05-19-2013, 05:37 PM
|
|
???????الفصل الثالث؟؟؟؟؟؟؟ ظل واحدٌ فقط يتوسط تلك الممرات الضيقة في ذاك المبنى المهجور القديم ..كان يجوب الزاوية الصغيرة بخوف وقد أمسك بيده هاتفاً خلوياً وعلى كتفه حقيبة سوداء اللون .
ألقى القمر ظلاله عليه ليتضح بأنها فتاة في غاية الحسن والجمال ،شقراء الشعر، زرقاء العينين قد تدلى على عنقها الطويل وشاحاً أسود اللون كانت ترتدي معطفاً أسود ثقيل وجوارب سوداء تغطي بها سيقانها المرتعشتين وتنتعل كعباً مرتفع أسود .
-لقد تأخر ،يجدر بي المغادرة .
حدثت نفسها بضجر وهي تخفي هاتفها بحقيبتها الصغيرة فتنهدت وهي تستدير الى الخلف مغادرةً المكان الذي يبعث السآمة والخوف فترجلت قليلاً عن سيارة الأجرة عندما انبعث هاتفها ليعلن عن قدوم رسالة جديدة فتحتها وقرأتها بصوت منخفض :-
-مغادرتك ...سبب في هلاكك "الأمضاء " :أ.ب
فعادت أدراجها وهي تتنفس بصعوبة وعمق وكأن شيطان يلاحقها فقط تسمع في تلك المنطقة صوت خطواتها المتوترة السريعة ...أنزلقت ببقعة مجهولة الشكل فنهضت وهي ترفع ثوبها الأسود بعد ان أهملت معطفها فتوقفت بجانب تلك الممرات لتلمح ظلاً طويلاً ساكناً فترددت بالتقدم ولكنه رفع أصبعه ناحيتها فتقدمت ببطء وخوف حتى أبقت مسافة ليست بقصيرة فاستردّت أنفاسها قبل أن تنظر الى الظل الساكن في تلك الزاوية المظلمة فمرت فترة صمت هادئة لم تشعر جورجي بطولها .
-مضى وقت طويل ....جورجي .
اهتز كيانها لتلك الجمل الهادئة والتي تحمل في طياتها الكثير من الأسرار .
اختفى القمر بين تلك الغيوم جاعلاً جورجي في بحر من الظلام فسمعت صوت خطوات بإيقاع شيطاني فلقد استغلّ الظّل وضع الظلام الدامس ليتقدم أليها ويطلق أنفاسه الباردة على وجهها فأيقنت جورجي بأنه قريب جداً منها فتحت فمها فأخرستها فوهة مسدس لامست جبهتها المتصببة عرقاً فحوّلت نظرها أليه ولكنها لاترى ألا الظلام .
أحست بيده تتحرك تلقائياً لتهوي على رأسها وتداعب خصلات شعرها فرفعت يدها لتبعده ولكنها أدركت بأن ثمة شخص يقف بالخلف قد شلّ حركتها ...فترات من الصمت عادت لترفرف في ذاك المكان .
توّسلت لربها أن يعيد ضوء القمر مجدداً ولكن القمر قد أرتحل ليلقى بضيائه بمكان آخر .
تحرك ليقترب أكثر منها ويهمس بكلمات :-
-القتل صديق عائلتنا ...عزيزتي .
لحظات مرعبة لم تشعر بها جورجي بأي شيء فقد كان صدى تلك الكلمات يصدّر أيقاعاً موحشاً في قلبها أعادها للماضي فتمتم بعد أن رفع رأسه :-
-الظلام ....الفقر ....التسكع أنماط حياة تعيسة حان لها أن تتبدل .
استفسرت عن معنى كلماته بمخيلتها وهي تحدّق بمصدر الصوت فقط فأسترسل بالحديث وهو مايزال يداعب خصلات شعرها برقة :-
-سوف أوضح كلماتي ...يجب عليك أن تتربعي بعالم الأجرام .
-خطواتي واضحة ....حالما تصلك رسالة مني يجب عليك الأسراع الى هنا.
أضاف جملته الأخيرة بحدّة وتهديد فأرخى جسدها واستدار مخلفاً بقلبها صقيعاً مخيفاً فأحست بيد تدفع بها لترتطم بجسد شامخ ثم تهوي على الأرضية الرطبة فيظهر شعاع صغير من شعاع الفجر فتتلفت كالمجنونة في الأنحاء لتجدّ بأغراض حقيبتها مبعثرة ورسالة قد دفنت بجيبها . بين تلك الجدران العالية والمرتفعة وبالتحديد في الغرفة المظلمة التي تستمد ضوءاً بسيطاً من النافذة التي تقع في أعلاها فتكشف أشعة الشمس المتسللة من خلال قضبانها الصغيرة عن نصف وجه حزين وكئيب وعيناه تحدّقان في فأرة صغيرة قد أذنت لنفسها بالأقتراب منه دون خوف فهو قد أصبح ضعيفاً ومهزوماً . -سمعة العائلة ...موقف أبي ...كم هذا سيء !! بتلك النبرة المخنوقة عبّر جيمي عن أستيائه وخوفه مما قد يحصل أذا تم أكتشاف أمر تلك الجثة ..لم يكن قراراً سيئاً بالنسبة له عندما أخفاها عن الأعين ولكنّ هذه الجثة قد تكشف نفسها بأي طريقة أو بأخرى ففي نهاية المطاف قد زّج به في السجن . مضى ناحية تلك الطاولة الخشبية الصغيرة فأمسك بطبق الشوربة الباردة وهو يتلاعب بها قبل أن تلتقط آذناه وقع أقدام حارس السجن تلتها جملة قد ملّ من الأستماع أليها :- -بعد تناول الغداء ....أعدّ نفسك لمقابلة المحقق "كلاويس" . حوّل نظره بأتجاهه وهو يحدّق بذاك الوجه النحيل والعينان الغائرتين السودوان والأنف الصغير المسطح فأومأ برأسه في سخط . -ماهذا ؟! ...لن أتناول شوربة كهذه !! قالها جيمي وهو يقذف بها بعيداً فدفن رأسه بين يديه وهو يفكر بأجوبة للتفاهات التي قد تطرح عليه ...لم يكن هذا صعب فمازال عقله يختزن الكثير من الأسئلة التي وجهت له في هذا الصباح الباكر . بعد نصف ساعة سمع جيمي صلصلة المفاتيح بجانب الزنزانة فرفع رأسه ليشاهد رجلان ببزتهما العسكرية وقد تقدمهما حارس السجن ليفتح الزنزانة بيداه النحيلتين . -سيد جيمي مارشلو ...نعتذر على وضعك بمكان كهذا . صمت برهة ليدخل المفتاح في جيبه فأكمل الرجل :- -ولكنها أوامر السيد مارشلو . أمر متوقع حصوله بالنسبة لجيمي فكرّ جيمي وهو ينهض لتتلقاه قبضتان قويتان تقبض على ذراعيه فأصدر ضحكة ساخرة وأردف :- -لن أرتكب جريمة أخرى ..أعدّكما. نظرة حادّة التقت بعينا جيمي ..أعاد جيمي تلك الصورة في مخليته لذاك الشاب الذي كان مستنداً على أحد الكراسي وقد عقد عنقه بمنديل بنقوش غريبة وتلك العينان السودوان تخفيان ظلام مخيف تتناسب مع مصفوفة شعره البني المنسدل على كتفيه بأريحية . شدّ قامته بتكبّر عندما أنزلاق أحد الحراس ليفتح باب غرفة صغيرة كتب في أعلاها "غرفة الأستجواب" دلفوا جميعهم الى الغرفة فتقدم أحد الرجلان العسكريين بجثتة الضخمة بأتجاه رجل قد أتخذ له مقعداً في الغرفة التي توسطتها طاولة صغيرة وكرسيان ومروحة صغيرة للتهوئة . قدّم تحيته فأشار ناحية جيمي الذي أرغم على الجلوس مقابل ذاك الرجل الطويل ذي النظرة الثاقبة بأشارة واحدة منه انحنى الكل وأعلنوا أنصرافهم . فبادره قائلاً :- -المحقق "نيكول كلاويس" ...سعدّت بالتعرف عليك سيد "جيمي مارشلو " . هزّ جيمي كتفيه بلا مبالاة فقال :- -من المؤكد تحقيق آخر . ابتسم كلاويس فقال :- -أسئلة بسيطة ...فأنا أقدر مدى تعبك من أسئلة البوليس المتكررة . أخرج من جيبه كتيب صغير بدا كدفتر ملاحظات قديم ففتحه بهدوء وقال :- -السيد "جيمي مارشلو " ألقي القبض عليك يوم أمس أثناء ذهابك الى المدرسة بتهمة التورط بجريمة قتل ..ماهو تعقيبك على هذا ؟! عدّل جيمي من جلسته فقال :- -صحيح ،لاخلاف في ذلك . هزّ كلاويس رأسه بهدوء فأكمل وهو يختلس نظرة من ركن عينيه على محدثه :- -ليس هناك دافع ...على حسب علمي . -كلا . -الى الآن لم يتم أيجاد الجثة ...وأنت تصرّ على عدم أعلامنا بهذا ..الأ تخشى من النتائج المترتبة على ذلك ؟! فترة صمت ...سكون ملحوظ وأخيراً أنفرجت شفتاي جيمي لتقول بثقة :- -أعلم ...وسوف أتحمل ذلك !! نهض كلاويس وهو يلقي نظرة فاحصة على جيمي قبل أن يقرع الجرس الأمامي ليعلن أنتهاء التحقيق . -من السيء جداً ...أن يقبض عليه . -نعم ،سوف يجن جنون أبي . أصدّر هاري ضحكة خفيفة فتأمله روبرت بهدوء وهو يتلاعب بمكعبات السكر الموضوعة داخل ذاك الكوب الفضي . كان هاري أسمر الوجه ،ضعيف البنية ،أسود العينان والشعر ..اختلاف بسيط كان يميزه عن والده "ديكات " بتميزه بثقافته وميوله الى العلوم ماوراء الطبيعة بخلاف والده الذي يعشق عالم الأقتصاد والمال . قال هاري وهو يملئ كوبه مرة أخرى بحبات السكر :- -هل كنت تعلم بالأمر ؟! -الجريمة ؟! -نعم -كلا -كان مفاجئاً بالنسبة لك . ردّ روبرت بأمتعاض :- -بكل تأكيد ...أن يلقى القبض عليه بتلك الطريقة القذرة ..إنهم يسيئون لسمعتنا . -أفهم من كلامك بأنك تنفي التهمة عن أخيك . بالطبع ،فجيمي صورة مصغرة لوالدي . التقت عينا روبرت بأحد الأشخاص المتواجدين في المقهى فأعتذر من هاري ومضى ناحيته وبمرآة صغيرة أخرجها هاري أستطاع أن يشاهد الشاب الذي كان يحادثه روبرت فلقد بدا مروعاً بعينان جاحظتين ووجه أسود قبيح وجسد منحني قليلاً "لم يكن بشرياً" هذا ماأستنتجه هاري قبل أن يدخل المرآة ويجلس روبرت مقابلاً له . فترة من السكون اللطيف أخترقها صوت هاري المرح :- -كيف كانت زيارتك في الأمس ؟! نحى روبرت الكأس بعيداً فمال برأسه وقال :- -لقد كانت من النوع العاديّ . -هل بدا جيمي هلعاً ؟! -كلا ،لقد حافظ على أتزانه ببراعة . -هل علم والدك بالأمر ؟! ضيق عينيه فردّ بحيرة :- -ليس على حدّ علمي . -سوف يعود ....أليس هذا صحيحاً ؟! -بالتأكيد ...حتى يلقي بسوط لسانه المقذّع عليّ . أبتسم هاري بلطف فقال :- -في النهاية ..هو والدك . ردّ روبرت بأقتضاب :- -بكل تأكيد . -هل لّمح جيمي عن أمر ما أثناء حديثه ؟! قلّص روبرت أصابعه على الكوب فقال مشدوهاً :- -مالذي تقصده ؟! أرتسمت أبتسامة عريضة على وجه هاري فأجاب بلهجة حادّة :- -روبرت، أخاك جيسي في الأمس أعلمنا عن جثة قد سقطت في غرفته. جحدّه روبرت بنظرة قاسية فردّ ساخراً :- -وهل تقنعك أحاديث الصبية ؟! -بدا خائفاً عندما كان يشير لأحدى الصور في منزلنا !! . صفّر روبرت بصوت خفيض فقال ببرود :- -جيسي من النوع الذي يجيد التمثيل .....دّعك من هذا الآن . مدّ هاري ذراعه فنظر الى ساعته فقال وهو ينهض :- -لقد تأخر الوقت ....عليّ بالمغادرة . *يرجى رجاءاً حاراً بعدم الردّ * |
__________________
/
التعديل الأخير تم بواسطة أغاثا كريستي ; 05-19-2013 الساعة 06:03 PM |