|
نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
مَنْشَأِ الْعُجْبِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْعُقَلَاءِ الْعَجَبُ إنَّمَا يَكُونُ وَيُوجَدُ مِنْ الْإِنْسَانِ لِاسْتِشْعَارِ وَصْفِ كَمَالٍ ، وَمَنْ أُعْجِبَ بِعَمَلِهِ اسْتَعْظَمَهُ فَكَأَنَّهُ يَمُنُّ عَلَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِطَاعَتِهِ ، وَرُبَّمَا ظَنَّ أَنَّهَا جَعَلَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَوْضِعًا ، وَأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْجَبَ بِهَا جَزَاءً ، وَيَكُونُ قَدْ أَهْلَكَ نَفْسَهُ ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ : شُحُّ مُطَاعٌ ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ } وَرُبَّمَا مَنَعَهُ عُجْبُهُ مِنْ الِازْدِيَادِ ، وَلِهَذَا قَالُوا : عُجْبُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ أَحَدُ حُسَّادِ عَقْلِهِ . وَمَا أَضَرَّ الْعُجْبَ بِالْمَحَاسِنِ . وَسَبَبُ الْعُجْبِ وَعِلَّتُهُ الْجَهْلُ الْمَحْضُ . وَمَنْ أُعْجِبَ بِطَاعَتِهِ مَثَلًا فَمَا فَهِمَ أَنَّهَا بِالتَّوْفِيقِ حَصَلَتْ . فَإِنْ قَالَ : رَآنِي أَهْلًا لَهَا فَوَفَّقَنِي . قِيلَ لَهُ : فَتِلْكَ نِعْمَةٌ مِنْ مَنِّهِ وَفَضْلِهِ فَلَا تُقَابَلُ بِالْإِعْجَابِ . وَفِي صَيْدِ الْخَاطِرِ لِلْإِمَامِ الْحَافِظِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ - طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ - : إذَا تَمَّ عِلْمُ الْإِنْسَانِ لَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ عَمَلًا ، وَلَمْ يُعْجَبْ بِهِ لِأَشْيَاءَ : مِنْهَا أَنَّهُ وُفِّقَ لِذَلِكَ الْعَمَلِ ، وَحَبَّبَ إلَيْكُمْ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ . وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا قِيسَ بِالنِّعَمِ لَمْ يَفِ بِمِعْشَارِ عُشْرِهَا ، وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا لُوحِظَتْ عَظَمَةُ الْمَخْدُومِ اُحْتُقِرَ كُلُّ عَمَلٍ وَتَعَبُّدٍ . هَذَا إذَا سَلِمَ مِنْ شَائِبَةٍ وَخَلَصَ مِنْ غَفْلَةٍ ، فَأَمَّا وَالْغَفَلَاتُ تُحِيطُ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُغَلِّبَ الْحَذَرَ مِنْ رَدِّهِ وَيَخَافَ الْعِقَابَ عَلَى التَّقْصِيرِ فِيهِ فَيَشْتَغِلَ عَنْ النَّظَرِ إلَيْهِ ، وَتَأَمَّلْ عَلَى الْفُطَنَاءِ أَحْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ . فَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ قَالُوا : مَا عَبَدْنَاك حَقَّ عِبَادَتِك . وَالْخَلِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُولُ { وَاَلَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } وَمَا دَلَّ بِصَبْرِهِ عَلَى النَّارِ وَتَسْلِيمِهِ الْوَلَدَ إلَى الذَّبْحِ . وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { مَا مِنْكُمْ مَنْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ قَالُوا : وَلَا أَنْتَ ؟ قَالَ : وَلَا أَنَا إلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ } . وَعُمَرُ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعًا عَلَى الْأَرْضِ لَافْتَدَيْت بِهَا مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ ( أَنْ ) أَعْلَمَ مَا الْخَبَرُ . وَابْنُ مَسْعُودٍ : يَقُولُ : وَدِدْت إذْ مِتُّ لَا أُبْعَثُ . وَعَائِشَةُ تَقُولُ : لَيْتَنِي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا . وَهَذَا شَأْنُ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ صُلَحَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ مَا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الْإِفْهَامِ لِمَا شَرَحْته ؛ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى أَعْمَالِهِمْ فَأَدَلُّوا بِهَا . حِكَايَةُ الْعَابِدِ . فَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَابِدِ الَّذِي تَعَبَّدَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ فِي جَزِيرَةٍ ، وَأَخْرَجَ لَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً ، وَسَأَلَ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْ يُمِيتَهُ فِي سُجُودِهِ ، فَإِذَا حُشِرَ قِيلَ لَهُ اُدْخُلْ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي ، قَالَ بَلْ بِعَمَلِي ، فَيُوزَنُ جَمِيعُ عَمَلِهِ بِنِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَفِي ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ بِرَحْمَتِك . قُلْت : هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ هَرِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ . قَالَ جَابِرٌ { خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي خَلِيلِي جِبْرِيلُ آنِفًا فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنَّ لِلَّهِ عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ عَبَدَ اللَّهَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ فِي الْبَحْرِ ، عَرْضُهُ وَطُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فِي ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا ، وَالْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ فَرْسَخٍ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَأَخْرَجَ لَهُ عَيْنًا عَذْبَةً بِعَرْضِ الْأُصْبُعِ تَبِضُّ بِمَاءٍ عَذْبٍ ، فَيَسْتَنْقِعُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ ، وَشَجَرَةَ رُمَّانٍ تُخْرِجُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً يَتَعَبَّدُ يَوْمَهُ فَإِذَا أَمْسَى نَزَلَ فَأَصَابَ مِنْ الْوُضُوءِ ، وَأَخَذَ تِلْكَ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا ثُمَّ قَامَ لِصَلَاتِهِ فَسَأَلَ رَبَّهُ عِنْدَ وَقْتِ الْأَجَلِ أَنْ يَقْبِضَهُ سَاجِدًا ، وَأَنْ لَا يَجْعَلَ لِلْأَرْضِ ، وَلَا لِشَيْءٍ يُفْسِدُهُ عَلَيْهِ سَبِيلًا حَتَّى يَبْعَثَهُ ، وَهُوَ سَاجِدٌ قَالَ فَفَعَلَ فَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَيْهِ إذَا هَبَطْنَا ، وَإِذَا خَرَجْنَا فَنَجِدُ لَهُ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ : أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي ، فَيَقُولُ : رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي فَيَقُولُ : أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي ، فَيَقُولُ : رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي فَيَقُولُ اللَّهُ : قَايِسُوا عَبْدِي بِنِعْمَتِي عَلَيْهِ وَبِعَمَلِهِ ، فَيُوجَدُ نِعْمَةُ الْبَصَرِ قَدْ أَحَاطَتْ بِعِبَادَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ وَبَقِيَتْ نِعْمَةُ الْجَسَدِ فَضْلًا عَلَيْهِ فَيَقُولُ : أَدْخِلُوا عَبْدِي النَّارَ فَيُجَرُّ إلَى النَّارِ فَيُنَادِي : رَبِّ بِرَحْمَتِك أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ فَيَقُولُ : رُدُّوهُ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ يَا عَبْدِي مَنْ خَلَقَك ، وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ؟ فَيَقُولُ : أَنْتَ يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ : مَنْ قَوَّاك لِعِبَادَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ؟ فَيَقُولُ : أَنْتَ يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْزَلَك فِي جَبَلٍ وَسَطَ اللُّجَّةِ ، وَأَخْرَجَ لَك الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنْ الْمَاءِ الْمَالِحِ ، وَأَخْرَجَ لَك كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً ، وَإِنَّمَا تَخْرُجُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ ، وَسَأَلْتَهُ أَنْ يَقْبِضَك سَاجِدًا فَفَعَلَ ؟ فَيَقُولُ : أَنْتَ يَا رَبِّ قَالَ : فَذَلِكَ بِرَحْمَتِي ، وَبِرَحْمَتِي أُدْخِلُك الْجَنَّةَ ، أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ ، فَنِعْمَ الْعَبْدُ كُنْتَ يَا عَبْدِي فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ جِبْرِيلُ : إنَّمَا الْأَشْيَاءُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ } . |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (رائع) | مَنفىّ ❝ | مواضيع عامة | 23 | 04-22-2010 04:47 AM |
{ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ .....صدق الله العظيم | حمزه عمر | نور الإسلام - | 8 | 01-20-2010 04:46 PM |
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ | حمزه عمر | نور الإسلام - | 0 | 12-07-2009 08:33 PM |
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ....صدق الله العظيم | حمزه عمر | نور الإسلام - | 9 | 04-23-2009 12:03 PM |