عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree544Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #106  
قديم 07-09-2013, 11:07 AM
 
الجزء الثالث عشر { مــآزق !! }


لأول مرة منذ زمن طويل نامت "أنابيلآ" بعمق و راحة , وبلا أحلام مزعجة أو أي ألم ..
افاقت مع خيوط الفجر الأولى , وهي تتمطى شاعرة بالحياة .. كانت عيناها الذهبيتان تشعان بالراحة والسلام .
نهضت بهدوء و توقفت أمام النافذة تتأمل بسكينة الشروق الهادئ ..
سمعت صوتا خفيضا فالتفتت و رأت من بعيد جانب الحديقة الرائعة "ريموس كاسيل" وهو يحدث صبياً يافعاً أشقر الشعر يمسك بلجام حصان بني كبير, أخذا يقهقهان فجأة بمرح . ثم داعب شعر الصبي بحنان و تركه يمضي للجانب الآخر مع الحصان .
ابتسمت دون أن تدري , مالشعور المفقود في قلبها ؟!.
بعد أن استخدمت علاجها , ارتدت ثوبا هادئاً و ربطت شعرها , ثم أخذت تمشي و تدور ببطء في الغرفة , مترددة , مالذي يجب عليها فعله ؟!.
مالذي فعلته أصلاً...! و كيف حدث ؟؟!! ...و ...؟!
عندما همت بأن تفكر بالأمر المرعب ... طرق الباب فجأة , فلتفتت مرعوبة , لكن ظهرت تلك السيدة العجوز و معها الإفطار ..
ابتسمت السيدة لها و اقتربت بهدوء وهي تضع الطعام على الطاولة , ثم قالت لها : أجلسي يا عزيزتي , أنت لا تزالين ضعيفة تناولي الإفطار الان ..
أومأت أنابيلآ ببطء و يديها فوق صدرها , بعدما خرجت السيدة , جلست لتشرب الشاي الساخن .. ثم أكلت القليل و وقفت أمام النافذة مجدداً تتأمل الحديقة الجميلة , رأت الصبي الصغير مرة أخرى يمشي وحده و بيديه الاثنتين سلتين من الفراولة وضعهما على الارض جانبا , ثم أخذ يشذب الازهار و شعره يلمع تحت الشمس .. لم تمر ثانية حتى بدأ بالصفير بمرح مع نفسه ..
فابتسمت دون أن تدري و اتكأت تتأمل الأرجاء ..
_ صباح الخير صغيرتي .
التفتت سريعاً لترى السيد ريموس يدخل للتو من الباب , ضاقت عيناه بحنان وهو يبتسم لها تلك الابتسامة الجميلة.
شعرت أنابيلآ بالحرج سريعاً وهو يضبطها على وضعها هذا تنظر من النافذة !.
اقترب وهو يقول بمرح : عيناك مشعتان اليوم كثيراً , مالذي جعلك تبتسمين !.
مال ينظر من النافذة بجانبها و ابتسم هو أيضاً , قال : أنه ابن السيدة لوفر , آيفرون .
بقيت هي صامتة و ريموس يحدثها عن آيفرون هذا الولد يجيد الكثير حقاً , يعتني بالخيول , وبالمزرعة الصغيرة و يساعد بالكثير من الأمور الزراعية و أصلاح الأشياء ..
قال فجأة بمرح : هل أطلب منه أن يجلب الفراولة إلى هنا...!
لكنها ابتسمت ولم تقل شيئا , سألها مجدداً بعطف : أتودين العودة للراحة ؟!.
هزت أنابيلآ رأسها نفياً , فسأل بلطف : إذا دعوتك للنزهة هل تأتين ؟!.
نظرت نحوه بسرعة و لهفة و عيناها الذهبيتان تشعان أكثر من أي وقت مضى , فكاد يضحك وهو يمسح على رأسها برقة :
_ سنجلب معاطفنا فوراً ..
جاءت السيدة لوفر بلهفة و سعادة وهي تحاول أن تكون رزينة أكثر بينما تساعد الأميرة في ارتداء المعطف لبرودة الصباح و القبعة الخفيف ... قالت لها بمرح :
_ أرجو أن تسعدي بالحديقة و الجو اليوم جميل للغاية , سأرسل آيفرون بالطعام خلفكما ولكني أخشى أن يلتهم نصفه في طريقه , فهو يتلكأ بالنسبة لتوصيل الطعام حتى يستمتع بوجبته السرية هذا الولد ...!
فكادت الفتاة تضحك من كلام السيدة , ثم طرق الباب بهدوء .
فقالت السيدة لوفر : ها نحن قادمتان...
كان السيد ريموس عند الباب , ابتسم لها و أخذ ذراعها ليقربها منه , وهي تتأمل الممر الواسع المفروش , كانت هناك لوحة واحدة فيه .. كان القصر كبير الحجم و الممرات و الردهات , لكنها تقريباً هادئة و غير فاخرة جداً و قليلة التحف.
نزل بها الدرج بهدوء وهو يراقبها لعلها تتألم , لكنها كانت تشعر بالهدوء .. و نوع من الفضول للخروج .
فتحت لهما السيدة الباب و قالت بمرح : سألحق بكما آيفرون .. طاب يومكما.
_ طاب يومك سيدة لوفر , شكرا لك.
لاحظت أنابيلآ أنه لا وجود للخدم ما عدا السيدة لوفر , و ابنها الصغير .. لكن لا يهم .
خرجوا مباشرة لحديقة جميلة مشذبة تصدح بالحياة و شعرت اخيراً بالهواء و عطر الزهور يملئ صدرها و النسيم اللطيف يحرك شعرها و يلامس وجهها كما أن الشمس تعيد لونها الحيوي و تحمر خديها مجدداً...
قالت بسعادة دون أن تدري : آووه جميــلة !.
ضحك ريموس بسعادة واندهاش , بينما انتبهت أنابيلآ لنفسها فأحمر وجهها و ودت لو تندس بأي مكان.
قال لها بلطف وهو يضمها إلى جانبه قليلاً : أنت الجميلة عزيزتي , من يستطيع رؤية الجمال و يشعر به فهو جميل أيضاً . أنظري لهذه البلابل لقد أتت لتبني اعشاشها هنا قبل أيام...
وأشار بيده إلى الاشجار التي يقفان تحت ظلها , سمعت أنابيلآ الشقشقة الجميلة الصادرة من أنواع العصافير الجميلة تتقافز بين الاغصان بسعادة و تغني بصوتها ..
فابتسمت بمرح كثيراً , ثم جلسا على مقاعد الحديقة .. قال يحدثها بهدوء : أنني أنا و سيدان و آيفرون من يعتني بالحديقة فهي كبيرة نوعا ما و سأريك جزء الفاكهة و كذلك أزهار الزنبق في ذلك الجانب ..
لم تقل أنابيلآ شيئا مجدداً و لم يحثها الرجل , بل فقط كانت تستمع لكلامه المهذب اللطيف عن الحديقة و المزرعة , شعرت بكل شيء مسالم و لطيف في هذا المكان ... ربما هو موطن احلامها !.
ثم صمت الرجل وهو يتأمل حوله بهدوء و ابتسامة في شفتيه , همت بأن تنطق شيئا .. لكن صوت خطوات راكضة أتت إليهما ..
شاهدت الصبي مجدداً .. أشقر الشعر ليس بنحيل جدا له وجنتين حمراوين و عينين مشعتين زرقاوين و ابتسامة تملئ وجهه الجميل ..
قال صارخا بمرح : لقد أتيييت !
وهو يهز سلة الطعام بيده .. وضعها على الطاولة و قال بمرح لـ ريموس الذي ضحك له : هيا سيد كاسيل لنتناول الطعام بسرعة فأنا لم ألمسه أقسم بهذا .. لقد هددتني أمي بالحرمان من الاكل لأسبوع إن مسسته !!
_ لن تفعل هذا بك يا عزيزي.
_ أجل يا سيدي , لكني متشوق للأكل معكم .. و مع الآنسة الجميلة .. مرحبا يا آنستي...
و انحنى لـ أنابيلآ بحركة سريعة رشيقة وعينان تملؤهما الفضول و السعادة .
فابتسمت له بعذوبة , قال الصبي وهو يساعدهم بإخراج الطعام من السلة : أنت يا سيدتي جميلة جدا كأنك أميرة !.
ابتسمت له مجددا و لم ترد , ناولها ريموس كأس عصير أحمر وهي تشرب منه بهدوء كان الصبي يحدق بها بانبهار ..
قال مجددا بسعادة : تخيلي أنك أميرة ! , واااو وأنا أتناول الطعام معك ..
نظرت أنابيلآ بتوتر خفي لـ ريموس الذي كان يراقبها , ابتسم لها بعطف ثم قال للصبي : أجلس آيفرون لا يمكنك الأكل و أنت واقف...
_ آووه طبعا سيدي .
و جلس و انهمك بتناول الطعام مع الجميع .. ثم انتهى سريعا و أخذ يثرثر عليها كثيراً وأن هذه الفراولة من تعب يده وقد قطفها الان صباحاً ..
ثم صمت قليلا يتأملها , سأل بعد هنيهة بهدوء : لكن .. يا سيدتي , ما أسمك ؟!.
حدقت به أنابيلآ وقد توقفت عن تناول شرابها , ثم نظرت نحو ريموس الصامت , هزت كتفيها بلا مبالاة ثم قالت بصوتها الهادئ الناعم :
_ اسمي آنا .. أدعى آنّـا فقط ...
_ وااه اسمك جميل و رقيق مثلك تماماً .. أنا أدعى آيفرون , كما أنني أمتلك حصانا وهبة لي السيد كاسيل اسمه جوش , سأكون تحت خدمتك و سنآخذك بنزهة حيث تشائين على ظهر جوش !.
ابتسمت للصبي بلطف وهي تقول مجددا بخفوت : شكراً آيفرون , أنت صبي صالح !.
فأحمر الفتى خجلا و ضحك بسعادة .. بينما نظرت نحو السيد ريموس و تبسمت له تطمئنه , فتبسم لها بعطف وارتياح .
عادوا يتمشون بين الأزهار و يحدثانها عنها و عن جمالها , و ظهر لهم رجل بمنتصف العمر يرتدي ملابس عادية بأحدى يديه مجرفة صغيرة و الأخرى بها مجموعة من الورود الحمراء ..
حياهم بمرح ثم حدق بدهشة بالأميرة .. قال السيد ريموس لها برقة : هذا هو السيد براين , أنه يساعدني في المزرعة ..
قال الرجل بأدب و ابتسام : مرحبا آنستي , هل تستمتعين بيومك ؟!.
ابتسمت لها أنابيلآ و قالت بصوت هادئ ناعم : أجل , شكراً لك سيدي...
فجأة قفز الصبي آيفرون و قال للرجل وهو يمد يديه : دعني أعطي هذه الورود للآنسة آنـّا !!. أرجوك اعطني إياها...
حاولت أنابيلآ الاحتجاج لكن الرجل وافق بكل سعادة و قال : أجل بالطبع .. دعني أقصها جيداً و ألفها بالورق...
ثم مروا بمزرعة لطيفة صغيرة من التوت و العنب ..و قام المساعد الآخر و آيفرون بكل مرح بجمع كمية هائلة منه و تعبئة السلال لأجل أنابيلآ ...

و هكذا عادت الأميرة لمنزل السيد ريموس محملين بسلال الفاكهة والورود وبعض أوراق الأشجار العالقة في شعرهم !
حدقت أنابيلآ بنفسها في غرفتها بعدما استحمت و استخدمت الزيوت العلاجية .. وجدت عينيها الذهبيتان تشعان بالحياة مجدداً و وجهها ينبض بالحرارة ووجنتيها محمرتان كالورود .. ابتسمت بخفوت و دعت بقلبها أن تستمر هذه السعادة...
مرت ثلاثة أيام على هذه الحال .. وقد قررت أنابيلآ أن تضع ذكرياتها القديمة في النسيان و تتجاهلها كلياُ , كما أن الكوابيس لم تعد تلاحقها أبداً... و في يومها الثالث نزلت لتناول العشاء برفقة السيد ريموس و الصبي و أمه في غرفة الطعام الجميلة الدافئة...
ثم في نهاية العشاء رافقها آيفرون للأعلى و بيده تفاحه يقضمها بسعادة ..
لكنها توقفت وهي تنظر لممر آخر مظلم .. و قد رأت شيئا يلمع في آخره .. بقيت تحدق فترة , أتى الصبي و حدق مثلها ثم قال فجأة : آوه .. آوه لوحة السيدة هناك .. أنها مطرزة بالذهب لهذا رأينا اللمعان ^^!.
نظرت نحوه الأميرة و سألت بهمس و توتر خفيف : السيدة ؟!.
حدق بها و قال بثقة طفولية : بالطبع كان للقصر سيدة بما أن له سيد !.
شعرت أنابيلآ بالغباء لثانية , ثم همست : أتعني... أ... زوجة السيد كاسيل ؟!.
رفع حاجبيه ينظر نحوها بدهشة , ثم تهدلت كتفاه و قال بنبرة حزينة : زوجة السيد كاسيل سيدة طيبة للغاية , توفيت منذ سنوات قريبة .. و من بعدها توفيت ابنته أيضاً بالمرض ذاته !.
همست أنابيلآ بحزن : يالا السيد كاسيل المسكين ...!
_ السيد حزين للغاية و حتى أيام قريبة مع أنه مضت ثلاث سنوات ربما .. لكن أتدرين شاء القدر و جئت أنتِ .. أنك بعمر ابنته ربما كما أن لون عيونكما متقارب .. و ربما لهذا يحبك السيد كثيراً وكأنك تشبين ابنته !.
ضاق صدر أنابيلآ كثيراً , و شعرت بالدموع تتجمع , قالت بحزن : هل اشبه ابنته حقاً ؟!. ليتني كذلك ...! أنه لا يستحق كل هذا الألم و الحزن...
قال الصبي بحزن أيضاً : أجل .. آووه و قد فعل أمور كثيرة للقرية ... بنفس السنة التي توفيت فيها ابنته ... لقد اشترى القرية من أمير ما متعصب و قاسٍ .. و كان السيد كاسيل نبيلاً ثرياً و ذو مكانة كبيرة و لديه الكثير من الذهب و الأموال ...
هزت رأسها و قالت مندهشة : ماذا تقول ؟!... اشترى القرية ؟!.
قال الصبي بعيون زرقاء متسعة : أجل بالطبع .. قريتنا .. لقد كانت تحت سيطرته الأمير المعتوه !. لكن السيد كاسيل كان أغنى منه بكثير .. اشتراها و كما يقول كبار السن .. وكأنه اعتقنا منه .. و قام بالكثير من الإصلاحات و اشترى لأجلنا المزارع و حفر القنوات و اشترينا الماشية كذلك و جعل لكل منا وظيفة...!
بقيت أنابيلآ مندهشة تنظر إليه ... أكمل الصبي بإعجاب وحماس :
_ كنا فقراء معدومين تقريباً و بحالة يائسة .. لكن السيد أتى و سكن هنا ثم علم بأمرنا و ساعدنا حتى ذهب أغلب ماله .. و قد قام ببيع بعض التحف الغالية الثمين لأجلنا ..و قد قال لنا أن الانسان أهم من هذه الجمادات .. لهذا ترين منزله خالٍ هنا ..و لا خدم لديه سوانا و لكن القرويين يريدون خدمته و العمل لديه لكنه يرفض إلا مساعدتي و السيدان في المزرعة ..
قالت أنابيلآ بدهشة وإعجاب : هذا عمل لا يقوم به أي شخص...!
رد الصبي بحماس و وفاء شديد : لكن سيدي ريموس ليس آي شخص .. يسألوننا الغرباء أحياناً من هو حاكم هذه القرية نقول له الملك ريموس...!.
ثم همس لها بخفية : لكن لا تخبريه بهذا فهو لا يعلم بأنه ملكنا !
فضحكت أنابيلآ وهي تمسح دمعة نزلت من عينيها .. قال الصبي وهو يحثها للمشي لغرفتها : أتعلمين بأننا خضنا معركة معه ضد قطاع طرق أشقياء .. لقد قاتلهم و طردهم ..هو قوي جداً زودنا بالخيول و السيوف و الخبرة كذلك .. لا أعرف لمَ هو ليس ملكاً أصلاً... لكنه رجل نبيل شهم... أليس كذلك ؟!.
وافقته أنابيلآ وهي على وشك البكاء حزناً لا تدري لم !.
قال لها بمرح : تصبحين على خير آنسة آنـّـا .. أحلاماً سعيدة !.
ابتسمت له : تصبح على خير عزيزي .. شكراً لك ..
ثم قال: أننا ننام بمنزل قريب ... لكن ربما تسمح لي أمي بالمبيت هنا لدى السيد حتى أسليه . ثم في الصباح أجلب لك الفراولة ..
_ آوووه يا عزيزي .. شكراً ..
لم تنم جيداً هذه الليلة و جاءها قرار حاسم , هي ستبقى هنا و ستساعد السيد كاسيل بكل شيء , ستبذل جهدها لأجله .. لقد عانى بما فيه الكفاية أيضاً .. كانت هذا سر نظرة عينيه الحزينة العميقة ...! كما أنه , انقذ حياتها.
صباح اليوم التالي , سمح لها ريموس بامتطاء الخيل و مشت قليلا خلف المزارع مع آيفرون الذي كلمها عن نهر مجاور .. كان الصبي يسليها لأبعد الحدود و ينسيها كل آلمها .. ومع أنه صبي يأكل طوال الوقت إلا أنه رشيق و سريع العدو يسابق الخيل كما أنه يضحك كثيراً و يلقي بالنكات على كل شيء ..
توقفا قرب النهر وقربت أنابيلآ الحصان ليشرب الماء و كذلك لتغسل هي وجهها و قدميها أما آيفرون فأخذ يتقافز على الصخور و يلعب .. رشها بالماء على وجهها مازحا و قال : لقد نسيتِ بقعة !!.
ضحكت أنابيلآ قليلا ثم قالت وهي تنهض : لن تفلت بفعلتك ..! آيفرون...
وقفت بلا اتزان على صخرة ما و هي تريد الإمساك به... لاحظها الصبي و قال بقلق : مهلك .. آنسة آنــا... أجلسي...!
ردت أنابيلآ بكبرياء : ما تظنني ؟!. يمكنني القفز خلفك بسهولة...!
لكنها لم تنتظر كثيراً قفزت بالفعل من فوق صخرة لأخرى .. و زلت بها القدم فوراً .. مع أنها حافية القدمين .. ضربت قدمها حافة الصخرة بقسوة و سقطت وسط المياه ... لم يكن عميقاً جداً .. لكنه يغرق المصابين !.
_ آنستي...!!
قفز الصبي فوراً وراءها واستطاع سحبها إلى الحافة ... لم تفقد وعيها تماماً لكن تأوهت ألما و شعرت بكدمات شديدة على قدمها و ساقها فلم تقدر على النهوض...
_ تماسكِ آنستي .. سأقرب الحصان و أجلب لك غطاءاً...
شعرت أنابيلآ بالشفقة على حالها صبي صغير يساعدها ..حاولت النهوض لكن لم تقدر تصاعد الألم شديداً في ساقها .. فكتمت صراخها و لكن دموعها قربت على الهطول .. ظلت جالسة بينما يضع الصبي الغطاء حولها...
سألها بقلق : هل آنستي بخير؟ مالذي يؤلمك ؟!.
قالت أنابيلآ بتوتر : أنا بخير , انتظر قليلا فقط .. سأقف...
لكن لم تقدر و جلست متألمة جداً , رأت بأنها جُرحت بعمق قرب كاحلها والدم بدأ يسيل .. تأوه الصبي : سأجلب المساعدة .. سأركض بكل قوتي .. أننا لم نبتعد ..
شعرت بالرعب فقالت بسرعة : لا. لا. لا تذهب و تتركني وحدي !.
وقف الصبي محتاراً , فقالت أنابيلآ بأسف : أنا آسفة , لن تخرج معي في نزهة أبداً !.
_ توقفي عن قول هذا آنستي !! بل العكس تماماً أني سعيد جدا بالنزهة معك والحوادث تحدث أحيانا .. آووه هناك فارس ما !!. سنطلب النجدة منه !!.
فتحت أنابيلآ فمها متعجبة ... ماذا؟
صرخ الصبي وهو يقفز و يلوح راكضا : مهلا !! سيدي , أرجوك توقف .. نحن بحاجة للمساعدة... سيدي !!.
لم تستطع أنابيلآ الرؤية كانت تجلس خلف الحصان ترتجف برداً... سمعت صوت حصان قوي .. ثم هرولة إليها ... التفتت تنظر وهي تقول بأسف :
_ لا تزعجوا أنفسكم أرجوكم , أني فقط بحاجة لأكون فوق الحصان و....!
بترت جملتها الخافتة و عينيها الذهبية تجمدان ثم تتوسعان صدمة شديد , كذلك عيني الفارس الذي وقف مصدوما يحدق بها وكأنه رأى شبحاً... لا يمكن أن يكون هو... !! لا يمكن...! وكيف حدث هذا بربكم ؟!!. أي شخص .. إلا هو ....!!
حدقت بالعينين الزرقاوين صدمة وشعرت بأشياء تتهاوى في داخلها و تتفتت ثم تختفي بألم , أهذا " أليكسس" ؟!!! ..
بعدها أبيضت السماء في عينيها و خرت مغشيا عليها !
  #107  
قديم 07-09-2013, 11:07 AM
 
فتحت عينيها الخضراوين بتعب رهيب و صداع شديد يدق رأسها ,, همست بألم : آآه .. أين أنا ؟!.
و نظرت حولها , ما هذا المكان ؟!.
يبدو ككوخ قديم جداً و رائحة العفونة تفوح من أرجاءه , بينما شعرت هي بالآم مبرحة في أنحاء جسدها .. ذراعيها و ظهرها و رأسها .. ك
انت الأميرة مكبلة تماماً بحبال غليظة .. جالت ببصرها مجدداً في الظلمة .. و سمعت أصوات في الخارج ...
ميزت الباب المتهالك بصعوبة في الجهة اليمنى بثلاثة امتار ربما .. وأمامها نافذة محطمة بزجاج قذر .. كان الجو ليلاً شديد السواد .. ربما أغشي عليها لساعة او اثنتين ..
شعرت مارسيلين بالغضب و اليأس و العجز أكثر من الحزن نفسه .. لقد أمسكوا بها أخيراً هؤلاء الأشرار .. و الآن ما سيفعلونه بها ؟!! ..
سمعت الأصوات مجدداً... رجلين و امرأة .. تلك الوضيعة الشريرة .. ربما حبسوها هنا لبعض الوقت .. فهم لديهم مؤكد مقر آخر و رئيسهم بانتظارهم ...!
فجأة فتح الباب و ظهر الرجل الضخم الأسمر ممسكا بمصباح زيتي و من خلفه عدة ظلال .. شعرت مارسيلين بالخوف و القلق , أنهم أكثر عدداً...
_ آوه لقد استفاقت القطة الصغيرة ... لم نعتقد بأنك ستسهلين علينا مهمة القبض عليك بتلك الطريقة !.
_ هه المسكينة ترتجف خوفاً...
صرخت مارسيلين بقوة : تبا لكم ... سيأتون لنجدتي و ستندمون !.
_ آوه يا حلوتي .. اصرخي كما تشائين . نحن بمنطقة بعيدة جدا و مجهولة ..
_ يالا الأميرة الضعيفة المسكينة ..
قالت مارسيلين بارتجاف : و مالذي تريدونه مني ؟!.
_ آوه هذا سر ... في الواقع نريد والدك أكثر .. لكننا سنجعلكم تنهارون ببطء ومن الأسفل ..
_ فالتسقط عائلة دونسـار .. و يعود الحكم لنا مجدداً...
ضاقت عيون مارسيلين تفكر ... حسنا شيئا بالتاريخ القديم .. هؤلاء الجماعة الحمقى و العصابة مؤكد بأنهم ...
قالت : هل أنتم جماعة فرانكوس ؟!... أو لوتارن ؟!.
قال الأسمر ببرود : ولا وحد من هؤلاء الأغبياء الضعفاء ... نحن من مؤيدون كريستس !.
رفعت الأميرة حاجبيها ببرود و قالت : أيها الحمقى .. لوتارن هم من قضوا عليكم نهائياً .. أنتم الضعفاء هنا...!
فجأة صرخت بها الشقراء : أخرسي !.. من تظنين نفسك ...!
ردت مارسيلين ببرودة شديدة رغم ألمها : أني أحفظ التاريخ .. هذه حقيقة أيتها الخبيثة المتسللة !.
تقدمت منها الشقراء باندفاع و صفعت مارسيلين على وجهها بقوة ... شهقت الأميرة صدمة و ألماً ...
أمسك بالفتاة أحد الرجال و قال يهدئها : لا تجعلي طفلة تغضبك !.
صرخت الشقراء : والدها قتل أخي ... عليه اللعنة ..سأعود للقصر ثم أقتله بنفسي...!
حدقت بها الأميرة برعب شديد و قالت : ماذااا ؟! الويل لك... لا تقتربي من أبي...!
ابتسمت الشقراء بخبث و همست : انتظري فقط هنا و ستسمعين خبر موته...!
صرخت مارسيلين بقوة : سيسمعون خبر موتك أنتِ ... جميعكم ميتون...
قال الأسمر الضخم لأحدهم : صوتها عالٍ , أربط فمها ...!
وضعوا رباطا قذرا قويا على فم الأميرة رغما عنها .. و ترك لها الضخم المصباح ينير الغرفة ... ثم خرجوا جميعا...
أغمضت مارسيلين عينيها بقوة و أرهفت السمع ..
قال الأسمر : أنتم احرسوها هنا .. نحن يجب أن نعود للقصر و إلا سيكشفوننا . فهمتم ؟!.
_ أجل ...
قالها ثلاث أصوات... ثم اصوات احصنة بعدها هدوء تام ...فتحت مارسيلين عينيها اللتان تلمعان بضوء المصباح الذهبي الخافت ... و فكرت ... يجب أن تفعل الأمر بطريقة صحيحة تماما !.
تحركت بتململ حول نفسها دقائق ثقيلة طويلة , ثم حتى استطاعت أن تنحي جانباً و سقط السكين الصغير جدا الذي تخبئه في داخل ملابسها بين الطيات .. و دارت ببطء و حذر حتى قبضت عليه في يدها التي خلف ظهرها ...
بحذر شديد و صبر قطعت الحبال عن يديها ... ثم فكت الرباط عن فمها .. ثم قدميها ..نظرت حولها جيداً ..وجدت حقيبتها الصغيرة و أخذتها تربطها فوق ظهرها...
امسكت بالمصباح و سكبت زيته تحت النافذة ثم ... اشعلت الخشب القذر ..!!
سحبت خشبة غليظة من الأرض و وقفت قرب الباب ما هي إلا ثوان حتى صرخ شخص ما :
_ نااار !... حريق في داخل الكوخ...!!
فتح الباب بقوة و دخل أول شخص .. تلقى ضربة قوية على رأسه فسقط أرضاً... ثم الثاني ضربته و الثالث نجا من الضربة لكنها عرقلته فسقط .. هربت من الكوخ تركض و وجدت حصانين أمامها .. فقفزت على أولهما و شدت اللجام بقوة ...
صهل الحصان بقوة ثم انطلق بها كالصاروخ ... سيأخذون بعض الوقت قبل اللحاق بها ...
ركضت مارسيلين لا تدري إلى أين لكن الظلام شديد سيغطيها ... و كان قلبها يخفق قلقا على والدها من تلك الخبيثة .. يا ألهي , والدي بخطر شديد .. مع أنهم أذكياء و أقوياء لكنهم لن يشكو بتلك الوصيفة الشريرة , و لكن هي بنفسها كتبت أنها ستذهب وحدها لفترة ما ...!!
يجب أن تصل لأقرب قرية و تكتب رسالة للوزير فالكوس بأقصى سرعة مع حمامة زاجلة حتى يتوخوا الحذر , بالتأكيد ستعم الفوضى قليلاً لغيابها و لن تقدر تلك الشريرة من تنفيذ خطتها مباشرة ..!
و ظلت تقود الحصان بعيداً وهي قلقه جدا و تنظر حولها كل ثانية .. ولم يمر سوى ساعة من الوقت حتى بدأ الفجر ينبلج , و بدأت الرؤية تتضح ... ضيقت عينيها و رأت قرية صغيرة بعيدة قليلاً ... فتوقفت لثانية تفكر .. أنها لن تذهب هكذا لهم ربما سيعرفونها أهل القرية و سينتشر خبرها .
لذا قررت شيئا .. وهو لن يكون شيئا صعباً عليها ...!
دخلت القرية ممتطيه الحصان بهدوء و هي تراقب حولها , لم يعيروها الناس هنا الكثير من الاهتمام , للتو استيقظوا مع هذا الفجر و الكل ذاهب لعمله ..
توقفت عن البئر شربت من الماء و اسقت حصانها .. فجأة ناداها صبي من خلفها :
_ اهلا بك سيدي ! , تبدو غريباً , لكن حصانك يحتاج للعناية . سأفعل مقابل القليل فقط !.
التفتت ببطء تحدق بفتى يافع بملابس بسيطة و دلو به فرشاة و أدوات .. كان تلف حول وجهها و رأسها غطاءا بنيا و ملابسها رثة و مغبره و واسعة ... بينما يتأملها الصبي بدقة .
تنحنحت وهي تفكر بسرعة , قالت بصوت خشن قليلا : أجل , هل تفعل , سأعطيك شيئا جيداً...
ابتسم بوجهها الصبي , فسألت وهي تنظر حولها بحذر : لكن .. هل تدلني على المكان الذي اشتري منه بعض الطعام و الثياب , هل فهمت ما أعني ؟!.
غمز لها الصبي و قال : آوه و شيء جيد آخر لهذا أيضاً أليس كذلك , أنت تقصد السوق !.
ضيقت مارسيلين عينيها , هذا الصبي فطن ... و يجب أن تحذر لـألا يضيع مالها الذي اخذته...وافقت و مشت خلفه تجر حصانها ..
أشار لها الفتى على بضعه أماكن و ساق هو الحصان لمكان قريب كي ينظفه و يطعمه و يعتني به ... بينما مشت الأميرة المتنكرة بحذر و خفه حولها .. توقفت عند عجوز ما و اشترت بعض الطعام البسيط وهي لا تنطق بشيء .. فقط تحرك رأسها ...

ثم وقفت وهي تتأمل رجل حداد ما يطرق السيوف و الخناجر .. راقبته من بعيد و لم يكن حوله من أحد ..
يجب أن تأخذ شيئا تحمي نفسها به .. فهي بلا حماية نهائياً... و يجب أن تختار جيداً و شيئا خفيفاً قوياً فهي لا تقدر على التعامل مع السيف باحتراف .. أنما تعرف القليل فقط كما عملها اخيها ليلياك ...
تهيأت ثم مشت بهدوء نحو الرجل العجوز , رمقها الرجل من بعيد بدقة وهو يحمي الحديد ..
أومأت له مارسيلين كتحية , فأومأ لها بلا مبالاة .. وقفت الأميرة تتأمل السيوف المعلقة .. كانت ثلاثة فقط كبيرة و تبدو ثقيلة جداً ...! و لكن هناك بضعه خناجر ..
كان عليها أن تسأل , فتنحنحت و قالت بصوتها الخشن الغريب : أريد , سيفاً نحيلا و خفيفا و حاداً جداً يا سيدي , و خنجر كذلك !.
رفع الرجل رأسه و دقق النظر نحوها , لكن لم يكن يظهر من وجهها سوى عينيها و أعلى انفها ..
ثم أخفض بصره قليلا و حدق بيديها ... أخذ قلب مارسيلين يخفق بقوة .. فيديها الظاهرتان قليلا نحيلتان و ناعمتان جدا و بالتأكيد ليست بيدا رجل !!!
ضاقت عينا الرجل , لكنه أومأ لها و اختفى قليلا بمحله ..
أخذت مارسيلين تتنفس الصعداء بتعب .. هل عرف بأنها فتاة ؟! , و أن يكن ,, لا شأن له .. هي الآن زبون يشتري ..!!
خرج من الباب و بين يديه سيف ملفوف بقماش أسود و حول حزامه خنجر صغير منقوش ...
حدقت مارسيلين جيداً بالرجل الكبير هذا .. شعره أشيب لكنه بقامة جيدة و رشيق الحركة و عضلاته واضحة بذراعيه التي شمر عنهما قميصه .
قال الرجل لأول مرة بصوت خفيض : هذا سينفعك ...!
و فك القماش بحركة سريعة عن سيف نحيل دقيق و يلمع بشكل حاد جداً .. ببطء و كأنه يعلمها أمسك بمقبضه جيداً و بقوة .. و حركه أمامها بخفه ... ثم مده لها... فحاولت مارسيلين تقليد مسكته .. و خشيت أن يضحك عليها لكنه بقي يراقبها جيداً...
كان فعلا خفيفاً لكنه يبدو حادا جدا و مخيف ... ربما يقطع بسرعة أي شيء !.
اعجبها جداً , فقالت بهمس بارد : سآخذه ..و ..الخنجر ؟!
سحب الخنجر الذي بحزامه بسرعة و وضعه بقوة أمامها على الطاولة الخشبية .. تبادلت النظر مع الرجل الغريب و كان له عينين دقيقتين ذكيتين ... في هذه اللحظة منحها نصف ابتسامة باردة ..
قال بهدوء : هذا أيضا سيكون جيدا لك , تعاملي بحذر معه !.
آآآخ , تأوهت بداخلها , لقد عرف بأنها فتاة , لكن لا يهم ... قالت ببرود : أجل , شكراً , كم ثمنهما ؟!.
رفع رأسه و همس بشكل خافت جداً : لو كان ثمنهما أجوبة لبعض الأسئلة...
_ أنسى الأمر ..!!!
ردت بحده , ضاق جبين الرجل و قال بحذر هامس : لا تتوتري !, أنها فقط عشرون قطعة ذهبية , بالإضافة أنني أبيع السيوف , و لا أدري إن كان مشتريها شريراً أم خيراً ..
وضعت له المال على المنضدة , فقال لها شاكراً : شكراً لك , هذه التي معك هي الأفضل . أني أصنعها خصيصاً للأوقات الصعبة...
ردت مارسيلين : شكراً ..
مال برأسه و قال ببرود : ربما يجب أن تبتاعي بعض الملابس أيضاً ..!.
زمت شفتيها و فكرت بأن هذا الرجل متطفل و غريب , قالت ببرودة تجاريه : ربما ..
والتفتت تنظر حولها تبحث عن محل للحمام الزاجل .. ولم ترى شيئا .. قالت تسأل الرجل خلفها : أين الحمام ؟!.
رد الرجل بهدوء وهو يمسح أحد سيوفه : للأسف لا يوجد هنا وسيلة للإرسال ..
فتضايقت مارسيلين بشدة , لكن الرجل أكمل ببرود : لكن لدى صديق لي واحدة , ربما عادت اليوم !.
التفتت نحوه و هي تقول بتوتر : يجب ان أرسل شيئا مهماً الآن .. أرجوك دلني عليه , أريد استعارتها قليلا و سأدفع الكثير...
صمت الرجل يحدق بها , ثم خرج من مكانه وهو يقول متذمراً : آه يالا الازعاج , سأجلبها لك .. ابقي هنا و احرسي محلي !.
رفعت مارسيلين أحد حاجبيها متعجبة من هذا الرجل الغريب , لكن من الجيد أنه يساعدها ..
بعد دقيقة من الانتظار , جاء الصبي ومعه حصانها , قال بمرح : أنه فتى جيد .. و هو الآن يبدو مرتاحاً و سعيداً , وقد تناول طعامه كله .. خذه يا سيدي ...
فشكرته الأميرة و أخذت الحصان الذي يبدو نشيطا و نظيفاً , ثم سلمت الفتى نقودا ذهبية بكرم , ظهرت الدهشة على الصبي و قال :
_ لكن هذا كثير جداً...!
_ لا بأس أنه كله لك .
_ آآآآآآووه شكراً سيدي , و أتمنى أن تمر من هنا دوماً...!
فكادت مارسيلين تضحك .. وهو يركض بعيداً... ثم عاد الرجل و معه بيده حمامة بيضاء جميلة .. قال وهو يتأمل حصانها :
_ حصان جيد !.
ثم جلس بمكانه و الحمامة بيده قال لها : و الآن خذي هذه الورقة و اكتبي ما تريدين .. ثم ارسليها .
أومأت و كتبت في الرسالة بشكل غامض أن هناك خونة بالقصر وعن الوصيفة و الحارس الأسمر و يجب الاحتراس , ثم أشارت بأنها بخير و هي تعتني جيدا بنفسها ..!
طوت الورقة صغيرا جداً و سألت : هي تسلك الشمال أليس كذلك , الطريق آمنة لها !.
قال الرجل : بالطبع .. هي تتوقف عند المنارات الخاصة لها .
تعرف مارسيلين لحسن الحظ بأن الوزير فالكوس و معه حرسه يتفقد بنفسه منارات الحمام الزاجل يومياً صباحاً .. فأملت بكل قلبها أن يجد الرسالة ..
و طارت الحمامة بسلام عالياً ... قال الرجل بهدوء قبل أن تذهب بعد أن سلمته المال : ألن تبيتِ الليلة هنا ؟!.
ردت ببرود : لا ..
فصمت يحدق بها , و هي غادرت سريعاً بعدما اشترت لها ثياب صبيانية جيدة .. ركبت الحصان و اسرعت نحو الشرق ..
ظلت تسير فترة طويلة و رأت بعض المسافرين الى قرية ما فقررت السير معهم على مسافة معينة حتى لا يزعجوها بالأسئلة ... و في الليل توقف السائرين و جلست هي متنحية قليلا تتدرب على سيفها بخفية بينما المسافرين يرمقونها من بعيد بفضول , لكنها لا تجيب عن أي شيء ..
وفي الفجر وصلت معهم إلى قرية تبدو أكبر من سابقتها .. فجلست هي جانباً في الخان الذي يأتي إليه المسافرون و أخذت تتناول طعامها و لأنها لا تريد لأحد ان يكتشف وجهها الناعم الأبيض أخذت بعض الرماد و مست به وجنتيها و قرب شفتيها حتى يظنوها شاب له شعر خفيف !!.

و مجدداً سألت عن الحمام كي ترسل مجدداً للاطمئنان أكثر , ووجدت لحسن الحظ منارة لها , فكتبت رسالة آخرى للوزير ثم قالت بأنها ستنتظر هنا يومين لأجل أن يجيب عليها ..
فكرت بعبوس بأنهم قد يأتون للبحث عنها , لكن هاها لن يجدوا فتاتهم حقاً , لأنها فتى الآن و سوف تعرفهم قبل أن يعرفوها لذا ستتمكن من الفرار مجدداً ..!

مرت الليلة الأولى بسلام وهي مرتاحة في غرفتها في الخان ... و نهاراً تتدرب خفية على الخنجر و تنهدت وهي تتذكر أفضل حارس رأته , و تمنت لو .. لو فقط تراه .. ليس لأجل أن يحرسها .. و لكن لتراه أكثر و تتعلم منه هدوئه , واتزانه و ثقته و قوته !... سيدريك أين يمكن أين يكون الآن وماذا يفعل ؟!.
توسعت عيناها فجأة وخفق قلبها !!. أيمكن أن يكون متزوج ؟!!!!!
هل لديه عائلة ؟!... و هل لديه زوجة أولاً ؟؟!! كادت تشهق .. لا .. ربما لا... لكن .. و لم لا ؟!.. ربما لديه من يهتم لأمرهم !!..
شعرت بالضيق الشديد و احتارت بشدة وهي تنظر نحو الغروب ... هذا لا يمكن ؟!!. ماذا عني أنا ><!؟؟!! أني احتاج لأن أتعلم منه بعض الأمور و ..و... و .. يحرسني قليلا أيضا ...!
داهمها الاحباط وهي تبحث بعقلها عن حجة مناسبة كي تبحث عنه و تقول بأنها تحتاج إليه .. ولكنها لم تجد شيئا !!.
فجأة توقفت مصدومة .. حدقت حولها بتوتر .. كان الظلام قد هبط فجأة دون أن تدرك !!. و قد أصبحت وسط طرقات لا تعرفها !! و الناس قد دخلوا بيوتهم بسرعة ... فبقيت هي وحدها في الظلمة ...
أخذ قلبها يدق برعب .. وهي تتلفت و تمشي ضائعة لا تتذكر الطريق... يبدو كل شيئا متشابها وسط الظلمة ..!!!
قالت بقلق : آووه يا ربي... مالذي فعلته ؟!.
و تذكرت الخنجر في وسطها فتشجعت قليلاً ... و مشت حولها بحذر وبلا صوت حتى لا ينتبه لها أحد .. ولكن فجأة سمعت صوت صرخة مختنقة خلفها ... صراخ لطفل أو طفلة لكن اختنق بسرعة ...
جن قلب مارسيلين وهي تنظر خلفها حيث الظلام ..!! مالذي عليها فعله ؟!..
ظهر الصراخ مجددا واضحاً يائساً :" أمـــــي ....!! "
شعرت الأميرة بالرعب و بالخوف لكن ليس لأجلها , فعادت ادراجها سريعا وهي تسحب الخنجر متأهبة ... نظرت جيداً و رأت ظلال تتحرك .. و ظل ضخم يضرب بيديه شيئا ما ...!
فتسمرت بمكانها , ماذا يمكنها أن تفعل ؟!!!.

...
  #108  
قديم 07-09-2013, 11:08 AM
 
خفق قلبها خفقاناً غريبا وهي تلتف من الممر بهدوء و تمشي به , كان بإضاءة خفيفة دافئة , و رائحة عطر ما بالجو ..
نظرت حولها وهي تفكر باضطراب , مالذي تفعله ؟!. أنها تمشي دوماً بكل بلاهة في الطريق الخاطئ !!.
تذكرت العينان الرماديتان تلك و ما تحملانه من غموض و خطر .. فجاءها إصرار غريب على المضي , أنها تكاد تموت فضولاً , و تريد أن تعرف مالذي يحدث ؟!.. و ما هذه القصة الغريبة التي تدور حولها...!
مشت قليلا حتى دخلت بممر آخر و نظرت حولها , لكن شهقت برعب شديد عندما أمسك بكتفيها يدين فجأة...
فلتفتت مرعوبة و حدقت بـ ...
قال الوزير زارو ضاحكاً : هل اخفتك , آسـف جداً !!.
ضاقت عيني غاردينيا و قالت ببرود : لقد أرعبتني بالأحرى !. مالذي يجري ؟!.
رفع حاجبيه باستغراب لكنه ابتسم وقال وهو يقودها من يدها : لا شيء أيتها الأميرة , لقد لمحتك , ولقد جلبت أيضا الهدية ..
_ آوه !.
لم تقل شيئا و فقدت الحماس .. توقفاً في قاعة جميلة عالية تطل على القاعة في الأسفل , وقفت قرب السور و نظرت إلى الناس تحتها و الحفلة التي تجري بلا توقف .. و الجميع يبدون خالين البال ..!
فكرت بفضول , أين اختفى ذلك الشبح ؟!.
_ هاك !.
التفتت إلى الوزير الوسيم الذي أخرج لها من العلبة عقداً جميلاً ذهبياً و بقلبه جوهرة زرقاء لم تدري ما هي حقا ! , مرصع الألماس الصغيرة حولها بجمال باهر غير مألوف ... توسعت عيناها دهشة و انبهاراً , اعجبها جداً لكن هناك شعور غريب...
قال الوزير ضاحكا : لا تكوني مصدومة هكذا , مؤكد لديك مجوهرات أجمل بكثير , ولكن هذه هدية بسيطة مني إليك .. دعيني أضعها لك ..
ابتسمت بخجل , وهو يضعها لها شعرت ببرودة الجوهرة و سألت مبتسمة : ما هذه الزرقاء ؟!.
نظر نحوها و قال بلا مبالاة : أنها مجرد جوهرة لا تقارن بجمالك ...!
و ابتسم لها مجدداً , شكرته غاردينيا : أنها رائعة جداً , و ثمينة جداً لم يكن عليك أن...
_ آووه لا تقلقي لدي الكثير .. و أتمنى أن تقبلي بقلبي فقط ... هلا ذهبنا ؟!.
لكنها بهرت بالجوهرة وهي تلمسها بنعومة في جيدها و قبلِتها منه , لم تتوقع بأن شخصاً مثله يمكنه أن يهتم بهكذا أشياء... آووه أنها لا تحب أن يتقرب منها كثيراً , و ربما فهم قبولها الهدية بشكل خاطئ .. على العموم ستتحدث معه في نهاية الحفلة !.
طلب منها أن يرقصا قليلا فلم تستطع أن ترفضه مجددا !
و اثناء الرقص كان هو يتحدث معها على كل أموره المفضلة و قتاله و انجازاته كما أنه ينظر نحوها بسعادة و انبهار وهو متباهى جداً بها !!
شعرت غاردينيا بالملل و الضيق فـ زارو يحب الكلام عن نفسه فقط ...! و لا يهتم بما تريد الحديث عنه هي ...!
قررت بنفسها أنه ما أن ينتهي حتى تغادر هذا المكان , لقد سئمت !!.

لكن رفعت بصرها فجأة إلى ذلك الموقع الذي وقفت به في الأعلى قرب الدرج , و توسعت عيناها الزرقاوان عندما التقت بعينين رماديتين بلون الحديد البارد خلف قناع أسود لامع غامض ..
..كان واقفاً هناك بنفس مكانها , متكأ و هادئا يراقبها ثم طاف بعينيه ببرود حول الضيوف ثم أوقف بصره الحاد على الوزير الغافل عن تجمد غاردينيا وتصلبها ..!
نظرت غاردينيا نحو الوزير الذي يتحدث بلا توقف , ثم نظرت مجدداً نحو اللورد المظلم الواقف في الأعلى كأنه شبح شرير يبحث عن هدفه ...هذه المرة لم يكن ينظر بل كان يحدق بحده إلى الوزير و كأن أفكاراً ما تدور بعقله !.
بلعت الأميرة ريقها بصعوبة و شعرت هي بالاختناق .. قالت فجأة بصوت مرتجف قليلاً : لمَ... لم لا ... تجلس قليلاً... بمكان بعيد ... ربما... أ... و أنا سوف ...
رمش زارو بعينيه و ألتمعت بسعادة و قال بنعومة : بالطبع , لنجلس معاً في الشرفة !.
ارتبكت الأميرة و قالت : لكن , أنا أود العودة بصراحة ..!
حدق بها قليلا ثم قال : لا يمكنك العودة الآن , نحن بمنتصف الحفلة !.
قالت محتجة : و لكني أ......
لكن قاطعهما صوت رجل من الخلف , كان أحد الحراس , لكن حدقت به غاردينيا جيداً , و فتحت فمها صدمة , لم يكن حارساً للقصر . بل كان أحد اتباعه متنكراً بشكل أحد الحراس في الخارج !!
عرفته لأنه هو من ساعدها في العودة... أنه تابع "دايمنـد" و لا شك !!
قال الحارس بصوت هادئ بارد للوزير : إن سيادة القائد دالكين يريد رؤيتك في الأعلى , يقول بأنه موضوع هام جداً !.
نظرت غاردينيا برعب نحو هذا الحارس , بادلها النظر و منحها نصف ابتسامة غريبة !.
قالت بسرعة بتلعثم : ووو... و لكن من يكون القائد دالكين هذا ؟!.
نظر نحوها زارو و قال مبتسما : أنه قائد الجيوش الثاني , سوف أرى ما يريد و سأعود سريعاً .. لن أتأخر !.
شد على يدها بلطف ثم غادر بينما حدقت الأميرة بسرعة الى الأعلى و لم تجد ما تريد رؤيته تلفتت حول نفسها متوترة و مضطربة ثم تمشت نحو طاولة المشروبات وهي تراقب الممر الذي ذهب من عنده الحارس و الوزير ... شهقت بقلق ... رؤية القائد دالكين هذا .. خدعة !... و من دبرها هو.......!!
_ آووه ماذا أفعل ؟!.
ولكن لمَ هي تتساءل بينما قدماها تسيران نحو الممر ... توقفت تنظر في الدرج الطويل إلى البرج العالي , كان بمصابيح خافتة .. و ظلال داكنة ...
قالت بقلق : بالطبع , طوال الوقت .. هو يريد الوزير .. رباه ماذا أفعل ..!
رفعت ثوبها بيديها و صعدت بتعثر من شدة توترها و دقات قلبها ارتفعت عالياً , أخذت تتنهد بعدما صعدت طوابق كثيرة لعلو البرج الشديد , مسحت على شعرها الذهبي تعيده للخلف و عيناها الزرقاوات تنظران حولها , كان الباب على بعد خطوات !.
مشت بتعب و هي تشعر بدوار غريب بدأ يداهمها , ربما من شدة الارتفاع... أو من شدة توترها...!
توقفت عند الباب وقد سمعت صوته , صوته البارد العميق و الخالي من أي شيء يبعث على الاطمئنان !.
_ ... كان عليك أن تفكر ألف مرة قبل أن تعبث هنا , لا يمكنك تدنيس هذا المكان , أنه ليس لك ...!
نظرت غاردينيا بتوتر من خلف الباب الخشبي القديم , و رأت سطح البرج و الظلام و الليل العميق و القمر يختبئ خلف الغيوم الرمادية , بينما البرودة تسري مع الرياح...
كان هناك شخصين متقابلين , كلاهما يحمل سيفاً بيده , و في الظلمة , كان الشخص الآخر هو الذي بعباءته السوداء التي ترف حوله و الذي قد خلع قناعه الأسود عن وجهه المبيض الشاحب ... دايمنـد ...!
يبدو غاضباً جداً , .. و لكن الوزير مقابلاً له مستلاً سيفه و متوتراً .. قال بصدمة و اضطراب غاضب : لا يمكنك أن تعيش . لقد قتلتك !!..لقد ضربتك بالسم ...! لا يمكنك أن تعيش ؟!...
رد اللورد بهدوء بارد كهدوء الليل : لم يكتب لي أن أموت مغدوراً في تلك الساعة ! , و لكن الآن .. نحن وجهاً لوجه .. لقد عرفتك فوراً ... و يجب أن أصفي الأمور معك يا سيادة الوزير, لم يكفيك محاولة قتلي , بل الاستيلاء على ممتلكاتي .. أنت بائس !.
شهقت الأميرة وهي ترى كلا الشخصين يهجمان على بعضهما , لكن لم تمر ثانية من المواجهة حتى سقط جسد زارو أرضاً... كان يمسك بجنبه النازف وهو يتلوى أرضاً و يصرخ ألماً ...
صرخ به : لن تنجو أبداً , سيعلم الملك و ستموت حقاً .. يالك من شيطان ..
_ للأسف أن الملك لا يعرف الحقائق كاملة , لكن لا يهم .. هيا الآن ودع حياتك التافهة !.
و رفع سيفه عالياً كي يهوي به على رأسه , لكن صرخت غاردينيا وهي تهب سريعاً راكضة نحو الوزير وقفت بقوة و سرعة أمام سيف دايمنـد الدامي اللامع , و ظهر ضوء القمر الخافت على وجهها !!.
قالت لاهثة وهي ترتجف من شدة الرعب أمام السيف الذي على بعد سنتميتر واحد من أنفها : لا ... أرجوك !!.
حدقت به , فرفع عينيه الغاضبة نحوها , صرخ بها بقوة جلجلت في الأرجاء : آآآه يا مجنونة !!!... كدت أقتلك !!!.
ابعد سيفه سريعاً وحدق بوجهها وهو يزفر بقوة : والآن من أين خرجتِ لي أنت !!. أغربي من هنا فوراً !!
ظلت غاردينيا ثوان كي تستوعب أنه يتحدث إليها , أو يصرخ , لكن لا يهم ...
هو الآن أمامها بكامل قواه و غضبه المعتاد , شعرت بشيء ما يرفرف بهجة بقلبها , في ركن ما .. هي ... هي سعيدة برؤية ...!
أحست بالقلق من هذا الشعور وهي تحدق بوجهه ... لم يتغير سوى أنه ازداد شحوباً , ربما لأنه غاضب !
_ ألا تسمعي ما أقول !! , أبتعدي من هنا أيـ....!
لكن فجأة بتر جملته وهو يحدق في شيء ما ... نظرت نحوه جيداً ثم لمست قلادتها بلا شعور .. كان ينظر نحو العقد الذي ترتديه ... عادت تنظر إليه بتوتر ... حرك شفتيه ينطق شيء ما... ثم فجأة تسارعت أنفاسه و كأنه يقاوم شيء بداخله...
فجأة تأوه زارو من خلفها وهو يقول متألما : أيتها الأميرة اهربي و اجلبي الحراس ... سوف يمسكون به بسرعة...!
لكن غاردينيا كانت تحدق بـ اللورد المتجمد مالذي أخرسه فجأة ... صرخ بها بشكل أفزعها : هذا ليس لك !!.. هاته !.
وضعت كلتا يديها على العقد وهي تتراجع قليلا قائلة بشجاعة كاذبة : و مؤكد بأنه ليس لك أيضاً , أنه لي حقاً !!.
نظر إليها بغضب شديد و زمجر : أنه ملك لـ أمـي !!... سلميني إياه حالاً...!.
_ لا تعطيه إياه يا أميرة ...!
صرخ زارو بألم خلفها وهو يزحف إلى ركن ما ... هزت الأميرة رأسها وهي تتراجع بخوف بينما يتقدم دايمند منها ببطء :
_ هل... حقاً...؟! , لكن كيف ... لا أصدقك ...أنت...!
ألتمعت عيناه في ضوء القمر و قال فجأة بصوت هامس حاد : أنتِ تصدقين الأشخاص الكاذبين دوماً , لا يمكنك تصديق هذا , أليس كذلك ؟!.
توقفت غاردينيا تنظر إليه بتوتر , ثم قالت : أتدري ..سـ ... سأسلمه لك و....
_ أنه هناك ...!! أمسكوووه بسرعة !!.
و فجأة جاء فوج من الحراس بسيوفهم المشهورة و أقواسهم , دفع أحدهم الأميرة بقوة و بلا قصد قائلا : اهربي بسرعة يا أميرة !
تعثرت غاردينيا و سقطت أرضا وازدحم السطح الضيق بكل هؤلاء و سمعت صوت صلصلة السيوف يرتفع , لكن انفلت العقد فجأة من عنقها و انزلق بعيداً حيث الحافة الحجرية ..
شعرت بأنها يجب أن تمسك به و تحفظه ... فأسرعت تتعثر إليه بثوبها و حذائها العالي وهي بالكاد ترى جيداً عندما افسد قناعها و انزلق على عينيها , أمسكت أخيراً بعقد الجواهر وهي تشعر بالسعادة ..
_ آه أمسكتك ...!
و حاولت أن تتكأ على ذراعها و ترفع نفسها من الأرض الحجرية المتربة ,, لكن فجأة لم تمس أرضاً ولا ...
كانت على حافة البرج العالي تماماً... و رأت قمم الأشجار تحتها , فدارت بها الأرض و لو أنها تماسكت جيداً لكانت ابعدت نفسها , فزعت و أخذت تتخبط تريد الابتعاد عن الحافة , لكن القتال المشتعل و المزدحم في هذا السطح يملئ المكان .. اصطدم بها أحدهم و وقع جالساً ... لكنها هي دُفعت بعيداً و اختفت الأرض من تحتها ...
صرخت رعباً : آآآآآآآآآه !!.
وهوت ساقطة , لكن أحدهم قبض على قدمها فتأرجحت على رأسها مقلوبة ... حاولت الصراخ مجدداً وهي ترى الدنيا تنقلب رأسا على عقب , لكن حلقها قد سد من وضعها و صدمتها ...!
لم تستطع رؤية ما يجري بالأعلى ...!!
لكن من يمسك بها سقط أيضا بعد ثانيتين من امساكها !!!
رأته , أنه لم يكن سوى اللورد دايمنــد ...!!
صرخت بهلع مجدداً ولم تستطع سوى رؤية عباءته السوداء , شعرت بذراعه تقبض على خصرها بقوة , جذبها إليه و تمسك بها بقوة , بينما هي تفتح عينيها رأته يرفع ما يشبه السوط الأسود عاليا بقوة و سرعة خاطفة قبض به على شرفة ما و تأرجح إليها بسرعة و اصطدما بقوة بزجاج الشرفة الأسفل ثم توقفاً معاً على حافة النافذة !!
شهقت غاردينيا تستنشق الهواء الذي فقدته بينما شحب وجهها بقوة وهي بالكاد تتنفس .. كانوا على مسافة كبيرة من الأرض و لا تدري بأي مكان هي الآن .. لكن أسفلهم الحديقة المتشابكة , ربما هي بالدور الثالث أو الرابع !
احست بصدر يعلو و يهبط بقوة تحت يدها , فانتبهت لنفسها وهي تحدق بالشخص الذي معها , كان "دايمنـد" يتنفس الصعداء متنهداً... بينما هما متماسكين ببعضهما !.
ارتفعت الدماء سريعاً لوجنتيها و صرخت بشكل مختنق وهي تقفز بعيداً عنه... و كادت تقع مجدداً لكنه أدركها و أمسك بها سريعاً ثبتها قربه .
_ هل علي دوماً منعك من السقوط ؟!.
لم ترد من شدة رعبها و خوفها في مكانها هذا...إن الحافة فقط تكفي قدميها , و اللورد بجانبها بنفس الوضع المحرج ..
قال مجددا بهدوء : سنفتح هذه النافذة خلفنا و سندخل .. ببطء و هدوء...
هزت غاردينيا رأسها وجسدها متجمد وهي تتشبث بالجدار خلفها , عيناها زائغتان و أطرافها متجمدة وشفتيها مبيضة , ألقى عليها نظرة و قال بصوت غريب هامس :
_ هل أنتِ بخير ؟!. تماسكِ...!
وعندما لم تجب , أكمل بنفس النبرة : اعطني يدك , هيا...
حركت عينيها بصعوبة عن الظلام أسفلها و نظرت في وجهه , كان يحدق بها بتركيز , أومأ يشجعها : هاتي يدك...
لم تقدر على تحريك يدها بعيدا عن الجدار , خشيت برعب إن تحرك أي شيء ستسقط... ألتمعت عينيها و همست بارتجاف :
_ لا... لا أقدر...!
رفع حاجبيه و قال : غاردينيا .. أنتِ لست جبانة هكذا , وهل يجب دوماً أن أقوم أنا بالخطوة الأولى أيضاً...!
رفع ذراعه إليها و أمسك بيدها بقوة , مع أنه يرتدي قفازا أسود إلا أنها شعرت بالحرارة في يده و القوة , نظرت إليه بعيون مرتجفة ... قال هامساً بهدوء :
_ ليس لدي وقت لأضيعه , اقتربي مني لأنك تقفين خلف الطرف الذي يُفتح . اسحبي قدميك شيئا يسيراً فقط.
ارتجفت , ثم همست بقلق وهي تنظر إلى أسفل : سـ... سوف اقع إن تـ.. تحركت...
_ لا لن أدعك تقعين !... أنظري إلي لا تنظري إلى الأسفل يا صغيرة !.
فحدقت به بسرعة , قالت بنبرة باكية إلا قليل : للـ.. لست صغيرة !!
_حسناً لستِ كذلك , و الآن .. اسحبي نفسك ببطء تجاهي .. حتى تفتحي لنا النافذة لأنها قربك...
_ حـ..حسنا...!!
و بصعوبة حركت غاردينيا قدميها .. ببطء سحبتها .. كانت تشعر بأن عظامها كلها متجمدة من الخوف أو الهواء البارد جداً..تأوهت رعباً عندما كادت أن تتأرجح إلى الأمام , لكن فجأة شعرت بذراع اللورد يندس خلف ظهرها و قد أمسكها بإحكام حتى أصبحت تحت ذراعه إلى جانبه .. شعرت بدفء غريب مفاجئ طرد البرودة بقوة و احاطها ... و كأنها ليست على حافة عالية تكاد تقع...
_ غاردينيا...؟!
_ ممـ..ماذا ؟!!
_ ردد قرب أذنها : افتحي الآن النافذة بقربك , تلك الجهة , تفتح إلى الخارج .. حركي يدك ببطء ثم يمكنك فتحها فوراً .
لا تدري من أين جاءتها الشجاعة لكنها حركت ذراعها حقاً و لمست قفل النافذة ثم فتحتها و بسهولة انفتحت معها .
همس بنعومة : من بعدك سيدتي ..!
فتحركت غاردينيا خطوة واحدة فقط , ثم قفزت إلى وسط الغرفة الدافئة المظلمة الخالية ببساطة ..
تنفست الصعداء و خفت اضطرابات قلبها لأنها على أرض ثابتة أخيراً , ثم شعرت بمن قفز خلفها .. فلتفتت نحوه بسرعة و حدقت به .. فغرت فاهها وهي تنظر لدم يسيل من كتفه الأيسر ..!
رفعت يدها مصدومة وهي تقول : أنه كتفك !.
ضاق جبينه ثم رد ببرود : أعرف بأن لدي كتف و لله الحمد !!.
شهقت بتوتر : يا ألهي أنتِ جريح , و كيف كنت تمسك بي حقاً... انتظر سأجلب شيئا...
رفع أحد حاجبيه و تجاهلها وهو يحدق حوله بالغرفة المظلمة حتى رأى الباب , فاتجه نحوه... لحقت به ممسكة بقماش نظيف و استوقفته وهي أمامه بذراعيها ..
قالت بقلب خافق : أبقى مكانك فقط ..
_ لن أفعل !
_ لقد أنقذت حياتي ..
ولم تدعه يتكلم اسرعت و رفعت نفسها بصعوبة كي تربط كتفه بشكل عشوائي سريع مضطرب ...
ابتعدت عنه وهي تلتفت بعيدا و تدخل يدها بجيب عنقها , رفع رأسه يحدق بها متسائلاً...
صرخت به : لا تنظر ...!
فأشاح بوجهه بسرعة وهو يقول متذمراً : أنتِ و قناعك الغبي هذا... حراسي ينتظرونني بالأسفل , الويل لك أن نطقت بكلمة عما سمعت...
و عندما سار خطوتين , امسكت هي بذراعه , و هي تدس بيده القلادة قالت بأسف : آسفة جداً , هي حقاً ملك لأمك , أنا أصدقك مهما كنت شريراً ماكراً قاسياً متعجرفاً بارداً مغتـ...!
قاطعها بحده وهو يدفع يدها و القلادة : حسنا وصلتِ الفكرة !... اسمعي .. هي قلادة والدتي الراحلة حقاً... لكن...
نظر بعيداً عنها وقال بهمس متعب : و مالذي يمكنني اللحاق به ...؟! لقد تسرب كل شيء من يدي...!
ارتجفت غاردينيا وهي تتأمله لأول مرة يبدو يائساً , همست بتردد وهي تحاول النظر بوجهه : مالذي تعنيه ؟!.
التفت نحوها فجأة و ألقى بقناعها بعيداً عن وجهها فزعت من حركته , لكن قال ببرود وهو يحدق بعينيها الزرقاء :
_ ولكن زمردته تليق بعينيك فقط , احتفظي به. و إن ضاع منك ... فستضيع حياتك أيضاً !
هددها بحده ثم غادر بسرعة لم تقدر على مجاراته , و توقفت مكانها ...
بقيت هي , و القلادة التي تلمع في الظلام .. في حلمها كان والد دايمنـد "مارسيز" هو من خرج حزيناً غير راضٍ , لكن حقيقةً "دايمند" من خرج بهذا الشكل ..!

...
  #109  
قديم 07-09-2013, 11:54 AM
 
رووووووعةة وااصليي
Ryana Alawood likes this.
__________________




  #110  
قديم 07-09-2013, 05:36 PM
 
كميل خالص خالص
Ryana Alawood likes this.
__________________





















[cc=وقعت فى حب معلمتى]
http://vb.arabseyes.com/t436315.html#post6929539
[/cc
]


ممكن طلب من كل من يعرفنى ان يكتب رائية عنى بكل صدق وصراحة فى هذة الرابطة

http://sayat.me/roda123


انا بنوتة قصيرة وافتخر

































































 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طفل يولد واسمه مكتوب على خده "صوره" لاتخرج بدون كتابة """سبحان الله"""‎ darҚ MooЙ موسوعة الصور 132 12-15-2011 09:33 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 04:11 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011