#46
| ||
| ||
- إنهم في الحديقة الخلفية .. لقد ذهبوا لمحل الألعاب هذا الصباح و لذا هم مستمتعون باللعب و تجريب ألعابهم الجديدة ..! - أمر رائع .. هيا ليديا .. سأعرفك عليهم ..! سرت مع ليديا ناحية الخارج بينما استأذنت جوليا بأنها ستغسل الفناجين و تتأكد من الكعكة التي في الفرن ثم تنضم إلينا فيما بعد ..! بينما كنا نسير : هل الأطفال هنا كثر ؟!!.. - لا .. أنهم أربعة فتيات و أربع فتيان فقط ..! - حقاً .. اعتقدت أنهم أكثر بكثير ..! - لم يكن هذا الملجأ مزدهراً في السنوات الأخيرة ..! - هل عرفته من خلال ريكايل ؟!.. - يمكنك قول ذلك ..! وصلنا حينها للخارج .. في الحديقة الخلفية كانت ضحكات الأطفال هي الصوت الطاغي على كل شيء ..! رينا كانت تحمل رشاش الماء الكبير ذو اللون الأزرق و المصنوع من البلاستيك و تطلق ناحية ايريك الذي كان يحمل وحداً مشابهاً بلون أخضر و قد كان كلاهما قد تبلل تماماً ..! ديالا كانت تجلس مع لورا و الآنسة جيني على بساط تحت الشجرة مجتمعين حول ذلك الصندوق و بدا أنهم منهمكون في صنع شيء ما ..! مارسيل كان هناك مع جين كل واحد منهما على دراجة صغيرة بثلاث عجلات ..! كانت ليديا مبهورة بهم : إنهم صغار جداً .. و يبدون لطيفين للغاية ..! سمعت صوتاً خلفي حينها : لينك .. أهلاً بك ..! التفت إلى الخلف فرأيت جينا المربية المسؤولة عن الأولاد و التي تشبه أختها الكبرى كثيراً إلا أنها كانت نحيلة .. وهي في التاسعة و العشرين : أهلاً آنسة جينا ..! - سعيدة لأنك أتيت لرؤية الأطفال .. هل حضر ريكايل أيضاً ؟!.. - لقد كان هنا قبل وصولي لكنه غادر ..! - عدت من التسوق قبل قليل فهذا الأسبوع دوري في شراء حاجيات المنزل و الأطفال ..! - هكذا إذاً ..! انتبهت حينها لليديا فقالت بابتسامة : هل هذه رفيقتك ؟!!.. إنها جميلة ..! لما الجميع مصراً على كون ليديا رفيقتي .. هل نناسب بعضنا إلى هذا الحد ؟!.. لحظتها تنهدت بتعب .. لكني فوجئت بأن ليديا تنهدت بتعب هي الأخرى معي في ذات اللحظة ..! كانت هي أيضاً تنظر إلي مستغربة .. بدا واضحاً أنها أيضاً ملت تلك المسألة ..! لكنها التفت ناحية جينا و ابتسمت : أسمي ليديا .. و أنا زميلة لينك في المدرسة .. تستطيعين القول أننا صديقان .. فقط ..! كانت إجابتها كافية تماماً فابتسمت جينا لها : تشرفت بلقائك آنسة ليديا .. أنا جينا المسؤولة عن الصبية هنا ..! - تشرفنا ..! - اعذراني الآن .. سأذهب لمساعدة الآنسة جوليا في المطبخ ..! غادرت المكان بعدها فعدت أنظر إلى الحديقة و أشرت إلى ديالا و لورا : سأعرفك إليهما أولاً ..! أومأت موافقة فنزلنا درج تلك الشرفة و بدأنا السير نحوهما .. لحظتها وقفت رينا أمامي و كانت تعيرني ظهرها و هي لا تزال تمسك بمسدس الماء ..! لكنها التفت ناحيتي و نظرت إلي بهدوء للحظات قبل أن تبتسم بمكر و توجه سلاحها ذاك نحوي لتبللني في ثوان !!.. كنت مصدوماً .. فأنا لم أتوقع هذا .. بينما ضحكت هي بخفة رغم أني لا أرى في الأمر ما يضحك ..! شعرت بأني سأنفجر في لحظات .. لكن ذلك لن يكون جيداً بالتأكيد ..! اهدأ لينك .. إنها مجرد طفلة تريد أن تلعب معك ..! أخذت نفساً عميقاً حينها قبل أن أصرخ حينها بحماس : سأنتقم منك ..! شهقت هي فزعة و راحت تركض مبتعدةً بينما أسرع ايريك ليرمي برشاشه إلي متبرعاً فالتقطته و رحت أركض خلفها ..! - توقفي يا جبانة ..! - لن تمسك بي ..! شعرت بالمتعة فجأة فبدأت أضحك أنا الآخر .. شعرت بأن طفولتي التي ضاعت بين رعب و خوف قد محيت و احتلت ضحكاتي هذه مكانها ..! كنت قد تبللت أكثر و تبللت هي الأخرى ..! لكنني في النهاية تمكنت من أن أدركها فرميت باللعبة و التقطت الطفلة في لحظة إلى أني سقطت أرضاً و تدحرجت معها ..! انتهى بي الأمر مستلقياً على ظهري و هي فوقي .. أخذت لحظات استوعب الأمر فضحكت بشدة كما فعلت رينا ..! انه شعور رائع .. بل هو أروع شيء في الكون ..! سماع ضحكة طفل خرجت من قلبه مباشرة .. تشعر لحظتها بأن الدنيا في سلام ..! خاصة إن كان هذا الطفل مثل رينا التي كبقية الأطفال هنا لم يعرفوا والدين مسبقاً ..! جلست حينها بعد أن ابتعدت عني ..! سمعت ضحكة أخرى .. لكنها لم تكن ضحكة طفل ..! التفت لأرى ليديا التي كانت تضحك بشدة حتى أن دموعاً قد خرجت من عينيها ..! جثت بقربي و ربتت على رأس رينا : أنت سريعة جداً .. لقد تمكنت من الهرب من لينك لوقت ..! بدا على رينا السعادة بهذا الكلام : حقاً ..! - بالتأكيد .. ما اسمك يا صغيرتي ؟!!.. - رينا ..! - اسمك جميل جداً مثلك تماماً .. لقد أحببتك ..! - و أنا أيضاً ..! قالتها تلك الطفلة بمرح .. علمت حينها بأن لدا ليديا قدرة جيدة في التعامل مع الأطفال ..! - أنا اسمي ليديا .. أريد أن أصير صديقتك ..! - أهلاً آنسة ليديا ..! شعرت بأحدهم قد تعلق برقبتي فجأة .. لقد كان ايريك الذي قال بمكر : لينك من هذه الآنسة اللطيفة ؟!.. حسناً .. لم يخطر في بالي أن طفلاً قد يفكر في تلك الأمور .. لكنني أجبته حينها : إنها صديقتي و اسمها ليديا ..! - أهي صديقة رايل أيضاً ؟!.. لم أجب لكن ليديا قالت بابتسامة لطيفة : يمكنني أن أصير صديقة رايل إن كان الأمر سيسعدك ..! ابتعد ايريك عني حينها و تقدم ناحية ليديا بمرح : أنا ايريك .. و أنا أكبر الأولاد ..! - هذا رائع .. إذاً أنت أخوهم الكبير ؟!!.. - صحيح ..! - إذاً عليك أن تكون لطيفاً و مهذباً كي تكون قدوة جيدة لهم ..! قطبت حاجبيه غير مقتنع : هل يجب أن أكون كذلك ؟!!.. - بالتأكيد .. أنا الأخت الكبرى لأخوي أيضاً .. لذا فأنا أتحمل مسؤولية تصرفاتهما لان الأخ الأكبر قدوة لأخوته الصغار ..! - أيمكنني أن أكون قدوة جيدة ؟!.. - بالطبع يمكنك ذلك .. حين تكون مهذباً و لطيفاً و تسمع كلام الكبار و لا تسبب الفوضى ..! أنا أعلم أنك ولد جيد و يمكنك أن تكون قدوةً حسنة ..! بدت السعادة على ايريك حينها : أنا سأكون قدوة جيدةً لإخوتي ..! وقفت حينها و أنا أقول : إذا استمعت لنصائح جوليا فستصير قدوة حسنة ..! ضحك حينها بخفه .. ربما يكون مشاكساً لكنه يتصف ببراءة الطفولة ..! انتبهت لجون و مايك اللذان كانا هناك في زاوية الحديقة هناك : ماذا يفعلان ؟!!.. أجابتني رينا : يلعبان التنس ..! - حقاً ؟!!.. - لقد اشتريا مضربين و كرة .. لكنهما لا يعرفان كيف يلعبان بها ..! - ليديا .. تعالي لنلقي نظرة ..! سرت ناحيتهما و ليديا معي وقد بدت متشوقة للتعرف عليهما ..! وصلت إليهما لكني استغربت علامات العبوس على ملامحهما : ما الأمر يا أصحاب ؟!!.. نظرا إلي حينها فقال جون بعبوس : أنظر ..! كانت الكرة في يده .. و المضرب في يده الأخرى .. رفع المضرب في وضعية مستقيمة ثم ألصق الكرة به و هو لا يزال يمسك بها .. حرك المضرب إلى الأمام و ترك الكرة فلم تنطلق سوا سنتيمترات قليلة ثم سقطت أرضاً : إنها لا تطير ناحية مايك ..! - لأنك أطلقتها بطريقة خاطئة عزيزي .. يفترض بك أن ترميها في الهواء ثم تضربها ..! - هكذا ؟!!.. أخذ مايك الكرة ثم رماها عالياً لكنه حين أراد أن يضربها أخطأ في تقدير الوقت فضرب قبل أن تصل الكرة إلى المكان المناسب ..! ضحكت ليديا بخفة : الأمر يحتاج لتدريب .. لكني واثقة أنك ستتقنها ..! نظر إليها مايك : من أنتي ؟!.. - اسمي ليديا .. و أنت ؟!!.. - مايك ..! - أسم جميل يا مايك ..! حسناً .. أنت تذكرني بنفسي فأنا لم أكن أعرف كيف أرمي الكرة حين كنت في عمرك ..! - هل تجيدينها الآن ؟!.. - لقد تدربت حتى تمكنت من فعلها .. ينبغي عليك فعل هذا أيضاً ..! لقد كانت ليديا جيدة في الحديث معهم و تجد الكلمات المناسبة دوماً ..! التفت ناحية جون : و أنت .. ما اسمك ؟!!.. - جون ..! - رائع .. هل ستتدرب أنت أيضاً يا على ضرب الكرة يا جون ؟!!.. - نعم .. لأني أريد أن أفعل مثل اللذين في التلفاز ..! - أنا واثقةٌ بأنك ستصير لاعباً جيداً قريباً ..! انتبهت لمايك الذي كان يمد مضربه إلي : أتجيد اللعب ؟!!.. أومأت إيجاباً بابتسامة : نعم .. لقد تدربت عليها سابقاً ..! - إذاً ارني كيف تفعلها ..! - حسناً ..! قلت هذا و أنا آخذ المضرب من بين يديه ..! التفت ناحية ليديا : هل تجدين اللعب ؟!!.. - بالطبع .. لقد كسبت بطولة تنس حين كنت في الابتدائية ..! - لنرى مهارتك إذاً ..! أعطاها جون المضرب الآخر : تفضلي يا آنسه ..! ربتت على رأسه : شكراً لك يا صغيري ..! ابتعدت ليديا عني عدة أمتار و فقد كانت الحديقة واسعة بما فيه الكفاية ..! انتبهت حينها لجين التي صرخت : لينك سأشجعك ..! نظرت إليها و ابتسمت و أنا أقول بصوت مرتفع حتى تسمعني : شكراً لك عزيزتي ..! كانت تقف على درج الشرفة مع مارسيل الخجول الذي لم يقل شيئاً إلا أن ليديا نظرت إليه لتقول بمرح و صوت مرتفع : أيها الصغير ..! التفت ناحيتها بارتباك : ماذا ؟!!.. - ما أسمك ؟!!.. - مارسيل ..! - لديك أسم لطيف .. أيمكنك تشجيعي يا مارسيل ؟!!.. تردد حينها قبل أن يقول : أنا لا أعرفك ..! ضحكت حينها هي لتقول : لا بأس .. أنا ليديا ..! هيا إن فزت على لينك فسأقدم لك الحلوى ..! بدت عليه السعادة فصرخ : آنسة ليديا أبذلي جهدك ..! في تلك اللحظة صرخت جين هي الأخرى : آنسة ليديا أنت ستفوزين ..! لقد غيرت رأيها بمجرد ذكر قطعة الحلوى : جين .. لقد خذلتني ..! ضحكت حينها بشدة وهي تنظر ناحيتي .. أعتقد بأنها مستمتعة بهذا ..! أمسكت الكرة : هيا .. سنبدأ .. دقيقتان .. حساب النقاط سيكون حسب عدد الضربات التي رددتها ..! أخبرتني أنها موافقة و مستعدة فرميت الكرة في الهواء ثم ضربتها ضربة أشبه بالخفيفة كاختبار لمهارة ليديا لكنها فاجأتني بأنها ضربتها بقوة في زاوية صعبة و بالكاد تمكنت من ردها :أنتي ماهرة ..! - أخبرتك أني كسبت البطولة سابقاً ..! - حسناً .. لن أتساهل هذه المرة ..! و هكذا .. مضت دقيقتان و نحن نتبادل الضربات .. و قد تقدمت علي ليديا بضربتين ففازت !!.. ركض مارسيل و جين ناحيتها فعانقتهما بسعادة : أنتما تستحقان الحلوى بمناسبة فوزي ..! أخرجت من حقيبتها قطع حلوى بالكرز و أعطتهما .. ركض جون و مايك إليها ليحصلا على نصيبهما كما هو الحال مع رينا و ايريك ..! و هكذا .. تمكنت ليديا من اكتساب حب الأطفال خلال دقائق .. إنها مذهلة ..! وصلت إليهم أنا الآخر : ماذا عن حصتي ؟!.. ضحكت ليديا بخفة : أتريد العودة لأيام الطفولة ؟!!.. - الحقيقة أني أعيش طفولتي مجدداً حين أكون هنا ..! - إذاً تفضل ..! - شكراً لك ..! أخذت منها قطعة و وضعها في فمي .. كانت حمراء اللون و ذات طعم حلو لذيذ كما أن رائحتها كانت منعشة ..! اتجهت جوليا ناحية ديالا و لورا اللتان كانتا مستجمتان مع ما تصنعانه فلم تنتبها لكل ما حدث قبل قليل ..! سرت بجوارها حتى وصلنا إليهم .. وقفت جيني حينها و نظرت لإيريك و رينا : هيا .. عليكما أن تبدلا ملابسكما المبللة حتى لا تصابا بالزكام ..! أومأ موافقين فاستأذنت و انصرفت حينها معهم بعد أن أخبرناها أنا و ليديا بأننا سنهتم بباقي الأطفال ريثما تعود ..! جلست ليديا القرفصاء أمام الطفلتين : أتريدان الحلوى ؟!!.. رفعتا رأسهما ونظرتا إليها للحظات .. نظرت ديالا إلي : من هذه ؟!!.. ابتسمت لها : إنها صديقتي .. و هي تريد أن تصبح صديقتكما أيضاً ..! بدا على لورا ابتسامة خجولة : أيمكنني الحصول على قطعة حلوى ؟!!.. أومأت ليديا إيجاباً بمرح : بالتأكيد صغيرتي .. لكن أخبريني ما اسمك ؟!!.. - لورا ..! - حقاً ؟!!..أنا أحب أسم لورا كثيراً .. أمي أسمها لورا ..! لم أعلم إن كانت تقصد أمها الحقيقية أم السيدة روبرتون .. لكني أعتقد أنها تقصد الأولى فقد بدا صوتها حانياً في آخر جملة ..! وضعت قطعة حلوى في فم لورا : ما رأيك ؟!.. بدت عليها السعادة بشدة و قد توردت وجنتاها كما يحدث مع ليديا بالعادة : إنها لذيذه ..! نظرت إلى الأخرى حينها : أنت جميلة جداً .. ما اسمك ؟!.. - شكراً لك .. اسمي ديالا ..! - اسمك جميل أيضاً .. و هو يشبه أسمي ..! - حقاً ؟!!.. - نعم .. أنا أسمي ليديا .. ألا يشبه أسمك يا ديالا ؟!!.. - بلا ..! إنها تستغل أصغر النقاط كي تكسب محبة من أمامها .. بالفعل أنها شخص رائع ..! لا أعلم لما ؟!.. لكني شعرت بأنه لو لم أعرف ميشيل لكنت قد وقعت في حب ليديا بلا شك ..! لكن بما أن ميشيل موجودة فمشاعري ناحية ليديا لا تتعدى مشاعر الأخوة و الصداقة الحقيقية ..! أخذت ديالا حصتها من الحلوى هي الأخرى ..! لفت نظري الصندوق الذي كان على الأرض أمامهما و مجموعة الخيوط الرفيعة تلك : ماذا تصنعان ؟!.. هكذا سألت باستغراب فرفعت ديالا قلادةً كانت في يدها : نصنع حلياً من الخرز ..! كان الصندوق مليئاً بحبات الخرز متعددة الأشكال و بديعة الألوان ..! بدا الانبهار على ليديا : يااه .. إنها رائعة .. أيمكنني أن أصنع بعضها معكما ..! - بالتأكيد ..! قالت هذا لورا بحماس فنظرت ديالا إلي : و أنت لينك .. تعال و جرب ..! جلست بجوار لورا بينما كانت ليديا بجانب ديالا ..! أخذت تلك الصغيرة التي بجانبي تشرح لي طريقة صنع الأساور ..! نظرت إلى تلك الأشكال الكثيرة .. لكن كان شكل الزهرة هو أكثر ما أعجبني خاصةً بتلك الألوان المختلفة ..! أخذت خيطاً و بدأت بإدخال الخرزات إليه .. كان صعباً في البداية لكني تمكنت منه ..! لم أعتقد يوماً بأنني سأقوم بشيء كهذا مع مجموعة أطفال ..! لكن .. كان الأمر رائعاً للغاية ..! مضى بعض الوقت قبل أن أنهي ذلك السوار الصغير و الذي كان من الخرز ذو شكل الزهرة و بألوان متنوعة ..! ناديت على جين التي عادت للعب بالدراجة فنزلت من دراجتها و أتت تجري نحوي ..! أمسكت بيدها و أدخلت السوار فيها .. و من الجيد أنه كان بمقاس معصمها ..! بدت عليها السعادة حينها و هتفت : إنها زهور قوس المطر ..! لم أعتقد أن تفهم المغزى منه بسرعة !!.. لكنها حينها عانقتني بسعادة : لينك شكراً .. إنه جميل .. أنا أحبك كثيراً ..! بابتسامة مرحة قلت : و أنا أحبك أيضاً .. سعيد لأنه أعجبك ..! ابتعدت عني حينها لكنها بخطفة عين قبلت وجنتي ..! حسناً .. كانت المرة الأولى التي أتلقى فيها قبلة من طفل ..! لذا لم استطع تفسير تلك المشاعر التي اجتاحتني و لا فهم تلك الابتسامة التي اتسعت فجأة ..! بدا أن ليديا كانت تراقبنا : عزيزتي جين .. هل تحبين الأزهار ؟!.. التفت ناحيتها بمرح طفولي : كثيراً .. أنا أحب زهور قوس المطر ..! - يبدو أنها زهور جميلة ..! - تعالي لرؤيتها .. إنها هناك ..! أشارت ناحية حوض الزهور الدائري في وسط الحديقة .. وقفت ليديا حينها بابتسامة : إذاً هيا بنا ..! أمسكت جين بيدي : تعال أنت أيضاً لينك ..! وقفت معها فراحت تركض أمامنا ..! وصلنا في النهاية إلى الحوض فنظرت ليديا إليها ثم ضحكت بخفة فجأة ..! التفت جين ناحيتها : ما الأمر ؟!!. - إنها أزهار الأراولا .. هل تحبينها ؟!!.. - نعم ..! - رائع .. لكن لما تسمينها أزهار قوس المطر ؟!!.. - أسمها صعب .. لذا أخبرني لينك بأنه بإمكاني اختيار اسم لها ..! ألا تشبه قوس المطر ؟!.. - بلا يا صغيرتي .. لقد أحسنت اختيار الاسم ..! و هي تشبهك كذلك ..! غمرتها السعادة حينها .. و أخذت تدور حول نفسها بفرح ..! كنت أنظر إليها و ابتسم .. هذه الطفلة غيرت الكثير فيني ..! سمعت صوت جوليا تنادي : تعالوا يا أولاد .. الكعكة جاهزة ..! - رائع .. نضجت الكعكة ..! - أنا أريد قطعة كبيرة !!.. - لا شك أنها ستكون لذيذةً جداً ..! - نعم .. الآنسة جوليا تجيد صنع الكعك ..! كانوا يتراكضون ناحية الشرفة الواسعة حيث كانت جينا و جوليا قد وضعتا الكعكة على طاولة مستديرة مع بعض علب العصير ..! أمسكت جين بيدي من جهة و بيد ليديا من جهة أخرى : لنذهب نحن أيضاً .. كعكة الآنسة جوليا لذيذة ..! كانت رائحة الكعكة تصل إلينا هنا .. اقتربنا أكثر فتمكنت من رؤيتها بوضوح بعد أن وقفت بجانب جوليا ..! كانت مزينة بكريما الفنيليا و قطع الشوكولا .. كما كانت قطع الفراولة تنتشر على أطرافها و قد كانت دائرية الشكل ..! أبدت ليديا انبهارها : ياااه أنها مذهلة آنسة جوليا ..! - شكراً لك عزيزتي .. لكني سأستمع لرأيك بعد أن تتذوقيها ..! أخذت جيني التي وصلت الآن مع ايريك و رينا السكين و بدأت تقطع الكعكة فيما نظرت جوليا إلى الأطفال : اسمعوا يا أحبائي .. عليكم أن تستمعوا لنصائحي قبل أن تبدوا بالأكل ..! أولاً .. ليغسل الجميع أيديهم بالماء والصابون حتى تصير نظيفة ..! ثانياً .. لا تكثروا من أكل الحلوى فرغم أنها لذيذة إلا أنها قد تضركم فيما بعد ..! ثالثاً .. على الجميع تناول الطعام و هو جالس لا واقف فهذا صحي أكثر ..! رابعاً .. بعد الانتهاء من تناول الطعام ليذهب الجميع لغسل أسنانه حتى لا يصيبها التسوس ..! مفهوم ؟!!.. قالوا كلهم في وقت واحد : مفهوم ..! ذهبوا سوية يركضون ناحية الداخل ليغسلوا أيديهم .. قالت ليديا بأنها ستتبعهم أيضاً فانطلقت دون أن تسمع تعليقي حتى ..! كان هذا جيداً نسبياً فقد أردت الحديث مع جوليا على انفراد ..! ابتعدنا عن المربيتين و سرنا في الحديقة .. و حينها سألت جوليا باستغراب : ما الأمر لينك ؟!!..
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#47
| ||
| ||
بدأت حديثي بهدوء : كيف حال والدتك ؟!!.. - لا جديد .. إنها لا تقوى على مغادرة الفراش ..! - أتمنى لها الشفاء العاجل ..! - شكراً لك ..! لكن ليس هذا ما تريد أن تحدثني به على انفراد بالطبع ..! - حسناً ..أردت أن أسألك عن ريكايل .. هل يعاني من مرض ما ؟!!.. قطبت حاجبيها : رايل .. لا أعتقد ..! - ألا تعلمين ؟!!.. إنه لا يبدو بخير هذه الفترة ..! - ربما إرهاق فقط .. هل لاحظت عليه شيئاً ؟!!.. - انه يتناول أدوية في الخفاء .. عندما أصل يخفي الأقراص في جيبه ..! - ربما تكون مسكنات عادية.. إن ريكايل يتناول الكثير من المسكنات و المنبهات .. فهو يقوم بالكثير من الأعمال يومياً لذا يحتاج إلى شيء يدعم جسده حتى آخر نفس ..! أعتقد أنه أدمن عليها رغم أني و أمي حذرناه مراراً من التمادي في تناولها ..! تذكرت حينها يوماً مضى قبل أن تقوى علاقتنا حين تمكنت من الحصول على علبة الدواء إلا أنه كان قد نزع الملصق .. أذكر أني سألته عن هذه الأقراص فقال أنها مسكنات ألم ..! لكن هناك احتمال كبير بأنه كذب في ذلك اليوم ..! - أتعتقدين أن الأمر هكذا فقط ؟!!.. - لست متأكدة .. لما لا تسأله بنفسك ؟!!.. - لا أظن أنه سيجيبني .. سأنتظر الوقت المناسب لسؤاله ..! - أخبرني بآخر المستجدات فكلامك أقلقني ..! - لا تقلق .. حتى إن كان مريضاً فأعتقد أنه عارض وحسب ..! - أتمنى ذلك ..! بدا القلق عليها في آخر جمله .. لم أكن أنوي أخافتها لكني اعتقدت أنها تعلم ما به بحكم أخوتهما بالتربية ..! بدا أنها انتبهت لشيء فرفعت رأسها لي : أخبرني .. هل عثرتما على شيء عن أسرتكما ؟!!.. - ألم يخبرك ريكايل ؟!!.. لقد ظننت بأنه حدث الخالة آنا بكل شيء حين زاركم اليوم ..! - خرجت من المنزل وقت الظهيرة ولم أعد بعد ..! - ألم يخبرك بشيء حين زار الملجأ ؟!.. - لا .. فقد بقي مع الأطفال .. و حين شربنا القهوة كانت لورا تجلس بجانبه لذا أظن أنه لم يتمكن من الحديث أو طردها فهي متعلقة به كثيراً ..! - هكذا إذاً ..! - إذاً ماذا حدث ؟!!.. ابتسمت حينها : لقد عثرنا على خالتنا ..! بدا عليها الذهول الممزوج بالفرح : هل حقاً ما تقوله ؟!!.. إنه أمر رائع بالفعل ..! - أنت محقة ..! - هل زرتماها ؟!!.. - نعم .. صباح اليوم ..! - و ماذا كانت ردة فعلها ؟!!.. - لقد أخذت تبكي من الفرحة .. قالت أنها بحثت عنا طويلاً ..! - هذا غريب ألم تستطع العثور عليكما طيلة تلك السنوات ؟!!.. - لقد أخبرتنا بأسبابها .. إنها شخص رائع بالفعل ..! - كم هو لطيف .. أهي قريبتكما الوحيدة ؟!!.. - أعتقد ذلك ..! - حسناً .. ماذا عن أسرتها ؟!.. هل تقبلكما زوجها ؟!!.. - لم تتزوج بعد ..إنها في الخامسة والعشرين ..! - فقط !!.. إذاً هي لا تزال في بداية شبابها ..! - صحيح ..! - لما لم تقضيا اليوم معها ؟!!.. كان يفترض بكما فعل ذلك ..! - قطع علينا هذا عملها .. هي تعمل مضيفة طيران و كان عليها الذهاب برحلة لكوريا الشمالية عند الظهيرة ..! - هكذا إذاً .. لم تخبرني عن اسمها ..! - ميراي ستيوارت ..! - سعيدة حقاً من أجلكما ..! بادلتها ابتسامتها اللطيفة : شكراً لك ..! انتبهت حينها لمايك الذي كان ينادينا : آنسة جوليا .. لينك هيا سنأكل الكعكة ..! رفعت صوتي : قادمان ..! نظرت إلى جوليا للحظات : هيا حتى لا يأكلوا حصتنا ..! أومأت إيجاباً و سرنا عائدين ناحية الأطفال و قد كانت ليديا تقوم بالمساعدة في تقديم الكعكة لهم ..! أنا سعيد لأنني أحضرتها إلى هنا ..! نظرت هي لجوليا : لقد أحببت الأطفال و المكان .. أيمكنني أن آتي لزيارتكم مرةً أخرى ؟!!.. بمرح أجابتها جوليا : بالتأكيد .. هذا المنزل منزل الأطفال و بما أنهم أحبوك فأنت مرحب بك في كل وقت ..! .................................................. نتوقف هناااااااااااااا ...! بس لحظة ..! عندي مفاجأة للجميع ..! بمناسبة العطلة و كأعتذار و تعويض عن التأخير .. عندي هدية لكم ..! بارت ثاني ^^
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#48
| ||
| ||
part 20 دخلت إلى القصر حين كانت الساعة تشير للعاشرة بعد أن أوصلت ليديا إلى قصرهم ..! لقد قضينا وقتاً ممتعاً مع الأطفال كما أن الكعكة التي أعدتها جوليا كانت لذيذة ..! يبدو أنها و ليديا ستصبحان صديقتين ..! لا أعلم إن كان ريكايل عاد أم لا .. لكنني متعجب لأنه لم يتصل بي حتى .. و ما أدهشني أكثر أن هاتفه كان مغلقاً .. هل الأمر الذي ذهب لقضائه مهم لهذه الدرجة ؟!!.. رأيت إحدى الخادمات تسير عائدةً إلى المطبخ .. لكنها حين انتبهت لي حنت رأسها باحترام : طاب مساؤك سيدي ..! - طاب مساؤك ..! بدت مندهشة رغم محاولة إخفائها لذلك الاندهاش .. فأنا لم أرد عليها بهذا الرد اللطيف سابقاً ..! - هل عاد ريكايل ؟!.. - نعم .. عاد منذ دقائق و هو في غرفته الآن ..! - أين هي غرفته ؟!!.. - تفضل معي حتى أدلك عليها ..! سرت خلفها متجهاً إلى الدور الثاني من خلال الدرج .. و حين صعدنا بدأنا في السير بين الممرات التي كانت مليئةً بالغرف ..! إنها غرف الضيوف .. لكن بما أنه لا كثير من الأقارب لنا فلا احد يستعملها .. رغم أنها مجهزة و مؤثثة و لكل منها دورة مياه خاصة ..! وصلنا إلى آخر الممر : هذه هي .. السيدة اختارت هذه الغرفة لأنها أكبر الغرف في هذا الدور ..! - شكراً لك .. يمكنك الانصراف ..! حنت رأسها باحترام ثم غادرت المكان .. بينما نظرت إلى ذلك الباب الخشبي ذو اللون القاتم الفاخر و طرقت الباب ..! لم أسمع رداً .. أمسكت بذلك المقبض الكروي الذهبي و أدرته ففتح .. يبدو أنه لم يقفل الغرفة ..! دخلت و أنا أنادي : ريكايل .. أنت هنا ؟!!.. كانت الغرفة فارغة ..! أخذت أنظر يميناً و شمالاً .. لا أحد ..! تأملت الغرفة للحظات .. إنها واسعة .. و جميلة ..! هناك سرير كبير على الجدار .. تقابله على بعد أمتار خزانة كبيرة .. بجانبها باب لدورة المياه ..! هناك مرءآة كبيرة على جدار آخر متصلة بطاولة التجميل ..! في تلك الزاوية يوجد أريكتان و تلفاز أمامهما تفصل بينهم طاولة من زجاج فوقها تحفة زجاجية بها ماء و هناك ثلاث زهرات جوري فيها ..! على يساري في تلك الزاوية هناك خزانة ذات باب زجاجي مليئة بالكتب .. بجانبها مكتب كبير فوقه جهاز حاسوب ..! إنها غرفة كبيرة و رائعة ..! هناك أيضاً شرفة صغيرة في الزاوية القريبة من السرير عليها ستائر ذهبية تناسبت مع لون الفراش و الأرائك كما أنها بدت رائعة مع ورق الجدران الفخم ذو اللون البني و الزخارف الحمراء القانية ..! تقدمت بضع خطوات إلى الداخل حين لاحظت السترة السوداء المرمية على السرير .. إنها لريكايل ..! و فوراً سمعت صوت الماء الخارج من دورة المياه .. يبدو أنه يستحم ..! جلست على السرير للحظات .. و ما إن فعلت ذلك حتى انتبهت لورقة مطوية خرج طرفها من جيب السترة ..! مددت يدي حينها بلا شعور و التقطتها .. حين فتحت جزءاً منها اختفى صوت الماء فعلمت بأنه سيفتح الباب حالاً لذا أعتدت الورقة لمكانها ..! إلا أني تمكنت من ملاحظة ختم كان في الزاوية السفلية من الورقة .. رغم أني لم أتمكن من قراءة شيء من الختم سوى بعض الحروف ..! تلك الحروف .. لو أكملتها بحرفين آخرين ستدل على كلمة ( مستشفى ) !!.. و هذا ما أقلقني ..! صوت القفل هو ما قطع تفكيري .. خرج بعدها ريكايل من دورة المياه و هو يرتدي بنطال اسود و يضع منشفة رمادية على رأسه ..! نظر إلي بهدوء: منذ متى و أنت هنا ؟!!.. أجبته بهدوء أنا الآخر : منذ لحظات فقط ..! لم يقل شيئاً بل اتجه للخزانة و فتحها .. اخرج قميصاً ترابياً و ارتداه ثم اتجه إلي و هو يغلق أزرار القميص : أين قضيت يومك ؟!!.. هكذا سألت بشك فأجابني بهدوء و هو يأخذ السترة من على السرير : كنت أنهي بعض الأعمال ..! - كنت في المشفى ؟!!.. توقف للحظات وقد كان قد أدخل إحدى ذراعيه في كم السترة ..! نظر إلي ببرود : من أين لك بهذا ؟!.. - من رأسي .. أجبني بصراحة ..! - هل كنت تراقبني ؟!!.. يا له من تصرف مشين ..! - لم أفعل ذلك .. لكني أريد أن أطمئن عليك ..! - لا تقلق ..ذهبت فقط كي أحصل على أقراص للصداع ..! - أيجب عليك زيارة المشفى من أجل شيء كهذا فقط رغم أنك تستطيع شراءه من أي صيدلية ؟!!.. أنت لا تجيد الكذب إطلاقاً ..! - لم أطلب منك تصديقي ..! - سأفترض أني صدقتك .. هل يحتاج الذهاب للمشفى و الحصول على أقراص الصداع كل هذا الوقت ؟!!.. لم يجب بل اتجه إلى طاولة التجميل وفتح أحد أدراجها الكبيرة ثم أخرج مجفف الشعر ..! شغله بعد أن وصله بالقابس على الجدار ثم أخذ يجفف شعره بعد أن رمى المنشفة على الأريكة القريبة ..! شعرت بالغيظ من تصرفاته .. أنه يتجاهلني و يتحدث ببرود شديد ..! لذا وقفت و اتجهت إليه ثم أمسكت بسلك المجفف و سحبته فتوقف عن العمل آلياً ..! نظر إلي بطرف عين : ما الأمر الآن ؟!!.. - أجبني أين كنت بقية اليوم ؟!..ما قصة هذه الزيارة المبهمة للمشفى ؟!!.. - ليس عليك أن تعلم ..! قالها بنبرة مستاءة و أعاد وصل المجفف بالكهرباء بعد أن سحب السلك من يدي بعنف ..! يستحيل أن يتحدث بشيء مطلقاً ..! إنه يبدو منزعجاً من شيء ما .. أو ربما هو منزعج هكذا فقط !!.. أمسكت أعصابي فهذا الفتى سيخرجني من طوري ..! زفرت بحنق حينها : كما تشاء .. لكن تأكد بأني سأعرف كل شيء قريباً ..! لم يرد و كأنه لا يعطي بالاً للموضوع !!.. اتجهت ناحية الباب بعد أن يئست تماماً من معرفة شيء : العشاء سيكون بعد قليل .. يجب أن تكون على المائدة ..! .................................................. ............ استلقيت على سريري بعد أن بدلت ملابسي .. رفعت الغطاء و رميته على جسدي بعد أن خففت من برودة جهاز التكيف فالشتاء على الأبواب ..! لقد حدثت أشياء كثيرة أرهقتني اليوم ..! بداية بلقائي بميشيل في الصباح .. مروراً بلقاء خالتنا ميراي و زيارة الخالة كاثرن و زيارتي للملجأ مع ليديا و في النهاية .. شجاري مع ريكايل الذي اختفى طيلة هذا المساء ..! لقد زار المشفى .. ليس بالضرورة بأن يكون قضى طيلة الوقت فيه لكنه زاره على كل حال ..! الدكتور هاري .. أنا لا اعلم طبيب ماذا هو ..! لأنه في ذلك اليوم حين أخذت رايل للمشفى جاء هو إلى قسم الطوارئ و فحصه و لم نذهب إلى قسم معين ..! لاحظت أنه لا يأكل الملح .. هل هذا مرتبط بما فيه ؟!!.. أنه يشعرني بالحيرة .. خاصة ما حدث بعد عودتي إلى المنزل ..! إنه يبدو مستاءً بالفعل و كأنه سمع أخباراً سيئة و لا يريد أن يتحدث بالأمر ..! تنهدت بتعب .. لا يمكنني أن أضغط عليه .. سأسأله مجدداً لكن فيما بعد حين يهدأً ..! لقد زادت الأمور التي تقلقني مجدداً ..! نظرت إلى الساعة الرقمية الصغيرة على الخزانة التابعة للسرير بجانبي ..! إنها تشير إلى الثانية عشر ..! سأنام الآن .. فأنا مرهق عدد شعرات رأسي الشقراء الكثيفة ..! .................................................. مضى يومان بخير .. اليوم هو اليوم الأول من الإجازة الأسبوعية ..! لم يحدث الكثير من الأشياء فاليومان مرا مرور الكرام ..! بقي أسبوع و نذهب للندن .. و بما أن اليوم هو إجازة الأسبوع فقد فكرت في الذهاب للتسوق مع ريكايل ..! اتصلت خالتي ميراي اليوم .. قالت أنها تريد لقاءنا بعد أن عادت من كوريا ..! لذا اتفقت معها و ريكايل أن نلتقي في أحد المقاهي الكبيرة و نذهب بعدها إلى المركز التجاري سويةً ..! بالنسبة لعلاقتي مع ريكايل فقد عادت الأمور لطبيعتها و كأن شيئاً لم يكن .. بدون أن يحدث أي حوار في ذلك الموضوع ..! ذلك ما أثبت لي أن مزاجه السيئ في ذلك اليوم هو من فعل هذا ..! الساعة الآن هي الخامسة عصراً ..! كنت أقود السيارة باتجاه المقهى الذي اتفقت على لقاء خالتي فيه .. و ريكايل بجانبي يرتدي بنطال جينز أزرق و كنزة خضراء مع سترة سوداء .. أما أنا فقد ارتديت بنطال أسود مع قميص بلون السماء و سترة جلدية بنية ..! البرد كان مسيطراً على الأجواء و الأمطار تهطل من وقت لآخر ..! وصلنا إلى المقهى .. لذا أوقفت سيارتي في مربض السيارات التابع له و نزلت كما فعل رايل ..! و ما إن سرنا خطوتين حتى انتبهت لتلك الشابة التي كانت تسير ناحيتنا ..! كانت ترتدي بنطال جينز وردي مع قميص أبيض يصل لمنتصف فخذها و سترة رمادية تصل لنهاية خصرها .. شعرها تركته منسدلاً و قد رفعته عن وجهها بشريط وردي عريض ..! ابتسمت و تقدمت ناحيتها فعانقتني فور أن اقتربت و هي تقول : اشتقت لك يا عزيزي ..! ضحكت بخفة و بادلتها ذلك العناق : و أنا كذلك ..! ما إن ابتعدت عني عانقت ريكايل الذي كان بجانبي و على وجهه ابتسامة هادئة : هل اشتقت لي أنت أيضاً ؟!.. اتسعت ابتسامته تلك : بالتأكيد ..! ابتعدت عنه حينها ثم قالت بمرح : إذاً .. أنتما مدعوان على حسابي .. تناولا ما يحلوا لكما ..! أومأنا موافقين و سرنا سوية ناحية البوابة .. فور أن دخلنا تقدم أحد الخدم و هو يقول : أهلاً بك و بمن معك سيد مارسنلي .. هل أحجز لك الطاولة المعتادة ..! - أجل ..! - تفضل معي من فضلك ..! سار حينها فتبعته و معي خالتي و ريكايل حيث كانت هي متعجبة وقد همست لي : لك مكانة عاليه ..! - لأني زبون مميز لهم ..! - بالتأكيد يا .. سيد مارسنلي ..! قالت كلمتها الأخيرة بمنتهى السخرية فابتسمت بغرور : عليك أن تكوني فخورة بي ..! - حقاً ؟!.. - أجل ..! - لما ؟!!.. - لأني أبن أختك ..! - وهل يدعوا ذلك للفخر ؟!!.. - ألا ترين أنه كذلك ؟!.. - لا ..! - ألا يكفي بأن السيد مارسنلي يناديك بخالتي ..! - يبدو أن لينك مارسنلي مغرور على عكس لينك براون اللطيف ..! - في هذا .. معك حق !!.. - يكفي أنتما .. ستقلبان الأمر لشجار ..! كان هذا ريكايل الذي بدا أنه أنزعج من حوارنا ذاك ..! صعدنا إلى الدور الثاني و اتجهنا إلى طاولة في تلك الزاوية بجانب جدار من الزجاج يطل على تلك الحديقة العامة بجانب المقهى ..! جلست أنا و رايل متجاورين و خالتي أمامنا حيث قالت : ماذا تطلبان ..! فوراً قلت : قهوة فرنسيه .. و وافل بالكراميل مع المكسرات ..! - وأنت ريكايل ؟!!.. - مثله تماماً ..! - كما تشاء .. حسناً أنا لا أفضل الأشياء الساخنة لذا سأطلب المثلجات مع قطع الفاكهة ..! أومأ النادل إيجاباً و هو يسجل في ذلك الجهاز الصغير معه : دقائق و يكون أمامكم ..! ابتعد حينها فنظرت إلى خالتي : كيف كانت رحلة كوريا ؟!.. تنهدت حينها : كانت متعبة .. لقد كان الطريق طويلاً ..! سأل ريكايل : هل ذهبت إليها سابقاً ؟!.. - أعمل مضيفةً منذ سنتين .. لقد ذهبت إليها ثلاث مرات سابقاً ..! غالباً تكون رحلاتي لدول أوروبا فقط .. لكن في الإجازات أطر للذهاب للدول البعيدة أحياناً ..! - إن عملك متعب !!.. - أنت محق .. خاصة أني أعمل على الخطوط الدولية و ليس المحلية ..! لكنه ممتع فأنا أزور الكثير من البلدان .. ربما لا أبقى إلا بضع ساعات لكنها تكفي للإطلاع على حياة الناس هناك ..! - أعتقد أن هذا رائع .. لكني أعتقد أيضاً أنك تذهبين إلى دول كثيرة أكثر من مرة .. ألا يصيبك هذا بالملل ..! - الحقيقة أني غالباً ما أكون على الرحلات المتجهة للندن .. لدرجة أني أذهب إليها مرة كل أسبوعين ..! بدا علي الحماس حينها : رائع .. أنا و ريكايل سنذهب للندن في الأسبوع القادم ..! نظرت إلي بسعادة : حقاً ؟!.. متى ستكون طائرتكما ؟!!.. - مثل اليوم .. السبت في التاسعة صباحاً ..! - يا للحظ .. السبت القادم لدي رحلة للندن تمام الحادية عشر صباحاً .. ليتنا كنا على ذات الرحلة ..! - هذا مؤسف .. المشكلة أننا مع مجموعة من الأصدقاء لذا لن تسنح لنا فرصة تغير الموعد ..! - أصدقاءكما ؟!!.. بهدوء قال ريكايل : أنهم أصدقاء لينك .. و هم جميعاً من الطبقة المخملية !!.. قطبت حاجبيها باستغراب : ألم تعرفهم لأخيك يا لينك ؟!!.. ترددت حينها قبل أن أقول : لم يحن الوقت المناسب بعد ..! في الحقيقة لا أحد يعلم أننا أخوان غيرك و غير مديرة الملجأ السابقة الخالة آنا و ابنتها جوليا التي في عمرنا ..! - لما لم تخبروا الجميع ؟!!.. أهناك مشكلة ..! - الأحداث التي حدثت قبلاً هي ما منعنا من ذلك .. لكن لا تشغل بالك بالأمر لن يطول الوقت قبل أن يعلم الجميع ..! - هل ستخبرهم في تلك الرحلة ؟!!.. - لا ..! - إذاً كيف ستأخذ ريك معك ؟!!.. لم أعلم ماذا أقول .. لست مستعداً لإخبارها بقصة أن ريكايل كان خادمي و أشياء مثل تلك ..! لكن في هذا الموقف أنقذني رايل بقوله : دعك من هذه الأمور خالة ميراي .. ألن تحدثينا عن شقيقتك و زوجها ؟!!.. ابتسمت بهدوء حينها : يبدو أنكما لم تتطلعا على محتويات الصندوق ..! الصندوق ؟!!.. آه تذكرت .. لقد أعطتني صندوقاً في كيس في ذلك اليوم حين زرناها ..! نظرت بطرف عين إلى ريكايل : الحقيقة أننا تشاجرنا منذ يومين .. لذا لم نجد الوقت المناسب لفتح أشياء كتلك ..! بادلني ذات النظرة حينها : هل تريد إلقاء اللوم علي ؟!!.. - لا !!.. - إذاً ؟!!.. - فقط .. أفسر لها السبب ..! - لن أرد عليك ..! نظر إلى الأمام بعدها .. فالتفتت أنا إلى الجهة الأخرى : هل يتشاجر التوائم أيضاً ؟!!.. التفت ناحية خالتي و قلت بانزعاج : ألسنا بشراً ؟!!.. لكني ذهلت لأن ريكايل قالها معي في ذات اللحظة و بذات النبرة .. حتى هو كان ينظر إلي مصدوماً ..! لقد حدث هذا سابقاً .. يبدو أننا نفكر ذات التفكير أحياناً ..! ضحكت خالتي بخفة و هي تنظر إلينا : أنتما بالفعل تثيران الدهشة .. عليكما أن تكبرا قليلاً ..! لم أعلم إن كانت تمدحنا أو تذمنا .. لكنني تجاهلت الأمر و سألت : ألن تخبرينا عن والدينا ؟!!.. - ماذا تريد أن تعرف بالضبط ؟!!.. - كل شيء ..! - حسناً .. ماذا تعرف حتى الآن ؟!!. - لا شيء .. عدا أن أيان كان جامحاً أيام الثانوية و نيكول كانت فتاة مجتهدةً في الدراسة ..! - معلومة جيدة ..! - أعطنا غيرها ..! - بماذا تريدانني أن أبدأ ؟!!.. تدخل ريكايل حينها بسرعة : كيف تزوجا ؟!.. ابتسمت ابتسامة صغيرة ثم قالت : أتريدان أن تعلما كيف تزوج إيان و نيكول رغم الاختلاف في شخصيتهما ؟!.. - بالضبط ..! - يمكنني القول .. إنها قصة طويلة .. لا أذكر كل شيء فأنا كنت طفلة .. لكني سأخبركم بما أعرفه ..! حين كنت في الخامسة كنت أساعد في المشتل الصغير التابع لبيتنا .. و قد كنت أقوم ببيع الأزهار للناس في الحي ..! إيان كان يشتري مني الزهور دائماً و قد كان حينها بعمركما الآن ..! لا أعلم لما كان الجميع يتحاشاه رغم أنه دوماً يشتري الزهور مني وعلى وجهه ابتسامة رغم صغرها إلا أنها كانت حانية للغاية ..! علمت أختي أني أبيع الزهور لذلك الفتى فصرخت بي غاضبة و مضيفةً بأن علي أن لا أبيع الزهور لشخص سيء مثله ..! كنت مصدوماً بالفعل : إذاً عندما كانا في عمرنا لم يعرفا بعضيهما ..! - أضف إلى ذلك أن نيكول كانت تكره إيان بشدة .. فهي كانت تعتبره شخصاً لا يستحق أن تعطيه نظرة حتى ..! لن تستغربا شعورها نحوه ففتاة بمثل اجتهادها الدراسي من الطبيعي أن تنظر هذه النظرة لشخص مهمل مثله غير كونه جامحاً أيضاً ..! - إذاً كيف تعرفا لبعضهما ..! بانت على عينيها نظرة هادئة و كأنها تتذكر .. اتسعت ابتسامتها الصغيرة و هي تقول : ذلك اليوم يستحيل أن ينسى ..! كنت أبيع الزهور كالعادة و كان الوقت قريباً من الغروب .. أذكر أن ثلاثة شباب أحاطوا بي لسبب أجهله .. كانوا جامحين تبدو عليهم الخشونة على عكس إيان الذي كان فقط يحتفظ بجرح صغير على وجنته اليسرى دلت على أنه جامح ..! كنت مرعوبة و بدأت أصرخ لعل أحداً يأتي ليساعدني .. نيكول كانت قد بدأت بالبحث عني لتعيدني للبيت .. و حين رأت الشباب الثلاثة بدأت تصرخ و تطلب النجدة لكن أحدهم لم يسمعها ..! التفتوا هم ناحية أختي فما كان مني إلا أن هربت و أنا أبكي علني أجد من يساعد .. عثرت على إيان حينها فأسرعت بجذبه كي يأتي ليساعدها .. من الجيد أنه استجاب لي رغم أني واثقة بأنه لم يفهم شيئاً ..! حين وصل إلى المكان دخل في شجار عنيف معهم بعد أن وصفهم بعدم الرجولة لمهاجمتهم فتاة و هم ثلاثة شباب ..! و بعد جهد جهيد هربوا بعد تبادل الضربات بينهم .. إلا أن إيان سقط أرضاً حينها فقد تلقى هو ما يكفي من الضربات الموجعة فهو كان واحداً ضد ثلاثة ..! أخذته نيكول إلى البيت و بدأت تداوي جروحه كرد للجميل .. و منذ ذلك اليوم علمت بأنه ليس شخصاً سيئاً كما اعتقدته .. كانت هذه شارة البداية لقصتهم ..! كنت أشعر أني أستمع لملخص فلم رومانسي .. حتى أني تخيلت الأحداث رغم مواجهتي صعوبة في تخيل أشكال والدي ..! لدرجة أني لم انتبه حين وضع النادل طلبنا فقد شردت بخيالي : تفضلا الآن ..! هذا ما قالته الخالة ميراي بابتسامة فرفعت فنجان القهوة قليلاً و استنشقت بعضاً من بخارها : قهوة الوطن .. إنها الأفضل ..! تمتمت بهذا مندمجاً من الجو : لم أعلم أنك وطني هكذا ..! فتحت عيني اللتان أغلقتهما للحظات فرأيت ريكايل ينظر إلي ببرود : لست وطني للغاية .. لكني أشعر بالانتماء لفرنسا على أي حال ..! لم يعلق بل عاد ينظر لخالتي : خالة ميراي .. لما تزوج أمي و أبي و هما صغيران ؟!!.. كانت قد أخرجت الملعقة الصغيرة من فمها بعد أن تذوقت آيسكريم التوت لحظتها : حسناً .. لقد كان أيان يتيم الوالدين كما هو الحال معي و مع نيكول .. و الاثنان وقعا بحب بعضيهما .. لذا كان تكوين أسرة أمراً جيداً بالنسبة لظروفهم ..! لقد عشنا في منزلنا فإيان كان يعيش في شقة سكنية صغيرة ..! - هكذا إذاً .. لقد حيرني هذا الموضوع طويلاً ..! - لقد أقاما حفل زفاف صغير .. وقد حضر له بعض الأصدقاء من الجامعة التي يدرسان فيها و بعض صديقات نيكول أيام الثانوية ..! قطبت حاجبي : ماذا درسا في الجامعة ؟!!.. التفت إلي لتقول ببساطة : لقد تزوجا أثناء سنتهما الأولى ..! أذكر أن إيان قرر دراسة الإعلام ليصير صحفياً .. و لا أخفي عليكما أنه كان يريد أن يصير صحفياً حربياً إلا أن نيكول كادت تموت من الخوف حين أخبرها .. لذا قرر أن يصير صحفي رياضي فقد كان من محبي كرة القدم ..! أما نيكول فقد كانت تهدف لأن تكون أخصائية تغذية في إحدى المستشفيات و قد ساعدتها علاماتها العالية على الحصول على مقعد في الكلية التي اختارتها بسهولة ..! إنها أحلام لطيفة للغاية .. لقد كان من الممكن أن يكون كل منهما قد احترف مجال عمله لو أنهما لازالا على قيد الحياة ..! لكن للأسف .. الموت سبقهما ..! بقينا نتحدث عن بعض الأشياء .. للأسف خالتنا لا تذكر الكثير .. لكننا تمكنا من معرفة أمور عديدة عن والدينا ..! نحن أيضاً تحدثنا بأمور عديدة دون ذكر قصة لقائنا الأولى .. أنا تحدثت عن حياتي في اسكتلندا و أصدقائي و مارسنلي ككل ..! ريكايل تحدث عن طفولته في الملجأ ثم بعض الأمور عن دراسته متجاوزاً اللحظات العنيفة ..! الخالة ميراي رائعة .. إنها مرحة و لطيفة و تظهر خوفها و قلقها عليك حتى تشعر بمدى حبها لك ..! لقد عبرت كثيراً عن مدى سعادتها برؤيتنا : أتعلمان .. تنتابني رغبة في البكاء الآن .. لقد كبرتما كثيراً و صرتما شابين ..! في يوم ولادتكما كنتما صغيرين كثيراً ..! لقد كانت آخر مرة رأيتكما فيها ..! حين كنت أستلقي على سريري لأنام كنت أفكر .. أين هما الآن ؟!.. هل هما بخير ؟!!.. هل ذهبا للفراش ؟!!.. هل تناولا العشاء ؟!!..هل هما سعيدان أم حزينان ؟!!.. و الأهم من هذا .. هل هما على قيد الحياة حتى الآن ؟!!.. كان أمراً مؤلماً للغاية .. فحين أتذكر كيف كنتما صغيرين أشك بأنكما تمكنتما من العيش في هذا العالم الموحش ..! أحياناً أحلم و أرى نيكول في منامي .. في لحظات تضحك فأشعر أنكما بخير .. و في أحيان تكون حزينة فأشعر أنكما لستما بخير .. لكني أتألم حين أراها تبكي فأعلم حينها بأنكما تتألمان هذه الليلة ..! ربما لا يكون كلامي معقولاً .. لكن هذا ما كنت أشعر به ..! لكن بما أنكما الآن أمامي على خير ما يرام .. فأنا مطمئنة .. و أعتقد أن نيكول و إيان مطمئنان أيضاً ..! كانت دموعها قد سالت حينها على وجنتيها المتوردتين و ابتسامة حانية على شفتيها ..! مددت يدي حينها و ربت على يدها التي كانت على الطاولة .. فعل ريكايل الأمر ذاته بيدها الأخرى : لقد كنا بخير طيلة الوقت .. لذا لا داعي لأن تقلقِ ..! هذا ما قلته لحظتها .. كما قاله أخي في الوقت ذاته ..! .......................................... صارت الساعة التاسعة مساءاً .. كنا نتجول في الأسواق بلا كلل أو ملل .. أو بالأحرى .. خالتي العزيزة لا تعرف معنى التعب ..! فها نحن نسير منذ اليوم بين المتاجر و نتبادل الأحاديث و الضحكات ..! هذا المركز التجاري ضخم للغاية فهو من خمسة أدوار غير أن مساحته شاسعة ..! ربتت على كتف خالتي و قد أرهقني السير : ميراي لنتوقف قليلاً ..! لم ألبث إلا أن ضربت رأسي بحقيبتها : قل خالتي يا ولد !!.. - أتريدين تحطيم جمجمتي ؟!!.. لا تعتقد أن حقيبتك هذه خفيفة الوزن ..! - هذا جزاءك .. عليك أن تناديني بخالتي كما يفعل ريك ..! تنهدت بتعب .. لقد فعلت هذا مراراً حين أخطأ و أقول ميراي بدون تقديم كلمة خالتي ..! في الحقيقة في المرة الأولى تعمدت ذلك لأرى ردة فعلها .. لكنني بعدها صرت أقولها بلا قصد وكأن لساني أحب تلك الضربة ..! - أنا جائع ..! التفتنا سوية ناحية رايل الذي قالها بنبرة طفولية ..! رفعت أحد حاجبي : أتريد أن نأكل كعكة ما ؟!!.. - لا .. لن تسكت جوعي ..! - هل نتعشى ؟!.. - الأفضل ذلك ..! - أتشتهي شيئاً معين ؟!!.. - بيتزا !!.. - لما هي فجأة ؟!!.. لم أعلم أنك تحبها !!.. - إنها لذيذة للغاية ..! - حسناً .. يمكننا تناول البيتزا من أحد المطاعم الموجودة هنا ..! انتبهت لخالتي التي أظهرت انبهارها حيث حضنتني لثانية ثم قالت بإعجاب : رائع .. أنت تجيد دور الأخ الأكبر يا عزيزي ..! كان الاستنكار أقرب وصف لحالتي حينها : لقد سألته عن ما يريد تناوله فقط ..! - لكنك تبدو كالأخ الأكبر بالفعل ..! أليس كذلك ريك ؟!!.. هز كتفيه بمعنى الجهل : كل ما أعرفه أني جائع للغاية ..! أخرجت محفظتي من جيبي : العشاء على حسابي .. لنذهب لصالة المطاعم و أختر المطعم الذي تريد يا أخي ..! ................................................. جلست على تلك الطاولة بين مئات الطاولات و قد وضعت الكيس الكبير على الطاولة : أين خالتي ؟!!.. سألت رايل الذي كان يجلس هنا و ينتظرني حتى أحضر العشاء : لا أعلم ؟!.. فجأة اختفت ..! لم تمض لحظات إلا و ظهرت و هي تحمل كيساً صغيراً : هل تأخرت ..! - أنا وصلت منذ لحظات ..! ماذا تحملين في يدك ؟!.. - لقد أحضرت لي سلطة من أجل العشاء ..! - لما ؟!.. ألا تحبين البيتزا ؟!.. - بلا .. لكنني لا أستطيع تناول الكثير منها فهي دسمة للغاية .. سأكتفي بقطعة واحدة ثم أسد بقية جوعي بتناول السلطة ..! جلست أمامي بينما كان رايل على يميني و قد قال باستغراب : و ما المشكلة في كون البيتزا دسمه ؟!.. أجبت أنا عوضاً عنها : إنها شابةً يا رايل .. بالتأكيد هي تقوم بحمية ..! قطب حاجبيه : خالتي .. لا أرى أنك سمينة حتى تتخذ حمية .. هل تعانين من مرض ما ؟!.. أومأت سلباً و قد أخرجت تلك العلبة البلاستيكية من كيسها حيث كانت تلك السلطة التي كانت مليئةً بالخس الأمريكي و قطع الطماطم : لا يا عزيزي .. حميتي بسيطة جداً و هي فقط للمحافظة على وزني الحالي .. بسبب عملي كمضيفة طيران يجب أن يكون قوامي مقبولاً ..! - لما ؟!.. كم هو وزنك على كل حال ؟!!.. علمت بأن ريكايل تفوه بكلام يجب أن لا يقال .. و الدليل أن وجه خالتي تلون لحظتها ..! من خلال خبرتي السابقة .. تمكنت و بكل سهولة من معرفة السبب ..! رفعت خالتي حقيبتها و ضربت رأس أخي هذه المرة : يبدو أنك أنت الآخر تستحق هذه الضربة !!.. - هذا مؤلم !!.. ما الذي فعلته ؟!.. - لقد فعلت أكبر مصيبة ..! ريك .. ألا تعرف كيف تعامل الفتيات ؟!!.. - لا !!.. أنا لم أتخذ صديقات من قبل ..! - عموماً عليك أن تعرف بأن المرأة تغضب حين يسألها أحد عن وزنها أو عن عمرها !!.. لذا إياك أن تسأل هذه الأسئلة مجدداً و إلا فلن تنظر فتاة لوجهك !!.. - أنتن معشر النساء غريبات أطوار حتى أكاد أشك أنكن من كوكب آخر ..! لينك هل كنت تحتمل هذا الألم طيلة الوقت بعد كل ضربة ..! ابتسمت حينها ببساطة : أعتقد أن رأسي أعتاد عليها ..! لكن عليك أن تكوني أكثر رحمة بأخي الصغير يا ميراي ..! لم أكد أكمل جملتي إلا و تلقيت تلك الضربة مجدداً : قلت لك للمرة المليون .. خالتي !!!.. ............................................ مضى بقية المساء على خير .. ودعنا خالتي في الساعة الثانية عشر وعدنا للقصر..! علمت من جيسكا أن والدتي ذهبت للنوم .. هذا جيد فهي عادةً لا تنام إلا متأخراً و تستيقظ مبكراً جداً .. لذا أعتقد أنه من الأفضل أن تأخذ قدراً كافي من الراحة ..! ذهب ريكايل لغرفته و اتجهت لغرفتي .. و بعد أن أنهيت كل مهامي استلقيت على السرير استعداداً للنوم ..! اليوم بعد أن تناولنا طعام العشاء ذهبنا لدورات المياه .. يبدو أن ريكايل استغل لحظة دخولي للحمام ليأكل شيئاً من تلك الأدوية لكنني تمكنت من ملاحظته ..! لقد كان يحمل كرت أقراص فقط .. لذا لم استطع معرفة شيء بدون علبة ..! لم أسأله خشية أن يتغير مزاجه فتشك خالتي بالأمر .. لكني سأعرف كل شيء قريباً ..! .................................................. ........ ستوووووووب يكفي اليوم ^^ أن شاء الله تكون الهدية أرضتكم ؟!!.. طبعاً الحين الواجب للبارت الأول و البارت الثاني ^^ هل ستتمكن ليديا من أكتشاف المزيد عن لينك قريباً ؟!!.. بل هل سيكتشف لينك سر زيارة ريكايل للمشفى ؟!!.. و ماذا عن السيدة رافالي موقفها السلبي ناحية ريك ؟!!.. لينك سيتبع نصيحة ليديا بشأن ميشيل .. فهل سيجدي هذا نفعاً ؟!!.. أيمكن أن تمنح ميشيل العنيدة فرصة جديدة لـ لينك ؟!!.. كشف الستار عن بداية علاقة ايان و نيكول .. ما رأيكم بها ؟!!!.. و ماذا سيحدث في القريب العاجل ؟!!..
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#49
| ||
| ||
part 21 في اليوم التالي قضيت طيلة النهار بالاستعداد لامتحان مادة المهارات الإدارية ..! لم يحدث شيء طيلة ذلك اليوم فقد بقيت في المنزل بينما ذهب رايل لزيارة الخالة آنا و زيارة أطفال الملجأ ..! صباح الاثنين ذهبت للمدرسة .. قدمت الامتحان و قد أبليت فيه بلاءاً حسناً ..! غداً ليس لدي امتحان .. لكن لدي امتحان يوم الخميس ..! لذا .. جلست مع رايل في جناحي أمام التلفاز و أحضرت الكيس الذي أعطتني الخالة ميراي في لقائنا الأول بها ..! أخرجت صندوقاً من ذلك الكيس .. كان مغطاً بالورق الفاخر كصناديق الهدايا .. لونه أحمر و له غطاء ترابي ..! نظرت إلى ريكايل :مستعد ؟!.. أومأ إيجاباً فمدت يدي و فتحت الصندوق و كلي شوق لما سأجده داخلة ..! فور أن أبعدت الغطاء وقعت عيني على ما فيه .. لقد كان دفتراً من فئة الـ ( 200 ) صفحة .. ذو لون وردي عليه رسوم لزهور متنوعة مما دل أنه لفتاة : ما هذا ؟!.. هكذا سأل رايل باستغراب : يبدو أنه .. دفتر مذكرات ربما ..! - لمن ؟!!.. - إنه لفتاة ..لن يكون لميراي كما أظن ..! - إذاً ؟!.. - لا شك أنه .. لأمنا ..! هذا ما قلته و أنا أحمل الدفتر : ما رأيك رايل ؟!.. هل نلقي نظرة ؟!.. أومأ موافقاً : لم تعطنا إياه الخالة ميراي إلا لنطلع عليه ..! انتبهت إلى أن هناك صفحات معينة ثبت على جوانبها ملصق ملاحظة بحيث يظهر طرفه حتى تتمكن من فتح تلك الصفحة مباشرةً كالذي يستعمله الطلبة أثناء المذاكرة لمعرفة الفصول في الكتب ..! - رايل .. لنقرأ الصفحات الخاصة فقط ..! - فكرة جيدة ..! لاحظت بأنها كتبت على كل ملصق شيئاً ما ..! على الملصق الأول كان ( لقد أنقذني ) ..! فتحت تلك الصفحة حينها .. و بدأت بالقراءة ..! لكني سأترك لكم قراءة ما كتبته نيكول بنفسها ..! *^*^*^*^*^*^*^* اليوم .. اكتشفت شيئاً جديداً ومثيراً ..! الشخص الذي كنت أظن أنه أسوء من قابلت .. ظهر أنه رائع وجدير بالثقة !!.. بدأ الأمر وقت الغروب .. ميراي الصغيرة تأخرت عن العودة للمنزل على عكس العادة .. لذا خرجت للبحث عنها ..! كنت أنادي عليها و أسأل الجميع عنها لكنهم جميعاً لم يروها مما أثار قلقي ..! و في رحلة بحثي رأيت ذلك الولد الذي معي في الصف .. كان يسير على جانب الطريق يضع يديه في جيبه و ينظر للأمام بجمود .. ترددت .. هل أسأله عن أختي ؟!!.. إنه مرعب و أخشى أن يتعرض لي بأذى ..! لكن ربما يعرف مكان ميراي .. تجرأت حينها و تقدمت نحوه : أنت ..! لم يرد علي بل سار في طريقه .. يتظاهر و كأنه شاب في الثلاثين و هو لا يزال في السابعة عشر : براون .. توقف ..! بالفعل .. توقف حينها و التفت لي ببرود .. شعرت بالخوف من نظرته الباردة تلك لكني تجرأت : هل رأيت ميراي ؟!!.. لم يجب .. و لم يتحرك .. و لم يبعد عينيه ..! لكنني أعدت سؤالي مجدداً : ميراي أختي الصغيرة .. ألم ترها في أي مكان ؟!!.. بنبرة باردة سأل : بائعة الزهور ؟!!.. أومأت إيجاباً .. فأشار ناحية المنعطف القريب : كانت هناك منذ دقائق ..! ركضت لتلك الناحية دون أن أشكره حتى ..! و ما إن اقتربت حتى سمعت صوت بكاء أختي و صراخها !!.. أصابني الفزع و ركضت ناحية المنعطف و ما إن تجاوزته حتى رأيتها هناك و ثلاث شباب يحيطون بها !!.. ركضت ناحيتهم بسرعة و أنا أنادي عليها ..! لكن ثلاثتهم التفتوا نحوي ليقول أحدهم : دعوا الطفلة يا شباب .. لقد وصلت آنسة لطيفة إلى هنا ..! ابتلعت ريقي و قد سيطر الخوف علي .. لكن ما أراحني هو حين رأيت ميراي تركض هاربة من المكان ..! تقدم أحدهم ناحيتي .. كان مخيفاً و وجهه كان مليئاً بالجروح .. أمسك بذراعي حينها فشعرت أنها ستكسر .. بدأت أصرخ طالبةً النجدة لكن أحدهم لم يسمعني ..! كان يتفوه بكلمات لا أفهمها بسبب صراخي و لأني لا أعلم عما يتحدث بالضبط لكني أعلم يقيناً أنه لن يكون شيئاً جيداً ..! حينها .. توقف عن الحديث و نظر إلى الجهة الأخرى كما فعل رفيقاه ..! كنت مصدومة حين رأيت براون المخيف ذاته هنا و ميراي تبكي من خلفه .. هل طلبت منه المساعدة يا ترى ؟!!.. هل يقبل شخص مثله بمساعدة أحد ما ؟!!.. صرخ حينها بصرخة أفزعتني قبل أن تفزع الشباب الثلاثة : يا معدومي الرجولة .. أتظهرون قوتكم على فتاة صغيرة ؟؟!!.. تركني الرجل حينها .. كان كل همي أن أركض ناحية إيان و أكون خلفه .. لأني شعرت بأنه من سوف يحميني منهم ..! احتضنت ميراي التي كانت تبكي و بدأت أبكي معها .. كنت أسمع أصوات الضرب و صرخات الألم ..! التفت حينها فرأيت حالهم .. في لحظات كان كلٌ منهم قد ملئ جسده بالضربات .. لكن إيان كان أقلهم تضرراً رغم أنه أصغر منهم ..! في النهاية هربوا جميعاً بعد أن علموا بأنه سيصمد حتى النهاية ..! لكن فور أن اختفوا أنهار هو أرضاً ..! و بعدها ..! *^*^*^*^*^*^*^* التفت رايل إلي متعجباً :لما أغلقته ..! - أعتقد أنه ليس من الجيد أن نعرف الباقي ..! - لما ؟!!.. - هناك أشياء لا يحق لنا الإطلاع عليها ..! - ربما أنت على حق .. لنرى الصفحة الأخرى ..! أومأت موافقاً و نظرت إلى الكلمة التي كتبت عليه ( يوم التخرج ) ..! *^*^*^*^*^*^*^* كان اليوم رائعاً بالفعل .. فقد تخرجت من المرحلة الثانوية أخيراً ..! لقد حصلت على المركز الأول على مستوى جميع الطلبة .. بالنسبة لإيان فقد أثمرت جهودي في شرح الدروس التي كان يهرب منها له فقد حصل على الترتيب السادس عشر بين ستين طالباً ..! رغم أني قد أنبته كثيراً بسبب هربه إلى سطح المدرسة وقت الدروس .. إلا أنني لم استطع تركه يرسب في السنة الأخيرة ..! لقد تم تتويجي بسبب مرتبتي التي كانت في القمة .. كنت سعيدة للغاية فقد تم تكريم المراكز الثلاث الأولى تكريماً خاصاً..! صحيح أني شعرت بالحزن قليلاً حين رأيت أهالي باقي زملائي يقومون بتهنئتهم بمناسبة تخرجهم أخيراً .. لكن إيان قام بتهنئتي فأعاد السعادة لقلبي ..! أمي .. أبي .. لقد تخرجت أخيراً .. تمنيت لو كنتما هنا لتهنئاني ..! في طريق عودتي للمنزل كان إيان يسير بصحبتي فدعوته لتناول الغداء معي و مع ميراي ..! و ما إن دخلت البيت حتى فوجئت بالقصاصات الملونة التي انتثرت في المكان : مبارك تخرجك ..! كانت ميراي و بعض أصدقائها و كذلك الجيران ..! التفت إلى إيان مذهولة لكنه ابتسامته الهادئة صدمتني و هو يقول : مبارك حصولك على المركز الأول نيكول ..! هو الآخر خطط لهذا .. كان الأمر رائعاً فقد احتفلوا جميعاً بي و بإيان كذلك ..! لقد كانت الكعكة لذيذة .. و ميراي أهدتني زينة شعر لطيفة للغاية ..! إيان أيضاً أعطاني عقداً جميلاً للغاية ..! كانت دموع الفرح تسيل من عيني حين شعرت باهتمام الجميع بي و لفرحتهم لتخرجي ..! لم أكن أستطيع وصف سعادتي إثر الموقف .. لقد كان الحفل رائعاً بالفعل و خلاله أعلن إيان عن خطوبتنا ..! كان الجميع مستغرباً لأننا لازلنا صغيرين .. لكن هذا لم يمنعهم من تقديم التهاني لنا و قد وعدوا بحضور حفل الزفاف ..! كنت أشعر بخجل شديد بمجرد التفكير بأنني سأشكل أسرة مع إيان بعد بضعة أشهر ..! ميراي كانت سعيدة جداً و كانت طيلة الوقت تخبرني بأني سأكون أجمل عروس في ذلك اليوم ..! أنا سعيدة .. سعيدة للغاية .. لأنني عرفت إيان بحق ..! *^*^*^*^*^*^*^* ابتسمت بهدوء بعد قراءة تلك السطور : لقد أعلنا عن الخطوبة في يوم التخرج ..! أومأ رايل إيجاباً و على شفتيه ابتسامة مشابهة : إنه أمر مثير للدهشة .. لكنه يثير الحنين بطريقة ما ..! - لم يكن أبي منبوذاً كما اعتقدت .. يبدو أنه محبوب من الجميع ..! - أعتقد أنه كان منعزلاً مما جعل الناس يتحاشونه .. لكن يبدو أن أمي غيرته تماماً ..! - إن المذكرة من مئتي صفحة .. لكنها مررت سنة كاملة ..! - أعتقد أنها كتبت الأمور المهمة و لم تأخذ بطريقة كتابة كل يوم بيومه .. و لاحظ أن المذكرة ممتلئة ماعدا بضع صفحات في النهاية ..! - هل نفتح الصفحة التالية ؟!.. - أجل ..! نظرت إلى الأخرى .. و كما توقعت .. كانت التعليق المكتوب على الملصق ( حفل زفافي ) ..! *^*^*^*^*^*^*^* أتممنا المراسم في الصباح ..! وقد حضر الكثير من صديقاتي و أصدقاء أيان و بعض جيراننا ..! لكن المثير هو أني حين أدرت ظهري للحضور و رميت بالزهور الحمراء .. صرخ الجميع مذهولاً مما جعلني أتحمس لمعرفة من أمسك بباقتي .! و فور أن ألتفت ألجمتني أنا الصدمة حين رأيت الباقة بين يدي أختي ميراي التي لا تزال في السابعة من عمرها !!!.. رغم ذلك .. ضحكنا جميعاً حين أسرعت هي بإعطائها لإحدى الفتيات بعد أن شعرت بأنها أمسكت بشيء لا تزال صغيرة على حمله ..! و في الليل كانت الحفلة ..! قام بعض الأصحاب بالتبرع و استئجار صالة صغيرة من أجل زفافنا .. لقد كانت جميلة جداً .. و أنا أشكر لهم هذا ..! كان شعوري و أنا داخل الفستان الأبيض غريباً .. كان مزيجاً من الخجل الشديد و بعض السعادة و لمسة من الخوف كذلك ..! إيان بدا وسيماً للغاية .. بدلته كانت جميلة جداً و إن لم تكن فاخرة ..! حتى ميراي بدت في قمة السعادة و قد كانت تقفز و تركض في كل مكان بثوبها الوردي ..! رغم أنه كان حفلاً صغيراً إلا أنه كان حانياً للغاية ..! لقد التقطنا الكثير من الصور سويةً .. و الجميع أيضاً التقط الصور معنا ..! صديقاتي كن سعيدات جداً لكنهن لم يتوقفن عن محاولة إحراجي ببعض الكلمات و الإشارات ..! و المثير في الموضوع أن أيان كان متوتراً أيضاً .. و للمرة الأولى أراه بهذا الشكل حتى أن وجنتيه توردتا ..! لم تكف جارتنا العجوز عن وصفي بالعروس الصغيرة .. كما أنها قالت بأني أذكرها بنفسها فقد تزوجت هي الأخرى حين كانت في سني ..! حتى إيان لم يسلم من التعليقات .. لكن أكثر ما أثر فينا هو حين قال أصدقاء إيان بأن علينا أن نسمي ابننا الأول لينك من أجل صديقنا الراحل ..! لقد تأثر إيان كثيراً بهذا .. اعلم أنه يتمنى لو كان لينك هنا ..! أنا أيضاً شعرت بالدموع تفيض في عيني .. لقد كان وفاة لينك منذ سنة صدمة كبيرةً للجميع و خاصةً إيان ..! رغم ذلك .. حاول ألا يظهر تأثره ثم نظر إلي و ابتسم .. مد يده و مسح دموعي تلك و هو يهمس : لم أسمع بفتاة تتذكر الأشياء المحزنة ليلة زفافها .. هل ستكون عروسي الأولى ؟!!.. لقد احمر وجهي بشدة لحظتها حتى أني شعرت بأن دمي كله تجمع في وجنتي ..! لقد كان حفل زفاف رائعاً للغاية .. و الجميع قدم لنا الهدايا ..! لا يمكن أن أنسى أي لحظة قضيتها هذا اليوم ..! فهو يوم من أسعد أيام حياتي ..! *^*^*^*^*^*^*^* لا أعلم لما .. لكنني لحظتها تذكرت الصور التي رأيتها لزفاف أمي إلينا من قبل ..! فقد كانت الصالة التي أقيمت فيها الحفلة كبيرة و فاخرة و قد حضر الكثير من النبلاء ..! فرق عظيم بين الحفلين صحيح ؟!!.. لكني أشعر أن حفل إيان و نيكول كان مليئاً بالمشاعر الصادقة : إنها حفلة رائعة ..! هذا ما تمتمت به : محق .. أعتقد أنهما كانا أفضل عريسين في تلك الليلة ..! - يبدو أنهما كانا يعيشان بسعادة ..الجيران و الأصدقاء بدو كأهل حقيقين هنا ..! - أجل .. و أكثر ما لفت انتباهي هو أسمك الذي ذكر هنا ..! - يبدو أنه أسم لصديق أبي القديم .. أعتقد أن علاقته بوالدي قوية و الدليل هو أن أبي أختار هذا الاسم لي ..! - هل نسأل الخالة ميراي ؟!.. - لا بأس في ذلك ..! - عموماً .. لننظر الآن للصفحة التالية ..! كان التعليق هو ( خبر سعيد ) ..! *^*^*^*^*^*^*^* اليوم ذهبت للطبيب كما نصحني إيان .. لقد أراد هو الآخر أن يأتي معي لكن بسبب محاضرته الجامعية في ذلك الوقت لم يتمكن من ذلك ..! دخلت على طبيبة النساء .. و قد قامت بإجراء الفحص الطبي لي بعد أن سألتني بعض الأسئلة ..! و قد نزل علي خبر كالصاعقة !!.. في بطني .. جنين .. لا بل .. اثنان !!.. أخذت أكذبها عدة مرات .. لكنها أقنعتني في النهاية !!.. كل ما فكرت فيه حينها .. هل سأكون أما بعد بضعة أشهر ؟!!.. لا أعلم كيف أصف هذا .. لكني وضعت يدي على بطني حينها و ابتسمت ..! كنت متحمسة لإخبار إيان بالخبر و رؤية ردة فعله ..! عدت للمنزل .. كان لم يعد بعد و ميراي لا تزال في المدرسة ..! بدأت بتحضير الغداء و أخذت أفكر بالطريقة التي أخبره بها ..! لكنني قررت إخباره مباشرة بلا مقدمات حتى يصدم بالفعل !!.. حين عاد من الجامعة سألني عن صحتي و عن ما قالت لي الطبيبة ..! لحظتها أخبرته بأمر الحمل ..! لم يصدق و ظن أني أمزح حتى أنه ذهب باتجاه الدرج كي يصعد للغرفة و يبدل ملابسه ..! لكنني ما إن وقفت أمامه و أريته أوراق الفحص حتى اتسعت عيناه بدهشة !!.. نظر إلي حينها : أنتي جادة ؟!!.. - كما ترى أمامك ..! - أهي مزحة نيكول ؟!!.. - هل الأمر سيء ؟!!.. قلت هذا بتوتر حين لم أرى إلا ملامح الهدوء على وجهه ..! لكنه حينها أبتسم ابتسامة صغيرة و سار ناحية الأريكة و رما بنفسه فوقها و أخذ يتمتم بكلام غريب حتى شككت بأنه جن !!.. تقدمت ناحيته و وضعت يدي على جبينه : إيان أأنت مريض ؟!!.. لم ألبث أن قلت هذا حتى وقف بسرعة و عانقني في حين غفلة وهو يصرخ : نيكول لا أصدق !!.. أنت رائعة و أنا أحبك أكثر من أي شيء في هذا العالم ..! حينها كنت قد أيقنت بأنه قد جن بلا شك ..! ابتعد عني لحظتها و ربت على كتفي : نيكول .. سنكون أبوين ؟!!.. كنت متعجبة منه لكنني ابتسمت : أعتقد ذلك ..! أخذ يضحك حينها بسعادة و قد عانقني مجدداً و هذه المرة قام بتهنئتي ..! كنت سعيدة بالأمر فهو يبدو سعيداً للغاية ..! أخذ بعدها يخبرني بأن علي أن لا أجهد نفسي و أن لا أقوم بأي شيء من أعمال المنزل مضيفاً إلى أنه سيقوم بكل شيء ..! تركني أجلس على الأريكة و ذهب هو ناحية المطبخ فقد قال بأنه سيهتم بالغداء اليوم و بكل يوم حتى يولد الطفل بسلام ..! لقد كانت سعادته غامرة .. و قد جعلني هذا سعيدة أنا أيضاً ..! مضى حوالي عشرة أشهر على زفافنا .. أنا لا أزال في شهري الثاني لذا لا أعلم إن كان صبياً أم فتاة ..! لكن إيان قال حينها بأنه إن كان صبياً فسنسميه لينك بالتأكيد .. و قد أخبرته بأني أريد هذا أيضاً ..! *^*^*^*^*^*^*^* لم يكن لدي أي تعليق على الأمر .. لكني بلا شعور كنت قد ابتسمت بهدوء ..! فتلك كانت المرة الأولى التي نكون فيها معهما و إن لم نكن معهما بالشكل المطلوب ..! بدا على ريكايل الهدوء .. نظر إلى الملصق الأخير الذي ثبت بآخر صفحة قد تمت كتابتها .. تمتم وهو يقرأ ما كتب عليه : لينك و ريكايل ..! يبدو بأن ذلك اليوم كان اليوم الذي ولدنا فيه .. نظرت إلى رايل بطرف عين : أتريد أن نلقي نظرة عليها ؟!!.. أومأ سلباً حينها : لا .. لن نأخذ منها غير الألم ..! كان محقاً .. فرغم أني على يقين بأن أمي لم تكتب إلا عن سعادتها بذلك اليوم و ربما تصفه بأنه أجمل أيام حياتها ..! لكنني أيضاً أعلم بأنه آخر ما كتبته أمي .. أو بالأحرى .. آخر يوم لوالدي و والدتي في هذه الحياة ..! لو كانا حيين حتى الآن .. لكنا في التاسعة و الثلاثين ..! انتبهت إلى أن ريكايل أخذ شيئاً آخر في الصندوق : أنظر إلى هذا يا أخي ..! - يبدو أنه ألبوم صور ..! - هل أفتحه ؟!!.. - أجل ..! فتحه فأسرعت بإلقاء نظرة على الصورة الأولى ..! كانت تلك الفتاة تقف أمام مبنى كبير و على وجهها ابتسامة لطيفة .. بجانبها لوحة كتب عليها تاريخ قديم مع عبارة ( حفل تخريج الدفعة الثامنة عشر للمرحلة الثانوية ) .. يبدو أنها التقطت في يوم التخرج ..! و فوراً أدركت بان تلك الفتاة كانت أمي ..! شعرها البني الناعم كان يصل إلى خصرها و قد تركته منسدلاً كما لم ترفعه بشيء من الأمام .. لقد بدا أنه حريري و لونه كان لطيفاً فهو لم يكن قاتماً ولا باهتاً .. عيناها خضراوتان .. كعيني و عيني ريكايل ..! ترتدي تنورة سوداء تصل إلى أسفل ركبتها و قميصاً أبيض و جوارب بيضاء تصل نصف الساق مع حذاء أسود ..! تحمل بين يدها ورقة مطوية تبدو كشهادة التخرج ربما ..! لقد كانت جميلة للغاية و ابتسامتها تشع بالحياة و الأمل ..! بجانبها وقف شاب أطول منها بقليل .. كان على وجهه ابتسامة هادئة و هناك جرح صغير على وجنته اليسرى زاد من وسامته .. له عينان زرقاوتان بلون البحر في فصل الصيف .. شعره أشقر مثل لون شعري و قد ثبته إلى الخلف كرايل الآن تماماً ..! يرتدي بنطال أسود و حذاء رياضي أسود .. مع قميص أبيض فتح أولى أزراره و تركه فوق البنطال و قد وضع يده اليمنى في جيبه بينما يده اليسرى كانت تربت على كتف الفتاة و قد أمسك شهادته هو الأخر بها ..! أخيراً رأيتهما .. والدي و والدتي .. إيان و نيكول ..! حدقت بالصورة كثيراً .. تمنيت لو أتمكن من لقائهما صدقاً..! أتمنى لو أتحدث إليهما .. أسمع صوتهما .. أني بالفعل أريد رؤيتهما ..! لكن .. كل ذلك مستحيل ..! أريد أن أعتذر ..أعتذر بشدة لأني لم أعرفكما سابقاً .. أمي .. أبي ..! قلب رايل الصفحة بعدها .. نظرت إليه .. بدا أنه متأثر هو الآخر : جميلة ..! هذا ما تمتم به فنظرت لتلك الصورة ..! كان يوم الزفاف .. أمي بدت رائعة بذلك الثوب الأبيض الطويل .. صحيح أنه ليس فاخراً و مثيراً .. لكنه كان لطيفاً للغاية ..! لقد كانت تبتسم بخجل و هي تنظر للأسف و تحمل باقة الزهور بعد أن جلست على ذلك الكرسي الطويل الذي خصص للعريسين في هذه الصالة ..! بجانبها كان أبي .. بدا الهدوء على ملامحه و لم ينظر لآلة التصوير بل أشاح بوجهه قليلاً فمن الواضح أنه يشعر بالتوتر و الخجل هو الآخر ..! كما ذكرت أمي في مذكرتها ..لقد كان وسيماً للغاية تلك الليلة ..! بدأنا نقلب الصفحات .. كانت صوراً ليوم الزفاف إما وحدهما أو مع بعض الناس الذين كانت السعادة واضحةً عليهم ..! ميراي ظهرت في صور كثيرة .. لقد تمكنت من تميزيها بسهولة رغم أنها كانت طفلة فهي لا تزال تحتفظ بذات الملامح إلا أن شعرها كان قصيراً هنا فهو يصل لأسفل رقبتها فقط ..! فستانها الوردي كان لطيفاً و بدت كملاك بريئة به ..! وصلنا للصفحة الأخيرة ..! هنا .. اتسعت عيني بذهول .. فأنا لم أعتقد أني سأرى شيئاً كهذا !!.. حتى رايل بدا متفاجئاً ..! بلا شعور .. ابتسمت بهدوء و أنا أنظر لتلك الصورة التي أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها رائعة ..! أمي .. كانت تجلس على ذلك السرير الأبيض .. تحمل بين يديها ملاءةً بيضاء لفت حول رضيع قد لا يتجاوز عمره الخمس ساعات ..! كانت تنظر إليه نظرة حنان و على وجهها ابتسامة مليئةٌ بالعطف ..! على كرسي ملاصق للسرير جلس أبي و هو يحمل الملاءة الأخرى بحذر و على وجهه ابتسامة صغيرة و عيناه معلقتان بما بين يديه ..! رغم أن الرضيعين لم يكونا واضحين إلا أن أطراف الشرائط التي ربطتها ميراي حول يديهما واضحة ..! فقد كانت والدتي تحمل ذا الشريط الأزرق ريكايل .. و أبي يحمل صاحب الشريط الأحمر لينك ..! كانت صورة لطيفةً للغاية و مليئةً بالمشاعر : إنها دافئة .. أليس كذلك رايل ؟!.. بهمس أجابني : بلا .. إنها الأروع ..! أغلق الألبوم بعدها و أعاده إلى الصندوق ثم وضعت المذكرة فوقه .. و كذلك وضعت معه الشرائط التي أعطتنا الخالة آنا ..! أغلقت الصندوق و أعدته للكيس : هل نعيده للخالة ميراي ؟!.. - لا أعلم .. ربما تريدنا أن نحتفظ به ..! - سنرى في الأمر فيما بعد ..! عموماً لتستعد الآن .. سوف نذهب لاستلام جواز سفرك ..! أومأ موافقاً و وقف مغادراً الغرفة ..! و أنا كذلك اتجهت لغرفتي كي أبدل ملابسي ..! .................................................. ..... مضى بقيت الأسبوع على خير .. كانت أيامنا تمضي بهدوء فقد كنا نذهب لزيارة الأطفال أو زيارة الخالة آنا بشكل شبه يومي .. التقينا بالخالة ميراي مرتين .. أخبرتنا بأنه بإمكاننا الاحتفاظ بالصندوق ..! سألناها عن لينك الذي ذكرته أمي في مذكرتها فأخبرتنا بأنه كان صديق والدي الحميم منذ أيام الطفولة رغم أنه لم يكن جامحاً إلا أنهما كانا صديقين حميمين فلينك كان الوحيد الذي يعرف إيان حق المعرفة قبل نيكول .. وقد كانا يعيشان سويةً شقة صغيرة لخمس سنوات ..! قالت خالتي أن أبي ذكر كثيراً أن لينك كان ينصحه دوماً بالابتعاد عن حياة الجامحين لكنه لم يستمع له .. و في مرة كان أبي يتشاجر مع بعض الجامحين وحده فكادوا يقضون عليه إلا أن لينك ذاك جاء و ساعده و بالمقابل تلقى طعنة من أحدهم فقد حياته أثرها ..! صحيح أن الشرطة أمسكت بالمجرمين و حاسبتهم إلا أن أبي شعر بالذنب و أنه هو السبب في موت صديقة الذي أعتبره أكثر من شقيق ..! لكن أمي أخبرته بأنه إن أراد أن يسامحه لينك فعليه أن يترك هذه الحياة التي أوقعته بالكثير من المشاكل و أودت بحياة صديقه ..! و قد كان هذا قبل سنة من وزاجهما ..! بقيت الأسبوع أمضينها بالاستعداد للرحلة .. و هاهو يوم السبت قد جاء أخيراً ..! .................................................. ........... تمام الثامنة صباحاً ..! وقفت أمام المرآة بعد أن ارتديت قميص أزرق مع سترة جلدية سوداء و كذلك بنطال جينز أزرق قاتم ..! بقيت أنظر إلى نفسي قليلاً .. أعتقد أن هذا مناسب ..! ريكايل كان يجلس على الأريكة خلفي وقد ارتدى سترة سوداء رسميه كعادته مع بنطال أسود و قميص أبيض ..! أمسكت بزجاجة العطر و بدأت أضع منها الكثير الكثير كعادتي ..! التفت إلى الخلف فرأيت رايل يجلس شارد الذهن .. تقدمت ناحيته بلا صوت و ما إن جلست بجانبه : رايل هل ....! قاطعني سعاله المفاجئ .. بل إن ما فاجئني هو أنه أستمر بالسعال بشدة فربت على ظهره بقلق : رايل ما بك ؟!!.. انتابته نوبة من السعال الشديد .. حتى شعرت أن أنفاسه على وشك أن تقطع ..! حاول الوقوف فوقفت و أمسكت به و أجلسته : لا تتحرك .. ليس من الجيد أن تقف و أنت بهذا الحال ..! دفعني بشدة حينها فتراجعت إلى الخلف بضع خطوات بصدمة لكن ما صدمني هو أنه وقف و أبتعد حتى صارت بيننا مسافة كافية فخف السعال قليلاً و استطاع أن يلتقط أنفاسه ..! تقدمت ناحيته بقلق : ريكايل أأنت بخـ ..! قاطعني حين صرخ : لا تقترب !!.. وقفت في مكاني بلا شعور و أنا لا أكاد أستوعب ما يحدث .. لا يزال يسعل لكن بشكل بسيط ..! لحظات حتى أخرج من جيبه أسطوانة صغيرة و قربها من فمه و ثم ضغط على رأسها الذي يشبه رأس زجاجة العطر في فمه ..! كنت أحاول أن أفهم معنى هذا .. إنها أنبوبة المصابين بالربو !!.. بلا .. إنها لفتح الشعب الهوائية التي تغلق جراء الغبار أو الروائح القوية جداً ..! هل أخي مصاب بربو حاد لدرجة أنه تعرض لنوبة سعال بلا سبب ؟!!.. انتبهت حينها للأمر .. لقد وضعت الكثير من العطر ..! إن كان ريكايل مصاباً بالربو فطبيعي أن تكون هذه ردة فعله ..! فوراً حينها أسرعت إلى الخزانة و خلعت سترتي وقميصي المشبعان برائحة عطري القوية ثم ارتديت كنزة ترابية بسرعة و انطلقت ناحية رايل ..! كان يجلس أرضاً و التعب بادٍ عليه و قد كان يلهث بعد أن استعاد أنفاسه و أوقف السعال ..! جثوت أمامه و أظهرت استيائي : لما لم تخبرني بأنك مصاب بالربو ؟!!.. رفع رأسه ونظر إلي بهدوء رغم تعبه : لم أجد داعياً لهذا ؟!!.. - أجننت ؟!!.. تعلم أني أضع الكثير من العطر دائماً .. كان هذا يؤذيك طيلة الوقت رغم ذلك بقيت صامتاً ؟!!.. - رائحة العطر لا تشكل شيئاً .. إن لم اعتد عليها فلن أستطيع التعايش مع هذا المجتمع ..! - واضح أنها لا تشكل شيئاً .. أتعتبر ما حدث منذ لحظات لاشيء ؟!!.. - يجب أن لا أكون لا حساساً لأمور صغيرة كهذه و إلا أجبرت على ترك عملي لمرات عديدة !!.. - كنت تحتمل كل هذا من أجل العمل ؟!!.. أنت بالفعل تثير غضبي .. كنت سأتفهم الأمر لو أنك أخبرتني !!.. رايل هل أصاب عقلك شيء ؟!!.. كنت قد غضبت بالفعل فإخفاءه شيئاً بهذه الأهمية يجعلني أفقد أعصابي ..! طأطأ رأسه و قال بنبرة همس و ندم : آسف .. أعلم أنه لم يكن علي إخفاء أمر كهذا ..! لكني لم أعتد على ذلك فلا أحد يعلم بأني مصاب بالربو رغم أني مصاب به منذ مده ..! كلامه ذاك أطفأ غضبي و قد فهمت شعوره نوعاً ما .. هو لم يعتد على أن يعتمد على أحد أو يظهر ضعفه أمام أحداً .. لقد كان هو المسؤول في كل شيء ..! لأطفال الملجأ .. لجوليا و ميشيل و أمهما .. لصديقه بيير الذي كان يحتمي به دائماً ..! لذا .. لم يعتد جعل أحد يقلق عليه .. بل كان هو من يقلق على الجميع ..! تنهدت حينها و ربتت على كتفيه : كيف هي حالتك بالضبط ؟!.. أجبني بسراحه ..! بهدوء دون أن ينظر إلي : أخبرني الطبيب بأنه ربو متوسط الشدة ..! تذكر حين أخبرتك بالقصة التي حصلت لي حين أنقذت بيير من العقاب .. لقد مرضت بعدها و لكن لم يكن أنفلونزا أو حمى .. بل التهاب بالرئة إثر البرد .. و هي ما سببت لي هذا مع مرور الوقت ..! - هكذا إذاً .. منذ متى و أنت مصاب بهذه الحال ؟!!.. - منذ ثلاث سنوات .. لكني لم أذهب لزيارة الطبيب إلا منذ سنة و نصف فقط فأنا لم أكن أعلم بما في بالضبط ..! - طبيبك .. هو الدكتور هاري ليبرت صحيح ؟!!.. - هل تعرفه ؟!.. - التقيت به حين أخذت للمشفى في ذلك اليوم ..! و يبدو أن علينا زيارته الآن ..! قطب حاجبيه : الآن ؟!!.. و الرحلة ؟!!.. ابتسمت بهدوء : لا تقلق .. يمكننا اللحاق بهم فيما بعد .. المهم هو أن نطمئن على صحتك فلا أظن أن نوبة شديدة كالتي قبل قليل حصلت هباءً مع أني أتمنى ذلك ..! هيا معي ..! تردد قليلاً قبل أن يومئ إيجاباً ..! اتجهت لهاتفي و اتصلت بالمطار أولاً .. وجدت حجزاً على طائرة الحادية عشر صباحاً فحجزته و ألغيت حجز رايل في التاسعة ..! ثم اتصلت بماثيو و أخبرته بأني سوف أأجل موعد رحلتي بعض ساعات بسبب عمل طارئ و طلبت منه أن يلغي حجزي بعد أن أخبرته بأني سأكون على طائرة الحادية عشر ..! .................................................. ............ كنت أقف قرب باب تلك الغرفة و رايل بجانبي و قد خرجت امرأة عجوز منها قبل قليل ..! في تلك المدينة الطبية الضخمة التي تحتوي على عدة مباني .. و هنا في قسم أمراض الجهاز التنفسي قرب عيادة الدكتور هاري الطبيبة المتخصص في أمراض الرئة و التهاباتها ..! همست لرايل : هل جئت بنفسك إلى هذا المكان سابقاً ؟!.. - لا .. لقد كنت قد ذهبت لأحد المستشفيات الصغيرة .. لكنهم نقلوا ملفي إلى هنا ..! - هكذا إذاً ..! لحظات حتى وصلت الممرضة : سيد براون .. إنه دورك فهلا تفضلت معي ..! كان هناك بعض الناس يجلسون على كراسي قرب العيادة بانتظار أدوارهم .. تقدمت و رايل خلفي ..! دخلنا مع الممرضة فرأيت ذلك الطبيب الشاب ذو الشعر الفاحم مجدداً يجلس هناك خلف ذلك المكتب و ينظر لبعض الأوراق ..! ما إن دخلنا حتى ترك ما في يديه و نظر إلينا بعينيه الزرقاوين الجريئتين من خلف نظارته الطبية مستطيلة العدسات و ابتسم : كيف حالك يا ريكايل .. أرجوا أن تكون بخير ؟!!.. بهدوء قال : أنا بخير دكتور ..! - حسناً .. هل حدث جديد معك ؟!!.. - في الحقيقة أصابتني نوبة سعال شديدة اليوم بسبب رائحة عطر قوية .. أريد أن أرى إن كان هذا قد سبب التهاباً أم لا ..! - لا بأس .. اذهب مع الممرضة للقيام بتصوير الأشعة و حينها سنرى إن كنت تضررت أم لا ..! سارت الممرضة فتبعها هو و خرجا ..! نظر الطبيب الوسيم ناحيتي وأخذ يتذكر : أنت ؟!.. آه لقد جئت مع ريكايل إلى هنا من قبل .. أعتقد أنك من مارسنلي ..! - صحيح .. أنا لينك مارسنلي ..! - أأنت صديق لريكايل ؟!!.. - تستطيع قول ذلك ..! - إنكما تتشابهان كثيراً و لولا أني أعرف أسمك مسبقاً لظننتك أخاه ..! - حسناً .. إني أعده بمثابة أخي ..! - شيء رائع .. لم أعتقد أن ريكايل سيخبر أحداً بمرضه فهو قد طلب مني بأن لا أخبر أحداً بالأمر ..! - هو لم يخبرني .. لقد اكتشفت بنفسي .. في الحقيقة أنا من كان يضع ذلك الكم الكبير من العطر حين أصابته الحالة ..! - هكذا إذاً .. و جئت لتعرف حاله بالتفصيل ..! - بالضبط .. نحن نقضي معظم وقتنا معاً لذا أريد أن أعرف أكثر عن حالته كي أتجنب ما يضره ..! - حسناً .. تفضل بالجلوس ..! جلست على ذلك المقعد أمام مكتب الدكتور هاري .. بدأ يحدثني عن صحة ريكايل بالتفصيل ..! لقد أراحني كلامه كثيراً فيبدو أن حالة أخي ليست بتلك السوء بما أنه منضبط على تناول تلك الأدوية ..! فقط حذرني من الروائح القوية كالعطر .. و كذلك من الغبار ..! و بعد عشر دقائق عاد رايل مع الممرضة التي كانت تحمل ملفاً فيه نتائج تصوير الأشعة اكس ..! بقي الطبيب ينظر إليها للحظات قبل أن يبتسم بهدوء : اطمئن .. يبدو أنك لم تتضرر إثر هذه النوبة .. لكن كما أخبرتك إياك أن تتساهل مع الأمر .. فور أن تتعرض لنوبة ما تعال لإجراء الفحص ..! أومأ ريكايل موافقاً فوقفنا حينها لمغادرة العيادة فقلت بابتسامة : شكراً لك أيها الطبيب ..! ابتسم لي ثم نظر إلى ريكايل الذي قال : أوصل سلامي للدكتور مارفيل ..! لم أعلم من يقصد لكن الدكتور هاري أومأ موافقاً : إلى اللقاء .. احرص على أخذ دوائك في موعده يا ريكايل .. و تذكر مواعيد الفحص الدوري ..! ..................................... كانت الساعة تشير إلى التاسعة و النصف حين كنت أقود السيارة و ريكايل بجانبي ..! الشوارع كانت شبه مزدحمة .. و الجو يميل للبرودة فنحن الآن في فصل الخريف ..! انتبهت لرايل الذي سأل : هذا ليس طريق القصر .. إلى أين نحن ذاهبون ؟!!.. أجابته بهدوء و أنا أنظر إلى طريقي : إلى ذلك المبنى الزجاجي ..! نظر هو إلى تلك الناطحة الصغيرة المتشكلة من أربعين طابقاً غير السطح ..! كان الزجاج اللامع بمثابة الجدران حيث يمكنك أن ترى الناس في الأدوار القريبة .. أما الأدوار العالية فقد انعكست عليها صور الغيوم في حضن السماء الزرقاء ..! بنبرة استغراب سأل : ما هذا المكان ؟!!.. - إنه المركز الرئيسي لشركة مارسنلي ..! - تقصد .. مكان عمل السيدة إلينا ..! - بالضبط .. إنها مديرة هذا المكان .. و مكتبها في الطابق الأربعين ..! حين وصلنا كان هناك أسوار حول المكان و حراس قرب بوابة كبيرة ..! أوقفوا سيارتي الفراري الحمراء فتقدم أحد الحراس إلي : لا يسمح بالدخول دون بطاقة .. أتحمل واحدة ؟!!.. يبدو أنه لا يعرفني .. لا ألومه فأنا لم آتي إلى هنا منذ زمن ..! أخرجت بطاقتي المدنية و أعطيتها إياه .. نظر إليها للحظات قبل أن يحني رأسه باحترام : أهلاً بك سيدي ..! أعاد البطاقة ثم قال بصوت مرتفع كي يسمعه الحارس الذي في الغرفة الصغيرة : افتحوا البوابة للسيد مارسنلي ..! كان هناك اثنان آخران قرب البوابة .. ارتفع الحاجز الأحمر أتوماتيكياً فحركت سيارتي إلى الداخل ..! بعدها أوقفتها أمام باب المبنى حيث تقدم شاب و فتح الباب من جهتي بينما فتح آخر الباب من جهة ريكايل : أهلاً بك سيدي ..! نزلنا نحن الاثنان فأعطيت أحد الشابين المفتاح : ضعها في المربض ..! - أمرك ..! - هل السيدة هنا ؟!!.. - لقد عادت من جولة تفقدية قبل قليل .. إنها في مكتبها .. هل أوصل لهم خبر وصولك ..! - لا .. لا داعي لهذا ..! - كما تأمر ..! سرت و سار ريكايل بقربي وهو يهمس بحيث أسمعه أنا فقط : تبدو كملك في هذا المكان يا أخي ..! ابتسمت بهدوء و همست له : بما أني أحمل اسم مارسنلي .. فأنا ملك هنا بالفعل ..! - أعتقد أن أسم براون لم يكن ليوصلك لهذه المكانة ..! - لا تسئ فهمي .. فأنا أود فعلاً أن استعمل اسم براون ..! وصلنا إلى المصعد فطلبه الموظف الخاص به لنا ..! ركبنا نحن الثلاثة فقال ذلك الرجل : إلى أي طابق تريد الذهاب ؟!!.. - إلى الطابق الأربعين ..! - غير مسموح بهذا إلا لمن يحملون الأذن .. ذلك الطابق خاص بالإدارة ..! - و إذاً ؟!!.. - هل لديك موعد مسبق ؟!!.. - لا .. لكن أريد لقاء السيدة مارسنلي ..! - آسف .. لكن السيدة مارسنلي لا تلتقي بأحد دون مواعيد ..! تنهدت حينها بتعب : لن ترفض لقائي .. لذا خذني للطابق الأربعين ..! - أنه عملي أيها السيد .. لا أستطيع مخالفة القوانين ..! أعطيته بطاقتي حينها فنظر إليها للحظات قبل أن يقول باحترام ممزوج بالتوتر و قد حنى رأسه : أنا آسف سيدي .. لو علمت سابقاً بأنك السيد مارسنلي لما ناقشتك في الأمر ..أعذرني على وقاحتي ..! - لا عليك .. و الآن خذني إلى الطابق الأربعين ..! - أمرك ..! ضغط زر الطابق الأربعين فأغلق باب المصعد و بدأ يتحرك للأعلى ..! لحظات حتى ظهر كل شيء حولنا فجدار المصعد من الزجاج المطل على الخارج أي بإمكاني رؤية الشارع ..! كان يرتفع أكثر و أكثر بشكل متوسط السرعة حيث يسمح لك بالاستمتاع بمنظر الناس في الخارج و السيارات و الحدائق القريبة ..! لكن يبدو أن أحدهم لا يستمتع فقد أمسك ريكايل بطرف كمي كطفل صغير .. حين ألتفت ناحيته رأيت أنه قد أوشح ببصره و التوتر بادٍ عليه فهمست بقلق : ما بك الآن ؟!.. هل تشعر بالمرض ؟!!.. أومأ سلباً و همس : أكره الأماكن المرتفعة ..! شيء جديد أكتشفه فيه ..! تنهدت حينها : أغمض عينيك و حسب ..! فعل ما طلبته من و قد شد على طرف كمي أكثر و أكثر ..! سرعة المصعد هي ثانية لكل دور .. لذا يستغرق أربعين ثانية للصعود للدور الأخير ..! أمي بعكس ريكايل تحب هذه المناظر لذا أرادت أن لا يكون المصعد سريعاً ..! بالنسبة لي فأنا لا أجد مشكلة مع الأماكن المرتفعة على عكس أخي ..! وصل المصعد في النهاية إلى الأعلى .. نزلت و كذلك ريكايل فأغلق الباب بعد أن ودعنا الموظف باحترام ..! سرت في ذلك الممر الفاخر حتى وصلت إلى باب كبير و طرقته : تفضل ..! دخلت إلى تلك الغرفة الكبيرة حيث يوجد باب آخر أفخم و أكبر قبالتي و يصل بين البابين سجادة حمراء ..! كان هناك مكتب كبير على الجانب حيث وقفت تلك الموظفة الشقراء ممشوقة القوام : هل أخدمك بشيء ؟!.. تقدمت ناحيتها و وقفت أمام المكتب : أريد الدخول لرؤية السيدة مارسنلي ..! بدا عليها الاستغراب : هل لديك موعد مسبق ؟!.. لأني لم أزر الشركة منذ سنوات فلا أحد هنا يتذكرني ..! لكن يبدو أن هذه الموظفة جديدة أصلاً ..! بهدوء قلت : ليس لدي ..! - آسفة .. لا أستطيع السماح لك بالدخول .. فالسيدة مشغولة و ليس لديها الوقت للزيارات المفاجئة ..! - أخبريها بأن لينك هنا و ستسمح لي بالدخول ..! قطبت حاجبيها لكنها رفعت السماعة بقربها : حضرة المديرة .. هناك فتى هنا يريد مقابلتك .. يقول أن أسمه لينك ..! لحظات حتى تغير وجهها إلى الدهشة : حاضر سأدخله ..! أغلقت السماعة و تقدمت ناحية الباب الكبير الضخم : تفضل ..! سرت ناحيتها بعد أن أشرت لرايل أن يتبعني ..! فور أن دخلنا كانت أمي قد تركت مكتبها الكبير الفخم في نهاية الغرفة و سارت ناحيتي و على وجهها نظرة استغراب ..! تقدمت ناحيتها حينها فربتت على كتفي : عزيزي ألم تذهب للندن ؟!!.. أومأت سلباً بابتسامة : أتريدين أن أذهب دون أن ألقي التحية عليك ؟!.. ابتسمت حينها وعانقتني : بالتأكيد لا .. لقد حزنت حين صارت الساعة التاسعة دون أن تأتي ..! ابتعدت عني حينها : لكن هذا ليس السبب الذي جعلك تلغي رحلتك ..! - أنا لم ألغها .. لقد أجلتها ساعتين فقط .. ريكايل كان يشعر بالتعب فقررت أن أأجلها بعض الوقت ليرتاح ..! نظرت إلى ريكايل الذي كان خلفي بقليل و بنظرة قلقة : ريكايل .. أأنت بخير الآن ؟!!.. حنى رأسه باحترام : لا تقلق سيدتي .. حالي جيدة الآن .. شكراً لاهتمامك ..! نظرت إلي أمي بقلق : حين كانت الساعة هي التاسعة كنت أتصل بك فرأيت أن هاتفك مغلق .. خمنت أنك ركبت الطائرة حينها ..! - ليس الأمر كذلك .. لقد زرت عيادة الطبيب مع ريكايل كي نطمئن على حاله .. و قد أضررت لإغلاق هاتفي حتى لا يزعج المرضى ..! - هكذا إذاً ..المهم أني رأيتك قبل أن تسافر ..! - اطمئني .. كلها خمسة أيام و أعود ..! انتبهت أن السكرتيرة لا تزال هنا و قد كانت تنظر باستغراب فقالت والدتي بابتسامة : كاترين .. هذا لينك ابني..! بدت عليها الصدمة حينها و قد قالت بلا شعور : لم أعلم بأن لديك ابن سيدتي !!.. ضحكت أمي بخفة فبدا الارتباك على تلك الكاترين و قالت بتوتر : آسفة لأني لم أعرفك سيد مارسنلي ..! ببرود قلت : لا عليك .. لا شيء مهم ..! التفت ناحية والدتي حينها بمرح : لن أعطلك عن عملك أمي .. لقد أتيت فقط لأودعك قبل أن أسافر ..! عانقتني حينها مجدداً : سأشتاق إليك عزيزي .. اهتم بنفسك و اتصل بي كل يوم ..! ابتسمت حينها و بادلتها العناق : بالتأكيد أمي .. اهتمي بنفسك ولا تشغل حالك بالعمل طيلة الوقت مستغلة غيابي ..! أطلقت ضحكة صغيرة وقالت : اطمئن .. لن أرهق نفسي ..! قبلت جبينها و ابتعدت فتقدمت ناحية رايل و ربتت على كتفيه : ريكايل .. اهتم بنفسك و بلينك جيداً ..! أخفض رأسه باحترام : أمرك سيدة إلينا ..! ودعت والدتي حينها و خرجت مع ريكايل من المكتب و من مكتب السكرتيرة ..! لكن بينما كنا نسير في ذلك الممر : ألا مشكلة لديك بصعود ذلك المصعد مجدداً ؟!!.. تنهد حينها : لا بأس .. سأغمض عيني ..! - يمكننا استعمال مصعد عمال النظافة الصغير ..! - لا .. لست مضطراً .. ألا يوجد غيره ؟!.. - جميع المصاعد جدرانها من زجاج إلا المتصلة بالمطبخ و بغرف التنظيف ..! - إذاً سأغلق عيني و حسب ..! - كيف ستركب الطائرة و أنت تخاف المرتفعات ..! - لن تكون هناك مشكلة إن أغلقت النافذة .. أنا لا أحب النظر من أماكن عالية لكن لا مشكلة عندي بالبقاء في مكان مرتفع مغلق ..! - هكذا إذاً ..! طلبنا المصعد و صعدنا فرأينا ذلك الموظف ذاته الذي قابلنا باحترام هذه المرة ..! أطر ريكايل لإغماض عينيه طيلة أربعين ثانية ..! غادرنا الشركة و قد كانت الساعة تشير إلى العاشرة .. قررنا الذهاب الآن للمنزل و حمل حقائبنا ثم الاتجاه للمطار مباشرة ..! ..............................................
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#50
| ||
| ||
part 22 و أخيراً استوينا على مقاعد الدرجة الأولى .. لقد خشيت بالفعل بأن يحدث شيء يعطلنا مرةً أخرى ..! كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر إلا دقيقتين ..! رايل بقرب النافذة حيث رقم مقعده .. أما على يميني فهناك ممر قبل المقاعد الثلاث في المنتصف ..! بدأت الطائرة تتحرك لتذهب للمدرج : ريكايل .. هل كل شيء على ما يرام ؟!!.. أومأ إيجاباً بتوتر : لم أعتقد أني سأغادر فرنسا يوماً ما ..! ربت على كتفه و ابتسمت : اطمئن .. العالم خارج فرنسا رائع أيضاً ..! - هل سافرت لدول كثيرة يا لينك ؟!.. - يمكنك قول ذلك ..! - أخبرني إلى أين ذهبت ؟!.. - حسناً .. بغض النظر عن بريطانيا ككل .. لقد زرت الولايات المتحدة عدة مرات .. و كذلك ايطاليا و النمسة و اسبانيا و معظم دول أروبا و هاواي مع أمي .. أيضاً زرت أستراليا منذ سنة مع ماثيو و دايمن ..! و قد ذهبت مرةً مع لويفان إلى ماليزيا ..! - ماليزيا !!.. أعتقد أنها بعيدة ..! - أنت محق .. كان هذا منذ سنة و نصف تقريباً حيث كان سيمثل فلماً هناك على جزيرة لانكاوي الهادئة ..! - منذ متى و صديقك يعمل ممثلاً ؟!!.. - لقد مثل بأدوار صغيرة حين كان طفلاً فعمه مدير شركة إنتاج .. و حين صار في الثانية عشر مثل مسلسلاً كان له دور كبير فيه ..! و حين صار في الرابعة عشر كان بطل أحد الأفلام ومن بعدها كبرت شهرته أكثر و أكثر و صارت شعبيته عند الفتيات كالنار الملتهبة منذ بلغ السادسة عشر ..! - آها .. أعتقد أن الناس المحيطين بالممثلين يكونون مشاهير أيضاً .. أأنت كذلك ؟!!.. - لقد شاركت مع لوي في أحد البرامج الذي استضافته فقد كان البرنامج يستضيف نجماً و أحد معارفه كي يحدثهم عنه قبل الشهرة وبعدها و إن كانت شخصيته قد اختلفت .. و حين أرادوا استضافت لوي طلب أن أكون الشريك ..! كما أنه ذكر اسمي عدة مرات في مقابلاته ..! - يبدو أنكما مقربان كثيراً ..! - أخبرتك .. حين كنت طفلاً في ادنبره كان هو صديقي الوحيد !!.. سمعنا صوت مكبر الصوت حيث قال أحد المضيفين : الرجاء من جميع السادة المسافرين ربط الأحزمة .. ستقلع الطائرة خلال لحظات ..! ربطت حزامي كما فعل ريكايل .. و في غضون عشر ثوان انطلقت الطائرة بأقصى سرعة و بدأت ترتفع في الجو ..! و في النهاية وصلنا خلال ثلاثين ثانية إلى الطبقة الخاصة بالملاحة ..! التفت ناحية ريكايل فكان التوتر بادياً عليه .. ضحكت بخفة : هل أخافك الانطلاق ؟!.. زفر حينها : رغم أني لم أجرب الصاروخ .. إلا أني اعتقد أنه شيء مثل هذا ..! ابتسمت حينها : اطمئن .. سيكون الهبوط أفضل .. يمكنك فك الحزام الآن بما أننا استقرينا في الجو ..! فعل هذا كما فعلته أنا .. لحظات حتى سمعنا صوت المضيف مجدداً : الرجاء من السادة المسافرين الانتباه مع المضيفات اللواتي سيشرحن سبل السلامة على متن الطائرة ..! - ما المقصود بهذا لينك ؟!!.. - إنه إجراء روتيني .. ستقف الآن مضيفة في بداية الممر و تبدأ بعرض أدوات السلامة التي يستعملونها في حال الحوادث ..! - هكذا إذاً ..! التفت ناحية بداية الممر لأصدم بالمرة !!.. تلك المضيفة هناك كانت تنظر إلي بشك و لم تلبث أن قطبت حاجبيها !!.. التفت إلى رايل الذي كان يطلع على المجلات التي في جيب المقعد أمامه و همست : ريكايل .. أنظر هناك إلى تلك المضيفة !!.. رفع رأسه و نظر و لم يلبث أن صدم ثم عاد ينظر إلي و همس : إنها تشبه خالتنا ميراي !!.. - بل هي خالتك ميراي بالفعل !!.. - ماذا !!.. لما هي هنا ؟!!.. - الآن فقط تذكرت بأنها أخبرتنا بأنها ستكون على متن هذه الطائرة !!.. - صحيح .. طائرة الحادية عشر !!.. و الآن ماذا ستفعل ؟!.. بالتأكيد ستغضب لأننا لم نخبرها بتغير الموعد ..! - دع كل شيء علي أنا سأتصرف ..! بدأ المضيف يقرأ التعليمات مع مكبر الصوت وقد كانت ميراي تقوم بعرض الأدوات و طريقة استعمالها بابتسامة لطيفة شعرت أنها تود قتلنا من خلفها ..! انتهى من قراءتها بالفرنسية فعاد يقول نفس الكلام بالانجليزية ..! و ما إن انتهوا حتى انطلقت ميراي ناحيتنا ..! وقفت بقربي و هي تقول بشك : ألم تقل بأن طائرتكما في التاسعة يا لينك ؟!!.. ابتسمت لها حينها : صباح الخير .. كيف حالك خالتي ؟!!.. - دعك من التهرب ..! لكن لا بأس .. صباح النور .. أنا بخير و أنتما ؟!.. - بأفضل حال برؤيتك ..! - لا تعتقد أني سأسمح لكما بالهرب دون إجابة .. لما أجلتما رحلتكما إلى هذه الساعة ؟!.. هل حدث شيء ؟!.. - لا شيء معين ..! - أين أصدقاءكما إذاً ؟!.. كل من حولكم عائلات ..! - لقد سبقونا في التاسعة .. و نحن قررنا تأجيل رحلتنا حتى يتسنى لنا رؤيتك .. أليس كذلك ريكايل ؟!.. أومأ إيجاباً حالاً : بلا .. كل ما يقوله أخي صحيح ..! تنهدت هي حينها قبل أن تقول : سأتظاهر بتصديقكما ..! عموماً أخبراني متى موعد عودتكما ؟!.. - يوم الأربعاء في العاشرة مساءاً .. و أنت ؟؟!.. - يوم الأحد في الثامنة مساءاً ..! عموماً الآن استمتعا بالرحلة ..! قلنا سويةً : بالتأكيد ..! ابتسمت بهدوء قبل أن تقول : لينك .. اهتم بريك جيداً .. تذكر أنه أخوك الصغير ..! قطب رايل حاجبيه : لست طفلاً خالتي ..! ضحكت بخفة : ذلك لا ينفي أنك الأصغر ..! تنهد هو بضجر بينما قلت أنا : اطمئني ميراي .. سأهتم به ..! لم أشعر إلا بضربة على رأسي من قبضتها : خالتي يا ولد !!.. قالتها بتحذير فوضعت أنا يدي على رأسي : ألا يمكنك أن تكوني ألطف قليلاً ..! قبل أن ترد علي قطع علينا أحد هذا الحوار : ميراي .. منذ متى و نحن نعامل المسافرين بهذه الطريقة ؟!.. كانت نبرة مستنكرة .. التفتنا سويةً فرأينا تلك الفتاة ذات الشعر الأسود القصير و العينين الفضيتين و البشرة البيضاء تنظر إلينا بدهشة ..! كانت ترتدي ثياب المضيفات كخالتي ..! ابتسمت ميراي و هي تشير ناحيتي : إنه ابن أختي ..! تحولت نظرات الاستنكار إلى الدهشة : حقاً ؟!.. لم تخبريني بأن لديك ابن أخت ..! تقدمت أكثر حينها و صافحتني : مرحباً .. أنا ديانا .. صديقة خالتك منذ بدأنا العمل هنا قبل سنتين ..! ابتسمت لها بهدوء : و أنا لينك ..! نظرت ناحية ريكايل حينها وهي تقول : أهو صديقك ؟!.. أومأت سلباً : هذا أخي ريكايل ..! صافح هو تلك الآنسة بدوره : تشرفت بمعرفتك ..! - و أنا كذلك ..! عادت تنظر لميراي : لديك أبناء أخت و أنا آخر من يعلم ؟!!.. يبدوان متقاربان في السن ..! - إنهما توأمان ..! آسفة لأن الفرصة لم تسنح لإخبارك ديانا ..! - يالك من صديقة !!.. لكن أتعلمين ؟!.. نظرت إلينا و قالت بنبرة إعجاب : إنهما وسيمان للغاية ..! بغرور ردت خالتي : بالتأكيد فهما يشبهانني ..! لكن ريكايل قال ببرود : أنا أشبه أبي و لا أشبهك ..! وافقته حينها : صحيح .. نحن نشبه أبانا ..! قطبت حاجبيها حينها و هي تقول : أنظرا لعيناكما !!.. لقد أخذتما اللون الأخضر مني ..! ابتسمت حينها بسخرية : أعتقد أني أخذته من أمي ..صحيح رايل ..! - بلا كلامك صحيح لينك ..! قبل أن تصرخ بنا كانت الآنسة ديانا قد أمسكت بيدها وهي تقول : هيا ميراي لا وقت للشجار مع أبناء أختك ..! علينا أن نبدأ في تقديم الطعام و المبيعات للمسافرين ..! سارت خالتي معها بعد أن ألقت علينا بنظرة توعد لكننا ابتسمنا لها فلم تجد إلا أن تبادلنا الابتسامة حينها ..! إنها طيبة القلب للغاية ..! فرغم أن لقاءنا بها كان منذ أيام فقط .. إلا أن علاقتنا صارت قوية جداً خلال تلك الفترة القصيرة ..! ............................................. هبطت الطائرة أخيراً .. و قد كانت الساعة تشير للواحدة ظهراً ..! وقفت مع رايل و اتجهنا إلى باب الطائرة من أجل الخروج .. و حين وصلنا للباب كانت خالتي و الآنسة ديانا يودعن المسافرين كجزء من عملهن ..! حين مررنا بجانبهم قالت الآنسة ديانا بابتسامة مرحة : شكراً لثقتكم بخطوطنا الجوية .. نتمنى لكم إجازة ممتعة ..! بينما قالت خالتي بهمس حتى لا يسمعها باقي المسافرين : اتصلا بي حين تستقران ..! أومأت لها إيجاباً بينما قال رايل : نراك قريباً ..! بعد الخروج من النفق الموصول بالطائرة أخرجت هاتفي من جيب سترتي الرمادية التي ارتديتها فوق قميص باللون الأزرق الفاتح جداً و بنطال جينز قاتم ..! ألغيت نظام نمط الطيران و لأرى إن كان أحدهم اتصل بي ..! لكن ما إن فتحته حتى رن و كأن أحدهم كان ينتظر مني أن أفتحه .. و قد كان دايمن : مرحباً ..! - أهلاً لينك .. هل وصلت ؟!.. - أجل .. لقد نزلت من الطائرة منذ قليل ..! - جيد .. نحن لا زلنا في المطار !!.. بدا علي الاستغراب : لما لم تغادروا ؟!!.. أجابني بمرح : لقد أردنا أن ننتظرك و نذهب سويةً .. و أيضاً الفتيات أردن التجول في أسواق المطار .. تعلم أن مطار هيثرو يعد من أكبر المطارات في العالم ..! لقد تناولنا الغداء منذ قليل أيضاً ..! - هل حضر الجميع ؟!.. - أجل .. ماثيو .. تيموثي .. آندي .. فلورا .. روزاليندا .. سورا و ليديا أيضاً ..! - و لويفان ؟!.. - إنه في تايلند .. طائرته ستصل في المساء ..! - كم هذا محبط !!.. - بضع ساعات لن تشكل فرقاً ..! - حسناً .. أين أجدكم ؟!.. - عند الأسواق ..! - سآتي إليكم الآن ..! أغلقت الخط و نظرت لرايل : إنهم عند الأسواق ..! بدا عليه القلق : لينك .. أظن أنه من الأفضل أن لا أرافقك .. لن يكون موقفهم جيداً من وجودي معك !!.. تنهدت بتعب و أمسكت بيده : ريك .. لقد طلبت مني خالتي الاهتمام بك .. لذا الأفضل أن نذهب الآن ..! لم يرد فسرت و أنا أسحبه معي ..! استلمنا الحقائب و أخذنا عربة صغيرة و وضعنا الحقيبتين عليها : هيا .. لنذهب و نتركها في الأمانات فيبدو بأنهم سيبقون في المطار لبعض الوقت ..! أومأ موافقاً فسرنا و قد كنت أنا أدفع العربة .. و صلنا إلى مقر حفظ الأمانات و تركنا عربة الحقائب عندهم ثم اتجهنا إلى المركز التجاري التابع للمطار ..! بالتأكيد ليس كالمراكز الضخمة لكنه يحتوي على أفضل المحال ..! وصلنا إلى هناك فبدأت البحث عنهم كما فعل رايل ..! حينها رأيت أربعة هناك ..استطعت معرفة آندي بسهولة .. و معها تلك الفتاة اليابانية سورا و كذلك فلورا و أيضاً دايمن ..! كانوا أمام واجهة محل حقائب والفتيات ينظرن إليها بتمعن كي يجدن الأفضل ..! أمسكت بيد ريكايل بقوة و همست : لا تقلق .. و لا تظهر ارتباكك ..! - بالتأكيد .. و أنت لا تنسى الاتفاق بيننا .. خادم و سيده ..! - حسناً .. لكن عدني بأنك لن تصدق أي كلمة قد أقولها ..! - اطمئن أخي .. أنا أثق بك ..! رغم أني لست مقتنعاً بالفكرة نهائياً .. لكن علي تنفيذها فهي كانت شرطه للقدوم وقد وعدته بتنفيذه و لا يمكن أن أتجاهل وعدي ..! تركت يده و سرت ناحيتهم فسار خلفي بمسافة خطوتين إلى ثلاث تقريباً ..! و إن صرت خلفهم حتى هتفت بمرح : مرحباً يا أصحاب ..! التفتوا سويةً في ذات الوقت حيث قالت آندي بسعادة : أهلاً لينك .. و أخيراً وصلت ..! ابتسمت لها : آسف للتأخر ..! بلباقة قالت فلورا : حمداً لله على سلامتك ..! - شكراً لك ..! قبل أن يقول أحدهم شيء آخر انتبهوا للفتى الواقف خلفي و قد بدا على ملامحهم الصدمة الخفيفة كأقرب مثال ..! نظر إلي دايمن مقطباً حاجبيه : لينك .. ماذا يحدث هنا ؟!!.. كدت أجيبه لولا أن صرخة عالية مصدومة قطعت علي : سوغووووووووي !!!.. إلتفت الجميع ناحية تلك الفتاة التي بدت في عينيها نظرة إعجاب واضحة !!.. أنا لا أفهم معنى هذه الكلمة .. لكن سورا التي نطقتها بكل ذهول راحت تركض ناحيتي و على وجهها علامات السعادة ..! تجاوزتني حينها فنظرت إلى الخلف فوراً لأصدم بها تعانق ريكايل أمامنا جميعاً و هي تصرخ بسعادة : فتى أحلامي !!!... طغى جو من الاستنكار للحظات !!.. فتى أحلامها !!!.. لا يمكن أن أصف صدمتي بالأمر .. حتى رايل لدرجة أنه تشنج للحظات من هول المفاجأة !!.. التفت إلى آندي فوراً : ماذا تفعل صديقتك هذه ؟!!.. ابتسمت بمرح : يبدو أنها وجدت من يعجبها أخيراً ؟!!.. - لا تقولي لي أنه يعجبها ؟!!.. - ألم تسمعها ؟!!.. لقد قالت منذ لحظات " سوغوي " و هي تعني مذهل أو رائع باللغة اليابانية .. أنه يعجبها حقاً ..! عدت بنظري ناحية سورا التي لا تزال تعانق ريكايل و قد أغمضت عينيها بسعادة بينما نظر هو إلي نظرة توتر وترجي ..! تنهدت حينها : آنسة سورا .. هلا ابتعدتِ عن الفتى ؟!!.. تركته حينها و صافحته بسعادة : أنا سورا ساتوشي .. عمري خمسة عشر عاماً و سأبلغ السادسة عشر بعد شهرين .. و أنت ؟!!.. بتوتر قال : ريـ .. ريكايل براون .. سبعة عشر عاماً ..! صرخت مجدداً بسعادة : مواصفاتك كاملة !!.. ريكي .. أريد أن نكون صديقين !!.. ريكي !!!!.. طفح الكيل !!.. يجب أن أوقف هذا فأنا أعلم أن هذه السورا المجنونة لا تناسبه .. علي مساعدة أخي الصغير بسرعة قبل أن يقع في مشكلة عظمى !!.. لكن .. قبل أن أنطق كان صوت أحدهم : ماذا أرى يا لينك ؟!.. أليس هذا خادمك الوسيم ؟!!.. التفت حالاً إلى اليمين فرأيت تيموثي بابتسامته المغرورة الخبيثة و معه ماثيو الذي بدا بطريقة ما غاضباً و أيضاً روز و ليديا خلفهما ..! تقدم ماثيو ناحيتي و على وجهه ملامح الغضب : لينك .. أليس هذا فتى الكفتيريا نفسه ؟!!.. ببرود قلت : بلا .. إنه هو ..! بدا أن غضبه أزداد لكنه حاول ضبط نفسه : إذاً لما هو هنا ؟!!.. الآن .. سأعود لتمثيل شخصية الشيطان مجدداً ..! أنا واثق بأني لن أخطأ .. لأني اعتدت على هذا الدور منذ سنوات ..! لأنه .. شيطاني الخاص !!.. و بهذا .. ابتسمت بمكر .. و نظرات الغرور قد احتلت عيني .. جمعت كل رفاهية الدنيا في صوتي و أنا أقول : ألم تسمع ما قاله تيموثي ؟!!.. إنه خادمي الخاص ..! شد على قبضته بقوة وهو يقول : ألم يكفيك ما فعلته به يوم الحفلة ؟!!.. أغمضت عيني .. ثم ضحكت ضحكة خبيثة تدل على مدى احترافي : أتعتقد أني قد انتهيت منه ؟!!.. تذكر ماثيو .. أنا السيد مارسنلي .. و من يعارض السيد مارسنلي ...! بمنتهى الجد تابعت : يجب أن يدفع كل ما لديه كثمن !!.. لم يلبث أن أمسك أعلى قميصي بيده و صرخ في وجهي : تسلطك هذا لا يحتمل !!.. أنت بالفعل متحجر القلب !!.. يكفيك تبجحاً فحياة الناس ليست من أملاكك الخاصة ؟!!.. ببرود قلت : لكن هذا الفتى .. ملك لي الآن ..! احمر وجهه إثر غضبه و رفع قبضته الأخرى محاولاً توجيه لكمة مباغتة لي !!.. ضننت للحظات أنها ستصدم بوجهي الآن وقد تهشم فكي لكن .. حدث ما لم يكن في الحسبان ..! كان أحدهم قد أسرع و وضع يده أمام وجهي فتلقى لكمة ماثيو و أمسكها في و هي تبعد حوالي ثلاث إنشات عن وجهي ..! نظرت بطرف عيني .. لأرى أن أخي الأصغر أنقذني في اللحظة الأخيرة و على وجهه علامات جد لم أرها منذ زمن ..! نظر ماثيو ناحية رايل و قال بغضب : لما أوقفتني ؟!!.. هل تهتم بأمر هذا المتحكم المجنون ؟!!.. ترك ريكايل قبضة ماثيو و بحدة بسيطة قال : عذراً .. لكن لا أسمح لك بأذية سيدي !!.. سيد ديمتري ..! بدت الصدمة على ماثيو لدرجة أنه تركني بلا شعور ..! الجميع أيضاً كانوا مصدومين بمن فيهم سورا ..! بكل غرور عدلت قميصي و قلت : عليك أن تعلم ماثيو بأن هذا الفتى في منتهى الإخلاص لي ..! سأذهب لدورة المياه .. ريكايل اتبعني ..! حنى رأسه باحترام : أمرك ..! سرت بخطوات واثقة و أنا أضع يدي في جيبي مبتعداً عنهم و رايل يبعد عني بضع خطوات ..! لكن ما إن صرنا في مكان لا يروننا فيه توقفت حتى وصل هو إلي ثم تابعنا سيرنا متجاورين و لم ينطق أحدنا بحرف ..! كنت أشعر بالتوتر .. أرجوا أن لا يكون رايل قد تأثر بما قلته ..! بتردد مددت يدي و أمسكت بيده و همست : آسف .. على كل ما قلته ..! ما دفعني للاستنكار هو ضحكته الشبه مكتومة ..! التفت ناحيته فنظر إلي بعد أن أوقفها و هو يقول بابتسامة لطيفة مرحه : أنت ممثل بارع يا أخي !!.. يجب أن تدخل مجال الفن ..! بادلته تلك الابتسامة : هل تظن أني مناسب لهذا ؟!!.. - أجل .. على شرط أن تمثل دور الشرير دائماً ..! - يالك من لئيم ..! ضحك حينها بخفة فشاركته تلك الضحكة ..! أنا سعيد .. سعيد للغاية لأن رايل يثق بي ..! قطع ضحكتنا تلك صوت مستنكر من الخلف : لينك !!.. أنا لا أفهم ما يحدث الآن بالضبط ؟!!.. تجمدت للحظات فذلك الصوت صدمني !!.. من ؟!!.. إنه أحد أصدقائي !!.. هل سمع ما قلناه الآن ؟!!.. التفت إلى الخلف بتوتر فرأيت نظرتها الغاضبة نحوي منطلقة من عينيها الزرقاويتين ..! ابتعد رايل بضع خطوات عني حين رآها .. و قد بدا عليه الارتباك ..! هل فشلت خطتنا بهذه السرعة : ليديا أنا ..! قاطعتني بغضب : لم أعتقد بأنك من هذا النوع المتسلط من الناس !!.. ما الذي غيرك فجأة ؟!!.. ألم تقل لي من قبل بأن ريكايل شخص عزيز عليك ..! عزيز علي ؟!.. متى قلتها ؟!!.. تذكرت حينها بأن ليديا تعلم بأني و ريكايل على علاقة جيدة فقد رأته حين أتى لاصطحابي من المدرسة ..! ترددت .. هل أكذب عليها ؟!!.. لا يستحيل !!.. أي شيء إلا ليديا ..! أنقذني رايل مجدداً حين قال بجد : آنسة ليديا .. في الحقيقية أنا و لينك لا نزال على علاقة طيبة ..! لاحظت بأنه ذكر لينك دون سيد كي يثبت كلامه فنظرت ليديا إليه باستغراب : أأنت جاد ؟!.. - بالطبع ..! - إذاً ما معنى الكلام الذي قاله لينك لماثيو قبل قليل ؟!!.. - في الحقيقة .. نحن نريد إخفاء أمر علاقتنا الجيدة .. هل تساعديننا ؟!!.. - تخفونها !!.. لما ؟!!.. - أعتذر .. لا نستطيع ذكر السبب لك الآن ..! التفت ناحيتي باستياء : لينك لا تقل لي بأنك محرج بسبب مهنة ريكايل ؟!!.. تذكر بأنها مهنة شريفة للغاية ..! - الأمر ليس كذلك ليديا .. هناك أمر آخر أهم بكثير .. ثم أن رايل هو من أصر على أخفاء الأمر رغم رفضي لذلك ..! عادت تنظر لريكايل : هل صحيح ما يقوله ؟!.. أومأ إيجاباً فعدت أنظر لليديا : أرجوك لا تخبر أحداً بالأمر .. و تصرفي كأن شيئاً لم يكن فأنا مضطر لمعاملة ريك بقسوة أمامهم ..! تنهدت حينها : لا يمكنني الرفض ..! ابتسم ريكايل حينها : شكراً لك آنسة ليديا ..! بادلته تلك الابتسامة وقد توردت وجنتاها كالعادة : يبدو بأن الأمر الذي تخفون صداقتكما من أجله مهم جداً .. لذا سأساعدكما ..! - إنه لطف منك ..! - لا داعي لهذا .. هيا لينك علينا أن نعود للبقية .. و حاول ألا تستفز ماثيو فهو يبدو غاضباً للغاية عليك ..! ببرود قلت : دعيه منك .. فهو لن يستطيع عمل شيء ..! بجد قالت : ليس عليكما أن تتشاجرا .. ليس من أجلك فقط بل من أجل الجميع حتى لا تفسد الرحلة ..! تجاهلت الأمر لكني تذكرت حينها شيئاً : ليديا أرجوك تصرفي بأمر تلك المجنونة سورا .. لقد تعلقت برايل و أنا أعلم أنها من النوع العنيد الذي لن يتنازل بسهولة ..! أومأت إيجاباً بمرح : لا عليك .. سأبذل ما بوسعي ..! و الآن لينك لنعد للبقية ..! سرنا سوية عائدين نحو باقي المجموعة .. عاد الجميع لغرف الأمانات و أخذوا حقائبهم فأظن أنهم أنهوا التسوق ..! خرجنا جميعاً من المطار وقد قررنا أن نذهب لمكان إقامتنا الذي هو منزل روزاليندا ..! علمت بأن والديها أهديها هذا المنزل في ذكرى ميلادها الأخيرة و اختارا أن يكون في لندن لأنها تحب هذه المدينة وتزورها دائماً ..! لقد كان المنزل من دورين و له حديقة كبيرة و هناك خدم و حراس فيه ..! و قد كان فاخراً و مليئاً بالتحف و يغلب عليه اللون البني و الترابي الفاخر ..! و بما أن روز هي من أقترح أمر الرحلة من البداية .. قررت أن تكون ضيافتنا عليها ..! ............................................. كانت روزا قد جهزت جناحين في كلٍ منهما ثلاث غرف واحد للشباب و واحد للفتيات ..! صعدنا نحن ناحية جناح الشباب بينما ذهب ريكايل مع إحدى الخادمات حتى تدله على غرفته التي ستكون في الدور السفلي ..! كان ذلك الجناح كبيراً و فاخراً .. هناك عدة أرائك تحيط بطاولة من زجاج أمامها شاشة تلفاز كبيرة ..! هناك أيضاً مطبخ تحضيري و قربه طاولة طعام حولها ستة كراسي .. و هناك ثلاثة أبواب في جهات مختلفة من الغرفة ..! كانت تلك الأبواب تطل على الغرف .. في كل غرفة سريران و خزانتان و طاولة تجميل و باب إلى دورة مياه و شرفة تابعة لها ..! وقف دايمن أمامنا و قال بمرح : حسناً .. الغرف اثنان اثنان .. ما رأيكم بأن نقوم بقرعة ..! ببرود ممزوج بالاستياء قال ماثيو : لست موافقاً فأنا لا أريد أن أكون مع هذا المتسلط في غرفة واحدة ..! كان يقصدني بكلامه .. يبدو غاضباً جداً ..! لذا ببرود قلت : أنا أفضل أن أكون مع لوي .. فأنا لم أره منذ زمن و أريد قضاء وقت أكبر معه ..! بابتسامة مغرورة قال تيموثي و هو يدخل يده بين خصلات شعره الرمادية القاتمة الطويلة : أنا لست معتاداً على مشاركة أحد .. أفضل أن أكون وحدي ..! بدا على دايمن التوتر لكنه قال بمرح كي يلطف الجو : حسناً كما تريدون .. نحن في رحلة و نريد أن نفعل ما نشاء ..! إذاً .. أنا و ماثيو معاً .. و لينك و لويفان .. و أنت يا تيموثي يمكنك أخذ الغرفة الأخيرة ..! أومأنا موافقين حينها فطرق الباب .. التفتنا إلى الشخص الذي دخل و قد كان ريكايل ..! تقدم ناحيتنا و حنى رأسه باحترام : آسف على تطفلي ..! بهدوء أجابه ماثيو : لا عليك ..! نظر إلي حينها ليقول : سيدي .. أتريد أي خدمة ؟!.. شعرت بنظرات ماثيو و دايمن الغاضبة تخترق جسدي لكنني تجاهلت هذا و قلت له : اتبعني .. عليك أن تقوم بترتيب ملابسي في الخزانة ..!
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الكيان السعودي العريق | ŖανëŇ | رياضة و شباب | 0 | 08-23-2010 09:11 AM |
ماذا لو حدثت حرب ايران مع حزب الله ضد الكيان اليهودي شو موقف غزة ؟؟ | ميثم84 | حوارات و نقاشات جاده | 1 | 12-19-2009 01:54 AM |
الموقف الشرعي من لقاء شيخ الأزهر برئيس الكيان الصهيوني!!!! | الأمير العمري | نور الإسلام - | 1 | 07-10-2009 10:13 AM |
قادة الكيان الصهيوني ارتكبوا جرائم حرب فتمت محاكمة البشير | fares alsunna | مواضيع عامة | 0 | 03-04-2009 11:03 PM |
جامعة في قطر تفتح أبوابها لطلاب الكيان الصهيونى..!! | أبايحي | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 04-21-2007 08:49 PM |