من هو السعيد الناجحْ , هل هو ذلك الرجل الطويل العريض الضخمْ , الذي يفتل شابورة شاربهْ , وقد ظهرت كدمات وجه ونتأ العظمْ , فتهابه الرجال شكلاً ومظهرا , وترتعد منه النفوس ذاتاً وجوهرا , أم هو ذلك الأنيق الجميلْ , الذي يجذب الفتيات بمغناطيس حلاوتهْ , ويحبسهم لإنفاذ نزواته وشهوتهْ , فيبيعهم سلعة رخيصة للحرامْ , ويسوقهم ورداً إلى أقفاص التحلل والإجرامْ , فتترفع الأيادي النظيفة عن قربها , وتتأفف الأنوف الحسيبة عن شمها , فيفوح في كل البقاع ريحها , فتموت من دون تأسف وقد كانت عفيفهْ , وتتحول نظارتها الغرى إلى أسوأ جيفهْ , أم السعادة في طيبات ذلك الغني الثقيلْ , صاحب التبر الأصفر , والقدر النافذ الجليلْ , فتتسمر الأجساد أمامه رهبةً ومهابهْ , وتتحول شرارات الجحيم أمامه مزناً وسحابهْ , فيموت العدو ويختفي , ويغلي قدر الحقود وينكفي , أم السعادة في سماء ذلك العالمي المشهورْ , الذي باسمه قد تحصد الأموال وتجمع الأجورْ , فيكون كالعلم الذي على رأسه النارْ , وتنخفض من بركته جميع الأسعارْ , فلا تتعجب لحمله كل هذه الأسرارْ , أم السعادة مع ذلك الكادح البسيطْ , الذي يبيت معافى في بدنه وهو من أجل ذلك نشيطْ , وآمناً في سربه , وقوته يسده , وثوبه مخيطْ , ترى مع من هذه السعادة من هؤلاء الأقوامْ , ومن الذي تحاز له الدنيا بحذافيرها والسلامْ .
مع تحيات / ((الغيم الأبيض ))