#66
| ||
| ||
و بعد أن شربناها حتى آخر رشفة خرجنا من المقهى ..! كانت أسير مع ميشيل جنباً إلى جنب و نتحدث في أمور كثيرةً ..! - هل ستعودين للعمل بدءً من الأسبوع القادم ؟!.. - أجل .. لقد أعطاني المدير إجازة حين توفيت أمي .. لكني لا استطيع البقاء حزينةً لوقت طويل حتى لا تحزن أمي هي الأخرى ..! كلما تحدث مع ميشيل و عرفت كم حياتها مليئة بالكفاح تأكدت بأنها تملك قلب عشرة رجال فأنا حتى لم أكن لأصمد كما صمدت هي ضد الظروف ..! ابتسمت هي حينها فجأة : في المرة القادمة .. سنأتي بريكايل و جوليا معنا إلى هنا ..! أومأت إيجاباً و قد ابتسمت أنا الآخر : أجل .. بالتأكيد ..! - كيف حال خالتكم يا لينك .. لم أرها بالأمس حين زرت رايل ..! - لقد سافرت صباح الأمس إلى واشنطن .. و أظنها ستعود هذا المساء .. عملها يفرض عليها الكثير ..! - أجل .. لكن بما أنها تحب عملها فلا بأس ..! إنها شابة نشيطة للغاية .. و هي مرحة و لطيفة كذلك ..! بدا أن ميشيل قد أحبت الخالة ميراي و قد اسعدني هذا بالفعل .. فأنا حين أجلس معها و مع ميراي و ريك و جوليا أنسى كل هموم الدنيا ..! التفت إلى ميشيل و في نيتي سؤالها عن إن ما كانت تريد الذهاب لمكان معين بعد أن نخرج من الحديقة .. لكنني صمت حين رأيت ملامحها الهادئة الشبه مصدومة وهي تنظر أمامها و قد توقفت عن المسير ..! و قبل أن أقول شيئاً سمت صوت أحدهم : أهذا أنت مارسنلي .. تركت رحلتنا كي تقضي وقتك مع فتاة هنا ..! أعرف هذا الصوت .. و أعرف أني أكره صاحبه إلى حد يفوق ثروة مارسنلي ..! التفت ببرود إلى ذلك التموثي البغيض .. لكن برودي تحول إلى استغراب حين رأيت ليديا برفقته و قد كانت تنظر إلي بهدوء ..! . . ميشيل معي .. و ليديا أمامنا ..! ألهذا ميشيل مصدومة ..! . . لكن ليديا ابتسمت حينها : كيف حالك لينك ؟!!.. بهدوء أجبت : بخير .. و أنت ؟!!.. بمرح قالت : بخير أيضاً .. اهذه رفيقتك ؟!!.. إنها جميلة لينك .. هنيئاً لك بها ..! ليديا .. كم أنت عظيمة !!!.. أعلم أن ليديا قالت تلك الكلمات كي تطمئن ميشيل .. و ربما كي تطفأ النار التي قد تكون اشتعلت في قلب ميشيل التي لا شك أنها تذكرت ذلك اليوم حين رأتني و ليديا في المقهى ..! لذا .. قالت هذا الكلام كي تثبت لميشيل أنه لا شيء بيني و بينها بطريقة غير مباشرة ..! ابتسمت لها : شكراً لك ليديا ..! لكن ذلك التيموثي تدخل فجأة : إذاً .. لم تعرفنا على رفيقتك هذه ..! حينها قالت ميشيل بخفوت وهدوء : أدعى ميشيل ..! تقدمت ليديا فوراً و مدت يديها إلى ميشيل : أسمي ليديا .. و أنا زميلة لينك في المدرسة ..! أيمكن أن نصير صديقتين ؟!!.. بدا على ميشيل الاستغراب .. لكن يبدو أنها استشعرت صدق ليديا لذا ابتسمت بهدوء و صافحتها : بالتأكيد يمكن ذلك ..! نظرت إلي ليديا باستياء : لينك كيف يكون لك صديقة لطيفة كهذه و لا تعرفني عليها ..! - أعتذر ليديا .. لم تسمح الظروف بذلك .. لكني سأكون سعيداً لو صرتما صديقتين ..! ابتسمت كلاهما في ذات الوقت فابتسمت أنا الآخر ..! تقدم تيموثي حينها وهو يقول : إنها جميلة و جذابة لينك رغم بساطتها .. لكن بالفعل جمالها مختفٍ خلف تلك البساطة !!.. يا له من وقح بالفعل !!.. و يتجرأ على قول هذا أمامي بتلك النبرة المسمومة !!.. مد يده إلى ميشيل : أنا تيموثي برايان .. مرحباً ..! أرادت ميشيل مصفحته لكني بسرعة أمسكت بيديها و أرجعتها إلى الخلف مما جعلها تستغرب بينما نظر إلي تيموثي ببرود و أعاد يده إلى جيب معطفه الأسود ..! حين شعرت ليديا بسوء الوضع قالت بابتسامة : حسناً .. أنه لمن الجيد رؤيتكما ..! نراك فيما بعد لينك ..! هيا تيموثي ..! سارت بعدها و تيموثي برفقتها بينما سرت مع ميشيل بعيداً عنهما قليلاً ..! و بينما نحن نسير سألت هي بهدوء : تلك الفتاة .. هي ذاتها من كانت في المقهى ..! كنت أعلم أنها ستسأل عن هذا لذا قلت : لقد طلبت مني أمي إجراء مقابلة زواج معها ..! و بينما كنا نتجول معاً دخلنا إلى ذلك المقهى ..! في تلك الفترة كنت مشتتاً بسبب غضبك مني و لأني كنت قد اكتشفت أن رايل هو أخي .. لذا اعتقدت أن ليديا سوف تخرجني من تلك الحالة لأنها بالفعل فتاة طيبة و رائعة ..! لكن كما تذكرين حين رأيتك في المقهى تركتها و تبعتك ..! - و ماذا كان موقفها حينها ؟!!.. ابتسمت حينها و التفت إليها : هل ستصدقين ؟!!.. بدا عليها الاستغراب : لقد وعدتك بأن أصدقك دائماً ..! نظرت إلى الأمام حينها و أنا أقول بابتسامة : لقد قالت لي بأنها أحبتني كصديق و لم تقع في حبي بعد ..! لذا قالت بأنها ستساعدني كي أصلح علاقتي معك ..! و قد فعلت ذلك ..! كانت ميشيل مصدوماً : لا أصدق ..! ضحكت حينها : لقد قلت أنك ستصدقين ..! - لكن .. إنها بالفعل فتاة غريبة !!.. - حسناً .. شيء من هذا القبيل ..! لكنها رائعة فهي دائماً ما تسدي إلي النصائح و تقول بأنها لن ترتاح حتى ترضي أنت عني ..! - لقد شعرت بهذا .. حين صافحتني قبل قليل شعرت بمدى طيبتها و نبل أخلاقها ..! - أجل ..! لقد صارت من أكثر المقربين مني و من ريكايل أيضاً .. إنها تعلم أننا أخوان و تعلم بأني لست ابن مارسنلي حقاً ..! كذلك هي تعرف جوليا و أطفال الملجأ ..! قطبت ميشيل حاجبيها باستياء : كل هذا يحدث من دوني !!.. حتى أختي تعرف كل شيء و أنا دائماً آخر من يعلم ..! ضحكت حينها بخفة فقد بدت غاضبةً بالفعل : أنا آسف .. لكنك لم تعطني فرصة لأخبرك بشيء .. لكن من الآن فصاعداً فأنت ستعرفين كل شيء أولاً بأول ..! ابتسمت حينها بهدوء لكنها لم تلبث أن حولت ابتسامتها إلى نظرة شك باردة : لينك .. لما منعتني من صافحة ذلك الشاب ..! توترت لحظتها لكني قلت بهدوء : أنا لا أحب ذلك الفتى .. منذ كنا طفلين و نحن عدوان ..! إنه مغرور و لعوب للغاية ..! و كلامه مسموم أيضاً ..! تحولت نظرة الشك إلى استغراب : المصافحة أمر طبيعي .. فلا بأس بمصافحة من تكرههم حتى ..! - لا أعلم .. لكني لا أريد منه أن يتعرض لك ..! إنه أكثر شخص أمقته في هذا العالم ..! بدت مستغربة و لكنها لم تعلق ..! حينها طرأت في بالي فكرة .. التفت إلى ميشيل و قتل بحماس : ميشيل ما رأيك أن نزور منزلي الآن ..! نظرت نحوي مصدومة : نذهب لقصر مارسنلي ؟!!.. - أجل ..! - أجننت لينك !!.. - لما لا ؟!!.. فقط قليلاً .. أمي لا تكون في المنزل هذا الوقت ..! هيا ميشيل سوف أريك صوراً لي مع لويفان حتى تصدقي ..! - يستحيل لينك .. إنه أمر صعب ..! - هيا لن يحدث شيء .. سيكون الأمر ممتعاً صدقيني ..! - لكن لينك .. أنا لا أتجرأ على دخول قصر كبير ..! - لقد ذهبت لقصر رافالي مسبقاً .. ليس هناك فرق كبير بين قصرنا و قصرهم ..! تنهدت حينها و اخذت تفكر للحظات قبل أن تقول : موافقة لكن بشرط .. لن يعلم أحد بهذا .. و لن نبقى لوقت طويل ..! أومأت موافقاً بحماس : بالتأكيد ..! ................................................ كنت قد وصلت إلى بوابة القصر التي فتحها الحارس العجوز و حينها سألته : هل عادت أمي من العمل ؟!.. أومأ سلباً : لا سيدي .. لم تعد بعد ..! ابتسمت حينها : حسناً .. حين تعود لا تخبرها بأن هناك فتاة معي ..! أومأ إيجاباً بابتسامة : على عيني ..! حركت سيارتي حينها إلى داخل القصر .. خلال الفترة الأخيرة اكتشفت بأن الخدم و الخادمات عندنا لطيفون للغاية ..! وصلت إلى مربض السيارات و نزلت منه مع ميشيل التي بدا عليها الخوف : لينك أنا أنسحب .. لنخرج في الحال ..! باستياء قلت : لا يمكن ميشيل .. لقد وصلنا إلى المنزل أخيراً ..! بدا عليها الخوف و لكني امسكت بيدها و أنا أقول : أتبعيني ..! سرت معها بهدوء حتى وصلنا إلى الحديقة .. حينها رأيت إحدى الخادمات قف قرب حوض الزهور لكنها ما إن انتبهت إلي حتى قدمت ناحيتي : أهلاً بعودتك سيد لينك ..! - أين جيسكا ؟!!.. - إنها في الداخل .. هل أخبرها بأنك عدت ؟!!.. - لا .. أسمعي أريد التسلل إلى الداخل دون أن تعلم بأني هنا .. هل تساعدينني ؟!!.. اومأت إيجاباً : بالطبع .. حسناً .. سوف أناديها إلى هنا و حينها أدخل أنت من باب الحديقة ..! بدت فكرة جيدة : حسناً ..! سارت بعدها نحو الباب الرئيسي بينما سرت أنا و ميشيل إلى الحديقة الجانبية حيث بركة السباحة و القبة الحجرية ..! كنت أستطيع سماع صوت الخادمة و هي تقول : سيدة جيسكا .. هناك أمر غريب هنا ..! سمعت بعد لحظات صوت جيسكا وهي تقول : ماذا هناك ؟!!.. لقد خرجت أذاً .. ألتفت إلى ميشيل : هيا بنا ..! أومأت إيجاباً بتوتر فسرت معها بسرعة إلى الباب الكبير المطل إلى الحديقة و منه دخلنا إلى الردهة الكبيرة و ركضنا فوراً باتجاه المصعد ..! طلبته حينها و من الرائع أنه فتح فوراً ..! ركبت و ميشيل معي و حين أغلق الباب استندت إلى الجدار و أنا التقط أنفاسي ..! كانت ميشيل هي الأخرى تلتقط أنفاسها : من هي تلك المدعوة جيسكا ؟!!.. ضغطت على زر الدور الثالث و أنا أقول : إنها وصيفة أمي العجوز التي لم تتغير قسمات وجهها منذ عرفتها .. لقد كنت أراها في كوابيسي حين كنت طفلاً ..! قطبت حاجبيها : لهذه الدرجة تخاف منها ..! وصلنا إلى الدور الثالث فسرت مع ميشيل ناحية غرفتي : ليست مسألة خوف .. لكنني كنت دوماً أفكر في أنها قد تكون ألية أو مخلوقاً من الفضاء .. فهي لم تبتسم يوماً لأحد ..! ضحكت حينها ميشيل بخفة : يا إلهي .. أي نوع من الأطفال كنت يا لينك ..! ابتسمت حينها : سأعترف .. كنت طفلاً لا يترك فستان أمه إذا كان هناك الكثير من الناس حوله ..! بسخرية قالت : لم أعلم أنك جبان ..! - كنت كذلك حين كنت طفلاً .. لكنني الآن أشجع من الأسود ..! - أتمنى أن تكون كذلك فعلاً ..! - أتشكين ؟!!.. - لا .. لكنني أرجوا أنك لا تبالغ ..! وصلنا حينها إلى باب غرفتي ففتحت الباب و قلت بنبرة لبقة : تفضلي يا آنستي ..! دخلت حينها و هي تنظر حولها بهدوء ..! دخلت أنا خلفها و أغلقت الباب : ما رأيك ؟!!.. التفت إلي بابتسامة : أذاً فغرفتك أشبه بالشقة المنعزلة عن المنزل ؟!.. - تستطيعين قول هذا ..! - أنتم الأغنياء غريبون .. لما تضع مطبخاً في غرفتك بما أن هناك مطبخاً للقصر ..! - حين أعد فنجان قهوة لا أكون مضطراً للذهاب للمطبخ الرئيسي ..! - هكذا إذاً ..! أخذت تنظر حولها للحظات فانتبهت إلى رف على الجدار قرب الطبخ و قد كان هناك بعض الصور في اطارات عليه ..! سارت ناحيته و أنا خلفها ..! كانت تنظر إلى تلك الصورة في الوسط كما نظرت أنا أليها ..! لا أذكر هذه الصورة .. فأنا كنت طفلاً في الثانية من عمري ..! لكن أبي كان يقف حينها ببدلته الرسمية السوداء و هو يحملني بين يديه و يضحك لي و قد وقفت أمي بجواره بفستانها الأبيض اللطيف مع قبعة القش التي كانت على رأسها و هي تنظر إلي بابتسامة .. أما أنا فقد كنت صغيراً جداً و ارتدي بنطالاً قصيراً بلون أزرق و قميص أبيض قصير الأكمام وقد كنت حينها أضحك بالفعل في وجه جاستن ..! بابتسامة قالت ميشيل : هل هما السيد و السيدة مارسنلي ؟!!.. أومأت إيجاباً : أجل .. قالت أمي بأنها ذهبت إلى منزلنا الصيفي في الريف الفرنسي و أخذتني معها .. لكن أبي لم يتمكن من الذهاب بسبب عمله .. إلا أنها تفاجأت به يلحق بنا بعد بضع ساعات .. وقد التقطت هذه الصورة في لحظة وصوله ..! كان هذا قبل شهرين فقط من اصابة أبي بالمرض الذي أودى بحياته ..! بدا الهدوء على ميشيل وقد تمتمت : إنها صورة جميلة .. والداك يبدوان لطيفين ..! ابتسمت حينها : إنهما كذلك بالفعل ..! حينها بمرح قالت : لكنك تبدو لطيفاً للغاية و أنت صغير يا لينك ..! أردت أن أرد عليها لولا أن أحدهم طرق الباب حينها و بعدها ذلك الصوت اللطيف : بني .. أأنت بالداخل ؟!!.. شهقت بفزع بينما تراجعت ميشيل إلى الخلف : من ؟!!.. نظرت إليها و همست : إنها أمي .. اختبئي بسرعه !!.. أومأت موافقة و ركضت إلى المطبخ التحضيري و جلست أرضاً حيث لا تظهر من خلف ذلك الجدار الصغير ..! أسرعت أنا بالقول : تفضلي ..! فتحت الباب و دخلت وهي تقول : لما تأخرت بالرد ؟!!.. كانت نبرة شك بينما ابتسمت أنا ابتسامة عريضة : لم أتأخر ..! لكنها حينها دخلت و جلست على إحدى الأرائك فتقدمت و جلست بجوارها : أمي لقد عدت مبكراً من الشركة اليوم ..! أومأت إيجاباً : صحيح .. لقد أخبرني أدريان بأنه سيهتم بباقي الأعمال ..! - هكذا إذاً ..! - حسناً عزيزي .. سيبدأ النصف الثاني من المدرسة قريباً فهل أنت مستعد ؟!!.. - اعتقد ذلك ..! - اه صحيح .. قبل أن أدخل سمعتك تتحدث إلى أحدهم ..! شعرت بالارتباك حينها فقلت : كنت أتحدث بالهاتف ..! بدا عليها الشك : حقاً ؟!.. بتوتر أومأت إيجاباً فقالت هي : لينك أنا أمك فلا تكذب علي ..! يا إلهي .. ما هذه الورطة : أمي لما أكذب عليك .. كنت أحدث أحد الأصدقاء بالهاتف ..! ابتسمت حينها بمكر قبل أن تقول : إذاً لن تخبرني أين اختبأت الفتاة التي كانت معك هنا ..! . . . و لكم أن تتخيلوا مقدار صدمتي !!.. من أخبرها ؟!!.. . . . حاولت قدر الامكان السيطرة على ملامحي المصدومة و قلت : أي فتاة ؟!.. هل تمزحين ؟!!.. من هي هذه الفتاة التي ستصل إلى غرفتي ..! بذات مكرها قالت : لا أعلم .. ربما الفتاة التي خطفت قلبك ..! - أمي ماذا تقولين ؟!!.. لا توجد أي فتاة هنا ..! يبدوا أنك متعبة من العمل و يجب أن ترتاحي ..! - و أنا لن أخرج حتى أرى هذه الفتاة التي وصلت لغرفتك ..! يا إلهي .. كيف سأتصرف الآن .. يبدو أنها واثقة من كلامها ..! حينها قلت : أخبرتك أني لم أحضر أي فتاة إلى هنا ..! لكنها حينها أظهرت استياءها : لم أعتقد أنك ستكذب علي يوماً يا لينك .. رغم كل ما بذلته في تربيتك ..! أوشحت بوجهها مستاءه ..! كيف أتصرف الآن ؟!!.. لا يمكنني أن أتركها تغضب مني ..! ليس هناك سوى حل واحد ..! أخذت نفساً عميقاً ثم قلت بتوتر : حسناً .. كيف علمت أن هناك فتاة في غرفتي ؟!!.. التفت حينها بسعادة : الخادمات لا يستطعن الكذب علي !!... سحقاً !!!.. لقد كانت تمثل حتى تجبرني على الاعتراف ..! وقفت حينها و سرت ناحية المطبخ التحضيري و فور أن دخلت رأيت ميشيل تجلس على الأرض و قد التفتت نحوي و نظرت إلي باستياء ..! جثيت قربها بتوتر و همست : أعتذر .. لم استطع الكذب عليها أكثر ..! همست هي بانزعاج : لقد وعدتني بأنه لن يعلم أحد بذلك ..! - ميشيل أرجوك أعذريني .. أنها أمي و لا استطيع أن أخدعها ..! تنهدت حينها فوقفت و وقفت هي الأخرى ..! أمي أيضاً وقفت حين رأتنا فسرت مع ميشيل حتى خرجنا من المطبخ التحضري ..! كانت أمي تنظر إلى ميشيل بهدوء ..! لكنها سرعان ما ابتسمت بخبث و نظرت إلي : حسناً لينك .. ما الذي تفعله هذه الحسناء في غرفتك ..! أخذت نفساً عميقاً و قلت : الحقيقة يا أمي أني أعرف كل الأمور التي اختلطت في رأسك الآن لكني أأوكد لك أن أحدها ليس صحيحاً ..! كل ما في الأمر أن هذه الفتاة هي قريبة ريكايل و قد أحضرتها إلى هنا كي أريها صوراً لي مع لويفان بعد أن رفضت التصديق بأنه صديقي ..! قطبت أمي حاجبيها : أأنت متأكد أن هذا كل ما في الأمر ؟!.. أومأت إيجاباً : أجل .. حسناً أنت لم تتعرفي عليها بعد ..! بهدوء حنت ميشيل رأسها و هي تقول : مرحباً سيدتي .. أنا أدعى ميشيل .. و أنا أخت ريكايل بالتربية ..! تغيرت ملامح أمي حينها إلى الحزن وهي تقول : قلت أخت ريكايل .. يا إلهي عزيزتي تعازي الحارة في وفاة والدتك ..! رفعت ميشيل رأسها و قالت بابتسامة هادئة : شكراً لك سيدة مارسنلي ..! - لا شك أنك عانيتي الكثير بدونها ..! - كانت الأيام الماضية صعبةً للغاية .. لكن ريكايل و لينك ساعداني على تخطي حزني ..! تقدمت أمي أكثر ناحيتها و احتضنتها حينها و هي تقول بنبرة حانية : أعلم كم الأمر صعب .. أنا أيضاً فقدت والدتي مسبقاً في سن مبكرة .. عزيزتي ميشيل يمكنك أن تناديني بخالتي من اليوم فصاعداً ..! كنت هادئاً حينها و لم أنطق .. أعرف كم تأثرت أمي بهذا ..! لقد عانت من فقد والديها مسبقاً و من فقد أبي لذا هي تعرف ما معنى الفراق إلى الأبد ..! أما ميشيل .. فقد دمعت عيناها حينها و سالت على وجنتيها .. يبدو أن حضن أمي ذكرها بحضن الخالة آنا ..! لكنها حينها تمتمت بنبرة مخنوقة : شكراً لك .. خالتي ..! كان واضحاً جداً .. أنها كانت تحاول منع نفسها عن البكاء .. بأي طريقة ..! .................................................. ...
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#67
| ||
| ||
كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءاً بينما كنت أقود سيارتي الفراري و معي ميشيل كي أعيدها إلى منزلها ..! لقد بكت اليوم بالفعل في حضن أمي و لا أخفي عليكم أن أمي بكت هي الأخرى معها ..! و بعد تلك الحالة التي استمرت لدقائق جلسنا سويةً نشرب القهوة في غرفتي و قد حاولت جهداً إبعاد سحابة الحزن عنهما و من الجيد أني تمكنت من ذلك ..! ها قد وصلت إلى الحي الذي يحتضن منزل ميشيل .. و قبل أن نصل إلى هناك قالت هي بابتسامة و هدوء : لديك أم رائعة يا لينك ..! ابتسمت حينها : الجميع يقول ذلك ..! - لا الومك على تعلقك بها و محاولة ارضائها ..! - لقد فعلت الكثير من أجلي رغم أني لست أبنها الحقيقي .. لكنها لم تشعرني يوماً بهذا بل لطالما اعتبرتني ابنها الوحيد ..! - لينك .. لا تفرط بها ابداً ..! - بالتأكيد .. إنها أغلى شيء في حياتي ..! وصلت حينها إلى منزلهم فأوقفت السيارة عند الباب و حينها فتحت ميشيل بابها و هي تقول بابتسامة لطيفة : شكراً على كل شيء اليوم ..! - لا تشكريني .. فقد استمتعت معك كثيراً ..! - إلى اللقاء .. تصبح على خير ..! - ليلة سعيدة ..! أغلقت الباب حينها و راحت تصعد درجات السلم بخفة ثم دخلت المنزل و أغلقت الباب بعد أن لوحة لي ..! حركت سيارتي حينها عائداً لمنزلنا و أنا أفكر بقدر سعادتي لأن أمي أحبت ميشيل و كذلك العكس ..! .................................................. ...... لقد مضى شهر على الأحداث الأخيرة ..! لقد مر ذلك الشهر بسلام تام ..! . ريكايل كان قد خرج من المشفى و صحته جيدة و قد عاد لممارسة نشاطاته اليومية ..! . أنا عدت للمدرسة و أيامها و إلى أصدقائي أما علاقتي مع ماثيو فتزداد سوءاً يوماً بعد يوم على الرغم من أنه لم يلتقي بريك منذ رحلة لندن ..! . ميشيل لا تزال تكافح في حياتها .. تدرس في الصباح في احدى مدارس حيهم و تعمل بعد المدرسة حتى الغروب في أحد المطاعم الصغيرة ..! . جوليا أيضاً تدرس في الصباح و بعد المدرسة تقضي وقتها في الملجأ تساعد بالاهتمام بالأطفال ..! . خالتي ميراي على حالها دائمة السفر و تلتقي بنا من فترة إلى أخرى فنخرج سويةً و في احيان تخرج ميشيل معنا و كذلك جوليا ..! لكنها أنبتني بشدة لما كنت أفعله بريكايل قبل معرفتي بأخوتنا ..! . جين و باقي الأطفال بخير تام و هم سعيدون كثيراً بحياتهم في الملجأ مع الآنسة جيني و الآنسة جينا ..! . ليديا تقضي أيامها مثلي في المدرسة و نحن نمضي الكثير من الوقت معاً .. لقد لاحظت كم يحاول تيموثي الاقتراب منها .. لكنها أخبرتني بأنها لا تحمل أي مشاعر له بل أنها تعامله كصديق فقط ..! و في الحقيقة شيطاني سعيد بهذا !!.. . لوي أيضاً لم تتغير حياته و هو الآن يقوم بتمثيل ذلك الفلم المرعب الذي وقع عقده بعد عوته من لندن .. وقد وعدني بزيارة قريبة لباريس ..! . و لكن .. هناك شخص ليس على ما يرام .. إنها أمي ألينا !!.. لقد بدت متوترة و حزينة في الآونة الأخيرة .. رغم محاولاتي الكثيرة لمعرفة المشكلة إلا أنها دائماً كانت تطلب مني أن لا أقلق عليها ..! و ما يغيظني أكثر أن أدريان البغيض يعرف سبب حزنها و يرفض أخباري ..! . لقد تساقط الثلج و ملأ باريس بحباته البيضاء التي تواجدت في الطرقات و على سطوح المنازل و في كل مكان على هذه الأرض الواسعة ..! إنه الشتاء البارد من جديد ..! لكني لم أعرف أطلاقاً كم ستتغير حياتي خلال هذا الشتاء !!.. و كيف سينقلب حالي .. من حال إلى حال أخرى تماماً !!.. و كم ستكون معاناتي كبيرة في هذا الشتاء القارص !!.. ................................................
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#68
| ||
| ||
part 27 شعرت بأحدهم يهزني برفق : لينك .. هيا لقد حل الصباح ..! فتحت عيني بانزعاج و سحبت الغطاء إلى رأسي : أوه رايل .. ابتعد و دعني أكمل نومي ..! لكنه سحب الغطاء عني و هو يقول بصرامه : استيقظ فلديك مدرسة اليوم ..! بخمول نهضت من سريري الذي يعز علي فراقه الآن .. لكني مجبر على هذا فلدي امتحان مهم اليوم و لا يمكنني التغيب عنه ..! اتجهت إلى دورة المياه في الحال استحممت بمياه ساخنة ثم خرجت و ارتديت ملابس المدرسة و مشطت شعري بعد تجفيفه و ارتديت حذائي و خرجت إلى الجناح حيث ريك قد حضر الافطار ..! و بعد الانتهاء منه حان وقت الذهاب إلى المدرسة ..! كان اليوم روتينياً للغاية .. حتى الآن ..! نزلت مع رايل من خلال المصعد و قبل أن أغادر المنزل اتجهت لمكتب أمي التي لم تعد تذهب للشركة مبكراً هذه الفترة ..! طرقت باب المكتب بضع طرقات و سمعت الأذن بالدخول ..! و حين دخلت كانت أمي تجلس خلف مكتبها و أمام المكتب كان أدريان واقفاً ..! التفت ألي و قالت باحترام : صباح الخير سيدي ..! ببرود قلت : صباح الخير ..! وجهت بصري إلى أمي التي كانت تنظر إلي بابتسامة رغم وجهها الشاحب ..! شعرت بالقلق عليها لكنني سرت بخطوات هادئة ناحيتها حتى وصلت إليها ..! انحنيت و قبلت جبينها و أنا أقول : صباح الخير أمي ..! بصوت مبحوح أجابتني : صباح الخير عزيزي .. ستذهب الآن للمدرسة ؟!.. أومأت إيجاباً و أنا أقول بقلق : أمي .. عليك أخذ اجازة اليوم فأنت تبدين مرهقة كما أنك لم تأخذي قسطاً كافياً من الراحة منذ أيام ..! صوتك مبحوح و حرارتك مرتفعة ..! لكنها حينها قالت بابتسامتها الحانية : لا تقلق لينك .. أنا بخير ..! باستياء قلت : أي خير ؟!!.. يحق لي أن أقلق عليك كما تقلقين علي .. أرجوك أمي .. لا يوجد شيء يستحق أن ترهقي نفسك من أجله و لا حتى أعمال الشركة ..! بداً من اليوم سأساعدك في العمل إن كنت تريدين ذلك .. المهم أن ترتاحي ..! وقفت حينها و احتضنتني بهدوء و هي تمتم : لا يا بني .. أخبرتك بأني بخير ..! لا تقلق أرجوك عزيزي لينك ..! المهم أن تنتبه لدراستك الآن ..! و قبل أن تبتعد عني تماماً طبعت قبلة حانية على وجنتي ثم قالت بابتسامة : لكني أعدك بأني سآخذ إجازة الأسبوع القادم و سنذهب معاً لمنزلنا الشتوي ..! لم أعلم ماذا أقول لكني أومأت إيجاباً و قلت : سأعتبره و عداً منك ..! و الآن إلى اللقاء ..! بذات ابتسامتها : وداعاً ..! سرت بعدها مغادراً المكتب .. و لا أعلم لما أخذت كلمة وداعاً تدور في خاطري ..! لطالما قالت لي " إلى اللقاء " .. " مع السلامة " .. لكنها لم تقل " وداعاً " من قبل ..! لا أعلم إن كان يجب علي القلق من هذا كثيراً .. لكنني رغم ذلك تابعت سيري إلى الخارج حيث ريك ينتظرني قرب السيارة ..! ................................................ كنت أجلس في صفي شارد الذهن غير منتبه لأستاذ الفيزياء الذي يشرح مسألةً على اللوح ..! و قد شغل تفكيري موضوع والدتي التي بدت شاحبةً للغاية هذا الصباح ..! رن الجرس حيناً مما ايقظني من شرودي بينما قال المعلم بهدوء : سنتابع الدرس غداً ..! خرج بعدها من الصف تبعه الطلاب بالخروج حيث كان وقت الاستراحة قد بدأ ..! شعرت بأحدهم يقف بجواري و يربت على كتفي : لينك .. ما بك اليوم ؟!!.. رفعت رأسي قليلاً فرأيت دايمن الذي بدا عليه الاستغراب .. وقفت حينها و أنا أقول : لا شيء .. اشعر بالتعب لأني تأخرت في السهر ليلة الأمس ..! كانت كذبةً تلك التي اطلقتها لكنها خياري الوحيد للهرب من هذه المسألة ..! وقفت حينها و خرجت من الصف بلا شعور لكني قررت ان أذهب للحديقة الصغيرة التي تخصني لأجلس و ارتاح قليلاً ..! لكني فور أن سرت بضع خطوات حتى التقيت أحدهم في طريقي ..! ابتسمت ليديا لي بلطف : صباح الخير لينك ..! لم استطع ان ابتسم لكني رددت عليها بهدوء : صباح الخير .. ليديا ..! سرت قليلاً فسارت بجواري وهي تقول بقلق : ما بك ؟!.. أأنت مريض ؟!!.. أومأت سلباً : لا .. لكني اشعر ببعض الارهاق ..! - لينك الأفضل أن تعود لمنزلك الآن .. فأنت لا تبدو بحال جيدة ..! - لدي امتحان في الحصة الخامسة لذا لا استطيع المغادرة ..! قبل أن ترد علي سمعنا صوتاً يخرج من تلك الأجهزة التي توزعت في كل زاوية من زوايا المدرسة : انتباه .. ارجو من السيد لينك مارسنلي التوجه إلى غرفة الإدارة ..! أكرر .. ارجو من السيد لينك مارسنلي التوجه إلى غرفة الإدارة ..! قطبت حاجبي متعجباً .. ماذا يريدون مني ؟!!.. ليديا ايضاً بدت مستغربه : ماذا يريد المدير منك ؟!.. بقلق قلت : لا أدري ؟!!.. - ألم يحدث هذا من قبل ؟!!.. - عادةً يرسل المدير احدهم لاستدعائي إذا اراد مناقشتي بأمر يخص المدرسة .. لكنه لأول مرة يستدعيني علناً هكذا ..! - اذاً أذهب ولتعرف ما الأمر .. و طمئني ..! - حسناً ..! قلت هذه الكلمة و انا اسرع إلى الدرج كي انزل إلى الدور الأول حيث غرفة الادارة ..! و بعد السير في عدة ممرات و نزول السلالم و صلت إليها ..! طرقت الباب طرقتين فسمعت حالاً اذناً بالدخول ..! ما إن فتحت الباب حتى رأيت المدير يجلس خلف مكتبه بشعره البني الممزوج بخصلات بيضاء من الشيب اضافةً إلى نظارة طبية ..! وقد كان ينظر إلي بهدوء ..! لكني لم ألق بالاً بل شغلت نفسي بالنظر مستنكراً إلى الشخص الآخر الذي كان ينظر إلي ببساطة ..! انتبهت للمدير الذي قال : تفضل سيد مارسنلي ..! دخلت حينها و اغلقت الباب و سرت ناحية الشخص الآخر بلهفة و أنا أقول بقلق : ما الأمر ريكايل ؟!!.. لما أنت هنا ؟!!.. بهدوء قال : في الحقيقة .. جئت لاصطحابك من المدرسة ؟!.. - ولما في هذا الوقت المبكر ؟!.. - لا أعلم .. لكن أدريان طلب مني أن احضرك بسرعة ..! - أدريان !!.. ريك هل حدث شيء ؟!!.. - لست أدري .. فأنا بعد أن أوصلتك للمدرسة ذهبت للملجأ و هناك تلقيت اتصال أدريان ..! شعرت بقلق شديد فهذا يحدث معي للمرة الأولى ..! لكن ريك حينها قال بنبرة جادة : لنذهب و نرى ما الأمر .. فربما لا يكون بذلك السوء ..! اومأت ايجاباً بتردد رغم خوفي الشديد من القادم ..! اخبرت المدير بأني سأغادر و أن لدي امتحان فأخبرني بأنه سيخبر المعلم بذلك فيؤجل لي الامتحان حتى الوقت الذي يناسبني ..! خرجنا من غرفة المدير : حسناً .. سأذهب لصفي كي احضر حقيبتي ..! - أيمكنني القدوم معك ؟!!.. - يمكنك أن تسبقني للسيارة ..! - لكني اريد أن آتي معك ..! - ريك ما بك ؟!.. لما كل هذا الاصرار ؟!!.. بدا عليه التوتر .. أشعر أنه يخفي شيئاً .. لكنه رغم ذلك قال : أريد أن آتي معك فحسب .. هيا أخي حتى لا نتأخر ..! أنه غير طبيعي أطلاقاً .. حتى قوله كلمة أخي في هذا المكان .. ريك لا يقولها إلا إن كنا وحدنا .. لكن في هذه المدرسة المزدحمة يمكن لأي شخص أن يسمعنا ..! ربما هو يعلم ما الذي يريده ادريان ..! عموماً تنهدت بتعب و قلت : كما تريد ..! سرت بعدها ناحية صفي و قد كان الطلاب في كل مكان حولنا بما أنه وقت الاستراحة ..! الجميع كان يحدق بي و بريكايل ..! أعلم أنهم جميعاً يقولون في أنفسهم " انهما متشابهان كثيراً .. لكن السيد مارسنلي ليس له اخوة .. كما أن هذا الفتى الآخر يبدو كخادم له .. أجل تشابههما مجرد صدفه " !!.. أنا أرجوا حقاً أن لا يتقدم أحدهم و يسألني عن رايل لأني لست بمزاج جيد للإجابة ..! وصلت لصفي وفور أن دخلت كان ماثيو و دايمن اللذان لا يزالان هنا في استقبالي ..! قبل أن يقول احدهما شيئاً أنتبها لريكايل الذي وقف قرب الباب بينما اتجهت أنا لمقعدي كي أجمع أشيائي ..! لم يكن مقعدي بعيداً لذا تمكنت من سماع ماثيو و هو يقول : صباح الخير ريكايل .. كيف حالك ؟!!.. و ببرود رد عليه أخي : صباح الخير سيد ديمتري .. أنا بخير .. شكراً لسؤالك ..! - غريب وجودك هنا .. أهناك شيء ؟!!.. - لا .. شعر سيدي ببعض التعب فجئت لاصطحابه إلى المنزل ..! - ألم تغير رأيك في مكان عملك ؟!.. - أطلاقاً .. عذراً سيد ديمتري .. لكنني لا أفكر في ترك العمل عند مارسنلي ..! - عموماً أنا لا أريد أن أجبرك .. لكن تذكر بأني سأستقبلك في الوقت الذي تشاء ..! قبل أن يرد ريكايل عليه قلت أنا ببعض الانفعال : ماثيو .. أخبرتك عدة مرات بأن لا تتدخل في عمل ريكايل .. لقد قال بأنه سيبقى للعمل عندي لذا لا داعي لأن تحاول تغير رأيه فهو لن يتغير ..! كنت بالفعل في مزاج سيء و كلامه أثارني أكثر .. لكنه نظر إلي باستحقار و قال : كل ما اردت فعله هو انقاذه من واقعه البائس ..! كدت أرد عليه لكن رايل قال حينها : سيد ديمتري .. عذراً لكني لا أود أن تقول هذا عن واقعي الذي لا تعرفه أنت ..! كان رده جريئاً للغاية .. لكنه أعجبني بالفعل ..! بينما بقي ماثيو صامتاً للحظات قبل أن يقول : ليس من الضروري أن أشهد واقعك فهو واضح على وجهك .. عموماً إن كنت لا تريد ذلك فلا بأس .. احترم رغبتك ..! و إن أردت تغير رأيك فأنا لم اسحب عرضي بعد ..! حملت حقيبتي لحظتها : هيا بنا ريكايل ..! قبل أن أخرج قال دايمن بقلق : لكن لينك ماذا عن الامتحان ؟!.. ببرود قلت : سأقدمه لاحقاً .. أراكم فيما بعد ..! قلت هذه الكلمات و أنا أخرج من الصف و رايل خلفي ..! لا أعلم لما أصر على ملازمتي ؟!.. لكن يبدو أنه قلق بشأن شيء ما و يخشى أن أعرف ما هو و هو بعيد عني ..! يا الهي .. أرجوا أن لا يكون الأمر بذلك السوء ..! .................................................. ........ كنت أجلس بجانب مقعد السائق شارد الذهن بينما ريكايل يتولى القيادة ..! أنا بالفعل قلق .. ماذا يريد أدريان ؟!.. أيعقل أن أمراً ما أصاب والدتي ؟!!.. شعرت بالرعب بمجرد التفكير بهذا لذا طردته من ذهني ..! أسندت رأسي إلى المقعد و أغمضت عيني لوقت و أنا أفكر كم بدت أمي محبطةً في الآونة الأخيرة ..! مضى بعض الوقت حينها قبل أن أشعر بتوقف السيارة و اسمع صوت ريك وهو يقول : وصلنا ..! فتحت عيني حينها و نظرت إلى الخارج لأصدم : أين نحن ؟!.. هذا ما قلته حين علمت بأن هذا ليس مرآب قصرنا ..! لكن ريك طأطأ رأسه للحظات وهو يقول بنبرة ثقيلة : نحن .. في المشفى ..! خفق قلبي حينها فهتفت فيه فزعاً : لما نحن في المشفى ؟!!.. هل أصيبت أمي بمكروه ؟!!.. تكلم ريكايل ..! بدا عليه التوتر لكنه أخذ نفساً عميقاً قبل أن يقول : لينك .. لا احتمل اخفاء الأمر عنك لذا سأقول الحقيقة ..! كلامه أرعبني بالمرة !!.. لكنني لم أنطق بحرف بل حاولت تمالك أعصابي بينما التفت ريك ناحيتي و قد بدا عليه الألم و الحزن وهو يقول : اتصل بي ادريان .. و طلب مني احضارك للمشفى ..! حين سألته عن السبب أخبرني بأن .. بأن ..! صمت حينها فصرخت بخوف : ماذا حدث لأمي ريك ؟!!.. نظر إلي حينها بجد يخفي خلفه توتره و قال : تعرضت لحادث سير !!.. لا أعلم ما الذي جرى لي لكني شعرت بدوار فضيع لحظاتها و رفعت يدي لرأسي و قلبي يكاد ينفجر من قوة نبضة و بخفوت سألت : هل هي .. بخير ؟!!.. كان الحزن القاتل واضحاً على ريك الذي أخذ نفساً عميقاً قبل أن يقول بنبرة متألمة : جيسكا كانت معها .. لقد .. لقد اصيبت جيسكا اصابةً بالغةً في الحادث مما أدى إلى .. وفاتها مباشرةً !!!!!!!.. جيسكا .. توفيت !!!.. شهقت حينها بشكل لا شعوري و انتابني ألم فضيع في رأسي حتى أن دموعاً سالت من عيني اللتان أغمضتهما بقوة للحظة ..! كان قلبي ينبض بعنف و أنا أتخيل صورة جيسكا أمامي !!.. كيف حدث هذا بهذه السرعة ؟!!.. أشعر أني في حلم ..! رغم ذلك .. حاولت اخراج صوتي بصعوبة و أنا أقول : و أمي ؟!.. كان هناك شيء يلمع في عيني ريك .. لم تلبث أن سالت على وجهه بانحدار .. أهي دموع ؟!!.. إنها تبدو كذلك ..! صوت رايل بدا مخنوقاً و مكتوماً للغاية و هو يقول : لقد نقلت السيدة إلينا للمشفى ..! لينك .. السيدة ألينا .. لقد ..! سالت دموعي أكثر و أغلقت عيني بشدة .. أشعر بما سيقوله الآن لكني أتمنى أن لا يقولها ..! حاولت أن انطق و أطلب منه أن يصمت .. لكني لم استطع إخراج صوتي ..! كنت أمسك رأسي بشدة بيدي و قلبي يرجوا الرحمة .. لكن رايل حينها رما بي إلى نار مشتعلة و هو يقول بصوته المتألم المكتوم : لقد .. لقد توفيت السيدة إلينا يا لينك ..! فارقت الحياة .. إلينا مارسنلي !!.. لم تعد موجودة في حياتي !!.. رحل أغلى شخص يا لينك !!.. أمي ..! لقد شعرت بها طيلة اليوم ..! كلمة " و داعاً " .. لم يكن احساسي بمرارتها خاطئاً ..! أمي إلينا .. رحلت .. توفيت .. ماتت .. ماذا أقول ؟!!.. لقد فقدتها .. كما فقدت أمي نيكول من قبل ..! ماذا أفعل ؟!.. كلاهما ذهب ..! إيان .. نيكول .. جاستن .. إلينا .. جميعهم رحلوا واحداً تلو الآخر ..! و أنا ؟!.. ماذا سأفعل أنا من بعدهم ؟!.. لما فجأة يحدث هذا ؟!!.. كيف يمكنني تقبل صدمة كهذه ؟!.. لقد كانت صباح اليوم بخير .. ربما مرهقة لكنها كانت بخير !!.. كيف ماتت فجأة ؟!!.. كان رايل يصرخ بي لأن أتمالك نفسي ..! لكن رأسي سينفجر.. أشعر بالدوار .. و عيناي حاصرهما شيء أشبه بالسحاب الأبيض ..! لم أعد أسمع شيئاً ..! أشعر أن حواسي شلة ..! كنت أسير .. أجل لقد فتحت باب السيارة و نزلت منها و ها أنا أسير ..! لكني حينها لم أفقه إلا بجسدي ينهار مما جعلني أفقد الاحساس تماماً تبعاً لفقدان وعي ..! .................................................. ....
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#69
| ||
| ||
كنت أسمع حولي صوت بكاء .. لكني لا أرى شيئاً ..! هناك أصوات كثيرة مختلطة بالأنين و النياح ..! - ماما .. ألن نرى خالتي ثانيةً ؟!!.. - آه يا إلينا .. آه يا عزيزتي ..! - أمي أهدئي .. يكفي أهدئي ..! حاولت فتح عيني و بصعوبة تمكنت من ذلك .. رغم أن الرؤية كانت مشوشة ..! - انه يستيقظ ..! - عزيزي لينك ..! بدأت الرؤية تتضح .. و تمكنت من رؤية ذلك الرجل الذي يقف بقربي .. أنه العم رونالد ..! الخالة كاثرن كانت تجلس على مقعد بقربي و هي تمسك بيدي بين يديها ..! أعتقد أني مستلقٍ على سرير ما .. لكن لما ؟!!.. حاولت النطق لأفهم ما يجري حولي ..! انتبهت لدايمن الذي تقدم و ابعد قناع الأكسجين عن وجهي .. ثم استعمل الجاهز الخاص بالسرير ليعدل وضعيتي إلى الجلوس نوعاً ما ..! حينها استوعبت أني في مشفى و استطعت التركيز حولي ..! الخالة كاثرن كانت تبكي .. و العم رونالد تغير وجهه ..! دايمن بدا حزيناً أيضاً .. و آندي التي كانت تجلس بجانبي على الجهة الأخرى قد غسلت الدموع وجهها ..! ميرال أيضاً جلست على ذات الاريكة مع آندي و هي تبكي ..! لما يبكون ؟!.. ماذا حدث ؟!!.. رأيت ريكايل يقف قرب الباب ينظر إلي بقلق .. لم أفهم سبب نظراته تلك لكني علمت أنه لا يستطيع الاقتراب بسبب وجود آل رافالي هنا ..! نظرت إلى عمي رونالد و تمتم بإرهاق : ماذا حدث ؟!.. لم يجبني أحد بل عادوا للبكاء مجدداً .. و قد اسرعت الخالة كاثرن لتحتضنني و هي تبكي بحدة و تصرخ : إلينا .. آه يا إلينا ..! إلينا ؟!!.. ماذا حدث لها ؟!!.. رأسي لم يستوعب شيئاً بعد ..! طرأت في بالي جملة حينها ..! . (( لقد توفيت السيدة إلينا يا لينك )) . لحظتها تذكرت كل شيء ..! حين أتى ريكايل ليصحبني من المدرسة فجأة و أتى بي إلى هنا ثم أخبرني بذلك الخبر المشؤوم !!.. ليخبرني بأن أمي إلينا .. توفيت !!.. أمسك عمي بخالتي من كتفيها و ابعدها عني برفق ..! استندت إلى الوسادة الكبيرة خلفي و بتعب تمتمت : هلا خرجتم ؟!!.. بدا عليهم الاستغراب الممزوج بالقلق من طلبي ..! بتوتر هتف دايمن : لينك .. اهدأ ..! لكنني كررت مجدداً و بحدة هذه المرة : هلا خرجتم ؟!!.. نظر إليهم العم رونالد بيأس : هيا يا أولاد ..! أمسك بالخالة كاثرن و ساعدها على السير .. بينما اتجه دايمن إلى ميرال و حملها بين ذراعيه فهي كانت تبكي و من الواضح أنها لن تتحرك .. آندي أيضاً وقفت بعد أن ألقت علي بنظرة قلق حزينة ..! بعد خروجهم جميعاً .. فرغت الغرفة إلا مني و من ريكايل ..! تقدم هو ناحيتي و جلس على حافة السرير ثم سألني بقلق واضح : كيف تشعر الآن ؟!!.. دمعت عيناي و تمتمت : أشعر أن حياتي انتهت !!.. عانقني لحظتها و هو يقول بألم ممزوج بالاستياء : لا تقل كلاماً مخيفاً كهذا أرجوك ..! كانت دموعي تسيل بلا شعور .. تمتمت حينها بصوت مخنوق : لقد فقدتها .. لقد رحلت من رعتني بعد أمي يا أخي ..! شد علي أكثر وهو يتمتم و قد بدا لي صوته منكسراً هو الآخر : كن أقوى .. كن أقوى يا لينك ..! ازدادت دموعي و اختنقت أنفاسي و أنا أتمتم : لا استطيع العيش بدونها ..! ريكايل لقد فعلت الكثير من أجلي ..! كيف تموت دون أن أرد شيئاً من جميلها علي ؟!!.. وضع يده على رأسي و قد شعرت بدموعه هو الآخر : اعلم .. أعلم أنها ضحت كثيراً من أجلك يا أخي ..! أعلم أنها عوضتك عن والدتنا التي فقدناها مبكراً ..! لكن لا يمكنك الاعتراض على القدر ..! كل انسان في هذه الدنيا سيموت في النهاية .. حتى أنا و أنت ..! شعرت بالألم الحقيقي حينها و عانقت رايل بشدة و أنا أقول : أنه صعب .. صعب للغاية ..! أنا لم أشعر بمرارة فقد نيكول .. لكن إلينا أذاقتني إياها ..! ريك .. إنها أمي .. أمي يا ريكايل !!.. كيف سأحتمل أن أعيش يوماً واحداً دون أن أسمع صوتها أو ارى ابتسامتها ..! ماذا لي بعدها في هذه الحياة ؟!!.. رغم أنه حاول كتم بكائه إلا أنه اتضح في صوته : لينك .. لا أعلم ماذا يجب أن أقول لك يا أخي ؟!.. من عاش حياته كلها بلا أم مثلي .. لا يحق له مواساتك ..! لكن .. أفهم تماماً ما معنى العيش بدون ذلك القلب الذي يعطف عليك و يرعاك ..! لطالما تمنيت وجودها في حياتي .. كي تحتضنني حين أبكي و تبقى بجواري حين أمرض و تلاعبني في الصباح و تغطيني في المساء ..! لكن لو اختفت من حياتي فجأة .. أعتقد أني لن استطيع الاستمرار بدونها ..! صمت قليلاً ثم تابع : هذه هي الحياة .. تأخذ من نحب لتعلمنا مرارة فقدانهم ..! العيش بلا أب أو أم مثل الجحيم يا أخي ..! شيء لا أريد لأي أحد أن يجربه ..! إنه أمر قاسٍ للغاية ..! فحينها يكون الأمان و الحنان و العطف منزوعاً من حياتك ..! لينك عليك أن تكون سعيداً لأنك لم تجرب هذه الحياة !!.. أعلم أن فقدان الأم فجأة كالطعنة في الصدر .. لكن العيش بدونها منذ البداية كانتزاع الروح !!.. أجل .. أعلم أن ريك محق في كل كلمة قالها ..! و هل هناك أعظم في الدنيا من الوالدين ؟!.. رغم ذلك لم استطع كبت دموعي التي لم تتوقف و لن تتوقف ..! ذلك ما دعاني لأن أتشبث بريكايل أكثر و قد أخرجت حينها جزءاً من ذلك الألم الذي استوطن قلبي هذا اليوم ..! .................................................. ..... حين حل المساء خرجت من المشفى حوالي الساعة العاشرة مساءاً ..! لم أكن أرغب برؤية منزلنا إطلاقاً فأنا لا أتخيله من دون وجود والدتي ..! و قد أصرت علي الخالة كاثرن أن آتي لمنزلهم لذا ها أنا في قصر رافالي في تلك الغرفة التي جهزوها من أجلي ..! كنت أجلس على السرير مستنداً إلى تلك الوسادة الكبيرة خلفي و أشعر بصداع أليم ..! خالتي التي كانت بقربي تجلس على تلك الأريكة الصغيرة قالت : لينك عزيزي .. لقد طلبت من الطاهي أن يعد لك بعض الحساء .. أرجوا أن تتناوله ..! لم أرد عليها فأنا لا أرغب بذلك ..! سمعت طرقاً على الباب و اذن خالتي بالدخول لكني لم التفت .. و لم ألبث أن سمعت صوت رايل الذي دخل : سيدة رافالي .. لقد احضرت الحساء ..! حينها فقط التفت إليه حيث كان يقف قرب الباب يحمل تلك الصينية التي وضع عليها كأس ماء و وعاء يخرج منه البخار ..! لاحظت الانزعاج على خالتي التي قالت : أخبرتك أنه بإمكانك الذهاب لمنزلك فلما لا تزال هنا ؟!.. بنبرة لبقة قال : عذراً سيدتي .. لكن يجب علي الاهتمام بسيدي في هذه الظروف ..! - ضع الطعام و غادر في الحال ..! شعرت أنا بالانزعاج حقيقةً لذا قلت : خالتي .. من فضلك دعيه يبقى هنا ..! نظرت إلي حينها للحظات قبل أن تقول بنبرة منزعجة : كما تريد لينك .. حسناً سأتركك الآن .. تأكد من تناول الحساء ..! خرجت حينها من الغرفة بعد أن ألقت على ريكايل بنظرة مستاءة ..! و حينها تقدم ريكايل ناحيتي فاستلقيت على ذلك السرير الواسع مما دعاه للقول : لينك .. عليك تناول هذا الحساء .. لذا أجلس مجدداً ..! أعطيته ظهري و قلت بهدوء : لا أريد ..! - أنت لم تأكل شيئاً منذ الصباح !!.. - ليس لدي رغبة في الأكل .. أشعر بالنعاس و أريد أن أنام ..! تنهد هو بتعب حينها : كما تشاء .. أعلم كم أنت عنيد و أعلم أنك لن تغير رأيك ..! شعرت به يسير مبتعداً و ما هي سوى لحظات حتى انطفأت الأضواء و من بعده صوت الباب يفتح ثم يغلق ..! كانت الغرفة مظلمة تماماً حينها ..! سحبت الغطاء و غطيت نصف رأسي حينها ..! ظلام دامس كان يحيط بي .. يشبه في مضمونه الظلام الذي غطى قلبي و روحي ..! حين كنت طفلاً .. كنت أخاف من الظلام .. و لا أجرأ أن أنام في غرفة مظلمة ..! لقد كانت أمي تنام بجواري كل ليلة .. أحياناً في غرفتي و معظم الأحيان في غرفتها ..! و بالطبع لم نكن نغلق أضواء الغرفة ..! لا أزال أتذكر .. حين كنت في الثامنة من عمري و في أول ليلة كنت سأنامها وحدي ..! . . . [][][][][][][][][][][][] كنت أستلقي في سريري الكبير على ظهري و أنظر إلى السقف ..! لقد ذهبت أمي منذ نصف ساعة إلى غرفتها .. لاشك أنها نامت الآن ..! جلست فوق السرير حين شعرت بأني لا استطيع النوم و أخذت أنظر حولي ..! الغرفة كبيرة و واسعة ..! أشعر ان هناك شيئاً سيخرج من الخزانة أو من باب دورة المياه ..! حتى صوت جهاز التكيف كان يرعبني ..! و غيره لا أجد سوى الصمت ..! لا أطيق الصمت !!.. استلقيت مجدداً و احضنت إحدى الوسائد الصغيرة .. النوم وحيداً في غرفة واسعة أمر مخيف ..! أجل .. بل أنه أكثر خوفاً من النوم في ذلك المبنى المهجور .. فقد كانت أليس معي هناك على الأقل ..! لحظتها ظهر خيال أليس في ذهني بعدة صور و منها تلك الصورة الأخيرة ..! جلست مجدداً على السرير و عدت أنظر حولي برعب ..! تتالت علي تلك الصور المفزعة من ذلك الشهر المشؤوم ..! أسحب كلامي .. حتى النوم هناك كان مخيف كما هو الحال هنا ..! تركت سرير حينها حالاً و سرت مسرعاً و خرجت من الغرفة ..! اتجهت إلى غرفة والدتي بسرعة و حاولت فتح الباب و ما أدهشني أنه فتح في الحال ..! غريب .. عادة ما تقفل أمي الباب حين تريد النوم ..! فور أن دخلت رأيتها هناك تجلس على الأريكة و تشاهد التلفاز ..! لكنها فور أن شعرت بي التفتت إلي و ابتسمت ..! دخلت و أغلقت الباب فأشارت إلي أن أقترب منها ..! بالفعل أسرعت و ذهبت لأجلس بجوارها على تلك الأريكة و حينها سألتني حالاً : ألم تنم بعد ؟!.. أومأت سلباً و أنا أحوال طرد فزعي : لا .. لم .. اسـ .. استطع .. النوم .. و أنت ؟!.. مسحت على رأسي حينها و ابتسمت : كنت أنتظرك .. أعلم أنك لن تستطيع النوم وحدك لكنك أصررت على خروجي من الغرفة ..! كان من الأفضل أن تتركني أبقى بجوارك حتى تنام على الأقل ..! بتأتأتي تلك قلت : ماما .. أنا .. لا استـ .. لا استطيع .. النوم ..! احتضنتني حينها و قالت بحنان : حسناً .. سأسمح لك بالمبيت عندي هذه الليلة .. لكن بدأً من الغد عليك أن تعتاد النوم وحدك ..! أومأت إيجاباً حينها فقبلت جبيني ثم قالت : أسبقني إذاً إلى السرير ..! ابتسمت حينها و اسرعت إلى سريرها الكبير و استلقيت عليه ..! و ما هي سوى لحظات حتى استلقت هي بجانبي و قامت بتغطيتي جيداً ثم قالت : حسناً صغيري .. أخبرني ماذا فعلت في المدرسة اليوم ؟!.. أنت لم تحدثني بشيء إطلاقاً ..! بابتسامة قلت لها : صديقي لوي .. عرفـ .. ـني .. إلى أولاد .. جدد ..! و قد لعبنا .. بالكرة معاً .. وقت الاستـ .. الاستراحة ..! بابتسامتها الرقيقة قالت لي : إنه أمر رائع يا لينك .. و قريباً سيصير لديك عدد كبير من الاصدقاء ..! أخبرني هل لا زالت تواجه صعوبةً في تعلم الانجليزية ؟!.. أومأت سلباً بمرح : لا .. الاسـ .. ـتاذ .. علمني .. الكثير .. من .. من الكلمات ..! مسحت على رأسي حينها و قالت : أعلم أنك ستتقن الانجليزية بسرعة .. المهم هو أن تستطيع التواصل مع بقية الطلاب ليكون لديك الكثير من الأصدقاء .. و الآن بني عليك أن تنام حتى تستيقظ مبكراً من أجل المدرسة .. تصبح على خير ..! ابتسمت لها حينها : تصـ .. ـبحين .. على خير .. ماما ..! قلت هذه الكلمات و أغمضت عيني و على شفتي ابتسامة مطمئنة سعيدة لأنها قريبة مني فهي مصدر الأمان الوحيد في حياتي ..! [][][][][][][][][][][][] . . . لكن مصدر الأمان .. اختفى ..! . دمعت عيناي حينها و تمتمت بصوت مخنوق : إنها أول ليلة أنامها دون أن أقول لك .. تصبحين على خير يا أمي ..! أغمضت حيني حينها و دمعت حارقة تسيل على وجنتي لم استطع منعها ..! .................................................. ...... لا أخفي عليكم أني لم أنم تلك الليلة ..! لقد كنت أغفوا من التعب و استيقظ بعد دقائق على كابوس مفزع ..! كان رايل يتفقدني من فترة لأخرى و ما إن يدخل الغرفة حتى أتظاهر بأني غارق في النوم رغم أني أعلم أنه يعرف أني مستيقظ ..! اليوم التالي كان يوم الجنازة .. ذلك أفضل فدفن الإنسان بعد موته إكرام له و كلما كان ذلك مبكراً كان أفضل ..! لا أصدق بأن جسدها سواري التراب اليوم أمام عيني ..! لا أعلم أن كنت سأحتمل ذلك المشهد أصلاً ..! لم أغادر السرير بعد فأنا لا أشعر برغبة في ذلك ..! طرق احدهم الباب طرقتين ثم دخل ..! لم التفت لكني اعلم يقينناً أنه ريك ..! جلس على حافة السرير و هو يقول بحزن : لينك .. هيا عليك أن تستعد .. ستبدأ المراسم بعد ساعة و أنت لا تزال في سريرك ..! بهدوء أجبت : سأنهض بعد قليل ..! - يجب ان تأكل شيئاً أيضاً .. إن لم تفعل فستنهار بالفعل .. أرجوك لينك ..! - ليس لدي شهية للأكل .. لا تجبرني رايل ..! - ليس من الجيد أن تفعل هذا بنفسك .. صدقني حتى السيدة إلينا لم يرضيها هذا ..! جلست حينها و تركت السرير حالاً كي أهرب من إلحاحه ..! أخذت معطف الاستحمام و دخلت لدورة المياه ..! و بعد حمام دافئ لخمسة عشر دقيقة و حين خرجت لم أجد ريك هناك بل وجدت بدلة رسمية سوداء على السرير ..! إنها بدلتي .. لا شك أن رايل جلبها من منزلنا ..! ارتديتها على عجل و تركت المنشفة الصغيرة على شعري فليس لدي مزاج لأجففه ..! جلست على تلك الأريكة و أنا أشعر بانزعاج حين أتذكر أن حدث اليوم سيكون الأسوأ في حياتي ..! دخل ريكايل حينها مجدداً و معه صينية عليها بعض الحساء و كوب من الشاي ..! تركها أمامي على الطاولة ثم اتجه إلى طاولة التزين ..! لا أعلم ماذا سيفعل لكنه حمل مجفف الشعر ناحيتي و شبكه في القابس القريب ثم شغله و بدأ بتجفيف شعري بعد أن أبعد المنشفة : نحن في الشتاء و ترك شعرك مبللاً لبعض الوقت قد يمرضك ..! لم أرد عليه .. لكني أعترف أني شعرت بالدفيء بسبب الهواء الساخن الخارج من المجفف ..! بعد أن أنتهى أعاد المجفف لمكانه و اقترب مني ثم جلس بجواري و أمسك الملعقة التي احتوى جوفها على عينة من ذلك الحساء و قال : أرجوك لينك .. تناول بعضاً منه .. فقط ما يكفيك للصمود اليوم ..! لم أجد حينها إلا أن فتحت فمي فأدخل الملعقة فيها و بالفعل شعرت مجدداً بالدفء جراء ذلك الحساء ..! حتى أني لم أتدارك نفسي إلا و قد تناولت نصف ما في الآنية إضافةً إلى القليل من الشاي ..! لقد كان دافئاً لذا تشجعت لتناوله ..! لا أعلم إن كان الدفيء قادماً من الهواء الحار و الحساء أم من غيره ؟!.. لكني أشعر أن اهتمام أحدهم بك أهم مصدر من مصادر الدفء في هذه الحياة ..! ............................................
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#70
| ||
| ||
لقد مرت مراسم الجنازة و الدفن بمشاعر مليئة بالحزن و الألم ..! الجميع كان هناك .. أفراد رافالي و أدريان و ماثيو و تيموثي و روز و ليديا و حتى لوي الذي حضر مسرعاً مساء الأمس ..! رغم أنهم كانوا جميعاً حولي إلا أني لم أشعر بوجود أحد ..! رايل كان يقف بقربي طيلة الوقت و لم يفارقني لحظة .. رغم ذلك لم استطع أن أخفف من الألم في داخلي ..! حاولت جاهداً أن أكون قوياً اليوم أمام ذلك الجمع الذي حضر جنازة أمي من بعض اصدقائها و اصدقاء أبي و مدراء شركات أخرى ..! كانت دموعي تسيل أحياناً لكني حاولت قدر الامكان كتمها ..! لقد تم دفن والدي و جيسكا في قبرين متجاورين و بالقرب منهما كان قبر أبي أيضاً ليكون بجوار أمي مجدداً ..! و بعد أن أنتهى كل شيء و تمت عملية الدفن بدأ الجميع بمغادرة المقبرة ..! حتى أنا سرت مغادراً و رايل بجواري و قد سأل : هل نعود لقصر مارسنلي الآن ؟!!.. بتردد أومأت إيجاباً ..! ركبت تلك السيارة السوداء و رايل بجانبي يتولى القيادة .. و قبل أن نحركها كان أحدهم قد فتح الباب الخلفي : أيمكنني أن آتي معكم ؟!.. لقد كان لوي .. أخبره ريكايل بأنه مرحب به فصعد في الحال و هنا حرك ريك السيارة ..! مضى بعض الوقت بصمت قبل أن يقطعه لويفان بسؤاله : رايل .. لم أرى خالتكم اليوم .. ألم تحضر ؟!!.. أجابه الآخر دون أن يلتفت إليه : صباح الأمس كان لديها رحلة إلى الهند .. و ستعود قبيل مساء اليوم ..! لم يعلق ذلك الآخر .. بالنسبة لي فقد أغمضت عيناي بتعب و أنا أشعر بأن رأسي سينفجر ..! بعد بعض الوقت وصلنا إلى قصر مارسنلي الذي بدا لي موحشاً من الوهلة الأولى ..! توقفت السيارة في مكانها فنزل رايل و لوي و أنا من خلفهما و اتجهنا إلى الباب الرئيسي ..! حين دخلت إلى المنزل .. أخذت انظر إلى تلك الردهة الواسعة التي بدت فارغة تماماً ..! لطالما دخلت إلى هنا لكني لم استوعب كم تلك الردهة واسعة .. ربما لأن وجود الأشخاص فيها كان يملأها سابقاً ..! بلا شعور حينها نطقت : حين أصل للمنزل .. تستقبلني جيسكا دائماً .. مهما كان الوقت .. بوجهها البارد الذي لم تتغير تعابيره منذ عرفتها .. و حينها تقول لي " أهلاً بك سيد مارسنلي " .. إنها الجملة التي كنت أسمعها كلما دخلت بيتنا ..! و فوراً أرد عليها " أين أمي ؟!.. " ..! و إجابتها تكون " في مكتبها تنهي بعض الأعمال " .. أو تكون " لم تعد بعد من الشركة " ..! و حينها اظهر انزعاجي " إنها لا تمل من العمل " ..! هذا الحوار كان جزءاً من روتين يومي ..! كلما دخلت المنزل أبدأ بهذا الحوار ..! وبعدها أذهب إلى مكتب والدتي لألقي التحية عليها و أطلب منها ترك ما بيدها و أخذ قسط من الراحة فتجيبني أنها ستفعل بعد دقائق ..! لكن الآن .. لا جيسكا و لا أمي هنا لتجيباني ..! سرت حينها بلا شعور ناحية مكتب والدتي ..! و حين دخلت إليه نظرت إلى ذلك المقعد الفارغ ..! شعرت بالاختناق حينها : لقد كانت تجلس هنا معظم وقتها ..! تراجع ملفات و توقع أوراق ..! أخبرتني بأنها تحب هذا المكتب أكثر من مكتبها في الشركة لأن أبي كان يجلس هنا دائماً ..! حتى أنها لم تغير أثاثه .. بل أبقته كما هو لأنه كما قالت ذوق جاستن الذي أحبته ..! سرت بخطوات بطيئة ناحية المقعد الكبير و جلست عليه .. لا زالت رائحة عطرها هنا ..! ابتسمت حينها حسرةً على نفسي و قد سالت دموعي و انا أتمتم : من يصدق أنها صباح الأمس كانت تجلس هنا .. و صباح اليوم .. في القبر ..! رايل و لوي كانا يقفان قرب الباب .. لكني لم أنظر إليهما ..! بل لم أرفع رأسي خشية أن تتضح دموعي التي فاضت لحظتها ..! أخذت أنظر إلى بعض الأوراق على المكتب .. لقد كان توقيعها في أسفل كل ورقه ..! كنت أشعر أنها لا تزال هنا .. لا تزال أثار وجودها تنتشر في المكان ..! لكن .. أنا لا أراها ..! لم أعد أستطيع رؤيتها ..! بل .. لم يعد بإمكاني ذلك ..! لأنها .. اختفت من حياتي للأبد ..! شعرت بأحدهم يربت على كتفي .. إنه رايل .. أعرف يده حين تربت علي ..! بنبرة متألمة واضحة قال : يكفي يا أخي .. أنت متعب و يفضل أن تأخذ قسطاً من الراحة ..! لم أرد عليه بل رفعت يدي و مسحت دموعي ..! ثم وقفت مع رايل و سرت بجواره أجر خطواتي ..! لوي أيضاً بدأ بالسير قربي حتى وصلنا إلى المصعد .. ركبت مع ريك الذي أخبر لوي أنه سيوصلني إلى غرفتي و طلب أنه أن يسبقه لغرفة الجلوس ..! و بالفعل .. حين وصلنا إلى الدور الثالث و وصلنا إلى مفترق الطرق نظرت إلى اليمن و اليسار .. غرفة أمي هناك و كذلك غرفة جيسكا ..! شعرت بأن المكان صار موحشاً بدون وجودهما ..! حتى جيسكا التي لم تكن تعني لي شيئاً في الماضي ..! لم أعتقد أني سأفتقدها إلى هذا الحد ..! تابعت السير ووصلت إلى غرفتي ..! أوصلني ريكايل إلى سرير ثم أخرج ملابس مريحة من الخزانة و هو يقول : بدل ملابسك و نم قليلاً .. أعلم أنه لم يغمض لك جفن منذ الأمس ..! لم أجبه .. لكنه حينها نظر إلي للحظات و همس : لينك .. هل هناك شيء يمكن أن أفعله لأجلك .!! رفعت رأسي إليه لأجد نظرة حزن و يأس في عينيه ..! أجبته حينها بعد صمت : لا .. أنت تبذل ما بوسعك رايل .. سأكون أنا بخير بعد أن آخذ قسطاً من الراحة ..! لا أعلم كيف قلت هذا لكن رايل تنهد بتعب و هو يقول : سأتركك الآن لترتاح .. تأكد من تبديل ملابسك ..! أومأت إيجاباً فخرج هو من الغرفة بينما ألقيت أنا بجسدي على السرير بإرهاق ..! حينها انتبهت لتلك الصورة التي كانت على الخزانة الصغيرة قرب السرير ..! لقد كانت صورة لي حين كنت في الخامسة عشر و في يوم تخرجي من الاعدادية و قد التقطت هذه الصورة لي مع أمي التي كانت ابتسامتها تلك مليئة بالأمل ..! بلا شعور مددت يدي و قلبت الصورة إلى الناحية الأخرى فأنا لا احتمل فكرة أنها لن تتمكن من رؤيتي أتخرج من الثانوية كما انتظرت دائماً ..! وقفت حينها بسرعة و قررت أن أبدل ملابسي و أحاول أن أنسى ما بي من هم قليلاً حتى يهدأ ألم رأسي الذي لم يعد يحتمل ..! .................................................. ........... شعرت بيد على جبيني .. يد دافئة ..! لم أرد أن تبتعد أبداً .. لكني لم أعلم يد من هذه ؟!.. فتحت عيني بهدوء و رأيت .. شعر أشقر ..! أمي ؟!.. لا يا لينك .. أمك رحلت إلى الأبد ..! لكن .. هذا الاحساس يشبه احساسي بيدها الدافئة : حرارته مرتفعة قليلاً ..! ركزت أكثر في صاحب الشعر الأشقر الذي نطق هذه الجملة .. إنه أخي ريكايل ..! فتحت عيني تماماً حينها و أنا أقول بصوت مبحوح : كم الساعة الآن ؟!.. أجابني شخص أخر : إنها الثانية عشر .. من الرائع أنك تمكنت من النوم طيلة الساعات الثلاث الماضية ..! نظرت إلى الشخص الآخر فلم يكن سوى لويفان الذي كان يقف و هو يحمل كأس ماء بيد و كرت أقراص بيد أخرى و قد اردف بقلق : لينك .. حرارتك مرتفعة قليلاً ..! ربما من الجيد أن تأخذ هذا الدواء كي تنخفض ..! ساعدني ريك على الجلوس و أخذ قرصاً من لوي : أرجوا أن تنخفض بالفعل .. فأنت لا تبدو بخير و هي ستزيد حالك سوءاً ..! أخذت الحبة من يده و ابتلعتها ثم ناولني لوي كأس الماء فشربت بالمقدار الكافي لدفعها ..! بدا رايل قلقاً للغاية : لينك .. هل استدعي لك طبيباً ؟!.. وجهك أصفر و شاحب للغاية ..! أومأت سلباً : اطمئن .. مجرد إرهاق بسيط ..! - اذاً يجب أن تأكل شيئاً ..! - ليس لدي رغبة بالأكل ..! - لينك إنه أفضل لصحتك حتى لا تسوء ..! - أرجوك ريك .. قلت أني لا أشعر برغبة بتناول أي شيء ..! - أرجوك أنت .. صدقني ستمرض أكثر هكذا ..! - لا أريد ..! جلس لوي على حافة السرير وهو يقول : لينك لا تعاند .. كلام أخيك صحيح ..! هيا من الأفضل أن تأكل شيئاً ..! وقف رايل حينها و هو يقول : سأحضر لك بعض الشطائر .. و ستأكلها ..! استلقيت مجدداً على السرير : افعل ما تشاء ..! تنهد هو بتعب و خرج من الغرفة بينما قال لوي : سيحضر الجميع في الساعة الثانية .. يجب أن تأكل شيئاً لتستجمع قواك ..! لم أرد عليه بل أغمضت عيني و أنا أشعر بأن المرض بدأ يحتل جسدي ..! ربما من الأفضل أن أتناول شيئاً يرد إلي جزءاً من طاقتي ..! .................................................. ....... في الساعة الثانية و النصف ظهراً ..! كنت قد بدلت ملابسي و عدت ببدلتي الرسمية ..! و في غرفة الجلوس الكبيرة كنت أجلس هناك على يميني الخالة كاثرن و على يساري العم رونالد ..! لقد كان كلاهما يتحدث عن ما يجب علي فعله كي اتجاوز هذه الصدمة .. لكني لم أجبهما حتى بإشارة ..! كان معنا في ذات الغرفة دايمن و أندي و كذلك ميرال .. لوي .. ليديا .. ماثيو و سورا .. حتى أدريان الذي كان أكثرنا قوة في مواجهة هذا الموقف فقد بدت الصرامة عليه و قد تقبل تلك الصدمة بسرعة ..! جميعهم كانوا هناك .. حتى ريكايل إلا أنه كان يقف قرب الباب و يوجه نظراته القلقة الخائفة علي ..! كان هناك الكثير من الأشخاص الذين أتوا لزيارتي و تقديم التعازي .. كان بعضهم متواجداً في المقبرة هذا الصباح لكني لا أعلم من هم ؟!.. في النهاية أخبرني أدريان أنهم موظفون من شركتنا و من فنادق و مطاعم مارسنلي ..! لقد تعرفت فقط إلى كاترين سكرتيرة مكتب والدتي التي كانت الدموع تسيل من عينيها ..! ليست وحدها بل هناك الكثير منهم بكى و بالأخص النساء منهم ..! هذا أثبت للجميع كم هي كبيرة مكانة أمي إلينا في قلوب موظفيها ..! لطالما كانت رحيمة بمن حولها حتى أصغر موظفي الشركة ..! بالنسبة لي فقد كنت صامتاً طيلة الوقت و لم أذرف أي دمعة حينها فقد كنت فقط أحاول المحافظة على رباطة جأشي ..! مضى بعض الوقت و الناس يتوافدون و يخرجون من قصرنا و الجميع يقدم التعازي لي و لأدريان و لآل رافالي فقد كنا أكثر المقربين من الفقيدة ..! حين كانت الساعة هي السادسة مساءاً .. ظهر أشخاص لم أتوقع رؤيتهم ..! تقدمت بضع خطوات حين رأيت أنيتا الممرضة الشابة و زوجها الدكتور إدوارد مارفيل ..! كانت هي ترتدي ثوباً أسود بينما هو ارتدى بدلة رسمية سوداء بدا مختلفاً فيها عن شكله بالمعطف الأبيض ..! ربتت هي على كتفي و هي تقول : تعازي الحارة في وفاة والدتك ..! بنبرة جادة قال زوجها : كن قوياً مارسنلي .. لا تدع هذه الحادثة تحطم حياتك ..! أومأت له إيجاباً فظهر شخص آخر من خلفه .. إنه الدكتور هاري ليبيرت ببدلته الرسمية السوداء التي زادت من وسامته و قد قال هو الآخر : أقدم لك أحر التعازي في وفاة السيدة مارسنلي ..! بصوتي المبحوح أجبتهم : شكراً لكم جميعاً على حضوركم .. أقدر لكم هذا ..! بنبرة هادئة رد الدكتور ليبيرت : هذا أقل الواجب مارسنلي ..! كان عمي و خالتي قد وقفا بجانبي و قد قال العم رونالد حينها : لم تعرفنا بهؤلاء الضيوف يا لينك ؟!.. قبل أن أجيبه بشيء سمعت صوت أحدهم : لينك ..! حولت نظري إلى الأمام .. و هناك كانت تقف هي بفستان أسود يصل لمنتصف ساقيها ..! شعرها البني الطويل قد تركته حراً و عيناها الخضر كانتا تذرفان الدموع ..! ريكايل كان يقف بقربها و ينظر إلي بهدوء ..! بالنسبة لي .. فقد دمعت عيناي لا شعورياً حين رأيتها .. رغم أني أخفيت دموعي هذه طويلاً ..! تقدمت خالتي ميراي ناحيتي بسرعة و حين وصلت إلي عانقتني في الحال و هي تبكي ..! أزداد ألمي حينها .. فذلك العناق يشبه عناق أمي لي ..! عموماً ميراي هي خالتي .. و هي شقيقة أمي نيكول .. لذا من الطبيعي أن أشعر بهذه المشاعر اتجاهها ..! قد تكون صغيرة .. و لكنها مهما كان تشبه أمي ..! سالت دموعي حينها و بادلتها ذلك العناق ..! لقد كانت هي تبكي بصوت مسموع .. من يراها يشعر بأنها متألمة على فقدان إلينا أكثر مني ..! لكن مالا يعلمه أحد هو أنها لا تبكي من أجل إلينا بل من أجلي أنا ..! أجل .. تبكي على ابن اختها الذي فقد أمه مرتين ..! شعرت بأنها هي من تحتاج أحداً يواسيها و ليس أنا ..! حاولت استجماع قواي و همست لها : خالتي اطمئني .. أنا بخير .. أرجوك لا تبكي .. لا تبكي ..! بدا انها تأثرت بكلامي فشدت علي أكثر للحظات حتى توقفت عن البكاء ..! ابتعدت عني برفق و قد غسلت الدموع وجهها المحمر ..! لقد راقب كثير من المتواجدين هذا الموقف ..! و بالأخص السيد و السيدة رافالي اللذان بدا عليها التعجب من هذه الشابة التي عانقتني و التي لا يعرفانها أطلاقاً ..! لكن ميراي ربتت على كتفي و هي تقول : عزيزي لينك .. أعلم أن ما حدث صعب عليك .. لكن أرجوك كن بخير .. أنا لا أحتمل يحدث لك شيء ..! أومأت إيجاباً و قلت : لا تخافي .. سأكون بخير ..! - عدني بذلك لينك .. عندي بأن تكون قوياً في مواجهة هذه الصدمة ..! - اعدك بذلك .. اطمئني فأنا سأكون على ما يرام قريباً ..! كان معها صديقتها ديانا التي بدا الحزن في عينيها : تعازي الحارة في وفاة أمك لينك ..! يبدو أن خالتي شرحت لها القصة كاملة فهي في السابق لم تكن تعلم بأني وريث مارسنلي ..! أجبتها بهدوء : شكراً لك انسة ديانا ..! بقيت أتحدث معهما قليلاً و قد استأذن الدكتور مارفيل و زوجته و الدكتور ليبيرت بالذهاب ..! كانت الشمس في منتصف الغروب .. و بعد بعض الاحاديث تقدم مني العم رونالد : لينك .. لم تعرفنا إلى هذه الآنسة ..! كان يقصد خالتي ميراي ..! لم أكن أنوي أطلاقاً إخباره بالحقيقة ..! لذا اكتفيت بالقول : شخص مهم بالنسبة لي ..! لم يرد هو فقد فهم رغبتي في اخفاء العلاقة بيني و بين ميراي و التي بدت مبهمة بالنسبة له ..! الشيء الذي استغربته هو عدم الحاح الخالة كاثرن كي تعرف الحقيقة .. لكن يبدو أنها بالفعل تقدر بأني لا اريد لأحد أن يعلم ..! .................................................. ........... كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءاً .. لم يبقى هنا سوى الخالة كاثرن و خالتي ميراي إضافةً إلى دايمن و آندي و ميرال و كذلك لوي الذي سيبيت هنا ..! بالطبع كان علي أن أجد حلاً لمشكلة عدم معرفتهم بميراي لكن لوي أنقذني حين قال بأنها كانت جارتي حين كنت أعيش في ادنبره ..! فقد خشيت بأن يبحثوا في أمرها أكثر ..! لقد خرج ريكايل من غرفة الجلوس قبل قليل و لا أعلم إلى أين ذهب ..! وقفت السيدة رافالي و اتجهت إلى ابنائها الثلاثة : هيا يا أولاد يجب أن نعود للبيت .. دايمن اتصل بالسائق و قل له أن يجهز السيارة ..! أومأ موافقاً فعادت خالتي إلي ..! وقفت حينها فربتت على كتفي : لينك .. الأفضل ان تذهب الآن و ترتاح فأنت بالتأكيد مجهد بعد كل هذا العناء .. سأكون هنا في الصباح من أجلك ..! بهدوء أجبتها : شكراً لك خالتي ..! حملت حقيبتها التي كانت على الأريكة ثم سارت و معها ميرال خلفهما دايمن و آندي بعد أن ودعني كلاهما ..! بعد خروجهم رميت بجسدي على الأريكة مرهقاً و أغمضت عيني ..! شعرت بكف أحدهم على جبيني : عزيزي لينك حرارتك مرتفعة .. الأفضل أن تتناول خافضاً ..! فتحت عيني فرأيت خالتي ميراي التي بدا القلق في عينيها : لقد تناولت الخافض قبل نصف ساعة .. سيظهر مفعوله قريباً ..! تقدم لوي ناحيتي و جلس بجواري : لينك الأفضل أن تذهب و ترتاح كما قالت السيدة رافالي ..! أومأت إيجاباً لكني سألت : أين ريكايل ؟!.. أجابني لوي : لقد تلقى اتصالاً و خرج من الغرفة قبل أن يجيب .. لا شك أنه سيكون هنا بعد لحظات ..! فور أن أكمل لوي جملته سمعت صوت أحدهم : لينك .. جاءك ضيوف ..! التفت ناحية الباب فرأيت ريك و من خلفه فتاتان ..! كانتا ترتديان ملابس سوداء .. و الحزن العميق متضح عليهما ..! الأولى ذات شعر بني طويل تركته منسدلاً .. أما الأخرى فقد كان شعرها البني يصل لما تحت كتفيها بقليل ..! إنهما الأختان جوليا و ميشيل ..! لم أركز كثيراً في جوليا بل صوبت نظراتي ناحية ميشيل .. لقد بدا الحزن العميق في عينيها ..! تقدمتا ناحيتي فوقفت و حين وصلتا قالت جوليا بحزن : تعازي الحارة في وفاة السيدة مارسنلي ..! بهدوء أجبتها : شكراً لك .. جوليا ..! نظرت للأخرى فكانت تطأطأ رأسها دون أن تنطق بشيء ..! لكن اختها تحدثت بالنيابة عنها : لقد صدمنا كثيراً حين علمنا بالخبر .. لكني أرجوا أن تكون قوياً لمواجهة هذا الموقف لينك .. لقد ساعدتنا كثيراً حين توفيت والدتي لذا نحن نريد أن نساعدك الآن .. إن كنت تريد أي شيء فأخبرنا فقط ..! لقد فاجأني كلامها فقد بدت جوليا متأثرة للغاية : أقدر لك هذا .. كل ما أريده هو أن تكونا بخير ..! هنا بدأ أحدهم يبكي .. إنها ميشيل ..! لقد طأطأت رأسها و بدأت تبكي بالفعل فاحتضنتها جوليا بهدوء : يكفي عزيزتي .. لقد جئنا إلى هنا لمواساة لينك و ليس ليواسينا ..! تقدمت بخطوات بطيئة ناحيتها و بلا شعور ربت على كتفها ..! التفت ناحيتي و هي تحاول كتم عبرتها فابتسمت بصعوبة ابتسامة صغيرة : ميشيل .. أمي أخبرتني منذ فترة بأنها أحبتك .. و قد أرادت أن تأتي دائماً لزيارتنا ..! صمت للحظات ثم تابعت : كوني قويةً من أجلها .. أعلم أن الأمر صدمك و أزعجك كما فعل بالجميع ..! لكن يجب علينا أن نتعاون لتجاوز هذه الصدمة ..! أومأت هي إيجاباً دون أن تضيف حرفاً آخر ..! بينما تمنيت حقاً أن استطيع تحقيق من نطقت به قبل قليل ..! .................................................. .....
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الكيان السعودي العريق | ŖανëŇ | رياضة و شباب | 0 | 08-23-2010 09:11 AM |
ماذا لو حدثت حرب ايران مع حزب الله ضد الكيان اليهودي شو موقف غزة ؟؟ | ميثم84 | حوارات و نقاشات جاده | 1 | 12-19-2009 01:54 AM |
الموقف الشرعي من لقاء شيخ الأزهر برئيس الكيان الصهيوني!!!! | الأمير العمري | نور الإسلام - | 1 | 07-10-2009 10:13 AM |
قادة الكيان الصهيوني ارتكبوا جرائم حرب فتمت محاكمة البشير | fares alsunna | مواضيع عامة | 0 | 03-04-2009 11:03 PM |
جامعة في قطر تفتح أبوابها لطلاب الكيان الصهيونى..!! | أبايحي | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 04-21-2007 08:49 PM |