الفصل العاشِر .. قراءة مُمتِعة..
أُرِيدُ حياة !
كان الخامِسُ من فبراير يوماً ضبابياً مُزعِجاً , فالسيّارات تذهبُ وتجيء وكأنما تُريد اختِراق الضباب الأصفر إلى مكانٍ أكثَرَ صفاءً , ورغم أن الساعة لم تتجاوز السادِسة إلا أن ضوء الشمس قد رحل على استِعجال , هذا لم يردَع سام التِي تلحّفت بوِشاحٍ رمادِي مُخالِف لِلون معطفها الداكِن .. وسارت في شيء من العجلة , مستذكِرة كِلمات دبنهام صباحاً.. تحدّثت بما أسمته ’حَدس الأنثى’ أن حَي برينلي مُخيف ليلاً ولا أحد يُمكِنه أن يعرف ما قد يحدُث هناك..
وافقتها سام دون أن تُقِر بصواب ذاك الحدس , تكفيها رِسالة فيكو التي لم تبدُ طبيعية بالمرة , فقد خلت من عبارات الترحيب التي تُصاحِبها أوجُه مُبتسِمة , بدت كرسالَة آمِرة , وهي لن تنقَاد خلفها حتى ولو كانت منه.. أيُ مجنون يطلُب مقابلة فتاة في الحادِية عشر مساءً , قبل إغلاق البوابة بساعَة؟! كانت تسِير على الرصِيف , عن يسارها طرِيقٌ سريع , وعن اليمين كانت مكتَبةٌ ضخمة قد استقامَت بشموخ , صادَف أن مرّت بجانِب شقيقها الذي يقِف برفقة صديقيه , ألقَت عليهم تحية عابِرة ثم توقفت حين أتتها عِبارة مُبتهجة.. _أستطيعُ أخذكِ؟ قالها ليو وقد أضاءت ابتِسامة صبيانية جذّابةٌ وجهه وكأنه أسعَدُ مخلُوقٍ على وجه الأرض.
فابتسمَت رغماً عنها , دونَ أن تفهم سبب سعادته , حتى أتاها تفسير غير مُبالٍ من لويس.. _الأحمَقُ حصَل على السيّارة.. _تعني الإمبراطُور؟ .. صاحِب السُمو ليونارد الأسطورة.. قالَت بنِصف ابتِسامة.. _إذاً تهانِيَّ الحارَة .. ولم تبدُ سام راغِبة بإطالة الحدِيث , لذا أنهى ليو ما بدأه بعِبارة .. _أشُكرك.. ولو كنتِ دعوتني بأحد ألقابي لدعوتكِ الآنِسة سام.. ضحِكَت .. ثم مضت في طريقها.. فالتفت ليو ليرميه لويس بعِبارة.. _ هل تزوجت؟! كانت عِبارَة لويس تحمِل قدراً كبيراً من السُخرية , لكِن ليو أجاب دون انزِعاج.. _لا.. فقط استخدمتُ مكانتي كالابن الوحيد في المنزِل , بعد رحيل المُتسلطة.. كانت أوراقاً بالِية قديمة , تشققت أطرافُها واصفرّ لونُ بعضها , سحبها ’شون’ من محفظَته الجِلدية , كان يجلِس أمام مدفأة أزالت برودَة الشِتاء ونشرَت خيوطاً من الطمأنينة الدافئة .. كان في يورك , تحدِيداً في المنزِل الذي لم يدخله منذ أعوام.. قبل ما يُقارِب السبعَة أعوام كتَب.. "غادرت جودي المنزِل بعد أسبوع من سفري .
أمي بقيت مع ابنتي.. كما هو مُتوقع من العظِيمة.." أربعُ سنوات ماضِية.. "رحلت أمي وصاحبها الضِياء , ألِين تركت منزِلنا واستأجرت شقّة.." عامان.. "إنها تعملُ بجِد.. " قبل شهر أو أكثر.. "لم تبدُ بخير في عملها.. كان عليّ أن أتدخّل !" جمِيعُ تلك المُلاحظات أصبحَت رمَادَاً حين قرّبها من النارِ المُشتعِلة , لم تعُد لها قيمَةٌ تُذكَر , هو نفسه لم يعُد يذكُر السبب الذي دعاهُ لتدوِينها .. كان واثِقاً من أنه سيجِدها إن هو أتى مجدداً.. لكِنه الآن عندما صمّم على قراره لم يجِدها .. لم تترُك خلفها أثراً يُدلَه إليها .. لا في شقّتها أو في هذا المنزِل .. ما أدركه من صاحِب النزل كان رحِيلها منذ شهر.. كان كُلما زار يورك للاطمئنان عليها عاد مغموماً , وكُل ما فيه يتمنى البقاء , لكِن عقداً بينه وماركوس يُلزِم على كليهما تسخير وقتهما لـ’باكرا’ لمدة عشرة أعوام.. الأولويّة للـحُلم’ ثم العائلة ! كيفَ كان ماركوس قادِراً على التطبيق بحرفية؟! لِماذا لم يتمكّن شون من الاستمرار؟! هو لم يحتمِل رؤية ابنته تُهان لأنها لم تدفع تكالِيف غرفتين ..
تتكبّدُ العناء حتى توافِق بين عملها ودِراستها , فقط لتحظى بجامِعة مرمُوقة .. وتعِيش كيتيمة رغم أن الأب حيُّ يُرزَق .. والأم حيّة تسعى.. وكم من الممكن أن تكونَ الصُدَفُ ساخِرة , فقد كانَت ألِين تبحَثُ عن المجهولِ ذي المعطَف برفقة سام , وقد ذهبتا إلى مركَز الشرطة وسألتا عن الاسم "شون روجر" علّ ما استنتجته يكون صحيحاً.. _هل هو مفقود؟ سأل الشرطي صاحِب الصوت الغليظ.. ليأتي صوتٌ آخر.. _روجر؟ هو الذي افتعل مُشكِلة قبل بِضعة أيام؟ _صحيح.. لقد أتى إلى هُنا مِراراً.. ضحِك.. _إنه لشيءٌ نادِر افتِعال شجار في الأحياء الهادئة.. *~ كان المكانُ هادِئاً كما قيل عنه , يُطِل على بقعة ماءٍ واسِعة تتلألأُ بأمواجٍ فضِّية تحتَ ضوءِ قمرٍ أوشكَ على الاكتِمال , المنازِل اصطفّت بنِظامٍ وترتيب , كُل شيء يسلِب البصر .. إلا الضباب والغيوم الكثيفة.. كانتا تسألان سُكّانَ الحي لفترة ليست بالقصيرة , حتى هطلَ المطر فأسرعتا إلى المقهى .. _أشُعر أننا نسينا شيئاً مُهِماً.. قالت سام وهي تنظُر لكوبها في شيء من الشرود , وخمّنَت ألِين.. _رُبما لأنكِ قمتِ بتجاهل رسالته.. رفعَت سام رأسها.. _تعنين فيكو؟ .. تِلكَ كانت رسالةٌ عابِثَة .. _هو لن يفعَل هذا .. سام , هو يُحِبك.. نطقتها ألين كشيءٍ مُسلّم به , فانخفَضت العينان الرماديتان مع تمتمة.. _رُبما.. ضحِكَت ألِين.. _رُبما؟! .. حقاً سام؟ هذَا أوضحُ من شمس النهار.. ابتسَمَت.. _تعلَمِين أن الأمور تغيرت كثيراً عن السابِق.. أظهرت ألين تعبير استِنكار قبل أن تقول.. _أنا لا أشعُر بهذا , لا يزال فيكو مُزعِجاً ومستفِزاً ..
ماذا تعنين أنتِ؟! أريدُ جواباً لا يحتوِي على ’رُبما’ خاصتُك.. تنهّدَت سام في قِلَة حيلة وقالت.. _إنها قِصة طويلة تعتمِد على أمرين , قد تكون خاطِئة ,و الأرجح أنها صحيحة.. أنا أظُن .. أظُن فقط أن والِدتي ماتت مُحتفِظةً بسِرٍ لا يعلمُه الكثير.. الشيء الذي أنا واثِقةٌ منه هو أن أمي فعلَت أمراً سيئاً.. هي كانت لطيفة .. لكِنها لم تكُن محبوبةً من قِبل جدّي , وجدتي.. كانوا يقولون أن تربية ويندسور هي التي تُحدِد ما ستؤول إليه العائلة , وأمي لا تمتُ للعائلة بصِلة.. كتب جدّي في نهاية وصيته مُشيراً إليّ وفيكو بشكلٍ مزعج "زوِجوا ويندسور من ويندسور.." ابتسمَت ألين وهي تضع مُكعبات السكر في كوبها.. _قبلَ أن يتحدّث جدك , ألم يكُن الزواجٌ أمراً حتمياً حدّده والِدك وأخيه؟ أنا أظُن أن والِدتُكِ عارَضت الأمر.. قالت سام بعد تفكير.. _رُبما.. بدت ألين كمن يُحدِث نفسه بـ ’سُحقاً لهذه الـ رُبما ’
أدارت عيناها إلى الأعلى في ضجرٍ ثُم سألت.. _ إذاً .. وما الشيءُ الآخر؟! تردّدَت سام قليلاً لكِنها قالت بأكبر قدرٍ من الاختِصار.. _أظن أن ماركوس مثلها يُخفي أموراً بسببها قتلَ أبي .. وأن الأخير وابنه يعلمان عمّا تُخفيه والدتي , أي أنني الوحِيدة التي لا تعلَم شيئاً ..
ومع هذا أشعُر باختِلاف كل شيء .. فما بالُكِ لو علِمتُ بشأنِ الخفايا؟ تنهّدت , والواقِع أنها لا تشعُر بالاختِلاف بقدر ما تشعر بالتشابُه.. فالجمِيع قد أصبحوا أكثر وضوحاً في عينيها , أصبحوا مُتشابهِين للغاية.. والروعَة التي بانَت عليهم مرّة كانت نتاجَ العواطِف لا غير.. *~ تتابَع البحُث لبضعةَ دقائق فقط , حتى أتت العِبارة المُنتظرة على لِسان امرأة.. _آه شون؟ إنه رجلٌ طيب .. بالطبعِ أعرِفه , ذاك منزله .. وأشارَت إلى المنزِل الذي يُقابِل منزلها ,تهلل وجهان بابتِسامة..
صاحبتهما السيدة إلى المنزِل, كان واسِعاً بحديقة أمامية جذّابَة , وسيارة فاخِرة .. زمت ألِين شفيتها وهي تتساءل في نفسها عن ماهية عمله !
للحظَة لم تبدُ هذه الأشياء مُقترِنة بوالدها.. لا تنتمي إليه .. ولا ينتمي إليها.. _عفواً .. شون الذي تعنينه , كيف يبدو؟ أجابت السيّدة مع قليلٍ من التعجّب.. _شعرٌ أشقرٌ طويل, عينان زرقاوتان , لا بل هما مُخضّرَتان.. كما أن صوته جميل.. عبسَت ألين فضحِكَت السيّدَة وهي تقول .. _أعني أنكِ تستطيعين تمييزَه بسهولة .. ضغطَت على الجرس مُجدداً ثم قالَت وهي تنظُر عبر البوابة الحديدة التي تفصِل بينهم والحديقة , ضيقت عينيها ولم يبدُ في المنزِل أحَد.. _ رُبما خرجَ.. سأخبره بمجيئكما حين يعود.. ووقفت تنظُر إلى ألين تنتظِر منها إخبارها باسمها , لكِن الشقراء قالت باسِمة.. _لا داعي.. سنأتي في وقتٍ لاحِق.. وتنفّسَت الصعداء سِراً .. هي لا تعلم ماذا ستفعَل حين تراه , أيُ تعبير يجِب أن تصنَع؟! وأيُ تعبير سيصنعه هو؟! لا تزال لديها فرصة للتراجع , فصوتان بداخِلها يتجادلان.. بـ أريد .. ولا أريد.. أشارت عقارِب ساعَة جوليا إلى العاشِرة , كانت قد ارتمَت على سرِيها وأطلقت تنهيدة طويلة تنُم عن الضجر .. ألقت نظرةً مُتملمِلة على هاتِفها ورفعته بخمُول ثم اتصلَت بـ سام لتسأل عن سبب تأخُرها , لكِن الأخيرة لم تُجِب .. كان يجبُ أن تأتي لتسهرا معاً برفقة ألِين بما أن غداً يومُ عُطلَة .. لكِن ألِين –صاحِبة الفكِرة- نفسها لم تأتِ , زفرت دبنهام بعصبية , أخيراً قررت الخروج والتمشية في الرواق علّها تُقابِل احدى الفتاتين وتُلقي بتوبيخ قاسٍ.. كانت تسير وهي تنظُر إلى هاتِفها بينما ترفع عينيها بين الحِين والآخر..
اصطدم كتفها بآخر , لينطلِق صوتان مُتملمِلان.. _عُذراً.. تحدّثت وكذلك فعل هو.. _لا بأس.. شاءت أن تُتابع طريقها , لكِنها رفعت رأسها وهي تزُم شفتيها بينما اعترتها رغبة بالضحِك.. نظرَت إليه وقالت باسِمة.. _ مرحباً.. التفت رايبرن.. _أهلاً.. ومرة أخرى طرحت نفس السؤال في الوقت الذي سأل .. _كيف حالـ- صمتا معاً في استغراب , وبنبرة انزِعاج طفيف قالت.. _بخير , ماذا تفعَل؟ أجاب ببساطة.. _لا شيء.. ابتسمَت وهي تُعدِّل شعرها بينما قالَت.. _أظُن أن فِعل ’لا شيء’ أمرٌ ممتع.. ارتفع حاجِبه باستغراب , فضحِكت وهي تُكمِل.. _أكثَرُ مُتعَة من الانتِظار ,, على كلِ حال .. عليكَ أن توبِخَ شقيقتَك إن هي أتت.. تعبيرُ ضيقٍ سريع لاح على ملامح وجهه , تبعه سؤال.. _ألَم تعُد سام؟! هزّت رأسها نافية , فاستدار نحوها يتساءلُ بنبرةٍ تحمِل الكثير من الضجر.. _أين ذهبت؟! _قالت أنها ذاهِبة إلى حيِّ برينلي.. لا أعرِف أين بالتحدِيد.. تجاوزها سائراً إلى المصعد , فسارت خلفه قائلة.. _بما أنكَ وجدت شيئاً لتفعله كُن طيباً ودعني آتي معك.. دخل المصعد ولوح لها باسِماً وكأنما يُحدِث طفلاً.. _ربما في المرة القادِمة.. أغلق المصعدُ أبوابه بينما تأففَت هي , لم تكُن مُعتادَةً على الرفض الصريح , لذا عادَت بإحباطٍ يشوبهُ غضب.. ظُلمَةُ الليل الحالِكة تناسبَت مع الضباب الذي أبى إلا أن يزيد كثافة , لتَبلي المكان برؤية شبه معدومة , كان مِصباحُ الطريق يُومِض مرة وينطفئ أخرى , طرِيقٌ أصبَح أشبه بدهليز مُرعِب تلحفُه الرياح بأزيز مُخيف , صاحبه حفيفُ أشجارٍ تتمايلُ قريباً من منزِل ماركوس.. هناكَ سيكون موعِد اللقاء , كانت ليليان تقِف بغَير اطمئنان , مُدرِكَةً بأن براد لا ينوي خيراً , وهو قد قطع الشكّ باليقين حين تمتم بطريقة بدت وكأنما هي هلوسة.. _سأُبيدُها ! عنّفته.. _نحنُ لم نتفِق على هذا.. ظهرت ابتِسامة مُتمرِدة على شفتيه , ولمعت عيناه البنيتان حين أضاء البرقُ للحظة.. _نحنُ لم نتفِق على شيء من الأساس.. تحسّست ليليان جيبها ثُمَ تذكّرَت أن فيكو قد استولى على هاتِفها بالأمس ..
مشَت نحو منزِل ماركوس وهي تنظُر إلى براد من فوق كتفها , لم يكُن يتحرّك , الواقِع أنه كان سعِيداً بابتِعادها .. دخلَت المنزل دون استئذَان , وكانت تُفكِرُ غاضِبة: حين قلتُ أنني سأعيره هاتفي ظننتُه سيرفُض من سبيل المُجاملة.. لا لباقَة على الإطلاق.. صعدَت إلى الطابِق العلوي بلا تحِية للشخص الذي رمقها بنظرةٍ جرّدتها هي كذلك من مُسمى ’اللباقة’, رفعت سمّاعَة الهاتِف بينما ضغطَت على الأرقام بغضب.. ليأتِيها صوتٌ قلِق.. _أبِي.. _فيكو .. أنا ليليان.. كان صوته شبيهاً بصوتٍ شخص يركُض.. _ليليان.. أمرٌ سيء قد وقَع.. _إن براد..- قاطعها في شيءٍ من الخوف.. _ماذا قلتِ لهم عن محوِ الذاكِرة والتعذيب وأشياءٌ من هذا القبيل؟ أجابت دون أدنى قدرِ من الاكتِراث.. _لم أقُل شيئاً .. _وأنتِ لم تقومي بإخفاءِ شون ؟! _بالطبع لم أفعَل.. شيءٌ من الضوضاء قاطَع حديثهما ثم اضطرب الاتِصال بسبب الأجواء العاصِفة خارِجاً , وحين هدأت الأمور قليلاً قالت ليليان.. _اسمعني.. براد ’سيُبيد’ سام .. ونعم .. أعني سام التي تعرِفُها.. عادَ الضجِيج ولم تسمَع سوى كلِمَات مُبعثرة ..
ظنّت أن الاتِصال قد انقطَع حتى علا صوتُ فيكو قائلاً في غضب.. _تباً لكُم جميعاً , أنا لستُ مسؤولاً عن أفعاله.. تنهِيدة تلتها عِبارةٌ مُتعَبة.. _ما علاقةُ سام ببراد؟! أجابَت.. _تِلكَ أوامِرُ والدك , الأرجحُ أنه قتَل شخصاً تعرِفه الفتاة ,هو يرى فيها خطراً..
عليكَ أن تأتي إلى هُنا , لقد انتحل المُختلُ اسمك.. زفير مُتململ ثُمَ.. _هُناكَ أمورٌ لم أفهمها , لكِنني لا أستطيع القدُوم الآن.. هل أعتمِدُ عليكِ كُلياً للمرة الأولى؟ قالت كارِهَةً تحمُل المسؤولية.. _والأخيرة؟! _نعم.. الأخيرة .. لن أسامحَكِ إن حدث لها شيء.. صوتُ رصاصة أتى من الهاتِف , عمّ بعده صمتٌ رهيب ..
كانت ليليان واثِقةٌ من أنها سمعَت صوتَ شار يأمرُ الجميع بأن يخرسوا ..
فهتفت الفتاة في خوف.. _ولكِن ما هذه المصائب التي تحدُثُ معك؟ واستطاعَت تميّيز عِبارةٍ واحِدة مُخيفة.. _إنه تمرُّد.. كانت مُرعوبة.. أدركَت أن الحال سينقلِب لو لم يتصرّف أحد ..
و’أبي’ الاإرداية التي نطقها لم تأتِ من فراغ حتماً , كانَ خلفها نِداءٌ صادِق .. إذاً..بدأ العصيان هكذا فجأة؟! آخِر مرة حدث فيها شيءٌ مُشابِه فقدَت المُنظمة العديد من أعضائها.. كانت على حافة التلاشي , وإن فنى كُلُ شيء الآن فماذا ستفعَل هي بعدها؟ تنحنح ماركوس خلفها ليقطَع سِلسلة أفكارها السوداوية .
اتسعت عيناها في فزع , بينما قال في هدوءٍ لا يُبشِر بالخير.. _عجباً لقُدرتِك على إفسادِ كُل شيء بعبارة.. ازدردت ريقها في مهابة بينما أكمَل.. _بعضُهم قد تمرّد؟ أو أغلبُهم لالتماس الدِقة.. كانت شاكِرة أنه لم يخُض في الموضوع كثيراً , وسألَت.. _ستذهَب؟ عليكَ أن تذهب! إنها تزول.. لم يُعلِّق بشيء بل مشى عبر غرفة المعيشة وتابع طريقه نحو الخارِج بينما تبعته هامَة بالمُغادرة, توقف بشكلٍ مُفاجئ وحين وقفت بجانبه لمحَت طيفاً يقبِلُ نحوهم.. انقبض قلبُها حين ظنّت أنها الفتاةُ المنشودة , لكِنه كان رايبرن ! شعرَت وكأن المشاكِل تتوالى عليهم من كُل جانِب , لكِن هذا الشعور لم ينتَب ماركوس
الذي ابتسم وصفق الباب خلفه , استقرت الفتاة في منتصف الطريق وقالت.. _لا يجبُ أن تذهب إلى هُناك.. حين أحسّت بالاستِغراب في نظراته أضافَت.. _هُناك سفّاحٌ أضخم منكَ مرتين.. سيمحوك من الوجود.. أنا أقول الصِدق.. كانت تعلم أنها تبدُو ككاذِبة , أو مجنونة , لكِنها اطمأنت حين قال في هدوء.. _حقاً؟ .. لكِن يجبُ أن أذهَب.. تجاوزها , وسار بِضعة خُطوات , ثُم توقف! حين كان واثِقاً من أنها قالت ’رايبرن’ .. التفَتَ إليها , فتراجعت , ورفعَت نظرهَا نحوه لتصطدم عيناها بشتوية عينيه .. وبِجفَاءٍ سألها.. _هل تقابلنا؟! |
__________________ وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استَطَعت، حتَى آتيك بقلبٍ سليم و نفسٍ مُطْمئنة..
التعديل الأخير تم بواسطة Angelic ray ; 02-07-2014 الساعة 11:22 PM |