11-22-2013, 02:15 AM
|
|
ان في جهنم عقارب كالبغال تلدغ كل امير لا يعدل في رعيته نجا من آفات الدنيا من كان من العارفين ووصل إلى خيرات الآخرة من كان من الزاهدين، وظفر بالفوز والنعيم من قطع طمعه من الخلق أجمعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيه وعلى آله الطاهرين.
قالت الحكماء: إمام عادل، خير من مطر وابل؛ وإمام غشوم، خير من فتنة تدوم؛
وقال وهب بن منبه: فيما أنزل الله على نبيه داود عليه السلام: إني أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فمن كان لي على طاعة جعلت الملوك عليهم نعمة، ومن كان لي على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة.
فحق على من قلده الله أزمة حكمه، وملكه أمور خلقه؛ واختصه بإحسانه، ومكن له في سلطانه، أن يكون من الاهتمام بمصالح رعيته، والاعتناء بمرافق أهل طاعته؛ بحيث وضعه الله عز وجل من الكرامة، وأجرى له من أسباب السعادة. قال الله عز وجل: " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر والله عاقبة الأمور " .
في موعظة طاووس عبرة لاولي الالباب
قدم هشام بن عبد الملك حاجاً أيام خلافته، فقال ائتوني برجل من الصحابة. فقيل: قد تفانوا، قال: فمن التابعين، فأتي بطاووس اليماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلم عليه بإمرة المؤمنين، بل قال السلام عليك، ولم يكنه ولكن جلس بإزائه، وقال كيف أنت يا هشام؟ فغضب هشام غضباً شديداً، وقال: يا طاووس ما الذي حملك على ما صنعت، قال: وما صنعت؟ فازداد غضبه، فقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي، وقلت كيف أنت يا هشام؟ فقال طاووس: أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات ولا يغضب علي لذلك، وأما قولك: لم تسلم علي بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راضين بإمرتك فكرهت أن أكذب، وأما قولك: لم تكنني فإن الله عز وجل سمى أولياءه: " يا داود ويا يحيى ويا عيسى " وكنى أعداءه فقال: " تبت يدا أبي لهب " وأما قولك جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام. فقال هشام: عظني فقال طاووس: سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن في جهنم حيات كالتلال، وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته ثم قام وهرب. |