عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة

روايات طويلة روايات عالمية طويلة, روايات محلية طويلة, روايات عربية طويلة, روايات رومانسية طويلة.

Like Tree37Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 08-15-2013, 12:34 PM
 
WoooooooooooooooooooW
__________________
مادري وش نكتب


ششششيماء تحبك وتشتاقلك
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08-15-2013, 02:51 PM
 
واااو القصه جد روعه اكملي ولا تنسي ان ترسلي لي الرابط..جيك لوغان اتوقع ان يكون هو البطل لا اعلم لماذا مع ان سمعته جد سيئه..
Happy Virus likes this.
__________________
ربِ هب لي مِن لدُنك رحمة



شظايا سنين | مدونة
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08-16-2013, 11:25 AM
 


2- الرجل



لم تكن هيلين قصيرة القامة ومع ذلك أضطرت للتطلع الى أعلى لترى الرجل الواقف أمامها والمتكىء بشيء من اللامبالاة على حافة الباب.

كان قلبها يخفق بسرعة لرؤية هذا الرجل الرهيب أخيرا.... الرجل الذي سمعت عنه تلك الأخبار المقلقة .
وعبر المسافة القصيرة التي تفصل بينهما ألتقت عيناها بعينيه , وأرتخت ركبتا هيلين من الصدمة , هذا أسوأ , أسوأ بكثير مما توقعت , وكأنها في مواجهة قرصان! كان عليها التمسك بشدة لمقاومة رغبتها الغريزية بأغلاق الباب في وجههه.
طوله أكثر من ستة أقدام , أكتافه عريضة , شعره الأسود اللامع مبتل , وكأنه كان يسبح قبل مجيئه الى هذا المكان... ربما فمه حسن التكوين شهواني عليه مسحة قوة , ثم تلك العنجهية , تلك الثقة الكبيرة بالنفس والتي جعلت القشعريرة تسري في جسمها , كان يضع رقعة سوداء فوق عينه اليمنى وكأنها اللمسة الأخيرة لرسم تلك الصورة المخيفة , فوق هذا كله تلك البسمة الساخرة السريعة وكأنه كان يعرف...
" هل سأدعى للدخول أم لا؟".
كم أرادت أن تقول لا , لكنها تراجعت الى الوراء فاتحة الباب على مصراعيه حتى بعد أن أصبح في الداخل تركت الباب مفتوحا , أستدار اليها وقال:
"لا تخشي شيئا , لن يطول بقائي , لكن طبعا.... يجب ترك الباب مفتوحا, هذا أضمن!".
كان صوته عميقا , وبه بحة خفيفة و... بأختصار كان هذا صوته .... رغما عنها أحست برعشة ما , هذا الصوت المليء بالتحدي والذي يخفي وراء أي كلام يقوله شيئا ما وكأنه يقول :
" أعرف تماما أنك سمعت عني كل شيء , لكن الحقيقة أنني لا أبالي مطلقا بذلك".
وبالفعل كان منظره يوحي بأنه لا يعير أدنى أهتمام لآراء الغير فيه , أخرج المفتاح ووضعه على الطاولة.
" هناك الكثير من الأمور التي يجب بحثها , لكن ليس الليلة فأنت متعبة كثيرا بعد كل هذا السفر".
لكن لماذا أحست هيلين بالأهانة في كلامه؟
" بالفعل".
أجابته ببرود:
" ربما غدا".
" بالتأكيد".
وأحنى رأسه موافقا .
" جئت أيضا لأخبرك أنني أسكن في البيت المجاور أن أحتجت أي شيء".
" لطيف منك ذلك ".
وبدأت هيلين تعود الى أتزانها الطبيعي حتى أنها أستطاعت أن تبتسم لهذا الرجل.
" لكن بيل... السيد أنز وأخته كانا لطيفين جدا وأحضرا بعض الطعام".
" نعم , أعرف ذلك".
تمهل قليلا ثم قال :
" أنها جزيرة هادئة , لكن أن أزعجك شيء فأصرخي فأسمعك".
وقفت بدون حراك , بالطبع لا تستطيع أخباره بأن خوفها الوحيد الى الآن كان منه هو.
" أشكرك يا سيد لوغان , لكنني أستطيع تدبر أمري".
قالت بهدوء, ونظر الرجل اليها بتلك العين الواحدة ذات اللون البني الداكن نظرة كلها برودة , ومرت بسمة خفيفة على وجهه:
" أنا أكيد من ذلك , تصبحين على خير".
أنسحب بهدوء مغلقا الباب خلفه قبل أن تتمن من التحرك لتفعل ذلك وبقيت جامدة في مكانها , تلك الأبتسامة الساخرة بقيت معها , هذا النفور السريع المتبادل , الجو المشحون منذ دخل والذي بدون شك شعر به هو أيضا , ما زال يملأ فضاء الغرفة.
أقفلت هيلين الباب , لكن من قال أنه لا يملك مفتاحا آخر , ولكثرة أضطرابها لم يخطر ببالها أنه ليس بحلجة لأقتحام البيت عليها , هذا الرجل لم يظهر أدنى أهتمام بها كأمرأة ولم يظهر عليه مطلقا أنه وجدها جذابة أو جميلة , أستغرقت هيلين في التفكير , تلك كانت حقا تجربة ( جديدة) وغريبة.
كانت معتادة على التعبير الصريح عن أعجاب الرجال بها , تتلقاه دون حرج ولا غرور منذ كانت في الخامسة عشرة من عمرها وبعد أن تحولت من تلك الفتاة الصغيرة المكتنزة الى المرأة الجذابة ذات القوام الجميل والأنوثة الصارخة , لكن هذا الرجل الكامل الرجولة المعتد بنفسه تصرف معها وكأنه أمام فتاة صغيرة أو ربما غلام لا يثير فيه أية رغبة!
تطلعت هيلين الى وجهها في المرآة , وأحست ببعض الراحة لموقفه هذا , مجرد التصور فقط بأن هذا الرجل يريد لمسها بعث بالقشعريرة في جسمها كله , وتذكرت الفتاة الصغيرة... أنها الآن في السابعة عشرة وطفلها من هذا الرجل في الثانية من عمرة وأرتجفت , أي نوع من الرجال هو ؟ وظنت أنها بدأت تعرف.
نامت هيلين بعمق تلك الليلة , وأستفاقت على صوت جرس كنيسة آت من بعيد , صوت أليف يذكرها بوطنها , ما أبعدها عن وطنها الآن.
أعتدلت هيلين في فراشها وتثاءبت بكسل , ثم تذكرت جارها , عليها أن تراه اليوم أيضا , عادت اليها كلمات مارشا محذرة أياها أنه سيحاول بكل الطرق أنتزاع نصف التركة الآخر منها , هل يعقل ذلك ؟ هل يكون الرجل شريرا الى هذه الدرجة؟ لكن بيل ... بيل ليس غبيا ومع ذلك لم يحاول تحذيرها منه مع أن أخته كانت تصر على ذلك.
قامت من فراشها , أغتسلت ولبست فستانا خفيفا نت القطن بدون أكمام , أنه فستان بسيط جدا بلونه الأزرق الفاتح , منظره كان بسيطا أما ثمنه......!
لم تكن عند هيلين أية مشكلة بالنسبة الى المال , كانت أمها كريمة جدا معها بهذا الخصوص عندما كانت هيلين صغيرة , والآن هي تكسب الكثير من عملها كعارضة أزياء , والخال فيليب الغني جدا يعطيها كل الثياب التي تقوم بعرضها حتى أمتلأت خزائن ثيابها المكتظة في لندن.
وضعت هيلين بعض أحمر الشفاه على شفتيها الرقيقتين , ورفعت شعرها الجميل الى أعلى , كان هذا أحد تأثيرات أمها القليلة عليها والتي كانت كلما رأتها تلقي عليها محاضرة بأن السيدات المحترمات لا يتركن شعرهن سائبا , يجب رفعه دائما , هيلينا كار , أمها , قالت لها هذا وهي في السادسة عشرة من عمرها عندما رأت خصلات شعر هيلين الذهبية الجميلة منسدلة على كتفيها , ( هذا مبتذل يا عزيزتي).
ومنذ ذلك الوقت لم تترك هيلين شعرها ينسدل أبدا .
ذهبت هيلين الى المطبخ وحضرت بعض القهوة والخبز المحمص , ثم أتجهت الى النافذة , كل هذا الأخضرار الجميل , الأشجار المحملة بالفاكهة الغريبة الشكل , وفجأة علقت عيناها بالنافذة المواجهة.
جمدت هيلين في مكانها , لقد رأته هناك قرب النافذة , رأته للحظة واحدة أختفى بعدها , رأت صدره العاري المغطى بالشعر الكثيف , رأت عضلاته القوية , كان عاريا حتى وسطه , وركضت هيلين بعيدا عن النافذة , لكن الأفظع من كل ذلك أنه لم يكن يضع تلك الرقعة السوداء على عينه اليمنى , وكان المنظر مخيفا , الآن عرفت هيلين سر تلك الرقعة البشعة , فقد كان منظر عينه رهيبا , متورمة وزرقاء فلا بد أنه أستحقها في عراك مع أحدهم , كم تكره العنف , وأحست بموجة من القرف تزحف في معدتها , لكن لماذا لم تخبرها مارشا بذلك؟ ربما لم تكن تعرف بتلك الحادثة , ما أبغضه , لو تعرف فقط ما الذي جعل والدها يحبه بهذا الشكل!
وجاء القرع على الباب بعد قليل , كانت هيلين جاهزة لأستقباله.
" تفضل".
جاءت كلماته الأولى غير متوقعة , لا بأس عليها أن تعتاد على وقاحته وقلة تهذيبه , لكنه فاجأها :
" أعتذر عن الأحراج الذي سببته لك منذ قليل , لكن نسيت أن عندي جارة".
يبست الصدمة هيلين , بعض الأشياء يجب أن تنسى لكنه خال من اللياقة على ما يظهر.
تطلعت اليه:
" لم تحرجني".
قالت بهدوء :
" تفضل وأجلس".
رمقها ببرودة وقال وكأنه يتسلى:
" نهضت لتوي من الفراش وأفضل الوقوف , جئت لأرى أن كنت تودين رؤية ال ... قاربنا".
قال ذلك بتعمد.
" أجل , متى؟ الآن؟".
وهز كتفيه :
" أي وقت تشائين".
لم يكن مهتما كثيرا كان ذلك واضحا , كم يخيفها , شعرت وكأنه فطن لأفكارها وكأنه مصر بكل نظرة اليها وبكل كلمة يقولها أن يوضح لها أنها لا تعنيه في شيء وأنه لا يأبه لها ولا يستسيغ وجودها , أخافها ذلك , ليس له الحق في كرهها... أم هل العكس صحيح؟
كان هناك ما هو أسوأ , سألها وهما يخرجان:
" الى متى أنت باقية هنا ؟".
" لا أعرف , لماذا؟".
وأقشعر بدنها , لم تشعر في حياتها بعداء سريع نحو أي كان , لكن هذا الرجل .... أزعجها ذلك كثيرا فهي تؤمن بالسيطرة على العواطف القوية , خصوصا عاطفة الكره.
هز لوغان كتفيه بلا مبالاة , كانا يسيران في الأتجاه المعاكس للطريق التي سارت عليها مع بيل الليلة الفائتة.
" فقط أتساءل أن كنت تنوين العيش هنا".
لم تكن تخطط لجوابها لكنه صدر عنها في أي حال!
" ربما , أذا أحببت المكان".
وتطلعت اليه , كانا يسيران في ممر واسع تحيط به الأشجار الكثيفة مظللة أياه من حرارة الشمس وتاركة المجال لهواء بارد منعش , كان الرجل يلبس الجينز كالليلة الفائتة وينتعل صندلا من الكتان , وتلك الرقعة السوداء على عينه , سألته:
" لماذا تغطي عينك؟ أليس من الأفضل تركها فالهواء يساعد على شفائها ببسرعة؟".
" حقا؟ غطيتها من أجلك , ظننت أن منظرها سيسبب لك صدمة".
كانت السخرية الجافة واضحة في ذلك الصوت العميق المبحوح الذي لم تحبه هيلين.
" رأيت مثل هذا المنظر من قبل".
" طبعا , ثم أنا متأكد أن مارشا وهانا لم تتركا الفرصة تمر بدون أخبارك كم أنا شرير وطاغية لذلك لم تفاجأي ب ! أليس كذلك؟".
رمقته بنظره سريعة وحذرة , أنفجر ضاحكا وكانت دهشتها كبيرة برؤية أسنانه البيضاء السليمة , هو المعتاد على العراك والمشاجرة مع الغير.
رأى نظرتها اليه وهز رأسه:
" تصلني أشياء كثيرة , مارشا كانت معك في الطائرة , ثم لا بد أن هانا أضافت كل ما عندها تلك الليلة , لذلك لا ألومك على الطريقة التي تنظرين بها الي وكأنني مخلوق عجيب , من المؤسف أن بعض الناس لا يكفون عن التدخل في شؤون الغير".
توقفت هيلين عن السير وأستدارت اليه سائلة:
" هل أكملت حديثك؟".
" أظن ذلك , لماذا؟".
وظهرت القسوة في وجهه.
" لا أظنه يعنيك مع من أتكلم أو ماذا يقال لي , ولن أخبرك شيئا , توقف عن تصيد الأخبار".
كان لوغان يقف مواجها لها مبعدا أحدى قدميه عن الأخرى وفي وضع من يهم بالحركة , تحيط به قوة غريبة لدرجة أحست معها هيلين بالرغبة في الهرب , لكن هذا مستحيل , ليست لديها النية أن تجعله يعرف كيف تشعر وأخذت تحدق به بحدة بعينيها الصافيتين الجميلتين , ورأته يبتسم بسمة شريرة , ويشير برأسه:
" هذا أفضل كنت أشك أنك قادرة على بعض ردات الفعل البشرية , جيد .... جيد!".
" ماذا تعني؟".
لن يسمعهما أحد أو يراهما , لم يكن يحيط بهما سوى الأشجار الكثيفة , حتى البيت لم تعد تراه , وكأنها وسط غابة أستوائية , فقط أصوات الطيور الآتية من أعالي الشجر مما زاد شعورها بالوحدة والأنقطاع عن العالم.
" أظنك تعرفين ما أعني , هل أنت دائما بهذا الترفع اللعين؟".
" أنت تهينني يا سيد لوغان , هل سنرى القارب أم لا؟".
" أجل , لم العجلة؟ لا أحد في عجلة من أمره على هذه الجزيرة , ستكتشفين ذلك بنفسك أن أطلت المكوث".
" كم أنت متشوق لمعرفة مدة أقامتي هنا".
وبدأت علامات الغضب تظهر عليها , وتدافع اللون الأحمر الى خديها:
" أظنك ستخبرني بعد لحظة أنه ما كان يجب علي أن آتي الى هنا".
" ربما , في كل حال , تأخرت في المجيء بعض الشيء , أليس كذلك؟".
أختفى اللون من وجهها بفعل الصدمة :
" من الأفضل لك أن تفسر ذلك يا سيد لوغان".
قالت بحدة ووضوح .
" تعرفين ما أعني بالضبط , كان والدك هنا لثمانية عشر عاما قبل وفاته , لم يكن بأستطاعتك المجيء لرؤيته قبل أن يموت , لذلك لا أجد من اللياقى أن تهرعي الى هنا الآن , وبعد وفاته مباشرة".
كانت كلماته فظة وقاسية وقعت على هيلين وقوع الصفعة , لم تتفوه بكلمة , ثم عندما أستطاعت أن تفتح فمها , جاء صوتها مرتجا.
" لن أغفر لك أبدا ذلك , ثم كيف تجرؤ على التحدث اليّ هكذا؟".
" أجرؤ على ذلك لأن والدك كان صديقي , ولأنني كنت أقدّره كثيرا , كان رجلا وحيدا , رسالة من أبنته كانت ستشعره بالكثير من السعادة , لكنك لم تهتمي أبدا , لم يخطر ببالك أن ترسلي له رسالة واحدة , وها أنت تهرعين الى هنا فقط لأنك علمت أنه ترك لك بعض الأشياء".
كانت الصدمة كبيرة على هيلين , لم يحدثها أحد في حياتها بهذه الطريقة أو بهذه اللهجة , كان الجرح عميقا , حاولت الأجابة بهدوء:
" لا يمكنني الكتابة لرجل لم أعرف أنه كان على قيد الحياة , لم أعرف أن لي أبا ألا عند فوات الأوان".
نظر اليها جيك لوغان نظرة طويلة وقاسية:
" لا أصدق ذلك".
قال بوقاحة , عندها قامت هيلين بعمل لم تفعل مثله في حياتها كلها , رفعت يدها وصفعت الرجل على وجهه بكل قوتها.
لم يقل كلمة , فقط أدار ظهره وسار مبتعدا عنها , للحظة بقيت هيلين جامدة مكانها ويدها تتدلى الى جانبها , يدها التي صفعته بها , ثم هرولت خلفه لأنها أدركت أنها أن لم تلحق به الآن لما عرفت كيف تصرف فيما بعد , كان يشد على قبضتي يديه بقوة وغضب , حتى ظهره بدا لها غاضبا , لكنها لم تعد تخافه فقد عرفت الآن سبب نفوره منها.
عندما لحقت به كان قد خرج الى الطرف الآخر للمر , ووقفت هيلين مكانها ناسية كل ما حدث أمام المنظر الرائع الممتد أمامها : شاطىء رملي بلون الذهب يمتد الى مسافة ميل تقريبا لجهة اليمين , في نهايته مجموعة من البيوت الجميلة , الى يسارها منطقة صخرية عالية تقود الى البحر الأزرق الهادىء وزبده الأبيض الجميل , على رصيفه الخشبي كانت ترسو قوارب عدة تعلو وتنخفض برتابة ولطف.
لم يكن أحد هناك , النوارس وحدها تحلق في السماء اللامعة , تدور وتغطس وهي تزعق , توقف جيك لوغان أيضا وكأنه يعرف تأثير هذا المنظر على هيلين , لم ينظر اليها , أنتظرها فقط , برغم كلماته القاسية , شعرت هيلين بالندم لفعلتها وهي التي طالما أحتقرت العنف .... كيف فعلت ما فعلت!
ثم تكلم وجاء صوته متوترا :
" هناك".
وأشار الى أبعد قارب :
" ها هو".
تطلعت هيلين بأتجاه القارب وقرأت الكلمات المدهونة على جانبه ( بروكسا دو مار).
قال وكأنه يقرأ أفكارها :
" يدعى جنة البحر , هيا , سوف.......".
عندها قاطعها صوت يصرخ:
" جيك... جيك!".
نظرت هيلين حولها لترى ما ظهر لها كثلاثة أطفال يركضون من جهة البيوت الصغيرة بأتجاهها , صبيان صغيران تتبعهما فتاة أكبر بقليل وعندما أقتربوا أبطأت الفتاة في سيرها وبدت وكأنها تجر رجليها جرا , كانت عيناها على هيلين , وأدركت هيلين أنها لم تكن طفلة بل أمرأة شابة , وشيء ما في داخلها جعلها تفطن من تكون.
أنحنى جايك وأخذ الطفلين بين ذراعيه وبدأ يتحدث اليهما بلغة غريبة لا بد أنها اللغة البرتغالية , كان يضحك وكأنه لم يكن لوغان الذي عرفته هيلين.
خاطب الفتاة قائلا:
" سيرينا , ما الذي تفعلينه هنا؟".
كانت لهجته عادية جدا وكأنه يحدث أخته وأحست هيلين بتقزز في داخلها , في أي حال , ليس هذا من شأنها , لكن أي الطفلين أبنه؟ وتطلعت اليهما وقد أنزلهما جيك الى الرمل الذهبي الجاف.
كان الطفلان ممتلئي الجسم وقد أعطتهما الشمس لونا برونزيا غامقا , الأول عمره يقارب الخمس سنوات , أشقر الشعر له عينان زرقاوان جميلتان , الثاني أصغر منه , لون عينيه بني غامق ربما كان عمره سنتين , وخفق قلب هيلين , لقد عرفت , وتأكدت أكثر عندما لمس جيك رأس الصغير قائلا:
" سيرينا لم لا يلبس توبي قبعة؟".
" رماها".
وتطلعت الى هيلين بحياء وكأنها تتساءل بماذا تفكر هذه الفتاة الأنكليزية وهي تستمع اليها تتحدث بلغتها , أبتسمت لها هيلين , أنها صغيرة ورقيقة وأحست بدفق دافىء أتجاهها , أنها ليست أكبر بكثير من طفلة , ومع ذلك هذا الطفل الصغير أبنها.
" أذن عليك أجباره على ذلك , أنت أمه ويجب أن يفعل ما تطلبينه منه".
ثم قال شيئا ما بحدة للطفل , الذي رفع رأسه اليه ضاحكا , ثم عض على شفته عندما رأى الغضب على وجه جيك , وتذكر جيك شيئا:
" أقدم لك سيرينا غارسيا , تسكن في القرية قرب بيل وأخت , سيرينا , هذه الآنسة كابتنر من أنكلترا , سلمي عليها".
" مرحبا".
قالت سيرينا بحياء وأبتسمت لهيلين بعذوبة:
" مرحبا , سيرينا".
كانت عيناها واسعتين وداكنتين , وشعرها بلون الذهب , تقريبا مثل شعر هيلين , مزيج لوني جذاب وغير عادي , كان هناك شيء مألوف في هذا الوجه , لكن هيلين لم تستطع تحديده , أحست بالحيرة وسيعاودها هذا الشعور غير مرة بدون أن تعرف له تفسيرا , تحول أهتمامها الى الطفلين وهما يضحكان ويصرخان ويركضان حول الكبار الثلاثة , حاولت هيلين التركيز عليهما لتبعد أنتباهها عن جيك الذي كان يتحدث الى سيرينا بلهجة خالية تماما من القسوة أو المرارة , سقط الصبي الكبير على الأرض , وكانتهيلين قريبة منه فأنحنت وساعدته على الوقوف , ثم نفضت الغبار عن ثيابه فأنطلق راكضا, عندها قال جيك:
" نحن ذاهبان الى القارب , لا تسمحي لهما بالنزول الى البحر اليوم فالمد قوي , هل سمعتني يا سيرينا؟".
"سمعتك يا جيك".
ونظرت اليه بتحد ثم أبتسمت :
" سأراك الليلة.... ها؟".
" ربما , الى اللقاء!".
أستدار وبدأ بالسير , لحقت به بعد أن أبتسمت للفتاة , كانت سيرينا تلبس قميصا أزرق بدون أكمام وتمشي حافية , وتلك النظرة الحزينة والشعور بالخذلان الذي أرتسم على وجهها وهي تراقب جيك يبتعد ستبقى في ذاكرة هيلين لوقت طويل.
لم تكن هيلين تعرف من قبل معنى أن يكره الأنسان شخصا ما , أنه شعور مزعج وجديد , لوغان يكرهها لأنه يظنها أنسانةجشعة وصائدة ثروات , لكن ذلك لا يقارن بالشعور الذي تحمله هي له , أنها تمقته , تمقت الطريقة العادية التي عامل بها تلك الفتاة التي كان شريرا معها يوما ما , وربما لا يزال , تبعته هيلين على رصيف الميناء الخشبي حتى وصل الى ( جنية البحر) وقفز بخفة على ظهر المركب , وقف ينتظر هيلين , التي قاست المسافة بعينيها وقفزت فتلقاها جيك , شعرت هيلين بقوة ذراعي الرجل للحظة ثم أنتفضت محررة نفسها منه وأبتعدت وهي تتنفس بصعوبة.
جاء صوته كلسعة السوط.
" كان عليك أن تخبريني أنك لم تريدي مساعدتي".
" لم أكن أعلم أنك ستفعل".
أجابت بدون أدنى محاولة لأخفاء الكره في عينيها , وأذا بوجهه ينقبض:
" من الذي أخبرك؟".
" أخبرني ماذا؟".
لكنها كانت تعرف.
" لقد رأيت الطريقة التي كنت تنظرين بها ألينا على الشاطىء , كان ما تفكرين به واضحا في عينيك , من منهما أخبرتك عن سيرينا , مارشا أم هانا؟".
" لن أخبرك".
" وتعرفين أيضا أنهم يزعمون أنني والد توبي , أليس كذلك؟".
" ألست والده؟".
أبتسم بثقل:
" وهل تصدقين أن قلت عكس ذلك؟".
" لا , لن أصدق".
" بالطبع تعرفين أنني لن أصفعك على وجهك أن قلت أنني كاذب , في كل حال تعادلنا الآن حسبما أعتقد".
" ربما.... هذا شأنك".
وأدارت وجهها متظاهرة بلامبالاة لم تكن تشعر بها.
" من هو الصبي الآخر؟".
" باولو؟ أبن أخت سيرينا , فهي تعيش مع أختها وزوجها".
ولم تعد هيلين تستطيع السيطرة على نفسها , خرجت الكلمات من فمها رغما عنها.
" ألا يهمك أحد؟".
صرخت , طبعا فهم قصدها ولم يكن بحاجة للسؤال , بقي صامتا برهة , ثم قال بصوت يختلف عن لهجته العادية:
" ربما أهتم أكثر مما تعرفين أو يعرف غيرك .... لكن...".
وهز كتفيه بمرارة :
" .... كما كنت تقولين , ليس هذا من شأنك , هل تريدين التجول في المركب؟".
" نعم".
وأقفل الموضوع , كان الجليد بينهما رقيقا وخطرا , وأن كانا ينويان التعامل معا بطريقة مهذبة يجب أن يتجنبا التحدث في أشياء كثيرة , عرفت هيلين أن عليها التحكم بكراهيتها المتزايدة لهذا الرجل الذي أحبه والدها لدرجة جعلته يترك له نصف أملاكه , وألا ستكون الحياة على هذه الجزيرة , وقرب هذا الرجل الكريه الغامض , غير محتملة , حاولت هيلين ذلك بجدية , وربما أحس جيك لوغان بذلك فقد أختلف تصرفه معها أختلافا ملحوظا وهو يريها المركب بحجرته المرتبة التي تحتوي على سريرين صغيرين وعدة خزائن من الخشب البني المصقول , ومطبخ , وحمام صغير , ونوافذ كبيرة ذات ستائر حمراء معقودة , الى الخلف بسلاسل جميلة.
بعد أن رأت هيلين غرفة القيادة وكل تلك الآلآت المصفوفة فيها وجهاز البث والأستقبال اللاسلكي , رجعا الى الحجرة , كانت متأثرة جدا , وعرفت كيف يصعب على هذا الرجل مشاركة مركب جميل كهذا مع أي كان , هل تراه شعر بخيبة أمل عندما علم أن لروبرت كاربتنر أبنة , ربما , لكنها لن تستطيع أن تسأله , بعض الأشياء يجب أن تبقى من المحرمات أن كانا سيتوصلان الى هدنة من أي نوع , وهذا السؤال أحد المحرمات , أشار جيك الى أحد السريرين قائلا:
" أجلسي , سأصنع القهوة , لكن الحليب ليس طازجا ".
" لا بأس , شكرا".
وجلست , كان السرير مريحا ومريحا جدا لدرجة الأغراء بالأستلقاء , راقبته وهو يذهب الى المطبخ محنيا رأسه بعض الشيء ليستطيع الدخول من بابه المنخفض , كانت تسمع صوت تحركه هناك , ثم طرطقة ملاعق وأشعال الغاز وبعد قليل صوت الأبريق يصفر قليلا ثم يعلو وبعلو صوته ليتوقف فجأة عندما أطفأ جيك النار تحته , ثم جاء بقدحين ووضعهما على الطاولة." الآن بأستطاعتنا أن نتكلم , أتدخنين؟".
هيلين لا تدخن عادة , لكنها الآن أحست بحاجة لشيء ما :
" أحيانا".
ناولها العلبة لتأخذ سيكارة.
أشعل سيكارتها ثم سيكارته , كانا كغريبين في مقهى يشربان القهوة , أنتظرته هيلين ليبدأ بالكلام وقد بدأت تحس ببعض الراحة الضرورية لمعركتها المنتظرة مع هذا الرجل غير الواضح.
" حسنا ... علينا أن نبحث بعض الأمور الأساسية المتعلقة بأرثنا المشترك , هناك ثلاثة أشياء , أولا : البيت الذي تقيمين فيه حاليا , ثانيا: هذا المركب ( جنية البحر ) وثالثا الجزيرة الصغيرة ( ألها داس ثورمينتاس ) أي جزيرة العواصف )".
أشارت هيلين برأسها موافقة , فهي تعرف كل ذلك.
نظر اليها بحدة ومباشرة كما هي عادته :
" أذن , ماذا نفعل بخصوص هذا الأرث المشترك؟".
" قل لي أنت".
" حسنا , سأفعل , من الواضح أننا لا نرغب في الأستمرار كشريكين , لذلك سأشتري حصتك ,سأدفع لك ثمنا معقولا وأن أردت نستطيع أستشارة محام في سانتو أو سو باولو".
" كلا".
قالت هيلين .
" لا؟ ماذا تقصدين؟ لا تريدين رؤية محام؟".
" لا أريد البيع".
ثم أضافت ليكون كل شيء واضحا:
"لا لك , ولا لغيرك".
" وهل يمكنني أن أعرف لماذا؟".
كان فضوليا بتهذيب , لم يكن منزعجا لكن كان في الجو شيء ما كتيار وأحست هيلين بالشحنات تتراكم وبان هذا الرجل المتقلب المزاج قد يثور بين لحظة وأخرى ,ومن الغريب أنها شعرت بالأستعداد لمواجهته هي التي تكره المشاكل , أما معه فالأمر يختلف , يختلف كثيرا.
" لأنني.......".
أجابت بهدوء وكان وجهها في تلك اللحظة جميلا وصافيا , ولم يكن بأمكانها أن تتصور تأثيره على الرجل الجالس قبالتها:

" قد أبقى هنا , وربما قررت العيش هنا , وأن قررت ذلك سأحتاج بيتا أقيم فيه بالطبع".





__________________




التعديل الأخير تم بواسطة darҚ MooЙ ; 12-17-2014 الساعة 12:51 PM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08-16-2013, 12:57 PM
 
حجز
__________________
ربِ هب لي مِن لدُنك رحمة



شظايا سنين | مدونة
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 08-16-2013, 01:29 PM
 
واااااو ما زال التشويق يدفعني الى تعجيلك في الفصل القادم القصه رائعه جد رائعه..وها انا ذا متاكده من ان جيك البطل..ومتاكده من ان كل ذاك الهراء مجرد كذب في كذب..تصرفاته وهدوءه تجاه كل تلك الاشاعات يجعلني متاكده ان كل ذاك هراء في هراء..ارسلي لي رابط الفصل القادم لا تنسين..
__________________
ربِ هب لي مِن لدُنك رحمة



شظايا سنين | مدونة
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذي انا كلي عنى منقوول^^ ♥بسطويسية قصائد منقوله من هنا وهناك 2 06-04-2013 12:08 PM
جديد خلفيات مسلسلات , خلفيات ايفون مسلسل ماري تشوى - خلفيات الجميله ماري تشوى للايفون ملاك الرومنسيه أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 0 03-12-2012 09:56 AM


الساعة الآن 04:32 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011