|
نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزء الرابع العجب أصل يتفرع عنه التيه والزهو والكبر والنخوة والتعالي، وهذه أسماء واقعة على معان متقاربة. ولذلك صعب الفرق بينها على أكثر الناس. فقد يكون العجب لفضيلة في المعجب ظاهرة، فمن معجب بعلمه فيكفهر ويتعالى على الناس، ومن معجب بعمله فيرتفع، ومن معجب برأيه فيزهو على غيره، ومن معجب بنسبه فيتيه، ومن معجب بجاهه وعلو حاله فيتكبر ويتنخى. وأقل مراتب العجب أن تراه يتوفر عن الضحك في مواضع الضحك، وعن خفة الحركات، وعن الكلام إلا فيما لا بد له من أمور دنياه. وعيب هذا أقل من عيب غيره، ولو فعل هذه الأفاعيل على سبيل الاقتصار على الواجبات، وترك الفضول، لكان ذلك فضلاً وموجباً لحمده، ولكن إنما يفعل ذلك احتقاراً للناس وإعجاباً بنفسه، فحصل له بذلك استحقاق الذم، وإنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، حتى إذا زاد الأمر ولم يكن هناك تمييز يحجب عن توفية العجب حقه، ولا عقل جيد، حدث من ذلك ظهور الاستخفاف بالناس، واحتقارهم بالكلام وفي المعاملة، حتى إذا زاد ذلك وضعف التمييز والعقل، ترقى ذلك إلى الاستطالة على الناس بالأذى بالأيدي، والتحكم والظلم، والطغيان، واقتضاء الطاعة لنفسه، والخضوع لها إن أمكنه ذلك. فإن لم يقدر على ذلك امتدح بلسانه، واقتصر على ذم الناس والاستهزاء بهم. وقد يكون العجب لغير معنى ولغير فضيلة في المعجب، وهذا من عجيب ما يقع في هذا الباب، وهو شيء يسميه عامتنا التمترك وكثيراً ما نراه في النساء، وفيمن عقله قريب من عقولهن من الرجال، وهو عجب من ليس فيه خصلة أصلاً، لا علم ولا شجاعة ولا علو حال ولا نسب رفيع ولا مال يطغيه، وهو يعلم مع ذلك أنه صفر من ذلك كله، لأن هذه الأمور لا يغلط فيها من يقذف بالحجارة، وإنما يغلط فيها من له أدنى حظ منها، فربما يتوهم إن كان ضعيف العقل أنه قد بلغ الغاية القصوى منها، كمن له حظ من علم، فهو يظن أنه عالم كامل، أو كمن له نسب معرق في ظلمة، وتجدهم لم يكونوا أيضاً رفعاء في ظلمهم، فتجده لو كان ابن فرعون ذي الأوتاد ما زاد على إعجابه الذي فيه، أو له شيء من فروسية، فهو يقدر أنه يهزم علياً، ويأسر الزبير، ويقتل خالداً. أو له شيء من جاه رذل، فهو لا يرى الإسكندر على حال. أو يكون قوياً على أن يكسب ما يتوفر بيده مويل يفضل عن قوته، فلو أخذ بقرني الشمس لم يزد على ما هو فيه. وليس يكثر العجب من هؤلاء وإن كانوا عجباً لكن ممن لا حظ له من علم أصلاً، ولا نسب البتة، ولا مال ولا جاه ولا نجده، بل تراه في كفالة غيره مهتضماً لكل من له أدنى طاقة، وهو يعلم أنه خال من كل ذلك، وأنه لا حظ له في شيء من ذلك، ثم هو مع ذلك في حالة المزهو التياه. ولقد تسببت إلى سؤال بعضهم في رفق ولين عن سبب علو نفسه واحتقاره الناس، فما وجدت عنده مزيداً على أن قال لي: أنا حر لست عبد أحد. فقلت له: أكثر من تراه يشاركك في هذه الفضيلة، فهم أحرار مثلك، لا قوماً من العبيد، هم أطول منك يداً، وأمرهم نافذ عليك وعلى كثير من الأحرار. فلم أجد عنده زيادة. فرجعت إلى تفتيش أحوالهم ومراعاتها، ففكرت في ذلك سنين لأعلم السبب الباعث لهم على هذا العجب الذي لا سبب له، فلم أزل أختبر ما تنطوي عليه نفوسهم بما يبدو من أحوالهم، ومن مراميهم في كلامهم، فاستقر أمرهم على أنهم يقدرون أن عندهم فضل عقل، وتميز رأي أصيل، لو أمكنتهم الأيام من تصريفه لوجدوا فيه متسعاً، ولأداروا الممالك الرفيعة، ولبان فضلهم على سائر الناس، ولو ملكوا مالاً لأحسنوا تصريفه. فمن ها هنا تسرب التيه إليهم، وسرى العجب فيهم، وهذا مكان فيه للكلام شعب عجيب، ومعارضة معترضة. وهو أنه ليس شيء من الفضائل، كلما كان المرء منه أعرى، قوي ظنه في أنه قد استولى عليه، واستمر يقينه في أنه قد كمل فيه، إلا العقل والتمييز. حتى إنك تجد المجنون المطبق، والسكران الطافح، يسخران بالصحيح، والجاهل الناقص، يهزأ بالحكماء وأفاضل العلماء، والصبيان الصغار، يتهكمون بالكهول، والسفهاء العيارين، يستخفون بالعقلاء المتصاونين، وضعفة النساء، يستنقصن عقول أكابر الرجال وآراءهم. وبالجملة فكلما نقص العقل توهم صاحبه أنه أوفر الناس عقلاً، وأكمل تمييزاً. ولا يعرض هذا في سائر الفضائل، فإن العاري منها جملة، يدري أنه عار منها، وإنما يدخل الغلط على من له أدنى حظ منها وإن قل فإنه يتوهم حينئذ إن كان ضعيف التمييز أنه عالي الدرجة فيه. ودواء من ذكرنا الفقر والخمول، فلا دواء لهم أنجع منه، وإلا فداؤهم وضررهم على الناس عظيم جداً، فلا تجدهم إلا عيابين للناس، وقاعين في الأعراض، مستهزئين بالجميع، مجانبين للحقائق، مكبين على الفضول. وربما كانوا مع ذلك متعرضين للمشاتمة والمهارشة، وربما قصدوا الملاطمة والمضاربة عند أدنى سبب يعرض لهم. وقد يكون العجب كميناً في المرء، حتى إذا حصل على أدنى مال أو جاه، ظهر ذلك عليه، وعجز عقله عن قمعه وستره. ومن ظريف ما رأيت في بعض أهل الضعف، أن منهم من يغلبه ما يضمر من محبة ولده الصغير، وامرأته، حتى يصفها بالعقل في المحافل، وحتى إنه يقول: هي أعقل مني وأنا أتبرك بوصيتها. وأما مدحه إياها بالجمال والحسن والعافية، فكثير في أهل الضعف جداً، حتى كأنه لو كان خاطبها ما زاد على ما يقول في ترغيب السامع في وصفها، ولا يكون هذا إلا في ضعيف العقل، عار من العجب بنفسه. إياك والامتداح فإن كل من يسمعك لا يصدقك وإن كنت صادقاً، ناتي على بيان ذلك غدا ان شاء الله |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزء الثاني | mohamed_atri | نور الإسلام - | 2 | 11-06-2013 01:27 AM |
ادواء الاخلاق الفاسدة ومداواتها الجزء الثالث | mohamed_atri | نور الإسلام - | 0 | 11-04-2013 01:06 AM |
أدواء الأخلاق الفاسدة ومداواتها | mohamed_atri | نور الإسلام - | 3 | 11-02-2013 01:47 AM |
سر ساكورا الجزء الرابع | usui kun | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 4 | 09-06-2012 05:40 PM |
حلقات مسلسل القناص الجزء الثالث و الرابع بالعربية مع أحداث الجزء الخامس الحقووووووووو | البشري22 | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 11 | 07-31-2011 05:19 PM |