عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-22-2013, 04:07 AM
 
تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام الجزء الحادي عشر

الحمد لله حمداً يبلغ رضاه، وصلى الله على أشرف من اجتباه، وعلى من صاحبه ووالاه، وسلم تسليماً لا يدرك منتهاه وبعد
عاشرا: فضل ليلة القدر
ليلة القدر ليلة شريفة، خصها الله بخصائص عظيمة، تنبئ عن فضلها ورفعة شأنها، منها:
1- أنها الليلة التي أنزل فيها القرآن، كما قال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } (1) ففي تخصيصها بذلك تنبيه على شرفها وتنويه بفضلها، حيث أنزل الله تعالى فيها أعظم الذكر وأشرف الكتب، ففي قراءته فيها أخذ بسبب من أعظم أسباب الهدى ودواعي التقى.
2- وصف الله تعالى بأنها مباركة، بقوله: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } (2) الآية . فهي مباركة لكثرة خيرها وعظم فضلها، وجليل ما يعطي الله من قامها إيمانا واحتسابا (3) ، من الخير الكثير والأجر الوفير.
3- إخباره تعالى عنها، بقوله: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } (4) أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى صحف الكتبة من الملائكة من الأمور المحكمة مما يتعلق بالعباد، من أمر المعاش والمعاد إلى مثلها من العام القابل، من الأرزاق والأعمال والحوادث والآجال، ونحو ذلك من الأمور المحكمة المتقنة بمقتضى علم الله تعالى وحكمته ومشيئته وقدرته، وذلك كله مما يبين شرف تلك الليلة وعظم شأنها.
_________
(1) سورة القدر , الآية : 1
(2) سورة الدخان , الآية : 3
(3) لحديث: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» سبق تخريجه صفحة (28).
(4) سورة الدخان , الآية : 4

4- ما يفيده قوله تعالى: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } (1) من التنبيه على فضل قيامها وكثرة الثواب على العمل فيها، مع مضاعفة العمل، فإن عبادة الله تعالى وما يناله العبد من الثواب عليها خير من العبادة في ألف شهر خالية منها. وذلك ينيف عن ثمانين سنة، وإذا كان العمل الصالح يضاعف في رمضان ويضاعف ثوابه، فكيف إذا وقع في ليلة القدر؟ فلا يعلم إلا الله تعالى ما يفوز به من قامها إيمانا واحتسابا من الأجر العظيم والثواب الكريم.
5- تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة لأهل الإيمان، كما قال تعالى: { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ }{ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } (2) ولذا فهي ليلة مطمئنة تكثر فيها السلامة من العذاب والإعانة على طاعة الغفور التواب.
6- ما ثبت في الصحيحين عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: « من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه » (3) . فهي ليلة تغفر فيها الذنوب، وتفتح فيها أبواب الخير، وتعظم الأجور، وتيسر الأمور.
_________
(1) سورة القدر , الآية : 3
(2) سورة القدر , الآيتان: 4, 5
(3) سبق تخريجه صفحة: (28).
فلهذه الفضائل العظيمة وغيرها تواترت الأحاديث الصحيحة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في الحث على تحري هذه الليلة في ليالي العشر الأخير من رمضان، وبيان فضلها، وفي سنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في قيامها، وهدي أصحابه رضي الله عنهم من الاجتهاد في التماسها ما يبعث همم طلاب الآخرة والراغبين في العتق والمغفرة مع وافر الأجر وكريم المثوبة، إلى اتباعهم على ذلك بإحسان، التماسا لرضا الرحمن، والفوز بفسيح الجنان.
ولم يرد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نص صريح أنها في ليلة معينة لا تتعداها في كل سنة، وما ورد من النصوص في تحديدها بليلة معينة فالمراد - والله أعلم - في تلك السنة التي أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عنها فيها وحث على قيامها بعينها، وبهذا تجتمع الأحاديث التي ظاهرها التعارض، وتفيد تلك الأحاديث أنها تنتقل من سنة إلى أخرى، فقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين، وفي أخرى ليلة ثلاث وعشرين، وفي ثالثة أربع وعشرين، وهكذا.
قال الحافظ في الفتح: أرجح الأقوال أنها في الوتر من العشر الأخير وأنها تنتقل (1) .
_________
(1) فتح الباري لابن حجر (4 / 313).
قلت: ومما قرره أهل العلم بشأنها أنها تتحرى وتطلب في ليالي الشفع كما تطلب في ليالي الوتر، ولهذا جاء في بعض الأحاديث ونقل عن بعض السلف تحديدها في بعض الأعوام في ليالي الشفع من العشر.
وقد وجّه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذلك بقوله: "إن كان الشهر تاما فكل ليلة من العشر وتر، إما باعتبار الماضي كإحدى وعشرين، وإما باعتبار الباقي كالثانية والعشرين، وإن كان ناقصا فالأوتار باعتبار الباقي موافقة لها باعتبار الماضي".
ولهذا ينبغي أن يتحراها المؤمن في كل ليالي العشر، عملا بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: « التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان » (1) متفق عليه.
وإنما أخفى الله علمها عن العباد رحمة بهم ليكثر اجتهادهم في طلبها، وتظهر رغبتهم فيها، وتكثر العبادة فيها، ليحصلوا على جليل العمل وجزيل الأجر بقيامهم لتلك الليالي المباركة، كل ليلة يظنون أنها ليلة القدر، فإنهم بقيامهم لتلك الليالي يثابون على قيام كل ليلة - لا سيما وأنهم يحتسبون أنها ليلة القدر، والأعمال بالنيات - مع أنهم يدركون ليلة القدر قطعا إذا قاموا كل ليالي العشر.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2020) في فضل ليلة القدر، باب: «تحري ليلة القدر في الوتر . . » ومسلم برقم (1169) في الصيام، باب: «فضل ليلة القدر والحث على طلبها . . . ». عن عائشة رضي الله عنها.
ولهذا كان من سُنةّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الاعتكاف تلك العشر، وهذا فيه الاجتهاد في العبادة، وبذل الوسع في تحري تلك الليلة، فينقطع في المسجد - تلك المدة - عن كل الخلائق، مشتغلا بطاعة الخالق، قد حبس نفسه على طاعته، وشغل لسانه بدعائه وذكره، وتخلى عن جميع ما يشغله، وعكف بقلبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له سوى الله وما شغل نفسه إلا بما فيه رضاه.
وحقيقة أن الاعتكاف سُنّة مأثورة وشعيرة مبرورة، وقد أوشكت أن تكون بين الناس مهجورة، فينبغي - لمن تيسّر له أمره - إحياؤها والترغيب فيها، فإن: « من سَنّ في الإسلام سُنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء » (1) رواه مسلم، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: « من دل على خير فله مثل أجر فاعله » (2) رواه مسلم .
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1017) في الزكاة، باب: «الحث على الصدقة . . . . . . » وأخرجه مسلم أيضا في العلم، باب: «من سن سنة حسنة أو سيئة . . . . .» عن عائشة رضي الله عنها.
(2) أخرجه مسلم برقم (1893) في الإمارة، باب: (فضل إعانة الغازي في سبيل الله . . . . . . « عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.
ومما ينبغي التفطن له تربية الأهل على العناية بهذه الليالي الشريفة، وإظهار تعظيمها، والأخذ بسُنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها، فقد كان يوقظ أهله (1) . وكل من يطيق القيام للصلاة والذكر، والتنافس فيما ينال به عظيم الأجر من خصال البر، حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة، فيما يقرب إلى الله تعالى، فإنها من فرص العمر وغنائم الدهر.
ومما يدعو إلى القلق وعظيم الحزن تساهل بعض الناس - هدانا الله وإياهم - فيها، وزهدهم في خيرها، حيث يظهر منهم الكسل فيها أكثر مما سبقها من الشهر، حتى يتخلّفون عن الفرائض ويهجرون المساجد، ويزدحمون في الأسواق، ويرتكبون بعض خصال النفاق، نسأل الله تعالى لنا ولهم العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا من المسارعين إلى المغفرة والجنات، المتنافسين في الخيرات، الفائزين بعظيم الأجور وأعالي الجنات، إنه سبحانه سميع مجيب الدعوات.
_________
(1) لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» أخرجه البخاري برقم 2024. ومسلم برقم 1174. وفي الباب أحاديث أخر
ووغدا ان شاء الله سناتي على احكام زكاة الفطر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام الجزء العاشر mohamed_atri نور الإسلام - 0 07-21-2013 03:40 AM
تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام الجزء السابع mohamed_atri نور الإسلام - 0 07-17-2013 03:59 AM
تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام الجزء الخامس mohamed_atri نور الإسلام - 2 07-16-2013 03:50 AM
تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام الجزء الثالث mohamed_atri نور الإسلام - 0 07-13-2013 02:56 AM
تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام الجزء الثاني mohamed_atri نور الإسلام - 0 07-12-2013 02:09 AM


الساعة الآن 11:09 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011