09-15-2013, 12:11 AM
|
|
اقتباس:
بدون عنوان
شاء حظه العاثر أن تتعطل سيارته قرب هذه القرية
وسط الصحراء , حمد الله كثيراً , لكن علامات التعجب لم تزل
بادية علي وجهه التعب ,والأسئلة تلح عليه ما هذه القرية العجيبة ؟
وكيف وجدت في هذا المكان الموحش ؟ ولكن الإجابات تعطلت هي
الأخرى وبات في حاجه ماسة لإصلاح سيارته والإجابة عن تساؤلاته .
حمل تعبه وأسئلته ودخل القرية , ولكن حيرته ازدادت جنوناً , فكانت
القرية خاوية علي عروشها , لا يجد سوي ضباب كثيف
يلف المكان , تحجب الرؤية عنه , نعيق البوم يزيد من
حالة الغموض , منازل متقنة البناء تدل علي ثراء فاحش ,رائحة
الموت تزكم الأنوف,الفئران تجري هنا وهناك تعبث بحرية
كأنها أصحاب الدار !! .
أخذ يجوب القرية وتناسي تعبه وإرهاقه , الحوانيت كلها مفتوحة
علي مصراعيها , كان في أمس الحاجة ليروي ظمأه , تسلل إلي
إحداها وأخذ كل ما يحتاجه بسهولة , بدء يضحك بصوت عال
عله يلفت الأنظار إليه , تحول ضحكه رويداً رويداً إلي صراخ , لكن دون
جدوى .
بدء في الجري بسرعة كبيرة يحاول الخروج من هذه القرية , ولكن
ضاعت كل المعالم ,اختفت المنازل والحوانيت , وتحولت إلي أشباه
بشر ينظرون إليه نظرات لا معني لها , خلت من معاني الحياة , حتى
هو لم يعد قادراً علي الصراخ , كأنما ابتلع لسانه , ضاعت منه مفردات
الكلام وكأنما عاد طفلاً صغيراً .
شعر بأنه يعرفهم وهم يعرفونه جيداً – هكذا خيل له من نظرات
الشفقة التي يرمقونه بها – أيعقل أن يكون قابلهم في حياة أخري !!
وما سر هذا التعاطف الصامت ؟ لماذا لا يمد أحدهم له بيد العون ؟
بدء يحبو ببطء شديد عندما تراءي له وميض من نور , تهللت أساريره ,
لكن سرعان ما اختفت تحت وابل من الإحباط واليأس , كانت مقابر !! .
ويا ل شدة الصدمة وجد اسمه مكتوباً علي شاهد إحداها , ومدون
عليه تاريخ الوفاة .. اليوم!!
انفتح القبر وابتلعته الرمال وهو يقاوم بشدة والجاذبية الأرضية
لا تأبه لتلك المقاومة , تجمع أهل القرية حول قبره يرمقونه بنظراتهم
الصامتة , ينثرون الورود ويتمتمون بكلمات الرثاء بدء اليأس يدب
في أوصاله , وكأنه ارتضي بالأمر الواقع وبدء ينطق الشهادتين , ولكن
طفلة صغيرة اندفعت من بين الجموع واقتربت منه وعلي فمها الصغير
ابتسامة , حار كثيراً في تفسير معناها , لكنه أغمض عينيه
وأخيراً شعر ببعض الراحة .
| 5/2/2008
|