#31
| ||
| ||
كانت ترتدي فستان ذا لون أخضر جميل .. يصل إلى ركبتيها و له كم قصير للغاية .. من الأعلى حيث الكم و تحته بقليل كانت هناك زخارف كثيفة باللون الأسود .. هناك حزام صغير حول الخصر بذات اللون الأخضر .. و تحته بقليل بدأت ذات الزخارف التي في الأعلى لكنها تنتهي قبل أن تصل إلى طرف الفستان ..! واضح أن قماشه فاخر وهو يبدو لطيفاً حقاً ..! انتبهت لأنها طأطأت رأسها خجلة لأنني كنت أحدق بها .. بإعجاب ربما !!.. لذا بنبرة مترددة قلت : مـ .. مساء الخير ..! نظرت إلي للحظة لكنها أنزلت بصرها بخجل : أ .. أهلاً ..! بدت مرتبكة هي الأخرى : تفضلي بالجلوس ..! أومأت موافقة بهدوء فجلست وجلست أنا مقابلها ..! لم أعلم ماذا أقول .. و هي أيضاً بقيت صامتةً تنظر إلى الأرض ..! كنت أنظر إليها من لحظة لأخرى .. إنها جميلة للغاية و هذا ما لم ألحظه مسبقاً ..! رغم أنها لا تضع سوى القليل من المساحيق ..! لقد تسرعت في الحكم عليها سابقاً : أمم .. كيف حالك آنسة روبرتون ؟!.. هذا ما طرأ على بالي .. رفعت رأسها حينها و ابتسمت بهدوء : بخير .. ماذا عنك .. سيد مارسنلي ؟!.. بادلتها الابتسامة الهادئة بلا شعور : أنا على ما يرام الآن ..! لا أعلم لما قلت الآن .. لكنني حقاً أشعر بالراحة أخيراً ..! كنت أريد قول شيء .. لكنني ترددت .. و في النهاية قلت : بما أننا اليوم في مناسبة خاصة .. فلا بأس بأن تناديني لينك بلا ألقاب ..! لوهلة ضننت أنها ستفاجأ .. لكنها قلت بخجل و قد طأطأت رأسها و توردت وجنتاها : إن كنت تريد ذلك فلا بأس .. لكن عليك في المقابل أن تناديني ليديا ..! شعرت بالراحة .. إنها خجولة للغاية على عكس بعض الفتيات و هي تحدق بالأرض بارتباك طيلة الوقت ..! أعتقد .. لو كانت ميشيل هنا لكانت تبتسم بمرح و عفوية في ذلك الموقف ..! الفرق أن ميشيل طفولية نوعاً ما لكن يبدو أن ليديا ليست كذلك ..! لما طرأت في ذهني الآن .. إياك أن تتذكرها لينك .. إنك الآن مع ليديا ..! طرق أحدهم باب الغرفة مما أيقضني من شرودي .. و دخل بعدها النادل : لقد وصل العشاء سيدي ..! لم أقل شيئاً فوضع المقبلات و السلطات و في النهاية طبقان من الوجبة الرئيسية و التي تحتوي على شرائح اللحم المشوي مع البطاطا المقلية المقطعة و كذلك هناك بعض الباستا التي أفضها ..! كان دسماً نوعاً ما فشريحة اللحم كانت بحجم كفي اليدين معاً ..! نظرت إلى ليديا و قلت بهدوء : تفضلي .. لنأكل أولاً ..! أومأت إيجاباً لكنها لم تتحرك .. أنا لم أشأ أن أبدأ قبلها لذا قلت : لا داعي للخجل ..! الأمر طبيعي ..! لم تقل شيئاً بل أمسكت الشوكة و السكين بالطريقة الصحيحة كما فعلت أنا .. و بدأنا نتناول الطعام بصمت تام ..! كنت أختلس النظر إليها من وهلة لأخرى .. أنها تأكل بطريقة لطيفة فعلاً و راقية كذلك .. الواضح أنها اعتادت على هذا منذ الطفولة ..! مضت عشرون دقيقة من الصمت من أجل تناول الطعام .. لقد كانت شريحة اللحم تلك مذهلةً للغاية فقد كانت متبلةً ببهارات قوية و لذيذة ..! اتجه كلانا إلى دورة المياه .. فدخلت هي إلى الخاصة بالنساء بينما دخلت الخاصة بالرجال ..! و بعد أن انتهيت من غسل يدي أخرجت من جيب سترتي زجاجة عطر بحجم أصبعين معاً و رششت نصفها على ملابسي ..! منذ طفولتي و أنا اعشق رائحة العطور و أضع الكثير منه دائماً .. لكنني أستخدم عطوراً خفيفة غير مركزة حتى لا تكون الرائحة قويةً إلى حد الإزعاج ..! رتبت شكلي جيداً ثم خرجت و عدت إلى الكبينة ..! حين فتحت الباب كانت ليديا تجلس هناك .. كما أنه يبدو أن العاملين قد انتهوا من تنظيف المكان ..! جلست أمامها على الكرسي المقابل .. أردت قطع الصمت الذي يسيطر على الأجواء طيلة اليوم : حسناً .. ما رأيك أن تحدثيني عن نفسك ..! ابتسمت بهدوء و قالت بصوتها الناعم : ماذا أقول ؟!.. حسناً .. أسمي ليديا ديفيد روبرتون .. و أنا في بداية السابعة عشر .. أدرس في ثانوية مارسنلي .. أفضل حصص الفنون كالرسم و الموسيقى على باقي المواد الدراسية .. أعزف على البيانو و الكمان و الناي .. لكنني أفضل الكمان عليها ..! ابتسمت حينها بلا شعور : رائع .. أنتي تعزفين على عدة آلات .. هل أنتي مهارة في الكمان ؟!.. أومأت إيجاباً و قد توردت وجنتاها .. كما قالت آندي تتورد وجنتاها فور أن يبتسم أحدهم في وجهها : لقد دربتني وصيفتي على العزف بالكمان .. إنها ماهرة للغاية .. أفضل من أي معلم قابلته ..! ماذا عنك ؟!.. بابتسامتي تلك قلت : سأتحدث عن نفسي بعد أن تنتهي .. تابعي أنتي الحديث عن نفسك ..! لم تعترض بل تابعت : حسناً .. أعيش في المنزل مع والدي و أمي و أخوي الأصغران .. أحدهما في العاشرة و الآخر في السابعة .. لكن وصيفتي تشغل الجزء الأكبر من حياتي ..! يبدو أن تلك الوصيفة مقربةٌ جداً منها : تبدو وصيفتك مثالية ..! اتسعت ابتسامتها قليلاً لتقول : أنت محق .. لقد قامت بتربيتي منذ كنت في شهوري الأولى ..! لوهلة .. ذكرت بشخص ما : إنها تذكرني بوصيفة أمي العجوز .. أن أمي متعلقةٌ بها كثيراً ..! بمرح قالت : حسناً .. أغلب الأثرياء يتربون على يد الخدم و الوصيفات لأن الوالدين يكونان مشغولين بالأعمال الأخرى ..! حدثني الآن عن نفسك ..! أومأت إيجاباً و صمتت للحظات قبل أن أقول : إذاً .. أنا لينك جاستن مارسنلي .. عمري سبعة عشر عاماً .. أدرس في مدرسة مارسنلي الثانوية .. لست مهتماً بالدراسة كثيراً .. أفضل قراءة الروايات البوليسية عليها .. أعزف على البيانو و الكمان .. لكنني لست ماهراً في الثاني ..! بشوق قالت : ماذا عن البيانو ؟!.. ابتسمت لحماسها ذاك : أمي تقول أني موهوب .. و لو واظبت على التدريب سأصبح محترفاً .. لكنني لست مهتماً بالموسيقى كثيراً فانا أكره الإزعاج ..! أومأت متفهمة و هي تقول : أعتقد أنه ليس لديك أخوة .. صحيح ؟!.. في تلك اللحظة .. اختفت ابتسامتي ..! هل أكذب عليها و أقول أنه ليس لدي رغم أن ريكايل لا يزال موجوداً ؟!.. أم أقول لها بلا لدي أخ توأم لكنه يعمل خادماً عندنا !!.. لم أرد الكذب .. لذا قررت أن أتلاعب بالكلام : أنا الابن الوحيد لوالدي .. ليس لهما ابن غيري ..! قلت أني الابن الوحيد لجاستن و إلينا و لم أقل أنه ليس لدي أخوة ..! انتبهت حينها إليها و هي تقول : ما الذي يجب علينا قوله الآن ؟!.. رفعت رأسي إليها لأجد الحيرة بادية على ملامحها و الواضح أنها تفكر بعمق ..! بدا شكلها لطيفاً حقاً لكنني ضحكت حينها من نبرتها في ذلك السؤال !!. لأنها كانت كشخص وقع في مشكلة عويصة : أقلت ما يضحك ؟!.. سألت باستغراب وقد تقارب حاجبها ليعطياها مظهراً طفولياً لطيفاً ..! حاولت أن أوقف ضحكتي التي استرسلت و تجاوزت الحدود : أعذريني .. لكن طريقتك فالسؤال بدت بريئةً و عفويةً للغاية ..! تورد وجهها حينها رغم أنها لم تبتسم بل قالت بهدوء :حسناً .. إنها المقابلة الأولى لي من هذا النوع .. لذا لا أعرف ماذا أفعل بالضبط ..! صدمت لوهلة .. أيمكن أن تكون هذه المقابلة الأولى لفتاة بجمالها و مواصفاتها ..! لكنني ابتسمت حينها لا شعورياً : لا تقلقِ كثيراً .. إنها مقابلة الزواج الأولى لي أيضاً ..! صمت كلانا للحظات قبل أن أقول لها بحماس : ما رأيك أن نحوله لموعد ؟!.. أم تريدين البقاء هنا طيلة اليوم ..! رفعت رأسها مستغربة : موعد ؟!!.. أخذت تفكر للحظات قبل أن تبتسم بمرح و قد توردت وجنتاها مجدداً : هذا يناسبني أكثر ..! لا أعلم كيف ؟!.. لكن في كل لحظة أشعر أنه بإمكان هذه الفتاة أن تنسيني ميشيل يوماً ما ..! ليديا .. أعتمد عليك ..! .................................................. ... أوقفت السيارة قرب تلك الحديقة الصغيرة بعد أن طلبت ليديا مني ذلك ..! كانت الساعات القليلة الماضية ممتعة بالفعل فنحن تجولنا في كل مكان و دخلنا إلى الكثير من المحلات التجارية و شاهدنا فلماً سنمائياً أيضاً ..! حقاً ينسى الشخص نفسه معها فهي تفاجئني كل لحظة بشيء جديد ..! الساعة الآن تجاوزت الحادية عشر : لننزل و نستنشق بعض الهواء ..! ابتسمت لها حينها : لقد تجولنا في كل مكان .. ألم تتعبِ ؟!.. أومأت سلباً و هي تنزل من السيارة :على العكس .. أنا مستمتعة ..! نزلت خلفها و أنا أضحك بخفة .. رغم أنه رزينة إلا أنها لا تزال محافظةً على روحها الطفولية المرحة : تريثي قليلاً ليديا .. انتظريني ..! كانت قد دخلت و انتهى الأمر .. دخلت بعدها حيث أشارت إلى أرجوحة و هي تقول بمرح : لنجلس هناك ..! لوهلة كنت مستغرباً .. لكنني حقاً تحمست للفكرة فقلت و أنا أركض أمامها : سأسبقك أذاً ..! شهقت مصدومة و ركضت خلفي : لينك أيها الغشاش أنت لم تنبهني مسبقاً !!.. لكنني في تلك اللحظة وصلت إلى الأرجوحة و وقفت فوقها متمسكاً بحبليها : عليك أن تكوني أكثر إنتباها ..! جلست على الأرجوحة الأخرى قطبت حاجبيها مستاءةً : مخادع ..! طللت في وجهها لحظتها : هل غضبتي حقاً ليدي ؟!!.. أوشحت بوجهها : حاول أن تراضيني ..! ابتسمت حينها على تصرفها .. تحاول أن تستغل الموقف كي أراضيها بشيء جميل ..! لكن أتعلمون ؟!.. سوف أماشيها !!.. نظرت حولي للحظات : أمممم .. ما رأيك بأن أدعوك لتناول القهوى في ذلك المقهى الصغير ..! التفتت فوراً ببتسامة وقد توردت وجنتاها مرةً أخرى : موافقة .. لكن لنبقى هنا قليلاً ..! كانت الحديقة شبه فارغة بسبب الوقت المتأخر .. في هذا الجزء لا يوجد سوانا .. هي تتأرجح بشكل بسيط غير ملحوظ وقد جلست متمسكةً بكلا الحبلين كما كنت أنا أفعل لكنني كنت واقفاً عليها ..! هبت نسمة هواء باردة .. سيبدأ البرد بالإشتداد فمنتصف الليل اقترب : أتشعرين بالبرد ؟!.. هذا ما سألت دون أن ألتفتت إليها فأجابت : قليلاً ..! نزلت من على الأرجوحة حينها و خلعة سترتي الخضراء و وضعتها على كتفيها ببتسامه : هكذا لن تشعري به ..! ابتسمت مع وجنتيها المتوردتين وقد رفعت رأسها لي : شكراً لك ..! عدت إلى مكاني بينما أدخلت هي يديها في كميّ السترة : ليديا .. أريد التحدث معك بأمر مهم للغاية ..! هذا ما قلته بنبرة خافتة هادئة : ماذا هناك ؟!. . سألت باستغراب فأجبتها : ليس هنا .. حين نذهب للمقهى ..! أومأت موافقةً حينها .. فبقينا صامتين ..! الحق يقال .. إنها رائعة من كل النواحي .. و ربما لو لم أقابل ميشيل مسبقاً لوقعت في حبها بسهولة ..! لكن وجود ميشيل الدائم في ذهني يفسد الأمر .. رغم ذلك فأنا حقاً بدأت أحبها بالفعل ..! إني أتمنى حقاً .. أن تستطيع جعلي أنسى ميشيل ..! كان النسيم يهب في كل لحظة .. صحيح أنه بارد لكنه منعش أيضاً ..! مضت بضع دقائق و نحن صامتان هكذا ..! أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقفز من فوق الأرجوحة أنا أقول بابتسامة : نذهب الآن ؟!.. وقفت هي الأخرى و أومات إيجاباً و قد بادلتني الإبتسامة اللطيفة ..! سرنا سويةً جنباً إلى جنب إلى ذلك المقهى الذي كان على الجهة الأخرى من الشارع ..! كان قريباً لذا لم نستغرق سوى دقائق و وصلنا إليه بعد أن قطعنا ذلك الشارع عبر جسر المشاة .. دخلنا و أتجهنا إلى إحدى الطاولات قرب النافذة و تطل على الحديقة ..! وقبل أن نجلس خلعة السترة و مدتها لي : الجو دافيء هنا ..! ابتسمت لها و أخذت المعطف و أرتديته ..! جلس كلانا على تلك الطاولة الصغيرة البيضاء ..! نظرت حولي إلى المقهى .. كان متوسط الحجم و لطيفاً .. كما انه لم يكن هناك سوى قليل من الناس و نادلتان : ما الذي كنت ستقوله لينك ؟!.. هكذا قالت ليديا بهدوء جاد .. لقد علمت أني سأتحدث بأمر مهم جداً : ليديا .. أريد أن أكون صريحاً معك من البداية .. فهل ستسمعين إلي حتى أنتهي ؟!.. أومأت إيجاباً و قد عادت رزينةً من جديد : اطمئن .. لن أقاطعك لذا تكلم كما تشاء ..! تنهدت حينها .. لقد اتخذت قراري لذا سأخبرها بكل شيء بصراحة : ليديا .. تعلمين أن أسرتينا تريدنا لبعضنا .. أنا لست معترضاً على هذا .. لكن لدي مشكلة و أريد منك مساعدتي في حلها ..! صمت قليلاً فبقيت تنظر إلي دون قول شيء لذا تابعت : منذ فترة تعرفت إلى فتاة .. و قد أحببتها صدقاً ..! لكن .. هي لسيت من طبقتي الاجتماعية .. لذا لا أعتقد أن والدتي ستحبها ..! و المشكلة الأكبر أني تشاجرت مع تلك الفتاة قبل أيام و رغم أني اعتذرت منها إلا أنها رفضت عذري لذا قررت أن أنساها نهائياً ..! أريد منك مساعدتي على نسيانها يا ليديا .. أنتي الشخص الوحيد القادر على ذلك ..! أن نسيتها فأستطيع بعدها أن أكون معك فقط ..! كانت تنظر إلي بنظرات هادئة فيها لمسة حزن و كأنها أشفقت علي .. لكنها ابتسمت ابتسامة صغيرة و هي تقول مع وجنتيها المتوردتين : اطمئن لينك .. ثق بأني سأساعدك ..! بادلتها تلك الابتسامة و أنا أقول : شكراً على تفهمك وضعي .. و أعدك أني سأبذل جل جهدي كي أنساها لأجلك ..! في تلك اللحظة رفعت ليديا رأسها للنادلة التي جاءت ناحيتنا و هي تقول بصوت بدا مكتوما : ما الذي تريد أن تطلبه سيدي ؟!.. انقبض قلبي فجأه !!.. و نشف الدم في عروقي ..! اتسعت عيناي و احمر وجهي ..! هل أرفع رأسي أم لا ؟!!.. أي موقف هذا ؟!!.. رفعت رأسي ناحية تلك النادلة و ما إن فعلت حتى وقفت و قد هتفت مفزوعاً و مصودماً :مـ .. ميشيل !!!!!.. نعم .. كانت تلك النادلة هي ذاتها ميشيل !!.. أخبرتني سابقاً !!..هي تعمل في مقهى صغير !!.. كانت تنظر إلي بنظرات مستاءةٍ نوعاً ما و سألت مجدداً :ماذا تريد أن تأكل سيدي ؟!!.. ربت على كتفيها و أنا أقول بتوتر : أسمعيني من فضلــ ..! لكنها قاطعتني و قد قالت بصوت مرتفع غاضب :أرجوك دعني أأدي عملي و أخبرني ماذا تريد أن تأكل ؟!!!!.. قبل أن أجيبها سمعت صوتاً يقول من بعيد : ميشيل لقد انتهى وقت عملك ..! لم تكد تسمع تلك الكلمات حتى سارت مبتعدة بخطى متسارعة ناحية باب في نهاية المقهى ..! أما أنا فلا زلت في مكاني مصدوماً !!.. لا يمكن أن أتركها تذهب !!.. لا يمكن أن يكون فراقنا بهذه الطريقه !!.. لا يمكن أن اجعلها تغضب مني أكثر !!.. سألحق بها نعم !!.. كنت سأخطوا خارجاً لكني شعرت بأحد يمسك بيدي ..! التفتت لأرى ليديا قد أمسكت بيدي و هي تنظر إلي بعينان تملأهما الحيرة ..! توترت أكثر .. ماذا أفعل الآن ؟!!.. بهدوء قلت و بصوت خافت : أنتظريني قليلاً ..! تركت يدي و طأطأت رأسها بحزن ..! آسف ليديا .. لكن علي أن أذهب لميشيل الآن !!.. ركضت ناحية الباب بسرعة و خرجت من المقهى .. إلتفت يساري لأرى هناك مدخلاً لسكة صغيرة .. لاشك أن باب العاملين من هناك ..! ركضت لتلك السكة وفي تلك اللحظة رأيتها قد خرجت و هي ترتدي ملابس المدرسة و تحمل حقيبتها ..! كالعادة .. ميشيل فتاة لا يمكنني أن أصفها ..! لكن هذا ليس وقته لينك : ميشيل !!.. هكذا ناديت فالتفتت ناحيتي ..! لوهلة صدمت .. هل أتخيل .. أم أن وجهها محمر و عيناها غارقتان بالدموع !!.. أثرت فيّ كثير فسرت ناحيتها و أنا أقول : ميشيل أنا ..! قاطعتني بنبرة عتاب واضحه : لا تقترب !!.. ابق مكانك ..! توقفت لحظتها : اسمعيني فقط دعيني أشرح الوضع ..! قطبت حاجبيها و سالت دموعها و هي تقول : الوضع لا يحتاج لشرح !!.. أنا لست من طبقتك الاجتماعية .. أمك لن ترضى بفقيرة مثلي !!.. أنت بنفسك قلت لتلك الفتاة الجميلة أنك ستبذل جل جهدك كي تنساني لأجلها !!.. كنت مصدوماً و لم أعلم ماذا أقول ؟!.. لقد سمعت كل شيء منذ البداية !!.. تلك السكة كانت مظلمة .. فقط هناك مصباح إنارة صغير قرب الباب الخلفي للمقهى ..! بدأت قطرات المطر تتساقط .. إنها بداية الشتاء ..! ترددت قليلاً قبل أن أقول : اسحب كلامي .. لن أفرط بك مجدداً ميشيل ..! صدقيني أنا أريدك ..! ميشيل أنا .. أنا أحبك حقاً و لا أريد غيرك ..! اشتد المطر و اشتدت العاصفة في قلبي معه .. انتظرت ردها ..! كانت دموعها تسيل لكنها للحظة قالت بتمتمة مسموعة : و مالفائدة و نحن لسنا من ذات المستوى ؟!.. كنت ساذجة حين ظننت أن المشاعر ستحطم كل الحواجز ..! هل يعني ردها هذا الرفض ؟!!.. لا أعلم لكنها صرخت لحظتها في وجهي : أكرهك !!.. أكره هذه الحياة التي أعيشها !!.. نعم أنا أكرهك لينك !!.. أكرهك بالقدر الذي احببتك به !!.. كان هذا جل صدمتي !!.. لقد كان رفضاً قاسياً للغاية ..! ركضت حينها ناحية الشارع و قد مرت بجانبي و هي تبكي بصوت مسموع ..! أردت إيقافها .. لكن لم أستطع !!.. لأن حواسي كلها توقفت !!.. قلبي أخذ ينبض بعنف حتى ضننت أنه سيخرج من بين ضلوع قفصي الصدري ..! لم تعد قدماي تحملانني .. فقد جثيت على قدمي في بركة الماء التي تشكلت بسبب المطر ..! هذا مؤلم .. مؤلم للغاية !!.. هل تتألم ميشيل أيضاً ؟!.. لقد كانت تبكي بشدة منذ لحظات ..! هل علي أن أعود إليها ؟!!.. هي لا تريدني إطلاقاً !!.. هي تكرهني بقدر ما أحبتني !!.. لكن أنا لا يمكن أن أعيش بدونها !!.. ميشيل أرجوك .. أفهمني أرجوك .. تحمليني أرجوك .. سامحيني أرجوك !!.. لم أعد استطيع الصبر على ذلك الألم .. ولم أستطع إفراغه إلا بصرخات تردد صداها على جدران تلك السكة الضيقة ..! .................................................. .......... ستووووووووووووووووب .. يكفي لليوم ^^ نهاية بائسة لموعد السيد مارسنلي .. كيف سيكون مسار حبه بعدها ؟!.. لينك قرر نسيان ميشيل و ريكايل .. هل سينجح في هذا بعد الموقف الأخير ؟!.. كيت .. فتاة جذبت لينك بلا سبب .. هل هي مجرد عابرة سبيل أم شخص قد يغير الأحداث جذرياً ؟!.. بطلنا وافق على الذهاب للندن .. فهل سيغير رأيه ؟!.. و نهايةً .. هل يمكن أن يستمر لينك في حبه لميشيل بعد رفضها الصريح ؟!.. أم أن لمحبوبة الملايين ليديا رأياً آخر ؟!!.. و بكذا أنتهى البارت لليوم .. راح أفتش ع الواجب الحصه الجايه ^^ جانا
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#32
| ||
| ||
part 15 سرت بخطوات مترنحة بعد أن وقفت بصعوبة ..! اتجهت ناحية باب المقهى مجدداً بعد أن تذكرت وعدي لليديا بأن أعود ..! عندما دخلت .. كان المكان فارغاً .. لقد مضت نصف ساعة منذ غادرت ..! لكن .. على تلك الطاولة كانت لا تزال تجلس في مكانها بينما كانت تلك المرأة التي تعمل في المقهى تقف قربها و هي تقول : يا آنستي من فضلك غادري الآن .. علي أن أغلق المحل فعودي لمنزلك ..! لكن الفتاة لم تتحرك ..! سرت ناحيتها ببطء فانتبهت لي المرأة : عذراً أيها الشاب فقد أغلق المقهى منذ زمن ..! لم أعرها انتباهاً بل تقدمت حيث ليديا و ربتت على كتفيها من الخلف و أنا أتمتم : آسف .. على تأخري ..! لم تلتفت نحوي بل قالت بصوت هادء للغاية : لا .. لا تعتذر .. انتظرتك فقط كي أشكرك على هذا اليوم ..! وداعاً ..! وقفت حينا و تجاوزتني و هي تطأطئ رأسها .. لكني تمكنت من رؤية تلك الدموع التي سالت على وجنتيها المتوردتين ..! هل خسرت ليديا أيضاً ؟!!.. ألا تكفي خسارتي لميشيل ؟!!.. سمعت الباب يغلق .. فأسرعت و خرجت خلفها لأجد أنها قد ركبت تلك السيارة البيضاء و انطلقت بها ..! لقد ركبت في الخلف و تلك السيارة كانت هنا قبل أن أدخل .. و هذا يعني أنها اتصلت بالسائق مسبقاً ..! لقد علمت أني سأختار ميشيل ..! يا لي من أحمق و تافه !!.. فضلت أن تتركني نهائياً على أن تكون الخيار الثاني و أنا لا ألومها على هذا ..! عموماً .. ما تأكدت منه اليوم أنه لا ليديا و لا غيرها تستطيع أن تنسيني ميشيل !!.. لأنها و أليس الوحيدتان اللتان تمكنتا من قلبي !!.. لازال المطر يهطل بغزاره .. لذا سرت ناحية سيارتي على الجهة الأخرى للشارع ..! ركبتها و أنا أشعر بأن جسدي لا يقوى على السير ..! بصعوبة شغلتها و انطلقت إلى المنزل و أنا بالكاد انظر لطريقي حتى خيل إلي بأني سأتسبب بحادث بلا ريب ..! الساعة الآن هي الثانية عشر و النصف ..! وصلت للمنزل أخيراً و أوقفت سيارتي في مكانها ..سرت ناحية الباب الداخلي للقصر ..! كان أول هذا المساء رائعاً للغاية .. لكنه قلب الآن إلى كارثة عظمى في حياتي ..! لم ألتقي بأحد فغالبية الخدم الآن قد استغرقوا في النوم .. لكن قبل أن أركب المصعد سمعت صوتاً من خلفي : أخيراً عدت سيدي .. السيدة قلقة عليك ..! أكره هذا الصوت .. ببرود قلت : أخبرها أنني عدت .. أنا ذاهب للنوم ..! ركبت المصعد بعد تلك الكلمات التي قلتها لمساعد أمي الوسيم أدريان ..! صعدت إلى الدور الثالث و مباشرةً إلى غرفتي ..! أنا مرهق جسدياً ونفسياً ..! لكن و حتى لا أصاب بالبرد بعد المطر أخذت حماماً دافئاً لخمسة عشر دقيقه..! خرجت و أرتديت ملابس النوم ثم رميت بجسدي على السرير بإرهاق و بعد أن وضعت الغطاء على جسدي .. غرقت في نوم مليء بالكوابيس ..! .................................................. ...... شعرت بأحدهم يهزني بخفة : لينك أفتح عينيك .. يكفيك نوماً ؟!!.. بكسل فتحت عيني لتلتقي بعينيها الزرقاوتين : اتركيني أنام .. رجاءاً أمي ..! قطبت حاجبيها و هي تقول: مستحيل .. حان وقت المدرسة ..! انقلبت على الجهة الأخرى و أنا أقول : لن أذهب اليوم ..! بغضب قالت : قم من سريرك يا ولد ..! أرى أنك صرت تتغيب كثيراً هذه الفترة ..! ليس كونك صاحب المدرسة يعفيك من الذهاب ..! سيمتحنون من دونك ..! رفعت رأسي بضجر و أنا أقول : ها قد استيقظت ..! لذا لا تغضبِ ..! ثم لو كان هناك امتحان لعلمت بهذه ..! لم يبقى سوا هذا الأسبوع و الأسبوع الذي يليه و تبدأ العطلة ..! النظام في مدرستنا يقضي بأنه بعد أن ينهي كل معلم منهجه الدراسي يمتحن الطلبة امتحاناً نهائياً .. و قد أنهيت معظم الامتحانات مسبقاً ..! تنهدت حينها قبل أن تقول : ألن تخربني الآن أين ذهب ريكايل بالضبط ؟!!..أنت لم تطرده صحيح ؟!!.. نزلت من السرير بهدوء : انه في أجازة لبضعة أيام لذا أطمئنِ ..! اتجهت ناحية دورة المياه لكن سؤالها أوقفني : لم تخبرني ماذا حدث معك و ليديا ؟!.. ترددت قليلاً عما يجب أن أخبرها به .. لكني في النهاية قلت : لسنا متفقين .. أعتقد أننا لا نناسب بعضنا ..! كانت ردة فعلها هادئة فقد قالت بحزن : ذلك مؤسف بالفعل ..! دخلت لدورة المياه كي أخذ حماماً بارداً ..! سأذهب اليوم مجبراً للمدرسة لأن أمي تريد ذلك .. رغم أني لا أعلم ما الذي سأقوله لو رأيت ليديا في طريقي ؟!.. .................................................. ........ كان مزاجي سيئاً اليوم و هذا ما لاحظه أصدقائي : هيه لينك .. أخبرني ما بك اليوم ؟!.. أنت لست على طبيعتك يا رجل ..! هذا ما قاله دايمن الذي يجلس أمامي في الصف بينما قال ماثيو و هو يقف قربي : حين قلت أنك ستذهب للندن معنا ظننت أنك في مزاج جيد لكن يبدو أني مخطأ ..! وقفت حينها و أنا أقول : سأذهب لغسل وجهي .. أشعر بالنعاس ..! خرجت من الصف .. الآن هو وقت حصة دراسية .. لكن بما أن غالبية المناهج قد تمت فالصفوف لا تدرس الآن والمعلمون لم يذهبوا لصفوفهم أصلاً لذا كل الطلاب يدخلون و يخرجون كما يريدون ..! كانت حجة غسل وجهي مجرد كذبة كي يتركوني و شأني .. لقد قررت الذهاب للحديقة الصغيرة كي أرتاح من هذا الإزعاج ..! لم أرى ليديا اليوم .. أيعقل أنها غاضبة لذا لم تأتي ؟!.. ربما .. عموماً علي أن أعتذر منها غداً حين أراها ..! ما إن خطوت خطوتين حتى خابت ظنوني حين رأيت ليديا أمامي تسير مع فلورا ..! وقفت أنظر إليها بهدوء فانتبهت هي الأخرى لي و وقفت في مكانها ..! كانت تنظر إلي بهدوء و وجنتاها متوردتان كالعادة .. بينما كنت أنا أنظر إليها بذات الهدوء : ليديا .. أود التحدث إليك ..! هي أيضاً قالت : و أنا أريد ذلك لينك ..! بابتسامة قالت فلورا : إذاً أراك فيما بعد ليديا ..! سارت بعدها بعيداً عنا .. طلبت من ليديا أن تتبعني فلم تعترض ..! سرنا باتجاه ذلك الباب الذهبي المنعزل .. فتحته و دخلنا إلى الغرفة التي أتناول فيها الطعام وقت الاستراحة و منها دخلنا إلى الحديقة الصغيرة الخاصة في ..! سرت بضع خطوات ثم التفت إلى الخلف .. كانت تطأطئ رأسها بحزن لكنها لم تلبث أن رفعته وهي تنظر إلي : آسفة على ذهابي بالأمس بتلك الطريقة ..! لم أتوقع أن تعتذر أبداً لذا هي فاجأتني ..! لم أعلم ما علي أن أقوله فقد نسيت كل الكلمات التي كانت في ذهني..! في النهاية لم أملك إلا أن أقول : لا .. لا تعتذرِ .. أنا كنت قاسياً بموقفي ذاك ..! أنني حقاً خجل من نفسي ..! لم ترد .. و أنا صمت ..! أين ذهب كل الكلام الذي كنت سأقوله لها ؟!!.. لقد كنت أنوي أن أخبرها بأني آسف لكوني لا أستطيع أن أنسى ميشيل بسهولة ..! هي أيضاً .. واضح أنها تريد قول شيء ما ..! في النهاية تكلمت هي و قد نظرت إلي بتردد : تلك النادلة .. هل كانت الفتاة التي أخبرتني عنها ؟!!.. أبعدت نظري عنها قبل أن أقول : في الحقيقة نعم .. أنها هي ..! ابتسمت بهدوء مما أدهشني : أنت محظوظ ..! قطبت حاجبي مستغرباً .. أنا محظوظ !!.. أعتقد أني أكثر شخص يرفض الحظ مصاحبته ..! لكنها أردفت بعد وصفي بتلك الكلمة التي تبعد كل البعد عني : تلك الفتاة .. أنها تحبك بجنون !!.. اتسعت عينيّ بعد كلمتها !!.. أتقصد ميشيل ؟!!.. أتمزح ؟!.. أم أنها تريد أن تخفف عني !!.. لم أعلم لكني ضحكت حينها بخفة .. أعلم أنها مستغربة من هذا ..! لذا أوقفت ضحكتي التي لم تستمر إلا للحظات : أنا محظوظ لأن ميشيل تحبني بجنون ؟!!!..أنتي تمزحين بالفعل ليديا ..! بذات ابتسامتها العجيبة : أسمها ميشيل .. إنه اسم جميل ..! لقد تجاهلت كلامي .. لكني لن أسمح لها بهذا حتى توضح لي ما قصدها بالضبط : دعك من اسمها الآن .. ما الذي تقصدينه بقولك أنها تحبني بجنون ؟!!.. صمتت للحظات و قد أغلقت عيناها و ابتسامتها الصغيرة لم تعتزل شفتيها .. لكنها فتحت عيناها و نظرت إلي و وجنتاها متوردتان : عيناها .. منذ دخلنا إلى المقهى تسلطت عيناها عليك ..! كانتا تلمعان و حزن دفين يغزوهما ..! ظننت أنها أعجبت بوسامتك فقط .. لكن حين بدأت الحديث عن تلك الفتاة كانت هي تقف بالقرب منا .. لقد كان الألم قد ارتسم فيهما ..! و حين وقفت أنت و لحقت بها أيقنت تماماً أنها تلك الفتاة التي قصدتها بكلامك ..! كنت مصدوماً من ذلك الكلام الذي قالته لكنها تابعت كذلك بهدوء : كنت أفكر في تلك النظرة في عينيها .. لقد كانت عيناها فائضتان بالحب و هذا ما أدهشني ..! عندها و بعد تفكيري الملي بالأمر .. علمت أنني بقدراتي هذه يستحيل أن أدخل في منافسة مع هذه الفتاة فأنا مهما فعلت لن أستطيع أن أنظر إليك بتلك النظرة المجنونة ..! خاصة أنه كان من الواضح أنك أيضاً لا زلت تحبها و لن تتخلى عن حبك لها ..! لم أعلم ماذا أقول .. فدهشتي بالأمر فاقت الحدود ..! لما إذاً رفضتني بعد أن اعترفت لها ؟!!.. لماذا ؟!!.. أنا لا أفهم ؟!!.. لست أفهم هذه المشاعر المتناقضة : لماذا إذاً ؟!!.. لما رفضتني و قالت أنها تكرهني ؟!!.. سألت ليديا بحيرة لعل و عسى أن تكون لديها إجابة كافية : إن كانت قالت لك أنها تكرهك فهي بالتأكيد مجنونة بك ..! ذلك لأنها حين رأتك معي وصلت بها الغيرة إلى الحقد !!.. هل تفسير ليديا للموضوع صحيح ؟!!.. لما ليديا تعيد الأمل لقلبي ؟!!.. نظرت إليها باستغراب : ليديا .. لما تخبرينني بكل هذا ؟!!.. يفترض أن تحاولي إبعادي عن ميشيل !!.. لم تزل ابتسامتها حينها لكنها تنهدت بحزن : لأنني استسلمت ..! لا أمل لي مع وجود ميشيل ..! أعترف أني أحببتك لينك .. لكني لا أريد الخوض في معركة خاسرة قد تحطم مشاعري ..! انسحابي منذ البداية سيكون أفضل ..! إذاً لما أحاول إبعادك عنها ؟!!.. قلت أني أحببتك لكني لم أقع في حبك بعد لذا أنا أريد سعادتك كصديق .. و قد علمت يقيناً بأن سعادتك المطلقة ستكون مع ميشيل ..! أي إنسانة هذه ؟!!.. حقاً لم تكذب آندي في أي كلمة قالتها عنها ..! ابتسمت لا شعورياً : ليديا .. إني أشكرك حقاً على هذا ..! لقد كنت يائساً تماماً لكن كلامك هذا أعاد الأمل لي ..! كيف يمكنني أن أشكرك ؟!!.. صمتت قليلاً قبل أن تقول : هل نجلس ؟!.. أريد أن أخبرك شيئاً ..! استغربت في البداية لكني أشرت ناحية الطاولة الدائرية ذات المقعدين فجلس كلٌ منا على واحد : لينك .. إن كنت صادقاً في مشاعرك اتجاه ميشيل فتذكر أنك ستخوض حرباً صعبة ..! تعجبت من كلامها بالفعل : وضحي ..! أخذت تلعب بسوار في يدها قبل أن تقول بهدوء : سأوضح لك ..! سأخبرك بقصة مشابهة لقصتك ..! أعرف شاباً فرنسياً ذهب للدراسة في اسبانيا .. و هناك تعرف على فتاة تعمل في مطعم الجامعة ..! أحب تلك الفتاة رغم أنه كان من أسرة ثرية بينما كانت هي مجرد فقيرة يتيمة ليس لها أحد ..! هي الأخرى أحبته و بعد مرور عامين رزقا بطفل ..! الشاب عاد لبلاده و أخبر والديه أنه تزوج منذ عام كامل و لم يخبر أحداً وهو الآن يريد أن يعلن للجميع عن أمر زوجته و طفله ..! لكن الوالدان رفضا نهائياً ذلك كونها ليست من طبقتهم الراقية ..! أخوته و والداه و بعض الذين علموا بالأمر بدءوا يسوسون في رأسه حتى يتخلى عنها لأنها لا تناسبه و ليست في مكانته و أنها فقط تطمع بثروته ..! للأسف تمكنوا من ذلك لكنه أخبر والديه بأنه لن يتخلى عن الطفل ..! لذا عاد لأسبانيا و أخذ طفله و ترك الفتاة بعد أن أنفصل عنها ..! و بعد مرور شهر واحد تزوج و قد كان قد أخفى أمر طفله عن كل من حوله ..! لذا بعد أن أعلن عن أمر الطفل بعد عشرة أشهر قال أنه ابن زوجته الثانية ..! لكن أم الطفل جاءت حينها و طلبت منه أن تأخذ طفلها إلا انه رفض قطعاً .. ذلك ما جعلها تطلب منه جعلها خادمة للطفل الصغير فوافق ..! هكذا تمكنت من رعاية طفلها لكن ليس كأم بل كخادمة ..! كنت مصدوماً بالفعل .. ليس بسبب تلك القصة بل بسبب الدموع التي سالت من عيني هذه الفتاة و هي تحكي القصة !!.. لكنها تابعت بعد أن مسحت دموعها بأطراف أناملها : أن كنت تريد ميشيل .. فعليك أن تكون مستعداً لمواجهة الجميع من أجلها ..! حتى لا ينتهي بها الأمر و تكون في مكان أمي !!.. عبارتها الأخيرة جعلت الدم يتجمد في عروقي !!.. لقد قالت .. ينتهي بها المصير كأمي !!.. لا شعورياً قلت : أتقصدين .. أنك أنت تلك الطفلة ؟!!!.. أومأت إيجاباً و قد ابتسمت بهدوء : لم أعلم بأمر تلك القصة إلا حين صرت في الثالثة عشر ..! كنت مصدومة ورفضت الأمر تماماً فأنا لم أصدق أن وصيفتي هي أمي الحقيقية !!.. لوهلة قلت لنفسي .. كيف أتقبل كون الخادمة أمي !!.. لكني بعدها حين فكرت بالأمر اقتنعت بأنها صارت كذلك من أجلي ..! فقط فهمت هذا حين قلت .. كيف أسمح بأن تكون أمي خادمة ..! . كيف أتقبل كون الخادمة أمي ؟!.. كيف أسمح بأن تكون أمي خادمة ؟!!.. . كيف أتقبل كون الخادم أخي ؟!.. كيف أسمح بأن يكون أخي خادماً ؟!!.. . أنا أيضاً قلبت الأمر في رأسي !!.. لحظتها .. شعرت بطاقة ملية اجتاحتني ..! وقفت حينها و أنا ابتسم بسعادة و أقول : شكراً لك ..أنتي عظيمة ليديا ..! أعدك .. أعدك بأني سوف أحارب من أجل ميشيل !!.. و من أجل ريكايل أيضاً ؟!!.. قطبت حاجبيها مستنكرة : ريكايل ؟!!!!.. ضحكت حينها بخفة و أنا أقول : ليديا .. أنت رائعة ..! أنا سعيد بكوني صديقاً لفتاة مثلك ..! أسمعي .. في العطلة القادمة سنذهب للندن .. ما رأيك بأن تأتي معنا ؟!!.. رغم انها كانت متعجبة إلا أنها ضحكت : أنت حقاً مجنون لينك ..! لكن عموماً شكراً على الدعوة .. و أعتقد أني مجبرة على تلبيتها بما أنك دعوتني ..! ليديا حلت لي أزمة أرقتني ..! لقد حكت لي تلك القصة بنية لميشيل لكنها بشكل غير مباشر حلت مشكلتي النفسية مع ريكايل ..! نعم .. ريكايل أخي من قبل أن يصير خادماً !!.. ..................................................
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#33
| ||
| ||
الساعة الآن هي العاشرة مساءاً..! نزلت من سيارتي الفراري الحمراء و نظرت إلى الأعلى .. ليس إلى السماء .. بل إلى قمة ذلك البرج ..! انه برج إيفل الشهير ..! اتجهت ناحية المدخل حيث تلك الصالة الصغيرة و عند مكتب الاستقبال اشتريت تذكرتين لأعلى البرج ..! كان هناك بعض الناس يصعدون و ينزلون .. لكنني لم أتحرك من مكاني بل بقيت أنظر حولي لأجد أحد قد يساعدني ..! رأيت هناك شابةً تقوم ببيع البالونات على الأطفال .. اتجهت ناحيتها : هل لي أن أطلب منك خدمة يا آنسه؟!!.. التفتت ناحيتي بابتسامة : تفضل ..! بادلتها تلك الابتسامة اللطيفة و أنا أقول : هل ستبقين هنا طويلا ً ؟!.. نظرت لساعتها ثم أجابتني : بقي خمسة عشر دقيقة و ينتهي موعد عملي ..! أخرجت إحدى البطاقتين من يدي و أعطيتها لها : أود منك أن تعطي هذه لشاب أشقر الشعر سيأتي بعد قليل ..! قطبت حاجبيها حينها : هناك الكثير من الشباب ذوي الشعر الأشقر .. ألا تحمل صورةً له ؟!!.. إنها محقة .. لكن ليس لدي أي صورة :للأسف لا .. حسناً .. أعتقد أنك تستطيعين تميزه أن أخبرتك عنه ..! إنه يشبهني كثيراً .. لكنه يصفف شعره إلى الخلف ..! بدا أن هذه المعلومات لم تكن كافية : هل هو بعمرك ؟!!.. أومأت إيجاباً :أنه أخي التوأم و أسمه ريكايل .. إذا لم يأتي إلى هنا فبإمكانك الاحتفاظ بالتذكرة لنفسك ..! عادت للابتسام بمرح : حسناً سيدي .. يمكنك الذهاب و انتم مطمئن ..! تركتها بعدها هي والبطاقة و كلي أمل أن يحضر ريكايل إلى هنا .. اتصلت به بعد خروجي من المدرسة و طلبت منه القدوم إلى هنا في هذه الساعة ..! أكملت الإجراءات و ركبت المصعد و معي قليل من الأشخاص .. مضت فترة منذ صعدت برج إيفل آخر مرة .. أعتقد كان هذا منذ عام مع لويفان ..! وصلنا إلى منتصف البرج .. و نزل كل الأشخاص الذين كانوا معي ..! بقيت وحدي في ذلك المصعد الكبير الذي تابع الصعود إلى القمة و كلما ارتفعت أكثر كلما زاد سعر التذاكر .. لذا تذاكر القمة لها سعر خاص و مرتفع ..! توقف المصعد أخيراً خرجت منه و نظرت حولي ..! كان المكان فارغاً من أي زوار .. فقط هناك موظف يجلس خلف كشك و يبيع التذكارات ..! لم استغرب كثيراً فتذاكر أعلى البرج غالية و الوقت اقترب من الإغلاق و غداً مدرسة ..! أتعلمون ؟!!.. ذلك أفضل !!.. لأني أريد الحديث مطولاً مع ريكايل لذا أردت مكاناً هادئاً و جميلاً ..! سرت مبتعداً عن ذلك الموظف إلى الجهة الأخرى .. لأني لا أريده هو الآخر أن يسمع حديثنا .. هذا إن جاء الطرف الآخر فعلاً ..! استندت إلى السور و بقيت أنظر أمامي .. إلى باريس العظيمة المشعة ..! حقاً .. تستحق لقب عاصمة الأضواء ..! الجو صار بارداً للغاية فالشتاء في أوله و هي تمطر من وقت لآخر ..! قريباً ستتساقط الثلوج و تغطي هذه المدينة لتجعلها كعروس خجولة بثوب أبيض ..! نظرت إلى ساعتي .. مرت عشر دقائق .. أرجوا أن يأتي ..! و في تلك اللحظة شعرت بشخص خلفي ..! رسمت ابتسامة و استدرت : أهلاً ..! كان هو كما توقعت .. ينظر إلي بهدوء و برود :آسف على التأخر .. سيدي ..! عدت أنظر للأمام : لا عليك ..! بقينا صامتين حينها .. و مضى بعض الوقت ونحن كذلك .. كلانا أضاع حروفه على ما أعتقد ..! تقدم هو الآخر و استند إلى السور : إن كنت تنوي طردي .. فأسرع بذلك ..! التفت إليه ببرود : قبل ذلك .. لنكن صريحين ..! لقد كنت تعلم أننا أخوان .. منذ متى ؟!!.. لم يبعد نظريه عن المنظر الرائع أمامه بل أجاب بهدوء : فقط حين قالت السيدة مارسنلي أن أسمك الحقيقي هو لينك إيان بروان ..! ترددت للحظات قبل أن أسأل : و ماذا كان موقفك ؟!!.. التفت ناحيتي ليقول ببرود : أنا لم أعلم أن لي أخاً أصلاً ..! لذا شككت في أنه مجرد تشابه أسماء ..! لكن حين أطلعت على بعض الملفات وجدت أنه بالفعل كان معي أخ توأم حين قدمت للملجأ وقد تم تبنيه من قبل مارسنلي ..! هذا كل شيء .. و أرجوا أن لا تسألني عن أي شيء مجدداً فأنا لن أجيبك على شيء ..! لذا من فضلك سيدي أسرع بطردي و اتركني أذهب ..! كنت أشعر بمدى الألم في كلامه و إن لم يظهر ذلك .. أنا أيضاً نظرت إلى السماء حيث كانت النجوم تتلألأ براقة فيها : من قال أني سأطردك ؟!!.. التفت ناحيتي ليقول بنوع من الغضب اتضح في صوته و كأنه يكتم استياءه : إن لم تفعل فأنا سأقدم استقالتي ..! - و أنا لن أقبلها !!.. - بل ستفعل !!.. - لما أنت مصر ؟!!.. - حتى و إن لم أعش حياة النبلاء التي عشتها فأنا لي كرامتي و لن أقبل العمل خادماً عند أخي التوأم !!.. أفضل البحث عن أي مطعم يقبلني ..! كانت نبرته شرسة للغاية وهو يقول تلك الكلمات .. ابتسمت حينها لأقول : أنا لن أطردك ولن أقبل استقالتك .. لأني أريدك أن تبقى معي ..! ليس كخادم بل كأخي ..! بدا أنه تفاجئ نوعاً ما : أعتقد أنك قلت سابقاً بأنك ترفض هذا قطعاً ..! - ذلك لأني كنت مصدوماً فقط ..! - لا تعتقد أن موافقتك على هذه العلاقة تعني موافقتي !!.. أنا أرفض ..! - لما ؟!!.. أعطني سبباً مقنعاً ..! - الأمر بسيط .. أنت عشت برفاهية و سعادة بينما أنا من عانى في طفولته .. لذا نحن مختلفان !!.. - أعتقد أني أخبرتك مسبقاً .. لم أعش طفولةً أحسد عليها !!.. قلت كلمتي الأخيرة بجد .. لم يجبني .. واضح أنه مستاء .. لكني بطريقة ما شعرت بأنه يريد أن يقتنع بكلامي ..! لا أعلم كيف شعرت بهذا ؟!!..ربما هو رابط الأخوة بيننا : يقولون بأن التوأم يستطيعان فهم بعضيهما .. صحيح ؟!!..لا تكابر ريكايل ..أخبرني بما في نفسك فقط ..! لم يجبني بل استند مجدداً إلى السور و بقي ينظر للأمام بشرود و كأنه يفكر في ما عليه فعله ..! تنهدت حينها .. يبدو أن إقناعه سيستغرق وقتاً ..! لحظتها خطر في بالي سؤال : هيه ريكايل .. أخبرني بما تعرفه عن والديك !!.. أغمض عينيه و قال ببرود : لما علي أن أخبرك ؟!!.. ابتسمت بهدوء : لا يحق لك الرفض .. إنهما والدانا سويةً .. و أنا أشاركك فيهما الآن ..! أعلم أن كلامي كان مستفزاً للغاية لكني أردت أن أحركه قليلاً ..! التفت ناحيتي وعلى وجهه نظرة باردة و قد قال : لا أعرف شيئاً .. أنا لم أبحث بأمرهما مطلقاً ..! - تكذب !!.. قلت أنك رأيت بعض الملفات .. لا شك أن فيها بعض المعلومات ..! - قلت لك لا أعرف ..! كل ما عرفته هو أسماهما و أعمارهما حين توفيا ..! فقط ..! شعرت بمدى نبرة الألم في صوته حين قال توفيا .. لكني رغم ذلك قلت بهدوء : أسم أبينا إيان .. ماذا عن أمنا ؟!!.. طأطأ رأسه حينها .. بينما شعرت أنا بشعور غريب فأنا على وشك معرفة أسم أمي الحقيقية .. أمي التي حملت بي و أنجبتني .. أمي التي عرفتني قبل إلينا .. أعتقد أنها كانت تنتظرني بفارغ الصبر .. لكن في المقابل أنا بلغت السابعة عشر و أنا لا أعرف أسمها حتى ..! انتبهت أن ريكايل نظر إلى السماء بهدوء وهو يقول بخفوت : أسمها .. نيكول !!.. نيكول .. شعرت بألم في صدري حين سمعت الاسم ..! نيكول .. هو أسم أمي !!.. نيكول براون .. هي أمي الحقيقية .. ليست إلينا مارسنلي .. بل نيكول براون ..! آسف أمي .. آسف لأني لم أعرفك مسبقاً .. أرجوك أعذريني ..! لا أعلم كيف يمكنني أن أصف شعوري حين تفكيري بالأمر .. لكني شعرت بأن دموعي تريد أن تفيض في عيني ..! وكي لا يحدث هذا سألت حالاً : و ماذا عن عمريهما حين توفيا ؟!!.. - كانا في العشرين !!.. صدمت !!.. في العشرين !!!!!!.. إنهما أصغر من أن يكونا أبوين !!.. نظرت إلى ريكايل بصدمة : كيف في العشرين ؟!!!.. إنهما صغيران جداً ..! إن كانا أنجبانا و هما في العشرين فلا شك أنهما تزوجا قبل ذلك بسنة على الأقل ..! أي في التاسعة عشر !!.. أأنت واثق أنهما كانا متزوجين ؟!!!.. لا تسألوني كيف نطقت آخر جملة لكني قلتها بلا شعور ..! التفت ناحيتي بغضب: بالطبع كانا كذلك !!.. لا تفكر في أشياء لا معنى لها !!.. شعرت بالندم على سؤالي الذي لم يكن له داعٍ : آسف .. كان فقط بسبب صدمتي ..! لأني لم أعتقد أن هناك من يتزوج قبل وصول العشرين !!.. - لا تعلم .. ربما الظروف هي ما جعلتهما هكذا ..! - و ربما كانا يحبان بعضيهما و لم يريدا الصبر حتى يكبرا أكثر ..! - ما مقصدك من هذا الكلام ؟!.. - ريكايل .. ماذا تعتقد كان سيحدث لنا لو كانا على قيد الحياة ؟!!.. لم يجب .. بل بقي ينظر إلى السماء بصمت ففعلت مثله لكني قلت : ربما .. كنا سنعيش طفولتنا سوية كأي أخوين .. عليك أن لا تلومني ريكايل فلم يكن بيدي العيش معك أو عدمه ..! أعلم أنك مستاء لأنك كنت وحيداً طيلة تلك السنوات ..! لم يرد .. بل لم يبعد ناظريه عن تلك السماء : ريكايل .. أتذكر حين حدثتك عن طفولتي .. في ذلك اليوم قلت لي أن هناك صوت بداخلك يطلب منك معاملتي ببساطة .. أنا كذلك كان هناك صوت بداخلي يطلب مني صداقتك ..! أنت صدقت ذلك الصوت و أنا كذلك ..! الآن أعتقد أن السبب هو رابط الدم بيننا ..! أيضاً لم يرد .. لكني أشعر بأنه يريد الحديث : ألا تود قول شيء ؟!!.. بهدوء على ذات وضعيته : بلا .. الكثير !!!.. ابتسمت بهدوء : إذاً تكلم ..! تنهد حينها و بدأ حديثه الذي كتمه طيلة الوقت : لا أستطيع .. وصف صدمتي بالأمر .. لكن هناك أشياء في داخلي أخذت تتضارب .. في أول مرة وقعت فيها عيني عليك كان هذا في يومي الأول من العمل في ثانوية مارسنلي .. كانت لمحة بسيطة من الخلف .. لكنك جذبت انتباهي دون أن أشعر .. بعدها علمت أنك وريث مارسنلي فصدمت .. لأنني سمعت أن ريث مارسنلي شخص متسلط و مغرور .. لم تبدو لي كذلك فقررت أختبارك ..!لذا في ذلك اليوم في لقائنا الأول بادلتك نظرة الاحتقار تلك .. رغم أننا تشاجرنا و رميتني بألفاظ مهينة و رغم تلك اللكمات التي تلقيتها لم أقتنع بأنك شخص سيء ..! هذا ما دفعني للموافقة على العمل عندك ..! كنت أحاول أقناع نفسي بأنك سيء لذا أتشاجر معك و أتسلط عليك أتباعاً لذلك الصوت و أيضاً حتى اقتنع بما يقال عنك رغم ذلك لم يستوعب دماغي فكرة أنك سيء ..!حتى أخبرتني بتك القصة .. حينها أيقنت بأنك كنت تتصنع السوء .. اكتملت غايتي لكني شعرت بأنك هناك شيئاً ناقصاً ..!لم يكتمل هذا النقص إلا حين علمت أنك أخي .. ربما لم يصدق قلبي أنك سيء لهذا السبب ..! كنت ابتسم بهدوء واستمع إليه .. كلامه الأخير ذكرني بشيء ما : أتعلم .. أنا أيضاً شعرت بالنقص كثيراً حتى وجدتك ..! لم أعلم السبب الحقيقي لكني الآن اكتشفت أن السبب هو أخوتنا ..! اليوم قرأت بعض المعلومات عن التوائم .. و علمت بأن التوأمين دائماً ما يكونان مرتبطين ..! تلك المعلومة فسرت لي مشاعر الطمأنينة و الدفء التي شعرت بها حين حدثتك عن طفولتي ..! التفتت حينها لأرى أنه كان ينظر ناحيتي و على وجهه نظرة حائرة للغاية ..! أردت أن أهدأ تلك النظرة لذا حاولت أن تكون ابتسامتي صادقة جداً و للمرة الأولى أشعر أنني مسؤول عن شخص ما : ريكايل .. لا داعي لأن تكابر فأنا أفهم شعورك ..! أعلم أنك مثلي تريد أن نعيش معاً لكنك تكابر ..! بذات النظرة المرتبكة : كيف عرفت ؟!!.. اتسعت ابتسامتي حينها : كما قلت لك سابقاً .. التوائم يفهمون بعضهم بسهولة !!.. تقدمت ناحيته و ربتت على كلا كتفيه حينها و أردفت : لذا .. الدم الذي يجمعنا يخبرني بما تريده أنت .. و أنت ستكون قادراً على فهمي إن أردت ذلك .. لأننا شقيقان ..! أعتقد أن أمي و أبي سيكونان مطمئنين أكثر لو عشنا معاً .. هذا أقل حق لهما علينا ..! ربما لم نستطع أن نعيش معهما .. لكننا نستطيع العيش من أجلهما ..! أعتقد لو كان بإمكانهما الآن رؤيتنا .. فستكون هذه أسعد لحظاتهما ..! لذا ريكايل .. حتى يرقد والدانا بسلام ..! أتعلمون .. لقد التمعت عيناه حينها و كأنما دموعه على وشك الفيضان .. لكنه حقاً أسعدني حين تمتم : أخي ..! لم استطع إلا أن عانقته حينها فبادلني ذلك العناق ..! كنت أشعر بمشاعر غريبة للغاية .. ذات المشاعر التي شعرت بها حين أخبرته بقصة طفولتي المأساوية ..! الآن تأكدت لما كنت مرتاحاً له ولما لم أستطع طرده و أبعاده عني .. لأنه أخي .. بل شقيقي التوأم ..! شعرت أنا آخر بدموعي فاضت .. منذ زمن طويل لم أشعر بمثل هذه السعادة ..! لا أنسى أيضاً ليديا التي ساعدتني في حل هذه المشكلة دون أن تعلم .. من كان يضن أن لقائي بها سيجعلني أعود لريكايل ..! بقينا صامتين .. لكن ذلك الصمت أخبرني الكثير ..! و أهم شيء أخبرني به ..! أني لن أعيش بعد اليوم بعيداً عن ريكايل مهما حدث !!.. من أجلي .. و من أجله .. و من أجل والدينا .. إيان و نيكول ..! .................................................. .... رن الجرس معلناً نهاية اليوم الدراسي .. لذا خرجت من الصف برفقة ماثيو و دايمن كالعادة فقال الأخير : هيه لينك .. لنذهب اليوم إلى السينما إنه العرض الأول لفلم لويفان الجديد ..! باستغراب قلت : الفلم الذي صوره في سويسرا !!..هل انتهى منه بهذه السرعة ؟!!.. أومأ ماثيو إيجاباً : صحيح .. اتصل بي أمساً و أكد علينا مشاهدته ..! قال أنك لا تجيب على هاتفك أيضاً ..! بتوتر قلت : كنت مشغولاً بالأمس ..! عموماً لا أعتقد أن بإمكاني اليوم الذهاب للسينما فلدي الكثير من الأعمال ..! إلى اللقاء ..! ركضت حينها مبتعداً عنهما بينما نظراتهما المستغربة تراقبني ..! بالأمس بعد أن تناولت العشاء مع ريكايل في أحد المطاعم و بعد الحديث المطول الذي خضناه عن خطوتنا التالية قررنا في البداية أن نذهب للخالة آنا و نطلب منها أن تحدثنا عن سبب انفصالنا في ملجأ الأيتام ..! و ها أنا الآن في حديقة المدرسة الواسعة أسير بين جمع الطلبة ناحية مربض السيارات الكبير ..! في تلك اللحظة سمعت صوتاً يناديني من الخلف : لينك توقف ..! التفتت حينها و ابتسمت تلقائياً حين رأيتها تسير ناحيتي بخطوات متلاحقة : أهلاً ليديا ..! وصلت إلى جانبي فسرنا سوية بهدوء : هل تحدثت لميشيل ؟!!.. - لا .. لم أملك الجرأة بعد ..! - اسمع لينك .. الأفضل أن لا تحدثها حالياً لأنها ستكون غاضبة و لن تفكر في الاستماع إليك .. أصبر قليلاً حتى تهدأ أعصابها ..! - لست واثقاً ليديا .. أشعر بأنها لن تصدقني ..! - اطمئن لينك .. إنها تحبك و ستصدقك ..! لذا كل ما عليك أن تمتلك الشجاعة و الفرصة المناسبة و ستكون الأمور على خير ..! وأنا سأدعمك في هذا ..! - أستطيع الاعتماد عليك لأخذ المشورة ؟!!.. - بالطبع ..! - ليديا .. أأنت واثقة مما تقومين به ؟!.. سألت بخفوت .. خفت أنها تضغط على مشاعرها من أجل مساعدتي ..! لكنها ابتسمت بمرح : بالتأكيد .. قلت لك أني لم أقع في حبك بعد !!.. لقد أحببتك كصديق لذا أنا بخير هكذا ..! أريد مساعدتك لتكون سعيداً .. هذا أقل ما يمكن أن أفعله لصديق جيد مثلك ..! كنت مطمئناً فمن خلال نبرتها تلك و نظرات عينيها تأكدت أنها صادقة في كلامها : أشكرك بالفعل ليديا ..! بذات ابتسامتها قالت : لا شكر بين الأصدقاء ..! أن كنت مصراً على شكري فقاتل من أجل ميشيل ..! كانت متحمسة من خلال كلماتها الأخيرة : بالتأكيد سأفعل ..! كنا قد وصلنا لمربض السيارات حينها .. و هناك رأيت ريكايل يقف قرب سيارتي السوداء ..! ابتسمت و أمسكت بيد ليديا : تعالي لأعرفك على ذلك الشاب ..! انتبه ريكايل لنا فوقف باحترام بسبب وجود ليديا : أهلاً بك سيدي ..! التفتت ناحية الفتاة : ليديا .. هذا رفيقي ريكايل ..! ريكايل هذه الآنسة ليديا روبرتون ..! حنى رأسه باحترام : تشرفت بقائك آنستي .. شكراً لاهتمامك بسيدي ..! بابتسامة لطيفة و لبقة قالت : أهلاً بك.. في الحقيقة لينك هو من يهتم بي ..! قطبت حاجبي حينها مستنكراً : نهائياً .. أنت من يقوم بمساعدتي و ليس أنا ..! ضحكت بخفة حينها : انت تحرجني بكلامك لينك ..! آه صحيح .. لقد ذكرت لي اسم ريكايل بالأمس .. أعتقد أنه شخص عزيز عليك ..! قالت تلك الكلمات و هي تنظر ناحية ريكايل بمرح فقلت بابتسامة هادئة و أنا أنظر إليه : كثيراً ..! لاحت ابتسامة صغيرة على وجهه .. قطع علينا تلك اللحظة صوت : آنسه ليديا ..! التفتنا سوية حيث رأيت شاباً يبدو في الثلاثينيات : لقد وصل السائق .. إلى اللقاء لينك ..! لوحت لها و هي تبتعد : إلى اللقاء ..! صعدت سيارة بيضاء كانت بالقرب منا بينما ركبت أنا في مقعدي و ريكايل خلف المقود ..! انطلقنا خارج المدرسة حيث قال بهدوء : تبدو تلك الفتاة مقربةً منك ..! بذات النبرة الهادئة أجبته : رغم أني لم أتعرف عليها إلا ما قبل الأمس .. لكني حقاً اكتشفت أنها شخص رائع ..! - حسناً .. قالت أنك ذكرت أسمي ..! هل تحدثتما في ؟!!.. - آه .. قصة طويلة ..! - هل نعود للمنزل ؟!!.. - لا .. لنتجه حالاً إلى الخالة آنا .. إني متشوق لمعرفة القصة ..! - كما تشاء .. رغم أني لست متحمساً كثيراً ..! - ما أنا واثق منه أن أمي إلينا لم تكن تعلم أن لي أخاً توأم .. لأنها لو كانت تعلم بهذا لما فصلتنا عن بعض ..! - لا أعلم لينك .. أشعر أن هناك قضيةً عظيمة خلف هذه القصة ..! - هيه أخي .. ألن نبحث عن شيء عن والدينا ؟!!.. - كنت أنوي أن أقترح عليك هذا ..! قال الكلمة الأخيرة بابتسامة على عكس النبرة الحزينة على صوته سابقاً ..! ذلك ما جعلني اتحمس أيضاً : رائع .. إذاً بعد أن نغادر من عند الخالة آنا سنبدأ بالبحث ..! .................................................. ........
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#34
| ||
| ||
part 16 توقفت السيارة بعد أن وصلنا إلى ذلك المنزل الصغير حيث ذلك الحي الهادئ ..! نزلت و ريكايل أيضاً إلا أنه كان ينظر إلى جهة ما : ما الأمر ؟!!.. - إنها سيارة الطبيب .. لقد غادرة منذ لحظات ..! - هل تعاني الخالة من مرض خطير ؟!.. - منذ فترة أجرت عملية زراعة كبد .. رغم ذلك يبدو أن الأمور لم تدم على ما يرام بعدها خاصة أنها منذ طفولتها تعاني فقر دم حاد ..! - أرجوا أن تشفى قريباً ..! - و أنا أرجوا ذلك أيضاً .. هيا لندخل ..! تقدمنا و صعدنا درجاً من ثلاث درجات فرن هو الجرس حينها .. لم تمضي لحظات حتى فتح أحدهم الباب ..! تنهدت حين رأيت أنها جوليا فذلك أفضل من أن تكون ميشيل : أهلاً رايل ..! لم تنتبه فأنا كنت أقف خلفه لكن ما إن تنحى حتى شهقت : و لينك أيضاً !!!.. ابتسمت لها حينها : كيف حالك آنسه جوليا ؟!.. أتعلمون ؟!.. لقد دمعت عيناها حينها بدموع الفرح و بسعادة قالت : أنا بخير .. تفضلا بالدخول ..! دخل ريكايل و أنا من خلفه و اتجهنا مباشرة إلى غرفة المعيشة .. استأذنت جوليا بأنها ستعد القهوة و تأتي ..! حين دخلنا .. كانت الخالة آنا تجلس على سريرها و في يدها سنارة الصوف و قد بدا أنها تقوم بخياطة قفاز شتوي صغير أحمر ..! تقدم رايل إليها وهو يقول : مرحباً خالتي ..كيف حالك اليوم ؟!.. رفعت رأسها حينها و خلعت نظارتها مستطيلة العدسات و قالت بابتسامه : أهلاً بني ريكايل .. أنا بخير كما ترى ..! معك ضيف ؟!.. واضح أن نظرها ضعيف فهي لم تتمكن من تميزي و أنا واقف قرب الباب ..! التفت ريكايل ناحيتي بابتسامة : نعم .. لقد جاء أخي لينك معي إلى هنا ..! بادلته الابتسامة و تقدمت بضع خطوات حتى وقفت بجانبه : مرحباً خالتي ..! أخذت تنظر إلي برهة و إلى أخي برهة أخرى حتى فاضت عيناها بالدموع : يا لسعادتي و أنا أراكما سويةً مرةً أخرى .. لكم انتظرت هذه اللحظة ..! ربت ريكايل على كتفها حينها : و هاهو انتظارك قد أثمر .. لذا اطمئني علينا فنحن بخير ..! دخلت جوليا في تلك اللحظة : القهوة جاهزة ..! أردت أن أسأل سؤالاً لكني ترددت قليلاً : أين ميشيل يا جوليا ؟!!.. أراحني رايل حين سأل السؤال عني .. و كأنه شعر بأني أريد أن أسأل .. أو ربما هي إحدى معجزات التوائم !!.. ابتسمت جوليا و هي تسكب القهوة في الأكواب : لم تعد بعد .. لقد ذهبت لمكان عملها .. سوف تأتي في المساء ..! - في المقهى ؟!!.. - لا .. لقد انتقلت للعمل في مطعم صغير بالقرب من هنا ؟!.. - لما ؟!!.. لقد قالت أنها مرتاحة بالعمل هناك !!.. - لا أعلم السبب الحقيقي .. لكنها قالت أن ذلك المطعم أقرب للمنزل حيث يمكنها القدوم للاطمئنان على أمي وقت الاستراحات ..! بطريقة ما و من خلال حوارهما شعرت أني السبب في ترك ميشيل لعملها في ذلك المقهى حيث رأتني من ليديا ..! لكني سأصحح كل شيء عما قريب : ريكايل .. لينك .. أعلم لما أنتما هنا ..! أعتقد أنكما تريدان معرفة كل شيء منذ البداية ..! انتبهنا للخالة آنا التي قالت تلك الكلمات بصوت هادئ ..! جلست أنا على كرسي قرب السرير و بجانبي أخي على الكرسي الآخر .. بينما جلست جوليا على حافة السرير و بدا أنها الأخرى متشوقة لمعرفة القصة ..! بهدوء قلت حينها : نحن نستمع خالتي .. ابدئي بالحديث ..! نظرت إلي للحظات .. ثم لأخي لحظة أخرى : كان هذا منذ سبعة عشر عاماً .. لا أزال أذكر تلك الفترة و كأنها كانت الأمس ..! كان عمر جوليا حينها شهرين و قد كانت مريضة حين ولدت و أخبرني الأطباء أنها قد تموت لو لم تجرى لها بعض العمليات التي تحتاج لمبالغ مالية كبيرة .. زوجي كان يعمل سائقاً لسيارة أجرة .. و قد تعرض لحادث أدى لكسر ساقه فكان عليه أن يلزم الفراش لعدة أسابيع و ألا يقود قبل ثلاثة أشهر ..! لذا كنت أنا رأس المال الوحيد في الأسرة و قد كانت حالتنا صعبة بعض الشيء ..! عملي كمربية في ملجأ الأيتام كان جيداً ففي تلك الفترة كان الملجأ مزدهراً على عكس الفترة الحالية ..! أذكر أني في ذلك اليوم تركت جوليا مع والدها و ذهبت للعمل حيث كنت مضطرة للذهاب من أجل الراتب الذي يدفع لي ..! في ذلك اليوم قدمت إلي مديرة الملجأ و قالت بأن هناك طفلين وصلا و أني سأكون المسؤولة عنهما ..! كنت أعتقد أنهما طفلان من أسرتين مختلفتين ..! لكني حين رأيتكما صدمت .. فللمرة الأولى أرى توأماً بذلك الحجم الصغير .. حينها علمت أن عمركما ثلاثة أيام فقط .. وأن والداكما توفيا في اليوم السابق بحادث سير ..! ما فهمته أن والدتكما خرجت أولاً من المشفى بينما طلب الطبيب منها ترك الطفلين لأربعة وعشرين ساعة لتفقد حالتهما لكنها تعرضت و والدكما لحادث حينها أدى بحياتهما ..! كان الأمر مؤلماً للغاية .. فأمي في ذلك اليوم خرجت من المشفى لتعود لمنزلها و تجهز غرفة الطفلين و تبني أحلامها و تستعد لاستقبالهما كفردين جديدين في العائلة .. لكنها ماتت قبل ذلك .. و أبي أيضاً ..! لا أعتقد أن الخالة آنا تعرف الكثير عنهما .. لذا لم أتكلم و كذلك ريكايل .. لقد بدت عليه نظرة ألم مشابهة .. يبدو أنه يفكر كما أفكر تماماً ..! تابعت الخالة آنا حديثها بعض ذلك الصمت القصير : لقد كنتما أصغر طفلين توليت الاهتمام بهم فأصغر طفل كان ابن الثلاثة سنين لكن أنتما كنتما بعمر الثلاثة أيام ..! علمت أن أسمكما لينك و ريكايل .. كان يصعب علي التفريق خاصة بعمركما ذاك .. لكن بسبب شريطين على يديكما الأولى زرقاء كانت في يد ريكايل و الحمراء في يد لينك استطعت أن أفرق بينكما ..! كانت الأمور تسير على ما يرام طيلة اليومين الأولين لكن حتى ظهيرة ذلك اليوم يومكما الخامس في هذا العالم .. طلبتني المديرة و أخبرتني أن أحدهم سيتبنى أحد التوأمين .. سألتها عن مصير الآخر فقالت أنه سيبقى هنا في الملجأ ..! صدمت لذلك فهناك قانون في الملجأ ينص على أن التوأم يتم تبنيهم معاً حتى لا يفترقا .. لكن المديرة حينها قالت بأن تبني أحدهما على حدا سيجلب المزيد من الدخل لأن المال المدفوع مقابل التوأم مساوي للمال المدفوع مقابل الطفل الواحد و أنه لو تم تبني أحدهما على حدا سيحصل الملجأ على الضعف ..! يا للحقارة !!.. أبسبب المال يتم تفريقي عن أخي لمدة سبعة عشر عاماً !!.. حقاً شيء لا يصدق !!.. تنهدت الخالة حينها و تابعت : في البداية رفضت قطعاً .. أخبرت المديرة أني سأبلغ الشركة المسؤولة عن هذا لكنها أخبرتني بأنها ستطردني قبل ذلك ولن تعطيني راتب ذلك الشهر كما أنها ستخبر الجميع بأن لا يقبلوا بتوظيفي ..! لقد كنت بحاجة ماسة للمال من أجل علاج ابنتي و مصاريف المنزل و كذلك من أجل زوجي ..! لذا كنت مضطرة للسكوت وقد قررت أن أتصرف في وقت لاحق .. حينها أخبرتني بأنهم سوف يأتون بعد أسبوعين و أن علي أن أسلمهم أحد الطفلين ..! كان الأمر صعباً فأنا لم أعلم أيهما أترك و أيهما أسلم ..! بدا الأمر لي كقنبلة موقوتة و أن علي أن أختار إما السلك الأحمر أو الأزرق ..! أذكر حينها أن طفلاً جاء إلي و قال : ( الطفل ذو الشريط الأزرق لطيف .. أما ذو الشريط الأحمر فهو يبكي كثيراً ) ..! حينها قلت لنفسي .. الذي يبكي كثيراً يحتاج لأم ترعاه ..! لقد سمعت عن سادة مارسنلي و أنهما لطيفان و ليس لديهما أبناء ..! لذا سأسلمهم ذو الشريط الأحمر .. لينك !!.. شريط أحمر حدد مصيري .. لأنني كنت أبكي بكل براءة كأي طفل رضيع ..! بصراحة .. هذا أكثر مما توقعت !!.. دمعت عينا الخالة آنا لسبب أجهله : بعدها مضى أسبوعان و أنتما في رعايتي .. و قدمت وصيفة مارسنلي العجوز .. حين أعطيتها الطفل أخبرتها بأن أسمه لينك و أني أرجوا أن لا تغير أسمه فهو الاسم الذي أختاره والداه الراحلان له ..! لم استطع النوم في تلك الليلة .. كنت أشعر بتأنيب الضمير بسبب موافقتي على تفريق التوأمين .. قررت حينها أن أهتم بالطفل الآخر حتى يكبر و أخبره عن أخيه ..! مضت بضع سنوات و أنا أربي في ريكايل دون أن أخبره بأمر أخيه التوأم ..! و حين دخل المدرسة صرت أنا مديرة الملجأ لذا قررت البحث عن لينك ..! علمت حينها أن السيد مارسنلي توفي منذ سنوات و أن السيدة انتقلت للعيش في بريطانيا مع أبنها الوحيد ..! لكن أكثر ما صدمني هو أن لا أحد يعلم بأن لينك متبنى من قبل مارسنلي ..! حينها تحدث إلي رجل .. علم بأني أبحث عن لينك براون فأخبرني بأنه إن لم أتوقف عن البحث فأنه سيقطع عيشي !!.. لقد كان الأمر مروعاً بالنسبة لي خاصة بعد وفاة زوجي منذ عامين و ليس لدي أي شخص يساعدني على تأمين حياة كريمة لطفلتي ..! فكرت حينها .. كلا الطفلان يعيش حياة جيدة .. ربما ريكايل لا لكن ذلك لن يغير شيئاً ..! لذا قررت أن أترك كل هذه الأمور و لا أحاول جمع التوأمين مرة أخرى لأن ذلك سيسبب هلاكي و هلاك أطفالي ..! لقد كرهتكما لفترة لكن قلبي لم يحتمل فكرة أني أنانية لتلك الدرجة ..! أعلم أني كنت مخطأة .. لقد كنت ضعيفة و طائشة ..! لم يعد لي أي شيء إلا أن أطلب الصفح منكما فقط !!.. سامحاني .. سامحاني على كل ما فعلته ..! سامحاني لأني لم استطع جعلكما تعيشان سوية !!.. أرجوكما .. لينك .. ريكايل .. إنها أمنيتي الأخيرة قبل أن أموت ..! لقد كانت تبكي بالفعل بصوت أنين نادم للغاية و قد طأطأت رأسها و غطت وجهها بكفيها بعنف ..! لم أعلم ما الذي يجب علي فعله ..! إن مسامحتها صعبة علي .. ربما ريكايل قد يسامحها لأنها اهتمت به و ربته أما أنا فذلك صعب ..! رغم ذلك حاولت أن أستجمع أفكاري .. أخذت نفساً عميقاً ..! اهدأ لينك .. لقد كان هذا القدر ..! لا ذنب لها فهي أيضاً ليدها طفلتان تريد تأمين حياة كريمة لهما ..! لقد منحتك هذه التجربة فرصة معرفة إلينا التي ربتك .. و جاستن أيضاً و إن لم تكن تذكره .. كذلك العم رونالد و الخالة كاثرن و أبناءهم ..! لقد اعتنت بريكايل رغم كل شيء ..! و قد حاولت أيضاً جمعك بأخيك ..! نظرت إليها حينها .. و ابتسمت بهدوء .. ربتت على كتفها حينها و أنا أقول بنبرة بدت حانية نوعاً ما : اهدئي خالتي ..! رغم كل شيء ففضلك علينا كبير ..! لذا لا داعي لأن تطلبي الصفح ..! وضع رايل يده فوق يدي و قال بذات نبرتي : صحيح .. أنا لم أنسى أنك رعيتني حتى صرت مدركاً بما حولي و عملتي جاهدة لتعويضي عن فقدان والدتي ..! رفعت رأسها إلينا .. لقد كان مشبعاً بالاحمرار و الدموع قد غسلته كلياً : أحقاً ما تقولانه ؟!.. أومأ كلانا إيجاباً وقد رسمنا ابتسامات امتنان لهذه المرأة التي رغم أنها لم تستطع لم شملنا إلا أنها فعلت الكثير من أجل ريكايل على الأقل .. و الدليل الأكبر هو مشاعر الأخوة بينه و بين ميشيل و التي لم تأتي من فراغ ..! ابتسمت هي الأخرى و نظرت إلينا بتأمل : لقد كبرتما و صرتما شابين يافعين .. حقاً تمنيت دوماً أن أراكما سوية ..! كل ما أتمناه في حياتي أن تعيشا معاً بسعادة .. هكذا سيرتاح ضميري إلى الأبد ..! أمسكت بيدها بين كفي و قلت : اطمئني خالتي .. أمنيتك هذه لن تضيع ..! أعدك أني لن أتخلى عن ريكايل .. و هو أيضاً سيفعل المثل ..! علق هو الأخر موافقاً على كلامي : بالتأكيد .. خالة آنا .. أنا و لينك سنبقى معاً كما تمنيت دائماً ..! لذا اطمئني و لا تحملي في قلبك أي قلق علينا ..! سالت الدموع مجدداً من عينيها .. لكنها هذه المرة كانت دموع فرح و سعادة و سرور و كل ما يمكن أن يبهج القلب : أني حقاً سعيدة و مطمئنة الآن ..! بما أنكما بخير ..! بمرح قالت جوليا حينها و قد اتضحت السعادة عليها هي الأخرى : لكن رايل .. لا تنسني و ميشيل بما أنه صار لديك شقيق ..! تذكر أني لا أزال أعدك أخي الصغير مهما حدث ..! ضحك بخفة حينها : لا تغترِ كثيراً جوليا .. أنتي أكبر مني بشهرين فقط ..! نظرت إلى ريكايل بطرف عين حينها و بابتسامة ماكرة : يا ترى من الأكبر منا ؟!!.. رفع حاجبه بغرور : بالتأكيد سأكون أنا ..! بدا التساؤل على جوليا : صحيح .. كيف يمكنكما معرفة الأكبر بينكما ؟!!.. نظرت الخالة آنا ناحيتنا : أعتقد أن ذلك كان مكتوباً في شهادة الولادة الخاصة بكلٍ منكما .. التاريخ مكتوب فيها .. و كذلك الساعة و الدقائق .. هذا يعني أنكما ستعرفان من أكبر و ما الفرق بعدد الدقائق ..! ركزت النظر علي حينها : أعتقد أن شهادة ميلادك يا لينك موجودة مع السيدة مارسنلي .. أما أنت يا ريكايل فستجدها في أرشيف الملجأ ..! ابتسمت لها بهدوء : شكراً لك خالتي .. لقد أعطتني إياها أمي إلينا .. لكني لا أتذكر الوقت بالضبط ..! بادلتني الابتسامة حينها ثم قالت و كأنها تذكرت شيئاً : آه صحيح .. جوليا .. هلا أحضرتِ صندوقي الخشبي من غرفتي في الأعلى ..! وقفت حينها و قالت بمرح : بالتأكيد أمي ..! خرجت جوليا من الغرفة و حينها التفت الخالة فوراً إلي : لينك .. لقد أخبرتني جوليا بكل شيء عن قصتك مع السيدة مارسنلي حين علمت أنك لست ابنها ..! أعلم أن جوليا وعدتك بأن لا تخبر أحداً .. لكنني أجبرتها على الكلام لأني سألتها عن كيفية معرفتك لريكايل مسبقاً ..! و لأنها لم ترد أن تغضبني حكت لي القصة ..! لذا أرجوا أن لا تغضب منها فأنا أتحمل كافة المسؤولية ..! بذات ابتسامتي الهادئة قلت : لا بأس خالتي .. كنت سأخبرك بكل شيء على العموم ..! تنهدت براحة قبل أن تسأل : و الآن أخبرني .. كيف كانت حياتك مع مارنسلي ؟!.. بلا شعور اتسعت ابتسامتي و أنا أقول : أنه شيء يصعب علي وصفه ..! أمي إلينا و أبي جاستن قدما لي الكثير .. ربما أنا لا أتذكر أبي لأنه توفي في طفولتي لكني أعتقد أنه حتى و إن كان موجوداً فسأكون أكثر سعادةً بوجوده ..! أمي إنسانة عظيمة بالفعل و هي حنون بشكل مفرط .. لم تكن تسمح لي بأن أحزن من شيء فكل شيء أريده كانت تحققه لي بنفس طيبة ..! أعتقد أني متعلق بها بشكل فضيع ..! فهي لم تشعرني يوماً بأنني لست ابنها بل على العكس .. ربما لو كان لها ابن لما عاملته هكذا ..! أني حقاً لا أستطيع العيش بدونها ..! مهما تكلمت و تكلمت فأنا لن أوفي جزءاً بسيطاً من حقها العظيم علي مهما بذلت من جهد ..! بالفعل .. أمي شيء لا يمكنني وصفه مهما حاولت ..! كانت الخالة آنا لا تزال محافظةً على ابتسامتها : بالفعل أراحني كلامك .. فقد قلقت سابقاً نوعاً ما عن كيفية حياتك هناك و إن كنت سعيداً أم لا ..! لكن كلامك طمأنني بالفعل ..! لم أعلق بل اكتفيت بابتسامة هادئة على محياي ..! وصلت حينها جوليا و هي تحمل صندوقاً خشبياً متوسط الحجم بين يديها ..! أخذته الخالة آنا منها و أخرجت مفتاحاً صغيراً من درج الخزانة الصغيرة الذي بجانب السرير ..! أدخلت المفتاح في فتحة في الصندوق ثم فتحته .. كان مليئاً بأوراق قديمة و أشياء صغيرة كثيرة ..! في النهاية أخرجت كيساً أسود صغير من المخمل و فيه خيوط ذهبية بحيث تسحبينها من الجانبين فيغلق الكيس .. لكنها حينها فتحته ..! بانت ابتسامة شاردة عليها بينما كنا الثلاثة متشوقين لمعرفة ما في داخل ذلك الكيس الذي كان بحجم الكف ..! نظرت إلينا ثم أخرجت شيئاً من الكيس .. إنهما شريطان .. الأولى زرقاء و الأخرى حمراء !!.. من فوري علمت أنهما ذات الشريطين في القصة التي حكتها منذ قليل : واااااو .. أمي أكنت تحتفظين بهمَ طيلة هذه السنوات ..! كانت هذه جوليا التي قالت تلك الكلمات بذهول و سعادة .. و بسرعة التقطت الشريطين من يد والدتها و أمسكت بيدي دون أن أستوعب الأمر ..! و في لحظات كان الشريط الأحمر مربوطاً حول معصمي بطريقة لطيفة للغاية .. كما حدث الأمر مع ريكايل و الشريط الأزرق ..! بقيت أتأمل ذلك الشريط .. لقد ربطته جوليا الآن لكن من ربطه قبلاً ؟!.. ربما تكون أمي .. أو أبي .. و ربما ممرضة كانت تعبث في المكان ..! لكن احتمال أنه أحد والدي وارد .. لذا لم أشعر بنفسي إلا بعدما بدأت أتحسس ذلك الشريط الذي حيك بخيوط الستان بيدي الأخرى ..! ابتسمت حينها بلا شعور .. فهذه الأحاسيس التي أشعر بها الآن قد تكون رابطي الأول بوالدي ..! نظرت إلى الخالة آنا حينها : شكراً لك خالتي ..! التفت إلى ريكايل حينها بذهول فقد نطق بتلك الكلمة معي في ذات اللحظة .. لست أنا فقط بالجميع كانوا مذهولين بيمن فيهم ريكايل ..! لكننا حينها ضحكنا جراء ذلك الموقف .. جوليا و الخالة كانتا تضحكان أيضاً ..! أي لحظة هذه التي تعيشها يا لينك ؟!!!.. خلال شهر واحد يحدث كل هذا ؟!!.. تحب فتاة من النظرة الأولى .. تعين خادماً خاصاً رغم كرهك للخدم .. تذهب مع الفتاة للحفل لتكتشف أنها أخت الخادم بالتربية فتتشاجر معها .. تصير صديق خادمك فيما بعد و تحكي له عن طفولتك .. تكتشف أن إلينا ليست أمك الحقيقية بل أخذتك من دار للأيتام و تتشاجر معها للمرة الأولى .. تعرف القصة كاملة و تشتري دار الأيتام دون أن تعلم بأنه من احتضنك في أيامك الأولى .. و بعد كل هذا تكتشف أن ذلك الخادم ما هو إلا أخوك التوأم فترفض ذلك .. تقوم بمقابلة زواج مع فتاة رائعة لم تستطع أن تنسيك حبك للفتاة الأولى التي رفضتك بعنف .. لكن شريكة مقابلة الزواج تقرر مساعدتك و دون أن تلاحظ تعيد صلتك بأخيك ..! و ها أنت الآن تضحك معه و مع الأسرة التي اهتمت به ..! حقاً .. أنا ممتن لكل ما حدث لأنه أوصلني لهذه اللحظة ..! رغم كل المشاكل .. و رغم كل المصائب .. كان للسعادة نصيب من حياتي ..! حتى شخصيتي تغيرت بالكامل .. للأفضل بشكل كبير فأنا لم أعد ذلك الطائش المغرور ..! و كأنني ولدت من جديد و بدأت حياتي من الصفر !!.. كل هذا في شهر واحد فقط ..! .................................................. ......... كانت الساعة هي الثانية حين خرجنا من منزل الخالة آنا ..! و قد قررنا البدء بالبحث عن معلومات عن والدينا بعدما قالت الخالة بأسف بأنها لا تعلم شيئاً غير ما ذكر في الأوراق الخاصة في الملجأ ..! لكن هناك شيء جيد .. فحسب ما قالت يوجد عنوان للمنزل الذي عاشا فيه قبل موتهما ..! ربما نعرف شيئاً إن ذهبنا إلى هناك .. و لذا في خطوة أولى ذهبنا للملجأ..! ريكايل كان يتولى القيادة .. كلانا كان متوتراً فنحن نخشى أن مرور سبعة عشر عاماً قد قلب الأمور رأساً على عقب ..! - هيه لينك .. أتعتقد أن لدينا أقرباء ؟!.. - لا .. لأنه لو كان لدينا لقاموا برعايتنا .! - ربما لم يكن لديهم المال الكافي لحمل مصاريف طفلين ..! - لا أعتقد أن زيارتنا على الأقل ستكلف شيئاً ..! لكن عموماً .. ربما يكون هناك من لديه ظرف كبير فلم يتمكن من رعايتنا ..! - قد تكون على حق ..! كان لدي صديق في المدرسة الداخلية .. رغم أن والده كان حياً إلا أن الظروف أجبرته على وضعه في المدرسة الداخلية .. والده كان مضطراً للعمل في الجيش و والدته توفيت في طفولته أثر مرض ألم بها .. لذا لم يكن هناك من يعتني به ..! - قد تكون لنا الظروف ذاتها .. لا نعلم حقاً ما هي الحقيقة ..! كنا محاطين بالأسئلة من كل جانب ..! التوقعات لم تكن تنتهي ..! و رغم كل شيء تمنينا لو يكون لنا قريب واحد .. شخص قد يحكي لنا عن والدينا على الأقل ..! هناك أيضاً بعض القضايا التي شغلتنا ..! نظرت إلى ريكايل بطرف عين و بتردد قلت : أخي .. ألا زلت مصراً على إخفاء الأمر ؟!!.. تنهد بتعب حينها : لينك أرجوك .. على الأقل في الفترة الحالية ..! - صدقني هذا لن يسبب أي مشكلة ..! أمي ستكون سعيدة بهذا ..! - أعلم ذلك ..! لكن إخبار السيدة مارسنلي بأخوتنا الآن يؤرقني .. أفضل أن أخفي الأمر عنها و عن الجميع بعض الوقت ..! - إني أشعر بالخيانة هكذا ..! إنها قلقة علي لذا أريد أن أطمئنها ..! - أخي من فضلك .. أنهي الحديث الآن ..! - لما ؟!!.. لن يكون الأمر بهذا السوء ..! فقط هي .. لن يعلم أحد لا أدريان و لا جيسكا و لا حتى العم رونالد ..! - اسمع .. إخبار السيدة بالأمر بالنسبة لي مثل إخبار ميشيل بالنسبة لك ..! لذا إن أخبرنا السيدة فسنخبر ميشيل أيضاً ..! تنهدت حينها ..هو يعلم أني أريد أن أخفي الأمر عن ميشيل : ماكر ..! هكذا همست لكنه سمعني فظهرت على شفتيه ابتسامة جانبية ..! بالفعل .. ماذا سيكون موقف ميشيل لو علمت بالأمر ؟!!.. أشعر أنها ستكرهني ..! بالتأكيد .. سوف تعتقد أني أخذت أخاها منها !!.. نعم إنها من ذلك النوع من الفتيات ..! غيورة و أنانية و غير صبورة و متسرعة في الحكم !!.. تفسر الأمور على سجيتها و تريد أن يسير كل شيء كما تريد !!.. سريعة الغضب و لا تسامح بسهولة !!.. طفولية للغاية رغم أن لها نظرة حقد مفزعة !!.. كل هذه كانت صفات ميشيل التي استنتجتها في الآونة الأخيرة ..! مرعب صحيح ؟!!.. بالتأكيد !!.. لكن .. رغم كل هذا فقلبي لم يهتم لهذا كله !!.. فهو ما إن يراها حتى يبدأ بالنبض بعنف و كأنه يريد أن يفارقني و يذهب إليها .. هي فقط !!.. تنهدت حينها ..إنها تشغل ثلث تفكيري بينما كان الثلث الثاني لريكايل و أسرتي الحقيقية و الأخير شغلته أمي إلينا ..! عقلي لا يريد المزيد من المشاكل فليس هناك متسع لها !!.. لذا لن أستطيع فعل شيء حتى أتخلص من القلق على أحد هذه الأقسام : لينك .. لينك !!.. أين شردت يا فتى ؟!!.. انتبهت حينها لأخي الذي كان من الواضح أنه نادى علي مراراً دون تلقي إجابة : عذراً .. كنت أفكر فقط ..! - لقد وصلنا إلى الملجأ .. لكن هناك شيء ما ..! - ما الأمر ؟!.. - انظر أمامك ..! نظرت إلى الأمام إلى شيء وقف أمام بوابة الملجأ .. كانت سيارة .. بل حافلة كبيرة !!.. نزلت كما فعل ريكايل .. و حينها رأينا الأطفال يخرجون من البوابة بانتظام .. و العجيب أن جوليا كانت هناك : كيف وصلت جوليا قبلنا ؟!!!!.. قلت هذا بصدمة فالتفت إلي رايل باستغراب و ضرب رأسي بخفة : أكنت نائماً أم ماذا ؟!!.. لقد توقفنا في محطة الوقود كي نملأ السيارة .. و قد كانت مزدحمة للغاية .. و أيضاً توقفنا قرب سوبر ماركت لأني نزلت و اشتريت زجاجة ماء و علبة كعك محلى للأطفال !!.. بينما كان بإمكان جوليا أن تأتي إلى هنا بالنقل الجماعي مباشرةً و تصل قبلنا ..! كنت متفاجئاً من كل هذا .. و حينها أيقنت أني غفوت بينما كنت أفكر !!.. تجاهلت الأمر و سرت مع ريكايل ناحية الأطفال ..! و ما إن انتبهوا إلينا حتى انطلقت جين أصغرهم باتجاهنا بسعادة ..! لكن العجيب أنها تجاوزت ريكايل و تشبثت بقدمي أنا و هي تقول ببراءة : سننتقل لبيت جديد .. و هناك حديقة كبيرة بجانبه ..! تذكرت حينها ذلك اليوم الذي تعرفت فيه إلى الأطفال و كيف أني وعدت جين بأن تذهب للحديقة دائماً ..! ابتسمت حينها بهدوء و حملتها بين يدي .. كانت المرة الأولى التي أحمل فيها طفلاً !!.. نعم لا تستغربوا !!.. إنها المرة الأولى في حياتي !!.. فأنا لم أحب الأطفال قط مسبقاً ..! لكن أكثر ما جعلني أستغرب هو خفة الوزن و كأن هذه الطفلة عصفور صغير بين ذراعي : أنتي سعيدة ؟!!.. - كثيراً .. يمكنني اللعب متى شئت هناك .. الآنسة جوليا تقول هذا ..! - بالتأكيد يمكنك ذلك ..! كانت ابتسامتها بريئة للغاية و لطيفة و قد تجمع فرح الكون كله فيها ..! في تلك اللحظة أدركت أن الأطفال و إن كانوا مزعجين أحياناً فهم يعدون نعمة لا تعوض ..! قبلت وجنتها حينها قبل أن أنزلها إلى الأرض و أسير معها حيث بقية الأطفال : يبدو أن جين صارت تحبك أكثر مني ..! هذا ما قاله ريكايل و نبرة غيرة اتضحت في صوته رغم تظاهره بعدم المبالاة : ربما .. لقد خطفتها منك ..! قلت هذا بغرور لكن جين قالت حينها : أنا أحب لينك .. و أحب ريكايل أيضاً ..! ابتسم و ربت على رأسها بلطف : و أنا أحبك كذلك ..! قاطعنا حينها صوت ايريك الذي وصفه ريكايل بزعيم العصابة سابقاً : رايل .. ألن تعود للعيش معنا ؟!!.. أومأ سلباً و هو يقول : لا يمكن ايريك .. لديكم الآن مربيات شابات .. لذا لا يمكنني البقاء معكم ..! قطب جون حاجبيه حينها : هيه رايل .. ألن تأتي للعب معنا مجدداً ..! ابتسم له حينها : بلا جون .. سآتي بالتأكيد لرؤيتكم دائماً ..! انتبهنا حينها لتلك الفتاة التي بدأت تبكي : لا أريد .. أريد أن يعود رايل ليعيش معنا ..! لقد كانت لورا .. كما قال ريكايل سابقاً هي حساسة للغاية : لورا لا يجوز أن تبكي .. سيحزن رايل هكذا ..! ديالا قالت تلك الكلمات و هي تربت على رأس لورا كأختها الكبرى ..! لقد قال ريكايل أنها حكيمة و هذا كان بادٍ عليها ..! لكن أخي تقدم حينها إليها و ربت على رأسها : لورا .. اطمئني فأنا سآتي دائماً دائماً للبقاء معكم ..! لذا لا تبكي اتفقنا ..! انتبهت حينها لطفل صغير تشبث ببنطال ريكايل .. لقد كان مارسيل الفتى الخجول ذو السنوات الأربع : رايل .. أنا لن أبكي أبداً بل سأنتظر زيارتك دائماً ..! جثا رايل كي يصل لمستواه و قبل أن يتكلم كانت تلك المشاكسة قد أسرعت للقفز على ظهره و التعلق برقبته : لما جميعكم حزينون .. انظروا إن رايل سعيد و كذلك جين .. سنذهب لبيت جديد و الآنسة جوليا ستبقى معنا لذا لا داعي للحزن ..! ضحكت بخفة على تلك الصغيرة رينا بينما قال ريكايل بصوت مخنوق بسبب ذراعيها الصغيرين المحيطين برقبته : رينا أنزلي حالاً .. ستقتلينني ..! فعلت ما طلب منها فأخذ هو يستعيد أنفاسه .. رغم أن طفلة فقط فعلت هذا إلا أن مدى تأثره كان واضحاً ..! ساورني الشك و القلق .. لما يفقد القدرة على التنفس بسرعة و لا يستعيدها بسهولة ؟!!.. علي أن أسأله قريباً ..! كان قد وقف حينها و نظر إليهم جميعاً بابتسامة : المهم أن تكونوا مطيعين للآنسة جوليا .. و أيضاً لا تتعبوا المربيات الجدد ..! خاصة أنتي يا رينا ..! بدا عليها الضجر بينما كتم الجميع ضحكته إلا أحد الفتية الذي ضحك بعنف فنظر ريكايل إليه بمكر : و أنت غير مستثنى من هذا ايريك ..! إياك أن تسرق الطعام كما تفعل دائماً ..! تظاهر بأنه لم يسمع شيئاً بينما سكتوا جميعاً حتى لا يتعرض أحدهم لإهانة مشابهة ..! لكن هناك من لم يمسك ضحكنه الساخرة : ايريك سيتسلل في الليل ليسرق الحلوى !!.. وجه ريكايل نظراته لذلك الصغير حينها : اسمعوا من يتكلم .. أنت أكثر من يسبب الفوضى في المكان مايك ..! لذا لست مختلفاً عنه كثيراً ..! هذه المرة ضحكوا جميعاً عادا مايك الذي ابتسم بمشاكسة ليخفي إحراجه ..! بينما عاد ريكايل للسيارة قليلاً ليحضر شيئاً .. لحظات حتى وصل إلينا و هو يقول :على ذكر الحلوى .. هذه علبة كعك محلى هدية مني و من لينك .. سأعطيها للآنسة جوليا و حين تصلون للمنزل الجديد تناولوها سويةً ..! بدت أمارات السعادة عليهم و هم يرون ريكايل يناول جوليا تلك العلبة : ماذا تقولون الآن ؟!.. هكذا سألتهم معلمتهم الصغيرة لذا قالوا بصوت واحد : شكراً لك ..! ابتسمت لهم .. إن البراءة تشع من عيني كل منهم رغم الظروف القاسية التي عاشوها ..! يبدو أن للأطفال قدرة على هضم الظروف المحيطة مهما كانت صعبة على عكس الكبار ..! صفقت جوليا بكفيها و هي تقول : حسناً يا صغار .. لقد تأخرنا على السائق لذا اصعدوا إلى الحافلة بانتظام و ليجلس كلن منكم في احد المقاعد ..! أومؤا موافقين لكن جين سألتني : ألن تأتيا معنا ؟!.. أومأت لها سلباً : لا يا عزيزتي .. لدينا بعض الأعمال .. لكننا سنأتي لزيارتكم قريباً ..! ابتسمت بلطف ثم سارت لتصعد الحافلة مع الجميع .. بينما وقفت جوليا أمامنا : أتمنى لكما التوفيق في رحلة البحث .. إلى اللقاء ..! بادلها ريكايل ابتسامتها اللطيفة : شكراً .. نراكم على خير ..! ركبت هي فأُغلق الباب و انطلقت الحافلة للمبنى الجديد الذي اشتريته ..! بينما اتجهت أنا و ريكايل إلى الداخل بصمت كي نبحث في الأوراق عن عنوان المنزل ..! كنت اتبعه إلى الداخل في ذلك المكان الذي صار خالياً الآن كمبنى مهجور ..! أنا لم أتعمق مسبقاً هنا فكل ما رأيته هو غرفة المديرة و غرفة المعيشة ..! لكننا بعد سير بين الممرات التي أثبتت لي أن المبنى ليس صغيراً إطلاقاً وصلنا إلى باب خشبي صغير : هنا ؟!!.. هكذا سألت : ليس بعد ..! كانت هذه إجابته المختصرة قبل أن يفتح الباب ليظهر درج قديم ينزل للأسفل : سننزل ..! - هل المكان آمن في الأسفل ؟!!.. - لا توجد ضوء لذا احذر .. المكان معتم لكن في الأسفل يوجد إنارة ..! - حسناً ..! نزلنا سويةً خلال ذلك الدرج ..قال أن المكان معتم لكنه كان أشد من ذلك : ريكايل .. أأنت هنا ؟!.. - نعم .. أنا أمامك مباشرةً ..! لم استطع أن أكمل بعد أن التففنا فلم يعد ضوء الباب المفتوح في الأعلى يفيد ..! فقط صار المكان أشد ظلمة و بدأت الهلاوس تدخل إلى باطن دماغي !!.. شعرت أن ركبتاي صارتا مرتخيتين و أني لا أستطيع الوقوف !!.. جلست على أحدى الدرجات و وضعت يدي على رأسي بعد أن أسندت مرفقي على ركبتي ..! كنت أشعر برعب حقيقي يسري بداخلي و ضربات قلبي تسارعت و كأن ثوراً هائجاً يطاردها ..! و السبب .. درج معتم ينزل لقبو أسفل مبنى مهجور ..! يبدو أن ذكريات الطفولة تلك لن ترحمني حتى بعد مرور عشرة أعوام : لينك .. أأنت بخير ؟!!.. كان هذا ريكايل .. كنت أسمع صوته قريباً لكني لا أراه .. ربما بسبب عتمة المكان .. و ربما بصري بدأ يخونني ..! شعرته به يربت على كتفي لكنه فوراً أبعد يديه و قال بقلق : جسدك يرتجف !!.. ما بك ؟!!.. لم أجب فعاد ليربت على كتفي و قد ثبت يديه هذه المرة هو يقول : أأنت مريض ؟!!.. - خائف !!.. قلتها بنبرة مهزوزة للغاية و صوت خافت : لما ؟!!.. هل حدث شيء لينك أخبرني !!.. - لاشك أنها في الأسفل !!.. - ماذا تقصد ؟!!.. - أليس !!.. لا بل جثة أليس !!!.. إنها في الأسفل داخل القبو صحيح ؟!!.. صمت لبرهة مما زاد خوفي !!.. أكره ضعفي في هذه اللحظات !!.. أكره نفسي و أتمنى لو أموت !!.. ربما كان من الأفضل أن أموت أنا عوضاً عن أليس ذلك اليوم !!!!.. شعرت بشيء أحاط برأسي .. و قد كانت ذراع رايل : اهدأ .. لا شيء في الأسفل ..! قال هذا بنبرة حانية في محاولة لطرد فزعي و كأنه يحدث طفلا و يخبره أن لا وحش داخل خزانة الملابس ..! تابع حينها بذات الهدوء : أنه مستودع فقط ..! لا توجد أشياء سيئة !!.. لم أقل شيئاً بل أغمضت عيني و أرحت رأسي على كتفه للحظات ..! مضت دقيقتان و نحن في ذلك الصمت حتى في النهاية وقف ريكايل و ساعدني على الوقوف و هو يقول : لنخرج من هنا الآن ..! بقيت على صمتي فأحاط كتفي بذراعه ثم سار معي إلى الأعلى ..! شعرت حينها بالاطمئنان و الامتنان له لأني لو بقيت هناك أكثر لكنت قد جننت بالفعل ..! بعد أن خرجنا أخذني إلى غرفة المعيشة مباشرة دون نطق شيء ..! جلست على تلك الأريكة أستعيد أنفاسي و اخفي تلك الدموع التي تجمعت في مقلتي ..! ربت على كتفي حينها و ابتسم : انتظر هنا .. سأذهب لإحضار الملفات من المستودع في الأسفل ..! لم أقل شيئاً فسار ناحية الباب بهدوء و حينها : ريكايل ..! - ماذا ؟!!.. أوشحت بوجهي بتردد و بخفوت قلت : شكراً ..! ابتسم بهدوء و لم يرد .. بل غادر الغرفة حينها ..! أخذت نفساً عميقاً .. لقد كان موقفاً محرجاً بالفعل ..! لكن .. بما أنه أخي التوأم فلا مشكلة ..! فأنا واثق أنه حتى لو لم أنطق بحرف .. كان سيشعر بي على الأرجح ..! اعتقد أن هذا ما يسمى .. معجزات التوأم ..! ..................................................
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
#35
| ||
| ||
مضت خمسة عشر دقيقة منذ خرج ريكايل .. بينما بقيت أنا مستلقياً في مكاني على تلك الأريكة و قد غطيت عيني بذراعي : آسف على التأخير ..! اعتدلت في جلستي حين رأيته يدخل وهو يحمل ملفاً أسود : لقد قلقت نوعاً ما من تأخرك ..! - لم أتمكن من العثور عليه فوراً .. رغم أني كنت قد بحثت فيه منذ يومين لكن يبدو أنهم أعادوا ترتيب المكان قبل الخروج من هنا ..!صحيح .. لم تخبرني عن مصير باقي العاملات هنا ؟!!.. - لقد طلبت من أدريان أن يؤمن لكل واحدة منهن عملاً يناسبها ..! - جيد .. إذاً لنبدأ بالبحث ..! لم أقل شيئاً فتقدم و وجلس بجواري وقد فتح الملف .. أطللت برأسي و بدأ يقلب الأوراق : ما هذه بالضبط ؟!.. هكذا سألت باستغراب حين رأيت كثيراً من الأوراق المتشابهة : إنها أسماء الأطفال الذين تم تسليمهم للملجأ معنا في ذات الشهر .. كما ترى لقد كان مزدهراً تلك الفترة..! بقيت أنظر إلى تلك الأوراق .. يا ترى ماذا حدث مع كل هؤلاء ؟!!.. ربما تم تبنيهم ..! و ربما تخرجوا من الإعدادية و بدؤوا العمل كما حدث مع ريكايل ..! و ربما اتجه بعضهم للطرق السوداء كالسرقة و حياة العصابات ..! من المسؤول عن هذا ؟!!.. لما أطفال لا ذنب لهم يعيشون هذه الحياة..! ربما أنا و أخي أفضل حالاً فعلى الأقل نحن نعرف والدينا .. لكن ماذا عن من لا يعلمون شيئاً ؟!!.. فقط .. وجدوا مرميين في الشوارع بلا مأوى بسبب خطأ من أبويهم أو حتى تسلية ..! بعض البشر .. يجبوا أن يتم محوهم من هذا العالم !!.. - عثرت عليه ..! انتبهت لريكايل الذي أخرج ورقتين من الملف :هذه هي أوراقنا ..! - ماذا وجدت ؟!!.. - هذه هي استمارة الملجأ .. وهذه شهادة ميلادي ..! أخذت منه الاستمارة ..! كان فيها بعض المعلومات السطحية : لنرى .. الأب : إيان براون .. العمر : عشرون ..! الأم : نيكول براون .. العمر :عشرون ..! الحالة متوفيان ..! الطفل : لينك ايان براون .. العمر : يومان ..! الطفل 2 : ريكايل ايان براون .. العمر : يومان ..! كان هذا ما كتب في تلك الجداول الصغيرة ..نظرت أسفل الصفحة و حينها هتفت : إنه هنا .. العنوان ..! - وجدته !!..رائع !!.. - انظر .. الحي " 48 " .. المنزل رقم " 121 " ..! - لننطلق إلى هناك .. أعرف مكان ذلك الحي ..! .................................................. ............ كانت الساعة قد تجاوزت الخامسة حين وصلنا للحي المطلوب .. لقد كان الطريق إلى هنا طويلاً و الشوارع كانت مزدحمة : هيه رايل .. أتعتقد أننا سنعرف شيئاً ؟!.. أقصد .. لاشك أن شخصاً ما سكن المنزل بعد والدينا .. لقد مرت الكثير من السنوات ..! تنهد حينها و هو يقول : في الحقيقة .. لست واثقاً ..! لكن ربما نعرف شيئاً إن سألنا الجيران ..! - أرجوا أن نعثر على إجابة شافية ..! - و أنا أرجوا ذلك .. لكن عثورنا على المنزل سيساعدنا كثيراً ..! فربما يكون قريب لنا يعيش فيه الآن ..! - اسمع .. إن كان كذلك فنحن سنتحدث إليه .. لكن لن نخبره بحقيقة أمرنا حتى نعلم عن نيته ..! - محق ..! فقد يكون شخصاً سيئاً و سيفكر بالتخلص منا كي لا نطالب بالإرث ..! - لا أعتقد أن هناك أرثاً أصلاً .. لو كان كذلك لما عشنا هكذا ..! لم يعلق فهو بالتأكيد يفكر بالأمر ذاته : ما رأيك أن ننزل و نسير من هنا ؟!!.. هكذا اقترحت فأوقف السيارة على جانب الطريق :فكرة حسنة ..! نزلنا حينها و بدأنا نسير .. كنا نرى بعض الأشخاص يسيرون في ذلك الحي .. لكننا لم نعلم من نسأل بالضبط ؟!!.. أمسك بيدي وهو يقول : لنسأل تلك الشابة .. ربما تعرف ..! نظرت إلى الأمام لأرى فتاة تسير و تحمل كيس سوبر ماركت وعلى وجهها ابتسامة متفائلة ..! وقفت أمامها و ابتسمت أنا الآخر : مرحباً يا آنسة .. هل يمكنك مساعدتي ؟!!.. - أهلاً .. على قدر استطاعتي ..! - أريد أن أسألك عن منزل في الحي ..! - أنا أعيش هنا منذ خمس سنوات و أعرف كل الجيران .. يمكنك أن تسأل ..! - المنزل رقم " 121 " سأكون شاكراً لك لو دللتني على مكانه ..! - أه تقصد المنزل المتصل بالمشتل الصغير ..! حسناً ..! أشارت إلى مكان ما : ترى ذلك المنعطف ؟!!.. يمكنك أن ترى المنزل فور أن تلتف منه .. أن جدرانه من الطوب رمادي اللون .. و سقفه مبني من القرميد باللون الأزرق ..! بدا الحماس على رايل الذي كان يقف بجانبي :شكراً لك يا آنسة .. هيا بنا أخي ..! تقدم خطوة حينها فأمسكت يده : انتظر لحظة .. يا آنسة .. هل تعلمين من أصحاب المنزل ؟!!.. قطبت حاجبيها و أخذت تتذكر: حسناً .. لا أحد يعيش فيه .. و منذ سكنت هنا لم يعش أحد فيه .. أعتقد أنه منزل لأسرة براون ..! آه صحيح .. يمكنكم أن تسألوا المرأة التي تدير المشتل الصغير أسفله فقد استأجرته من صاحب المنزل على ما أعتقد ..! لا أحد يعيش هناك !!!.. و رغم ذلك هناك صاحب للمنزل : شكراً لك مجدداً ..! - على الرحب و السعة ..! لكن هل يمكنني أن أعرف سبب سؤالكما ؟!!.. - أنه منزل أقارب أمي و قد جئنا بحثاً عنهم ..! - هكذا إذاً .. أتمنى أن تجدوهم قريباً ..! ودعنا الفتاة و سرنا ناحية المنعطف : كذبة جيدة لينك ..! - ليست كذبة .. أنه حقاً منزل أقاربنا ..! - تقصد .. منزلنا !!.. - أياً يكن ..! - لقد قالت أنه منزل أسرة براون .. هذا يعني أن المنزل لم يباع لشخص آخر ..! - ما يحيرني هو أنه لا أحد عاش فيه منذ أكثر من خمس سنوات ..! في تلك اللحظة كنا قد التففنا عن المنعطف .. استطعت فوراً رؤيته هناك بالقرب منا بعد منزلين تقريباً .. لقد كان من دورين و علية كما يبدو .. جدرانه رمادية و سقفه أزرق .. لم تكن هناك أي حديقة أمامه لكن أسفله كان هناك محل صغير توزعت بعض النباتات أمامه ..!
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الكيان السعودي العريق | ŖανëŇ | رياضة و شباب | 0 | 08-23-2010 09:11 AM |
ماذا لو حدثت حرب ايران مع حزب الله ضد الكيان اليهودي شو موقف غزة ؟؟ | ميثم84 | حوارات و نقاشات جاده | 1 | 12-19-2009 01:54 AM |
الموقف الشرعي من لقاء شيخ الأزهر برئيس الكيان الصهيوني!!!! | الأمير العمري | نور الإسلام - | 1 | 07-10-2009 10:13 AM |
قادة الكيان الصهيوني ارتكبوا جرائم حرب فتمت محاكمة البشير | fares alsunna | مواضيع عامة | 0 | 03-04-2009 11:03 PM |
جامعة في قطر تفتح أبوابها لطلاب الكيان الصهيونى..!! | أبايحي | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 04-21-2007 08:49 PM |