ، أما الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد أعطى ـ بجانب المعجزات الحسية الكثيرة ـ القرآن الكريم، معجزة المعجزات الباقية الخالدة إلى يوم القيامة ..
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليَّ ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )(البخاري) ..
******
وَوَحْي وكتب الله للأنبياء السابقين وُكِلَ إليهم وإلى أتباعهم حفظها ، فاختُلِف فيها وحُرِّفت ، أما القرآن الكريم فقد تولى الله ـ سبحانه ـ حفظه ، فقال الله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }(الحجر:9) ..
******
وكرَّم الله تبارك وتعالى أمة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأحل لهم كثيراً مما شُدِّد على من قبلهم ، ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ، ورفع عنهم المؤاخذة بالخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وحديث النفس ، قال الله تعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }(الحج: من الآية78) ، وقال : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }(البقرة: من الآية185) ، وقال تعالى : { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }(الأعراف: من الآية157) ..
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )(ابن ماجه) ..
******
وإذا ذهبنا ننظر ونقطف من بعض وصايا وشمائل الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخلاقه العظيمة لوجدنا عجباً :
فكان الحلم والاحتمال ، والعفو عند المقدرة ، والصبر على المكاره ، صفاتٌ أدبه الله بها .. وكل حليم قد عُرِفت منه زلة ، وحفظت عنه هَفْوَة ، ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد مع كثرة الأذى إلا صبرا ، وعلى إسراف الجاهل إلا حلما ..
قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( ما خُيِّر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه ، وما انتقم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لنفسه في شيء قط , إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم بها لله )(البخاري) .
******
وكان أعدل الناس وأعفهم ، وأصدقهم لهجة ، وأعظمهم أمانة ، اعترف له بذلك أصحابه وأعداؤه ، وكان يسمي قبل نبوته " الصادق الأمين " ، ويُتَحاكم إليه في الجاهلية قبل الإسلام ..
******
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ : " كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس ، لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ راجعا قد سبقهم إلى الصوت واستبرأ الخبر على فرس لأبي طلحة عرى ، والسيف في عنقه وهو يقول : لن تراعوا ، لن تراعوا " .
وقال على ـ رضي الله عنه ـ : كنا إذا حمى أو اشتد البأس ، واحمرت الحدق ، اتقينا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه ، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا ..
******
وعندما وجد رجلا يرتعد بين يديه قال له ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( هون عليك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة )(ابن ماجه)
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أقبل جلس حيث ينتهي به المجلس ، وكان يمد طرف رداءه لحليمة السعدية لتجلس عليه ، ويضع وسادته لضيفه ويجلس هو على الأرض ، وكان إذا لقيه أحد من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتى يكون هو الذي ينصرف ، وإذا ما لقيه أحد فتناول يده ناوله إياها ، فلم ينزع يده حتى يكون الآخر هو الذي ينزعها .
******
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد الناس تواضعاً ، وأبعدهم عن الكبر، و نهى عن القيام له كما يقام للملوك .. يجالس الفقراء ، ويجيب دعوة العبد ، ويجلس في أصحابه كأحدهم ..
******
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( خدمت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين ، فما قال لي أف قط ، وما قال لشيء صنعتُه : لم صنعتَه ؟ ولا لشيء تركتُه : لمَ تركتَه ؟ ، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحسن الناس خُلُقا ، ولا مسست خزا قط ، ولا حريرا ، ولا شيئا كان ألين من كف رسول ـ الله صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا شممت مسكا قط ، ولا عطرا ، كان أطيب من عرق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ )(مسلم).
******
وكان أوفى الناس بالعهود ، وأوصلهم للرحم ، وأعظمهم شفقة ورأفة ورحمة بالناس ..
أحسن الناس عشرة وأدباً ، وأبعدهم من سيء الأخلاق ، لم يكن فاحشاً ولا متفحشا ً، ولا لعاناً ولا صخابا ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ..
******
يزور المريض ، ويتبع الجنائز، ويجيب دعوة المملوك ، ويقف للمرأة العجوز في الطريق ساعة تحدثه ، وكان يساعد أهله ويؤانسهم ، فإذا جاء موعد الصلاة أسرع إليها وقال : ( أرحنا بها يا بلال )(أحمد) .
******
وكان يوجه أصحابه ويعلمهم ، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )(ابن ماجه) .. ويأمر الصغير باحترام وتوقير الكبير، والكبير برحمة الصغير، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا )(الترمذي) ..
******
وحفاظا على علاقة المسلم بأخيه ، وعدم إيذائه ، وتعاونه معه ، والسعي في مساعدته ، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس ، من أجل أن ذلك يحزنه )(البخاري)، ويقول : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته ، ومن فرَّج عن مسلم كربة ، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة )(البخاري) .
******
يغرس في أصحابه ـ والمسلمين من بعدهم ـ روح السماحة والعدل والمساواة ، ويعلمهم أن قيمة الإنسان بدينه وعمله ، وليس بحسبه ونسبه وجنسه ، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( رحم الله رجلا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى )(البخاري)، ويقول: ( يا أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد ، وايم الله (أقسم بالله) لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها )(البخاري) ..
ويقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( يا أيها الناس : إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }(الحجرات: من الآية13) ، ألا هل بلغت ؟ ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فيبلغ الشاهد الغائب )(أحمد) ..
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من بطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه )(مسلم) ..
******
لقد كانت وستظل حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعاليمه وهديه ، منهجا ونبراسا للأمة الإسلامية ، ومخرجاً لها من كل مؤامرات أعدائها ، وسبيلا لسعادتها وأمنها ، وطريقا لبناء المسلم السوي والمجتمع المثالي ..
ولئن انتقل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى جوار ربه ، فإن الله قد حفظ لنا سنته ، وبقيت سيرته خالدة شاهدة على سمو روحه ، وكمال نفسه ، ورفعة أخلاقه ، فما على من أراد الاقتداء به إلا مطالعتها والعمل بما كان عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال الله تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }(الأحزاب:21)
******
*إسلام ويب*
__________________
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 04-25-2013, 10:21 AM
 

نبع الماء .. وانشقاق القمر




المتأمل لسيرة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووقائع حياته يجد أن الله ـ عز وجل ـ أجرى معجزات كثيرة على يديه، لا مناص من قبولها، ولا مجال لردها، لأنها نُقِلت إلينا بالأسانيد الصحيحة الثابتة، وبتأمل وتدبر يسير يتضح لنا بجلاء ووضوح، أن الله ـ عز وجل ـ الذي خلق هذا الكون الكبير المليء بالمعجزات والآيات، ليس عسيرا عليه أن يزيد فيه معجزة أخرى، أو أن يغير أو يبدل في بعض أنظمته التي أنشأ الكون عليها، لأمر تقتضيه حكمته ـ سبحانه ـ وقد كان لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المعجزات الكثير والكثير، التي أكرمه الله بها، تأييدا لدينه ودعوته، وتصديقا لنبوته ورسالته، وبيانا لعلو شأنه ومنزلته .. ومن ذلك معجزة نبع الماء من بين أصابعه الشريفة، وانشقاق القمر على عهده ـ صلى الله عليه وسلم ـ
انشقاق القمر
******
من الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ انشقاق القمر في مكة المكرمة قبل الهجرة، وهي معجزة تواترت الأخبار بنقلها، فقد سأل المشركون بمكة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ آية، فأراهم القمر ينشق إلى شقين، غير أن قلوبهم المريضة لم تؤمن رغم عظم هذه المعجزة . وقد أنكرها البعض، وهو جهل منهم بقدرة الله ـ عز وجل ـ في هذا الكون، ومطلق تصرفه في مخلوقاته ..
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: " قال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن: " أنكر بعض المبتدعة الموافقين لمخالفي الملة انشقاق القمر، ولا إنكار للعقل فيه، لأن القمر مخلوق لله يفعل فيه ما يشاء، كما يكوره يوم البعث ويفنيه ؛ولم ينشق القمر لأحد غير نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، يقول الإمام الخطابي الخطابي : " انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء " . وهي معجزة ثابتة بنص القرآن الكريم، وبالأحاديث الصحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم أما القرآن الكريم فقول الله تعالى:{ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ }(القمر 3:1 ) ..
وأما الأحاديث فقد صحت عند البخاري ومسلم وغيرهما، ومن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: ( انشق القمر على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شقتين، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اشهدوا ) ( البخاري ).
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: ( أن أهل مكة سألوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر )( البخاري ) .
وعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال: ( انشق القمر على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى صار فرقتين على هذا الجبل وعلى هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد، فقال بعضهم: لئن كان سحرنا فما يستطيع أن يسحر الناس كلهم .. )( الترمذي ) .
وقد أراد بعض المشركين التشكيك في هذه المعجزة، بزعمهم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سحر أعينهم، فرد عليهم البعض بسؤال المسافرين إذا كانوا رأوا هذه الحادثة أم لا ..
فذكر البيهقي في دلائل النبوة: " انشق القمر على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقالت كفار قريش: هذا سحر، سحركم ابن أبي كبشة، فانظروا إلى السفار(القوافل التجارية العائدة إلى مكة)، فإن أخبروكم أنهم رأوا مثل ما رأيتم فقد صدق، قال: فما قدم عليهم أحد إلا أخبرهم بذلك " .
******
قال القاضي عياض : " أما انشقاق القمر فالقرآن نص بوقوعه، و أخبر عن و جوده، ولا يعدل عن ظاهر إلا بدليل، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة، ولا يوهن عزمنا خِلافُ أخْرقٍ منحل عرى الدين، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك على قلوب ضعفاء المؤمنين، بل نرغم بهذا أنفه، وننبذ بالعراء سخفه ".
فمعجزة انشقاق القمر من أعظم معجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد القرآن الكريم، وهي أعظم من معجزة شق البحر لموسى ـ عليه السلام ـ، لأن البحر في الأرض، أما القمر في السماء والبرهان فيه أظهر نبع الماء
قال القرطبي : " قصة نبع الماء من بين أصابعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تكررت في عدة مواطن في مشاهد عظيمة، ووردت من طرق كثيرة، يفيد مجموعها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي، ولم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه "ومن هذه المواطن التي حدث بها تكثير الماء ونبعه من بين أصابعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
ما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين يديه رِكْوة(إناء صغير من جلد يشرب فيه )، فتوضأ منها، فجهش(فزع) الناس نحوه، فقال: ما لكم؟، قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ما نتوضأ به ولا نشرب إلا ما بين يديك، قال: فوضع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، قال: فشربنا وتوضأنا . فقلت لجابر : كم كنتم يومئذ؟، قال: لو كنا مائة ألفٍ لكفانا، كنا خمس عشرة مائة ) ..
******
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: ( رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأُتِيَ رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِوَضوء، فوضع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يده في ذلك الإناء وأمر الناس أن يتوضؤوا منه، قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم )( البخاري ) ومن الشواهد والأحداث القصة الطويلة ـ في غزوة ذات الرقاع ـ التي رواها الإمام مسلم في صحيحه والتي جاء فيها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لجابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ: ( .. يا جابر ناد بوضوء . فقلت: ألا وَضُوء؟ ألا وضوء؟، ألا وضوء؟، قال قلت: يا رسول الله ما وجدت في الرَّكْب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماء في أشجاب له على حمارة من جريد(أعواد تعلق عليها أسقية الماء)، قال: فقال لي: انطلق إلى فلان بن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه(سقائه)من شىء؟، قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها(فم قربة قديم)، لو أنى أفرغه لشربه يابسه . فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ فقلت: يا رسول الله إني لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أنى أفرغه لشربه يابسه، قال: اذهب فأتنى به . فأتيته به فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدرى ما هو، ويغمزه بيديه، ثم أعطانيه، فقال: يا جابر ناد بجفنة(قصعة) . فقلت: يا جفنة الركب. فأتيت بها تُحمل، فوضعتها بين يديه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده فى الجفنة هكذا، فبسطها وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة، وقال: خذ يا جابر فصب علىَّ وقل باسم الله . فصببت عليه وقلت باسم الله، فرأيت الماء يفور من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال: يا جابر ناد من كان له حاجة بماء . قال: فأتى الناس فاستقوا حتى رووا .. قال: فقلت: هل بقى أحد له حاجة، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الجفنة وهى ملأى. .. )
وعن قتادة قال: ( حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالزوراء ـ موضع بالمدينة ـ دعا بقدح فيه ماء، فوضع كفه فيه فجعل ينبع من بين أصابعه فتوضأ جميع أصحابه . قال: قلت: كم كانوا يا أبا حمزة؟، قال: كانوا زُهاء الثلاثمائة ) ( مسلم ).
******
ونقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال: " نبع الماء من بين أصابعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى ـ عليه السلام ـ بالعصا فتفجرت منه المياه، لأن خروج الماء من الحجارة معهود، بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم " .
******
إن انشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وشكوى البعير له، وشهادة الذئب بنبوته، وانقياد الشجر إليه، وتسليم الحجر عليه وغير ذلك .. معجزات ظاهرة، وآيات باهرة من الله ـ عز وجل ـ لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وليس في قدرة البشر أن يأتوا بمثلها، إذ لم تجر سنة الله في الكون أن يحدث ذلك لإنسان مهما كان، إلا أن تكون آية من الله تدل على صدق نبوته، وعلو منزلته، وشرف مكانته، وقد كان ذلك كله وأكثر، تكريما وتشريفا وتأييدا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
******
*إسلام ويب*

__________________
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 05-01-2013, 08:41 AM
 

انقياد الشجر .. وتسليم الحجر ..





أجرى الله ـ تبارك وتعالى ـ على أيدي أنبيائه ورسله من المعجزات الباهرات والدلائل القاطعات التي تدل على صدق دعواهم أنهم رسل الله .. ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أكثر الرسل معجزة، وأبهرهم آية، وأظهرهم برهانا، فله من المعجزات والدلائل ما لا يُعد ولا يُحد، وقد أُلِفت في معجزاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ المؤلفات الكثيرة، وتناولها العلماء بالبيان والشرح ..
ومن معجزاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودلائل وأعلام نبوته نطق الجماد بين يديه، فحن الجذع إليه، وسلم الحجر عليه، وانقاد الشجر إليه، وشهد له بالنبوة والرسالة .. وقد حدث ذلك ورآه الصحابة بأعينهم، مما كان له أكبر الأثر في تثبيت نفوسهم، وتقوية إيمانهم، وشدة حبهم واتباعهم للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لما في ذلك من بيان إكرام الله لنبيه، ورفعة منزلته وقدره ..
انقياد الشجر
*****
من معجزات الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ انقياد الشجر إليه مرات عديدة، من ذلك ما رواه جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( سرنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى نزلنا واديا أفيح(واسع)، فذهب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقضي حاجته فأتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم ير شيئا يستتر به، وإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى إحداهما، فاخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي عليَّ بإذن الله، فانقادت معه كالبعير المخشوش(المنقاد من أنفه)الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: انقادي عليَّ بإذن الله، فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمِنْصَف(نصف المسافة) بينهما لأَمَ بينهما - يعني جمعهما فقال: التئما عليَّ بإذن الله فالتأمتا .
قال جابر : فخرجت أحضر(أجري)مخافة أن يحس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقربي فيبتعد، فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة(نظرة إلى جنب)، فإذا أنا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة على ساق، فرأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقف وقفة فقال برأسه هكذا - وأشار الراوي برأسه يمينا وشمالا -، ثم أقبل فلما انتهى إليَّ قال: يا جابر هل رأيت مقامي؟، قلت: نعم يا رسول الله، قال: فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك، قال جابر : فقمت فأخذت حجرا وكسرته وحسرته(حددته) فاندلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته فقلت: قد فعلت يا رسول الله فعمَّ ذاك؟، قال: إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يُرَفه(يخفف)عنهما ما دام هذان الغصنان رطبين .. ) ( البخاري ).
******
وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (كنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ في سفر فأقبل أعرابي، فلما دنا قال له النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ: أين تريد؟، قال: إلى أهلي، قال: هل لك في خير؟، قال: وما هو؟، قال: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، قال : مَنْ شاهد على ما تقول؟ قال: هذه الشجرة، فدعاها رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهي بشاطئ الوادي، فأقبلت تخد الأرض خدا(تأتي بسرعة) حتى جاءت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا، فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى منبتها . ورجع الأعرابي إلى قومه وقال: إن يتبعوني آتيك بهم، وإلا رجعت إليك فكنت معك) ( الطبراني ).
******


تسليم الحجر
*****


عن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إني لأعرف حجرا بمكة، كان يسلم علىَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ) ( مسلم ).
يقول النووي : " فيه معجزة له ـ صلى الله عليه و سلم ـ، وفي هذا إثبات التمييز في بعض الجمادات، وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة: { وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }(البقرة: من الآية74) ..
وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كنت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله ) ( الترمذي ).
******
حنين الجذع
******
عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب إلى جذعٍ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحنَّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه ) ( البخاري ) .
******
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: ( أن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ كان يقوم يوم الجمعة فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب الناس، فجاءه رومي فقال: ألا أصنع لك شيئا تقعد عليه وكأنك قائم؟، فصنع له منبرا له درجتان ويقعد على الثالثة، فلما قعد نبي الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ على ذلك المنبر خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد، حزنا على رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ فنزل إليه رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ من المنبر فالتزمه(ضمه إليه) وهو يخور، فلما التزمه رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ سكن، ثم قال: أما والذي نفس محمد بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة، حزنا على رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، فأمر به رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ فدُفِن )( الترمذي ) .
******
وكان الحسن البصري إذا حدث بهذا الحديث يبكي ويقول: " يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شوقا إليه ، أفليس الرجال الذين يرجون لقاءه أحق أن يشتاقوا إليه؟! "
وقال المطلب بن أبي وداعة ـ رضي الله عنه: " لا تلوموه ـ أي: الجذع ـ، فإن رسول الله لم يفارق شيئًا إلا وجَدَ (حزن) عليه "..
ونقل ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن أبيه عن عمرو بن سواد عن الشافعي قال : " ما أعطى الله نبيا ما أعطى محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقلت: أعطى عيسى إحياء الموتى ، قال : أعطى محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ حنين الجذع حتى سُمِع صوته ، فهذا أكبر من ذلك " ..
******
فسبحان من أنطق لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ الجماد، فسلم عليه الحجر، وانقاد إليه الشجر، وحنَّ له الجذع، وجعل ذلك معجزة من معجزاته، ودليلا من دلائل نبوته وصدقه، وآية على علو شأنه ومنزلته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
******
*إسلام ويب*


__________________
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 05-01-2013, 08:47 AM
 

بَعِيرٌ يشكو .. وذِئبٌ يشهد





من المعجزات والآيات التي أُعطاها الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تأييداً لدعوته، وإكراماً له، وإعلاءً لقدره، شكوى الحيوان إليه، وشهادته بالنبوة له ـ صلى الله عليه وسلم ـ، الأمر الذي ترك أثره في النفوس، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها ..
نعم لقد شكا الجمل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وشهد الذئب بنبوته ورسالته، إنها آيات ومعجزات للحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ حدثت له في حياته، ورآها أصحابه، وثبتت في صحيح الأخبار، فيجب تصديقها والإيمان بها ..
شكوى البعير
*****
لقد سجد البعير وشكى ـ رغم ما يُعرف من شدته ـ لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إيماناً به، وإقراراً ببعثته، وبياناً لعلو قَدْره ومنزلته ..
فعن أنس ـ رضي الله ـ عنه ـ قال: ( كان أهل بيت من الأنصار، لهم جمل يَسْنون(يسقون) عليه، وإن الجمل استصعب عليهم، فمنعهم ظهره، وإن الأنصار جاؤوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقالوا : إنه كان لنا جمل نسني عليه، وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه: قوموا، فقاموا، فدخل الحائط (البستان)والجمل في ناحية، فمشى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نحوه، فقالت الأنصار: يا رسول الله، إنه قد صار مثل الكَلْب الكَلِب(داء يصيب الكلب)، وإنا نخاف عليك صولته، فقال: ليس علي منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بناصيته، أذل ما كانت قَطُّ ، حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه: يا رسول الله، هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن نعقل، فنحن أحق أن نسجد لك، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة، تنبجس (تتفجر) بالقيح والصديد، ثم استقبلته فلحسته، ما أدت حقه )( أحمد ).
وعن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( أردفني(حملني) رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم خلفه، فأسر إلى حديثا لا أخبر به أحدا أبدا، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحب ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل(مجموعة)، فدخل يوما حائطا(بستانا)من حيطان الأنصار، فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه، قال بَهْز وعفان : فلما رأى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ حَنَّ وذرفت عيناه، فمسح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سَرَاته وذِفْراه(ظهره وأذنيه) فسكن، فقال: من صاحب الجمل؟، فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ أما تتقى الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه شكا إلىَّ أنك تجيعه وتدئبه(تتعبه) )( أحمد )..
******
شهادة الذئب
******
من عجيب المعجزات والأخبار أن الله ـ عز وجل ـ أنطق الذئب فتكلم وأقر بنبوة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، بل ودعا الناس إلى الإيمان به ..
فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: ( عدا الذئب على شاةٍ فأخذها، فطلبه الراعي فانتزعها منه، فأقعَى الذئب على ذَنَبِه(ذيله)، وقال: ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقًا ساقه الله إليَّ؟، فقال: يا عجبي! ذئبٌ مقع على ذَنَبِه يكلمني بكلام الإنس؟ فقال الذئبُ: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟: محمدٌ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق . قال: فأقبل الراعي يسوقُ غنمهُ حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله فأخبره . فأمر رسول الله فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج، فقال للراعي: أخبرهم، فأخبرهم . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: صدق، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى تكلِّم السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ(طرف)، وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، ويخبره فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أهلهُ بعده ) ( أحمد ) ..
وفي رواية أخرى من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عندما كلم الذئب راعي الغنم فقال الرجل: ( .. تالله إنْ رأيتُ كاليوم ذئبا يتكلم، قال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين(المدينة) يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم . وكان الرجل يهوديا فجاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأسلم وخبَّرَه، فصدقه النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ .. ) ( أحمد ).
******
فسبحان من أنطق لنبيه الحيوان، فجعله شاهدا على صدقه، ودليلا من دلائل نبوته، ومعجزة من معجزاته، تزيد القلوب تعظيما وتوقيرا واتباعا له ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
******
*إسلام ويب*
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:01 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011