عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree544Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #111  
قديم 07-09-2013, 06:30 PM
 
البارت كان روعة اوعي تنسيني
Ryana Alawood likes this.
  #112  
قديم 07-09-2013, 07:49 PM
 
الجزء الرابع عشر { عثـرات و ألغاز ! }


اقتربت مارسيلين بسرعة , و رأت طفلة صغيرة تبكي رعباً و رجل ضخم مريع يسحبها في الظلام ممسكا بسكينة ..
صرخت بصوت مرتجف من شدة الغضب : توقف !!.
رفع الرجل رأسه وحدق بها ثم لم يبالي و عاد يسحب الطفلة و يحملها تحت ذراعه .. صرخت الطفلة مستنجدة فأسرعت مارسيلين إليهما و ضربت الرجل بعصا من الأرض .. ثم سحبت الخنجر و قالت : إن لم تتركها , سيكون هذا بمنتصف معدتك !.
_ أيتها ال...!
اسقط الطفلة و التفت نحوها , لم تقدر مارسيلين حجمه الضخم في البداية .. فتراجعت بتوتر و صرخت بالطفلة : اهربي بعيدا...!
هربت الطفلة راكضة بلا انتظار ... و التفتت هي لتهرب أيضاً ... لكن الرجل نادى بخشونة : آوه لن تفلتِ أبداَ !!
ركضت بأقصى قوة لديها و تخبطت حولها بالظلام وهي تتمنى فقط لو تصل للخان و تجد حصانها هناك !!.
لكنها تعثرت و سقطت وكان الرجل خلفها فقفز فوقها ليمسك بها , و التفتت هي بسرعة لكنه كان يخنقها , تأوهت بألم و لم تقدر على فعل شيء .. ثم أخذت تحاول ركله .. لكن لم تفلح , جازفت لأن تكتم انفاسها و تحرك يدها كي تمسك بخنجرها ... و بالكاد وصلت إليه ... جمعت كل ذرات شجاعتها , ثم دوى صراخ الرجل عاليا...!
فضربها بقوة يبعدها عنه ترنح قليلا ثم تهاوى أرضاً .. بينما سقطت هي على شيء ما جرح يدها ..
نهضت الأميرة وهي تشهق الهواء ثم حدقت به برعب .. تلفتت حولها و لم ترى أحداً ... ركضت بصعوبة الى الخان و ملابسها كلها دماء ...!
دخلت إليه ترتجف و كان هناك مع الأسف بضعه رجال واقفون حدقوا بها بصمت .. فحاولت بتوتر أن تخفي الدماء و اسرعت لغرفتها , ثم أقفلت الباب , غيرت ثيابها بسرعة خاطفة . و لفت حول يدها قماش نظيف .
و قررت أن تغادر الآن و فوراً قبل أن يقبض عليها أحدهم .. وضبت بسرعة ملابسها و طعامها , ثم تسللت لحصانها الهادئ .. صعدته و بصعوبة حركته لأن يدها مصابة ... لكن الحصان كان مطيعاً جداً لها ..!
خرجت من القرية تشعر بالتعب و الدوار مما حصل معها .. لكن قالت بنفسها , يجب أن أتشجع لأن هذه الأمور تحصل دوماً لمثل هذه القرى البسيطة , و هناك دوما مجرمون يجب الحذر منهم ..!
ظلت تسير فترة طويلة حتى طلع الفجر وهي قرب حقل ما ... توقفت لتستريح و تريح الحصان , ثم تابعت المسير ببساطة و هي تتأمل الأرجاء و المناظر الطبيعية التي تمر بها .. فكرت بهدوء أنها قطعت مسافة كبيرة بعيدا عن المدينة و القصر .. لكنها تسير في الأرياف و لم ترى المدن ولكن....
شهقت وهي ترى من بعيد مدينة كبيرة تظهر لها , بأسوار بسيطة حولها و نهر كبير يمر بها , و هناك الكثير من الناس الأثرياء يدخلون بعرباتهم الفخمة و يخرجون , و قرب السور يوجد بعض الحرس , و الفرسان يمشون بأحصنتهم و كلابهم حولهم ..
فمشت بهدوء لترى المدينة ..
لكن اوقفها أحد الحراس عند البوابة , قال لها : من أنت ؟! , و من أين أتيت ولماذا أتيت ؟!.
حدقت به مارسيلين بتوتر , ولما كل هذه الأسئلة المزعجة !.
قالت بصوت خشن بارد : أنا ادعى مارسيل خوريو برا.... سيلوني جيفرو كلاوس أوسـ...
_ يكفي !!.. ارني وجهك جيداً !.
زمت شفتيها ثم لم تبال كشفت اللثام عن وجهها المغبر !!.
حدق بها الحارس فهمهم قليلا ثم تركها تدخل ... دخلت المدينة الجميلة الحية و تمشت بها بالحصان , بينما الناس يحدقون بها .. تبدو مدينة ثرية .. فالسيدات يظهرن بزينتهن و الفرسان مع احصنتهم يتمشون في الحدائق !.
توقفت فجأة و سألت فتى يافع يقف بهدوء قرب عربة : المدينة بحكم من ؟!.
التفت نحوها الصبي وحدق بها ثانية ثم قال : الملك دونسار , هل أنت غريب ؟!. لهجتك من الشمال ؟!.
فتنحنحت مارسيلين قليلا وهي تسمع اسم عائلتها أنها لا تزال في الحدود إذن , قالت بخشونة : لا لست بغريب ..
ثم التفتت بحصانها و تمشت قليلا . حتى وجدت الخان فاستأجرت غرفة صغيرة و جلست وحدها و القلق يغمرها , كان عليها أن تنتظر الرسالة الجواب ... لكنها خافت بشدة , العالم الخارجي مخيف و غريب .. و الناس العامة لا تستطيع فهمهم أو معرفة ما يجول بنفوسهم , لقد ... قامت بقتل أحدهم ..!!
حسنا كان شخصاً شريراَ ... لكن , هل كان عليها هي بنفسها قتله ؟!!. بأي حق ...!!
ارتجفت وهي تضم نفسها , لكنه كاد يؤذيها .. وهي دافعت عن نفسها... أجل ... يمكنها العيش هكذا , شيئا فشيئا و ستتعلم الكثير ... ولكن وحدها فقط لن تستطيع ...!
تأوهت بضيق , و أين يمكنها أن تجد أحداً كـ سيدريك...!
شخص قد لا يرى , لكنه شديد الذكاء , شديد القوة , شديد الهدوء و الصبر معها , و .. بالغ الوسامة...!
لا يمكن لأحد أن يجمع كل هذه الصفات معاً , أنه فقط , سيدريك ... وهو الشخص الوحيد ...!
كادت تشهق باكية وهي تركل حقيبتها عند قدمها : ولكن لو كنت تهتم لأمري لما ذهبت بكل بساطة هكذا... آآآه تباً ..
مسحت دمعة هاربة و وقفت تدور حول نفسها بتوتر في غرفتها الصغيرة , وهي تختلس النظر من النافذة الصغيرة , همست بحزن , أنا وحيدة .. أنا وحدي هنا لا أدري مالعمل ... واشعر بقلق مميت لأجل والدي...
فجأة التمعت عيناها . لكن ... لم أرسل لـ ليلياك أخي أي شيء....
شهقت رعباً , يجب أن أخبر ليلياك بأقصى سرعة... و يجب أن يعلم الآن ... سأرسل له و لكن... لالا... سأذهب بنفسي إليه... أنه شرقاً ... سأذهب الآن...!
جمعت حاجياتها البسيطة و اسرعت إلى الحصان .. وضبت عليه حقيبتها و طعامها .. ثم صعدته ...
مر بها شخص ما , وقال مندهشا قليلاً : هل ستذهب و الشمس تغرب الآن ؟!.
حدقت بالرجل ثم إلى السماء... آوه لقد حل المساء ..! حركت رأسها تحاول التركيز ..
سألت الرجل الذي كان يمشط حصانه بجانبها : ولكن يا سيد , أريد أقصر طريق إلى مدن الشروق !.
التفت يحدق بها قليلا مفكراً , ثم قال : هممم ... في الحقيقة أنها ليست بعيدة لأننا قرب الحدود .. مسافة يوم و نصف اليوم .. و لها طريق واحد من هنا ... إلى الشرق و تميل قليلا شمالاً ... ستجده فوراً , أنه طريق جيد .. لكن في فترة الليل لا أنصحك .. ربما يمر به قطاع طرق... أنهم لا يبالوا أن كان رجلاً واحداً أو مجموعة...
نظر إليها مجدداً و قال بشفقة : انتظر حتى الفجر أيها الشاب اليافع , لا تتعجل , هيا انزل من عندك و تناول بعض الطعام ..!
أومأت مارسيلين و لم ترد أن تكون فضة جداً و لا تقبل نصيحة رجل طيب ... لكن كلما تذكرت والدها شعرت بالقلق الرهيب ... تلك الشقراء المريعة الشريرة لن تجرؤ على فعل شيء لوالدها... و يا رب أن يكون الوزير فالكوس قد رأى الرسالة.
و قبل أن يطلع الفجر بقليل , وضبت حاجياتها مجدداً , و استعدت بالسيف و ركبت الحصان , ثم انطلق بسرعة مع الظلام الخافت ... ظلت تسير حتى وجدت الطريق خارج المدينة ..
وكان طريقاً بريا واسعاً ... و قرب حقول كبيرة .. فراحت تسير بين الحقول تحت الظلمة حتى لا يراه أحد أن كان الطريق مراقب في هذه الساعة ... قطعت مسافة كبيرة قبل أن تتوقف للراحة ..
فجلست جانباً تأكل و تطعم حصانها التفاح , لكن بعد هنيهة سمعت أصوات في الهواء ...ثم انقطع الصوت ..
همست بتوتر : هل اتخيل ؟!...
لكن حصانها توتر أيضاً... و شعرت بالخطر ... زحفت قليلا ثم نظرت حولها جيداً... كان هناك غابة و جبل قريب .. ثم رأت من بعيد ظلال تتحرك و أصوات حوافر الأحصنة ..
همست بتوتر : أنهم ليسوا بعيدون جداً .. أخشى أنهم قطاع طرق فعلاً !.
كانوا يمرون من قربها , فأجلست الحصان و اندست بين الحشائش الطويلة ... بعدما ابتعدوا قليلا زفرت ببطء وهي تنظر الى قدميها من التعب ... فاتسعت عيناها الخضراوين فجأة صدمة عندما رأت أفعى خضراء تبدو سامة جدا تتلوى أمام قدمها ...
شهقت مارسيلين رعباً و انتفضت و كادت الأفعى تقفز عليها , لكن حصانها صهل بقوة و قفز واقفاً على قدميه الخلفيتين ... حاولت أن تسحب نفسها هي بعيداً لكنها تجمدت بمكانها , قفزت عليها الأفعى , غير أن الحصان وثب فجأة و أخذ يضرب الأفعى بحوافره حتى قتلها ...
صرخت وهي تهب واقفة و تتمسك بحصانها القوي ...
ضمت حصانها المنقذ وهي تشهق : آوووه يا ألهي لقد انقذتني , أنك شجاع جداً...
سمعت صيحة غريبة فلتفتت مرعوبة و رأت اؤلائك الاشخاص قد عادوا نحوها .. وكان ضوء الفجر قد بزغ قليلاً... و بانت وجوههم الشريرة التي لا تنوي خيراً...
_ امسكوا بذلك الصبي و الحصان !!.
اسرعت و قلبها يقرع فزعا و قفزت على حصانها ثم انطلقت تعدو بصعوبة وسط الحشائش وهي تريد الطريق.
_ امسكوه .. امسكوه بسرعة قبل أن يفر...
و فجأة مرق شيئا ما من جانب أذن مارسيلين و كأنه طير , ثم مرة أخرى , أدركت برعب أنهم يرمونها بالسهام !!!
_ : لنهرب بسرعة .. اسرع أرجوك...!!
لكن اصاب سهم ما ساق الحصان , فصهل متألما و لم يقدر على الركض ... توقف فوراً و قفزت منه مارسيلين قبل أن يقع على جنبه ... كان الجو معتماً قليلا .. و لم تدري مالعمل ؟!
مسحت عليه وهي ترى دمائه تسيل , كادت تبكي : آووه يا عزيزي ... تماسك... سأهتم بك...!
لكن احاطوها ثلاثة من الرجال بأحصنتهم وكان مع أحدهم قوساً و الأخرين يمسكون بسيوف غليظة مرعبة قد تكسر سيفها الرقيق...
صرخت بهم : ابتعدوا ...
فضحكوا ساخرين منها و قفزوا من أحصنتهم وهم يدورون حولها ينتظروا إليها ...
قال أحدهم : لكنه طفل صغير و لا يبدو ثرياً...!
_ لكن الحصان جيد...!
_ لن تعرف شيئا حتى نفتشه , ثم نقتله و نلقيه بذلك النهر...
وعندما خطوا باتجاهها استلت مارسيلين السيف وهي تمسك بقوة شديدة ...
_ هاها , الصغير يريد اللعب ...!
فكرت الأميرة برعب , لو أنهم علموا بأنها فتاة... فسيكون مصيرها أسوأ ...!!
_ اقتله فقط بسرعة , نحن سنتفرج !.
هجم عليها ضخم الجثة بسيفه ... فحاولت صده بيأس , وهي تنحني بجسدها بخوف .. فصدته قليلا , لكن عاد يضربها مرة أخرى و ثالثة...
مارسيلين تماسكِ ... تماسكِ... اثبتي بقوة... يا ألهي ...سوف أموت !!.
ابتعدت بصعوبة عن ضربة قاتلة ... وهي تشهق ... ثم مرة أخرى و كان الاثنان الاخرين يتفرجان و يضحكان ...
_ كفاك لعباً معه , هيا اقتله...!
_ هاها .. هذا ممتعاً...!
انزلقت فجأة بينما تحاول المناورة و سقطت ارضاً متألمة , فحاول الرجل أن يغرز السيف لكنها تدحرجت يمنة , ثم يسرة ... ثم أخيراً قفزت على قدميها واقفة ثم انسلت من خلفه بسرعة ... التفت إليها سريعاً لكن مارسيلين تشجعت و طعنته بقوة في صدره و عيناها تلمعان شجاعة ...
تحرك معها السيف بسهولة و قوة ... و لثاني مرة تطعن تقتل هكذا ..!
زاغت عينا الرجل و ترنح مبتعداً... ثم دار على نفسه و سقط أرضاً...!!
شهق رفيقاه يحدقان به ... ثم رفعا بصريهما إليها ...
_ أيها اللعين الوضيع !!... لقد قتل صاحبنا !!.
_ اقتله ... اقتله , هذا الحقير الصغير...!
هجما كلاهما عليها ... و كذلك الجزع , ركضت هاربة بكل ما تحمله قدماها من قوة إلى الغابة مفكرة أنها إن حدث و نجت منهما فسوف تعود لحصانها ... اخذت تتعثر في جذور الأشجار الضخمة ... كاد أحدهما أن يمسك بها , لكنها انسلت بسرعة من بين شجرتين ...
_ ذلك الحقير ال....! أطلق عليه سهماً...!!
ارتعبت الأميرة و السهام تنطلق من حولها .و أنى لها الاختباء أو الهرب... سوف تجهد و تتعب , ثم يمسكان بها في النهاية و ستموت ... سيقتلانها و يقطعانها بالسيف...!!
مر شيئا ما سريعاً من جنبها و شعرت بألم رهيب و تمزق, فترنحت وهي ترى سهما قد غرز رأسه كله في جنبها الأيمن ..!!.
شهقت ألما و هي تتلفت حولها ولا ترى سوى الأشجار و اللون الأخضر الذي بدأ يصبح أصفر ثم أبيض ثم أحمر من شدة ما تشعر به ...
سقطت أرضا وهي تمسك بالسهم و جسدها ... شعرت بالدماء بدأت تسيل ببطء .. خافت إن سحبته فسوف تموت من الألم و سوف تسيل الدماء بغزارة من الجرح...!
تأوهت غير قادرة على التنفس جيداً.... ثم استجمعت شجاعتها و صرخت بقوة : النجداااااااااااة !!..
_ هاه لقد سقطت اخيراً ... أيها الصغير اللعين...
_ هيا لنقتله , هو قد وفر علينا حمله إلى النهر!
_ و الآن هذا لأجل رفيقنا ...!
أغمضت عينيها بقوة غير قادرة على النظر إلى المجرمين ... ولكن....
مرت عدة ثوان ... فجأة صرخ أحدهم صدمة : يا صديقي مابك ؟!. ما هذا ؟!.
فتحت عينيها ببطء و نظرت بقلق إلى الرجل , كان أحدهم قد سقط ميتاً و الأخر يمسك به و يحدق أمامه... نظرت بتعب إلى حيث ينظر ...
ولم تصدق ما تراه عينيها , لكن من هذا ..؟!

ظهر رجل ما يرتدي قميصا أبيض مفتوح فوق صدره و سروال أسود عادي , وجهه مختفي في ظل الأشجار و بيده سيف طويل دقيق , أنه سيفها الذي لا تدري كيف فقدته ...!!
تقدم قليلا لفسحة الضوء , و شهقت مارسيلين وفمها مفتوح كلياً... هذه لا يمكن أن تكون مصادفة...!!
كان هذا "سيدريـك" .. و لكن ليس بلباس الحارس المعدني... بل بملابس عادية , و قد ربط شعره الداكن لخلف عنقه , و بان شكل وجهه الجميل و كأنه نبيل ما أو أمير تائه ..!!
حرك السيف بهدوء بيده و عيناه البنفسجيتان داكنتان ينظران إلى ... لا شيء كالعادة...!, لكن بان العبوس و الغضب بوجهه المشدود ...
صرخ الرجل الشرير : اللعنة ! سأقتلك ...
و هب واقفاً ثم استل قوسه و أطلق سهمه بسرعة بالرغم من قرب "سيدريك" منه , لكن الحارس بسرعة لم تستطع مارسيلين ملاحظتها حرك السيف و كسر السهم لنصفين , لم ينتظر الرجل أكثر وهجم عليه بسيف صاحبه ..!
ثانيتين ...ثم ... سقط أرضاً بلا حراك ..!
تأوهت الأميرة بألم وهي تتلوى بمكانها , همست بضعف : سـ... ساعدني .. آه .. أرجوك !.
ألقى سيدريك السيف جانباً ثم أصبح إلى جانبها بخطوة , ركع على ركبتيه و همس بصوته الخافت القلق :
_ هل هو سهم... أين هو ؟!.
ردت مارسيلين بألم شديد و دموعها تسيل كالنهر : لقد... دخل كله في... جانبي... آه .. آه...
و بكت متألمة وهي لا تقدر على الحراك .. ولا تدري مالعمل !. شعرت بالصدمة و التعب .. والغرابة , فـ سيدريك هنا !.
_ ستكونين بخير يا أميرة , تماسكِ هنا نهر قريب , سأخرج هذا الشيء و سيزول الألم...
توسعت عيناها ألماً و سيدريك يريد حملها , صرخت : لا لا لا .. مهلاً... مهلاً... أشعر بأنه يقطع قلبي !!.
وهي تضع يدا على قلبها الخافق المرتجف , و الأخرى فوق جبينها المتعرق الساخن ..!
_ يجب أن يخرج يا سيدتي , تماسكِ .. سيكون كل شيء بخير ..
تمالكت نفسها بصعوبة وهي تحبس الهواء بصدرها , حملها سيدريك بكل حذر و حرص , ثم أخذ يسير , بينما السهم مغروز بها يطعنها كل ثانية تشعر بالألم الحاد , و كأن كل جسدها اشتعل لهيباً ...
لم يتوقف حتى أصبح هو وسط الماء الذي يغمر ساقيه , أخذت الأميرة تتنفس بصعوبة وهي تغرس أصابعها بقوة في كتفيه القويين العريضين ... عضت شفتيها بألم و ارتجفت قائلة :
_ لا ... لا لـ...لـ لا تقل لي بأنك ستخرجه .. سـ... سأنزف حتى الموت !!
همس بهدوء و ثبات : لدي شيء يوقف النزيف و يزيل الألم , يجب أن تتشجعي قليلا فقط سيدتي...
قالت بارتجاف باكي و دموعها تسيل : الويل لك !!.. سأموت هكذا ...!!
وكانت تشهق و تنتفض وهي تتشبث به بقوة , تنفس سيدريك بهدوء ثم نظر في وجهها و كأنه يحدق بعينيها قال هامساً :
_ ثقي بي , أرجوك ..
نظرت في عينيه البنفسجية العميقة و بوجهه الهادئ المريح , قالت وهي تشعر بألآم مختلفة : لـ..لـ..لقد تركتني وحدي... لا .. لا أحد إلى جانبي !.
أسدل رموشه السوداء قليلاً و رد هامساً : آسف لكل ألم اصابك .. هل ستثقين بي مجدداً ؟!.
ارتجفت قائلة : إن... إن... إن تركتني وحدي مجدداً لن اسامحك سـ... سيدريك .. أبداً !.
_ لن اتركك , أني إلى جانبك الآن !.
شهقت عندما انخفض على ساقيه و مسها الماء , طمئنها بهدوء : الماء سيخفف الألم ...اقبضي على انفاسك قليلاً أرجوك !.
شهقت مجدداً وكتمت أنفاسها امسك سيدريك بالسهم ثم سحبه بسرعة خاطفة و بدقة شديدة , لكن الألم فوق أن يحتمل ... فصرخت بألم و كأن عضواً انتزع منها ...
سالت الدماء سريعاً و تلون الماء حولهم بالأحمر...
لفها سيدريك بسرعة بحزامه القماشي العريض الذي كان حول وسطه , لكن مارسيلين لا تزال تشعر بالألم و عندما رأت دماءها قالت بتعب : أخبر أبي بأني أحبه....!
و فقدت وعيها ببطء ..
fefo alahmad and Nami san like this.
  #113  
قديم 07-09-2013, 07:50 PM
 
كانت الفوضى تعم القصر و صاحبه الجريح أخذوه لغرفته الخاصة فقد اغشي عليه و استدعوا الأطباء الحكماء لأجله , بقي بعض الضيوف للاطمئنان و الكثير منهم غادر ..
قالت غاردينيا للحرس : أنا مغادرة , يجب أن أذهب لأبي ..
ألقت نظرة أخيرة على الوزير ثم غادرت بسرعة , و طوال الوقت و فكرها مشغول و متوتر , "دايمنـد" تعرف على الجوهرة فوراً أنها زمردة بنفس لون عينيها ... و هي ملك لأمه .. هل هي حية , لو كانت كذلك لما ترك القلادة معها ...! , كما أنه يقول الكثير من الأشياء التي لم تفهمها ...
هو حزين و غاضب و يسعى لشيء ما ... و لكنه قال مالذي يمكنه أن يلحق به , و أن كل شيء يتسرب من بين يديه !!.
تنهدت بضيق وهي تحدق بالظلام خارج العربة , لا شك بأن دايمند ليكسار , وحيد .. ربما فقد كل عائلته .. ادركت بأنها تعرف اسمه كاملاً .. واسم والده .. مارسيز ... فكرت بتردد , هل ستبحث عنه ؟!.

كان الملك قلقاً جداً على وزيره و كلفوا فرقة محترفة للبحث عن الاشرار المتسللين و قد عرفوا بأنه هو اللورد الأسود من اقتحم المكان و كاد يقتل المساعد الأول لولا تدخل غاردينيا , تفحصها والدها جيداً بقلق شديد ..خشي أنها أصيبت بالمعركة الفوضوية التي حدثت ... لكن الأميرة أكدت لوالدها أنها بخير تماماً...
ولم تقل بأن دايمند أنقذ حياتها و للمرة التي لا تدري كم .. لأن الملك غاضب جداً من اللورد و ظن بأنه لن يظهر مجدداً .. كما أنه أخذ يفكر بإعادة النظر في الدواء الذي تأخذه كل ليلة ...
_ سوف تتناولين هذا الدواء ثلاث مرات كل يوم .
قال الطبيب بهدوء وهو يجهز لها الزجاجة , احتجت غاردينيا بحده : لا , هذا ليس دوائي ..
_ إن الملك لا يثق بذلك العلاج ..!
رفضت الأميرة بإصرار : انتظر فقط لتروني أتألم كل ليلة , لن أسامحكم قط...
قال الطبيب بتوتر : سموك أرجوك , هذا سينفعك كثيراً , لقد جهزناه خصيصاً لأجلك .. أن الملك قلق من أن يكون ذلك العلاج سماً قاتلاً على المدى البعيد .. أنه لا يريد فقدانك , أرجوك أفهمي هذا جلالتك !!.
صرخت غاردينيا غير قادرة على التحمل : لااااا !!. لو كان يريد قتلي لفعل منذ زمن , ولما أنقذ حياتي مراراً...!!
دخل الملك فجأة وهو يقول : أسمع صوت غاردينيا عالياً !.
حدق بها : لمَ تصرخين يا صغيرتي ؟!.
كانت هي تجلس في سريرها الكبير و حولها ثلاث خادمات و الطبيب مع مساعدته , وهي فقط خجلت من والدها و قالت بصوت هادئ متماسك : لقد جلب لي الطبيب دواء آخر !.
اقترب الملك وهو يقول : بالطبع , لقد صنعنا لأجلك علاجاً جديداً يساعدك يا حبيبتي بدل ذلك الشيء الذي لا ندري ما هو !.
زمت الفتاة شفتيها وقالت ببرود : ذلك الشيء الذي تدعوه ليس مؤذٍ لي , أنه قد يشفيني حقًا !.
ضاقت عينا الملك و رد ببطء : أنا أعرف أين تكون مصلحتك يا صغيرتي ..لا تثقي بأي أحد غيري !.
لكن غاردينيا أصرت : لكنه لا يحاول قتلي أبي , أنه لا يسعى لأذيتي .. و كان يملك مثل هذا العلاج و لمَ لا ...
_ عمن تتحدثين !؟ , عن ذلك العدو ! , غاردينيا كاد يقتلك بالحفلة !!.
فتحت الأميرة فمها لا تصدق إن من كاد يقتلها هم حرس ذلك الوزير !! , قالت مندهشة و غاضبة : ولكن من قال لك ! , أنه لا يريد قتلي لكان فعل منذ زمن !!.
احتد صوت الملك أيضا وهو ينظر إلى الخدم حولها : زارو مساعدي وصف لي كل شيء !. لقد سحب السيف بوجهك و أراد سرقة تلك الهدية التي أعطاها لك !.
شهقت غاردينيا صدمة و غيضاً , ذلك الوزير كاذب بارع !.. خرج الخدم و الطبيب من الغرفة عندما ألقى عليهم الملك نظرة مرعبة !!..
_ أبي !!. دايمند لا يمكنه أن يرفع السيف بوجهي !!
_ من ؟!!
أحمر وجهها توتراً و تلعثمت وهي تكرر بارتباك : أعني أنه لا يريد أذيتي الآن !. لقد طعنه زارو بظهره وهو غاضب منه !!
التمعت عينا الملك وهو يقول مقاطعاً : لا يمكنك أن تعرفيه يا غاردي! , أنه العدو وهو ماكر جداً , ثم أن كل هذه الأمور الكبيرة لا تتدخلي بها ستؤذين , و أنا لا أتحمل هذا ... على كل لقد أرسلت فرقة للبحث عن مركزه , كي نهجم عليه مرة واحدة و نتخلص منه ! , أنه يشكل تهديداً للمملكة كلها , فهو يملك جيشاً كبيراً حقاً مع أننا لا نعرف له نفوذاً...
التفت بعيدا وهو يفكر بصوت مسموع : أين يمكن أن يكون مكانه ؟!.
أخذت غاردينيا تتنفس بسرعة وغضب ... كل هذا كذب... حسنا ليس كله , لكن .. ماذا عنه ؟!... لن يقوم أي شخص مهما كان بالقفز خلفها عندما سقطت من البرج و انقاذها !!.. ما عداه ..!! أنه شخص غير طبيعي .. أنه مميز , وذو تفكير بعيد ...!!
همست من بين أسنانها من شدة الغيض الذي يحرقها : لقد أنقذ حياتي ... لولاه لما كنت هنا و لكنت أنت تحضر جنازتي الآن !!.
التفت الملك فزعا يحدق بها , قال بصدمة : مالذي تقوله ابنتي الوحيدة ؟!!
التمعت عيناها الزرقاء الجميلة وهي تقول بغصة : ألا... يمكنك... أن تجتمع به و تسأله ماذا يريد ؟!!
تغير وجه الملك فجأة و قال بحدة غير مقصودة : كان ذلك واضح جدا , ولكنه انتهى !!
فتحت فمها وهي تقول مندهشة : لقد اجتمعت به !!... ولكن ... اختلفتما صحيح !!. ماذا يريد منك ؟!!.
_ أنها شؤون الكبار !!. يجب عليك أن ترتاحي الآن ...!
وقفت غاردينيا بعيدا عن سريرها وقالت بضيق : آه يا ربي أكاد أجن , أنا لست بطفلة !. لا شك بأن مشكلتكم تافهة جدا لو اخبرتموني لوجدت لها حلاً بسرعة ...!
_ غاردينيا كيف تتحدثين ؟!.
ارتبكت هي كثيراً من لهجتها الغير لبقة , فقال الملك وهو يتقدم إليها و يمسك بيدها : أنت أطيعي والدك و ابقي في قصره بأمان .. سيكون كل شيء بخير , حسنا يا صغيرتي ؟!.
قبلها بين عينيها ثم غادر بهدوء ... ظلت واقفة بمكانها مندهشة قليلا ... ربما أثر عليها "دايمـند" من كثرة ما يتحدث إليها بعجرفة وبرود !!.
في صبيحة اليوم الثاني , انهت الأميرة دروسها و واجباتها العادية الخفيفة لأنها مريضة لا يسمح الملك و الطبيب بأن تجهد في أمورها .. ارادت رؤية والدها و ربما تستطيع أن تجر منه كلمة أو اثنيتن ..
وقفت يدها على الباب المفتوح قليلاً و تسمرت عندما سمعت اسم "ليكسار" ... حدقت حولها بتوتر , ولكن لم يكن هناك من أحد .. فأنصتت لصوت والدها و صوت شخص آخر لم تعرفه ..
_ بما أننا وجدنا الأميرة قد أُعيدت إلى قصرها القديم في غرفتها بتلك المنطقة , فهذا يعني بأن مركزه ليس ببعيد ..
قال الملك بهدوء : ذلك القصر قريب جدا من الحدود , لكن أي مملكة تحدنا من تلك الجهة ؟!.
رد الرجل : أنها مملكة ميرديلايك , ملكها مريض هذه الفترة , لذا حاكمها الفعلي هو الابن , الأمير "أليكسس" ..
همهم الملك و قال بغموض : هل تعتقد بأن مركز عائلة ليكسار هناك ؟!. هل تظن بأن ميرديلايك يدعمونه ؟!.
قال الرجل : لا أظن بأنهم يدعمونه سيدي , لكن أصل ليكسار لا نزال نبحث به مولاي , أظن بأن اللورد دايمند هو الفرد الأخير و الوحيد .. وهو فرد غاضب كما يبدو...
قال الملك : لكنهم غير معروفين جداً , هل لديه ثروات لدرجة تكوين ذلك الجيش وحده ؟!.
_ إن الابن اللورد قد اختفى لفترة ما يا مولاي , سنوات طويلة , ولكنه ظهر الآن و نعم يملك ثروات كبيرة كما تبيّن .
_ لكنه أعاد ابنتي فجأة , بعد ايام منذ أن أرسلت له مفاتيح برج متهدم قديم في وسط المملكة الذي بقرب بحيرة صغيرة , لا أدري لمَ يهتم بمكان مهجور كذاك .. كان يريد أموراً أخرى لمح إليها , لكنه فجأة أعاد الأميرة بصمت و مررنا بفترة هدوء ..
_ ولكنه قد ظهر مجدداً في الحفلة , لا شك بأنه متنكراً , و كان يريد قتل سيادة الوزير , هذا كان هدفه هذه المرة ..!
تنتح الملك مفكراً , ثم قال بصوت هادئ جداً : بما أننا بحثنا كثيرا عنه في مناطقنا , لا شك بأنه قرب مملكة ميرديلايك , أريد أن أرسل لهم رسالة خاصة جداً .. يجب أن تصل للملك أو الأمير .. أريد فيها أن أسأله عن وجود عائلة ليكسار هذه في مملكة وهل لها أراضٍ بها أم لا...!
_ أجل يا مولاي , ستكون سرية جداً , هل تريد أن أذهب أنا بنفسي ؟!.
_ أجل يا برايس . أفضل أن تذهب أنت...
ابتعدت غاردينيا بسرعة عن الباب عندما سمعت أصوات تحرك المقاعد دليلاً على وقوف صاحبيها , توقفت ببداية الممر و حاولت أن تظهر البراءة بوجهها , لكنها شعرت بالدوار من انفعالاتها وهي تضع يدها على جبينها ...
فتح الباب و رأت من آخر الممر رجل شاب يخرج , كان بملابس أنيقة داكنة وهو يبتسم للملك الذي خرج معه .. توقفوا عندها وهي تحدق بالرجل الغريب الذي ابتسم لها بلطف ..
قال الملك بحب وهو يمسك بيد ابنته : أهلا صغيرتي , هل انهيت واجباتك ؟ . لا أريدك أن ترهقي نفسك حبيبتي...!.
_ أني بخير أبي...
ثم حدقت بالرجل الذي تبسم لها بشكل أكبر وقال : كيف حالك اليوم سمو الأميرة , تبدين أجمل بكثير ؟!.
لا تدري لم شكت كثيراً بهذا الرجل , لكنها ابتسمت , و ضحك الملك قائلاً : ابتعد , ففتاتي لا تزال صغيرة مدللة لا أحب أن يقترب منها أحد !.
_ لكني متزوج و لدي طفل بالفعل هاها !.
أحمر وجه غاردينيا كثيراً ضيقاً , بينما الرجلان يضحكان معاً عليها ..
_ أنه عقد جميل !.
قال الرجل الغريب بابتسامة مريبة وهو يتأمل عقد أم دايمند .. ردت وهي تتحسسه بيدها برقة : شكراً لك , لكن يا سيدي من تكون ؟!. أني لم أرك من قبل هنا ..!
لكن الملك هو من قال : أنه يدعى برايس كاسيل وهو مستشار خاص جداً , استدعيه أنا فقط لأجل الأمور المهمة !.
قال المدعو برايس فجأة بهدوء : يمكنني التأكد من صحة بعض الأمور أو عدمها , يمكنك استشارتي أنا أيضاً إن أردتِ سموك , أنا في خدمتكم دائماً ..
ردت غاردينيا بأدب : شكراً لك أيها المستشار !.
و عندما حل المساء لم تستطع رؤية الملك أبداً , كان في اجتماعات مهمة طويلة , بحثت الأمر كثيراً بعقلها هي أيضاً تريد التأكد من صحة بعض الأمور , كما أن لم تعد تثق بذلك الوزير المدعو زارو , و تشك أيضا بالمستشار برايس هذا...!
أوقفها الحارس قائلا بتهذيب : عذراً مولاتي لا يمكنك الدخول هنا !.
حدقت بالحارسين الواقفين بجانبي الباب الكبير القديم أسفل الدهليز , قالت مجدداً : لم أدخل هنا من قبل , لكن الآن يجب أن أفعل !.
قال الحارس مجدداً : يتطلب الأمر إذنا خاصاً من الملك نفسه أو المساعد الأول ...
ردت باحتجاج حاد : أنا الأميرة !! عليكم أن تدخلوني فوراً ... لن أجلب أي إذن !!
توتر الحارس من غضبها و قال مجددا : إن الأرشيف و المكتبة الخاصة مكان مهم و سري جدا أيضا سموك , من الصعب الدخول إليها !. أرجوك أن تفهمي الأمر ..
شعرت الأميرة أنها لو أصرت سوف تفقد الحارسين وظيفتهما , فوالدها قاسٍ جدا من ناحية الحراسة , فلتفتت بغيض و أخذت تمشي عائدة من هذا السرداب الطويل ... لا تدري لم أصبحت حادة الطباع فجأة ..!!
توقفت في الممر و قد رأت ذلك المستشار الخاص يسير وحده و بيده مخطوطة ما .. و عندما مر بها تبسم وهو يقول :
_ مساء الخير , سموك ! , هل تناولت العشاء ؟!.
ردت بحده غير مقصودة : نعم مهما يكن ..!!
رفع حاجبيه تعجباً و أوشك على الذهاب , لكن فجأة شعرت بالذنب فاستوقفته وهي تقول بنبرة لطيفة مذنبة : آووه لقد كان العشاء لذيذاً , لكن ماذا عنك سيادة المستشار .. هل كل شيء بخير ؟!.
رد بابتسام وهو يقف لأجلها : كل شيء بخير , و أشكرك لاهتمامك سموك أنت طيبة جداً ..
شعرت بالارتياح قليلا تجاه هذا الرجل , فسألته بهدوء :أني أتساءل إن كان باستطاعتي زيارة المكتبة الخاص , غرفة الارشيف فقط لأرضي فضولي عن نوع المخطوطات هناك ..!
_ آه ... يمكنك هذا بالطبع , هل حدثتِ الملك...؟!
هي لا تريد أخبار والدها ! , لكنها قالت محتجة بانشغاله : أنها اجتماعاته لا تنتهي ..!
ابتسم وقال : سأخبرهم بالسماح لك بالدخول , ولكن يا سموك أن إردت أي شيء تستطيعين أن تخبريني يمكنني فعل شيء لأجلك ..
ابتسمت بارتياح و سألت : بالتأكيد , لكن .. قالوا بأن الوزير الأول من يستطيع...
رد ضاحكاً : أيتها الأميرة , بصراحة أنا أعلى مكانة من الوزير , أني المستشار الأول الخاص جداً للملك , لكن لأن عملي كما تعرفين خفي قليلاً .. إذن مولاتي من هنا , سأوصلك بنفسي إلى المكتبة...
سألها بهدوء وهم يمشون : أن عقدك أثري و جميل جداً هذه زمردة صحيح ؟!. من أين أتيت بها ؟!.
استغربت اشارته للمرة الثانية إلى عقدها , فقالت بتردد : اهداني إياه .. آ الوزير الأول ..
ضيق جبينه قليلا ثم قال بلا اهتمام كثير : أنه قديم جداً لا يمكن لأي شخص الحصول عليه .
نظر إليها وقال متسائلا : هل قلبته , أرأيت وقت صنعه ؟!.
حدقت به غاردينيا بتعجب و قالت بتردد : لا .. هل تعرفه بشكل ما ...
بدا صامتاً فجأة , ثم قال وهو ينظر بعيداً : لا , لكن معظم المجوهرات الثمينة هكذا ..
دخلوا بقاعة ضخمة مليئة بأرفف طويلة و كأنها لا تنتهي من بداية القاعة حتى نهايتها , و كانت مضاءة بمصابيح قليلة من الزيت لهذا بدا الجو معتما قليلاً و غريباً ...و هادئا جداً و كأنهم عزلوا بعالم ..!
قال المستشار : ها نحن ..! لكن لا تطيلي المكوث هنا عزيزتي , فالجو كتوم قليلاً ..
رد وهي تبتسم له : أجل بالطبع , أني أريد ألقى نظرة فقط , أشكرك مجدداً سيدي المستشار !.
رد الابتسامة وهو يقول : أني في خدمتك ..!
_ هل يمكنك ألا تذكر هذا لأبي ! أنه كثير القلق علي هذه الفترة !.
_ لن أفعل , لكن إن بدأ أشعر بالقلق أيضاً فسيفتضح أمرك ...
و ضحك بهدوء فضحكت هي أيضاً , فكرت كم هو مسلٍ و ذكي .. هذا المستشار .. غادرها بعد أن أوصاها بأن تحترس كثيراً في التعامل مع المخطوطات القديمة و أن تحترس هي بنفسها ..
ظلت تدور فترة من الوقت محدقة بعناوين المخطوطات و اللفافات و الكتب القديمة الضخمة ... كلها تواريخ للمملكة قديماً و أحداث مهمة حدثت و بعض الأمور الدقيقة ..!
أوقفت فانوسها وهي تسحب كتاباً ما من الرف كتب عليه " بحيرة السلام الصغيرة و معركة البرج" .. ضاق جبينها وهي تفتح الأوراق القديمة بحذر .. كانت هناك معركة ما بسيطة .. و خونة و بسببهم أحدهم قتل !.
لكن لم يذكر اسم "ليكسار" وهو الشيء المهم الوحيد الذي تبحث عنه و سببت لأجله هذه الجلبة !.
تنهدت لم تكن هناك معلومات دقيقة .. فاستعدت لإعادة الكتاب و قد بدأت تشعر بالاختناق و الضيق , لكن فجأة انزلق من يدها و سقط !!
شهقت وهي تراه يقع على الأرض المغبرة سبب موجة صغيرة من الغبار , فرفعت بقلق مجدداً تتفحصه , لكن انزلقت منه ورقة صغيرة و وقعت على قدمها بصمت ...
_ آوه !!
نزلت على ساقيها و أمسكت بالورقة باهتمام وحذر , كان ظهر الورقة مزخرف بخطوط سوداء باهتة و زخارف قديمة غريبة , قلبتها و توسعت عينيها وهي ترى رسالة من خط يدٍ أنيق و سريع ..
قربت المصباح و دققت النظر إلى المحتوى .. كان مكتوب :
{ إلى العزيز مارسيز ... أني سعيد لأنك استعدت عافيتك بعد تلك المعركة , كنت قلقاً جداً عليك , لكن ما كان عليك المخاطرة بحياتك هكذا لأجل وعدك ... أني آسف لموت سيلفرس ! كانت صدمة لي أيضاً ... آمل أنك ترى الشيء الآخر الذي أرسلته مع هذه الرسالة .. كن حذراً , كما أني أحببت أخبارك بأن ابني ××××× }
تأوهت غاردينيا وهي تحدق بأسفل الرسالة المنقطع !!..
لقد انتهت !!.. لكن , كيف ومن , و متى ...؟!!
فكرت بأن تبقي هذه الرسالة أو النصف الرسالة معها لقد كانت مقطوعة في الأسفل , انها كانت موجهة لوالد "دايمند" .. و لكن ممن ؟!... و رسالته مبهمة بعض الشيء أيضاً...
آآآه تكاد تجن !! , هي نزلت كي تعرف عن تاريخ عائلة دايمند .. لكن يبدو بأن الوضع معقد ... و منذ دهر بعيد ...!
  #114  
قديم 07-09-2013, 07:50 PM
 
حركت عينيها بضعف وهي ترف برموشها الكثيفة شاعرة بالدوار , ولكن لم ترى سوى الضباب الابيض ..
لا شك بأن الذي جرى مجرد حلم مزعج عكر صفو حياتها المسالمة الجديدة ..
لاشك بأنه كذلك , فهي لا تريد تذكر ذلك الاسم حتى يترائى لها صاحبه , وحياتها الجميلة الجديدة بأمان و خير !.
_ عزيزتي , افتحي عينيك .. آنّـا ؟!.
وشعرت بـ طبطبة ناعمة على وجنتها , فحركت عينيها مجدداً و فتحتها , رأت وجه ريموس مائلاً قليلاً نحوها , و ابتسم بعطف , كانت مضطجعة على أريكة ما كما شعرت .. و قد رأت سقف قاعة مزخرف فوقها ..
حاولت تحريك قدميها لكن تصاعد ألم مفاجئ و حاد من قدمها , فتجمدت سريعاً وهي تغمض عينيها بألم ..!
_ لا تتحركي , قدمك أصيبت بصدمة كما رآها الطبيب و طلب ألا تتحركِ أبداً هذا اليوم ..
نظرت إليه بقلق , همست بتردد رهيب : هل... هل وصلتُ أنا مع... آيفرون ؟!.
ضاقت عينا ريموس قليلاً , فاعتدل بعض الشيء وهو يقول بصوت هادئ : مع آيفرون .. و شخص آخر .. في الواقع .. هما يتنظران خارج القاعة للاطمئنان عليك !.
توسعت عيناها الذهبية و شعرت بقلبها يفور بحرارة و بدأ حالة من الجنون ... قالت بصعوبة : هذا... حقيقي !!.
_ يا عزيزتي .. لمَ أرى الرعب في عينيك ...
وهو يمسك بيدها يهدئها , قال بلطف : استرخي فقط .. أنت بأمان معي , لن أدعى أحداً يمسك ..
شعرت باليأس و الألم يعصران قلبها ... آوه لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً ... فجأة طرق باب القاعة و دخل الصبي الأشقر سريعاً متلهفا وهو يقول :
_ آنسة آنا !!. هل أنتِ بخير !.
فلتفتت أنابيلآ سريعاً بعيداً وهي تجر الغطاء الذي كان فوقها حتى وجهها و أخذت تتنفس بصعوبة بعدما رأت ظلاً طويلاً يظهر أيضاً من خلف الباب ..
ظل ريموس يراقبها لثانية , ثم أجاب الصبي بلطف : أنها بخير يا عزيزي تحتاج للنوم .. أذهب لأمك الآن هي قلقه عليك !.
_ حسنا , سيدي ..
و غادر الصبي, بينما شعرت بخطوات بطيئة مكتومة على السجاد الفاخر . توقفت الخطوات على مسافة قريبة من السيد ريموس ..
رفعت أنابيلآ مذعورة الغطاء كله على وجهها و حاولت سد أذنيها بارتجاف ..
_ آنـّا ؟!.
كان صوت ريموس متسائلاً هامساً ... ضمت شفتيها ولم تنطق وهي لا ترى سوى ظلام الغطاء و خيالات غريبة مع صوت ضربات قلبها القلقة !!
سمعت ريموس يهمس بشيء ما , لا يبدو أنه يحدثها هي ... بل الشخص الآخر في الغرفة !... الشخص الذي...!!
ثم قال بعطف : سأحملك لغرفتك الآن !.
خفق قلبها رعباً و ودت لو تبقى هنا فوق الأريكة إلى الأبد .. لمس ريموس يدها الظاهرة و قال بحنان :
_ عزيزتي ؟!.
فتظاهرت بالنوم سريعاً لكن من تخدع !.. رفع السيد الغطاء عن وجهها و توقف مستغرباً , انحنى نحوها قليلاً , فهمست هي له بشكل خافت جداً : لا أريد رؤية أحد .. أرجوك !
شعرت به يتجمد قليلا , ثم حملها بهدوء و أخذ يصعد بها الدرجات ..
عندما أصبحت في غرفتها بأمان مع وجبة ساخنة لذيذة شعرت بالهدوء .. و تنفست الصعداء .. ثم قررت النوم , لكن أنى لها هذا و تشعر بوجوده قريباً بين هذه الجدران .. ودت بشدة أن يذهب بعيداً , هي لا تريد رؤيته أبداً و شعرت بأنها ستنساه حقاً , لكن صورته قد طبعت بعقلها ... وهي ترى من بين ظلام جفونها .. عيونه تتكون ثم وجهه يظهر لها ببطء ..!
لكن ظهرت صورة له وهو صامت و غير سعيد .. ولم يكن ينظر إليها تماماً , و استغربت هذا و تساءلت بنفسها مالذي يفكر فيه ؟!...
قال فجأة بهمس بعيد وكأنه صدى خافت : أني لا أشعر بأنني بخير , يبدو بأنني سأموت قبل والدي حتى !.
فتحت أنابيلآ فمها صدمة و قلقاً , فانتفضت فجأة مستيقظة وهي تحدق بالظلام بعينيها اللامعة , أخذت انفاسها تتردد بالصمت المطبق في هذا الوقت ... نظرت حولها كان الظلام مسيطرا جداً على الغرفة ..!
مسحت عينيها بيديها وهي تتذكر ما رأت , أنه حلم ... وهو حلم قاسٍ و مزعج جداً و غير حقيقي .. لا يجب أن تقلق بسببه ..!
ظلت جالسة بهدوء عاقدة يديها فوق حجرها ... فكرت بأن تصرفاتها صبيانية و طفولية جداً , عليها أن تنضج و تواجه الأمر .. و ستفكر بتعقل أكبر و أعمق .. فلتضع قلبها و مشاعرها جانباً .. أنه لم يجلب لها سوى المشاكل و التعقيدات و الكوابيس أيضاً .
صباح اليوم التالي , ساعدتها السيدة لوفر في تبديل ثيابها و تناول بعض الشراب الدافئ لأن أنابيلآ قررت تناول الفطور مع ريموس ... بعد تردد طفيف حسمت الأميرة الأمر و سألت بصوت شابه الضعف :
_لقد .. كان بالأمس هنا ... رجل ما ؟!... هل ... غادر ؟!.
تأوهت السيدة قائلة : آه تقصدين ذلك الشاب الذي جلبك مع آيفرون , ربما لم تريه .. لقد كان غريباً مسافراً .. كان متعباً جداً , لذا أبقاه السيدة كاسيل في ضيافته ..
عندما سمعت الجملة الأخيرة , توقف قلبها عن النبض ,!! و نسيت كل ما قررته بمنتصف الليل ..
كررت بتوتر رهيب : بقي هنا !!.
قالت السيدة بتعاطف شديد وهي تضم يديها معاً : ربما لم تريه لأنك كنت نائمة , لكنه كان مستنزف القوى , أنه شاب جميل الطلعة و يبدو نبيلاً جداً .. لقد رفضت بشدة البقاء و أراد أن يغادر , لكن السيد كاسيل أصر عليه .. لا يمكنه تركه يذهب بتلك الحالة !!.
شعرت أنابيلآ بأن الغرفة بدأت تتحرك و تدور من حولها فشحب وجهها و تماسكت بمقعدها , قالت بتوتر :
_ كيف... كان شكله ..!!
آمل شيء ما بداخلها ألا يكون الذي استحل قلبها ~ ... فقالت السيدة لوفر وهي تضع يدا تحت ذقنها مفكرة :
_ بالرغم من تعبه و شحوب وجهه ... فهو وسيم جداً , ربما أجمل شخص رأيته بحياتي .. عيناه بلون البحر , شعره بني قاتم .. ممشوق القوام و رصين جداً و هادئ لا يكاد يتكلم .. آووه لا شك بأنه أمير و كانت ملابسه فاخرة جداً ولكنها متربة , و لكن حصانه رهيب جدا و يبدو ذو سلالة اصيلة , أعجب آيفرون جداً لقد قال بأنه حصان الآحلام !.
هوى قلب أنابيلآ و تحطم بمكان ما أسفل ضلوعها .. أنه أليكسس حقاً و عيناها لم تكذبان ..! آوه لما عليها أن تواجه هذا كله ..!! و الحصان لا شك بأنه آينوس .. حصانه المفضل .
تمالكت نفسها و قالت : هل .. هو لا يزال هنا ؟!.
_ أجل في الحقيقة , السيد يريده أن يرتاح .. و اعتقد يا آنسة بأن السيد كاسيل تعرّف إليه لكني لم أعرفه .. لقد تحدثا طويلاً ليلاً .. كما أنني لم أعرف اسمه , أو ربما ذكره و نسيت ذلك ..!
طرق الباب فجأة فشهقت أنابيلآ بوضوح .. نظرت نحوها السيدة لوفر و قالت بتعاطف : اهدئي يا عزيزتي .. أنه آيفرون !.
دخل الصبي بمرح وهو يلقي التحية و يسأل عن حالها , ثم وضع سلة كبيرة من الفاكهة اللذيذة على منضدتها ...!
بعد دقيقة دخل السيد ريموس كاسيل بهدوء وهو يرتدي ملابسه الانيقة الداكنة , خرجت السيدة لوفر و ابنها بينما جلس السيد على كرسي مقابل أنابيلآ الصامتة التي تحاول أن تتحكم بتوترها وقلقها ..
ابتسم لها قائلا بنبرة أبوّية عميقة : هل تشعرين بالتحسن عزيزتي ؟!.
أومأت برأسها ثم همست بحزن : آسـفة لإزعاجك سيد كاسيل .. لست أدري كيف حدث هذا لكنها غلطتي !.
تنهد الرجل وقال بلطف بالغ : لا تتحدثي هكذا .. صدقيني لا يمكنك أن تزعجي أحداً .. أنا أحب أن ارعاك .. و أود بشدة أني تبقي معنا في هذا المنزل طوال الفترة التي ترغبين بها ..
التمعت الدموع بعينيها الذهبيين و فقدت قدرتها على الكلام لثوان , ابتسم ريموس و أكمل وهو يضم يديها بين يديه :
_ و إن اردتِ العودة , فيمكنك هذا بأي وقت تريدين ..!
قالت باكية : أريد أن أبقى معك هنا .. أرجوك .!
ضمها برفق بينما هي تشهق بصعوبة لتتنفس , قال بحنان شديد : نعم , وأنا أريدك أن تبقي يا صغيرتي ..
مساءاً قررت أن تتشجع و تنزل لتناول الشاي ما بعد العشاء اللذيذ في غرفتها فقد اصبحت تستطيع السير جيداً دون أن تضغط بحملها على كاحلها المصاب , و فكرت براحة رهيبة أن ريموس لن يتخلى عنها و سيقف بصفها .. و تمنت لو كان لها أب مثله !.
نزلت الدرجات بحذر و هدوء لا تريد من أحد ان يساعدها أو يعلم بنزولها , سوف تدخل الغرفة و تفاجئهم ربما , لكنها ستكون متعقلة جداً , هادئة جداً ... و ليحدث ما يحدث !.
نزلت خطوة واحدة بحذر , ثم تنهدت و اكملت ... وضعت قدمها المصابة على العتبة الأخرى , ثم ضغطت عليها بقوة دون قصد ... تأوهت بصوت عالي متألمة بعد أن تصاعد الألم المفاجئ !.. و كادت تنزلق و تسقط متعثرة ...
لكن شيئا ما ثبتها و أمسكها بقوة من خصرها !!
لم تستطع تجميع أنفاسها أبداً وهي ترفع رأسها لتحدق بذعر بالعينين الزرقاوين الباهتتين كسماء الليل...!!
اختنقت صرختها و حاولت الابتعاد بأقصى سرعة .. ربما ستختصر الطريق و تقفز من فوق السور الذهبي , لكنها تهاوت و ترنحت وكادت تقع مجدداً , مما اضطره لمد ذراعه الأخرى و تثبيتها جيداً قربه ...!!
سمعت همسه القلق : اهدئي أنابيلآ !.
آه أنها لم تسمع صوته منذ أمد بعيد و كأنه دهوراً مرت بها .. لم تقوى على استرجاعه ولا حتى في الأحلام .. أنه ضمن منطقتها المحظورة ... و كم مرة لمحت له بهذا ...!!
رفضت النطق و هزت رأسها بعنف جعل شعرها يتطاير .. بينما أغمضت عينيها بقوة و اشاح بوجهها عنه .
_ دعيني أرافقك حتى الغرفة .
نطق بهدوء و أدب ... لكنها بقيت مصرة على الصمت , هدأت انفاسها و أبعدت يديه عنها بلطف و ارتجاف .. فتركها هو و بقي يراقبها وهي تنزل الدرجات بحذر رهيب و انفاس مقطعة و شحوب شديد ..
سمعت خطواته خلفها , ثم توقف أمامها و فتح لها الباب , بينما هي لم تلقي سوى بنظرة خاطفة كالبرق عليه , لا تدري ما يرتدي لكنها ملابس داكنة مرتبة ..
جلست على أول أريكة مريحة في القاعة بتهالك .. و بقيت قامعة بالصمت وقد اسبلت رموش عينيها الكثيفة الجميلة , سمعت صوت خطوات أخرى , ثم صوت ريموس يحييه ..!! بعدها توقف لثانية قبل أن يتقدم منها و يقول بلطف هامس :
_ لقد نزلت إلى هنا ! , ما كان عليك فعل هذا عزيزتي , هل قدمك بخير ؟!.
رفت بعينيها و نظرت إليه قليلاً , بدت نظرتها معذبة مكتئبة عانت الكثير , عينيها الذهبية تلمع بدموع مقيدة حبست لأجل الألم الرهيب .. أنها حياة بائسة و حب يائس و قلب محطم ضائع نازف.
رفع ريموس رأسه و نظر إلي ضيفه الجديد قليلا , ثم عاد بنظره إلى صبيته الصغيرة .. زفره نفسه بهدوء قائلاً :
_ لتناول الشاي الآن ..
ساد صمت ثقيل أثناء سكب السيدة لوفر للفناجين ولم تلحظ هي الجو المثقل , بينما تجلس أنابيلآ مقابلة تقريبا مقعد .. ذلك الشخص الذي لا تريد نطق اسمه بعقلها , و بجانبها إلى الأمام مقعد السيد كاسيل ... كان الضيف الصامت يقف بجانب الشرفة الجميلة خلف مقعدها يتأمل الحديقة في الليل ..
قال السيد ريموس فجأة بهدوء وهو ينظر خلفها : أجلس من فضلك , يا أمير أليكسس !!.
شهقت بشكل مكتوم ظهر باتساع عينيها و كادت تسكب الشاي الحار بحجرها ... آآآه لم يذكر اسمه ...!! و يبدو جليا أنه يعرفه ببساطة .. ودت لو تجلس بركن مظلم وحيدة ...لكن آمنة بعيدة عن الأنظار والألم ترفع الحواجز و الجدران حولها و تبنيها حول قلبها بأحكام !.
التفت الأمير بجسده وهمس من بعيد : بالطبع. سيدي.
وعندما سمعت صوت خطواته خلفها تقترب ليمر من جانبها إلى مقعده , ضغطت نفسها لظهر المقعد بشدة و انزلقت كثيرا لتغوص بالوسادة خلفها لعلها تختفي قليلاً حقاً. لكن لم تفلح , لقد جلس أمامها تفصلهما منضدة خشبية جميلة و كبيرة .. تناول فنجانه , نظر إلى السيد , ثم إليها ..
_ ستمطر قريباً ..
قال أليكسس ببطء وهو يداعب الفنجان بيده .. رد ريموس عليه بلطف هادئ : جميل , لكني لن اسمح لك بالمغادرة لسوء الجو ..و حالتك .. أأنت واثق بأنك لا تريد رؤية الطبيب ؟!.
_ أجل سيد كاسيل , لا داعي لهذا .. أحم .. كيف حالك .. أنابيلآ ؟!.
فوجئت الأميرة منه و برعب شديد وصدمة عنيفة رفعت عينيها للنظر إليه خلسة .. كان يبدو شاحباً عابساً و الهالات حول عينيه واضحة رسمت أمارات السهر المقلق .. و لكن مهلاً , كيف يجرؤ على التحدث معها ببساطة هكذا ... وقد قال اسمها مكتملًا...!!
أشاحت بوجهها عنه , كانت تدرك بأن ريموس يراقبها بهدوء .. لكنها لزمت الصمت المطبق التام !.
همس أليكسس بصوت متوتر بعض الشيء : ...لم ...اسمع صوتك أبداً ؟!.
تدخل ريموس فجأة بصوت بارد غريب : إذن هل يمكن أن تكون أنت السبب لجعل آنّـا ترفض الكلام لأسبوع كامل ..! لقد كانت مصدومة بشكلٍ حاد !. و خشيتُ فقدانَها .. اسمح لي لكنْ .. أأنت السبب بهذا ؟!.
شعرت بالرعب و الصدمات .. الحديث بدأ يأخذ مجرى خطير !! و بدا ريموس غاضباً وهو يرمق أليكسس بطرف عينه...
لكنها رفضت النظر بوضوح إليهما و ارهفت السمع , وقف أليكسس و تحرك حول معقده الوثير , قال بصوت هامس غريب :
_ ربما أنابيلآ تكرهني منذ زمن , لكن لا يمكن أن ترفض الكلام معي , أليستِ كذلك ؟!. أنابيلآ أنظري إلي ...!!
كان يطلب منها بتعب محير .. رفت بعينيها بقلق شديد و قررت أن تنظر إليه بتحدٍ , فرفعت بصرها و هالها منظره اليائس .. لقد كان يتكأ على ظهر المقعد , و لكن يده اليسرى ملفوفة بضمادة بيضاء !! ماذا ؟!... لكن رأته .. رأت خاتماً ذهبياً في بنصره !!.
نهضت واقفة فجأة , قالت بصوت متكسر : آسفة ... لكن لا أريد رؤيتك !!. أبداً...!!
هرعت مسرعة تكاد تقفز على قدم واحدة خارج الغرفة. لحق بها ريموس بينما بقي أليكسس ثابتاً بمكانه متجمداً لا يطرف بعينيه...
_ آنّ .. صغيرتي ما بك ! , اهدئي ...
امسك بمرفقها و أخذ يساعدها على الصعود ... همست أنابيلآ بحده مؤلمة : لا أريد رؤيته .. !!.
_ آوه !!
همهم ريموس بدهشة و فهم , ثم فتح لها باب غرفتها و رافقها حتى جلست على السرير .. قال لها بلطف شديد :
_ أنه ليس شاباً وضيعاً .. بغض النظر عن مكانته .. فأنا أعرفه منذ زمن طويل !.
لفت الأميرة برأسها بعيداً .. و الآن مالعمل , هي تريد حماية قلبها ... أو ما تبقى منه !.
همس لها ريموس بعطف : كان يريد الاطمئنان عليك فقط , وهو ضيفي الآن , لا يمكنني تركه متضايقاً و جريحاً دون أن اساعده ..
نظرت نحوه بعيون لامعة حزينة , همست تسأله : هل يجب علي أن أساعده أنا أيضاً ؟!.
هز رأسه و أجاب : لا , لأن عليك أن ترتاحي و تهتمي بنفسك الآن ,عزيزتي .. و بما أنك لا ترغبين برؤيته , فسأخبره بهذا و أطلب منه أن ينفذ رغبتك .. أراد الاطمئنان عليك و رؤيتك و قد حدث له هذا ... ألستُ محقاً ؟!.
أومأت بصمت , و همست تشكره .. تمنى لها ليلة هانئة .. ثم غادر و تركها ..
تقلبت كثيراً حول نفسها , وضمت وسادة صغيرة لقلبها الجريح .. أغمضت عينيها بقوة شديدة .. لكن صورة أليكسس تتشكل ببطء في جفونها .. صورته صامتاً ينظر إليها .. بعينيه الزرقاء الشاحبة الهادئة .. وكأنه ينتظر شيئا ما يجب فعله !...
فكرت بيأس , كم هو شاب نقي شديد الرقة و الطيبة , و لأنه يحب و ينفذ ما يريده والده .. والده ذاك !!.
تأوهت والذكريات اللطيفة الخافتة تمر بصورها أمام عينيها بسرعة و بطء بنفس الوقت .. أليكسس ... دافئ .. دافئ جداً .. و عذب الشعور ... و عندما ضمها قليلاً و سريعاً , كانت لحظة من الاساطير .. و كم كان رقيقاً حانياً , يكاد شيء ما يهمس بزاوية في عقلها , أنه .. ربما ... ربما ... بشكل ما ... أليكسس يحمل لها شيئا غير الشفقة !.
حاولت أن تتذكر أحاديثهم ... لكن ... لم ترى سوى .. وجهه .. و شفتيه تتحركان .. و تبتسمان لها ,عينيه تلمعان ناظرتان إليها وحدها .. يمسك بيدها , ينحني قليلاً تجاهها عندما تتحدث مرهفاً كل حواسه لأجلها ينصت بقلبه و عينيه و اذنيه و جسده ...
لكن ... لكنه ...
فجأة تحطمت الصورة الظاهرة ...!!
و الظلام ابتلعها ... أليكسس , لم يهتم لأمرها في الساعات الأخيرة , و انشغل كلياً بزواجه .. و قد تزوج حقاً و مضى بعيداً بحياته .. لا يهم من تزوج ... لقد اختطفت لأسوأ حظ ممكن أن يحدث لها بالتاريخ في نفس الليلة !!!... و عُذبت و جُلدت و جرجرت من شعرها .. اهينت كثيراً جداً أكثر مما قد يتحمله انسان طبيعي ... نزفت و قتلت شخص ما ... طعنته و مات .. و هربت بصعوبة بالغة لا تدري كيف حقاً استطاعت قدماها الهروب بها و استطاع جسدها النجاح...!!!
بينما أليكسس سارق قلبها , يتمتع بأمسية رائعة , بل أروع أمسية لأي شخص .. كانت حفلة زواجه ..!
أنها حقيقة , أنها حقيقة ثقيلة للغاية لا تستطيع دفعها بعيداً !!.
ربما كان يمسك بيد عروسه و يرقصان , أو يتبادلان همسات الاشتياق ... لا يهم ... المهم هو أين كانت في هذا الوقت .. هي أنابيلآ بنفسها .. و مالذي حدث معها ... لقد حدث لها الأسوأ ... و ربما هناك أمور مخفية لها بالطريق قادمة من يدري ؟!
عليها ... يجب عليها ... أن تنساه ... فعلياً .. أن تطمسه مع بقية الذكريات المريرة و تقفل عليهم بصندوق النسيان ... الأبدي ...!
و غداً ستتعامل معه كأي غريب عابر ...!
عليها أن تتدرب على التحدث جيداً , لقد انتهى الماضي ... و يجب ألا تتعثر بالكلام أو خطواتها أو نظراتها ..
رفعت عينيها الذهبيتان اللامعتان في الظلمة و قد سمعت صوتاً مكتوماً .. لخرير المطر ...!
  #115  
قديم 07-09-2013, 07:51 PM
 
اتمنى لكم الاستمتاع
ورمضان كريم
RODA123 likes this.
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طفل يولد واسمه مكتوب على خده "صوره" لاتخرج بدون كتابة """سبحان الله"""‎ darҚ MooЙ موسوعة الصور 132 12-15-2011 09:33 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 04:11 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011