**
عدت لكم بالفصل الأول ..
أتمنى أن ينال إعجابكم .. حب8 **
الفصل الأول "أنا .... أمثّل !"
**
**
مُرتدية ثيابي الاعتيادية ..أقف وحدي وسط الساحة الكبيرة لمدرسة التمثيل, حتى أنا متعجبة كيف تخطر ببالي مثل هذه الأفكار !! لم أتخيل نفسي يوماً في مدرسة التمثيل فأنا لا أعرف حتى إن كانت لدي الموهبة أم لا ..! هو يحب حضور المسرحيات دوماً, أعرف هذا منذ زمن ولم تخطر على بالي فكرة أن ألفت نظره بتمثيلي مرة ..
دخلت إلى مبنى المسرح الكبير .. رائع, لم أدخل لهذا المكان من قبل,, بدأتُ أشعر بالتشويق .. ! تقدم نحوي شابٌ قرأت على بطاقته أنه المخرج واسمه "بوبي" على ما أظن,, أجلسني مع مجموعة من الفتيان والفتيات والذين يبدو بأنهم قد جاؤوا يتقدمون لاختبار القبول كممثل على مسرح المدينة .. أما بوبي فقد صعد على المسرح وخلفه الممثلون القلائل ..
-
قال بسرعة "مرحباً بكم هنا في مدرسة التمثيل .. أدعى بوبي وأنا المُخرج الرئيسي هنا, وهذا راف مساعد المخرج .... "
-
استغرق دقائق طويلة وهو يُعرف بكل طاقمه .. يفعل هذا دون جدوى, فبالنسبة لي حتى لو نجحت فلن أذكر اسم أحد .. هاهو بدأ الحديث الذي يهمني قائلاً "بالمختصر المفيد, سيتم تدريبكم على أيدي ممثلينا المحترفين, ثم وبعد شهرين, أريد أن أرى عرضاً ممتعاً لكل منكم مع مدربه .. ثم سنختار نحن طاقم العمل بالتصويت من يستحق البقاء ومن يجدر به المغادرة .."
حسناً, هناك تحدٍ, يعجبني هذا ..
-
"أما الآن فسيتم اختيار المدربين بالقرعة .." وقد أمسك وعاءً زجاجياً مليئاً بقصاصات ورق أكمل "كلٌ منكم سيختار ورقة, ويقرأ الاسم الذي كتب عليها بصوت عالٍ" ..
بدأ مساعد المخرج راف يلف بالوعاء علينا واحداً واحداً لنختار, لم أنتبه فعلاً لكل ما كان يحدث, كنتُ مشغولة التفكير بـ هل علي حقاً فعل هذا؟ ولكن صورة درو تأتي مباغِتة خيالي, لتمنعني من التراجع ..
-
لقد حان دوري, نظرت إلى بقية الممثلين الذين لم تُذكر أسمائهم بعد, شعرت بالحيرة .. قلت محاولة قراءة الخط الصغير اليدوي البشع المكتوب على الورقة .. "فيلــ" ساعدني حامل الوعاء وقرأ "فيليكس" .. عم الصمت المكان لثواني عرفت من خلالها أن فيليكس غير متواجد, وتأكد لي الأمر عندما صاح بوبي بشكل مفاجئ, "رونلد, لا تقل لي بأن فيليكس قد تأخر مرة أخرى" , أجاب رونلد "كما تريد, لن أخبرك" رده البسيط جعلني أبتسم ولكنه زاد غضب بوبي, مما دعانا لنكمل توزيع الأسماء .. والسكوت على موضوع فيليكس, تحرك الجميع من أماكنهم بعد الانتهاء, وبدأ التعارف ما بين كل مدرب وتلميذه, أما أنا فبقيت جالسة مكاني صامتة .. قائلةً لنفسي "رائع, هذا أول يوم لي, ويبدو أن مدربي من النوع المُهمل"
-
-
بعد دقائق من هذا, سمعت بوبي يقول منفعلاً "أخيراً شرّفت فيليكس, الدورة الماضية كنت أسامحك كثيراً, أما الآن .."
قاطعه فيليكس "لن أتأخر ثانيةً .."
-
راقبت هذا الـ فيليكس وهو يهدئ غضب بوبي والتوتر بادٍ عليه, كان ذا شعر بني يصل إلى أسفل أذنيه مجعد بشكل خفيف جداً, يرتدي بنطال جينز عادي وقميص أبيض اللون, يبدو من منظره العام وربطة عنقه وتأخره بأنه ليس من النوع المنظم .. أبداً !!
-
رأيت بوبي يشير ناحيتي ويكمل طريقه ذاهباً يتذمر, تحرك فيليكس بضع خطوات باتجاهي وهو يحاول وضع شارته على صدره ولكن تلك الكتب التي كان يحملها عرقلته, اكتشفت فيما بعد أنها نصوص مسرحيات مقترحة, ما إن وصل إلي, حتى ابتسم قائلاً "مرحباً", رددت بابتسامة معرّفةً بنفسي "أدعى مارلين, ويفترض بك أن تكون فيليكس, صحيح؟" ابتسم ابتسامةً أوسع من تلك التي قبلها "نعم, هذا صحيح, ويسعدني أن أكون مدربك"
-
قادني لمكتبة كبيرة, لا, بل ضخمة ..! دُرنا فيها قليلاً,
"هذه المكتبة, هنا نجد الكثير من المسرحيات والنصوص التي نختار منها أحياناً" ...
بدون هذه التفاصيل المملة, ستتعرفون على المكان مع الوقت, حتى أنا سأحتاج أن أتوافد إلى هنا أسبوعين لأعتاد ..
تفاجأت حين قال فيليكس "أتريدين الخروج لتناول مشروب, ومناقشة بعض الأمور؟"
إنه جديّ منذ هذه اللحظة ..! ثم أحقاً يمككنا الخروج؟ أليس من المفروض أن ننجز كل شيء هنا؟ وبقية اليوم أعود لحياتي؟
سألته, فأجاب بعفوية "نحن هنا في مدرسة التمثيل, في مسرح المدينة, ولسنا في المدرسة الثانوية, ثم إن أردتي أن تكوني ممثلة فستتعبين هذا الشهر, والأشهر التي تليه إن بقيتي!"
"آه,, لن يكون الأمر سهلاً"
"ألديك أية خبرات سابقة في هذا المجال؟"
تغيرت معالم وجهه نوعاً ما حين قلت "لا .."
"ألم تمثلي قط في حياتك ..؟؟!"
" إن تجاهلنا خبراتي في مرحلة الروضة فيمكن القول .. لا.."
"ستكون مهمتي صعبة ..!"
خرجنا بعد هذا "التعليق" واتجهنا إلى مقهى يقع مقابل المسرح, رغم هذا لا أعرف كيف لم أنتبه له من قبل .. على كل حال لم يحدث شيء يستحق الذكر, بقينا نثرثر عن المسرح والتمثيل ..إلخ, أعطاني رقمه الخاص .. عدت إلى منزلي بعد هذا اليوم المتعب, ستكون هذه البداية لا أكثر.. إن درو يستحق ..
-
-
ماهذا الصباح المزعج ؟؟! الأستاذ النشيط المجتهد المثابر "السير فيليكس" مستيقظ منذ السابعة صباحاً, وليته استيقظ وحده, بل أيقظني من خلال اتصال يزيح ثقل النوم من عيني! وها أنا كالبلهاء خارجةٌ لأقابله في المكتبة الخارجية لنختار نصاً من مسرحية, رغم أنني المتدرب هنا إلا أنه يبدو أكثر حماساً مني ..
-
قلت بصوتٍ ناعس لم أقوَ على إخفائه "لمَ أيقظتني باكراً هكذا؟"
فيليكس "صباح الخير أيتها الكسولة"
أملت فمي بانزعاج ..
فيليكس "اتبعيني, فمهمة اليوم ستكون اختيار النص"
بمجرد دخولنا المكتبة –التي لم يكن أحدٌ غيرنا وعاملة المكتبة فيها- بدأ يشرح عن أهمية النص وكيف أن اختياره يؤثر كثيراً ....... إلخ
لا تسألوني عمّا قال فنصف الحديث لم أسمعه, كنت نائمةً بكل جوارحي إلا عيني! .. والنصف الآخر لم أفهم منه شيئاً ....!
-
فزعت حين لم أرَ إلا كومة من النصوص توضع بقوة أمامي على الطاولة فسألت دون إدراك "مـ .. ما هذا؟!"
"النصوص التي ستختارين منها"
مهلاً, توقف لدقيقة .. هل علي أنا أن أقرأ النصوص وأختار الحوار أليس هذا عمله !!
قلت "وماذا ستفعل أنت كونك المدرب المفروض؟"
فيليكيس "سأقرأ النص الذي تختارينه وأرَى إن كان مناسباً أم لا, أقترح أن تغسلي وجهك, وتستعدي جيداً, فاليوم سيكون طويلاً" وغمز بعينه اليمنى ..
ها أنا أبدأ العمل,, تمنوا لي الحظ! ..
-
بعد مرور نصف ساعة من القراءة والمطالعة اخترت نصاً بشكل عشوائي .. لا يهم ..
حملته واتجهت إلى المسرح حيث كان فيليكس .. وكان رده بكل بساطة .::
"قرأت هذه الروايةسابقاً,, صعبة التمثيل, غير مناسبة"
بعد ساعتين ..
"لا,لا, لا أظن أن هذا النص بداية جيدة"
بعد ... لم أعد أذكر الوقت ..!
"لا أظن أن هذا الدور مناسبٌ كمبتدئة"
ماذا أفعل مع ظنونه !! لدي فكرة ..
"تعالَ واختر أنت وسترى بأن كل النصوص غير مناسبة"
"قولي بأنك تحتاجين للمساعدة"
لا أريد أن أبدو كمن لا تتحمل مسؤولياتها أمام النشيط المثابر..
"لا أحتاج إلى مساعدة ... لكن لأثبت لك ما أقول"
"إذاً عودي أدراجك واختاري نصاً مناسباً هذه المرة"
من هذا ليأمرني .. أشعر بالغضب بدأ يشتعل .. أنصحكم بالابتعاد فقد أفقد أعصابي في أية لحظة ..!
-
بعد مدة من الوقت ..
رائع هذا يبدو جيداً .. عليه أن يوافق هذه المرة ..
لم يكلف نفسه إلا بقراءة العنوان .. وانفجر ضاحكاً .. ماذا؟
"ما المضحك؟"
قال يحاول جاهداً إخفاء ضحكته دون استطاعة "هـ هل تريدين تمثيل هذا حقاً, هل أنتِ بكامل قواكِ العقلية ؟؟!"
"ماذا تعني؟"
"اختيار جميل .. ما المانعُ من أداء تمثيليات عن إرشادات السلامة في الحرائق؟"
"إرشادات ماذا ؟؟ يبدو أنني بدأت أتعب"
مضى الوقت وانقضت الساعات ولم أجد شيئاً مناسباً فكلما جُبت البحار والأميال بين المكتبة الخارجية والمسرح –المبنيان متلاصقان ولكن المسافة بعيدة حقاً!- يقول لي فيليكس بكل هدوء أعصاب "لا" أو "غير مناسب" أو "لا يمكن" ...........
سأكمل البحث غداً ..
"اسمع فيليكس, سأكمل غداً, فأنا متعبة وسأعود إلى منزلي .."
"مهلاً, انتظري لحظة .."
-
ذهب لمدة لا تزيد عن خمسةَ عشر ثانية .. وعاد يحمل نصاً بين يديه ....
"هذا النص الذي اخترته وستمثلينه .. اقرئيه جيداً. "
علامات الصدمة والتعب والغضب والفرح والارتياح وكل ما يمكن أن يشعر به الإنسان شعرتُ به في تلك اللحظة ..
حاولت أن أقول بهدوء "ومنذ متى وهذا هنا؟"
"منذ الصباح"
أليس من حقي الآن أن أنفجر غاضبة "ولمَ جعلتني أبحث دون توقف وكأن مصير العالم بين يدي, والنص المُختار هنا ؟؟"
أردت قول المزيد من التفاهات ولكن حضور بوبي منعني .. لا أريد أن أُطرد لأي سببٍ كان
"أهلاً بوبي أين كنتَ طوال اليوم؟" هذا ما قاله المزعج فيليكس مرحباً ببوبي, ولكنه تحول ليأتي باتجاهي وقد كنت أعطيته ظهري ليقول "أرجو أن تقرأيه اليوم .."
"أنت تحلم فالشمس ستغرب بعد وقت قصير" .. ثم أكملت مسيري عائدةً لمنزلي ..
بمجرد عودتي الى المنزل .. أخذت حماماً سريعاً .. التقطت قطعتين من الحلوى, واتجهت إلى سريري وارتميت فوقه دون أن أفلت المسرحية القصيرة التي اختارها فيليكس .. إنها تحت عنوان "الزبون الصعب" , يبدو هذا الاختيار جميلاً من عنوانه .. إنها مسرحية قصيرة كوميدية .. هل أنتم مستعدون ؟؟ أنا بكامل استعداداتي .. حسناً لا يهم, سأبدأ بالقراءة ..
-
-
كنت لا زلت أقرأ حين, رن هاتفي .. آه إنه موضوع على أبعد منضدة في الغرفة .. يالحظي !!
" آلو "
"مارلين, هل تناولت العشاء؟"
"نعم لقد فعلت"
"كنت أريد دعوتك للانضمام لي وبوبي فقد خرجنا للعشاء"
"ربما في وقت آخر فيليكس, تناولت عشائي للتو .."
"حسناً, هل قرأت النص ؟"
"لا زلت أقرؤه, لم أكمله بعد"
"ستكونين الشرطي"
"سأكون رجلاً ؟!"
"وما المشكلة, لا بأس بدورك"
"آه, لا مشكلة البتة .. إلى اللقاء الآن"
"أراكِ غداً .."
أتمنى ألّا يقاطعني أحد بعد هذا, فقد أُعجبت بالمسرحية حقاً, رغم أني انتظرت ظهور فتاةٍ فيها ..!
جميلةٌ بالفعل ..! اختيار موفق فيليكس !!
-
-
"حسناً مارلين, سأقول الآن جملة وعليك قولها بمشاعر مختلفة, مرةً خجولة ومرةً غاضبة وحزينة ومتعبة .... وهكذا .."
"موافقة"
"الجملة هي: إذاً، أنت تدّعي أنك أكثر منا معرفة وخبرة!"
سأتحدث معكم بصراحة .. لقد حاولت وبذلت جهدي .. ولكن ..
فيل والدموع تسيل من عينيه بسبب كثرة الضحك –متعجرف- "افعلي هذا مرة أخرى!"
"صمتاً, أريد أن أركز"
"تريــد أن ..." لم يُكمل لأنه كان يضحك
أشعر بالغضب "توقف عن الضحك الآن, وكأنك تعرف كيف تفعل هذا"
أكملت باستهزاء "لا تدّعي أنك أكثر مني معرفة وخبرة"
-
-
"دمعتان لا أكثر مارلين"
"لا تريد الخروج !!" كان يُحاول تدريبي كيف أبكي على المسرح ..
"فكري بأي شيء حزين"
"لا تخطر على بالي الآن إلا المواقف المضحكة"
"سأضربكِ حتى تبكي وتسيل دموعك غزيرة"
قلت مكشرة عن أنيابي "جرّب أن تلمسني فيليكس"
رد بخوف والعرق على جبينه "كـ كفى, كنت أمزح لا أكثر"
بعد نصف ساعة, لن تصدقوا لقد نجحت وها أنا أمثل دور المظلومة الباكية الحمقاء لكنني سعيدة بهذا, انتظروا المفاجأة الأكبر, هل تعرفون كيف استطعت فعل ذلك؟ بالتأكيد هي واحدة من أفكار فيل, لقد أحضر بصلةً كبيرة وقام بفرمها أمامي مباشرة ..! فكرةٌ خرقاء !
-
-
"هل حفظتي نصك؟"
"ليس تماماً"
"ما الذي تعنينه بليس تماماً !"
"سأحفظها مع التدريب لا تقلق"
"سنرى ذلك"
-
انتهى الفصل الأول ..
أنتظر ردودكم وآرائكم الصادقة وانتقاداتكم .. ملاحظة .. لقد اخترت مسرحية الزبون الصعب لأنها تطابق المواصفات التي أريدها .. وهي مسرحية قصيرة للكاتب الفرنسي ماكس رينيه .. وكنت قد وضعتها قبلاً في قسم القصص القصيرة ..
يمكنك قرائتها هنا .. وبالتوفيق لجميع المشاركين في المسابقة ..