البارت الثالث
( مرض الغرور )
جالت بعينيها حول جمال تلك الغرفة الفخمة ودلفت بحما تنظر إلى السرير
الكبير يتوسط االغرفة والخزانة ومرآة التجميل
عند الزاوية وكان أول ما فعلته هو رمي الحقيبة جانبا وفتحت النافذة بعدها
صاحت بدهشة كبيرة عندما لفحتها برودته وملأها صوته الصاخب
"لا أصدق ...يا إلهي هذا اكثر مما حلمت به "
كان صياحها ذاك فقط لانها رأت البحر ولأن شرفتها تطل على اجمل شيء
في عالمها قالت" أسحب كلامي هذا العمل رائع جدا ..هكذا لن امل أبدا "
ومازادها فرحة هو اغصات تلك الشجرة التي وصلت إلى داخل الشرفة
وتكاد تلامس زجاج النافذة فراحت تقفز فرحا تعبر عن سعادة بالغة فيها ...
تماما كقطة تلاحق الفراشة الزاهيةة وكان دارك يستمع إلى صراخها كما
اعتبره وهو في غرفته قائلا
"لا أصدق أني ساعلق مع هذه المجنونة اشهر طويلة ...تبا لخطط عكتي "
وبعدها خلع سترته ورماها على السرير جانب المعطف وخرج قاصدا مكتبه
الهادئ ومنظره البسيط رغم رفاهيتيه توحي بالسكينة
وهذا المكتب له ذكريات فيه ...وقف عند بابه فضاقت عيناه
الزرقاوتين بغضا عندما تذكر مام مر بخاطره عن ذلك المنظر مجددا ..
.كم كرهه ومقته لانه لم يستطع نسيانه ..حرك رأسه لبيعد تلك الأخطاء
و خطى إلى الداخل قبالة النافذة يراقب صخب البحر تماما كما يدور
في صدره وغرق في تفكير عميق يخص ماضيه .
سحبه من تلك الأعماق صوتها الرقيق العذب الذي دغدغ حواسه لثانية
تقول "عذرا سيد دارك ..فكرت في ان أبدا التنظيف من هنا ..حتما تحتاجه كثيرا "
التفت إليها ويا ليته لم يفعل فكأنه راى حورية قذفت بها تلك الأمواج العالية
إلى مكتبه ترتدي قميصا احمر صوفي وبنطالا أسود قصير
انعكسا على وجهها بالجمال الاخاذ
وتحمل في يدها ادوات التنظيف مما يدل على انها جالت في البيت حتى
وجدت مكتبه فيما كان يفكر ...حدق فيها لوهلة ثم اشاح بوجهه غلى
النافذة حتى يمحى تأثره بها قال ببرود"
أسرعي إذا "
ما إن قال جملته حتى شرعت في التنظيف بسرعة وكما كانت بارعة في عملها ...
ازالت الأغطية عن الارائك ثم مسحت الغبار من فوق رفوف المكتبة والمكتب
ايضا ولم تنفك ان تنتابها نوبة عطاس حادة كلما استنشقت ذاك الغبار
المتراكم منذ سنين على ما يبدو وعندما انتعت مسحت على جبينها
وقالت" لقد انتهيت سيد دارك ..يمكنك البدئ باعمالك ...هل .."
وبترت جملتها عندما تذكرت ماقاله بخصوص غرفته فتشجعت وسالته "
هل تأذن لي بتنظيف غرفتك ؟"
انسحب إلى مكانه وجلس على الكرسي خلف المكتب الذي صار يلمع
وقال بهدوء "لا باس ..وتجدين قائمة الطعام الذي اتناوله عادة في المطبخ ...
والأىن غادري ولا أريد إزعاجا حتى وثت الغداء "
ردت بحماس "حاضر "
وغادرت مخلفة وراءها شذى عطرها الذي انتشر في أواء المكتب
مسببا ضيقا وتجهما لدارك والذي اخرج كل اعماله أمامه وراح يكد لإنجاحها .
****************************
نجحت آريا في تنظيف البيت في زمن قياسي وكذا أعدت الغداء بالمشتريات
التي احضرها دارك في وقت مضى طرقت الباب طرقا خفيفا وفتحته
لتطل براسها تقول
"عذرا سيد دارك ..الغذاء جاهز "
كان منهمكا في مراجعة ملف ما ولم يكلف نفسه عناء النظر إليها ليقول "انا قادم "
سبقته آريا إلى الأسفل بينما دارك فادر مكتبه إلى غرفته فهاجمه عطرها
مرة اخرى ...رفم انه لم يكد يتعرف نوعه لحب سيمون في العطور ...
انقبض فجاة وزفر بتذمر ثم راح يفرغ
قارورة الغالي في أجواء الغرفة حتى يبعده ...لم يكن يريد ان تحتل رائحة
انثوية غرفته فهو بالكاد يريد الخلاص من الجنس اللطيف ...
بعدها غير بذلته ولبس قميصا صوفي أسود اللون
مع بنطال خفيف القماش بالون الفضي ثم نزل السلالم ولم يستطع
تجنب اشتمام رائحة الطعام الشهية تؤكد مدى براعتها في الطبخ فشعر
بالجوع فجاة حملت الكأس وهمت بوضعه على الطاولة
وبهذا تكتمل الإعدادات وهي تبتسم قائلة "جيد من دون اخطاء "
عندها دخل بهدوء ولم يكن هادئا على قلبها فقد لفت نظرها تغيره من رجل
أعمال إلى فارس ذا مواصفات أسطورية بملامح متقنة الصنع يخرج
من إحدى روايايتها ةعندها رددت هامسة كأنها منومة "كم هو وسيم هذا الدارك "
بدا مختلفا جدا وذلك القميص اطهر وبشكل واضح رشاقة جسمه الرياضي
وعراضة منكبيه ...وماذا تقول عن مشيته الوقار التي تحيط بها
هالة الثقة الزائدة والغرور ..
آنذاك انزلق الكاس من بين اناملها وسقط على الارض وانكسر محدثا
دويا خصوصا على الأرضية الرخامية ومع تحطمه انتفضت
وتفطنت لسخافة موقفها معه والذي ما فتأ ان اعرب عن حنقه
يقول "مابك لا تنتبهين لعلك ...هل يجب أن تكوني مزعجة لهذا الحد من اول يوم "
امتغصت معدتها وسرت حرارة في جسدها حتى انها أحست بان راسها
يغلي لوقوعها في أول خطأ فاعتذرت بسرعة
"آسفة لم انتبه لقد انزلق من يدي من دون قصد مني "
قال وهو يجلس عل الكرسي "واضح جدا "
ألقته بنظرة اكثر حرجا من تنبهه لتحديقها السخيف فيه وجثت
تجمع القطع لتضعها في صندوق القمامة وهي تلوم نفسها
"يالي من حمقاء ..مالذلي حدث لي ...حتما يطن أني اكبر خرقاء هلى وجه الأرض ...وسالقى الكثير من العتاب ..طبيعي فله لسان اطول من نهر الامازون "
بعدها احضرت واحدا آخر وجلست قبالته تشعر بالتوتر حتى انها انبت
نفسها مرة أخرى تقول "إياك والخطا مجددا ..إنه ينتظر الفرصة لذلك "
وبدات تأكل بحذر فيما هو يأكل في هدوء وادب تارة و يرتشف
من كأس العصير تارة اخرى حتى انتهيا عندها نهض من مكانه
وهو يقول "احضري لي فنجان قهوة لمكتبي "
آريا" حسنا ...أتريد شيئا آخر "؟
لوح بيده بطريقة لا مبالية وهويغادر فقالت وقد نفخت وجنتيها
"لحسن حظه أني لا أغضب بسرعة وإلا رميته بالشوكة في يدي "
أكملت طعامها في ملل قاتل ثم غسلت الأطباق وحضرت القهوة وبوهها إلى
مكتبه أين سلمته الفنجان لتكمل اشغالها بدخولها غرفتها التي قامت فيها ببعض التعديلات وأضافت فيها لمستها الخاصة بها ...ارتمت عل السرير حتى
ترتاح م كثرة العمل واتصلت بويلما التي ردت بهدوء
"مرحبا ىريا كيف حالك ابنتي ...كيف هي رحلتك" ؟
تناولت خصلة من شعرها وصارت تلعب بها قائلة
" أنا بخير ولست في رحلة أمي ...آسفة لأني أغلقت لهاتف صباحا
لقد كنت مشغولة جدا "
قالت ويلما باستفسار "لا عليك ...لكن هل أنت بخير يبدو صوتك متعبا "
آريا "قليلا ...اخبريني كيف يبدو كرسي ...لا تحتاجان لشيء صحيح؟"
ردت ويلما بنوع مت التردد
"لا عزيزتي انا الآن في المشفى لاجل فحوصات تخص كريس ...إنه يسلم عليك "
اجتاح آريا حزن عميق على شقيقها الصغير وقالت بوهن سلمي عليه
ايضا وقولي له أني سازوركما عندما تسنح لي الفرصة"
قالت "اهتمي بنفسك صغيرتي "
نتصبت آريا ووقفت تقول بابتسامة
"لست صغيرة لكن حاضر وسأبعث لك مبلغا ماليا
في نهاية الشهر اتفقنا ...إلى اللقاء "
وأغلقت الهاتف مباشرة وتنهدت بمرارة لانها بعيدة عنهما وقالت بتمني
"لو ان كريس يشفى من مرضه ولا يهم أي شيء آخر "
وحتىتنسى همومها سارعت إلى الكتابة حتى تسطر الاحداث الجديدة
في روايتيها وكم بدت سعيدة فهي عندما تكتب تنفصل
عن الواقع وتبدا افكارها بالتسرب ...إلى الورقة عبر القلم .
في مساء ذلك اليوم قامت بمنحه العقد الموقع باسمها
وأعطاها مهمة عل مكتبي يخص تنظيمات المشروع الجديد .
************************
أفاقت من نوم مريح تشعر بألم في جميع مفاصلها جراء التنظيف ..
.تجاهلت الأمر وقفزت من سريرها واغتسلت بعدها خرجت إلى الشرفة
ترتدي نفس ملابس امس ..وضعت كفيها على حافة الشرفة
واستنشقت نسيم البحر البارد بعمق ثم زفرته بقوة وهي تقول
"ما أروع هذا الجو ...يبعث على الراحة والهدوء "
فشد انتباهها ظل يقف هناك عند الشاطئ تتمايل ثيابه مع انغام الرياح
العابثة وتجبر شعره الأسود الناعم على الرضوخ له ...كان ذاك دارك
يقف بيديه داخل جيبي بنطاله وكانه شاعر يحاول كشف درر البحر الثائر ..
لم تدري لم خفق قلبها بتلك القوة عندما راته فوضعت كفها على مكان
قلبها تقول بدهشة" قلبي يدق بعنف ..يا إلهي إنه فعلا كفارس الاحلام "
وسرحت فيه تماما عندما أيقظها صوت رنين هاتف المكتب فانسلخت
من الشرفة وركظت إلى مكتبه بكل حماس حتى ترد وما إن وصلت
حتى حملت الساعة وقالت فورا" مكتب السيد دارك وولكاس كيف اخدمك؟"
ابتسم لنفسها على هذه الجملة ليرد عليها صوت رجولي هادئ
يقول "هل السيد دارك موجود؟"
آريا "لا عذرا ..لكن اتود ترك رساله له ؟"
قال مجبرا" حسنا ...أخبريه أن هاريس كويل قد اتصل به
وأنه لدينا اجتماع طارئ على الساعة التاسعة في شركتي "
هزت راسها تقول "حاضر هل من شيء آخر سيد ها..."
لم تكد تكمل جملتها حتى قطع الخط ...وقف شعر راسها من تصرفه
وحاولت سحق الهاتف عبثا بيدها الضعيفة الصغيرة ..فأفرغت حنقها منه
قائلة "يالك من احمق كان بإمكانك ان تغلقه بادب "
وأعادت الهاتف إلى مكانه تواصل قائلة "حقا الجميع مرضى بالغرور "
""ومن غيري المصاب بمرض الغرورر؟"
توقف قلبها فجاة وسرت قشعريرة باردة في سائر جسدها عندما سمعته
يدبف إل المكتب فالتفتت إليه بسرعة تقول بارتباك مرتعش جدا
"سيد دارك ...لقد اتصل السيد هاريس كويل ...
ووطلب حضورك لإجتماع الثامنة ...أقصد التاسعة "
رمقها بنظرة جافية كسرت ثباتها وجلس خلف مكتبه يقول
"هل انهيت ما طلبته منك البارحة ؟"
ردت وقد بدأ الشعور بالحرج يتلاشى
"نعم وقد اعددت تقريرا مفصلا عنها ...أحضرها لك ؟"
دارك "نعم وحضري الفطور ساغادر بعد قليل "
آريا" حاضر "
وأطلقت الريح لقدميها إلى غرفتها أحضرت تلك الأوراق وبعدها نزلت
إلى المطبخ تحضر الفطور وتدندن لحنا جميلا وضعت الاطباق على الطاولة
مع كأسي العصير وكانت ستناديه حين راته يدخل من الباب بثياب العمل ...
تقدم في صمت ورآها حين جلست قبله في خجل فاخذ مكانه وصار ياكل في صمت ..
لم يرد ان يرفع راسه وينظر إليها رغم تلك الرغبة الملحة التي
تملكته ليرى عينيها ...وما رايها الصريح فيه ...
حتما ليس مغرورا دائما ...ففضل ان يسرع في تناول طعامه والمغادرة
وقبل أن يكمل صحنه قام من مكانه وهويقول "ساغادر الآن ...
إذا ما كان هناك شيء ناقص فاخبريني به الآن "
نهضت فورا وهي تقول
"لا شيء ناقص فقط أريد معرفة موعد عودتك ...حتى أضع هذا في حسابي "
رد بال مبالاة "لا ادري "
أخذ حقيبة عمله وخرج ...بعدها اتجه إلى سيارته استقلها في هدوء تام
وانطلق بها وفي صدره انقياض وضيق لم يفهم سببهما
...وكلما ابتعد عن المنزل تزيد حدة ذلك الضيق ...في حين أن ىريا
أغلقت الباب خلفه بعد ان غاب عن ناظرها وراودتها فكرة انها كانت تودع
زوجها الذي انصرف للعمل بينما هي بقيت في المنزل لتقوم باعمالها المنزلية ...
ابتسمت لسخافة فكرتها وأعجبتها كذلك فعادت إلى المطبخ
حتى تكمل تناول الفطور وتقوم باعمالها اليومية .
***************************
دخل دارك للإجتماع بهيبته وفرض آراءه المميزة كالعادة وقبل جميع
المندوبين الشركاء بفكرته حول توكيل المشروع باسمه كونه سيبنى
على أرضه وهاهو واقف يصافح هاريس صاحب الشعر البني الغامق
والعيون لعسلية ويصل بطول دارك تماما والذي قال
"نلتقي غدا دارك في منزلك طبعا ...إلى اللقاء"
بعدها افترقا وتقدم دارك بخطوات سريعة وسط الرواق محاط بنظرات
الإعجاب من كل الجهات ...وهل كان سيعيرها أدنى اهتماما
وباله نوعا ما مشغول بالتي وحدها في المنزل...
تطلع إلى الساعة على معصم يدها فكانت الحادية عشر تماما ...
لذا قرر الذهاب إلى عمته ليناقش بعض الأمور المهمة معها ..
ركب سيارته بعد ان تأكد من ان تلك الموظفة قد وضعت اوراقه الخاصة
في المقعد الخلفي ثم انطلق إلى قصره يقود على مهل..
*************************
لا حت ابتسامة على شفتيها عندما رأته يدخل غرفة المعيشة
ونهضت مرحبة "أي ريح طيبة ألقت بك إلي؟"
القى بحقيبته على الأريكة وجلس يقول
"تلك التي أحضرتني للعمل ونفسها التي تريد معرفة سبب واحد"
قراءة ممتعة للجميع