تاريخ تطوان ضارب في القدم، حيث عثر على آثار و حفريات يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد بمدينة تمودة التي كانت عبارة عن مركز تجاري فينيقي على واد مرتيل، قبل ان يدمر من طرف الرومان سنة 42 قبل الميلاد. أحييت المنطقة مع مجيء الإسلام، بفضل موقعها كممر قديم بين البلاد و شبه الجزيرة الإيبرية. قام السلطان أبو ثابت أثناء حكم المرينين بتشييد المدينة المحصنة لتطوان (سنة 1307م)، قاصدا من ذلك بناء قاعدة عسكرية لمحاصرة سبتة و استعادتها من أيدي الإسبان، إلا ان الحرب انتهت بنزول الجيوش الاسبانية تحت قيادة الملك هنري الثالث بتطوان و تدميرها عن آخرها سنة 1339م آخذين بثأرهم. بعثت المدينة من جديد وعرفت انطلاقة مهمة في شتى الميادين سنة 1492 عند سقوط غرناطة في يد المسيحيين في خضم حركة الاستيراد التي قادها كل من فردناند و ايزبيل، و اضطر على إثرها العديد من المسلمين و كذلك اليهود على مغادرة جنوب إسبانيا، والاستقرار بشمال المغرب عموما و على أنقاض مدينة تطوان خاصة. فشيدت المدينة على يد سيدي علي المنظري، وهو الاسم الذي أصبح رمزا ملازما لمدينة تطوان. وأصبحت بذلك موطنا لاستقبال الحضارة الإسلامية الأندلسية ابتداء من نهاية قرن 15.

عرفت المدينة في ظل حكم السلطان مولاي إسماعيل فترة مزدهرة، إلا أن النزعة الاستقلالية و الإقليمية لحكام تطوان تسبب في مواجهات مع السلطة المركزية. لفترة طويلة ظلت عائلة "النكسيس" حاكمة على تطوان. كان للتهديدات و المواجهات العسكرية مع اسبانيا و البرتغال – اللتان تهافتا على المدن الساحلية للمغرب الذي كان مقسما في ظل غياب وضعف القوة المركزية – في القرنين 16 7، أثر بالغ خاصة من الناحية العمرانية حيث بنيت قلع و أسوار للدفاع عن المدينة، حيث شكلت المدينة في هذه الفترة، تهديدا مستمرا لمصالح الإيبريين بواسطة أسطولها البحري.

عرفت مدينة تطوان ازدهار اقتصاديا في القرنين 17 و 18، حيث شكلت الميناء الرئيسي لتجارة المغرب مع أوربا (اسبانيا، ايطاليا، انجلترا)، حيث كانت البواخر تنطلق منه في رحلاتها نحو كل من جبل طارق، الجزائر، مرسيليا، ليفورن...الخ. ولا ننسى الحضور القنصلي بمدينة تطوان لكونها كانت العاصمة الدبلوماسية للمغرب في غضون القرن 18، الشيء الذي ساهم في تعزيز مكانها في الخارج، فعلى اثر الحصار البحري الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على ليبيا، قام السلطان العلوي مولاي سليمان بطرد القنصل الأمريكي من مدينة تطوان، و إعلانه الحرب على الولايات المتحدة سنة 1802م. شهدت تطوان ازدهارا كبيرا على يد الشخصية الكبيرة القايد أحمد، إلا أن الفوضى عمت بعد موته. نأتي على الفترة الحرجة و العصيبة التي عاشتها مدينة تطوان في غضون القرن 19، وذلك بسبب التدخل الاقتصادي الأوربي المباشر بالمغرب، ولتعرضها لمرض الطاعون سنة 1800، ثم سنة 1818م، ولحصار مولاي زايد 1822م ،ومعاناتها من المجاعة سنة 1825م، والانقطاع النهائي للأنشطة البحرية لميناء تطوان بعد تخريب سفنه من طرف الإسبان، الذين نجحوا في الاستيلاء على المدينة بعد حرب 1860م، ولم ينسحبوا منها إلا بعد دفع غرامات طائلة، أودت باقتصادها إلى الهاوية سنة 1862م.

انطلقت فترة الحماية الاسبانية في فبراير 1913م، وجعلت تطوان عاصمتها لها بشمال المغرب، ومقر الإقامة العامة. لم يهنأ بال الإسبان أثناء وجودهم بالشمال المغرب بل واجهوا عدة صعوبات بسبب المقاومة المسلحة للقائد الريسوني، و زعيم المقاتلين الريفيين محمد بن عبد الكريم الخطابي، والمقاومة السياسية من طرف عبد الخالق الطريس زعيم الوطنيين بمنطقة الشمال، حيث شهدت مدينة تطوان بزوغ أول حركة وطنية بالمغرب. اتخذها الجنرال فرانكو نقطة انطلاقه ضد خصومه أثناء الحرب الأهلية الاسبانية سنة 1936. شهدت مدينة تطوان تطورا اقتصاديا و سياسيا و فنيا جديدا أثناء فترة الحماية الاسبانية الممتدة من سنة 1913 إلى سنة 1956. بعد الاستقلال وجدت نفسها في ظروف جديدة أوجبت عليها التأقلم معها. لتصبح مع الإدارة الجديدة عاصمة إقليمها.