عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree21Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 04-01-2014, 02:21 AM
 
إنما تنصرون بضعفائكم
21/10/2013
إسلام ويب

******




ظل النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة يدعو الناس إلى توحيد الله وعبادته، سراً وجهاراً، ليلاً ونهاراً، ويحذرهم من الشرك وعبادة الأصنام، وكفار مكة ينتقلون من أسلوب إلى أسلوب آخر، في صدَّ الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن دعوته .
******
ومن هذه الأساليب التي انتهجوها محاولة إبعاد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن المستضعفين والفقراء من أصحابه الذين آمنوا به، كخبّاب، وعمّار، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، وأبو فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية، وغيرهم ممن لهم منزلة كبيرة عند الله، وإن لم يكن لهم جاه ومنزلة عند الناس
فبين الله ـ عز وجل ـ لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ علو شأن هؤلاء الصحابة الكرام، ومنزلتهم العالية عند الله، والتي يجهلها الكفار ويحاولون أن ينالوا منها، بل ويزيد الله على ذلك أن نهى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن طردهم أو إبعادهم، فأنزل الله تعالى قوله: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ }(الكهف: من الآية28)
وهذه الآية وإن كانت خطاباً للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنها خطابٌ وأمر لأتباعه من أمته، لما تقرر عند العلماء أن الخطاب له ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطاب لأمته وأتباعه ما لم يمنع مانع ويدل دليل على الخصوصية .
******
قال ابن كثير في تفسيره : وقوله تعالى: " { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُم ْ}، أي اجلس مع الذين يذكرون الله، ويهللونه، ويحمدونه، ويسبحونه، ويكبرونه، ويسألونه بكرة وعشيًا من عباد الله، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، أو أقوياء أو ضعفاء "
وقال الواحدي في أسباب النزول: " عن سلمان الفارسي قال : جاء المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، وذووهم، فقالوا: يا رسول الله، إنك لو جلست في صدر المجلس، ونحيت ( أبعدت ) عنا هؤلاء، وأرواح جبابهم - يعنون سلمان، وأبا ذر، وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جباب الصوف لم يكن عليهم غيرها - جلسنا إليك، وحادثناك، وأخذنا عنك ! فأنزل الله تعالى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُم ْ}، حتى إذا بلغ { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً }(الكهف من الآية 29)، يتهددهم بالنار، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله تعالى قال : ( الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا ومعكم الممات ) .
******

وعن خباب - رضي الله عنه - قال: ( جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صهيب وبلال وعمار وخباب، قاعداً في ناسٍ من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي - صلى الله عليه وسلم - حقروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا مجلساً تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك، فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد! فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، قال: نعم، قالوا: فاكتب لنا عليك كتاباً، قال: فدعا بصحيفة، ودعا علياً ليكتب - ونحن قعود في ناحية -، فنزل جبرائيل عليه السلام فقال: { وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ }(الأنعام: 52) .
ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال: { وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ }(الأنعام: )، ثم قال: { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ }(الأنعام: 54)
فألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيفة من يده ثم دعانا، قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، وهو يقول: سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُم ْ}: ـ ولا تجالس الأشراف ـ { تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا } ـ يعني: عيينة والأقرع ـ { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } .. قال خباب: فكنا نقعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها، قمنا وتركناه حتى يقوم ) رواه ابن ماجه .
******

إن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن رسولاً لفئة من الناس، بل كان رسولاً للناس كافة، للأسياد والعبيد، والفقراء والأغنياء، والرجال والنساء، وللعرب والعجم، قال الله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }(سـبأ:28)، ومن خلال حياته وسيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأينا أن تعامله مع الضعفاء والمساكين كان له شأن خاص، يعيش معاناتهم، ويقضي حوائجهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويواسي فقيرهم، ويرحم ضعيفهم
عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه ـ قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ، ويعود مرضاهم ، ويشهد جنائزهم ) رواه الحاكم، وعن عبد الله بن أبي أوفى ـ رضي الله عنه ـ في وصفه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( .. ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته ) رواه النسائي .
******

إنما تنصرون بضعفائكم
********


من الفوائد الهامة لهذا الموقف من حياة وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحثُّ على مجالَسة الصالحين الأخيار حتى لو كانوا فقراء أو ضعفاء، فإن في مجالستهم خيرًا كثيرًا، وقد بين لنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فضلهم، وأنهم من أسباب انتصار المسلمين، فكم مِنْ نصرٍ عَبْر التاريخ نُسِبَ في الدنيا لشخصيات بارزة من أعلام القادة والعلماء والمجاهدين، وأما عند الله فقد يكون له سبب آخر، وهو دعوة صادقة خالصة من رجل صالح من فقراء وضعفاء المسلمين، لا يعلمه ولا يفطن إليه أحد
******

عن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال: ( إنَّما يَنصر الله هذِهِ الأمَّة بضَعيفِها، بدَعوتهم وصلاتهم، وإخلاصهم ) رواه النسائي، وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كم من أشعثَ أغبر ، ذي طِمرينِ، لا يؤبَه له ، لو أقسمَ على اللَّهِ لأبَرَّه ) رواه الترمذي .
وعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : ( إنما تُنصرونَ وتُرزقونَ بضعفائكم ) رواه أحمد .
******

قال ابن حجر: " قال ابن بطال: تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء، وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا " .
ولذلك أوصى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديث كثيرة بالرحمة بالفقراء والضعفاء، والخدم والعبيد، وأوصى برحمة اليتامى وكفالتهم وإصلاح أحوالهم ..

******

__________________
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 04-02-2014, 05:35 PM
 
اشفعوا تؤجروا
29/09/2013

إسلام ويب


في بعض المجتمعات تشيع الوساطة بين الناس لقضاء مصالحهم وتحقيق مآربهم، وقد تكون هذه الوساطة أو الشفاعة حسنة للوصول إلى أغراض مشروعة، وقد تكون سيئة أو ضارَّة لإلحاقها أذىً بالغير، ولمساسها بمعاني العدل والمساواة التي ينبغي أن يتعامل الناس بها، وهذا هو ما عبَّر عنه القرآن الكريم في قول الله تعالى: { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا }(النساء:85).
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: " قال مجاهد، والحسن، وابن زيد، وغيرهم: هي في شفاعات الناس بينهم في حوائجهم، فمن يشفع شفاعة لينفع فله نصيب، ومن يشفع ليضر فله الكفل، والكفل: الوزر والإثم، وقيل: الشفاعة الحسنة في البر والطاعة، والسيئة في المعاصي، فمن شفع شفاعة حسنة ليصلح بين اثنين استوجب الأجر، ومن سعى بالنميمة والغيبة أثم "
******
وقد رغَّب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الشفاعة الحسنة، فعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أتاه طالب حاجة، أقبل على جلسائه فقال: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب ) رواه البخاري . وفي رواية: ( ما شاء ) .
والحديث يدل علي الترغيب في الشفاعة الحسنة لقضاء الحاجات، وأن فيها أجراً، سواء تحقق المراد أم لا .
قال ابن حجر في الفتح: " في الحديث الحض علي الخير بالفعل، وبالتسبب إليه بكل وجه " .
وقال ابن بطال: " الشفاعة في الصدقة وسائر أفعال البر، مرغَّب فيها، مندوب إليها، ألا ترى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( اشفعوا تؤجروا )، فندب أمته إلى السعي في حوائج الناس، وشرط الأجر على ذلك، ودَلَّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء ) أن الساعي مأجور على كل حال، وإن خاب سعيه ولم تنجح طُلبتُه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) رواه الترمذي "

******
ومن أمثلة الشفاعة الحسنة: شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بَريرة مولاة عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ مع زوجها مغيث الذي كان عبداً، وأعتقتها عائشة ـ رضي الله عنها ـ، فخيَّرها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، فاختارت نفسها، أي عدم البقاء مع زوجها في العبودية، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قصة بَريرة وزوجِها، قال: قال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لو راجعتيه؟، قالت: يا رسول الله تأمرني؟!، قال:إنما أشفع، قالت: لا حاجة لي فيه ) رواه البخاري
******
وشفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذلك - لجابر - رضِي الله عنْه - عند يهودي بدَين كان له عند جابر، فلَم يقبل اليهودي هذه الشفاعة، فدعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لجابر بالبركة
فلم تقبل بريرة شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع عِظَم قدْرِه عندها، ولَم يُنْقِص عدَم قبول اليهوديّ لشفاعة النَّبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قدْره، بل يسَّر الله - تعالى - قضاء دَين جابر ببركة دعائه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأوْفى اليهوديَّ حقه وبقي عند جابر خير .

******
وحين يحثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على الشفاعة، فإنه يوصينا بأمر لا غناء لنا عنه، وهو الإخلاص لله، فلا نبتغي بشفاعتنا مدحا أو عطاء من أحد، قال الله تعالى: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورا ً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً }(الإنسان: 9 : 12)

******
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشِرْكه ) رواه البخاري .
وعن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا ) رواه أبو داود .

******
والشفاعة في هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا تُمْدَح مطلقاً، فمنها ما هو حسن يحبه الله ويثيب عليه ويجعلُ صاحبه شريكاً في الأجر، ومنها ما يَمقته الله ويجعل صاحبها شريكاً في الوزر، وهي الشفاعة السيئة، قال الله تعالى: { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا }(النساء: 85)

******
والشفاعة السيئة المنهي عنها هي التي تؤدي إلى ضياع الحقوق، أو التعدي على حدود الله، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم ـ عنها، وذلك حين رفض شفاعة أسامةَ بنِ زيد ـ رضي الله عنه ـ في المرأة المخزومية التي سرقت وأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقطع يدها

******
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: ( أن قريشا أهمهم شأن المرأة التي سرقت في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟، فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: أتشفع في حد من حدود الله؟ فقال له أسامة: استغفر الله لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم فاختطب فأثنى على الله تعالى بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا اسرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها ) رواه البخاري

******
قال الشيخ ابن عثيمين: " وهذه المرأة المخزومية دون فاطمة ـ رضي الله عنها ـ شرفاً ونسبا، ومع ذلك فإنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها ) وذلك لسدّ باب الشفاعة والوساطة في الحدود، وقال عليه الصلاة والسلام : ( من حالتْ شفاعتُهُ دونَ حَدٍّ من حدودِ اللهِ فهو مُضَاد اللهِ في أمره ) رواه أحمد " .

وبوَّب النووي في شرحه لصحيح مسلم: ( باب تحريم الشفاعة في الحدود )
******
ويفرق الشوكاني بين الشفاعة الحسنة والسيئة فيقول: " والشفاعة الحسنة هي: في البرّ والطاعة، والشفاعة السيئة في المعاصي، فمن شفع في الخير لينفع، فله نصيب منها، أي: من أجرها، ومن شَفع في الشر، كمن يسعى بالنميمة والغيبة كان له كفل منها، أي: نصيب من وزرها " .
والضَّابِط العام من هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته: أَنَّ الشَّفَاعة الحسنة هي: ما كانت فيما اسْتحْسَنَهُ الشَّرْعُ، وَالسيئة فيما كرهه وحرمه .

******
لقد علمنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن دروب الخير كثيرة، وأنواع البر متعددة، ومن أعظم ذلك السعي في حوائج المسلمين، والإحسان إلى المؤمنين، من إطعام للجائع، وكسوة للعاري، وعيادة للمريض، وتعليم للجاهل، وإنظار للمعسر، وإعانة للعاجز، وكفالة لليتيم، وتفريج للهم، وتنفيس للكرب، وشفاعة في الخير، ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها، وخير الناس أنفعهم للناس، وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم، وقال: ( اشفعوا تؤجروا ) رواه البخاري .

******
__________________
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 04-03-2014, 01:41 PM
 
وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
25/08/2013
إسلام ويب


للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند ربـه مقام عظيم، وقـدر جليل، فاق كل الخلائق أجمعين، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيد ولـد آدم، ولا يعرف حقيقته وعظيم قدره إلا خالقه سبحانه وتعالى .. والمتأمل في آيات القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية الصحيحة يجد الكثير من الأدلة التي تبين مكانة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعِظم قدره عند ربه ـ عز وجل ـ، فقد حباه الله وامتن عليه وأكرمه بخصائص كثيرة في الدنيا والآخرة، دلت على جليل قدره وشرف منزلته عند ربه، قال الله تعالى: { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }(الحج:75)
ومن هذه الخصائص قوله تعالى: { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }(الشرح:4) .. فرَفْعُ ذِكْرِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أجَّل النعم، وأعظم الخصوصيات، ومن الشمائل الحميدة، التي تدل على حب الله - تعالى - لرسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم
******
{ وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ }(الشرح:4) :
قال ابن كثير: " قال مجاهد: لا أُذكر إلا ذكِرْتَ معي، أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وقال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهّد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " .. وأورد من شعر حسان بن ثابت :

أغـرَّ عـليه للـنبـوةِ خـاتـمٌ من اللهِ مشهـودٌ يـلـوحُ و يُـشهــدُ
ضمَ الإله اسم النبي إلى اسمهِ إذا قال في الخمسِ المـؤذنِ: اشهـدُ
وشـق له مـن اسـمه لـيـجُـلـه فـذو العـرشِ محمودٌ وهـذا محمدُ

******
وقال القرطبي: " وروي عن الضحاك عن ابن عباس قال: يقول له: ما ذُكِرْتُ إلا ذكِرْتَ معي في الأذان، والإقامة والتشهد، ويوم الجمعة على المنابر، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق، ويوم عرفة وعند الجمار، وعلى الصفا والمروة، وفي خطبة النكاح، وفي مشارق الأرض ومغاربها، ولو أن رجلا عبد الله - جل ثناؤه -، وصدّق بالجنة والنار وكل شيء، ولم يشهد أن محمدا رسول الله، لم ينتفع بشيء وكان كافرا "

******
وقال الشيخ السعدي: { وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ } أي: أعلينا لك قدرك، وجعلنا لك الثناء الحسن العالي الذي لم يصل إليه أحد من الخلق، فلا يُذكر الله إلا ذكِرَ معه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كما في دخول الإسلام، وفي الأذان والإقامة، والخطب، وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره، بعد الله تعالى، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزي نبيّا عن أمته "

******
ومن صور ووجوه رفع ذِكْرِهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
****************
- اقتران اسمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع اسم الله - سبحانه -، وهو أعظم وأجل أوجه رفع الذكر، ولا يمكن أن نستوعب عظيم هذا الأمر، إلا إذا علمنا ووقر في قلوبنا عظيم شأن الله ـ عز وجل -، الخالق لكل شيء، المتصرف في كل شيء، العالم بكل شيء، المقدر لكل أمر، النافذ حكمه في كل أحد، قال تعالى واصفا قدرته وعظمته: { وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ }(الزمر: 67) ، وقال تعالى واصفا إحاطته بعلم كل شيء: { وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ }(الأنعام: 59) ، فهل بعد هذا التكريم من الله ـ عز وجل لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والرفع والإعلاء والتشريف من رتبة أعلى؟!!

******
- ذِكْرُهُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الملأ الأعلى، وذلك بصلاة الله تعالى والملائكة عليه، بالثناء والذكر الحسن، بل ينسحب هذا الثناء والذكر الحسن إلى المؤمنين ببركة صلاتهم عليه، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم : ( من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرا ) رواه مسلم

******
- حفظ الله لعِرْضِه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مِنْ سب ولعن كفار قريش، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم قريش ولعنهم!، يشتمون مُذمّما، ويلعنون مذمّما، وأنا محمّد ) رواه البخاري .
من كمال رفع الذكر أن يذكر الإنسان بكل الصفات الحميدة، وأن يُبَّرَّأ من كل سب ولعن، وقد أثبت الحديث أن الذي صرف عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ السب واللعن هو الله سبحانه وتعالى، وأن أمر صرف هذا اللعن والسب مع حرص كفار قريش عليه، من الأمور العظيمة التي يُتعجب منها، وما يتعجب منه يجب الوقوف عنده للتأمل والتدبر .

******
ومن أوجه وصور رفع ذكره ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
*****************
لم يناده الله - سبحانه - باسمه أبدا في القرآن العظيم، فلم ترد آية واحدة بصيغة ( يا محمد ) كما ورد عن بقية الأنبياء، عليهم جميعا ـ الصلاة والسلام ـ، كما في قوله تعالى: { يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا }(هود: من الآية76)، وقوله تعالى: { قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ }(هود: من الآية48)، وقوله: { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ }(آل عمران: من الآية55)، وهكذا مع كل الأنبياء، ولما ذكر اسمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان على سبيل الإخبار وأتبع بصفته، قال تعالى: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ }(الفتح: من الآية29) ..
ولا شك أن توجيه الخطاب إليه في القرآن الكريم، دائما بصيغة الرسالة: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ }(المائدة: من الآية41)، أو بصفة النبوة كقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّه }(الأنفال: من الآية64)، هو من علامات رفع ذكره وعلو شأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ومنها : أن الله تعالى أمر بعدم التسوية بين دعائه ودعاء غيره، قال تعالى: { لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً }(النور: من الآية 63) . قال ابن كثير: " قال ابن عباس: كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله ـ عزَّ وجلَّ ـ عن ذلك، إعظاماً لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال: فقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله، وقال قتادة: أمر الله أن يُهاب نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأن يُبَّجَّل، وأن يعظم، وأن يسود، وقال مقاتل في قوله: { لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } يقول: لا تسموه إذا دعوتموه يا محمد، ولا تقولوا: يا ابن عبد الله، ولكن شرِّفوه فقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله "

******
- ومن كمال رفع ذكره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن جعل الله - سبحانه وتعالى - كتابه أحسن الكتب، قال تعالى: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ }(الزمر: 23)، بل جعل كتابه ـ صلى الله عليه وسلّم ـ مهيمنا على بقية الكتب، قال تعالى: { وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ }(المائدة: من الآية 48)

******
وكذلك من رفع ذكره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن خصه الله ـ عز وجل ـ بأزكى الخُلق، وأثنى عليه به في كتابه العزيز، فقال تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم: 4) .. وكل ذلك وغيره من تمام رفع ذكره ـ صلى الله عليه وسلم

******
ومن أجلّ مظاهر رفع ذكره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الله - عزّ وجلّ - قد أبطل كل شبهات الكافرين وأكاذيبهم حوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فما من شبهة أثارها الكفار أو أكذوبة مثل الجنون والسحر، وادعاء كتابة القرآن من عنده أو من غيره من البشر، إلا وأقام القرآن الكريم ـ ومِن بعده علماء السلف والخلف ـ الحجج الدامغة على كذبها وفريتها .

******
فائدة :
***
ليس معنى رفع ذكره ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يذكر كلما ذُكِر الله ـ عز وجل ـ في مثل التشهد والأذان، أن ذلك يعني التشريك في الأمر، أو المساواة في التعظيم، كلا، فما زال وسيظل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبدا مخلوقا، فلا يجب أن نخلط بين الأمرين، فكما أن الله هو الذي رفع ذِكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فهو نفسه ـ سبحانه وتعالى ـ الذي علمنا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له من الأمر شيء، قال الله تعالى: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ }(آل عمران: 128)، فالغلو فيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورفعه فوق منزلة العبودية والنبوة، وإشراكه في علم الغيب، أو سؤاله من دون الله، أو الحلف به، مخالف لهديه ودعوته، بل يخالف الأصل الذي أرسله الله به وهو التوحيد، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبد الله ورسوله، وهو يفتخر بذلك أشد الافتخار، ومن ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله ) رواه البخاري .
فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم

******
__________________
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 04-06-2014, 11:32 PM
 
يا أبا عُمَيْر ما فعل النُغَيْر؟!
04/08/2013
إسلام ويب




المتأمل في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته يجد أنه أعطى الطفل نصيبا من وقته، وجانبا كبيرا من اهتمامه، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الأطفال أباً حنونا، ومربياً حكيما، يداعب ويلاعب، وينصح ويربي ..
******
ومع كثرة همومه وشدة اشتغاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمور الجهاد والدعوة والعبادة وأمور الناس إلا أنه كان يلاطف أطفال الصحابة، ويدخل السرور عليهم ـ، وهو مَنْ هو ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علو منزلته وعِظم مسؤولياته .. ومواقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي تبين مدى حبه ورحمته بالأطفال كثيرة، منها مداعبته وملاطفته لِعُمَيْر ـ رضي الله عنه

******
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير - أحسبه قال: كان فطيما -، قال: فكان إذا جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرآه قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير -طائر صغير كالعصفور-؟ قال: فكان يلعب به ) رواه مسلم .

وعمير هو أبو عمير بن أبي طلحة الأنصاري،واسمه زيد بن سهل،وهو أخو أنس بن مالك لأمه، وأمهما أم سليم،مات على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
******
وفي هذا الموقف النبوي مع عمير ـ رضي الله عنه ـ الكثير من الفوائد التربوية التي ينبغي الوقوف معها والاستفادة منها، وقد سبق إلى التنبيه على فوائد قصة أبي عمير: أبو حاتم الرازي أحد أئمة الحديث وشيوخ أصحاب السنن، ثم تلاه الترمذي في ‏"‏ الشمائل ‏"‏، ثم تلاه الخطابي وغيرهم ..
وقال ابن حجر : " قال أبو العباس الطبري : وفيما روينا من قصة أبي عمير ستون وجها من الفقه والسنة وفنون الفائدة والحكمة "

******
ومن هذه الفوائد :
*********

- تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولِين جانبه، وحُسن مخالطته ومعاشرته لصاحبه أنس ـ رضي الله عنه ـ وأخيه الطفل الصغير، فنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو سيد الخلق، وخاتم الرسل، وأعلى الناس مكانة في الدنيا والآخرة، وهو أيضا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد الناس تواضعا لله تعالى، ولا يملك من يقرأ سيرته، ويطلع على أخلاقه ومواقفه إلا أن يمتلئ قلبه بمحبته، فالناس مفطورون على محبة المتواضعين وبغض المتكبرين

******
ـ التلطف مع الصديق صغيرا كان أو كبيرا، والسؤال عن حاله، ومداعبته - صلى الله عليه وسلم - للصغار، والمُزاح معهم وإدخال السرور عليهم، ومعلوم لدى التربويين أن الاهتمام والسؤال عن الصغار، ومعرفة أخبارهم، يوجد عندهم الاعتداد بالنفس، ويساعد ذلك في تكوين شخصيتهم، وبلورتها وصقلها، وكذلك يدخل السرور والحب في نفس الطفل وأهله، ويعتبر ذلك سلوكاً تربوياً ودعوياً
******
ـ التكنية وهي ما صُدِّرِت بأمٍ أو بأبٍ تجوز، ولو لم يولد لِمَنْ كُنِّيَّ ولد، لأن هذا الطفل صغير، وقد كنَّاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . ولذلك ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري كتاب الأدب باب: ( الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل )
******
ـ جواز لعب الصغير بالطير، وإمساك الطير في القفص، أما إذا حُبِسَ وأوذي ولم يُطْعَم فمعلوم حديث المرأة التي حبست قِطة فدخلت النار بسببها، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خَشاش الأرض ) رواه مسلم
وكذلك ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح به اللعب، وإنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات دون إيذاء أو إسراف، ولذلك قال ابن تيمية: " يرخص للصغار ما لا يرخص للكبار، لأن طبيعة الصغار اللهو "، ومن بين الأدلة على ذلك هذا الحديث
******
ـ تصغير الاسم لا بأس به إذا كان المقصود المداعبة والتلطف لقوله ( يا أبا عمير ) تصغير عمر .

ـ جواز السجع في الكلام إذا لم يكن مُتكلفا، وأن ذلك لا يمتنع من النبي كما امتنع منه إنشاء الشعر‏ .
لقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القدوة والأسوة الذي يجب أن يقتدي به الآباء والدعاة والمُرَّبون في تربيتهم ودعوتهم، ولا شك أن حياته وسيرته ـ صلى الله عليه وسلم- مليئة بالمواقف الجديرة بالوقوف معها من المصلحين والتربويين، لاستخراج فوائدها ودروسها، والتعامل من خلالها مع الصغار والكبار والناس أجمعين، قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) ..

******
__________________
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 04-09-2014, 11:55 PM
 
هل ترون ما أرى ؟!
28/07/2013
إسلام ويب
*****




فضَّل الله ـ سبحانه وتعالى ـ نبينا محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكرَّمه، وخصه بأشياء دون غيره من الأنبياء، فله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خصائص في الدنيا، وله خصائص في الآخرة، مما يدل على علو منزلته، وعظيم قدره عند ربه تبارك وتعالى، كيف لا، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وخير خلق الله أجمعين، ومن خصوصياته ومعجزاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يرى ما لا يراه غيره من الناس .
******
عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: ( انكسفت الشمس في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، يوم مات إبراهيم ابن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم، فقام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات، بدأ فكبر، ثم قرأ، فأطال القراءة، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، فقرأ قراءة دون القراءة الأولى، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، فقرأ قراءة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين، ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوا من سجوده، ثم تأخر، وتأخرت الصفوف خلفه، حتى انتهينا، ـ وقال أبو بكر بن أبي شيبة ـ: حتى انتهى إلى النساء، ثم تقدم وتقدم الناس معه، حتى قام في مقامه، فانصرف حين انصرف، وقد آضت الشمس (رجعت إلى حالها)، فقال: يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس - وقال أبو بكر: لموت بشر - ، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي، ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه، لقد جيء بالنار، وذلكم حين رأيتموني تأخرت، مخافة أن يصيبني من لفحها (لهيبها)، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن (العصا) يجر قصبه في النار، كان يسرق الحاج بمحجنه، فإن فطن له قال: إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به، وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت جوعا، ثم جيء بالجنة، وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل، فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه ) رواه مسلم .
******

وعن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قالوا: ( يا رسول الله: رأيناك تناولتَ شيئا في مقامك هذا ثمّ رأيناك كففت؟!، فقال: إنّي رأيت الجنّة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدّنيا، ورأيت النّار فلم أر كاليوم منظرا قطّ، ورأيت أكثر أهلها النّساء، ، قالوا: بم يا رسول الله؟!، قال: بكفرهنّ، قيل: أيكفرن بالله؟!، قال: بكفر العشير وبكفر الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنّ الدّهر ثمّ رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قطّ ) رواه مسلم .
******
رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يصلي الجنة شاخصة أمامه، ورأى النار، وشاهد أهلها وهم يعذبون، والصحابة خلفه ينظرون إليه، فلا يرون جنة ولا نارا، بل يرون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يتناول شيئا، وهذا دليل على أنه يرى ما لا يراه أحد، وهذا من خصوصياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وبجانب ذلك الفضل وتلك الخصوصية ففي هذين الحديثين فوائد كثيرة، منها :
******
علمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعض الغيبيات التي أطلعه الله عليها:
******************************
كل ما يُخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ماض، أو مستقبل، أو حاضر لم يره، هو وحي من الله ـ عز وجل ـ، فكما جاءت الأدلة تدل على أن الله ـ تبارك وتعالى ـ اختص بمعرفة علم الغيب وأنه استأثر به دون خلقه، جاءت أدلة تفيد أن الله تعالى استثنى من خلقه من ارتضاه من الرسل، فأودعهم ما شاء الله من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله دلالة صادقة على نبوتهم، قال تعالى: { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً }(الجـن:26 : 27) .
******
ومن ذلك الغيب الذي أعلمه الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إطلاعه على كل ما وُعِدَت به هذه الأمة إلى قيام الساعة، وذلك من قوله ـ صلى الله عليه وسلم : ( فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه )، أي أن الرؤية لم تقتصر على الجنة والنار، ولا يخفى على أحد ما تنطوي عليه هذه المعجزة من تكريم للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإظهار لفضله وسبقه على الأولين والآخرين .
******

قدرة الله :
******

يظهر ذلك في رؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الجنة والنار في مكانه وهو يصلي، ورؤية كل ما توعد به الأمة إلى يوم القيامة، يرى ذلك ويعقله، ولا يراه أحد غيره، ممن يقف وراءه، حتى دنت منه النار بلهيبها وحرها، كما أن قدرته ـ سبحانه ـ تتمثل أيضا في قِصَر الوقت الذي استغرقته تلك المعجزة العظيمة، خاصة أنه رأى كل ما وُعِدَت به الأمة، فقدرة الله ـ عز وجل ـ لا يعقلها عقل، ولا يحدها وصف، ولا يعجزها شيء، فعلى المسلم ألا يقيس تلك الأخبار على قدرة الإنسان المحدودة، بل يسلم بكل ما ورد بالكتاب والسنة الصحيحة دون إدخال العقل، اللهم إلا في التفكر في عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى .
******
الكسوف والخسوف من آيات الله :
*************

قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله تعالى يخوف بها عباده ) رواه البخاري، وفي رواية أخرى: ( فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة )، وفي ذلك بطلان قول من يقول: إن الكسوف والخسوف ظواهر طبيعية، لا علاقة لها بأعمال العباد، وأنه لا ينبغي لنا أن نخاف من حدوثها أو كثرة تكرارها، ثم إن معرفة موعدها لا يخرجها عن كونها آية يخوّف الله بها عباده .
******
رؤية الجنة والنار :
***********

رؤيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الجنة والنار في الحياة الدنيا، كانت رؤية واضحة لا التباس فيها، بدليل أنه ميّز في هذه الفترة الوجيزة، أن أكثر أهل النار النساء، كما رأى امرأة تخدشها هِرة ، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما ورد في مسلم: ( وحتى رأيت صاحب المحجن، يجر قصبه في النار )، وهذه الرؤية لم تكن رؤية بالقلب، بل كانت رؤية بالعين، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لقد جيء بالنار حيث رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها )، ورؤية القلب لا يتضرر الإنسان منها، كما أنه لا يمد يده ليتناول ما يراه بقلبه، والحاصل أنها كانت رؤية يقظة واضحة بينة .
******
ومن أمثلة رؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما لا يراه أحد، ما رواه البخاري عن أسامة ـ رضي الله عنه ـ قال: ( أشرف النّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أطم من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟، إنّي لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر )، قال ابن حجر: " (أشرف) أي نظر من مكان مرتفع، قوله: (مواقع) أي مواضع السقوط (خلال) أي نواحيها، قد شبه سقوط الفتن وكثرتها بسقوط القطر في الكثرة والعموم، وهذا من علامات النبوة لإخباره بما سيكون"، وقال في موضع آخر: " والرؤية بمعنى النظر، أي كشف لي فأبصرت ذلك عيانا " .
******
رؤيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ من وراء ظهره :
*************

دلّت أحاديث صحيحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى الذين يقفون خلفه في الصلاة، فعن أنس بن مالك رضي ـ الله عنه ـ أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم - قال: ( أتموا الركوع والسجود، فوالله إني أراكم من خلف ظهري، إذا ركعتم وسجدتم ) رواه البخاري .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: ( صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ثمَّ انصرف، فقال: يا فلان ألا تحسن صلاتك؟، ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي؟، فإنما يصلي لنفسه، إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي ) رواه مسلم .
******
والظاهر من سياق الحديثين أن الرؤية هنا رؤية بصرية لا مجرّد إلهام أو وحي، كما قرّر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح -، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( إني والله لأبصر )، ولو كان مقصده مجرّد العلم لما كان لتقييده ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالرؤية من وراء ظهره فائدة تفيد الخصوصية .
******
لقد كثرت المعجزات والخصوصيات التي فضَّل الله ـ عز وجل ـ بها نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهذه واحدة منها، وهي أنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كان يرى ما لا يراه غيره من الناس، بل كان يرى من وراء ظهره.

******
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:52 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011