عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree544Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #61  
قديم 07-04-2013, 07:24 PM
 
لوسيندا – أو آناليس أو ... آنديلا ... تأوهت بضيق تريد اسماً قريباً من اسمها حتى تتذكره دوماً , هي لا تزال تسير ببطء وسط بحر الحشائش هذا فوق ظهر حصان داكن و تحت ضوء القمر الكامل ... فبدا لها الضوء الفضي يرسم الطريق... هناك بحيرة بعيدة و أشجار كثيرة
لقد انتصف الليل و انتصفت احزان "أنابيـلآ" وسط قلبها و استحلته ... أغمضت عينيها متألمة بسبب انتفاخهما من كثيرة البكاء ... و حاولت استرداد صورته... فارسها المنقذ و الوحيد ... بدا كسراب .. و تلاشى...
غادرتها الأيام الطيبة واللحظات المسالمة بعيداً ...و صارت أبعد من النجوم و الأحلام .. حان وقت الاستيقاظ على واقعها الوحيد ... وهو أنها وحيدة ... لقد نالت العذاب الجسدي حتى سئمت الحياة ومن فيها ! و الآن بعد أن ذاقت نعيم الاهتمام انتشلت بقسوة ... ليتها بقيت في عذابها الأول ولا تدري ما الحنان !!
سالت الدموع مجدداً و دارت برأسها الأماني و الأحزان .. ماذا تفعل ؟! , هل تقتل نفسها و ترتاح و تُريح ... فتحت عينيها بثقل شديد , عيناها الذهبيتان التلان بلا مثيل ... الذهب السائل المتماوج الجميل فقد بريقه .. وغرق بالعتمة...
أوقفت الحصان قرب البحيرة ومشت بإرهاق إلى ضفتها .. رأت انعكاس لصورة فتاة لم تعرفها... شكها بائس ضعيف بلا قوة و مالذي يمكنها فعله أمام جبروت الملوك ..! سحقاً لهم .. سيحل الحق يوما ما... لكنها كما يبدو لن تلحق بهذا اليوم ...
لم يكن هنا في عقلها المتعب سوى فكرة واحدة نمت فجأة .. التفتت حولها و جمعت صخور ثقيلة و ربطتها حول جسدها ثم ..بلا انتظار... ألقت بنفسها بالماء الداكن ... غرقت وسط بحيرة لا مكان لها ... و تشوهت صورة القمر الكامل على سطحها ...
هوت "أنابيــلآ" بلا قوة إلى القاع ... و أعمق ... أعمق حيث الظلام و الصمت... ~
آخر صورة كانت لـ.... أليكسس ...
~
صورة القمر على السطح تشوهت مجدداً ... و سبح جسد ماهر كبير إلى الظلام في الأسفل .. وجدها بصعوبة وسط كل هذه الطحالب .. هذا لا يصدق .. جسدها الضعيف جداً لن يتحمل سوى ثوان حتى تسلم روحها ...!
أمسكها من ذراعيها و حاول سحبها ... لكن ثقيلة جداً ! , مالأمر ؟؟!... بصعوبة و وسط الظلمة تحسس الصخور المعقودة إلى ثوبها ... ليس هنالك من وقت لانتزاعها واحدة تلو الآخر ... فخلع هذا الجزء من الثوب كله .. و استلها من بين كل عائق بقوة... تمسك بجسدها النحيل و بقوة ارتفع و ارتفع عالياً إلى بقعة الضوء...
" آآه " ... شهق الهواء بقوة و هو يرفع رأسها المبيض جداً و المتجمد .. سبح بمهارة و قوة إلى الضفة ... ثم خرج يحملها بين ذراعيه .. كان ينظر إليها لا يصدق ... لا يمكن أن تكون قد فعلت ما فعلته ... لا يمكن... رباه لا يمكن...!!.
_ أنابيلآ ... أنابيــلآ ... أرجوك... أرجوك ... يافتاتي العزيزة... أرجوك لا تموتِ...!!
وضعها وسط حجره و رفع رأسها ثم نفخ فيها الهواء بقوة ... مرتين و ثلاث... تأوه وهو لا يرى تحسن بأي شيء... جسدها المثلج المتصلب بين ذراعيه ... وكأنه يحمل تمثالاً ... مالذي فعلته بنفسك...؟! لمَ فعلت هذا....؟!
التمعت عيناه بالدموع وهو يقاوم رغبة رهيبة بأن يشدها إليه ويهزها بقوة صارخاً بجنون ليجعل كل الوادي يسمعه !!
_ عودي ... أنابيلآ حبيبتي ... أرجوك... أنا هنا لأجلك .. عدتُ لأجلك... هيا حان دورك بالعودة الآن...
و حاول انعاشها مجدداً بإصرار ودموع ساخنة حقيقية لا توصف رسمت خطا على خديه و انسلت ساقطة بحزن فوق بشرتها المتجمدة.
... ثم فجأة ارتعش قلبها و شهقت تطلب الهواء ... ساعدها لا يكاد يصدق بأنها حية الآن بين ذراعيه ترتجف... لف عليها عباءته التي قد تركها على العشب .. كانت لا تزال شبة مغشي عليها ..
مسح على عينيها برقة ... ارتجفت شفتيها الزرقاوين و همست بضعف ... أحنى رأسه وهو يهمس لها بدفء :
_ ما تقولين أميرتي ؟!.
_ أليكسس ؟!.
_ نعم .. أنا هنا .. أني هنا لأجلك...
شجعها كي تعود للوعي مجدداً ... حركت جفنيها بتعب و همست بصوت باكٍ مفاجئ : مالذي فعلتَه ؟!.
نظر إليها مصدوماً... بينما انتفضت هي تحاول الابتعاد عنه ... أمسك بها جيداً بلا مجهود يذكر لأنها منهارة بالفعل ..
فتحت عينيها أخيراً و حدقت به برعب ! , ثم نظرت حولها الى الغابة المظلمة و الأشجار و حصانها يقف هناك بصمت بينما حصان آخر مألوف تعرفه.. كان ذلك "إينوس" حصانه المفضل.
عادت تحدق بوجه أليكسس لا تصدق .. تباً ... ألا تنتهي المعاناة !..

صرخت به بصوت متقطع متألم : دعني أموت بسلام !!... أتركوني وحدي أرجوكم...
وحاولت أن تضربه و تبعده عنها ... لكنه أحكم عليها و قال بحده كي يجعلها تنصت :
_ أنابيلآ ! هل جننتِ ؟!.. هل تحاولين قتل نفسك ؟!... رباه اهدئي فقط و اسمعيني..
_ لا أريد سماعك دعني .. لمَ لا تتركني و شأني... أتركني الآن ...!
بكت بشدة لأن قلبها يصرخ عكس ما تنطق تماماً ... هدأها قائلا وهو يقرب وجهه منها كي تراه
_ أنا أليكسس آنابيل ... ألستِ أميرتي وأنا يجب أن أحميك .. حتى من نفسك...
صرخت به متألمة لا تصدق ما يقول : لا ... إياك أن تقول هذا !!... أميرتك هي نادين .. أذهب لحمايتها هي و أتركني ... لم يعد هنالك شيء... لم يعد هنالك من شيء يستحق...
أخذت تبكي بمرارة وهي ترتجف و تشهق لا تقدر حتى على التنفس من كثرة البكاء .. كانت تجلس على العشب وهو بجانبها تماماً... تأملها بحسرة ... و رفع رأسه ينظر للسماء و كأنه يطلب العون .. لا يصدق بأنه قبل ثوان كانت عيناه تبكيانها ... وهي تكاد تموت... لقد اكتشف هذا الشيء الرهيب .. أنها إذا ماتت ... فلن يقدر هو على العيش...!!
... كانت على وشك الموت ... ربما ألم شديد .. لكن لفترة قصيرة . ثم يسوّد كل شيء... و ... لا تدري ... مهما كان ... لم يعد هنالك من شيء كما قالت للعيش لأجله ...
لقد قتلوا كرامتها ... سلبوها حقها بالعيش الجيد والأختيار ... علّموا على جسدها كله ... اهانوها حتى تعبوا ثم طردت كم من مرة .. وعندما وجدت من.... من...
نظرت في عينيه الزرقاء الفاتحة العميقة والدافئة ... كان مستغرب هدوئها المفاجئ والتفافتها إليه لتنظر في عينيه... تأملته لجزء من الثانية فغاص قلبها و انتفض جسدها كله ... لقد ... وجدت من تحبه !!!
ارتفعت الدموع مجدداً... تباً و ألف تباً !!... لقد أحبته .. لقد أحبت أليكسس الذي بعيد مناله كبعد هذا القمر !!!.
و عندما وجدته ... كان قد فات الآوان ....
سالت دموعها بصمت و قد توقفت الشهقات .. ولأنها تحبه وهو لن يكون لها .. فمن الأفضل أن تفكر بقتل نفسها مجدداً... هذا سبب آخر ... رباه أيها القلب ... ألم ترى أي أحد غيره ؟!. أنه لن يكون لك .. والآن مالذي ستفعله ؟!
_ أنابيـلآ ؟!.
كانت قد اعطته ظهرها تنظر بجمود إلى وريقة صغيرة عليها قطرة ماء تلمع ... بينما هو خلفها تماما .. ظهرها يلامس جانبه... بعد كل هذا الألم .. أًصابها الجمود ... و الآن متى يذهب هذا الرجل حتى تبدأ البحث عن صخور آخرى ؟!.
_ آنابيــلآ ....؟!
فتحت فمها مصدومة وهي ترى ذراعيه يغمرانها مجدداً ويضمها إليه أقرب قليلا... همس لها بهدوء :
_ مالذي رأيته ؟!.
أمضت ثوان حتى تستوعب ما يقول و ما فعل .. هو يضمها إليه بحنان وهي مستلقية في حجره .. أغمضت عينيها غير قادرة على النظر إليه...
همست بصوت يرتجف أخيراً : دعني... وحدي .. أرجوك ..
_ ليس قبل ... أن تخبريني , مالذي رأيته بعيني جعلك تصدمين هكذا و ترتعبين ..!
لم ترد عليه لقد أرعبها حقا الحب الأحمق المؤلم الذي ظهر فجأة .. لكن مهلاً .. هي للتو عرفت ماتكون مشاعرها .. لقد كانت تحبه منذ أول لقاء ... و للتو تفهم شعورها بقيت تجاهد الدموع و قلبها لا يزال يخفق بجنون .. تبا لقد بكت بما فيه الكفاية ... ولا يزال هنالك دموع !!
_ اخبريني .. أنا لن اتركك أبداً و بهكذا وضع .. ستفكرين بقتل نفسك مجدداً, ألم تفكري بما سيحدث لي لو كنتِ جثة الآن بعد إخراجك من قاع البحيرة...
أمسك بذقنها و وجهها إليه لينظر في عينيها لكنها سارعت و أطبقت جفونها الكثيفة...
_ لا تفعلي هذا...!
فوجئت بنبرته المتألمة .. ففتحت عينيها ببطء و هي على وشك الانهيار... كانت عيناه العميقتان لامعتان جداً... و هناك خط جاف فوق خديه ... ضاق بؤبؤيها حتى اصبحا نقطة صغيرة !!!.
غير معقول !! أبداً !!... هل ..هل يمكن أنه كان يائساً لأجل انقاذها... هل سببت هذا... لقد أبكته !!.
لا تدري لكنها رفعت يديها النحيلتين جداً و الباردتين لتحيط وجهه .. أغمض عينيه هو بارتياح طفيف ثم فتحهما ينظر إليها ... همس يقرب وجهه منها : لا تذهبي مجدداً .. فتاتي الطيبة...
و قبلها بين عينيها... ارتجفت شفتيها وهي تقول بصوت مبحوح : أليكسس أنا... ليس هناك من أمل... دعني أرحل بعيداً... " رباه أنها حتما ستسقط ميته أن رأته يهتم هكذا بامرأة آخرى!
أجابها بهمس وهو يمسك بيديها بين يديه : كانت لديك أفكارك بشأن رحيل أبدي .. لن أدعك مجدداً أتسمعين ؟!.
ارتجفت وهي تكاد تبكي , قائلة : لن تعلم ! ... ستكون مشغول جداً... صدقني ..
_ عما تتحدثين ؟!...مشغول بماذا ؟!.
شهقت قائلة بألم تخفي عينيها عنه : مشغول بزواجك بالطبع .. أنت ترهقني !.
حرك رأسه بضيق و قال بخفوت متردد : دعني عنك هذا الآن ! , أنا أريد التحدث عن أمر آخر...
ثم اعتدل فجأة بجلسته و جعلها تتكأ على الشجرة خلفهما وهو بجانبها .. قال بحسرة : علمت بما حدث .. أثناء غيابي... أخبرني خادمي بكل شيء و بسرية .. لا أدري ما أقوله أنا ...
قاطعته وهي تضع اصبعيها على شفتيه : ليس الأمر هو فقط...
_ لقد أهانك والدي ! و طردك من قصري الخاص بي أنا... مالذي يمكنني قوله... الاعتذار يبدو أسخف شيء قد افكر به .. صدقيني .. لا أدري بأي شيء أبدأ...
كان حزينا جداً ومتضايق للغاية لدرجة أنه فقد كلماته... أمسك بيدها و قبلها بيأس ... ارتجفت وهي تراه بهذا الشكل ..لا تعي ما فعلت جيداً لكنها رفعت ذراعيها وضمت رأسه إلى كتفيها تمسح عليه بينما دموعها تسيل بحرقة... همست:
_ نحن لا نختار آبـاءنا صدقني ليس هنالك ما نفعله...! ..أليكسس أنا .. أقدرك جداً ..
همس وهو يحيطها بذراعيه : وأنا أقدرك للغاية أميرتي الرقيقة .. لقد خفت كثيراً .. لقد جرحوك بعمق , أنا آسف .. مالذي يمكنني فعله كي تسامحينني ؟..
فكرت بقول طائش كـ أبقى هكذا وسيشفى كل شيء .. لكن بقيت صامتة بحزن مفكرة .. بأنه فقط يشفق عليها .. أنها بائسة وبسبب قلب أليكسس الأبيض عاد يبحث عنها ووجدها بأسوأ حال , لهذا هو باقٍ يهدئها , أنه يظنها فتاة قد جُنت وفقدت علقها تحتاج للمراقبة ولشيء من الحنان...!
همست بتعب وهي تزيح ذراعيه : اتركني هنا و عُد .. أعدك بأنني لن أحاول قتل نفسي "... أكملت بقلبها هذا اليوم .
حدق بها مندهشاً , قال بلا فهم لما فجأة تريد أبعاده : ماذا ؟!.
عضت شفتيها بألم وغار قلبها وهي تقول بضعف على وشك البكاء : لأن غدٍ يومك زفافك ! .. يجب عليك أن تذهب للراحة الآن و...
_ تباً للزفاف ..!! " قاطعها شاتماً بعنف وقد التمعت عيناه الخلابتان .. أمسك بذراعها كي لا تبتعد قافزة فجأة و تابع :
_ أذهب للراحة ! , لا شك بأنك تمزحين... أنابيلآ.... أنسى الغد و الأمس أرجوك... أنظري فقط أين نحن الآن .. بحيرة ينعكس عليها ضوء قمر منتصف الشهر... تحت سنديانة ضخمة كلانا معاً هذا ما يهمني فقط .. أرجوك اهدئي فقط و دعينا نرتاح كلينا من كل ما حدث ..
وضع ذراعه خلف ظهرها و قربها منه مجدداً برفق ثم وضع رأسه فوق رأسها يستريح أغمض عينيه براحة تامة ..
همس لها بلطف : إذا أردتِ أن تنامي .. فنامي الآن.
لكنها أبقت عينيها مفتوحة و تحاول أن تفعل كما قال ... تنسى الماض و الغد و أن تبقى بقربه تستعيد قواها وترتاح... دون أن تشعر مالت إليه و وضعت رأسها على صدره ... تستمع لضربات قلبه المنتظمة القوية .. لن تنسى هذه الليلة ما حيّيت .. لقد اكتشفت بأنها قد وقعت رأساً على عقب في حبه ... و فوق فوضى حياتها دخل الحب بتوقيت رهيب بائس ... فانقلبت الفوضى مجدداً ... يالا التعاسة يالا الغباء .. لماذا لم تمت قبل كل هذا... قبل أن تعرف أليكسس ...؟!؟.

فتحت عينيها بثقل شديد في وقت ما و رأت خط الفجر البعيد في الأفق فوق السهل الكبير... كانت تشعر بذراعيه حولها وأنها في مكان مرتفع ... كما أنها تسمع انفاسه المنتظمة و صوت حوافر الحصان... رفعت بصرها بإرهاق شديد ... لم يكن ينظر إليها بل إلى الأمام بكل هدوء وهو يقود الحصان و الحصان الآخر قربه ... ترى أين يأخذها ؟!.
عادت للنوم المتعب .. بينما يدها تشد بلا ادراك على قميصه ..
  #62  
قديم 07-04-2013, 07:25 PM
 
انتفضت بخوف وهي تهب جالسة... همست وهي تضم يديها فوق قلبها " أنا في عداد الموتى !!! "
ارتجفت مجدداً ... بما كانت تفكر ... في الواقع التفكير كان آخر ما يأتيها ..!
شتمت حظها وهي تسمع وقع خطوات سريعة متواترة و صوت العجوز "تالين" متهدج عالي و قلق أيضاً... حسنا هي لا ذنب لها و تشعر بالرعب .. أما كل المصائب الحقيقة و المتاعب لم تأتي سوى من أسفل رأس .... "مارسيلين" !.
تأوهت وهي تنظر للنافذة ... أتهرب ؟!... أنها أكثر فكرة مجنونة تطرق علقها بلا هوادة مغلقة على كل الأفكار العقلانية التي يمكن أن تراودها ... حسنا ... أنها تأخذ الطريق الأقصر لأي مشكلة .. حتى لو كان حلاً خاطئاً... و ربما كانت فكرة الهروب دوماً هي الحل الخاطئ و الوحيد الذي تفكر به الأميرة ...!
_ مولاتي ؟!.
تجمدت بخوف .. هه ؟!... لقد نسيت أن "سيدريك" هنا واقف في الركن المظلم للغرفة قرب الباب .. قبل أن تنطق بأي شيء... طرق بابها و ظهر العجوز الطيبة لكن وجهها قد اختفى منه لونه و عيناها مهتزتان من الخوف...
حدقت بها العجوز بقلق بالغ و كادت الأميرة تنهار تحت وقع نظرتها .. فكأن العجوز تودعها !!!.
قالت بصوت خفيض النبرة كي تخفي ارتجافه : الملك هنا ...
صمتت لثوان متوترة ترى الفتاة تشحب بسرعة فقالت محاولة أن يكون الوضع أخف وطأة : وسيادة الوزير معه ..!
حسنا .. أن حاول والدها شنقها فهناك شخص ما يمكنه أن يهدئه... حاولت النطق لكن لم يظهر سوى صوت ضعيف منها يقول : أجل...!.
ألقت العجوز نظرة على ملابسها بتوتر ثم للتو تنبهت لوجود سيدريك فأخذت تحدق به مرعوبة لثوان ... ثم هزت رأسها و قالت متسائلة لتستوعب ما تراه .. أهو الحارس أم تمثال ما ..
_ سيدريك ؟!
أومأ لها بكل هدوء .. وكأنه فهم تماماً نبرة صوتها... ثم تحرك بكل خفة و صمت كأنه ظل مجسد و خرج من الغرفة ... قالت العجوز لـ "مارسيلين" بهمس : اتبعيني ...
في البداية كانت تشعر بأن قدميها مثبتتان بمسامير .. و غادرها الأمان بمغادرة الحارس... في اسوأ الأحوال والدها لا يضربها قط ... لكنه يمسك بذراعها بشدة و يهزها معنفاً وهي لا تتحمل أبداً صراخ أبيها إليها...
أخذت تدعو بقلبها بخوف بالغ ... ثم تحركت بثقل شديد تلحق بالعجوز.... تسحب قدميها سحباً و تحاول أن تهدأ قلبها للمواجهة القادمة ... ما أن دخلت غرفة المدخل للكوخ المعتم في هذا الوقت من الفجر .. لا يوجد سوى مصباح طفيف..
وقع بصرها على الرجل المهيب الضخم الواقف بكل جلال بالرغم من ملابسه الغير مبهرجة بل قاتمة جدا و عباءة سوداء رمادية تطيح من كتفيه العريضين ... لم تطق النظر أبداً لعينيه المشابهة لعينيها الخضراء ... رأت ظل آخر خلفه .. ظل الوزير .. أدركت أنه بلحظة غضب والدها يتطلب منها أكثر من وزير واحد ليهدئونه !!
بقيت تحدق بـ "سيدريك" الصامت الغامض الواقف في الركن المظلم بجانب النافذة كأنه شبح , فتمنت لو أنه قرب منها تحتمي به قليلا .. فهو يبدو ثابتاً جداً...
توقفت العجوز قربها وشعرت هي بالامتنان لها ... لكن فجأة ظهر صوت الملك العميق المنذر بموجة من الغضب :
_ اتركوني وحدي مع ابنتي...
شحب وجهها بسرعة خاطفة و شعرت بأنها ستسقط مغشيا عليها قبل كل شيء... نظرت للعجوز تتوسل . لكن العجوز ألقت إليها نظرة مشفقة و غادرت للخارج تتبع الوزير...
لكن ... "سيدريك" لم يتحرك !.
رفعت "مارسيلين" متشجعة بصرها إلى عيني والدها بنظرة خاطفة .. فرأته يرمقها بعيون ضيقة غير راضية تماماً .. تكلم وعيناه على ابنته : سيدريك ؟!.
انحنى سيدريك بشكل طفيف و همس بهدوء وثبات و بطء : اسمح لي بالبقاء مولاي .
زم الملك شفتيه ثم قال بلا اكتراث : أبقى إذن ..في الواقع هنالك شيء يخصك ..
التفتت الأميرة تنظر نحو الحارس بقلق رهيب وهي تضغط على يديها معاً .. كانت عيناه البنفسجيتان قاتمتان هادئتان جداً .. وهو بدا ضخما صامتاً مطبق شفتيه الرقيقة و شعره الداكن يهتز بشكل خفيف كلما مرت نسمة باردة من النافذة .
_ مارسيلين !!.
قال الملك بحده كي تنتبه له .. فنظرت نحوه بقلب راجف .. قال بجدية مخيفة وهو يقترب منه خطوة كبيرة ارعبتها :
_ فسري لي كل شيء من البداية ؟! لمَ تهربين من كل مكان أضعك به و تلاحقين ترافيس !.
خفق قلبها و عينيها الخضراوان ترتجفان .. راودها شعور شديد السوء , وفجأة بدت سخيفة للغاية لتفتعل مشاكل من لا مكان ..!
هزت شعرها الأسود الحالك و هي تهمس : لم أفهم ما تقوله ! .. أنا...
زجر والدها فجأة وهو يحرك يديه بالهواء : أنت لست سوى طفلة متهورة لا يمكنها البقاء يوم واحد بمكان واحد , لقد أصبت بخيبة رهيبة ! , أنا لم أربك هكذا قط ! ولا والدتك لا أفهم بما تفكرين وكيف تتصرفين فقط تهربين هكذا وكأنك سجين ما .. لقد أفهمتك مراراً ما يجب فعله ألم أفعل ...؟ أجيبيني مارسيل مما تهربين ؟؟.
تجمعت الدموع و اختنق صوتها وهي تتراجع قليلا عنه : لكنك لم تقل لي شيئا عن عصابة ما تريد قتلي !!. لقد أوهمتني بأنك تحميني من الأشاعات !.
حدق بها و قال متهدجاً : مهما يكن .. تظنين بأن الهروب هو الحل ! , بربك مارسيل منذ الخطوبة و أنت منفعلة هكذا لا تقدرين على التفكير السوي ولا تلجئين لي للحديث !.
_ عماذا أتحدث ! , أنت لا تنصت لي كنت أريد بعض الحرية لكنك تستمر بتقييدي !.
اشتعلت عيناه غضباً و خطورة وهو يقترب منها خطوتين : لقد هربت مرة ! , ومرة أخرى و ثالثة !!. وهذا يعيدني إلى سيدريك أيضاً...
وهو يرمق الحارس بحده شديدة ... قالت بتوتر وهي تراقب نظرته : ما... ماذا ؟!.
_ ماذا؟!.. أنا أخبرك مالذي يجري .. هاتي يدك ...
خافت مارسيلين بشدة و أسرعت تحتمي بذراع الحارس عندما مشى نحوها الملك بقوة وغضب... اندست خلف الحارس وهي تجعله بينها و بين والدها ... همست بخوف له " لا تبتعد..."
_ تراجع سيدريك ...!
أمر الملك بنفاذ صبر وهو يرمق ابنته بغضب رهيب يشتعل بعينيه ...لكن الحارس لم يتحرك وبقي كأنه تمثال ضخم ..كان أضخم من والدها و أطول ... بينما تعلقت به الأميرة تمسك بقوة ملابسه السوداء الملتصقة بظهره لأنه كان قد انتزع درعه قرب النهر لحظة انقاذها...
نظر إليه الملك يحده و قال : إذن أنت أعلنت العصيان .. وتجاهل أوامر الملك.
_ محال , مولاي.
ظل الملك يرمقه طويلا بنظرة غريبة , ثم نظر إلى ابنته المختبئة واعتدل وبان حزن غريب يحيط الغضب الرهيب الذي يحاول السيطرة عليه .. هز رأسه و سأل ببرود :
_ لمَ تركتها تهرب ؟! , لقد سمحت لها بالهرب و العودة مع العواقب الوخيمة !.. لقد انهارت كل هيبتنا فوق رؤوسنا !. لقد تركت هذه المتهورة تفعل ما تريد وهذا بالضبط عكس ما أمرتك به..
_ اغفر لي. مولاي.
_ أجب !!.. قال الملك بحده رهيبة أفزعت الأميرة ... مالذي يقصده .. بأنه تركها تهرب ...؟!
ظلت شفتيه مطبقة لثوان ... ثم نطق ببطء وأتزان : كان على الأميرة أن ترى بنفسها وتعرف ما تريد معرفته...
تراخت قبضتها مصدومة .. أعرف ماذا !.. شعرت بأنها بلهاء كبيرة .. سببت خيبة عظيمة .. آوه من الأفضل أن تدفن نفسها تحت هذه الأرض...!.
رفع الملك أحد حاجبيه ببرود لكن الغضب لا يزال مضرما في عينيه ..
قال بحده : حقاً ؟! , أظن بأني أمرتك بوضوح ما يجب عليك فعله .. وأنت أيضاً بدأت تصرفاتك غريبة .. ستعاقب سيدريك وآسف لقول هذا .. لكنك فشلت .. وبعدما حدث بالأمس في المجلس .. أنا لا أقدر عن التغاضي عن أي شيء و التظاهر بأن كل شيء يسير على مايرام ..
كان ينظر لابنته بشكل غريب .. بدا يائساً ..حزيناً و أكبر من عمره بكثير .. ألتمعت عيناه ثم تحدث بهدوء بارد :
_ سأبدأ من الأمس وأنا وسط اجتماع كبير و مجلس معقود كان الكل حاضرين , وزرائي و قادتي ومستشاريّ .. و فجأة أتاني ترافيس لوريكس بنفسه وقال أشياء مهولة و فضح الأمور كلها ثم... لم يكتفي هذا التافه بما يقوله عن نفسه ... تحدث عنك وسط المجلس الذي حل عليه الصمت... قال لي بكل وضوح وصفاقة أنه لا يحب أن يلاحقنه الفتيات فما ظنك بفتيات الملوك !.. و أخبرني بأنك لحقتِ به و توسلتِ أن يأخذك معه...
كانت متجمدة وكأن الوقت قد توقف !... لا تصدق ما تسمع ... لا لن تفعل ... لكن ... عينا والدها الداكنة .. أنه والداها وهو لا يكذب أبداً ... و عليها هي ... هو قد يبالغ بأمور ... و يراوغ لأجل حمايتها... لكن هنا .. كل شيء توقف...!!!
همهمت دون وعي ودموعها جامدة باردة في جفنيها : ماذا ؟!... كيف...؟!
ابتسم والدها بسخرية ثم عبس بشدة و قال وعيناه تبرقان بخطر : آآوه حقاً .. لم تفهمي .. قمت أولاً بفسخ الخطوبة منه ثم طردته و توعدت أن رأيته مجدداً فلن يكون حياً لدقيقة أخرى... لا تنظري هكذا كأنك على وشك الموت .. كان هو يخطط لفسخ الخطوبة منذ أن وقعت عيناي عليه عندما أتى المجلس... بالطبع سقطت كل رزانتي و تماسكي أمام كل الحضور .. و لولا وجود "فالكوس" بجانبي لقطعت رأسه...
صمت لثوان وهو ينظر بخفية إلى سيدريك : و قال أمور عنك ... أنك لم تعجبه. ومن يهتم بما يعجب تافه وضيع مثله...
داخت "مارسيلين" وكادت تقع أرضاً لولا تماسكها بذراع الحارس مجدداً , وكأنه شعر بها قبض على مرفقها بإحكام لكن بلطف و أجلسها على الكرسي خلفها...
هزت رأسها لا تصدق ... مالذي يحدث بحق ال....؟!... ولم يحدث لها هذا ...؟!... ترافيس فعل هذا بها ...؟! لا....!!
_ اعطني يدك صغيرتي. دعيني أنزع ذلك الخاتم منك ..
تقدم الملك بهدوء وهي تمد يدها إليه بصدمة و كأن جسدها يتحرك من تلقاء نفسه .. أمسكها برقة و نزع الخاتم ليلقيه وسط رماد المدفئة المنطفئة ... ثم رفع راحتها و قبلها بحنان ... همس :
_ غداً سأرسل عربة إليك ... سنذهب برحلة قصيرة لمكان ما .. انسي ما حدث ..وأنا سأنسى حتماً... أما...
والتفت إلى الحارس . قال بعبوس : أما أنت سيدريك , فلا حاجة لك بعد الآن ... ابنتي ستبقى معي... بالرغم من تصرفك الغريب فأنا لا استطيع التغاضي عنك , غداً سترحل أيضاً خارج البلاد .
طرفت "مارسيلين" بعينيها مرتين وهي تحاول أن تعود للواقع .. نظرت إلى والدها الصامت العابس ثم إلى الحارس... الذي انحنى قليلا و قال بهدوء " أمرك مطاع مولاي " .
ثم طرف بعينيه ببطء و أطبق شفتيه وذراعيه معقودتين حول وسطه ... شعرت بالحزن يضرب قلبها فجأة بقسوة ... ودعها الملك سريعاً وغادر ... سالت دموعها وهي تنحني فجأة فوق ساقيها وتنتحب بحسرة ... لقد ضاع كل شيء...!
و بان بأن خطيبها المحبوب ليس سوى حقير كاذب .. هي قط لم تلاحقه .. هو من أرسل لها رسالة سرية ... و سيدريك يدفع ثمن غباءها لقد نفي !. لقد أنفاه الملك .. وهي ... مالذي سيحدث إن عادت للمجتمع فجأة ... أميرة تغمرها الأشاعات المؤذية , الأميرة التي فقدت رشدها .. تلاحق خطيبها كأنها معتوه !! .. لقد انكسرت الصورة و خاب أملها... لم يعد هنالك ما يستحق اللحاق به... ستستلم للأمر ... و تتخلى عن كل ما تريده من حرية وسلام...
لكن مهلاً .. إلى أين سيأخذها الملك ...؟! هل المحطة التالية ستكون دهليز بأسفل قصر قديم ؟!.
و تربع البؤس في عرش قلبها ~
...
  #63  
قديم 07-04-2013, 08:53 PM
 
القصة رائــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتتعة
قصة غاردينيا تعجبني بشكل خاص
دوووووووووووووووووووووووم الابداع
  #64  
قديم 07-04-2013, 10:02 PM
 
حجزالقصة كاملة
__________________





















[cc=وقعت فى حب معلمتى]
http://vb.arabseyes.com/t436315.html#post6929539
[/cc
]


ممكن طلب من كل من يعرفنى ان يكتب رائية عنى بكل صدق وصراحة فى هذة الرابطة

http://sayat.me/roda123


انا بنوتة قصيرة وافتخر

































































  #65  
قديم 07-04-2013, 10:40 PM
 
روووووووووووووووووعة وابداااااااااااع
استمري
Ryana Alawood likes this.
__________________
لا تكن اليوم من الشامتين فتصبح غداً من المبتلين
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طفل يولد واسمه مكتوب على خده "صوره" لاتخرج بدون كتابة """سبحان الله"""‎ darҚ MooЙ موسوعة الصور 132 12-15-2011 09:33 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 01:44 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011