عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree544Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #96  
قديم 07-08-2013, 02:17 PM
 
الجزء الثاني عشر (( تعمّق , تمرد و .. صمـت ! ))


كانت تحلم بغريب في قاعة الحفلة الضخمة هذه , وكان هو يقف وحده بجانب زاوية المدخل الكبير والظلام يحيط به ... تساءلت بحيرة عنيفة من يكون وشعرت بضربات قلبها تفور ... بينما الحشود يتحركون بكل مكان تحت الأضواء البراقة ..
بقي هو صامتاً هادئاً وعابساً غير راضٍ ... هي لم تعرف المكان , لكنه كان جميلاً .. التفت الغريب يريد المغادرة غاضباً , فشهقت هي و ركضت تخترق الناس خلفه تريد فقط أن ترى وجهه ولو أمكنها فقط أن تقف على الشرفات هنا لرؤية الضيف الغريب الغاضب والحزين بنفس الوقت .. نزل الدرجات وهي تتعثر خلفه , ثم سقطت ... فلتفت نحوها و مد يده ليساعدها وعلى الوقوف عندها رأته ..
كانت تحلم بـ "والد دايمنـد " .. مارسيز ..
رفع الطبيب رأسه وهو يهمهم متعجباً ومندهشاً .. فك الرباط عن يدها عندما كان يجس النبض وبدأ مع مساعدته في جمع أدواته ..
ابتسم لها وقال بهدوء : أنتِ متحسنة بشكل كبير عزيزتي .. سوف أعود للتحدث معك بعدما اطمئن الملك .
لكن الباب طرق و أطل منه حارس ما يقول بتعجل : الملك سيدخل ..!
أنهم يعرفون بأنه سيفعل فوراً... وهاهو الحارس يبتعد بسرعة و ينحني عندما دخل "كرايسيس" بقوة وتعجل وهو ينظر لابنته بقلق واضح ..
اقترب منهم بسرعة بكل ملابسه الملكية الفاخرة و قال وهو يجلس على طرف سرير ابنته و يمسك بيدها :
_ حدثني بصدق أيها الطبيب...
أومأ الطبيب وهو يقول برزانة : أن الأميرة متماسكة جداً وقد تحسنت بشكل واضح , تبدو بأفضل حالٍ لها, لكني غير واثق من السبب ...
قال جملته الأخيرة وهو ينظر إلى "غاردينيا" بحيرة شديدة و تفكير عميق , فكرت هي بأنه يجب أن تخبرهم عن الدواء الغريب الذي جلبه لها اللورد الذي يعدونه عدواً...
فانحنت وفتحت الدرج تحت الصمت المطبق , وأخرت الزجاجة الصغيرة وهي ترفعها ليد الطبيب قالت بهدوء شديد : كنت أشرب من هذا الدواء طوال أيام , لقد .. جلبه لي اللورد دايمند عندما كنت على وشك الموت...!
تجمدوا جميعاً , بينما نهض الملك مصدوماً جداً وعيناه زائغتان , قال بصدمة بطيئة : عماذا تتحدثين عزيزتي ؟!.
كررت غاردينيا كلامها وهي تنظر إليه بعطف وصدق : صحيح أنه اختطفني أبي , لكنه قام بعلاجي !.
هز الملك رأسه لا يستطيع الاستيعاب بسهولة , بينما توتر الطبيب وهو يحدق بها ثم بالزجاجة ذات السائل الأحمر القاني بين يديه .. قالت غاردينيا مجدداً بنبرة مذنبة : لقد اعاطني الدواء و طلب مني الشرب منه كل ليلة قبل النوم !.
التفت الملك نحو الطبيب ليتبادلان نظرات الصدمة معاً .. ثم نطق الملك اخيراً : ولكن .. كيف عرف بمرضك و...و عالجك بهذا ؟!.
كان لا يقدر على صياغة السؤال .. أنما يريد شرحاً لكل شيء...
ضيقت غاردينيا عينيها بتوتر و قالت بخفوت وهي تحاول التذكر : آآمم .. لقد .. آه اختطفوني أصلاً وأنا في نوبة مرضي ولم أكن أعي جيداً ما يحدث .. كان هناك... آه مساعد له... أعني حكيم... أظن .. لست واثقة كارلا تتذكر ما حدث .. ثم ... ثم تفرقنا و....
فصمتت تحاول التذكر جيداً... سمعت صوتاً يجلجل , ثم ظلاً أسودا كبيراً بدرع ضخم شعرت بأن طوله و ضخامته تغطي الجدار كاملاً .. و بعدها وجدت نفسها في قصر ما...
قاطع الملك ذكرياتها بصوت قلق : غاردي حبيبتي ...؟!
نفضت الافكار وقالت بهدوء وابتسامه جانبية تحاول طمأنتهم : وجدت نفسي بغرفة في القصر , نائمة في سرير دافئ وقد أقفلوا علي , فقط يجلبون لي الطعام .. وجلب هو فجأة هذا الدواء قائلا بأنه يجب أن أشربه كل ليلة مخففاً قبل النوم حتى أتحسن !.
زاغت عينا الملك و شحب وجهه , سأل بتردد و ضياع : ماذا ؟!.. من الذي جلب لك هذا ؟!.
ابتلعت لعابها و حاولت القول بهدوء وبساطة : هو بنفسه .. البارون مهما كان...
_ ألم يكن ذلك الحكيم الذي ذكرته ؟!.
هزت رأسها نفياً , فتوتر الملك بوقفته ونظر نحو الطبيب , قال يخاطبه بهدوء يخفي ضيقاً : خذه و تفحص ما يكون هذا الدواء جيداً... أنا لست واثقاً أبداً... أنه العدو وهو يعطي ابنتي دواءً... هذا أمر لا يصدق !.
أومأ الطبيب , وهم بالخروج لكن الملك قال له بهمس : هذا الأمر سري , لا تدع أحد يعلم وإلا ستفقد أكثر من مكانة !.
_ أمرك يا مولاي مطاع ..
ثم غادروا بسرعة.... نظر الملك لابنته بقلق , قالت بضيق : أبي ! , علي أن اشرب منه الليلة ..
_ ستتناولين الادوية التي خصصها لك الطبيب الذي نثق به !.
زمت غاردينيا شفتيها وقالت بامتعاض : أدويته لم تنفع كما هو واضح لي ..
_ هذه المرة هناك علاج جديد !.
_ لست واثقة بهذا أبي ...!
_ لا تثقي بالعدو, قد يكون سما بطيء المفعول !
تذمرت وهي ترد : لقد أخرجني من أسوأ حالاتي !.
تذمر هو أيضاً قائلا : لا تذكري الأمر أنه يؤلمني , هيا ارتاحي !.
و التفت ليخرج بسرعة , فتحت فمها لتناديه ان المناقشة لم تنهي .. لكن ادركت شيئا .. بأنها أخطأت عندما أرتهم العلاج !.
ضاق جبينها ويريدني أن ارتاح و أنا للتو افقت من النوم , سأخرج من هنا ..

تمشت طوال اليوم تحيط بها عدد من الوصيفات , كان تشعر بالهدوء الممل و فكرت بأن تحيي مهاراتها في تنسيق السلال والأزهار التي تعشقها في الحديقة .. أخذت تفعل هذا حتى حل المساء .. ثم عادت للقصر حيث جلست مع أبيها في القاعة الخاصة ..
كانا وحدهما .. فتكلم معها والدها بكل حب و عطف وحدثها عن كل شيء ثم بعد فترة أخذها يسألها عما حدث لها في الأسر ..
قالت بأنها كانت بخير تماماً ولم تصاب بأي شيء .. كان يشك كثيرا , لكنها استطاعت نوعاً ما أن تجعله يسترخي و أخبرته بأن اللورد لم يؤذها فقط أبقاها حبيسة ولم ترى خلال فترة طويلة!
طبعاً كذبت وهي لا تشعر بالسوء كثيراً وكل هذا لأجل أن يطمئن قلب والدها , فما الفائدة من استرجاع الالآم !.

والآن حان وقتها لتسأل , سألت بكل هدوء و رصانة : إذن أبي .. ما كان يريد هو منك ؟!
حدق بها والدها لفترة ثم فجأة أراد النهوض والهرب بقول شيء ما لكنها كانت تلاحظه , فقالت بسرعة وهي تمسك بيده :
_ مهلاً , أخبرني , ما كانت المفاتيح التي ارسلتها إليه ؟!.
عاد لينظر إليها مصدوماً لثانية ثم عبس و قال : لكن هذه الأمور للكبار فقط و ربما بسببها هو أعادك ..
قالت غاردينيا بجدية وضيق : أبـــي !! أنا لست طفلة !.
زفر بوضوح و بنفس اللحظة دخل مساعده زارو القاعة وهو يقول : معذرة مولاي !, لقد بدأ الاجتماع...
كان الملك سعيداً بالفرار ونهض بسرعة وهي تنهض بقوة أيضاً أشعرتها بالدوار لكنها تمالكت انفاسها و حدقت بالوزير بحقد ... بينما هو نظر إليها يبتسم بسعادة ..
ثم غادرا بسرعة بعدما ودعها الملك بقبلة حنونة على رأسها ... ظلت عابسة حتى بعدما أغلق الباب ثم أخذت تذعر الغرفة جيئة و ذهاباً وهي تتخبط بأفكارها ... لا من الغير المعقول أن يتوقف دايمند عن القتال إلا لسبب... و سبب قويّ كفاية يوقف ذلك الشيطان !!
فكرت بتوتر , هل ينوي سوءاً...؟! هل يخادعهم ثم يغدر بوالدها ربما....!! أنها حتى لا تدري مالذي يريده ويقاتل لأجله...!

في نفس الليلة أتى الطبيب بوقته , أمضت فترة ما بعد العشاء كلها في سريرها فقد بدأت الآلآم تعود .. و كادت ترسل وصيفتها لتستدعيه .. لكن الملك أتى أيضاً ...
حدق بابنته بقلق بالغ ثم جلس قربها وهو يملس وجهها الذي شحب فجأة .. سألها برقة : ماذا تحسين حبيبتي ؟!.
تنفست الأميرة بعمق و أجابت بهدوء : لا أدري , كلما أقف أشعر بضعف وألم شديد أسفل قلبي...
قال الطبيب وهو يخرج زجاجة دوائها الأحمر : لقد فحصته لكني لم انتهي , أنه يحوي عصارات متعددة من نباتات زهرية كثيرة .. مسكن قويّ و معالج للالتهابات ولكن ...
هتف الملك بتعجل : هل هو ضار أم لا ؟!.
_ لا يا سيدي...
_ إذن هاته ...!
سكب لها والدها بنفسه قطرات في كأس ماء صغير , و ساعدها على شربه , ثم همست : شكراً أبي...
و داهمها النعاس وهي تسمع والدها يتساءل ناظراً للطبيب : هل سيشفيها ؟!. هل هو العلاج الذي نبحث عنه ؟!
لكنها لم تسمع اجابة الطبيب , غرقت بالنوم الهادئ العميق مباشرة...
مر أسبوع كامل هادئ و مسالم و دافئ لـ غاردينيا التي قد استعادت صحتها بشكل جيد وكأنها لم تمرض من قبل , لقد قام والدها بإرسال أشخاص كثيرين متخصصين كي يجلبوا لها مكونات هذا الدواء , والبعض ذهب لممالك بعيدة بعد أن تأكدوا من فعاليته , غير أن الملك لم يكن ممتنا جداً ..!
أمضت وقتها الهادئ مع صديقاتها و قريباتها في الحدائق الملكية , ولم تصر على مناقشة والدها في الأمور الغامضة التي تستحل زوايا من عقلها ...
ففضلت المضي بحياتها بعض الوقت , إلا أن يصفى ذهنها أكثر و سوف ترى بعدها ما ستفعل !.
لاحظت بأن "زارو" يتودد إليها كثيراً .. ويستعرض أمامها مهاراته , ولكنها لم تحبه قط لفعلته تلك .. فكلما رأته تترائى لها صورة دايمند ... فكرهتهما الآثنان معاً ...!

وأتى يوم ما كانت تجلس وحدها في الحديقة فاستغل الوزير الشاب الفرصة و أتى ليجلس معها و يحدثها ... ثم دعاها لحفلة تقام في قصره الرائع ... ويجب أن تأتي لأن الحفلة على شرفها كما يقول ...!!
فوافقت مرغمة وهي لم تحب الحفلات كثيراً ولم تحضرها كثيراً أيضا بسبب مرضها و ضعفها الشبة دائم ...
فاجئها وهو يقول بمرح بالغ : حفلة تنكرية !. لا يجب أن يتعرف عليك أي أحد , قناعاً جميلاً على الوجه يجعلك غامضة !.
بعد أن تمالكت غاردينيا نفسها و استيعابها قالت ببرود : لا أحب هذا النوع من الحفلات , أنها تسبب التوتر .
_ بل الأثارة و الحماس , هيا لا تتحدثي ككبار السن الذين يعشقون السلام والهدوء الخالي من الأثارة !!.
نهضت الأميرة غاضبة وقالت ببرود : آوه حقاً , أبحث إذن عن أميرة شابة تليق بك...!
نهض مصدوماً خلفها وهو يحاول مجارات خطواتها السريعة : مهلاً , أنني أمازحك فقط أنت بحاجة للتغيير عزيزتي.
_ لا تنادني عزيزتي وأنا أريد البقاء وحدي الآن !.
أوقفها عند مدخل القصر وهو يقول برقة : آسف سامحيني , لقد جلبت لك هدية و أرجوك أن تكوني هنا و ترفقي بقلبي.
ترددت قليلاً بسبب نبرته وقالت بهدوء : آوه حسنا , سأحضر .. لكني أخشى أن تصاب بالملل من صحبتي !.
رفع حاجبيه وأطلق ضحكة خافتة : بالطبع لا .. أعدك بأنك أنت أيضا ستستمتعين !.

وأتى الميعاد , فارتدت غاردينيا ثوباً فاخراً لكنه غير مكلف , بلون الورد الفاتح مع أنها غير سعيدة تماما وهي ترفع شعرها بطوق فضي به ألماس صغير و قناع ذهبي مزخرف على عينيها الزرقاوان كالبحر .. شعرت بأن أمراً ما مثيراً سيحدث , مثير بشكل غير جيد...!
توقفت العربة أمام بوابة قصر كبير عتيق ويبدو أنه في يوم ما كان فخماً مملئتاً ونابضاً بالحياة كانت أنوار الحفلة الشابة تشع منعكسة على أشجار الحديقة الرائعة , احست بالدهشة .. ياله من قصر ضخم لوزير شاب لا يبدو جدياً جداً. كما أنه يسكن وحده !!
دخلت وحدها وقد رفضت أن تصطحب أي مساعدة معها سواء وصيفة أو خادمة , سلمت بطاقتها الذهبية بنفسها لخدم الاستقبال وهي تبتسم بسحر خفي غير راضية تماماً لمجيئها لكنها أحست بالواجب ..
كانت تضع قناعها الذهبي الرائع وعيناها تبدوان كالزمرد من خلفه , حيوها الأمراء و الأميرات تعرفت لبعضهم , ثم أتى زارو وقد عرفته جيداً بلباسه الثمين جداً و قناعه الأزرق الداكن ... حياها بحرارة شديدة وهو يقبل يدها ثم تأبطها ليسير بها بين الجموع ..
واثناء الرقص ظلت هي تتفرج بينما رفضت بلطف عرضه لمراقصتها , فقال لها : آوه سأجلب هديتك الآن أبقي هنا ..
وغادر مستعجلاً , حدقت غاردينيا حولها ثم هزت كتفها ببرود وفكرت متى تنتهي الحفلة .. لكن سمعت صوت أبواب المدخل في الخلف تفتح ثم تغلق بخفه .. بسببه تسربت لفحة هواء بارد سرت على جسدها فارتعشت قليلاً وهي تحرك شعرها الذهبي ...
ما هذا الأزعاج !!, فكرت ببرود .. ثم , لا شك بأنه ضيف متأخر فضل أن يدخل من الأبواب الخلفية كي لا يثير الانزعاج !.
مع هذا هي انزعجت وضمت كتفيها من البرودة الغريبة التي تسللت ... رأت من طرف عينها عباءة سوداء تمر من خلف ستائر الممرات , فلتفتت عفواً , ولم ترى شيئا... خيل لها أمر ما !
فأخذت تترقب بشعور غريب .. رأت من خلف الضيوف في آخر القاعة قرب الشرفات ظل يمر بصمت وهدوء
فتحركت من مكانها لترى جيداً .. دققت البصر و... وقعت عيناها على جسد ضخم يتوشح السواد والذهبي , كما أن العينان الرماديتان تلمعان بالشرر من خلف قناع حالك الظلام وقبعة مظلمة وكأنه شيطان أسود يقف محدقا وفي الزاوية , لا يبين سوى عينيه واللتان توقفتا ترمقانها بدقة وحده . .
كتمت أنفاسها بقوة فجأة وكأنها سقطت وسط مياه متجمدة , توقف قلبها عن الخفقان لثانية ثم عاد يضرب بجنون ...
تأوهت شاهقة بنفس الوقت , لا يمكن أن يكون هو...!!
لكن لا أحد يملك عينيه قاتلتين مثله !.
فتحت شفتيها رغما عنها وهي تراه يرفع ذقنه بتعالى و يهز رأسه بشكل خفيف , وكأنه يقول لقد عرفت من تكونين !
ألقى عليها نظرة استخفاف مزعجة ثم اختفى كالشبح من خلف الجموع .
وضعت غاردينيا يديها على قلبها النابض وهمست بنفسها مالذي يفعله هنا ؟! , وماذا يريد ؟!.
وانتبهت برعب أنه اختفى في الممر , فقررت شيئا , بالرغم من ضجرها فقد بدأت الأمور المثيرة أخيراً ..
فتسللت هي أيضاً من خلفه تقودها ضربات قلبها المتوترة !!.
  #97  
قديم 07-08-2013, 02:18 PM
 
تأوهت مارسيلين واستيقظت بكسل و جهد , شعرت بالصداع والدوار لكنها تمالكت نفسها دخلت الخادمة تحمل لها وعاء الغسل والمناشف , لكنها قالت بهدوء : سأستحم فوراً.
وبعدما استعادت حيويتها و هي ترتدي ثوبها الفاخر أمام المرآة الطويلة تذكرت بأن أحلام هذه الليلة كلها عن "سيدريك" فزفرت دون قصد و التفتت لتنظر فزعة للوصيفة الشقراء الشاحبة المبتسمة ..
قالت الفتاة : صباح الخير سيدتي , الفطور جاهز ..
نظرت إليها مارسيلين بقلق لكن بعداء . فلم ترد عليها بل سارت من جانبها ببرود و دخلت الغرفة الأخرى لتجلس بهدوء و لتتناول طعامها .. بعدها جلست وقتا طويلاً مع الملكة حتى أتى المساء .. ثم تذكرت بأن تراسل أخاها , دخلت المكتبة الضخمة وقد أمرت وصيفتها ألا تزعجها فانصاعت تلك الأخيرة وذهبت , لكن الحراس الذين يرافقونها لم يتركوها بقي اثنان بالخراج واثنان معها في الغرفة , كانوا هادئين صارمين لكن غير مثيري للفضول كـ "سيدريك" الغامض ..
مع هذا هي لم تنزعج كثيراً وقد اعتادت عليهم .. كتبت لـ "ليلياك" أنها اشتاقت إليه و ترغب بشدة بزيارته و رؤية كاميليا , لكنها تركت له حرية أن يختار هو الوقت .. وبما أن الرسالة ستستغرق ثلاث أو أربع أيام من السفر المتواصل لبعد المملكة فعليها أن تفكر بشيء ما تفعله في هذه الفترة !.

تمشت حول الشرفة و نظرت للخارج حيث كانت هي بالطابق الثاني الهادئ جداً , رأت من خلف أشجار الحديقة , رأس بشعر أشقر مربوط تعرفه مقابل لرجل ضخم يرتدي زي الحراس ..
توقفت مارسيلين وأخذت تحدق بتركيز , تلك الوصيفة المريبة تتحدث مع أحد الحراس وهذا الحارس ضخم الجثة أسمر و غريب أنها لا يمكنها تذكر كل الحراس والخدم بالقصر طبعاً , لكن لا يسمح للمرافقات أو الوصيفات بالتحدث للحراس إلا لأمر طارئ أو ان كانت زوجته ..
رفعت حاجبيها ببرود وزمت شفتيها . . شعرت فجأة بأنها لا تود أي خدم , أو الوصيفات أو حراسة , يمكنها أن تعتمد على نفسها حقاً ... كم مرة استحمت في البرج , و سوت شعرها و تناولت طعامها , صحيح , ان تالين كانت تساعدها كثيراً جداً .. لكنها أيضا كانت تفعل الكثير . ربما هذه الفائدة الحقيقية التي خرجت بها من اخفائها بذلك المكان مع حارس وحيد و مساعده عجوز...!
مساءا على العشاء , وفي غرفة خاصة ..
وقفت مارسيلين مصدومة وهي تقول : أنا لا أصدق أنك تفعل هذا بي !.
ثم التفتت لزوجة والدها وقالت بنبرة شبة باكية غاضبة : أنه لا يثق بي هل ترين هذا عمتي ؟!.
هزت الملكة رأسها بتفهم وهي تهمس برقة : حبيبتي أجلسي و...
لكن الملك تحدث ببرود قائلاً : مارسيلين , أنت الآن تثبتين صحة ما أفعله لأجل تصرفاتك , لا تهتاجِ هكذا كفرس برية !.
قالت الاميرة بعناد : أحب هذا الوصف على أن أكون تحت المراقبة ..
ضيق الملك جبينه , وقالت زوجته بلطف : أنها فترة مؤقتة حبيبتي , لا تهتمي لها تصرفي براحتك .
زمت مارسيلين شفتيها بضيق والملك يرمقها بهدوء قال : أجلسي الآن وأكملي شرابك , و تقبلي الأمور كفتاة راشدة !.
نظرت نحوه و لم تنطق بحرف , ولقد بدأت خطة ما تتكون برأسها ... وأساس هذه الخطة هو...

في صباح اليوم التالي وبعد الإفطار , توجهت نحو الحديقة تتمشى و من خلفها الوصيفة الخاصة بها و ثلاث حراس , كانت تمسك بوردة بنفسج تعبث بها بين أناملها وهي تشعر بالملل لكن بالتردد من المضي فيما يدور بخلدها أم لا ..
لقد قام والدها بخطوة غريبة , زيادة عن الحراسة الجامدة وتغيير وصيفتها , لقد جلب لها سيدة , ليست معلمة تماما كما ظنت بل مراقبة للسلوك .. وهذه الأخيرة امرأة عجوز نحيلة القوام جدا مع ملابس متزمتة و وجهه عبوس و دفتر كبير بقلم و عيون ضيقة حادة وراء نظارتين صغيرتين ..
كانت هذه السيدة تذكرها ببعض الأمور أو التصرفات الشديدة الأدب حتى مع الأوضاع التافهة , لذا قررت مارسيلين منذ البداية بتجاهلها أو الرد ببرود عليها .. بينما قلبها قلق مما تخطه خلسة فوق أوراقها !! و لكن علقها يأبى الخنوع... أبداً لن يخضع !!.
رأت والدها و زوجته للدهشة قرب البحيرة يتمشيان بكل حرية وبلا حراسة , تعجبت كثيراً و راودها احساس بالضيق و الحزن ,يصر على الحراس المشددة عليها وكأنها مجرم وهو يتمتع بكل الحرية !! ..
قالت هامسة ببرود للوصيفة : أريد التحدث مع الملك والملكة , اذهبوا قليلاً.
وافقوها وغادروا كل مرافقيها , بينما هي تتقدم من خلف والدها و زوجته بهدوء لم يكونا منتبهين عليها , توقفت فجأة متسمرة وهي تنظر للطريقة التي يمسك بها والدها زوجته , كأنهما عاشقين متزوجين للتو يتهامسان و يضحكان و ذراعيهما متشابكة ..
اعتصر قلب مارسيلين لا تدري لما , حزن , غيرة , وحده ...! لكن مهما كان هو ليس شعور جيد ..!
فجأة ذكرت الملكة اسمها , مارسيلين ...!
التفتا معا للممر الحجري المرصوف الآخر , وانتبهت الاميرة بسرعة لنفسها لتندس خلف شجرة ضخمة مع فضول رهيب و قلق غريب ...
_ أنها تبدو وحيده جداً , يجب أن تدعها تخرج أكثر عزيزي , سوف تزهق روحها هنا لا توجد شابات أو شبان بمثل عمرها.
قالت الملكة بعطف , همهم الملك وهو ينظر بعيداً , قال ببرود : يجب أن تبقى بمكانها حتى نقبض على العصابة التي تحاول أذيتها .. هذا المكان الأشد أمنا لها .
صمتت الملكة لثوان ثم قالت فجأة : أنا اعتقد بأنها تحتاج لشخص ما , تستطيع أن تتحدث معه بحرية و ان يمتص ثورانها , أن عصبيتها ناتجة من حبسنا لها هنا .
حرك الملك يده في الهواء بيأس وقال : مهما كانت , أني أفهمها مراراً و تكراراً عليها أن تصبر لكن لا هذه الفتاة تحتاج لكبح !.
شهقت مارسيلين وقالت بنفسها , أنا لست عصبية ولا احتاج لكبح .. أني فقط .. احتاج ... احتاج ... و نظرت حولها بصدمة , همست برعب : مالذي احتاجه ؟! . مالذي أريده ؟!. ليست لدي فكرة... أنا... أنا...
وأمسكت برأسها قليلا , بينما عيونها الخضراء الجميلة متوسعة ... أنا ضائعة !! .
مساء اليوم , كانت المعلمة "هليغا" التي تدرس سلوك الأميرة الشابة مارسيلين و تحاول أن تذكرها بما هو ضروري كما يقول الملك ..
ثم في نهاية اليوم قدمت المعلمة تقريرها للملك في الغرفة الخاصة التي تحويه هو و المعلمة وابنته الصامتة و زوجته ...
قالت المعلمة ببرود و جدية : أن سمو الأميرة , متناسقة جدا في ترتيب شكلها الخارجي و اناقتها كاملة تماما خارجيا , لكن مع الأسف لا تكتمل هذه السلوكيات سوى بالأخلاق .. وأنا أرى بأن الأميرة كما سجلت لمراقبتها بأنها تتصف بالعجرفة في التعامل مع الآخرين خاصة من هم أقل منها مرتبة , و بالبرود مع من هم بمثل مستواها , وبالتمرد والتملص من الواجبات مع أي أفراد آخرين في القصر و كذلك مع جلالتكم .. كما أن تصرفاتها مع الخدم الخاصين بها متعالية للغاية و متكلفة !.
فتحت مارسيلين فمها صدمة , وقد تذكرت حادثة ما , في غرفتها جلبت لها الوصيفة كأس ما . لكن مارسيلين لم تكد تمد يدها إليه حتى سقط على الأرض وقد تركته تلك الفتاة , صحيح أنها كانت تنظر خارج النافذة كان يجب على الوصيفة أن تنتبه .. و فقط وبختها مارسيلين لأن الكأس تكسر و الماء تناثر و سبب فوضى ! , هل اشتكت الوصيفة عليها ! و بأي حق !؟!
كادت تصرخ لكنها تماسكت , وهي تنظر لوالدها بتردد , كان الملك بارداً يدق بأصبعه على المنضدة أمامه بينما بدت الملكة متضايقة جداً .. غضت على شفتيها و رمقت المعلمة تلك بنظرات قاتلة .. فتنحنحت المعلمة وكادت تغص ..
ابتسمت مارسيلين بسرها وقالت بنفسها , هذا يكفينِ جداً , سأنفذ خطتي الليلة... تثائبت فجأة , آآآه أو ربما غداً ...
قال الملك فجأة بعدما انتهت المعلمة من سرد تقريرها الطويل و مارسيلين كادت تغفو على ذراع المقعد : مارسيل !.
فتحت عيناها بسرعة و قالت بتوتر : آه ماذا ؟!.
_ اذهبي لغرفتك الآن و سنتحدث غداً , لقد تأخر الوقت.
نهضت بحده بسبب لهجة والدها الباردة التي تخفي غضباً , قالت ببرود : أجل بالطبع , كنت أتسائل .
و رمقت المعلمة بحده وهي تقول لها بكبرياء : استمري بما تفعلين , جميعكم استمروا , لكن لن يتغير شيء... عمتم مساءاً.
تركتهم فاغري الأفواه وهي تخرج بسرعة غاضبة ... آآآوووه لقد أخطأت بالطبع و فوراً راودها شعور بالذنب , أن لسانها سليط ينطق بسرعة قبل أن تفكر ... ستعتذر غدا لوالدها و الملكة فقط .. ولكن ليس شخصياً ..!.
كتبت رسالة طويلة تحت الشموع , وجهزت لها حقيبة من الجلد صغيرة لكن بها كل ما تحتاج , ..{.. اعتذار لأبيها , و زوجته الرقيقة و أنها سوف تقوم برحلة بسيطة وحدها و ستعود .. الأمر لا يتعلق بأحد ... بل بها هي نفسها .. قالت بأنها تشعر بالضياع ولا تعرف ما تريد .. و ربما أن خرجت سوف تتعلم شيئا .. هنا .. تشعر فقط بـ ... اختناق الأنفاس...}
خرجت من غرفتها ترتدي ثوبا كبيرا خبأت به الحقيبة , قالت للحراس بهدوء وجدية : أريد رؤية الوزير فالكوس .
أخذت تدعو بقلبها أن يساعدها ... بهذا الأمر فقط .. دخلت في المكتبة الخاصة و وجدته بقي الحراس بالخارج , وكانت الوقت يقترب من منتصف الليل ...
حدق بها بصدمة ولكنه قال برقة وهو يسحب كرسياً لها : أهلا سموك , تفضلي بالجلوس , بما أخدمك.
قالت بصدق : آووه عمي فالكوس أريدك أن تسلم هذا المظروف لأبي.
و نظر نحوها بشك و قلق وهي تمد له بظرف كبير , قال متسائلا : ولم لا تسلميه أنت بنفسك عزيزتي.
رفعت حاجبيها و قالت بهدوء : أكون عندها أبحث عن أمر مهم يعنيني... هل علمت بأمر تلك السيدة المتزمتة التي تراقبني بعيون كالصقر و تكتب كل حركاتي على الورق .
_ حسنا يا عزيزتي , لا يجب عليك الكلام عنها هكذا , و نعم علمت بها , طلبت من والدك ألا يفعل .. لكنه يفكر بك كثيراً و يهتم جدا...
_ أعلم بأنه يحبني و يهتم بي .. وأنا كذلك جداً ... لذا اعطه هذا أرجوك.
تردد قليلا ثم وافق وهو يراقبها بينما تسلمه الظرف . خفق قلبها وهي تتذكر سيدريك فجأة لا تدري كيف لكن خطر ببالها ..
سألت الوزير بهمس : إذن ,ألا تعرف أي أخبار عن .. حارسي السابق...
ضاق جبينه ثم قال بهدوء : أنه لا يزال خارج البلاد , الأرجح بموطنه...
_ آه بالجنوب...
_ بل بالشرق نعم همم .. هل تودين أن يعود , بصراحة أظنه أفضل حارس لك حتى الآن , أنه قوي جداً و ذكي . لكنه صامتاً جداً...
داهم الحزن قلب مارسيلين من كل اتجاه , و اعتصر بحنق !.. لكن مالذي تستطيع فعله .!
همست بضعف : نعم , مع حق , لكن لا بأس .. آوه اعذرني هل يمكنني رؤية كتاب ما ...
_ آه بالطبع تفضلي .. سأجلس أنا هنا.
جلس الوزير بهدوء على الكرسي وهو يتفحص خريطة ما معه , بينما دخلت مارسيلين بين الرفوف و تعمقت حتى ظهرت لها الشرفات الضخمة , انسلت من واحدة منها و نزلت بهدوء ثم اخرجت عبائتها السوداء و توشحت بها . والآن إلى الاسطبل ...
حراسها المساكين ينتظرونها عند باب المكتبة بينما هي تركض وسط الحديقة المظلمة .. اخرجت فرسا سوداء و ركبتها بهدوء ..
بينما عقدت حقيبتها على ظهرها و السيف في وسطها والخنجر مدسوس في داخل ثوبها ... خرجت تمشي بحذر و صمت ...
لكن حانة منها التفاته و نظرت للأعلى , وقع بصرها على عيني الفتاة الحادتين الخبيثتين , من بعيد جداً كانت تلك الوصيفة تراقبها بدقة من الشرفة في الطابق الثالث .. و وسط الظلام , لكن عينيها تلمعان بسعادة و شعرها الفاتح واضح و شحوبها أظهرها و كأنها شبح ..
صدمت منها مارسيلين و تأكد شيئا ما بقلبها , آآآآوه هذا ليس بجيد ...!
حثت الحصان و اسرعت للخارج , و ما ان تخطت بقليل حتى انطلق خلفها عدة احصنة و من يركبونها بعباءات زرقاء داكنة...
كان حصانها جيداً جدا و سريع , وهي ماهرة به ... بينما كانت الليلة حالكة للغاية و قد غاب القمر في هذا الوقت المتأخر ... اسرعت الأميرة للأشجار لعلها تظللهم و لكن حدث العكس ... فقد ظللتها الأشجار و ابطأتها ,
فالتفتت للجهة الثانية البعيدة و خاضت وسط جدول كبير وهي تشجع حصانها , بينما هم خلفها , ربما ثلاث أحصنة ..
اقترب منها أحدهم و رفع السيف عالياً . فانحنت مارسيلين بسرعة ثم سحبت سيفها هي وهي تردد بقلبها برعب , أبي أحبك ... أمي ربما أنا آتية إليك بالطريق...!!
لكنها ضربت الفارس دون قصد على وجهه . فصرخ و تعثر مبتعداً...!
آوه أنا مريعة بالسيف , لكن لأجرب... و اقترب منها الآخران , صرخ أحدهم : نريدها حية الآن !!. لا تقتلها...
تعرفت على الصوت الحاد المريع , أنها تلك الوصيفة !! ... أنها خائنة جاسوسة منذ البداية !!.
جاء بجانبها الفارس و معه سيف و سلسلة فأخذها يضربها بعنف وهي تقاوم بإرهاق شديد .. و رأت بأنهم أصبحوا يركضون بسهل واسع ... فأبطأت فجأة و تعثروا هم للأمام ... التفتت بسرعة و ركضت للجهة الآخر ... فعادوا خلفها غاضبين ...
لكن الحصان تعب من شدة الركض , و مارسيلين لن تقدر على المقاومة أكثر... فجأة أتى بقربها أحدهم و ضربها بالسلسلة على ذراعها فصرخت ألما ثم سقطت عن الأرض , بينما استمر الحصان بالركض ..
حاصروها و قيدوها بحده .. و تعرفت على الحارس الخائن الأسمر أيضاً... فضاق قلبها رعباً و ادركت بأنها النهاية ~.
غابت عن الوعي من شدة التعب و الخوف...
  #98  
قديم 07-08-2013, 02:18 PM
 
هذه المرة الثانية التي تخر فيها وسط ظلام تام جداً , لا شيء موجود .. ولا حتى ذكريات ..
لكن الألام تعود و تأوهت مرة أو عدة مرات , ثم تعبت وصدر الأنين الضعيف .. مالذي ارتكبته في حياتها كي تقاسي كل هذه المعاناة !..
كانت تشعر بأن النيران تحرق جلدها ساقيها و ذراعيها ثم تطير لوجهها ... سمعت شيئا ما لا يصدر منها ولا يشبه أنينها و تأوهها الباكي المتألم ..
_ يـــــا ألـــهي الرحـــيم !.
ثم بمنتصف الظلام و البؤس الذي تشعر به , أخذت تسمع تلاوات أدعية و رجاء تكرر لها مراراً .. شعرت بعسل دافئ يسري بداخلها وبالسلام يعود , تعجبت و ظنت بأنها ماتت , لكن ربما هي ماتت حقاً و انتهت حياتها في هذه الدنيا ... حسنا لمَ تشعر ببعض الألم إذن ؟!.
_ ستكون بخير......... هذا العلاج ... ترى هل .......؟
لم تكن تسمع الكلام جيداً بل متقطعاً وكأن بين كل جملة و أخرى زمن طويل ~
_ أرجوك يا صغيرة تماسكِ ...
وأخذت تسمع الدعوات مجدداً , كان الصوت العميق الدافئ لرجل كبير ولم تدري من يكون .. ثم سمعت صوتاً أنثوياً هادئاً يدعو أيضاً في وقت ما...!
بعد فترة طويلة من النوم المضطرب حركت جفنيها بثقل و تعب شديد , لم ترى سوى الضباب في البداية فرفت بعيونها المتعبة ذات الرموش الكثيفة .. و نظرت جيداً عالياً في السقف ..
كان أمامها سقف سرير مرتفع بلون هادئ , ظلت برهة تحدق دون أن تعي و دون أن تطرف .. أين أنا ؟! فكرت ببطء لكنها لم تكن مهتمة إلى وضعها .. لم تعد تهمها نفسها كثيراً .. و يالا الأسف أنها على قيد الحياة .. أيجب عليها الآن أن تعود لمواجهة المشاكل !... لو كانت ميتة لكان الوضع أسهل !.
_ ها أنت عدتِ أخيراً !.
سمعت الصوت العميق مجدداً فطرفت بعينيها ولم تتحرك لأن صاحب الصوت نهض واقفاً وانحنى نحوها قليلا كي تراه ..
كان رجلاً كبيراً في السن والشعر الأبيض في جوانب رأسه يبدو فضياً مع لون شعره البنى الداكن , وعيناه بنيتان دافئتان ينعكس عليهما ضوء الشموع ... بملامح جميلة وقورة جداً و راقية ...رسم ابتسامه عطوفة للغاية وصلت لعينيه العميقة ..
كان بملابس داكنة تبدو ثمينة لكن ليست مبهرجة جداً و يرتدي قفازات بنية ناعمة , مس بها يدها برقة.
عندما ظلت تحدق به متعجبة لكن هذا لم يظهر أبداً بملامح وجهها المرهقة الصامتة... قال هو بصوت ناعم مرح :
_ آوه هل اخفتك , أنتِ بأمان يا بنتي ..
عندما قال يا بنتي , تأوه قلبها و غار , فأغمضت عينيها متألمة .. و خرج منها نفس متشقق ..
_ يا عزيزتي , ما بك ؟!
ظهر صوته قلقاً , و مسح بحذر ولطف على رأسها .. فعضت شفتيها ولم تنطق أنما اشاحت بوجهها و كبحت دموعها .. سرعان ما نامت مجدداً .. وهذه المرة هاجمتها الكوابيس .. وشعرت بأنها مطاردة فأخذ جسدها ينتفض متأثراً جداً يظن بأنه في الواقع و أن عليه الركض بحياتها .. أنّت بألم وهي تسمع هدير الأهانات من مختلف الاشخاص !...
ثم صوت قوي حاد يمزق الهواء , و انهالت عليها السياط ...! هذه المرة حقيقة , ومن سينقذها ؟!!
شهقت وهي ترفع نفسها أو بالأحرى قفزت من السرير صارخة : أليكسس !!!
نهض الرجل فزعاً من مقعده وقد طارت بوادر النعاس من جفنيه , أصبح بجانبها سريعاً و أمسك بها قبل أن تقفز هاربة خارج الغرفة , ضمها بحنان وحذر كي لا يؤمها فجراح السياط المخطوطة على جسدها لم تشفى كليا بعد ..
_ هششش يا صغيرتي .. أنه كابوس .. أنه كابوس .. اهدئي ...
أعادها للفراش وهي ترتجف غير واعية , قام بتغطيتها جيداً و أبقى يديه محكمتين فوق الغطاء لألا تقفز فجأة .. ظل يهدئها طوال الليل حتى توقفت عن النشيج و مسح عنها دموعها .. لتنام من الانهاك ..
سمعت صوت زقزقة عصافير و شعرت بضوء الشمس , كما أنها سمعت أيضا أصواتاً أخرى خفيضة ..
_ .... إذن مالذي سأفعله سيدي ؟!
كان صوتاً هادئا لامرأة كبيرة في السن , فتحركت أنابيلآ قليلا و فتحت عينيها لتنظر نحو مصدر الأًصوات ... ذلك الرجل يقف بملابسه الثمينة في آخر الغرفة مديراً ظهره لها يحدّث المرأة التي استطاعت رؤيتها , سيدة بملامح حنونة مريحة قصيرة و بدينة قليلاً .. كانت تنظر للرجل باهتمام شديد و تركيز واحترام ..
كان الرجل طويل القامة و رشيقها , متزن جداً و بيده عصا سوداء لامعة يتكأ عليها بقفاز بني في يديه .. لا شك بأنه نبيلاً ما , ثم حدقت حولها بالغرفة ...
الغرفة واسعة جداً بشرفات جميلة تطل على مساحات خضراء و أشجار .. كما أنها سمعت صهيل أحصنة في الخارج يوجد القليل من الأثاث الثقيل الفاخر و كرسي كبير بجانب سريرها الضخم المريح ذو الستائر المزاحة جانباً .. كان أمام الكرسي منضدة ضخمة ثقيلة جداً كما تبدو عليها النقوش المميزة فوقها كؤوس كثيرة من العصير والماء و... هل هذا عسل ؟!.
سمعت همهمة الرجل الهادئة يتحدث , فركزت سمعها دون أن تلتفت إليهم ..
_ هلا جلبتِ لأجلها ملابس روزالين ؟!.
ترددت السيدة بقلق وهمست بحنان : هل أنت واثق سيدي ؟! , ربما... آه أعني يمكنني الذهاب للقرية لدى ابنتي ملابس كثيرة غير مستعملة وجيدة جداً ربما ببعض التعديلات ستلائم ضيفتنا ..
طرفت أنابيلآ ببطء وتعب , ثم تنهدت .. هي لا تكاد تشعر بجسدها .. خاصة وسطها و ظهرها اللذين أخذا حصة أكبر من السياط !!
سمعت صوت الرجل يقول بهمس : لا أشكرك , أحضري لها من ملابس روزالين وساعديها أرجوك.
حركت أنابيلآ عينيها نحوهما , كانت المرأة تنظر إليها فتوسعت عيناها قليلا دهشة ثم أومأت وقالت بهدوء :
_ كما تشاء سيدي , لكن يبدو بأن فتاتنا استيقظت !.
شاهدت الرجل يرفع رأسه ثم يلتفت ببطء باتجاهها .. نظر نحوها بدهشة خفيفة ثم تبسم تلك الابتسامة التي تصل لعينيه .. ابتسامه ناعمة حنونة و حقيقية .
_ سأجهز الثياب الآن...و أحضر بعض الطعام .
خرجت السيدة بنعومة و رشاقة تخالف جسدها البدين قليلا, بعدما ظلا يحدقان ببعضهما قليلا , أومأ الرجل باحترام واقترب ببطء وهو يحرك يده و عصاه الفاخر.
قال برقة : صباح الخير ..
اسدلت أنابيلآ جفنيها ولم تنطق , شعرت فجأة بأنها لا تود قول أو فعل أي شيء .. ربما انتهى كل شيء بالنسبة لها , فلم يعد للكلام حاجة ..
توقف الرجل قرب سريرها ينظر نحوها بشكل حزين , كانت عيناه بلون العسل الداكن , ربما عيناهما بنفس اللون لكنه بدرجة أدكن وعمق دافئ لم ترى مثله من قبل.
بعد ثوان من الصمت أدرك بأنها لن تتكلم , فقال بهمس دافئ : أنا أدعى "ريموس كاسيل", وتلك السيدة هي مدبرة المنزل ويندا لوفر ..
ظلت أنابيلآ صامتة وقد اختارت أن تنظر نحوه بشكل هادئ و محترم لكن بلا تعابير حزن أو ألم .. كما يبدو .. كان هو متألماً !.
أخذ الرجل نفسا عميقاً و قال بهدوء : لست مضطرة أبداً لقول أو فعل أي شيء...
طرق الباب طرقات خفيفة , فتحرك هو بكل سلاسة و فتح الباب بأدب وهو يقول بهدوء : تفضلي سيدة لوفر...
دخلت السيدة المكان وهي ترسم ابتسامه جميلة لهما معاً وبين يديها صينية من الحساء الذي تتصاعد منه رائحة لذيذة جداً...
وضعته على المنضدة بينما أبقت أنابيلآ عينيها منخفضتين ساكنة وهادئة , رتبت السيدة بلطف الوسادة حولها ثم رفعت طاولة سرير صغيرة وخفيف من الأسفل و وضعتها فوق ساقي أنابيلآ بحذر فوق الغطاء ثم وضعت الحساء الذي يحوي قطعا كثيرة وصغيرة من اللحم والخضار ..
رتبت لها الأدوات وابتسمت لها بحنان , قالت بهمس : أرجو أن يعجبك .
ثم اعتدلت وألقت بنظرة على سيدها الصامت ثم غادرت بهدوء .. نظرت أنابيلآ للحساء ولم تشعر أبداً بشهية للأكل ..!! لا شهية لأي شيء فعلاً...
سمعت صوت حفيف معطفه , واقترب منها شيئا يسيراً , قال بصوت هادئ رخيم : تناوليه من فضلك ..!
لسبب ما لم ترد أن تخذله كان يسألها بلهجة دافئة ..طرفت بعينيها دون أن تنظر إليه و رفعت يدها من تحت الغطاء , شاهدت يدها بيضاء مزرقة شاحبة وعروقها بارزة فوق عظامها , كما أن هناك خط أحمر عريض شبة ملتئم يسير من ساعدها صاعداً للأعلى حيث اختفى تحت الثوب الأبيض الناعم الذي ترتديه...
ارتجفت يدها كثيراً بعنف , ولم تقدر على الامساك بالملعقة أبداً , اخفتها بسرعة تحت الغطاء و تجمدت عن الحركة .
اقترب منها ببطء و ابتسم وقال هامساً وهو يمسك بيدها التي خبأتها برقة : سأساعدك , حسنا ؟!.
مسح على يدها كثيراً ثم انحنى و قبلها , همس : ستكونين بخير يا فتاتي الطيبة .
أمسك بالملعقة و وضعها بيدها يساعدها , استطاعت أنابيلآ الاكمال وحدها وبدأت تتناول الحساء بهدوء حتى نصفه فتوقفت شاعرة بالتحسن و الدفء, بينما بقي "ريموس" جالساً يراقبها بهدوء , مد ذراعه و اعطاها كأس عصير ثقيل مركز ..
فرفعت يدها الأخرى و امسكته بكلتا يديها الضعيفة المرتجفة ..
شعر لثانية بأن الكأس الزجاجي هذا ثقيل جداً عليها , يالا الطفلة المسكينة ..واضح بأنها واجهت رعباً لا يحتمله الكبار !!
ساعدها وهو يدعمها بيده الكبيرة الدافئة , فشربت كثيراً منه , ثم أخفضت الكأس ونظرت نحوه بعينيها الذهبيتين المحاطتين برموش سوداء كثيفة شاكرة دون أن تنطق , منحها ابتسامه حانية جدا , وهمس وهو يقبل يدها مجدداً :
_ شكرا لك , صغيرتي . ارتاحي الآن...
نهض واقفاً وهو يرفع صينية الحساء ويضعها جانبا ثم أخفض طاولة السرير , سحب الصينية و الكأس و اعتذر قائلا بلطف :
_ سأخرج الآن , لكني سأعود قريبا...
بعده بدقائق قليلة طرق الباب ثم ظهرت السيدة لوفر وبين يديها ثياب مرتبة بألوان فاتحة , ابتسمت المرأة بلطف واقتربت منها وهي تقول بحنان :
_ سأجهز لك الحمام , وهذه هي الملابس , هل تريدين مني مساعدتك ؟! , سأبقى هنا يا عزيزتي...
ضاق تنفسها قليلا لكنها أومأت بعينيها فقط فرفعت عنها الغطاء و ظهر الثوب الأبيض الطويل الذي تلبسه , تحركت بتعب و شعرت بعظامها تأن وأن لحمها الممزق في أنحاء جسدها يهدد بأن يفتح جروحه مجدداً ...
لكنها توخت الحذر و تحركت ببطء آخذة كل وقتها , بينما تنظر إليها العجوز بحزن وشفقة .. مدت يدها لها فتمسكت بها أنابيلآ بقوة و وقفت بتردد , شعرت بأن ساقيها خائرتان لا عظام فيهما .. تأوهت رغما عنها و أغمضت عينيها ..
_ يا حبيبتي , لا تقسي على نفسك .. هل استدعي السيد؟ .
نظرت نحوها أنابيلآ فزعا , ففهمت السيدة وقالت بتفهم سريع : سأبقى معك أنا لا بأس .. لا بأس عليك...
وصلت إلى الحمام بسلام و رفضت أن تنزع ملابسها إلا عندما خرجت السيدة لوفر بتفهم وعطف بعد أن جهزت لها زيوتا طبية , عرفت أنهم استدعوا لها الطبيب و وصف لهم هذه الأدوية...
أخذت نفسا عميقا و تجهزت لرؤية الجراح , نزعت عنها ثيابها الخفيف بسهولة و آه .. حسنا الوضع أقل سوءً مما قد رأته قبلاً , قبل أن يغشى عليها ... بدأت الجروح تلتئم لكنها لا تزال حمراء ومتورمة و بشعة ..
غسلت نفسها بسرعة و دهنت جسدها كله .. كان شعرها غير مستوٍ البتة نصف مقطوع بشكل مشوه !! و تذكرت لماذا امسكت بالمقص و قصته جيداً أصبح قصيراً لأسفل كتفيها .. ربطته بلطف فحالته لا تتحمل القسوة !
ثم بحذر ارتدت الثياب الناعمة الخفيفة من الحرير تناسبها تقريبا غير أنها واسعة قليلاً .. فكرت بهدوء .. أهذه ثياب روزالين ؟! .. من تكون ؟!... هي أصغر من أن تكون زوجة "ريموس" ... طرفت بعينيها بتوتر .. أهي ابنته ؟! هل هي هنا ؟! و ماذا عن زوجته ... يبدو المنزل ساكناً جداً !.
مشت ببطء و خرجت لتجد السيدة لوفر تنتظرها بقلق واضح , انفرجت اساريرها وهي تنظر إليها , قالت بعد ثوان : آه .. يا عزيزتي تبدين أفضل حالاً .. تعالي يجب أن ترتاحي كثيراً ...
بعدما شربت دواءً ما , عادت للنوم بعمق .
.
و ظلت هكذا ثلاث أيام , لا تفعل الشيء الكثير ولا تفكر بما حدث .. ليس الآن على الأقل !! , سوى تناول الدواء و الطعام والسير قليلا في الغرفة لم تطلب الخروج ليس بعد .. كانت لا تزال تتألم عند نهوضها و جلوسها و حركتها , تشعر بأن أطرافها قطعت ثم لُحمت مجدداً...

مع أن "ريموس" كان أكثر من رقيق معها ومتفهم جداً , يحدثها بشكل خفيف للغاية بعد كل فطور و عشاء ثم يجلس معها بعض الوقت حتى يرى جفنيها تثقلان من شدة النعاس فيغطيها و يلقي عليها تحية المساء بابتسامته التي تطير كل الكوابيس بعيداً...
ولكنها لم تنطق... أبداً ...و لم يسألها أبداً أي شيء كذلك السيدة لوفر... أحست بأنه هو فقط والسيدة العجوز من يسكنان بالمنزل , كما أنها تسمع صوت صبي ما في الخارج مع الأحصنة كل صباح .. هذا كل شيء...

صبيحة اليوم الرابع , طرق الباب بعد تناول الفطور , ودخل النبيل مبتسما لها , ظل ممسكا بالباب ليظهر رجل عجوز قصير وبملابس أنيقة معه حقيبة جلدية.
خمنت من يكون قبل حتى أن ينطق "ريموس" بلطف : هذا هو الحكيم جينيس .. لقد أتى ليطمئن عليك عزيزتي.
كانت قد اعتادت سريعاً على نبرة ريموس الدافئة وهو يناديها "عزيزتي , صغيرتي..." ولم تعترض بل سعدت بها , كانت تطمئن جداً عندما يبقى ساهراً عندها هذه الليالي حتى تنام .. وعندما تفيق هو أول شخص تراه وهذا يريح قلبها المرهق كثيراً ..
... اقترب الرجل الحكيم وهو يراقبها بعينين ذكيتين ثم ابتسم عندما رفعت عينيها إليه بهدوء .
قال برقة : تملكين عينين جميلتين عزيزتي بلون الكهرمان المضيء , و الآن هلا امسكتِ بيدي...
وعندما فعلت ابتسم بعطف : فتاة طيبة .
تحسس نبضها بصمت , ثم وضع نظارته و راقب عينيها وهو يمسك بذقنها بلطف , أومأ راضياً , بعدها تفحص جبينها ولمسه بيده ذات القفاز الأبيض بلطف .. قال بهدوء : جرحها يلتئم جيداً هنا .. خشيت أن يؤثر على رأسها لكن فتاتنا الطيبة تتحسن ببطء .. هل تشعرين بألم في جوفك أو حلقك عزيزتي ؟!
هزت أنابيلآ رأسها ببطء وهي تخفض عينيها , ابتسم لها الحكيم بحنان و رتب على يدها برقة , ثم نظر إلى "ريموس" وقال بهدوء : أنها تتعافى لكن ببطء .. والمريح أنها لم تجرح في رأسها بشدة .. آوه...
فصمت فجأة وهو يلاحظها تحدق به بهدوء و برود غريب... ابتسم لها ريموس بحنان ثم حدّث الحكيم قائلا : أشكرك سيدي , تفضل معي أرجوك...
و خرجا معاً , لكن الباب لم يغلق جيداً و استطاعت سماع حديثهما في الممر ..
صوت الحكيم يقول بهدوء وجدية : أنها صامتة باختيارها وليس بسبب اصابتها , أنها مصابة بصدمة شديدة.
قال ريموس بصوت خافت حزين : هل ستتحسن قريبا ؟!
_ لست أدري يا سيدي... هناك جراح أعمق من أن تلتئم .. أخشى أنها فقدت حماسها للحياة .
_ ماذا ؟!
كان صوت ريموس قلقاً حقاً , فسأله الطبيب : هل كانت تعاني مثلا من... آمم آه أعنى هل تنام جيداً بلا أحلام ؟!.
بعد صمت قصير , قال ريموس : أنها .. أجل في الأيام الثلاث الأخيرة...
_ و قبلها ؟!.
_ أنت تعرف أنها هنا منذ أسبوع أيها الحكيم , لقد حسنا عانت كابوسا ما .. آآه لقد قفزت من السرير تكاد تهرب لولا أنني نمت بجانبها تلك الليلة...
صمت لثوان ثم قال بهمس : لقد .. ذكرت اسماً ..صرخت باسم أليكسس !
توسعت عينا أنابيلآ ... هل ذكرت اسم أليكسس !. حسنا. قالت بصرامة في نفسها , أنها لن تذكره أبداً .. ولا حتى بأحلامها !
لقد انتهى كل شيء بالنسبة إليها , و انتهى أليكسس حاله كحال كل الذكريات , لم تخدع نفسها كثيراً .. هو لا يكترث لها و مضى بحياته بسعادة , ولي العهد المتزوج حديثاً ..
همهم الطبيب مقاطعاً افكارها بهدوء و قال بجدية أخافتها : احترس يا سيد كاسيل .. هذه الفتاة لا تبدو عادية , ربما .. و آسف لعدم لباقتي .. تبدو بأنها كانت تواجه مشاكل كبيرة .. كما أننا لا ندري حتى ما اسمها وما مركزها !!.
ارتعبت الأميرة حقا و تمسكت بالغطاء , و الحكيم يكمل بهدوء : يمكنك ارسالها لتتعالج في دار العلاج الخاص في القرية... و ستكون بخير...
دارت بها الأرض و ارتعبت كثيراً , لقد سئمت من أن كل أشخاص تعرفهم يتخلون عنها... لقد سئمت هذا فعلاً...!!
لكن خوفها قطع فجأة عندما سمعت صوت "ريموس" الجدي البارد : آوه حقا !... لا يا سيد جينيس.. ستبقى فتاتي هنا و سأعتني بها أنا بكل قوتي ولها الحرية بأن تفعل أي شيء تريد وحتى الكلام من عدمه .. أنها باقية هنا سيدي. وأشكرك لزيارتنا.
خفق قلبها و دمعت عيناها ... هذا الرجل الطيب لن يتخلى عنها ... آوه كم بدأت تحبه وكأنه والد أُرسل لأجلها...
سمعت صوت خطوات وهي تمسح دموعها بكميها .. شعرت به يجلس على السرير بجانبها ثم أحاطها بذراعه يضمها إليه بحنان و كم كانت بحاجة لهذا !.
_ لا تبكي صغيرتي .. لن أسمح لأحد بمساسك...
مسح دموعها بمنديله و هدئها طويلا .. ثم تركها كي تنام بهدوء .. و قد اطمئن قلبها...
  #99  
قديم 07-08-2013, 02:20 PM
 
انتهى البارت ^^

اتمنى لكم الاستمتااع ~
Angel of sorrow likes this.
  #100  
قديم 07-08-2013, 02:43 PM
 
حجججز @!
__________________
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طفل يولد واسمه مكتوب على خده "صوره" لاتخرج بدون كتابة """سبحان الله"""‎ darҚ MooЙ موسوعة الصور 132 12-15-2011 09:33 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 08:47 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011