فقلت له: أريد نصيحتك!
توسعت عينه بدهشة في البداية، لكن هذه الدهشة سرعان ما تلبدت خلف إبتسامته الحنونة، فوضع رجله على رجله الاخرى، و امسك المرحة اليدوية و اخذ يلوح بها امام وجه، ثم قال: نصيحة؟ لماذا و ماذا؟
ابتلعت ريقي، ثم اخذت نفساً طويلاً و قلت له: أنت تعلم بأن ماريا ليست من اليابان، صحيح؟
فقال لي: كفاك لفاً و دوران، و قولي لي ماذا حدث؟
فأجبته و انا انظر للاسفل: فرقة "سكارليت كنايتس" سوف ترجع للأمريكا بعد 10 ايام، و لذا دعوني لكي اسافر معهم.
فأجابني السيد يوزان بهدوء، عندها كنت انظر للأسفل فلم ارى تعابير وجه: حسناً، إذا كنت انت ماريا، عاجلاً او آجلاً سوف ترجعين للأمريكا.
تفاجأت من هدوءه، قبل أن اسأله لم اكن اتوقع جوابه، لكنني لم اتوقع ايضاً بأن يجاوبني بنبرة هادئة وباردة هكذا..
و بدون اذن كالعادة، نزلت دمعة حارة على خدي، عندها قال لي السيد يوزان: ديانا، تعالي هنا.
إنتصبت على رجلي و جلست قربه كما قال لي، عندها رفع رأسي بيده، ثم مسح بيده الاخرى دمعتي، و على وجه إبتسامة حزينة، ثم وضع اصبعه على جبهتي و قال: إن كنت تريدين ان تبقي على قيد الحياة، يجب أن تستعملي عقلك.
ثم حرك إصبعه ووضعها على مكان قلبي و قال: و إياك ان تستعملي هذا.
ثم ربت على رأسي و قال: أعلم بأن قرارات العقل دائماً تكون قاسية و صعبة و هي التي تكون عكس رغبة الانسان، لكنها دائماً ما تكون الصواب، اما قرارات القلب تتبع المشاعر لهذا هي لا تنجح، هل فهمتي؟
فقلت متمتمة: إنه نفس كلام السيد جون..
عندها اكمل السيد يوزان كلامه و قال لي: أنا اعلم بأنك لا تريدين ان تفترقي عن شين و اصدقائك هنا، لكنك في نفس الوقت لا تستطيعين الهروب من الماضي، لذا اختاري، و اختيارك سوف يغير مستقبلك.
فقلت متمتمة: شين لا يستطيع المجيء معي، اليس كذلك؟
يبدو بأن السيد يوزان قد سمع ما قلته للتو، للأن ملامح الدهشة قد ارتسمت على وجه، لكنه سرعان ما إنتصب على رجله، و قال لي: سوف اريك شيئاً مثيراً للأهتمام!
عندها شق طريقه نحو غرفة شين، ظل فترة من الزمن هناك، لكنه سرعان ما رجع و هو يحمل معه شئ، يبدو و كأنه ألبوم للصور، عندها جلس بقربي مرة اخرى، و فتح الالبوم، فكانت اول صورة وقع عليها نظري هي صورة امرأة، ذات شعر اسود طويل منسدل على كتفيها، و أعين كحلية لامعة، بإختصار، إنها تشبه السيد يوزان بشكل كبير.
عندها اشرت على صورة المرأة، و قلت للسيد يوزان: هل هذه أمك؟
هز رأسه موافقا، ثم قلب الصفحة فإذا بي ارى رجلاً في عمر أب، اعتقد بأنه والده، كان اسمر البشرة، و لديه تجاعيد في جبهته، و هالات سوادء أسفل عينه، ذو شعر اسود قصير و اعين كحلية حادة..
لم اسأله إن كان والده أم لا فالموضوع واضح، لكنني سألته: المعذرة، لكن كلا الوالدان لا يشبه شين، لماذا؟
فأجابني :شين يشبه جدتي عندما كانت في شبابها على حد قول امي..
فقلت في نفسي: أود ان ارى جدتك هذه، ذات الاعين المائلة للأحمر الرماني و الشعر الكستنائي.
بعدها قلب السيد يوزان الصفحة ،فإذا بي ارى صورة لشين، نعم شين! شين ذو التسعة شهور! مع انه الآن ذو 19 سنة، إلا ان معالم وجه لم تتغير ابداً!
عندما تمعنت في الصورة، وجدت بأنه يرتدي ملابس ارنب، إلى ان قال لي السيد يوزان في اذني: لا تقولي له بأنني قد ارتيك هذه الصورة، و إلا سوف يخرج عيني من وجهي!
إبتسمت بإصطناع و انا اخرج ضحكة خفيفة..
.. شين ..
وضعت أدوات الزراعة في القبر المعتاد، ثم رفعت نظري لتلك الشجرة التي تتوسط تلك المقبرة المهجورة، بدأت اوراقها تتبدل للون الاخضر، لكن سرعان ما الشمس منعتني من الرؤية، لذا اعدت رأسي لوضعه الطبيعي و جبيني ترشح العرق من الحر الشديد، عندها توجهت لقبر والدي، وقفت امامه لفترة افكر و افكر، افكر في ماذا؟ لا ادري..
هذا نفس الشعور التي اصابني عند موت والدتي، افكر في لا شئ، تائه و حائر لا اعرف ماذا افعل، لكن الآن الوضع مختلف قليلاً، إذا سافرت ديانا ،احتمال كبير بأنها سوف تكون آخر مرة اراها فيها..
أنا احبها، و اريد مصلحتها، لكن في نفس الوقت جانب مني يأمرني بأن اقول لها أن تظل في اليابان، و هذا الجانب الذي يفضل مصلحتي الشخصية..!
.. في اليوم التالي ..
.. ديانا ..
إرتديت ملابسي في الصباح الباكر، و خرجت من الشقة متوجهة لشقة جولي، و للأن السيد يوزان قال لي بأنه يريد ان يكلم شين على انفراد، على كل حال! ما إن خرجت حتى خرج كوجو من الشقة المجاورة! في البداية نظر لي بدهشة، ثم توجه لي و قال بإبتسامة سخيفة: إلى اين ذاهبة؟ هل ستذهبين في موعد مع شين؟
فأجبته: لا، سوف اذهب لزيارة احدهم.
كوجو بإبتسامة كبيرة: هل يمكنني المجئ معك؟
فجأة صرخت بأعلى صوتي و أنا اشير على السماء و اقول:أنظر! هناك مروحية قد وقعت على الارض!
فنظر حيث أشير، و قال: أين؟! أين؟!
إنتهزت الفرصة و هربت في تلك اللحظة، على كل حال! خرجت من المبنى و انا اركض، إلى ان اوقفني ذلك الصوت و هو ينادي اسمي! إلتفت خلفي للأرى تلك الفتاة التي تذكرني بالسيد تيتسويا على دراجتها النارية، توجهت لها، فسألتني: لماذا تركضين هكذا؟
فقلت لها مغيرة الموضوع: هل تستطيعين أن تأخذيني لشقة جولي!
فقالت لي:جولي؟ أتقصدين ذلك الرجل! لا امانع، اركبي.
ركبت خلفها، ووضعت الخوذة على رأسي، عندها تشبذت بظهرها بقوة، إلى ان انطلقنا..
. . .
بعدما وصلنا، نزلت من على الدراجة النارية، و شكرت هاروكا، عندها قالت لي: هل تريديني أن اذهب معك؟
اخذت فترة لكي افكر، ثم قلت لها: حسناً..
اوقفت هاروكا دراجتها النارية في احد الجوانب، و تبعتني لداخل المبنى، بعدما إتجهنا لشقة جولي، طرقت الباب ،فلم احصل على رد، عندها شدت هاروكا على قبضتها، و اخذت تضرب على الباب بقوة و هي تقول: ايها اللعين! افتح الباب!
إلى ان فتح الباب اخيراً، فظهر لنا رجل، رجل! نعم رجل! لكنه ليس بجولي! ثم نظر لي لفترة، بعدها قال: آه! أنت الفتاة التي تحدث عنها السيد جولي بالتأكيد..
فسألته: هل يمكنك أن توضح لي ماذا حدث؟
فأجابني: السيد جولي قد رجع للأمريكا، لكن قال لي إذا اتت فتاة تشبه مواصفاتك، و انا اعتقد بأنها انت، بأن اعطيها هذه الرسالة..
عندها ادخل يده داخل جيبه، و اخرج ظرف رسالة و ناولني اياه، فأخذت الظرف و قلت للرجل:شكراً، و آسفة على الازعاج.
اغلق الرجل بعدها الباب، فقالت هاروكا لي: رجع للأمريكا؟ لكن، لماذا؟
فقلت في نفسي: جولي ما يهمه هو أن يجد قاتل والده، بعدما تأكد بأنني لست قاتلة والده، ليس لديه عمل في اليابان بعد الآن.
عندما حولت نظري للأمام، رأيت ذلك الشاب ذو الشعر الاشقر يقف امامي على بعد عدة سنتمترات، كان ينظر لي بدهشة مثلي تماماً، كلانا لم نتوقع ان نرى بعضنا هنا! إلى ان صرخت: هارو؟!
عندها دار للخلف و هرب مباشرة! فقلت لهاروكا: امسكيه!
فإنطلقت بسرعة الريح خلف هارو، و بالفعل امسكته! و وضعت يداه خلف ظهره و امسكتهما بيدها، اما اليد الاخرى امسكت كتفه و جعلت يركع على ركبتيه!
توجهت لهم، و قلت لهاروكا: لقد بالغت.
فقالت لي:آه! لكنك قلت بأن امسكه!
فقلت لها: هذا يكفي، دعيه فأنا اريد ان اتكلم معه على انفراد.
فقالت لي بدون رضى: هل أنت متأكدة بأنك سوف تكونين بخير مع هذا الوغد؟
إبتسمت لها و قلت بهدوء: لا تقلقي، شكراً جزيلاً.
. . .
بعد هذا خرجت هاروكا من المبنى، و ركبت دراجتها النارية و إنصرفت، بينما ظللت مع هارو خارج المبنى، إلى ان قلت له بهدوء: إذن، هل تريد بأن نتكلم في مكان بارد؟
. . .
اصطحبني هارو إلى بيته، في البداية رفضت، لكن قلبي اطمأن عندما علمت بأن امه هناك، فهو لا يعيش وحده مثل شين، على كل حال، عندما وصلنا، فتح هارو الباب، فتبعته، نزعنا احذيتنا، فجأة! ظهرت امامنا امرأة بشعر اشقر مجعد و طويل منسدل على كتفيها، و اعين بنية ذات رموش طويلة..!
اخذت تنظر لي ، فقلت بإحراج: آ-آسفة على التطفل! أ-أنا ديانا.. !
فأجابتني الامرأة بإبتسامة كبيرة: لا داعي..
ثم اردفت: أنا شيزوكا، والدة هارو.
. . .
بعد التعارف، و المزحات الثقيلة التي القتها السيدة شيزوكا على هارو، قادني هارو لغرفته لكي نتحدث بإنفراد، دخلت الغرفة، ثم جلست على الكرسي الذي كان قريباً للباب، بينما جلس هارو على السرير الملاصق للجدار، و اسند ظهره على الجدار.. و من ثم عم الصمت..
فكسرت حاجز الصمت و قد سالت هارو بشكل مباشر: لماذا؟
اعتقد بأنه قد فهم علي، لكنه لم يرد، بل كمش شفتيه، و تجنب النظر لوجهي، فكررت سؤالي قائلة: لماذا؟ كيف تحولت الامور إلى هذا المنوال؟ جاوبني ..
ابتلع ريقه، و من ثم اخذ نفساً طويلاً و قال: في يوم من الايام، جاء لي ذلك الرجل المدعو جولي، و قد طلب مني بأن اخطفك، للأنني كنت مقرباً منك..
ابتلعت لساني و ظللت صامتة اسمع قصة هارو، التي تبعها قائلاً: اعطاني مبلغاً من المال مقدماً مقابل أن اخطفك، فوافقت، و بالفعل خطفتك و اخذتك لشقة جولي، و قد اعطاني مقابل عملي الخاتم الياقوتي..
فسألته: و هل تعلم أن لماذا اراد جولي اختطافي؟
هز رأسه نافياً، لكنه سرعان ما انكس رأسه بخجل، ثم قال :أنا لا استطيع النظر لوجه شين أو وجهك بعد الآن..
كنت سوف اتكلم للتخفيف عليه، لكنه سبقني و قال: لا تحاولي قول شئ !أنا اعلم بأنني حتى إن اعتذرت لم يفي هذا بالغرض! لقد خنتكم! خنتكم مع رجل لا اعرفه ..
انتصبت على رجلي، و توجهت لهارو، ووضعت يدي على رأسه، عندها رفع رأسه لينظر إلي، فرأيت دموعاً حارة قد تجمعت في مقلته بدون ان تسقط.. لكنه سرعان ما مسحها قبل ان تفعل هذا حتى! و ترجل من على السرير.. و قال لي بهدوء :اخرجي ..
كنت اعرف إن رفضت فسوف يصرخ علي.. و هذا الشئ مالا اريده ان يحدث! لذا قررت الانصراف بهدوء ..
.. في اليوم التالي ..
.. في وقت الظهيرة ..
.. في فندق "سكارليت كنايتس" ..
ها أنا و شين في نفس المكان مجدداً، و إيزابيل و من معها ينتظرون إجابتي، في الحقيقة أنا لم اخذها إلى الآن ! فنظرت لشين.. بينما كان هو ينظر للجانب الآخر حيث لا استطيع رؤية وجه .. و قد كان ينظر للنافذة الضخمة التي على الحائط.. فرأيت إنعكاس وجه على النافذة.. لكن انتهى بي المطاف إلى جهل ملامح وجه..!!
تمالكت اعصابي، و اخذت نفساً عميقاً! و تذكرت كلام السيد يوزان.. مع انني لا احب الاعتراف.. لكن كلامه صحيح..! قرارات العقل تكون قاسية لكنها دائماً ما تكون الصواب.. إن جعلت مشاعري تقودني فلم اعيش في هذا العالم القاسي.. فإن لم اضحي بشئ.. لم استطيع تغيير حالي..!
فوافقت.. نعم.. لقد وافقت.. و لقد قلتها لهم بالفعل! مع انها مجرد كلمتان.. إلا انني احسست بجبيني ترشح العرق.. و قلبي يكاد أن ينزع من مكانه.. !!
فقال لوكا: الآن..اعتقد بأننا نحتاج إلى شخص يشبه الحارس الشخصي..
كريس: لماذا؟
لوكا: لا تكن غبياً! ديانا معرضة دائماً للخطر و-
قاطعه كريس و قال: خيالك واسع! لم يحصل لها شئ لطالما كانت معنا..!
إيزابيل: لا، نحن نحتاج فعلاً لشخص لحمايتها..!
إلى أن نطق شين قائلاً فجأة: أنا اعرف شخصاً سوف يساعدكم.
عندها فتح هاتفه النقال، و اجرى مكالمة هاتفية مع شخص لا نعرفه، ثم اغلق هاتفه، و قال: سوف يكون هنا خلال نصف ساعة على الاقل.
. . .
مر الوقت، فجأة! احسست بيد قد حطت على كتفي، ثم ظهر ذلك الصوت المؤلوف قائلاً: مر وقت لم اراك فيه! ايتها الصغيرة!
عندما إلتفت، تصادمت عيني الخضراء مع عيناه الزرقاء و العسلية، لطالما خرجت منها ملامح القسوة و الحدة، لكنها في نفس الوقت جميلة بلونها المختلف هذا.. ! لابد انكم عرفتموه..
فجأة صرخ لوكا بخوف: آآآآآآآآآه!! إنه هو! هو من هاجمني في ذلك اليوم!
فقلت بصدمة: م-م-ماذا تفعل هنا، اوز؟!
فأجابني: ماذا؟ لقد اتصل بي شين ،و قال بأنه يريدني أن اقضي له حاجة.. لكنني لم اتوقع أن تكونو في هذا الفندق الفخم! مع هذه الفرقة الموسيقية..!
فقال كريس لشين: هل جننت؟ إذا كان هو الشخص الذي هاجم لوكا، و اختطف ديانا، كيف نثق به؟
شين: أنا اعلم بأنه مجنون و من الصعب الوثوق به، لكنه الوحيد الذي يستطيع حماية ديانا، بجانب انه قد تغير على حسب علمي.
سيشل: لماذا هو بالذات؟
شين: هو قد امر من قبل شخص ما للإختطاف ديانا، و إذا كان هو بجانب ديانا الآن، سوف تستفيد هي من المعلومات التي سوف يخرجها عن اساس المشكلة.
اوز: فهمت~ أنتم تريدونني أن اعمل كحارس شخصي، أليس كذلك؟
لم يرد عليه أحد، ثم أخذ كرسياً و جلس معنا، ثم قال: إذن، اعتقد بأن لا مانع لدي بإخباركم بالمعلومات التي اعرفها، مع انها قليلة.
بلعت ريقي، فاردف اوز قائلاً: أنا امريكي الاصل كما هو واضح من اسمي، في امريكا كنت اعمل كـ"بائع ارواح" .. اقتل أو اخطف أناس معينين و احصل على المال.. و غالباً ما تكون اهدافي هي من رجال الاعمال أو أناس مشهورين أو اغنياء.. كنت اسافر نادراً لبلدان اخرى للعمل.. لكن ..
ثم اكمل: حضيت بمقابلة عمل اخرى مع سيدة تدعى كريستا، و اعطتني صورة ديانا، و قالت لي بأنها في اليابان، و اخبرتني بأن اقتلها أو اختطفها.. أي شئ! المهم هو ان تختفي من على وجه الارض!
ثم وضع يده على عينه، و قد بدأت جبينه ترشح العرق و قال: حسناً، سوف اكذب عليكم إن قلت بأنني لم اكن مندهشاً، فكريستا تريدني أن اذهب لبلد آخر من اجل قتل مراهقة فقط! عندما سألتها عن السبب رفضت بأن تخبرني للأن عملي ليس لديه شأن بالاسباب الخاصة بالعملاء-
قاطعته و سألته: المعذرة، هل تعلم شيئاً عن جاك؟! ذلك الشخص الذي انقذني عندما اسقطتني انت في البئر؟!
توقعات عن إجابة أوز؟ . . جزء اعجبكم؟ . . إقتراحات، إنتقادات، توقعات، رأيكم؟ . . 
10-03-2013, 07:49 PM
المواضيع المتشابهه 
1222Likes
العرض العادي
