( أرجوك ، طمئني عليك فقط ! )
قالها كريس بعد ان وقف من على كرسيه بترجٍ وقد ملّ من تجاهلي له ، زفرت بانزعاج :
( انا بخير أيها الغبي ! )
أردف وأنا أتأمل حديقة المدرسة الأمامية من النافذة التي بجانبي :
( فقط ! أريد ان أراها )
تنهد كريس بملل ، قائلا وهو يضع يده خلف رأسه جالسا على كرسيه من جديد :
( انت مغرم بها يا رجل ! ، على الرغم من أنها مجرد حمقاء ! )
وقفت بعد ان تحولت ملامحي من الهدوء للانزعاج ، اتجهت لباب الفصل كي اخرج منه ، مُتمتمًا :
( لا أحمق هنا سواك ! )
لا تهتموا بما حصل توًا ، دعوني قبل اي شيء أعرفكم على نفسي ، أسمي نآيل وأنا في الـ 17 من عمري ، للاسف انا من عائلة فاحشة الثراء وهي من النبلاء أيضًا ، دعوني من هذا ولأُخبركم عن من قصد كريس الغبي ، انا مغرم بآنجل ، الأخيرة اعز صديقاتي ، فانا اعرفها منذ ان كنت بالـ 7 ، هي بالفعل حمقاء ، فما ان تمشي خطوتين حتى تقع أرضا على وجهها ، ترتدي نظارات كبيرة ودائما ما تجعل من شعرها ظفيرتين ، الا أني احبها بل اعشقها ، وهي تعتبرني صديقًا فقط ، بسبب إعجابها بـ كآرل لاعب في فريق كرة القدم ، على الرغم من أني اشهر منه في المدرسة واوسم منه ايضا ، بل انه يذِلها ! ، الا أنها واقعه في حبه ، حسنا .. لن أبالغ هي معجبة به فقط ! ، اليوم هو اول يوم في المدرسة من بعد إجازة الصيف ، اتحرق شوقاً لرؤيتها فعلى غير العادة لم نتقابل في الإجازة أبدا :
( هي ، نآيل ! ، إحزر ماذا ! )
التفت ناحية الصوت حيث كان نيك يجري ناحيتي ، عقدت حاجبي عندما توقف أمامي واضعًا يديه على ركبتيه كي يستطيع التحكم بـ أنفاسه ، قال بحماس بعد ان رفع رأسه :
( هـ .. هناك فتاة عند البوابة الأمامية ، وهي أجمل من الجمال نفسه ! )
زفرت بملل ، رادًا عليه :
( وما الذي يجعلني اهتم ؟ )
ابتسم بخبث حينها ، هو الوحيد الذي يرعبني عندما يبتسم هكذا ، وهو الوحيد الذي تقبل حبي لآنجل أيضاً ! :
( أنها تشبه آنجل ، بل إني أكاد اجزم أنها هي ! )
عقدت حاجبي باستغراب ، ليشير هو لنافذة الممر ، اقتربت من النافذة حيث تجمهر أمام البوابة عدد من الشبان حول شخص لم استطع رؤيته او لنقل رؤيتها ، أعدت نظري لنيك ، حيث ان ابتسامته الخبيثة لم تختفي بعد !
وقفت بعيداً عن التجمع بمتر تقريبًا بينما يقف نيك بجانبي ، زفرت قائلا وأنا انظر لنيك بتهديد :
( إن لم تكن هي ! فمن الاجدر ان تهرب الآن ! )
غمز نيك لي ، واضعًا يده على كتفي :
( صدقني أنها هي ! )
اردف وهو يدفعني للتجمع ذاك :
( فقط تأملها لدقائق ولا تستعجل الحكم ! )
تنهدت بملل وأنا ادخل من بين كل هؤلاء الشبان ، إلى ان وصلت للإمام أخيرا ، نظرت للفتاة التي تقف وسط هذا الجمع ، ذات شعر أشقر طويل يصل لنصف ظهرها تقريبًا ، عينان خضراوتان واسعتان ، بشرة بيضاء ناصعة ، ملامح أنثوية من المستحيل أن تكون لفتاة بالـ 17 ، وضعت القليل من مساحيق التجميل على وجهها ، وقد كان جسدها متناسقًا مع فستانها الأحمر والذي يصل لـ ركبتها ، من المفترض ان ترتدي ملابس المدرسة ! ، هذه التصرفات ليست تصرفات آنجل المجتهدة بل ... :
( أوه ، آنجل ! ، انظري من هنا ، انه نآيل )
نظرت للفتاة صاحبة هذا الجملة ، توقعت هذا ، أنها انجيلآ ، الأخت الكبرى لآنجل ، عقدت حاجبي بانزعاج ما ان رأيتها تخطو ناحيتي بخطواتها الواثقة المعتادة ، وهي تنظر الي بثقة ، ما ان وقفت أمامي حتى قربت فاهها من أذني ، هامسه :
( أخبرتك ! ، سأغيرها يوماً ما ! )
أردفت وهي تبتعد عني بحماس - مصطنع مليء بنبرة الغنج - جعل من جميع الشبان الذين كانوا حولنا يصابون بالحمى :
( ما رأيك بتغير آنجل ؟ ، جميلة صحيح ؟ )
نظرت لآنجل والتي كانت تبتسم لي بخجل معتاد منها ، هي هكذا مع الجميع ليست واقعة في حبي او شيء من هذا القبيل ، تنهدت وقد احمرت وجنتاي ، لا اعلم لماذا حتى ، لكني قلت وانا احك رأسي :
( اه ، اجل تبدين جميلة ! )
لم اكد استوعب باني قلت هذه الجملة حتى شعرت بيد تحيط رقبتي او بالأحرى تخنقني من رقبتي :
( تقصد فاتنه ، مثيره ، آخاذه ، خلابة ، مغر .. )
وقبل ان يُكمل كريس كلمته ، ضربته على رأسه بقهر ، مما جعله يأن من الألم ، نظر الي بقهر قائلا :
( لمَ ضربتني ؟ ، كنت أقول الحقيقة ! )
أكمل وهو ينظر لآنجل بنظرة متألمة :
( انه قاسٍ ، صحيح آنجل ؟ )
توترت المعنية فبدأت تلعب بأصبعها ، تنهدت بتعب وامسكت بيدها ساحبًا اياها خلفي قائلا بقهر :
( مجانين ، كلكم مجانين ، لا اعلم كيف إستطعت العيش معكم ؟ )
أوقفتها أمامي في الساحة الخلفية للمدرسة ، حيث ان هذا المكان مليء بالأشجار الكبيرة ، وقد كسى الأرض غطاء اخضر جذاب ، إمتلأ بزهور ملونة من كل الألوان ، نظرت لآنجل لفترة ، سرعان ما قلت وأنا اعقد حاجبي :
( ما هذا ؟ )
نظرت لنفسها ، سرعان ما نظرت إلي باستغراب :
( ماذا ؟ ، ألم يعجبك ؟ )
لم يعجبني ؟ ، هه ، أكاد اجن مما أراه ، كدت أقول هذا الا اني قلت بانزعاج :
( أعني ، لمَ سمحتِ لاختكِ بالتدخل ؟ )
أنزلت رأسها ، قائلة بتردد وهي تلعب بأصابعها :
( كل ما أريده هو ان اشد انتباه كآرل ! )
كآرل ، كآرل ، كم أبغضه ..
قلت وانا ادخل يداي في جيبي :
( ولم تهتمين لبغيضٍ مثله ، أكل هذا من اجل تلك القبلة الغير مقصودة ؟! )
كتفت كتفيها وقد احمرت وجنتيها بسبب هذه الذكرى القاتلة بالنسبة لي :
( تعلم هذا اكثر مني ! )
تنهدت هامسًا وانا أمسك بيدها كي ندخل لمبنى المدرسة :
( سحقًا له ، انا أكرهه )
قالت آنجل وهي تتقدم بجانبي :
( هل قلت شيئًا ؟ )
ابتسمت لها مصطنعا ، سرعان ما أعدت وجهي للإمام ، هذه هي بداية ما حصل في اول يوم ، لم اكن اعلم بان ذاك البغيض كآرل قد سمع عن ما تحدثنا عنه !