عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree544Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #46  
قديم 07-03-2013, 07:22 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جسر السلام مشاهدة المشاركة
حجز ^^
بقرأ وبرجع

ولكن قد يطول حجزي لأنه يبدو انه قد فاتني الكثير :/


قراءه ممتعه
  #47  
قديم 07-03-2013, 10:10 PM
 
مرحبااا

كيفك؟؟ ان شاء الله بخير

واااااه واخيراً انهيت قراءة كل البارتات

الرواية روعة حقاً

وانا من المتابعين بلا شك

انتظر البارت القادم

لا تتأخري اوكي

ارجو ارسال الرابط

تحياتي ^^
Ryana Alawood likes this.
__________________




مَآ أجمَل أن نعلَمَ ؛ أنِنآ لَن ↑ نرْتِفعَ
إلآ إذآ. . ~ إنخِفضنآ للـہ ↓ سَآجديّن


مدونتي الهبلة
  #48  
قديم 07-03-2013, 10:45 PM
 
\\[ سراج من الحقيقة ! ]//



كان الصمت يطبق على كل شيء , و أنفاسها قد هدأت بمرور الدقائق الطويلة .. الظلام ساكن لا يتحرك وقد احتل المكان بكل سرور , عضت شفتيها و هزت رأسها من تفكيرها الحانق و الحاقد على كل ما يحيط , لعبت بأصابعها بارتباك فوق حجرها و هزت شعرها الأسود المظلم مجدداً .. لمعت عيناها الخضراوان الجميلة وسط الظلمة وهي تعبث بعبائتها لتخرج لفافة الورق ...
نهضت لتمشي حافيه على أطراف اصابعها نحو النافذة المقوسة و ببطء و حرص شديد ثم جلست على حافتها و فضت اللفافة لتقرأ على ضوء القمر الشاحب خط رقيق لموعد و مكان سريّ ... ابتسمت بخطورة و قررت بنفسها كل القرارات نهضت مجدداً و لفت نفسها بالعباءة و شدت حزامها حول نفسها لبست جوارب طويله و قبضت على حذائها بيديها...
راقبت الممر و الدرج ! , و تعجب ! أين الحارس ؟!. نظرت مجدداً في الظلام مدققة و مركزة لكنها لم ترى سوى زاوية مظلمة ...!
فتحت الباب بحذر, نزلت الدرجات بخفة وبطء أولاً ثم أسرعت الخطى .. و أسرعت أكثر وهي تلتفت كل هنية لترى هل الحارس خلفها .. لكن ليس هنالك من أحد...!
قالت بنفسها بإصرار " هذه فرصتي الوحيدة للهرب .. ذلك الحارس ليس هنا , والمكان غير بعيد ... لكن ترافيس سيأخذني معه بعيداً حيث السعادة... ".
مشت في الظلام بين أشجار الغابة و ضوء القمر يسوقها و أحيانا يتلاشى بسبب الغيوم الخفيف ... ظلت تسير بلا كلل و عبق الحرية يملء صدرها و روحها فشعرت بالسعادة حقاً و أن مافعلته هو الصواب الحقيقي .
توقفت قرب نهر صغير و رأت ظل واقفا و حصاناً هادئا بجانبه .. فاقتربت اكثر و عرفته ... أنه خطيبها !.
التفت إليها وضحك وهو يمد ذراعيه يناديها , فأسرعت "مارسيليـن" إليه بلا انتظار و تعلقت به و كأنه طوق نجاه .. قال الأمير غير مصدق :
_ " لقد أتيت يا عزيزتي ! , ظننتك لن تتخلصي من حراسك ! , آه كل هذا لأجلي ".
ضحكت برقة وهي تجيبه : بلى فعلت , و أنا أريد أن نذهب من هنا بسرعة ".
كانا متماسكي الأذرع و متعانقي النظرات وسط نسائم الليل التي تحرك ثيابهم , سألها باستغراب : لكن قدمتِ مشياً على قدميك ! ,من أين أتيتِ يا عزيزتي ؟! ".
_" مكان قريب , هيا لنبتعد من هنا قبل أن يعلم الحارس.. ".
_" حسنا لنركب الحصان.. وبعدها ستقصين علي كل شيء...".
ساعدها لتجلس خلفه وانطلقا نصف مسرعين داهم الأميرة النعاس و قد نسيت و تجاهلت كل شيء عن ماقد فعلت , أو ما يمكن أن يحدث معها و يمس سمعتها , لكنه خطيبها وسيبتعدون فقط عن اولئك الناس الذين يفرضون سلطتهم عليها خاصة ويحبسونها فوق أبراج بدون أي سبب واضح ...
ولكن فجأة اهتزت الصورة الباهتة لعينين بنفسجيتين ينظران بعيداً , فتحت مارسيلين عينيها بقوة و اهتاج الحصان بعنف ... صرخ الأمير "ترافيـس" يهدأه لكن السهم الذي مرق بسرعة البرق سبب خوفاً كبيراً للحيوان ..!
لم تقدر الأميرة على التمسك جيداً وانفلتت يداها فسقطت عن ظهر الحصان لتتكور على الأرض وهي تصرخ ألماً ...
_ " مارسيــلين ! ".
قفز الأمير عن حصانه الذي فر بعيداً وركع بجانبها , أخذ يهدأها و يتفحص أن كان قد أصابها مكروه .. و لكن الأميرة نظرت خلفه فزعه وهي ترى مجموعة كبيرة من الفرسان على خيول سوداء أحاطوا بهم ... وقائدهم أمامهم كلهم بأقنعة غريبة على وجهوههم ... أشار عليهم و بدأ الهجوم ...
لكن شيئا لم يمسهم .. كان الأمير الشاب قد تجمد مصدوماً لا يدري مالذي يحدث ... كان هناك حصان كبير مدجج بالدروع ,حارس الأميرة يمتطيه بمهارة بيد واحدة وأخرى ممكسه بالسيف الكبير الذي يصد أي شيء يقترب ...
نهضت مارسيلين يساعدها الأمير وهما يتراجعان ببطء و خوف من كل الغبار الذي بدأ يتعالى و أصوات السيوف و الأحصنة القوية ...
_ " تبا ! , مالذي يجري ؟! , ما هؤلاء الفرسان ؟! ".
مؤكد هؤلاء الفرسان الذين يريدون القضاء على الأميرة ... ومن يرافقها ...!
رأت أجساداً تسقط صرعى على الأرض و دعت بقلبها ألا يصيب "سيــدريك" مكروه !.
اقترب منهما الحارس فوق حصانه , قفز منه و أمسك بالأميرة بلا انتظار و أركبها فوقه , ثم أمسك بالأمير أيضا و ساعده بسرعة على الصعود ...
ظهر صوته الأجش العميق من خلف القناع يقول بوضوح :" إلى خلف النهر , و سألحق بكما...! ".
انطلق الحصان دون أن ينتظر من أحد أن يشد لجامة و التفتت مارسيلين تنظر للحارس الذي يسقط الفرسان بقوة من أحصنتهم و قدميه ثابتتان على الأرض كأنها الجبال ... كان يمسك بيد و يضرب بأخرى , حتى الأحصنة توترت منه و فزعت ...!
قال الأمير متسائلاً مذهولاً من خلفها : من يكون هذا ؟!.
ردت بحرارة وخوف لا تدري مالسبب : أنه ... الحارس , الذي كان معي..
_ أنتِ لم تقولي شيئا بأمره ! , كان بالأمس في حفلتنا... لماذا لـ....
قاطعته بتوتر : أرجوك !, ترافيـس , لنتحدث لاحقاً..
قفز الحصان مرتين فوق الحشائش و عبر الجسر الضيق عند النهر .. وظل يركض تارة و يهرول تارة أخرى هذا الحصان الذكي يعرف تماما إلى أين يذهب , حتى قرب الفجر ثم توقف الحصان من تلقاء نفسه قرب كوخ مخفي بين أشجار ضخمة معمرة .. فترجل الأمير و ساعد مارسيلين على النزول ...
فجأة خرج من باب الكوخ , شخص ما قصير القامة قليلا و هرع يركض نحوهما .. كانت هي العجوز , السيدة "تالين"
_ " يا ربي الرحيم !! ".
أمسكت بـ الأميرة و عانقتها قليلا , ثم عنفتها بقوة وهي تشد على ذراعيها : أي جنون تمتلكينه أنت !! , يا ألهي لو يعلم الملك !! , يا ألهي لو يعلم القصر بما تفعلين !! , أتهربين هكذا و معك هذا الأمير أيضا ؟! , مالذي كان سيحدث لو أن سيدريك لم يلحق بكما !. كانوا هناك اؤلائك الشياطين ... عرفوا مكانك ! , لكنك ستبقين هنا أكثر أمانا وهذا الأمير سيعود لقصره قبل أن تنتشر الفضيحة !!.
قال الأمير ترافيس بصوت متوتر : من كانوا ؟! , وماذا يريدون ؟!. ألهذا تختبئ مارسيلين في....!
_ هلا صمتْ !! , أنت تفضح كل شيء !!. يجب أن تغادر الآن , هنا حصان آخر خذه وغادر لمملكتك قبل أن يعلم أي أحد...
عندها تبادل هو و الأميرة نظرات عميقة , فقال لها بهدوء و نظرته غريبة : لم أكن أظن بأنك مطاردة هكذا , وهناك عصابة تريد قتلك , تلك الأشاعات لم تكن كذبة ... لقد ... خبئت الحقيقة عني مارسيلين , كيف تفعلين هذا ؟!.
حدقت به الأمير مصدومة ومذعورة بينما شكلها يثير الشفقة مشعثة و مرهقة ..
قالت بتعب : عن أي شيء تتحدث ؟! , أنا نفسي لم أكن أعلم لقد....
همس بهدوء : هذا يكفين أنا كنت أظنك بالقصر ! , كنت أظن بأن منعك من رؤيتي هي ألاعيب الكبار فقط !!. لم أتخيل كل هذا... سوف أغادر مارسيلين, و.... سوف نتحدث لاحقاً لا أدري متى ...
و التفت ثم غادر ببطء نحو حصان مربوط بجانب الكوخ ... صعده و غادر سريعا في طريق بريّ ... وكان الظلام لا يزال يحيط بالمكان .. شعرت الأميرة بالبؤس ... فجلست أرضا على العشب وهي مذهولة لا تقدر على التصديق ....!!
هل ذهب قبل قليل خطيبها ... الذي خاطرت و هربت لأجله ؟! , قائلا كلمات لا تفهمها وناظراً نحوها بشكل , وكأنها مجرم هارب !!.
رتبت على كتفها العجوز بلطف و قالت : تعالي للداخل ! , انت ترتجفين...
كانت الأميرة ترتجف ليس برداً أنما غضباً و قهراً ... شعرت بأن هنالك أشياء مخيفة في الظلام تعضها و تمزقها ... بأي حق يحدث لها كل هذا ... ودت لو تركب هذا الحصان و تلحق بـ ترافيس , تخبره بأنها لا تعلم شيئا من حولها , و أنها مجرد أميرة بلهاء يحبسونها هنا و هناك لأجل حمايتها من أشياء لا تدري ما هي ...؟!
ارتجفت مجدداً و أمتلئت عيناها الخضراء بدموع غاضبة حزينة ... قالت بصوت مبحوح : أتركيني وحدي ..
بائسة هكذا .. وحيدة و غبية ... أكملت جملتها بداخلها ... خافت أن تفقد خطيبها ... لكنه قال بأنه سيعود للحديث . و إن لم يفعل .. ستذهب هي إليه و تخبره ... بعد أن تعرف ما يجري حولها ...
اضطجعت على الأرض العشبية الباردة المملؤه بقطرات الندى , و الفجر يبزغ بطئياً هادئاً... انتبهت أنالعجوز تركتها بصمت مع ألمها ... هذا أفضل... اشتم أنفها رائحة العشب و أغمضت عينيها لتسيل دموع حارقة فوق الوريقات ... ثم لم تلبث إلا أن سالت الدموع كثيراً حارة أليمة و غاضبة ... أين عساها ستفرغ كل هذا ....؟!
صدر صوت صليل حديد خفيف ... ثم اقترب قليلا... رأت الأميرة نفسها ملقية على الأرض و كأنها جثة .. فتحركت قليلا و رأت الحارس يقترب بهدوء ... و لكن. هناك شيء غريب في مشيته... ضيق مابين عينيها في عتمة الفجر الخفيفة و لاحظت شيئا !!.
هناك خط أحمر يسيل ببطء من وسط الدرع , .... توسعت عيناها و نهضت جالسة ثم وقفت بتعثر مع ثوبها الكبير ...
حارسها مصاب !!!.
نادت مدهوشة : سيدريـك !!. ولاحظت بأن صوتها ضعيفاً خافتاً...
فهرعت نحوه تتخبط , وهي تكرر اسمه بقلق ... عندما اقتربت من الجسد الفولاذي تعثرت و كادت تسقط لكن ذراعه امسكت بها بأحكام و أوقفها ... تشبثت به وهي تتفحص الدم على درعه بعيون جاحضة !!.
قالت برعب : سيدريك ! , لقد أصبت !!... أين ؟! أين ؟!.
لم يرد عليها و هذا أخافها , جاءت العجوز "تالين" باللحظة المناسبة وهي تركض و تتعثر إليهما ..
نادت بعجلة و خوف : أدخلا ... يا ألهي سيدريك , أخلع الدرع لقد أخاف الأميرة تظنك مصاباً...!!
حدقت بها مارسيلين بصدمة ! , إذن دماء من هذه ...؟!
لكن بالفعل لاحظت بأن مشيته الثقيلة التي بلا صوت غريبة قليلا , جلسا أخيراً في الكوخ القديم ... لكن الأميرة بقيت واقفة أمامه .. و طالبت بتوتر :
_ سيدريك ! , أخلع درعك هذا ... هل أنت مصاب تكلم ؟!.
قالت بعصبية كلمتها الأخيرة , فتحرك من مقعده و وقف شامخاً أمامها , ثم قبض بقوة على درع صدره و خلعه ثم درع ذراعيه و ألقى بهما على الأرض مصدراً صوتاً رناناً ..لكنه ترك الحزام و السيف و قناع وجهه و قبضتيه ...
تجهمت العجوز وهي تقول بينما الأميرة تحدق بتوتر بلباس الحارس القماشي الأسود :
_ هل أصبت يا بني بمكان ما ؟! , أني أعرف بأنك لا تصاب غالباً , لكن اؤلائك الجنود كتيبة كاملة و أنت وحدك !.
لم يجب , فقالت مارسيلين بضيق وهي تقترب أكثر منه حتى أصبحت مقابلاً له :
_ سيدريك ! , نحن قلقون عليك .. أجب , ثم .. أخلع هذا ...
ومدت يديها بطول ذراعيها كاملا حتى تصل لقناع وجهه المعدني فأمسك به و قالت برقة وعطف : سأساعدك لا خشى شيئا مني...
لم يبدي أي اعتراض أو حركة .. خلعت القناع المعدني ببطء و أخفضت ذراعيها !, تمنت لو الأضاءة من ذلك الفانوس أقوى أو أن الشمس قد طلعت كلياً .. لكنها رأت ملامح خفية في الظلام وشعر أسود حالك ناعم حول وجهه الأبيض ...
كان ينظر بمستواه بعيداً .. وكأنه يحدق متأملاً من نافذة ما.... شفتيه مطبقتان و أنفه مستقيم كحد سيفه .. ظلت الأميرة تمعن النظر به غير مصدقة أن هذا هو حارسها طوال الوقت ... خط الفجر الأول أظهر ملامحه الملائكية بفخر يرتسم على وجهه...
قالت العجوز ببرود من خلفها عندما لاحظت جمودها : حسنا ! , لا يبدو بأنه أصيب في وجهه ...
شعرت الأميرة بأن الأرض تدور وهي تنظر نحوه .. بصعوبة انتشلت نفسها و قالت بصوت مبحوح وهي تهز رأسها
_ أنا واثقة بأنني رأيت شيئا ما خاطئاً بمشيته...
همست بتوتر وهي ترفض النظر بوجهه الهادئ الثابت : اسمح لي , سيدريك...
ودارت من خلفه , لتصدم وهي ترى جرحاً غائراً في جنبه الأيمن لوسطه تحت حزامه الجلدي تماماً ...
قالت فزعه وهي تتلفت حولها : سيدريك مصاب ... سيدة تالين أنظري ..
جاءت العجوز بسرعة و نظرت نحو الجرح وهي تشهق قالت : لماذا لا تتكلم و تقول , الملك لم يمنعك ... يا ألهي أخلع هذا بسرعة واستلقي...
تحدث فجأة بدون أن يتحرك : هذا جرح بسيط , سوف أعالجه بنفسي بعد أن أطمئن على المنطقة .
حدقت به الأميرة , ظهر صوته الحقيقي بلا قناع , عميق هادئ و ناعم بنفس الوقت , كأنه صوت جدول ماء ...
هزت رأسها تفيق مجدداً, ثم قالت بعصبية وهي تلكزه بصدره : أسمعني جيداً أنت لن تتحرك لأي مكان حتى نعالجك جيداً , هيا عد للجلوس , ثم ... أنظر إلي وأنا أحدثك !!.
قالت جملتها الأخيرة بحده وحزن من تجاهله هكذا , أنكس هو رأسه ليسقط شعره قليلا إلى الأمام , همس : سامحيني يا مولاتي...
ظلت الأميرة متعجبة و ثائرة إلا أن أمسكتها العجوز بحده من ذراعها و جرتها لطرف الغرفة ... همست بأذنها بعصبية
_ لا تصرخي هكذا عليه يا أميرة ! , أنظر إلي ! هل أنتِ بوعيك ألا تدرين بأنه لا يرى سوى الظلام !!.
فغرت الأميرة فمها و دارت بها الحجرة , فقالت متعبة ولاهثة : ماذا ؟, تعنين ... لا يرى سوى الظلام ...؟!
_ سيدريك أعمى وهذه الكلمة تعني أنه لا يرى شيئا يا فتاة , عيناه لا تبصران...
مشت الأميرة مبتعدة عن قبضتها قليلا ثم اتكأت على الطاولة الخشبية بمنتصف الغرفة تسترد أنفاسها و تقبض على عقلها قبل أن يقع في دوامة لا يرجع عنها...
فجأة سمعت صوته الهادئ الرقيق وهو يلتفت نحوها و ينحني قليلا :
_ يا مولاتي الأميرة , سامحيني .. أني أنفذ أوامر الملك , ولكني أطيع أوامرك أيضاً . فأن أردتِ مني الرحيل فسأرحل..
رفعت رأسها و رأته و رأت عيناه البنفسجيتان منخفضتان و ملامحه الجميلة مستكينة .. فشعرت بيأس عميق يضربها لا تدري لم ... لو أنه يراها و يتحدثان بشكل عادي... لكن... لا تصدق بأن هاتين العينين الرائعتين لا تريان سوى الظلام ... الظلام الذي لا شيء ...!! و كل هذا الوقت .. و كل هذه الحماية التي يوفرها ... هو لا يرى ...!! و لم يكن يراها أصلاً و لا يدري ما شكلها و ما تكون ... شعرت بأن هذه الفكرة أكثر شيء تميت قلبها...
عندما أدركت ما يقول , فزعت و صرخت بسرعة : ماذا ؟! , لا .. لا ترحل !!.
ثم تنبهت لنفسها و قالت وهي تقترب منه قليلا : لنعالج جرحك أولاً سيدريك ! , ثم لترتاح قليلا.. وهذا أمر !.
و ارغمنه على التمدد فوق أريكة كبيرة ثم عقمن جرحه الذي كان طعنة غدر من الخلف , و وضعن حوله القماش النظيف , بينما كان هو صامتاً جداً لم يتأثر بأي شيء .. قالت الأميرة برقة : سوف تتحسن قريباً جداً , ابقى هكذا لا تتحرك ..
ثم التفتت إلى العجوز و همست : لنتحدث خارجاً...
كانت تريد سؤالها عن كل شيء .. والسبب الذي اختار والدها من بين كل الفرسان سيدريك... لكن أليس واضحاً ! .
كان هو الأقوى و الأمهر و الأسرع , حتى وهو فاقد للبصر .. أطاح بكتيبة فرسان كاملة وهو واقف على الأرض على قدميه...!!

قالت العجوز بأن الملك اختاره لكل هذه الأمور , وأن أي عاهة جسدية ليست عائقاً أمام أي شخص قوي الأرادة , "سيدريك" لا يرى منذ ولادته ؛ وهذا جعل حواسه الأخرى أقوى و أشد حساسية .. خاصة سمعه و خطواته الصامتة كأنه ضباب يسري ...! , العجوز تالين هي من تولى تربيته فترة طويلة لذا تعتبره كابن لها وتحبه جداً...
الملك يعرفه و يدرك بأنه أعمى , لكنه معجب جداً به وهو يعلم بأن هذا الشاب قادر على حماية ابنته من أي شيء كان , بقوته و مهارته , ذكاءه الشديد و صبره الطويل ... كان مثالي لأن يحمي الأميرة ..!!
أخبرتها العجوز بكل هذا و قالت لها ببرود : والآن ! ,إياك أن تنطق بكلمات كـ أنظر ! , ألا ترى ! , ما لون... و ما إلى ذلك ,هو يعلم بأنك فتاة ترتكبين الحماقات لذا هو صبور و هادئ معك...
قالت مارسيلين بضيق : سيدتي !! أنا لست قاسية القلب لهذه الدرجة...

لكن صمتت فجأة تقطع جملها وهي تتذكر ماحدث في الحفلة وكيف عاملت "سيدريك" وكأنها لا تعرفه ! , ولم تدافع عنه أمام اهانات خطيبها ... شعرت بالضيق في قلبها .. كان يسمعها طوال الوقت وهو أنسان له احساسه .. بينما هي لم تبال به فوق كل خدمته لها... عليها أن تنتبه لتصرفاتها مجدداً أمام سيدريك خاصة ..
دخلت الكوخ بهدوء و الشمس قد اشرقت و بدأت العصافير تلحن في الأجواء , بينما ذهبت العجوز تبحث عن الماء في الغابة... نظرت إليه مستلقي مغمض العينين فوق الأريكة بلباس فرسان جميل و درعه موضوع في الزاوية ..

لا تدري هل هو نائم أم مستيقظ .. كان هادئاً للغاية , فاقتربت منه اكثر و رأت يديه بقفاز أبيض رقيق اليمنى فوق صدره و اليسرى إلى جانبه .. وقفت قربه بصمت لثوان وهي تتأمل وجهه ... كم هو وسيم , بل أجمل شخص رأته بحياتها .. كان غريباً , جميلاً جداً , لكن للأسف لا يرى سوى الظلام .. والأسف الأكبر أنه لا يراها هي ... ولكن لماذا لا يتكلم كثيراً , بل نادراً جداً ... هل كانت هذه أوامر الملك ألا يتحدث إليها... و يبقى بدرعه الكامل ..؟!
ابتسمت برقه و همست وهي تلمس يده اليسرى بشكل سريع : آسـفة سيدريك... سامحني .
  #49  
قديم 07-03-2013, 10:46 PM
 
ارتجفت و اهتزت أوصالها وهي ترى النظر المميتة و ثقة الموت تتهادى بدلال بجانبها تثير بها الرعب , علمت بأن الوضع ينحدر من سيء إلى أسوأ بكثير .. و أن مصيرها هاقد أتى ... مصيرها الذي ليس ساراً...!!
أمسك حارس ما متجهم بلباس أسود بذراعها بقوة شعرت بعضامها تتفتت تحت قبضها ...
بينما نادى اللورد الأسود وهو يسير بشموخ أمامهم في الممر : إلى القاعة , و... "بلاكهيل" لا تضغط هكذا على ذراعها , أنا بحاجة إليها الآن قطعة واحدة ...
سحبها الحارس معه يجترها بلا رفق خلف السيد و عبائته الداكنة تطير من خلفه , هبطا من درج عريض لم تدري كيف وصلوا إليه من شدة الصداع و الألم الذي بدأ يغزوها ...
فتحت مصارع باب أمام اللورد من تلقاء نفسها ليدخل إلى قاعة ضخمة بطاولة مستديرة كبيرة تبدأ من عند الباب و تنتهي قرب عرش كبير قديم ... تربع اللورد فوق العرش و بينما الأمير "غاردينيا" تمر برعب من عند الأفراد المرعبين ضخام الجثة الجالسين حول الطاولة , أدرك بأن موتها قريب , وهؤلاء المخيفون هم الشهود !!!.
لكن أجلسها الحارس بكرسي جميل بين العرش و الطاولة , ورأت بجانبها منضدة صغيرة عليها ورقة و ريشة سوداء و محبر خالي !!.
تحدث اللورد فجأة بينما العشرات من أزواج العيون المخيفة تحدق بالأميرة , قال بصوت بارد واضح :
_ كما ترون يا سادة ! , هذه هي ابنة كرايسيس ... بتمام صحتها .. تقريباً , آحمم... سوف نخط لوالدها رسالة تؤكد بقاءها على قيد الحياة , حتى نستمر بباقي المخطط ... فوالدها يرفض التعاون مادام لا يدري عن ابنته شيئا ...
كانت غادرينيا تنظر نحوه مرعوبة , فأي شيء يعني ...؟! , ومالمفترض أن تفعل ؟!. تكتب رسالة بنفسها ؟!, أم يكتب هو رسالة و هي توقعها ... لكن ... هل هذه خدعة ؟!, وهل يعلم والدها ....! انتابها الخوف على أبيها أكثر من نفسها
فقالت فجأة بحده : أنا أرفض أن تكتب الرسالة !. قبل أن أعرف ما هية مخططكم !!!.
حدقوا بها جميعاً بلا تعابير , و نظر نحوها اللورد بملل وهو يتكأ جيداً ... تأملها للحظات وهي ترتجف كورقة صغيرة...
قال بهدوء : تريدين .. معرفة ... مخططنا !.
ارتجفت الأميرة و قالت وهي تحاول اخفاء خوفها الذي ظهر جلياً بصوتها المرتعش : أ...أجل !!.
حرك ببطء و ضجر أصابعه بقفازه الأسود و رفع أحد حاجبيه ليظهر لون عينيه القاتم وهو يهمس بنعومة :
_ أتدرين ما أظن الآن بكلامك ... الغبي هذا...! , سترسلين لوالدك له اشارات خفيه عن مكان احتجازك بالطبع..!
طرفت الأميرة بعينيها الزرقاء الصافية كثيراً قبل أن تقول ببراءة : أنا من سيكتب الرسالة ؟!.
تجاهلها اللورد وهو ينظر نحو الحشد المرعب الجالس و قال لهم بصوته الثلجي البارد : هل رأيتموها الآن , الأميرة الصغيرة هذه ! , أن شاهدتموها في الغابة تظن بأنها تتمشى أو تهرب فأترك لكم حرية التصرف بأمرها , ثم لاحقاً أرسلوا لي اشلاءها كي نقهر والدها...
أومأوا بسرور و بعضهم كشر عن أسنانه المخيفهم محدقين بها , شعرت الأميرة بالأهانات القوية كوقع سكاكين ...

فهبت واقفة وهي تقول بعصبية و تشير بأصبعها إليه : مالذي جرى لك ؟!, هل أنت مجنون قتل و تعذيب !! , سأرفض كتابة الرسالة و سيبقى والدي يقاتلك حتى تموت أنت على يديه !.
لم تنتبه إلى وقوف ذلك الحارس القاسي بجانبها سوى عندما أمسك بكتفيها بشدة و أجلسها مجدداً ,...
قال اللورد بكل هدوء اعصاب : يمكنكم الانصراف الآن للجيش...
وبعدما خرج آخر قائد مخيف و أغلق الباب , التفت اللورد و حدق بالأميرة بشكل مفزع .. كان الغضب كالنيران تتطاير من عينيه الرمادية ... نهض واقفاً فارتجفت "غاردينيا" و أخذت تدعو بقلبها النجاة وهي تتشبث بكرسيها ...
نزل عن مكان عرشه و دار حولها بعبائته ... همس بخطورة : أنتِ تجيدين الحديث إذن في هكذا مجالس ..! بل و الأهانات أيضا .. أميرة صغيرة عيب عليك ..!
ردت برعب و قلبها يسد حلقها : أنت من تحدث عن الأشلاء أولاً ...!
كان يقف خلفها إلى يسارها تقريباً ولم تجرؤ على الالتفات نحوه... همهم بنعومة و قال بهدوء :
_ كوني فتاة عاقلة و لنكتب الرسالة ..
كانت ترفض أبداً أن تنفذ ما يريد , فقالت بتوتر وهي تحدق بالورقة البيضاء و الريشة المناقضة لها على الطاولة :
_ مالذي سيحدث؟! , مالذي تريده من والدي..؟!.
_ أنها أمور الكبار , الصغار مثلك لا يتدخلون , فقط يطيعون الأوامر ..
هزت رأسها وهي تغمض عينيها بقوة قالت : لا .. أنا أرفض اطاعتك, أنت العدو...!
شهقت برعب فجأة وهو يمسك بوجهها بيده ذات القفاز الأسود الكبير .. كان يتكأ بجانبها وقد انحنى قليلا نحوها ..
همس : وأنت ماذا يا صغيرة ؟! , أسيرة .. وصديقيني رسالتك ستطفئ لهيب قلب والدك المفزوع لأمرك .. هل تحبين أن يكون مرعوباً جداً لأجلك... وهو لا يدري أمن الأحياء أنتِ أم الأموات ؟!.
حاولت التنفس لكن هيهات ... قالت لاهثة : حسنا . أسمعني أرجوك ! , أنا لن أكتب جمل تخيف أبي و....
تركها فجأة و التفت ليصبح أمامها قرب منضدة الرسالة , قال بهدوء: ستكتبين له بأنك بخير و أنك تأكلين جيداً و تشربين ولا شيء يهدد حياتك ... حالياً على الأقل..
أومأت رغما عنها و تحت وطأة نظراته المخيفة , قرب لها المنضدة و اعتدلت لتمسك بالريشة ... تنفست بعمق ثم وضعت الريشة بالمحبر و على الورق كتبت ببطء " سلامي إليك يا والدي..
أني بخير و صحتي جيدة لا تقلق علي , أرجوك أن تحافظ على سلامتك و تهدئ من نفسك ..
أحبك ... ابنتك غاردينيا... "
وقعت اسمها ثم رفعت بصراً مرتجفا إلى اللورد الذي يحدق بالورقة , هز رأسه نصف هزة ثم نظر إليها بقوة , قال ببرود : بقي الختم و شيء منك حتى يطمئن والدك العزيز أكثر...
ضيقت جبينها ولم تفهم .. شيء مني ؟!.. توسعت عيناها رعبا وهي تراه يرفع سيفه بوجهها فجأة ..
صرخت مختنقه وهي تضع يديها على عنقها و وجهها .. ضاق حاجبه و أمسك بيدها بقوة ليسحبها لتقف كلها رغما عنها ... " آآه " شعرت بألم حاد بوسط راحتها .. غرس رأس سيفه و سال الدم ملطخاً كل راحة يدها...
ابتسم قائلا بينما هي ترتجف رعباً محدقة بدماءها : حسنا هذا جيد...
كان لا يزال قابضاً بقوة على يدها .حركها و جعها تطبع على خطها الأسود المترجف طبعة دماء يدها ..!
ثم تركها امسكت بيدها بقوة محدقة بالجرح الذي ينزف .. ثم رفعت بصرها نحوه و صرخت به : يالك من متوحش بغيض آآه رباه !!.
صرخت مجدداً وهي تضم نفسها و رأسها بينما السيف مر من قرب اذنها كالبرق .. و قطع خصلة صغيرة من شعرها الأشقر الذهبي ... أمسك بالخصلة بيده و باليد الأخرى وضع السيف ليلف الرسالة و يربطها بشعرها ...!!!
هزت رأسها لا تصدق ما يفعله هذا الهمجي المتوحش !!... رفع الرسالة بيده ليأتي الحارس من خلفه و يأخذها و يغادر بخفية و سرعة ... وبقيت هي وحدها تمسك بيدها التي تنزف بغزارة و تحدق بالعينين الرمادية الباردة...
قالت وهي تهز رأسها بعنف : لا أصدق كم أنت بغيض رهيب , شيطان أسود هارب من الجحيم !!.
في البداية حدق بها يستوعب ما قالته , ثم هز شعره الأسود ببرود وأدخل سيفه في غمده , شعرت براحة طفيفة ثم ضيق رهيب عندما ثبتت عيناه الباردة في زرقة عينيها الجميلة ...
مال برأسه و قال بنعومة : آوه هذه الرسالة ألطف شيء صنعته حتى الآن , لا تتذمري هكذا يا صغيرتي...!
قاومت دموعها بقوة و فكرت بأن أبيها سيجن جنونه عندما يرى هذه الرسالة !! , هذا الشيطان يريد أثارته وليس طمئنته !! , و يريد إيلامها و أرعابها وليس ابقائها على الحياة هكذا فقط ...
قالت بحده وهي تتلفت في القاعة الخالية حولها : ألطف شيء هاه ؟! , سيريك أبي ماللطف عندما يرى مافعلته !.
_ أني في شوق رهيب لمقابلته غداً في ساحة القتال .. لأن والدك العزيز عندما يكون غاضباً يفقد تركيزه...
دارت بها الأرض .. أنه ينوي قتله غداً , و تباً هو محق !! تعرف بأن والدها يفقد ثباته عند غضبه ... رباه مالذي ستفعله ؟!. فكرت بيأس أن تتوسل لهذا الشيطان .. و حاولت أن تتذكر مالذي كتبته بالرسالة !!.
قالت بخوف شديد وهي تحاول البحث عن كرسيها الذي جلست عليه دون أن تبعد بصرها عنه : لا تفعل ! , إياك أنه أبي !!, ألا يمكنك أخباري بما تريد فقط و تترك أبي و شأنه !.
_ أنه يعلم ما أريد , وهو يرفض .. لذا فلتتحملوا النتائج..
وجدت الكرسي متحسسه بيدها السليمة بينما الأخرى تقطر على الأرض البيضاء القذرة دمها الأحمر القاني .. جلست مستنزفة القوى و ظلت تشعر بالدوار و الآلم يعود .. أغمضت عينيها بضيق تجاهد لتتنفس ...
شعرت فجأة بيد تقبض على يدها الجريحة فآلمها , فتحت عينيها لتراه هو ينحني قليلا نحوها معه منديل أبيض كبير , لف يدها به جيداً وعندما أراد ربطه , سحبت يدها بقسوة ... و نظرت نحوه بحده وهي تقول :
_ أنت لست نبيلاً فلا تتظاهر بهذا !! , تقوم بجرحي ثم تحاول ايقاف نزيفه .. أيها الشيطان ! , أريد العودة لغرفتي...
ثم ألقت بالمنديل أمام قدميه و عباءته السوداء , نظر نحوها بحده و التمعت عيناه لكنه تماسك و قال ببرود :
_ طفلة بلهاء ! , جدي طريقك بنفسك !.
التفت ثم غادر القاعة بسرعة ... بقيت غاردينيا جالسة لدقائق , و قد حل الظلام بمغيب الشمس , ولا وجود لمصابيح فبدأ القصر يظلم و يتحول لقصر أشباح قاتم ... فارتجفت وهي تنهض غير قادرة على التفكير بأي شيء .. لفت يدها التي أخذت تؤلمها بشدة متورمة بقماش من ثوبها ...

أخذت تتعثر في طريقها المترب المظلم و الشمس تغرب أكثر و أكثر , دارت كثيراً في الممرات و خافت من الممرات المظلمة التي لا تدري أن تؤدي ... فقالت بنفسها برعب " هذا ما ينقصني , قصر كبير كيف سأجد غرفتي تلك .. ". سرت رجفة برد و أطبق الظلام كلياً ... أخذت تتنفس بصوت مسموع لاهثة مرهقة .. و شعرت بأشياء تدور حول ساقيها و أصوات غريبة !!.
فهرعت تعود أدراجها تريد تلك القاعة المشؤمة على الأقل تبدو أكثر اماناً... ربما... فجأة اصطدمت بالجدار و سقطت أرضا ... فتأوهت وهي تحاول النهوض شعرت بشيء ما صغير يقفز فوقها لكنه عض يدها الجريحة المدمية !!.

فصرخت غاردينيا و نهضت بسرعة وهي تنفض تلك الأشياء التي أحست بأنها كبيرة و تحاصرها...
هربت برعب من تلك الجرذان آكلة اللحوم سوف تقطعها ... وهي تنفض شعرها الأشقر المتطاير بلا أي شيء يمسكه و ثوبها القديم المتسخ ... قالت بصوت باكي : أريد الخروج من هنا...
فمشت خطوتين دون أن ترى بالظلام لتجد بأن الأرض اختفت !! , و سقطت على وجهها !!
لولا أن شيئا أمامها قوياً أمسك بها و ثبتها بمكانها... ارتجفت وهي تتمسك بذراعين , لهثت قائلة ببكاء :
_ من أنت ؟!, أخرجني من هناك أتوسل إليك ؟!.
ظهر صوت غريب لم تتعرف بالبداية لأنه كان قلقاً ...
_ يالك من...!! كيف وصل بك المطاف هنا ؟!. تعالي لأخذك لغرفتك .
كان صوته هو ... اللورد الأسود أو الشيطان مهما يكن ... أحاط خصرها كله بذراع واحده و هبط الدرجات بسرعة كأنه شبح يقودها معه , ممكسا إياها بقوة لم تتعثر ولم تسقط... ساروا في الممر المظلم وهي تمسح دموعها بيدها توترت كثيراً و سألته بصوت يرتجف :
_ كان عليك ايصالي للغرفة قبل تركي وحدي بمثل هذا المكان !.
رد عليه ببرود : لم أكن أعلم بأن حتى الفئران يمكنها أن تنال منك ! , ضعيفة جداً رقيقة جداً , لا تملكين سوى لسان سليط !.
قالت بنبرة باكية محتجة : و أنت فقط شيطان رهيب أسود...!
قاطعها مفكراً وهما يصعدان الدرج : من أين جئت بهذا اللقلب ؟!. ثم .. يكفيك بكاءاً هذا اليوم لا أظن بأن والدك سهل المنال إن كان هذا يريحك ...!
تسائلت بحده : ولماذا تريد أن تريحني ؟!.
_ أنتِ أسيرتي ويجب أن أبقيك حية , لا أريد الدخول غداً لأجدك جثة هامدة على السرير ميتة من شدة القلق !!.
هذا الرجل غير معقول , يجب أن يقتله أحد حالاً و إلا ستموت هي بسبب اهاناته التي لا نهاية لها !!.
فتح باب غرفة مضيئة بقنديل صغير قرب السرير , و شعرت الأميرة بأنه كل الضياء الرائع .. التفتت إليه و تركها هو ببطء...
قال بهدوء : اشربي الدواء قبل النوم !.
رأت شيئا خاطفاً من ملامحة و عيونه المعدنية وظله الضخم الذي غطى كل شيء راودها الخوف ثم استجمعت الشجاعة اليائسة لتقول بتوتر محاولة شيئا ما : أجعلني أكتب رسالة أخرى لأبي ! , سأطلب منه أن ينفذ ما تريد... لا أريد حرباً أرجوك ..
رد عليها باختصار وببرود مفاجئ وهو يتراجع إلى الباب خلفه : لا بالطبع ..
لحقت به فجأة وهي تمسك بذراعه القوية , أصرّت : يمكنني أن أقتل نفسي !.
حدق بعينيها مطولاً , ثم همس : لن تفعلي.. لأجل والدك ..
قالت مصرة أكثر وهي تحدق بعينيه وسط الظلام : وماذا عن.. والدك أنتْ ؟! , مالذي كان يرغبه ؟! , مالذي كان يحلم بأن تحققه أنت... فكر مجدداً يا سيدي أنـ....
قاطعها بحده : أنت لا تفقهين شيئا. هلا تركتِ يدي...!
هزت رأسها تستوعب ,ثم خجلت لثانية لأنها لم تنتبه لأمساكها به , تداركت نفسها و علمت بأنها تمادت كثيراً بالكلام معه , لا تدري كيف أصابه الصبر فجأة .. لذا بصوت خفيض همست بأسف :
_ أنه شيء للماضي أليس كذلك ؟! , مهما يكن , أنا لم أعرف اسمك سيدي ؟!.
رفع أحد حاجبيه و رد ببرود وهو يمسك بيدها الجريحة : كيف تحولتُ من الشيطان الأسود إلى السيد ؟!.
هزت كتفيها بتوتر وهي ترى يدها يقلبها بنعومة بين يديه ذات القفاز الأسود هل أثرت به اهانتها هذه ! , همست : هذا يتعمد عليك أنت وليس علي أنا...
ضيق عينيه, بهدوء بارد قال : دايمنـد ليكسار.. حتى تعرفي اسم عدوك , لبلاهتك يمكن لأي شيء أن يؤذيك وكل شيء هنا عدو لك تذكري هذا...
غرقت لثوان في عينيه اللامعة وسط الظلمة , ياله من عدو و ينصحها .. دايمنـد ... اسمه يليق بلون عينيه و شعره .. ربما ألماس أسود , أو فضي كلون بؤبؤيه الآن... غارق بالزاوية المظلمة لكن أحساسها به يجعلها تراه بشكل مختلف , يلتف بغموضه و يخفي أمواراً و مصائب .. لو تقدر على فهم مايريد فقط ..؟! مايمكن أن يريد لورد أسود غامض ؟!.
_ اشربي الدواء !. إياك أن تتجاهلي هذا .. سوف أعرف إن لم تفعلي..
كرر أمره بحده أفاقتها من أحلامها و أخافتها , ثم ترك يدها ليدفعها بشكل خفيف إلى الداخل و يغلق الباب بالمفتاح عليها .. فزعت لأنها تذكرت المفاتيح ؟!. ماتكون .. نسيت أن تسأله !!.. عن أي مفاتيح تكون التي أرسلها والدها إليه !!
هزت رأسها الذي أًابه الصداع , و نظرت حولها في الغرفة النصف معتمة ... فكرت بتعاسة ليس لديها سوى الدعاء لسلامة والدها .. فجأة انتبهت ليدها المجروحة ... لقد ضمدها بقماش أبيض نظيف !!.
كيف فعل هذا وهي لم تنتبه له ؟؟!!.
  #50  
قديم 07-03-2013, 10:46 PM
 
في قصر مزهو كبير أبيض لونه كأنه لؤلؤ مرصوف ومشكل بروعة خلابة طبيعية , كانت الشمس تميل للغروب و أحمرت السماء ببطء ثم تجمعت هناك و هناك سحاب خفيف داكن لونها تدعم السكون المحيط بالمكان ...
ظلت تراقب من شرفة الغرفة الفاخرة الحديقة , كانت ترى حارسين يمران , ثم عامل واحد يشذب الأزهار بعدها غادر , وبدأت الظلال تتسلل ببطء , أخيراً رأته !.
خيال الأمير يظهر ببطء من بين الأشجار و من خلفه الفرس الرائعة "سيلفرين" هادئة تسير و رأسه خلف ظهر سيدها الذي يبدو هادئا جداً و صامتاً .. مرا من أمامها نحو البوابة المدخل من الحديقة ..
هرعت تخرج من غرفتها بسرعة و تنزل الدرجات , تتذكر ماقاله "نايتـل" الأمير الصديق بشأن خطوبة "أليكسس" , و الأميرة "ناديـن" التي مات والديها وهي صغيرة اعتنى بها الملك "كاسندرز" كثيراً و دللها وكان هو مريض بقلبه الضعيف بالرغم من عصبيته تجاه ابنه الأمير , و أمره أن يتزوج ابنة صديقه الراحل , وكان أليكسس ينفذ كل ما يأمره و يطلبه الملك مهما كان ... ولأجل أنه والده , وهو مريض أيضاً ... فلن يخالفه قطعاً ...

وفكرت "أنابيــلآ" بأن "أليكسس" مظلوم بمواضع من جانب أبيه ! , فهو من عليه اختيار زوجته , ستكون "ناديـن" هي ملكة المستقبل , وماعساها تفعل بالمملكة ...؟! وهل ستساعد زوجها الذي سيصبح ملكاً وتبقى بجانبه مهما حدث ... و الأهم هل ستحبـه ؟!.... هل للحب مكان ما هنا ...؟!!
غار قلبها في صدرها الذي أصبح ضيقاً جداً لا يكفي حتى للأنفاس حسنا هي أميرة لم تجد الحب لدى أحد .. لا من والدها أو عشيقاته , و والدتها قد ماتت منذ أمد وليس لديها أخوة أو اقرباء فقط كانت وحيدة... لن تفكر في حياتها الآن .. فهي مهتمة بما يحدث لمنقذها ..
نظرت من المدخل و هاهي تراه يمسح على "سيلفرين" التي تنبهت لها بالطبع فأخذت تصهل بنعومة و تتحرك بخفه حول قوائمها , التفت أليكسس محدقاً مالذي يجذب انتباه فرسه الذكية و يجعلها تتحمس هكذا و تفرح !. وكان عليه أن يعرف... من سواها ...!
توقفت عيناه بعينيها الذهبية وسط العتمة التي تتسلل .. همس بهدوء : أنابيـلآ ؟!.
ضاق قلبها أكثر و شعرت بالأرض تدور شاعرة بالحزن لأجله , هذا الشاب الأمير الشهم الرقيق الأحاسيس بالرغم من حدته النادرة , لكنه حساس ... هذا ما ايقنته حقاً ...
تمسكت بالعمود الذي بجانبها و تبسمت له بشكل واهن .. محاولة أن يبدو هناك أي شيء لطيف ..
اقترب منها و هو ممسك بالفرس خلفه , لم يصعد الدرجات إليها , توقف و قال بهدوء : الملكة ستأتي قريباً , اعتقد بأنك يجب أن تستعدي!.
أومأ له وهي تحاول أن تتحدث , فحلقها سد بقوة من شدة حزنها , التمعت عيناها وهي تكبح الدموع ,
قالت بصوت خفيض مختفي : جئتُ , لأطمئن عليك فقط.. هل أنت بخير ؟!.
بقي ينظر إليها رافعاً رأسه و لباسه الأميري الرائع يظهر بسبب اضاءة المدخل كانت عيناه لا تطرفان محدقتان بها و لامعتان بجمال ... هز رأسه بخفه ثم أفلت "سيلفرين" وهو يرتب عليها ... راحت الفرس تتمشى بحرية بنفسها ...
صعد الدرجات ببطء و سمعته يتنهد بخفاء ... آوه يالا هموم الأمير التي لا تنتهي ... بدأ من والده ..
توقف قربها و همس برقة : أظن بأنه علي أنا أن أوجه سؤال هل أنت بخير ؟!.
نظرت إليه عن قرب , هم هو رقيق , مرهف الأحاسيس .. أنه أمير بمعنى الكلمة .. وهو شخص طيب القلب يستحق السعادة لا غيرها ... كيف أن الحياة تفعل هذا بهما معاً ... والداهما كلاهما يسببان التعاسة , وبأي ذنب ؟!.
قالت بصوت مخنوق وهي تتلفت حولها غير ناظرة لعينيه : أنا بخير , قلقة عليك فقط...
ضيق عينيه قليلا وهو ينظر نحو الفرس الجميلة التي تتدلل أمامهم في مشيتها تروح و تأتي من نفس الممر !.
قال برقة : أنا ...؟! , كيف يمكنك القلق علي يا أميرة , تعالي الجو بدأ يبرد سأصطحبك لغرفتك...
و سارا معاً بصمت , حتى وصلت غرفتها , التفتت إليه وسألت بهدوء وقد عاد تنفسها لطبيعته : هل سأقابل الملكة... وحدي؟!.
رفع حاجبيه وهز نفياً وهو يجيبها بحنان : لا بالطبع , أنا معك , كما أن أختي ستكون موجودة..
قالت بتوتر خفيف وهي تضم يديها : هل سيكون هناك أحد آخر...؟!.
تبسم لها بسحر آخاذ ثم سحب يدها بين يديه همس : آه يدك باردة كالثلج ! , ماكان عليك الخروج . لن يكون هنالك من أحد أميرتي , أنا معك ثم.. سأخبرك بسر صغير...
قالت وقلبها يخفق بقوة ناظرة ليدها بين يديه : ماهو ؟!.
اقترب منها كثيراً حتى شعرت بأن انفاسها تختطف منها بقوة لتسقطها , همس بأذنها : أمي امرأة رقيقة جداً وحنونة , سوف تحبك مباشرة وبلا أي كلمة منك...
ابتعد عنها مبتسما ثم غادر بهدوء , ظلت ثوان طويلة تحاول تجميع شتاتها , مالذي حدث لها ؟!. لا يمكن أن يكون....تأثير أليكسس بهذا الشكل , حسنا أنه أمير بكل ماللكلمة من معنى , وهو رقيق معها .. ألا تستحق أن يعاملها أحدهم بلطف ؟! , لقد جربت القسوة بما فيه الكفاية ... لكن هذا النعيم من الرقة و الحنان لن يدوم ... بالنسبة إليها , قررت بأن تغادرهم إلى الأبد , لن تخدم لدى أمه بالرغم من أعجابها بالأمر .. ادركت بأنه يجب أن ترحل لا يمكنها المكوث مدة طويلة بمكان قد يتعرفها فيه أي شخص .. لا تريد أن تجازف بحياتها مرة أخرى , خطأ واحد منها وسوف تقتل فعلياً ... لن يرحمها عندما تعود لقبضته مجدداً .. وهي لا تريد الموت قتلاً .. على الأقل..

تنهدت بأسى وهي تلبس ثياباً أنيقة رسمية أكثر لمقابلة الملكة والأميرة بينما تساعدها جين و الرئيسة المدبرة للقصر و مريبة أليكسس الخاصة "جانـين" تراقبها بسعادة غريبة ..
اقتربت منهما فجأة و قالت بحنان للأميرة : تبدين بهية جداً حبيبتي , هل يمكنك الابتسام فقط , الأرهاق يبدو عليك يا عزيزتي , يمكنك الراحة قليلا قبل رؤية الملكة.
قالت أنابيلآ بخجل : أنا.. بخير حقاً , شكراً سيدتي.
_ يمكنك مناداتي فقط بالعمة جانين .. تقريباً كل من في القصر يناديني بهذا صغيرتي . آوه هل أنتِ بخير ؟!.
كانت الأرض غير ثابتة بالنسبة للأميرة التي وضعت يدها على جبينها لتستعيد توازنها و حرارتها الطبيعية ...
قالت بتعب : أنا بخير , فقط اشعر بالارتباك .
"آووه" تنهدت جانين بقلق و نظرت الوصيفة بحزن إليها ثم تحدثت برقة : أجلسي يا سيدتي سأجلب لك عصيراً بارداً و بعض الطعام , أنت لا تزالين شاحبة الوجة ..
قالت العجوز موافقة : أجل اذهبي جين بسرعة , تعالي يا عزيزتي لنجلس...
ومشيا قليلا نحو الأرائك الفاخرة بطرف الغرفة قرب الشرفة الجميلة لتجلسا بهدوء و المربية بجانبها تمسك بيديها ... قالت بحنان وصوت خفيض : أني لا أفهم كلياً اتفاقاتكم السرية أنتِ و ذلك الأمير , لكني أتمنى بقائك أطول مدة ..
ثم عبست فجأة و قالت وهي تتأملها بحزن : ما تلك الأمور الرهيبة التي حدثت لك لا أدري , لكنها تركت اثراً فضيعاً و خوفاً وعدم اطمئنان لا أعلم متى سينجلي عنك أو كيف سيداوى قلبك المسكين .. ياصغيرتي لا يبدو بأن هناك أحداً إلى جانبك من عائلتك .. و أشعر بأنك ستهربين وتضيعين عنا بعيداً . لذا أرجوك ألا تفكري بأمر خاطئ يميتنا قلقاً جميعاً...وأن تبقي هنا...
نظرت نحوها أنابيـلآ و حلقها جاف جداً و شفتيها ترتجفان , همست بصوت مخنوق من شدة الخوف :
_ لن أضيع , أنا... سأكون بخير , آه عمتي أني أحبكم جميعاً .. ولهذا يجب أن أذهب قريباً , أرجوك ألا تخبري أليكسس أنه حساس جداً بشأن ذهابي بعيداً , سوف يغضب مني و يكرهني .. وأنا... أنا ... أقدره جداً... ولا أريد جرح مشاعره صدقيني ...
لكن الدموع خانت عينيها الذهبية و سالت بحرقة وهي تخفيها بيدين مرتجفة , مدت إليها العجوز منديلا وهي تحتضنها بحنان قالت هامسة : يا صغيرتي الرقيقة ... مستحيل أن يكرهك أنسان له أحساس .. أرجوك لا تغيبي عنا , كوني بأمان هنا بيننا , نحن سنحبك و سنكون عائلتك...
بكت أنابيلآ أكثر وهي تكتم شهقاتها بصعوبة شديدة . قالت بحزن : لا تخبري أحداً عمتي ! , عديني بهذا أتوسل إليك .. أرجوك أن تعديني ...
وهي تمسك بيدي العجوز معاً و تنحني عليهما لتقبلهما , سحبت جانين يديها بسرعة وهي مذهولة و غاضبة من تصرفها. قالت بتوتر : يا أميرة لا تتوسلي أبداً , يا حبيبتي ... اهدئي لقد افسدت الزينة .. سوف اعدك لكن اهدئي فقط...
هدأت قليلا ليطرق الباب و تدخل الوصيفة من خلفها خادمة معها بعض الكؤوس ...
لكن الوصيفة وقفت قرب الباب وهي تقول بتوتر طفيف : الأمير أليكسس يستأذن الدخول..
نظرت "جانين" نحو "أنابيلآ" قليلا لتتأكد من قبولها عندما أومأت بصمت قالت العجوز : فليدخل ...
التفتت الوصيفة وهي تفتح الباب له و تنحني لتقول باحترام شديد : تفضل مولاي ...
دخل "أليكسس" بحذر و هدوء وهو يرمق مربيته السيدة العجوز بنظرة متوترة خفية لعلها غير موافقة لمجيئه أو شيء من هذا القبيل ... لكن رأى الجو غريباً مشحوناً لكن هادئاً وكأنه للتو انتهت معركة ما....!
سقط بصره على الأميرة الصامتة التي تحدق بالأرض .. بفستانها الرائع الداكن مع رسميته و شعرها المسرح للخلف بأناقة ... لكن مهلاً , وجهها شاحب جداً و رموش عينيها مبلله مخفيه العيون اللامعة بسبب الدموع...
اقترب أكثر ليقف خارج دائرة المجلس الفاخر , قال بصوت هادئ : مساء الخير , لقد وصلت الملكة و الأميران , آحم .. أتيت لاصطحاب النبيلة أنابيلآ إن كانت مستعدة !.
رفعت "جانين" أحد حاجبيها و قالت ببرود : حقاً ؟!.
ثم نظرت بحنان شديد نحو الأميرة و أمسكت بيدها لتنظر لها وهي تهمس برقة : هيا عزيزتي , افعلي الصواب...
تنفست بعمق ثم وقفت مع العجوز ليتقدم أليكسس أكثر وهو يحاول النظر بعينيها .. كان واثقاً بأن هناك أمر ما يخيف أميرته .. وهو لن يكون مرتاحاً حتى ترتاح هي... أخبرها سابقاً ألا خوف من أمه ..!!
سرت رجفة سريعة عندما أمسك أليكسس بيدها بنعومة و همس بحنان : لنذهـب ..
تنتحنت العجوز و قالت محذرة و عيناها تقدحان الشرر نحو أليكسس : أنتبه لمعاملتك . أنابيلآ مرهقة...
تمنت الأميرة لو أنها لم تقل هذا فـ أليكسس أخذ يحدق بها بتركيز شديد و قلق , همس لها وهما يخرجا للممرات الفاخرة الواسعة " أنابيلآ , ما بك ؟!, مالذي يضايقك , أخبريني !.".
هزت رأسها وهي لا تنظر إليه قالت بهمس : لا شيء صدقني, أنا بخير...
_ إذن أنظري في عيني , أنتِ تتهربين مني !, وآسف لأني لا أصدقك هنا..
تأوهت بقلبها بألم , ثم نظرت في عينيه بتوتر وهي تحاول أن تكون قوية كفاية , قالت بابتسامة مرتجفة :
_ آسفة لأرباكك , أني بخير حقاً ..!
توسع بؤبؤ عينيه ناظراً في ذهب عينيها اللامع , هو يعرف هذا السر الذي حتى أنابيلآ نفسها لا تدركه , عينيها تذوبان و تلمعان كبحر الذهب الساخن عند خوفها و قلقها أو انفعالها ..., لذا قال برقة هامساً مقرباً شفتيه من أذنيها :
_ أنا معك أميرتي , أنتِ آمنة تماماً وسوف تدركين هذا الآن.
هاقد دارت الأرض مجدداً بها .. عليه التوقف عن الهمس هكذا و قربه الشديد منها يجعل ساقيها تسقطان ... تمالكت نفسها و أومأت بتعب شديد و دوار...
قال فجأة بلطف وهما يقفان قرب باب كبير أسود بمصراعين و زخارف ذهبية رائعة الجمال لقاعة مجهولة ..
_ نسيت أخبارك بأن أخي الأصغر هنا , هو متفهم جداً فقط يريد رؤيتك لتحيتك ثم يغادر.. وبعدها يمكنك الحديث مع أمي...!
أومأ بصمت شديد , و أليكسس يفتح الباب بنفسه ..
ظهرت قاعة خلابة الجمال , ليست كبيرة جداً أنما سقفها تزينة ثرية كريستالية جميلة ضخمة تضيئ كل المكان , و بالمنتصف فقط دائرة من الأرائكة الفخمة الثقيلة الكبيرة جداً .. الزرقة و الذهب هما اللونان الأساسيان حتى الأزهار بالآنية و الزهريات الكبيرة زرقاء و بيضاء رائعة ...
كانت هناك بالفعل , الملكة بكل جلالها , واقفة بثيابها الملكية الحمراء المهيبة وتاجها الرائع الذي يلمع بشكل خاطف للبصر كان شعرها داكن ولا أثر لأي خط أبيض , لكن عينيها مرسومة بشكل رائعة وبكبرياء شديد لونهما أزرق باهت رمادي كانت هي بملامحها الرائعة الفاخرة تشبه أليكسس ,
وهي بين فتى يافع ربما في الخامسة عشرة , أنيق جداً و وسيم بشكل هادئ رقيق بملابس أميرية زرقاء و بيضاء وشعر ذهبي مرتب عينان زرقاء داكنة جميلة , و الأميرة إلى الجانب رائعة بثوبها الأزرق الفاتح بسيط التصميم لكن رائع جداً عليها لشدة جمالها ولون شعرها أشقر داكن قليلا و عينيها زرقاء بمثل لون عيني أخيها الأصغر .. كانت تشبة زهرة كاميليا زرقاء وهي الوحيدة التي ابتسمت برقة لها...!!
تقدم أليكسس يكاد يجر أنابيلآ المرعوبة حتى من روعة القاعة و جمال الأشخاص فيها ...
قال الأمير بابتسامة أخاذة وهو يتوقف قليلا : مرحباً أمي الغالية , أختى "كاميليا" , أخى "كريستيان" , لقد حدثتكم قبل قليل عن ضيفتي .. هاهي .. أنابيــلآ.
وهو يلتفت إليها ناظراً بحنان , انحنت الأميرة بسرعة جعل شعرها يتناثر بشكل عشوائي قليلا .. وهي تقول بصوت مخنوق مرتجف قليلا : مولاتي الملكة , مولاتي الأميرة و مولاي الأمير .. أنه لشرف كبير مقابلتكم ...
ساد صمت غريب و أليكسس نفسه مستغرب منها , كانت يدها تثلج أكثر و أكثر كأنها جليد وهي ترتجف حقاً بقوة .. رافعة رأسها ببطء و خوف غير قادرة على النظر مباشرة نحو الملكة , اختطفت نظرة سريعة إليهم .. و ما لاحظته لم يجعل قلبها المكسين يهدأ ,
فالملكة عابسة صامتة تحدق بها بتركيز , بينما الأمير الصغير لم يبد أي شيء من الملامح مختلف , و الأميرة تبدو مذهولة قليلا و قد تلاشت ابتسامتها الرائعة ...!
أغمضت عينيها بقوة وهي تفكر بجرأة أن تهرب إلى الباب خلفها .. لكن فجأة سمعت صوت ... صوت عميق هادئ و ناعم بنفس الوقت يقول :
_ أنابيلآ , تتحدثين عن شرف مقابلتنا وأنت حتى لم تنظري نحونا !.
رفعت بصر زائغ دائخ نحو المتكلم , كانت الملكة هي من تحدث وهم جميعا يركزون بصرهم إليها , و كذلك أليكسس المتعجب منها... دارت بها القاعة و فجأة أظلم كل شيء ... أخر ما شعرت به هو برودة الرخام الفاخر تحت وجنتها..
لكن آخر ما سمعته كان صوت الأمير الفزع : " أنابيــلآ !!! ".
لا تدري كم مضى عليها , لكنها رأت حلما غريباً , وكأنها كانت تسبح مختنقة بالوحل .. و ترفع يديها صارخة بالنجاة , لكن لا مجيب ... غرقت أكثر و أكثر , ثم قاومت بصعوبة و عندما تلاشت قدرتها .. ظهرت يدين تسحبانها عالياً ... و سمعته صوته ... ثم صوت آخر حاني يهمس لها ... بأن تستيقظ هي بأمان ...
فتحت عينيها بتعب بالغ ... ورأت أضواءاً ثم سكنت الصورة .. هي مستلقية بمكان ما ... بل رأسها بحضن أحدهم , ويد ناعمة تمسح على شعرها من خلفها .. توسعت عيناها صدمة .. و هي ترى الأميرة "كاميليا" جالسة مقابلاً لها على الأريكة كانت تنظر للشخص خلفها وتحرك شفتيها بحديث ما .. بين يدها الناعمة كأس من الماء...
ثم أخفضت بصرها لتبادل التحديق بـ"أنابيلآ" , ظهرت ابتسامة رائعة كاشفة اسناناً جميلة مندهشة , قالت بنعومة وسعادة : " أمي ! , لقد افاقت أنابيلآ...! "
وهي تكلم الشخص خلف الأميرة .. ادركت الأميرة وضعها فنهضت بسرعة البرق وهي تعتدل , كانت فوق أريكة ضخمة كبيرة و الشخص الذي تضطجع عليه قبل ثوان ......... كان............ الملكــــــــة !!!!.

لاحظت أليكسس يتقدم من جانب القاعة خلفه أخيه الصغيرة...! , مسحت جبينها المتعرق الساخن وهي تحدق بعينين زرقاء هادئة جميلة بجانبها قريباً جداً منها ...
قالت الملكة برقة وهي تقرب نفسها منها لتضع يدها على جبينها : يا عزيزتي , لا تخشي شيئاً... أنتِ بأمان..
فكرة أن الملكة بنفسها جالسة بجانبها تماماً بل وتضع ذراعها خلف ظهر الأميرة و يد ناعمة على جبينها وكأنها أم حنون خائفة على طفلها المصاب بالحمى ...! , جعلتها تصاب بالحمى حقاً...
صوت أليكسس الرقيق أراحها وهو يقرب كرسياً ليجلس بجانب أخته مقابلا لها : أنابيلآ , هل تشعرين بأنك أفضل؟!.
_ أنها شاحبة جداً ,يبدو بأنك لم تطعمها في قصرك هذا ...!!
قالت الأميرة "كاميليا" بحدة خافتة مؤنبة تشابة حده السيدة "جانين" ! ,
هزت أنابيلآ رأسها وهي عاجزة عن الكلام و ترتجف بجانب الملكة التي مسحت عليها بحنان قائلة :
_ رباه هي ترتجف ! , أليكسس كان عليك العناية بها جيداً , وتدعي بأنها ضيفتك هاه , من حسن حظي بأني أتيت قبل أن يلاقي ضيوفك حتفهم...
ظهر أليكسس بمظهر المجرم الخطير في القاعة الذي كل أًصابع الأتهام تشير إليه , بل تلكزه بصدره أيضاً...!
قال بضيق و ذنب وهو يخفض بصره : أظنني لم اعتني بـ ضيفتي حق العناية..
مظهره هكذا هو ما جعل الأميرة تتكلم أخيراً بصوت خفيض مرتبك : لا , يا ألهي , الأمير كان يتهم بي أشد الاهتمام , أنه يرعاني ويساعدني كثيراً جداً ولم يتركني قط .. لا أدري كيف استطيع شكره على هذا ..
نظروا نحوها بعطف شديد ولاحظت هي المنديل الحريري المبلل قليلا بالماء قرب المنضدة بجانب الملكة .. لاشك بأنها بنفسها اعتنت بها فشعرت بذنب كبير يسقط على قلبها ...قالت الملكة برقة مقاطعة شعرها بالذنب : يا عزيزتي هذا لطيف منك , ومن حسن حظك يا أليكسس أن هناك من يدافع عنك ..و يغض بصره عن تقصيرك !.
همست "أنابيلآ" خجلة من نفسها : أني آسفة لما حدث جداً ! , لم يكن هذا أدباً مني .. أرجوكم سامحوني..
حدقون بها لثوان , ثم هزت الملكة رأسه مرتين ببطء وهي تقول : لا تعتذري يا عزيزتي , كان علينا أدراك أنك مرهقة لا تقوين على الوقوف ولو كنا بمكان أكثر عمومية لكان الأثر أخف عليك , لكن أليكسس أصر على التحديث بسرية هنا.
وهي تنظر مجدداً نحو ابنها الأكبر الذي قال بهدوء محدثاً الملكة : سوف نتحدث بهذا قريباً , أنابيلآ تريد الكلام معك بشكل خاص أمي...
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طفل يولد واسمه مكتوب على خده "صوره" لاتخرج بدون كتابة """سبحان الله"""‎ darҚ MooЙ موسوعة الصور 132 12-15-2011 09:33 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 12:43 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011