عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة

روايات طويلة روايات عالمية طويلة, روايات محلية طويلة, روايات عربية طويلة, روايات رومانسية طويلة.

Like Tree671Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #146  
قديم 11-05-2013, 12:22 PM
 

-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جييت أنا
أولاً شكراً ع الرابط
دائماً كان بودي شوف رواية لألك ، شخصيتك وأسلوبك ..بطريقة ما خلوني اتحمس لهالشي
شفت أول بارت ، أسلوبك والفكرة حلوين ..
إن شاء الله بس أخلص اختبارات ، أول ما افضى برجع هون :]
واصلي يا بطلة ، وأسفة على هالشي
دمتِ مبدعة ~ سما الشام ..
Angelic ray likes this.
  #147  
قديم 11-06-2013, 08:33 PM
 
سما الشام..


وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته..

تسلمي عزيزتي , يسرني كلامك فعلاً..
إن شاء الله , وبالتوفيق في امتحاناتك..

نورتي الرواية..
.
.
.

في أمان الله
__________________
وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استَطَعت، حتَى آتيك بقلبٍ سليم و نفسٍ مُطْمئنة..



  #148  
قديم 11-07-2013, 12:11 PM
 
Talking الفَصل الثَامِن..





بشَأن الرِسَالة..



النسيم قد شارك النهر هدوءه , وحُمرة المغيب امتزجت مع زُرقة الماء مما خلق مشهداً جميلاً شبيهاً بأيامِ الخرِيف الدافئة..
السكون الذي غلّف المكان أشعر الشاب بالراحة , فهو قد تركَ أماكِن الزحام عن عمد , ووقف في المكان الذي اعتاده , وغاص بعينيه في أعماقِ البحر , والذي غدا مُحمراً حين تلامس قُرصُ الشمس مع الأفق وانعكس ضياؤه على صفحة الماء , كمصابِيحَ حمراء تشِعُ نورانيةً في أعماق البحر , تهادت الأمواجُ على الشاطئ لتُلامِس أطراف ثيابه , بينما عاد يُفكِر في كلماتٍ لم تغِب عن باله طوال الاسبوع المُنصرِم..
كِلماتٌ قالها ذاك الرجُل بطريقة آلية , كانت مُختصرةً للغاية , لكِنه نطقها بتأنٍ مما جعلها تبدو غايةً في التعقيد..
فهو لم يقُل شيئاً سوى أن "باكرا" تسعى لدعم أولئك الذين سُلِبت حقوقهم , أنها تُفيد أكثر مما تستفِيد , الضعيف يستطيع أن يصبح قوياً بمجرد توقيع عقد مع زعيمها , ثم سردَ شيئاً عن سرية ما يقومون به , حينها تحدّث وكأنه يهدِد..


" دعنِي أُخبركَ سِراً .. الزعيم يُدعى ماركوس , ماركوس ويندسور ..
إنه شخصٌ يفهم الضعفاء , لذا يسعى لمُساعدتهم , ويفهم الأقوياء وكيفية التعامل معهم , لا أعلم إلى أي صنفٍ تنتمي لكِنه رجلٌ يجبِرك على الثِقة به , فأي شخص من النخبة قادِرٌ على قتله في أية لحظة ..
لكِنهم لن يفعلوا هذا .. لأنهم على يقِين بأنهم ليسو قادِرين على إيجاد رجلٍ بمكَانتِه..
هو سخّر روحه , جسده , أمواله وحياته من أجِل أن يبني مُنظمة تقضي على الظُلم وتُكُون صوتاً لأولئك الذي لا نسمعُ لهُم همساً..

أنتَ الآن تعلم أموراً لا شأن لكَ بها , أتعلم ما يحلُ بالشخص الذي يكتشِف ما لا يجبُ عليه معرِفته؟!

سيدي .. إن أنتَ آتٍ أبلِغني..
العرِين مكانٌ يُناسِبُك..
"

ووضع ورقة ما ثم انصرف بهدوء من النافِذة , وكم كان الأمر شبيهاً بالحُلم !

لكنهم اختاروا الشخصَ الخاطئ..
رايبرن لا يُحبُ الأسلِحة ولا يحملها معه دائماً, حتى تلك الأيام في البراري مع والده لم تكُن بتِلك الروعة , لم يكُن يُحِبها , إنه فقط يفعَل هَذا لأن والدَه وجدّه أرادَا هذا ..
هُم بالفعِل قَد اختَارُوا شَخصاً خاطئاً..


_أنتَ شارِد الذِّهن..

التفت إلى الرجل العجُوز بجانبه وهو لم يشعر بقدومه اليوم , أخذ الكتاب القديم من بين يديه ثم قال وهو ينظر إلى عنوانه..
_ما هذا الذي أحضرته اليوم؟ , إنه مُختلف..
ابتسم العجوز بعطف..
_بالفعل , حزِين نوعاً ما .. لقد قرأته في شبابي ..
أمسك شاهِين بالكتاب وفتح الصفحة التي كان عليها مؤشِر القراءة , ثم قال ..
_الفصلُ الثالث , عبرات تُنَاجِي القَمَر..
ليقول الصوتُ المُنهَك ..
_جميل..

ابتسم الشَابُ ثم شرع بالقِرَاءة..
_أرَى طَيفَكِ كُلمَا داعَب النومُ أجفَاني المُثقلَة , فأُمسِي مُشتاقَاً تَلعَبُ بكَيَانيَّ الذّكرَيات كوَرقَةٍ في مَهب الرِيح , لا أنعَمُ بدَقَائِق مِن نَوم ولا يُجافيني النسَيان ..
أتَخبْطُ مُتألِماً أهَمهِم بكَلامٍ خَفَي أُنَاجِي بِه القَمر , نَدِيمي الوَحِيد , عَلّه يُبرئ أوجَاعَاً سكَنَت الخَفّاق..
هَل وَصلَكِ صَوتِي؟
هَل يَصَلُكِ الأنِين يعْكِسُ مَا بِي مِن وَصَبْ؟ , هَل تَرَين مُهجَتي تَشتعِل كَمَا الحَطَبْ؟
أنَا الذِي لا يَلِين إذَا مَا اشّتَدَ الكَرَبْ , لَكِنْ أتْعَبَنِي الحَنِين ..-

توقف حين سمع نشيجاً مكتوماً , ونحيبٌ لم يكُن كما الأيام السابِقة فقال شاهِين مُتسَائلاً..
_أنتَ بِخير؟

مَسَحَ الرجُل العجُوز ما تسَلل مِن عَبرات بَينَمَا سَأل بصوتٍ مُرتِعش ..
_هَل غَربت الشمْس؟


رَفع شاهِين نظره حين تلاشت آخرُ الخيوط الحَمراء وعمّ المكَان سكُون رهِيب , لا صرخَات أطفَال , لا أصوَات سيّارات .. لا شَيء سِوى الهُدوء..
وكأنما توقَفَ الزّمن ..


_لقد غربت لتوها..






تلاشت العُتمة مع خيوطِ الشّمس الأولى , مَعَها أشرقَت سَام سَائِرة في الطريقِ نحو المنزل المدون عنوانه على الورقة الصغيرة في يدها , توقفت في منتصف الطريق الذي يقطع حديقتين صغيرتين , التفتت يميناً ولم يكن هُناك سوى شَجرة ضخمَة عُلِقَت عليها أرجُوحة بسِيطة, فتابعت سيرها نحوَ الباب الذي طَرَقته..

فتح الباب رجلٌ أشقر الشعر , عَريضُ الأكتَاف ذو نظرَة هَادِئة من عَينيه الزُمُرُدِيتين, ودُونَ أن توحِي تعابِير وجهه بشيء أشار لها بالدخول فشكرَته وهي تَجلسُ على احدى الأرائك السودَاء التي توزّعت بانتِظَام في أنحَاء الغُرفة الواسِعة..
جَلس المُحقِق جون مُقَابِلها ثم شبّك أصَابِع يدَيه قائلاً..

_وصلني خطابكِ يا آنسة..

توقفَ وقد ظَنّ أنها ستقول شيئاً , لكنها قابلته بالصمْت فأكمل..

_والآن .. هل لكِ أن تسردي أحداث قضيتك..
سردت ما تتذكّره بدِقةٍ شديدة , وكانت تتوقف حتى تسمَح له بالتعقِيبِ أو السؤال , وقد سألها أسئلة المُحققين الثابِتة , عن علاقتها بالضحية , وأعدائه وتصرفاته في صباح اليوم الذي وقعت به المأساة , جاء السؤال الأخير بعدما حدّثته سام عن الخطاب والمُغلف الذي كان بصُحبته , وأنها قد وجدت به بطاقة ائتمان , فعلّق جون قائلاً "إنه رجلٌ غريب " ..

كان يدوِن شيئاً ما على مُفكِرة صغيرة في حين سأل..

_بالنسبةِ لوالدتك.. هل بينها ووالدكِ أيةُ مشاكِل؟
تغيرت ملامحها من الهدوء إلى الدهشة وقد استغربت سؤاله مُدرِكةً الغاية خلفه , فأجابت بهدوء واختِصَار..
_لقد كانت علاقتهما أفضل ما يكُون..

ومُجدّداً دَوَنَ شيئاً ما على المُفكِرة , توقعت سام أنه كان "السيّدة ويندسور"..

_حسنٌ .. ماذا عن أشقائه..
جَفلت وهي تُجِيب..
_لديه شقيقٌ واحِد .. ولم تكُن بينهما مشاكِل..







أغلق لويس حقيبته ثم وضعها على طاوِلة بيضاء مُستدِيرة , والتفت إلى الباب حيث كان ليو يقف مقتضباً , فدار الأخير بعينيه في الغُرفة مُتسائلاً..

_ألستَ مُرتاحاً بِبقائك هُنا؟ , دُلريس أزعجتك أليس كذلك؟ , إنها تفعل هذا طوال الوقت..
وابتسم لويس نافِياً
_إنها لم تُزعجني..
_حسنٌ..ما مِن سبب يدعوكَ للمُغادرة..


حمل لويس الحقِيبة وسحب أخرى , وتجاوز ليو أثناء خُروجه من الغُرفة , وحين نزل الدرج استقبلته والِدة ليو قائلة بعطف..

_بهذهِ السُرعة؟

فصمت لويس , بينما ابتسمت وكانت لها عينان تفيضان حنِّية , وشعر أشقر طويل وملامح فرنسية كالتي يمتلكها ابنها..
كادت أن تقُول شيئاً إلا أن صوتاً نِسائياً حاداً علا من الطابق العلوي..
_من الذِي عبَثَ بأغرَاضِي؟ .. لِيــــو!
تلاه صوتُ الأخير وهو يأتي ناحِية والدته مُتذمِراً..
_أنا الملُوم على كلِ ما يحدُث هُنا..

نزلت شقيقته الدرج قائِلة بعبوس ..

_لأنك تصرُفاتك أسخَفَ ما يكـ..- , مرحباً لويس .. ليو أحضِر لي كوبَ ماء..
اكفهر وجه ليو الذي وقف وكأنما لا يسمعُ شيئاً , فقالت والدته وهي تبتعِد..
_أطِع شقيقتك ..

بينما ابتسم لويس وهو ينظُر إلى ليو الذي سار وهو يُتمتم بكلمات غير مسموعة , فشدّت دلريس أذنه بقوة , حينها نظر إليها قائلاً بغضب..
_ماذا الآن؟ ... أوه , عاد زوجك , وداعاً أختي العزيزة..
ابتسم وهو ينظُر إلى النافِذة التي توقفت أمامها سيارة أنيقة , خرج منها رجل ذو ملامح لطيفة لوْحَ لهُما مُبتسِماً..

فحملت دلريس حقيبتها الصغيرة بسعادةٍ غامِرة , بينما تغيرت نبرة ليو إلى اللطف فجأة حين قال..

_ دولي .. متى ستُصبِحُ سيارتُكِ لي؟ , سئمتُ قيادة قطعة الخُردة تلك..
_إذا أصبحتَ مُتزوِجاً , أو متُ أنا .. حينها سأورثُها لك..

ارتدت معطفها ولاحَت ابتِسامة خَبيثة على شفتيها..
_لكِنني لا أظن أنها ستُصبِحُ لكَ قريباً..
_لماذا؟


ثم فتحت الباب وألقت نظرة ساخِرة على دراجته النارية..

_لأنني في صِحةٍ جيّدة ..






تحركت سيارة الأجرة مُبتعِدة عن سام , والتي تقدمت نحو منزل عمّها , ورفعت نظرها إلى الأعلى , كان المنزل أكبر مما توقعَت , أكبر بكثِير ..
ورغم أنها لم تأتِ إلى هُنا من قبل إلا أنها شعَرت بشيء كالحَنِين !
حنين يحتوي كيانها دون أن تدري أهو لعمها وابنه , أم لنفسِها السابِقة؟
ضغطت على الجرس ثم تراجعت إلى الخلف قليلاً , ونظرت إلى الباب الذي فُتِح ليطل عمها بابتسامة ..

*~

_ظننتُ أن نُموَكِ قد توقف عند هذا الحد..
ضحِك وهو يشير بيده إلى طولها حين كانت صغيرة , فقالت في حرج..
_بالطبع لن أبقى هكذا لبقية حياتي..

أضافَ مُمازِحاً..

_لكنكِ لا تزالين قصيرة..
عقّدت حاجبيها في حين قهقه قائلاً..
_إنها المرة الأولى التي أرى فيها شخصاً لا تتغير ملامح وجهه مهما كبر..

_أنتَ لم تتغير كثيراً أيضاً سوى بعض الشيبِ هُنا وهُناك , عمي .. أين فيكو؟


نظر إلى ساعته وهو يُجيب..
_من المُفترض أن يأتي الآن , يُمكِنكِ انتظاره بالأعلى..

صعدت سام إلى الغرفة المُجاورة لغرفة فيكو , وجلست فيها لدقائق تُحدّقُ بالكتُب المصفوفة جانِباً , والعديد من الفواتير الموضوعة على الطاولة بلا نِظام , أدارت وجهَها إلى الجهة الأخرى , كانت هناك ملاحظاتٌ مكتُوبة بعجَلة , وأقلامٌ مُبعثرة بجانبها..
كان كُل شيءٍ في فوضى , على خِلاف المكان بالأسفل , بأثاثه الفاخِر المُتناسِق , لكن هُنا .. المكانُ يُشبِه منزلهم القديم بشكلٍ كبير!
نظرت إلى الصورة العائلية التِي جمعت ثلاثة أشخاص , الرجل ذو الشعر الأسود والملامح الصبيانية كان على اليمين ,ووقفت الامرأة البشوشة بجانبه , وأخيراً الصبي الذي استقر في المنتصف بملامحٍ مُشاغِبة ..
ظهرت ابتسامةٌ حانية على شفتيها , وهي تنظُر إلى السيدة خاصةً ..

_أوه أنتِ هُنا.. أتيتي مُبكِراً!
فالتفتت إلى الفتى الباسِم وقابلته بابتسامةٍ كذلك..
_أنتَ الذي تأخرت ألم نتفِق على التاسِعة..

ابتسم بشيء من الشُرود وهو يُراقِبها بينما علّق..

_لم تتغيري , لكنكِ أصبحتِ أطول , من كان يتوقع أن القزمة قد تطولُ يوماً ما ,, لكِن أتعلمين؟ , لا تزالين قصيرة ..
وابتسمت بتعجبٍ للتوافُقِ الغريب بين الأب وابنه ..
_سأعتبرُها مُجاملة , أقَدِّرُ أنك تشعُر بالغيرة لأنك لا تزال تملِك هذه الملامِح الطفولية..

أعاد شعره الداكِن إلى الخلف قائلاً بنبرة تفاخُر ..

_أعلم أنني وسِيم..
_أنا لم أقل هذا..

قالت مُبتسِمة بينما بعثرت شعره بيدها ولم تستطِع منع ضحكتها التي تنفلت تلقائياً حين يقهقه هو ..

ألقت نظره خاطِفة على الصورة التي بجانبها بينما ابتسمت نصف ابتسامة , ما بين السعَادَة والحُزن..

_هذه الغُرفة تُعيد إليَّ الذكريات.. أنتَ من احتفَظ بهذه الأغراض؟

أومأ برأسه بينما سأل بعد لحظات من الصمت..
_أردتِ رؤيتي لأمرٍ ما؟
فأشاحت بوجهها قليلاً..
_الأمرُ لم يعُد مُهِماً..

وعاد الصمتُ لثوانٍ قبل أن يبتسِم قائلاً بلُطف..
_إن أردتِ الحديث عن هذا "الأمر" .. تعرفين أين تجدينني..
_في السكن الخاص بالجامعة؟

أجابَ بِـ نعم فسألت سام بهدوء..
_ أليست الأولوية للمنزل؟

عض على شفتيه فهو لم يتوقع أنها ستُلاحِظ الأمر , تصرفه غير منطقي بالفعل , وحين كاد أن يكذب قال..

_تلك لم تكُن رغبتي..
وعلمت أنه شيء لا يجب الخوض فيه , لذا ابتسمت قائلة..
_على كلٍ .. جميلٌ أن تكون قريباً..

تجاذبا الحديث لدقائقٍ مرّت سريعة دون أن يشعرا بها , لكِن سام لم تذكر شيئاً عمّا حدث بينما وبين إيملي , رُبما لأن الأمر لم يعُد يُمثل تلك الأهمية لدرجة إخبار فيكو به , وربما .. لأن الأخير بدا وكأنما تذوب نفسه بين أضلاعه ذوباناً ..
الوجه البشوش كما هو لكِن العيون تشرح ما لا قُدرَة للكلِمَات على شرحه..
أرادت أن تسأل , لكِنها بسؤالها قد تزيد الطين بلة , قد تفتح جِراحاً لم تلتئم ..
فتراجعت في أسى..

نظرت إلى ساعتها التي أشارت إلى الحادية عشر , وكانت أبوابُ المبنى تُغلق عندَ مُنتصف الليل , فانصرفت برفقة فيكو مُسرعين..

_إلى اللقاء عمي..
ابتسم مُلوحاً..
_إلى اللقاء يا قصيرة..

توقفت قرب الباب ثم التفتت إليه مُمازِحة..

_حين تراني مُجدّداً سأكون مُختلفة..
_أشُك في هذا..











تنفّسَ صباحٌ جمِيل وكانت أشِعةُ الشمس دافئة تبعثُ على الطمأنينة , تختفي خلف الغُيوم تارة وتظهرُ أخرى لتنعكِس على الثلج الذي يلمعُ بشكلٍ يأسِرُ الأبصار , وقتها صادَف أن مرّ ماركوس بمبنى من ثلاث طوابِق شبيه بما جاوره من المباني , إلا أنه لم يكُن سكنياً مثلها..

بعدما دخل المبنى كان يمشي عبر ممرات أضاءتها بضع أضواء خافتة على الجدار مُتوجِهاً صوب مكتبه , وقبل أن يدخله استوقفه صوتٌ بعيد..

_ماركوس..
فالتفت نحو صاحِب الشعر الأشقر الطويل , أثار الإرهاق كانت باديةً على وجهه , فقد أمسى يشعر بالذنب وأصبح ولم يغمض له جفن ..
_أريد أن أنسحِب , أثقلتني الهُموم ..

أصابت الدهشة ماركوس , لأن شون كان آخِر شخص يتوقع انسحابه , إنه أحدُ السبعة النخبة , ليس سهلاً أن يجِد شخصاً بمهارته..
لكِن الهّمُ يقْتُل ..


_هل أنتَ واثِق؟
سأل ماركوس فابتسم الرجُل في مرارة..
_تمامَ الثِقة..
_ستبقى لشهر ثم تذهب , لكِنك تعلم ما سيحدُث قبل هذا!

ودونَ أن تختفِي ابتِسامة الألم أجاب..
_أوه بالطبع .. لا تقلق بهذا الشأن..


كاد ماركوس أن يدخل المكتب إلا أن صوتاً أنثوياً أوقفه..

_سيدي .. بخصوص الأمس .. حسِبتُك تُريدني في أمرٍ ما؟
والتفتَ إلى المرأة طويلة القامة ذات الشعر الرملي القصير , كانت واقِفة وقد علت ملامِح مُرتبِكة وجهها فنظر شون نحوها بغرابة قبل أن ينصرف , في حين سأل ماركوس..
_أتعرفين المُحقِق جون رايلي؟
عقدت حاجبيها ثم قالت بعد لحظة من الصمت..
_أعرفه..

ابتسم قائلاً..
_تخلصي منه..
_ أمرُك..


ذهبت "أديل" باتِجاه غُرفة واسِعة , هُناك استقبلتها ليليان ..

_ماذا قال؟ , أينَ تكُونُ المُهِمة؟ سأذهب.. أرجوكِ ..
انزعجت أديل بشِدة لكِنها صمتت وقد سرت قشعريرة في جسدها حين مر من جانبهم شاب تمتم قائلاً..
_أنا عائد إلى المنزل..

فقالت ليليان بمرح ..
_لكِنَ الوقت مُبكِر..
وتوقف ينظُر إليها ثم سأل مُشيراً إلى شعرها..
_ما هذا؟

اتسعت ابتسامةُ الفتاة على أمل أنه اهتم , فأخوها "شار" يُعامِل كل شخص على أنه شيء لا شيء..

_لقد جعلته أحمراً .. أوليس جميلاً؟
سار دون أن يُجِيب ودون أن تتغير ملامح وجهه كذلك , بينما لم تختفِ ابتسامة ليليان التي التفتت نحو أديل قائلة..
_إذاً.. متى سنذهب.. سأراقِبُ فقط..
رفعت من صوتها في عبارتها الأخيرة والتي كانت موجهة لشقيقها في الأساس , فتنهدت أديل بضجر ثم أجابت على مضض..
_بعد قليل..

_كم أنا مُمتنة .. سأخبِر فيكو..


وابتعد في حين أخرجت هاتفها من جيبها ..

_مرحـ..- .... أنا آسِفة دائماً ما أتصِل بك في أوقاتٍ خاطئة .. سأذهبُ مع أديل لنقتُل شخصاً ما .... كنتُ أريد منكَ أن تأتي ....

ملامِح ليليان المُحبطة كانت كَفِيلة بإظهار مدى رَفض فيكو.. لكِنها همست له ببضع كلِماتٍ ثم ابتسمت وهي تغلق الخط , والتفتت نحوَ أديل..
_إنه قادِم !
ثم تحدّثت بحماسٍ عن أول شيء مُثير يحدث لها في عُطلة نهاية الأسبوع..

*~



رمى جون بجسده على المقعد الذي يُطِل على حدِيقةٍ غنّاء , يُراجِع في عقله المُحادثة التي أجراها مع من اشتبه بهم ولا يزالون على قيد الحياة , كانت محادثات عادِية , ومن خلالها عرِفَ كل شيء , وحلل الرسالة كذلك ..
تذكر أجوِبة ماركوس وحفظها كمن يُردِد قصيدة , كانت صادِقة بالفعل , لكِن هذا لا ينفي حقيقة أنه قد قتل ماثيو , السيدة ويندسور لم تفعلها , إثبات براءتها كان أمراً صعباً فهو اعتمد على إيجاد المُجرِم الحقيقي بما أنها مُتوفاة ..

---


_أنا أعلم من أنت , لكِنني لا أعلم سبب مجيئك إلى منزلي..

قال ماركوس بضجرٍ خفي , وبدت اللامبالاة بوضوح على نبرة صوته , لكِن رايلي شعر بأن تحدياً قائماً بينه والرجل الذي أمامه والذي أكمل قائلاً وقد تلاشَت هالة اللُطف من على وجهه..
_هل طلب أحدهم التحقيق في الأمر؟ , سام مثلاً؟

_لن أحقِق في أي شيء , أريدك أن تُحدِثني عن أخيك , عن كل شيء يخصه..
وصمت ماركوس يعود بذاكِرته إلى الوراء , بعدها قال بصوتٍ عمِيق يحمل الكثير من المشاعِر..

_منذ الصِغر وأنا أرى أن ماثيو شخصٌ طيب , طيب لدرجة السذاجة , لهُ قلبُ طِفل , كان يُحِب الأطفال كثيراً , دائماً ما كان يسهر مع ابنته وفيكو , كُنا نقضي وقتاً طويلاً خارِج المنزل ..
يُمكِنني أن أقول أننا كُنا مُقربَين جِداً , حتى منازِلنا كانت مُتقارِبة . وخطبتُ ابني لابنته قبل أن تولد حتى ..

ضحِك بينما ابتسم جون يُعلّق..

_هكذا فقط..

_نعم.. إنه أمر طبيعي في عائلتنا , حتى أن والِدنا أراد أن نتزوج أختين ..
وهذا ما كان يُفترض به أن يحدث , لكِن ماثيو رفض أن يتزوج بامرأة لم يرها من قبل , وفي النهاية .. تزوج ماثيو شابَة من أوروبا.. أبي لم يغضب منه , بل كان يرى في فعله تمرُداً مُحبباً , فعهد إليه بثلاثة أرباع ثروته ..

_وأنت أخذت الرُبع..

ابتسم ماركوس..
_بالفعل .. لكِن الأمر الغريب هو أنه تبرع بها لجمعيةٍ خيرية , لم أكُن أظنُ أنه من هذا النوع من الأشخاص ..

انقطع عن حدِيثة لثوانٍ قبلَ أن يُكمِل
..
_قبل مقتل ماثيو بأسابيع قليلة اتفقنا على أن نكتُب وصايانا .. أنا , ماثيو , السيدة ليلى وزوجتي كذلك , من سبيل المرح لا أكثر , وكذلك فعلنا..
ومُجدّداً تمت مُقاطعة ماركوس..
_وهل قرأت وصيته؟
_لا .. لم أفعل .. لم يقرأ أحدٌ وصية الآخر..


عاد جون إلى النقطة الأصلية..
_ماذا عن الأجواء يوم وفاته؟
_ وكأنه حلم مُزعِج.. حدث ذلِكَ فجأة ..
صمت ماركوس لوهلة ثم أكمل..
_شخصٌ واختفى, ومعه رحلتْ أيام السَّمَر والسهر..

---

الجزء الأغرب والأكثر تعقيداً كان الرسالة..
فـ ماثيو قد أشار ليوم وفاته بشكلٍ واضِح , وهناك حالتين , إما أنه كان يعلم بأن ماركوس سيفعل شيئاً ما , وكان السابِع من أكتوبر أنسب وقتٍ للتنفِيذ , أو أنه اتفق مع أخِيه على الأمر , وماثيو حيٌ الآن , وهذا أقل احتمالاً..
لكِن ما ذُكِر بعدها عن وصِيته نفى كِلا الاحتمالين , يبدو أن مَاركوس كان يسعى خلف مال ماثيو لسبب لم يتقبَله الأخير , لذا قام بتزوير كل شيء احتياطاً منه , آمِلاً بأن يصل المال إلى ابنتِه بعد وفاته , وبما أنه يعمل طيّاراً فموعِد عمله مُحدّد مُسبقاً , أي أن عائِلته تعلَم متى سيَغِيب ومتى سيَحضُر, ربما دارَ بينه وماركُوس شِجارٌ جعله يتأكد من شكوكه , شيء ما قد حدث بينهما..

بالاعتماد على ما ذكرت سام بخُصوص أن والِدتها تُعاني من التهابٍ رئوي يُمكِن أن أُفسِر عِبارة "يُسلّم إلى سام بعد وفاةِ ليلى" , لكِن كيف؟
الشخص الذي يحتَدُ عليه هذا المرض لا يلبَثُ أن يبقى على قيد الحياة لأسبوع أو اثنين ثم يموت !

ربما توقع أن تموت على يدِ ماركوس أيضاً , ربما.. قد يعلم ماركُوس بشأن الوصِية المُلفقة فيقتل ليلى ويكفل سام ثم يستولي على ما تركهُ والداها لها..
لا شكَّ في هذا ..

لكِن لمَ يتكبّدُ كل هذا العناء من أجل المال فقط؟

توقف عن التفكير فهذه ليست قضيته , بينما أخذ هاتفه واتصل على سام يدعوها للقدوم..





__________________
وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استَطَعت، حتَى آتيك بقلبٍ سليم و نفسٍ مُطْمئنة..




التعديل الأخير تم بواسطة Angelic ray ; 11-07-2013 الساعة 04:58 PM
  #149  
قديم 11-07-2013, 12:11 PM
 



السلام عليكُم ورحمَة الله..
أخباركم؟

أعتذر مُجدّداً , آسِفة لأنني تأخرت ..
المدرسَة تحكُم






بالنسبة لي .. هذا الفصل من أهم الفصول , وبقليل من التركيز وسُرعة البديهة ستجِدون أنه كشف العدِيد والعدِيد من الأسرار (:
لذا أنا مُتلهِفة لمعرفة رأيكم به..


-رأيكُم بالفصل وأسلوب السرد؟
-مقطع أحببتموه؟
-ما رأيكم ببحث سام عن حقيقة ما حدث في الماضِي؟
-مُنظمة ماركوس بدأت تتضِح شيئاً فشيئاً , أريد أن أعرف رأيكم بالأجزاء التي تُحدثت عن ماركوس والعِصابة (:
-شخصية تغيرت نظرتكُم نحوها؟
-توقعات , انتقادات , مُلاحظات ..

وأخِيراً .. سعِيدة بمُتابعتكُم , واهتمامكم شهادة أعتز بها..
دُمتُم بأفضل حال..



__________________
وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استَطَعت، حتَى آتيك بقلبٍ سليم و نفسٍ مُطْمئنة..



  #150  
قديم 11-07-2013, 02:01 PM
 
سأحتاج لوقتٍ طويل حتى افهم ما بين السطور ..
لذا انتظريني قليلا عزيزتي =$
سأعود برد يحتوي على توقعات اكثر من السابق
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:31 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011