- 3 - ـ هارييت ، هارييت ، أوي هارييت
ـ سحقًا لكِ ، ماذا تريدين ؟
ـ: ألن تقومِ بقتلي هنـا ؟
ـ بنفاذ صبر ـ : كي أضطر أن أضاعف فترة قضائي هنـا ؟
ـ إذاً ، لا بأس بإزعاجكِ !
ـ إذا لم تغلقِ فمكِ الكبير ، ستجدينه يخاط في غرفة العمليات .
لم تعلق ، بقيتا جالستان بصمت ، مللت فيوليت من هذه الحال ، واقتربتْ من هارييت ، تأبطت ذراعها و أسندت رأسها على كتفها ، وأردفت بصوتها النـاعم :
بدا الارتباك جليـِاً على هارييت ، ولكنها أخفته بلكنتها البـاردة :
ضحكت فيوليت وقـالت بمزح خٌلط بالسخرية :
ـ صديقي ؟ ، لم أحظ بواحدٍ من قبل
ـ والدي مشغولُ بسكرتيراته الجميِلات !
ظهرت حمرة خفيفة على خديها ، و نظرات حزينة ارتسمت على وجهها :
أغلقتـا فمهمـا ، وبقي الصمت سيدهمـا ، طيلة الظهيرة ، همـا مقربتان مِنْ بعضهمـْا قلِيلاً !
ـ نعم مـع تلك الصهباء المجنونة ،
ـ لم يلحظ أحدٌ هارييت بعدْ
ـ ستفضحينها بنفسكِ الآن ، فالتخرسي ولنذهب
ضحكاتْ مُلئت الصالةْ ، نسـاء بملابس خليعةً وتبرج مُبالغ به ، كؤوس الشرابْ المُحرم بيد كُلِ واحدةٍ مِنهُن ، رجـل أربعيني كـان شاذً بينهن ، يٌقبل هذه ، ويرقص مع تِلك ، كـان لون وجهه محمَر والعرق يتصبب منه فيْ كلِ مـكان ، يبدو عليه السَكَر
تدافعت الفتيات ، وتأبطت تلك الشقراء بشامتها الكبيرة المستقرة أعلى شفتيها ذراع الرجـل ، وقالت بغنجٍ :
ـ سأكفيكَ لليلة وأسبوع أيضـاً
وختمت كلماتها القذرة ، بضحكة ارتفعت بعلوٍ وغرور ، وخرجـا من القاعة ، كـان يترنح في مشيته ، وهـي كـانت تفتش جيوبه ، بسرعة ، أخرجت مفتاح ، و قرأت الرقم الذي كُتب عليه ، قبلته في خده ، وطلبت من أحد العمـال الذين يعملون في الفندق بأن يدلوها على غرفة سيدهم ، أدخلته وأغلقت الباب خلفها ، رمته على السرير بقسوة ، و استقرت فوق خصره ، استمرت بضرب رأسه بالوسادة إلى أن تناثر الريش في كل مكـان ، قامت بنفض شعرها ، و لوثت وجهها بأحمر الشفاه ، أخرجت من حقيبتها أحمر شفاه بنفس اللون ، ولوثت وجه الرجل به ، وكـان الرجل سكير لم يشعر بشيء ، أنهت ما فعلته ، ونزعت ملابس الرجل كاملة ، وتوجهت إلى المرحاض ، لدقائق معدودة ، خرجت وكانت تمسك بملابسها الداخلية والفستان بيدها ، نثرته على الأرضية المقابلة للسرير ، وأغلقت الأضواء ، وجمعت الوسائد بجانب الرجـل ، وخرجت من غرفته ، مرتدية الأسود وقبعة تخفي ملامح وجهها ، ركضت خارجةً من الفندق ، ورفعت هاتف أسود اللون ، قديم التكنولوجيا ، و أردفت بلكنتها الأمريكية البحتة : ، مرحبا !
ـ أيمكنني أن أتكلم مـع السجينة فيوليت
شعرت الشقراء بأنها ستلقى الرفض فأضافت مِسرعةٌ : الأمر ضروري ، ضروريٌ جداً
...................................................
كـانت لا زالت فيوليت متأبطة ذراع هارييت ، و تتمتم بمـا لا يُفهم ، جاءت تلك المرأة ، وقالت بقسوة لفيوليت : هنـاك مكالمةٌ لكِ ، أسرعـي
نهضت فيوليت راكضةٌ ، و تحدثت سراً مع نفسها " ربمـا تكون فيزا " ، دخلت الغُرفة مسرعة : فيــزا !
ـ لستُ فيزا أيتها الذكية ،
بدت الدهشة تملئ تقاسيم فيوليت ، وأردفت بتردد وهي تزدرد لعابها : جوين ؟
ـ أجـل ، هي بلحمها وشحمِها
ـ بعد تلك الحادثة ، مللت عدم وجودكِ ، لترمقيني بتلك النظراتِ الغاضبة ، فاشتقت لكِ ، فأردت مساعدتكِ للهروب من السجن
ـ نعم ، ولكن يجب أن تعلمِ ، مـا أفعلهُ لــيس حبًا لكِ ، هاه
ـ فهمت ، ولكن انتظري قليلاً ، فلقد حاولتُ الهرب قبل يوم ، ستكونُ الرقابة مشددة عليَ كثيراً !
ـ أرى ذلك ! ، حسن ، إلى اللقاء
أغلقت جوين الخط ، دون أن تسمع ردَ فيوليت ، خرجتْ فيوليت ، و علاماتُ الهمّ والغمِ على قلبها ، اقتربت من هارييت ، ورسمت ابتسامة زائفة ، وقالت بهدوء : سأخلدُ إلى النوم ، تصبحينَ على خير ،
تّحرّكتْ و هي تسحب قدميهـا ، سحباً ، توقفت في إحدى الممرات أمـام نافذة صغيرة ، بقيت شاردة الذهـن على القمـر ، : أوه ، إنه مكتمل ، لاشك بأننـا في منتصف الشهـر الآن .
بالنسبة لفيوليت ، كـانت الأيام والشهور ، غـير مهمين حالياً ، فجُلَ ما تتمناهُ الآن ، هـو فيليب ، فيليب الصغير !
في التاسعة والنصف صباحاً ، استفاقت هارييت ، ودخلت إلى دورة المياه الموجودة يسـار سريرهـا ، أغلقت الباب بإحكـام ، وتوقفت قدماها أمـام المرأة ، رفعت شعرها بكـامله إلى الأعلى ، وغسلت وجههـا ثلاثُ ، : بقي شهران ، شهران فقط ! تحمل هاري تحمـل !
وعـادت إلى السرير ، لترتمي إليه مجدداً ، متناسيةً العقـاب الصـارم الذي ينتظرهـا !
: أه ، سحـقاً لكِ يا هارييت ، سحقاً لكِ ، تغرقيني بالعمـل وتذهبين ، بسببكِ هروبي أُفسـد فقط بسببكِ ،!
ـ هيه ، أنتي ، ستكملين العمـل وحدكِ إن لم تأتِ صديقتكِ
ـ فهمنـا يا أختي ، فهمنـا !
كانت فيوليت متكئةً على رأس المرحـاض ، وتتقيأ بصوتٍ مسموع ، والدموع المحتقنة والعينين الحمراء هي مـا تصف حالتها في تلك اللحظة !
كانت هارييت ، تقف مجاورةً للباب ، وتقول بحمرة خفيفة علىْ وجنتهـا اليُسرى : قلت لكِ بأنني آسفة ، وأخبرتكِ بأنني آسفة ، وأكملت عنكِ العمل لأعبر عن أسفي ، و صفعتني في وجهي ، ولم تسامحينني بـعد ألا تعتقدين بأنكِ تبالغين قليلاً !
ـ اخرسي ، ولا تتحدثِ معي ، وأعطني لفافة المناديل تلك !
ومدت يدهـا إلى الخلف ولا زال وجهها مواجهـاً للمرحاض ،
سحبتها منها بقسوة ، مسحت فمها ، وبقيت دموعها مستمرة بالانهمـار
: لماذا تستمرون فـي اتعاسي لماذا ، أنني ، انني ، أكرهكم !
مـا إن أنهت جملتها ، حتى سقطت مغشيٌ عليهـا ، أمسكتها هارييت وحملتها ، إلى الممرضة
بعدمـا فحصتها ، وأخذت بعض الدم منهـا ، سألتها : عزيزتي ، هـل أنتِ متزوجة ؟!
بدت فيوليت مرتبكة بشكلٍ كبير ، و عضت أسفل شفتهـا ، واكتفت بالصمت !
زفرت هارييت بغضب ، وخرجت ساحبةً ذراع فيوليت غير مباليةً بإعيائهِـا : ما لذي تخبئينه فيوليت ، تكلمي ؟!
ـ هارييت ، اتركيني ، كفى !
ـ كـيف تجرأتِ وفعلتِ ذلك ؟ كـيف ؟
ـ ألم تفهمي من سؤالهـا ، يبدو بأنكِ حـاملٌ يا غبية ، حـامل !
صرخت بأعلى صوتهـا ، و أسكتت نفسها بيدهـا وأردفت بهمس
ـ مـــــــــــاذا !! م ..م ..مستــحيل
ـ مـا هو المستحيل ، أنكِ لستِ مراهقة ما لذي جعلكِ تقدمين على أمرٍ كهذا ؟!
لم تجب فيوليت ، وعادت إلى الممرضة مجدداً !
وقـالت لها بارتباك : أ أنـا فعلاً حـامل ؟!
ـ هاه ، من أدخـل هذه الفكرة في رأسكِ ؟
ـ أيه ، أتقصدين بأنني لست حـامل ؟!
ـ بالطبع لستِ حـامل ، فقط سألتكِ لأنني شككت ، غداً سأخبركِ بالتفاصيل !
خرجتْ فيوليت ، وكـانتِ هارييت واقفةَ و تضربِ الأرضْ بمؤخرةِ قدمهاَ !
اقتربتْ هارييت منهـاَ وأمِسَكتِ بكلتـَا يديهَـا : لمَ ، ألستِ حامِل ؟
ـ مُستِحيل ياَ غبِيةَ !
***
ارائُكم \ انتقاداتكم ؟ 3>