#11
| ||
| ||
وأبتسمت لمدبرة المنزل التي لم تبادلها الأبتسام , ووجدتها تنظر الى ثيابها بأزدراء , وتذكرت أيفين غطرسة الخدم في بيت آل ساندل , قالت: " حسنا, سآخذ حماما". وفهمت المرأة الكلمات الأنكليزية وقالت: " ستجد الآنسة على السرير قميصا وروبا , أن السيد المركيز أمر بأحضار ثياب للآنسة من البلدة". وتعجبت أيفين: " هناك بلدة؟". ورفعت آلما حاجبيها وقالت: " بالطبع , القلعة منعزلة هنا..... ولكن على مسافة ستة أميال هناك محلات وفندق ومسرح , وبيوت كبيرة في ميناء بورتو دي ليون , وأصدقاء المركيز لهم بيوتهم هناك". ( ما أسعدني بمعرفة كون الجزيرة غير منقطعة عن االمدنية تماما! ) وأمسكت أيفين بقطعة صابون كبيرة من زيت الصنوبر وتشممت رائحتها الذكية , أن الحمام ثم النوم في السرير الكبير بالغرفة المجاورة سيعيدان عافيتها اليها. " هل تود الآنسة تناول فنجان شاي؟". " بكل سرور , أذا أمكن ". ومرة أخرى رمقتها آلمها بنظرة مؤنبة , وقالت: " لسنا من المتوحشين في هذه الجزيرة , منذ سنوا وأحد أفراد أسرة دي ليون يتولى الأشراف هنا , وأمثال السيد المركيز هم من علية القوم". وعلقت أيفين قائلة: " أن المركيز يبدو محبا لطريقة حياته الخاصة". " الأسباني عادة سيد في بيته , والمركيز أكثر من ذلك , فأمجاد عائلته مسجلة في كتب تاريخ أسبانيا يا آنسة". ولم تشك أيفين لحظة في أقوالها , فتاريخ عائلته الأقطاعي مكتوب على وجهه , وعميق في دمه وعظامه , قد يكون كريما ولكنه يستطيع أن يكون قاسيا أيضا. وقالت أيفين لكي تواصل الحديث: ط لا بد أن الجزيرة رائعة للغاية". " تستطيع الآنسة أن ترى بعينيها , تعالي". وقربتها آلما من أحدى النوافذ المطلة على الخارج, وفي الحال , أستطاعت أيفين سماع صوت البحر كأنه ريح في أغصان الأشجار العالية تتنهد في قلق , وتهمس بأسرارها, وأستطردت آلما : " أنظري الى البحر". وتطلعت أيفين حيث أشارت آلما فرأت البحر بزرقته الفيروزية , والصخور الشبيهة بالأبراج تعانقه بأستمرار , وتستحم برغوته التي تتكاثر حينا وتتلاشى حينا آخر , وتطاير شعر أيفين بالهواء المالح الذي تجمع حول غرفتها , وشعرت كأنها هنا أسيرة الساحر الأسمر سيد القلعة. كان صوت مدبرة المنزل بالقرب من أيفين وهي تقول: " البحر يهمس , وستسمعينه ليلا , وسيبدو كصوت أحد البشر , أعلمي يا آنسة أن عروسا من آل ليون ماتت فوق هذه الصخور منذ زمن طويل". ألتقطت أيفين أفاسها وأبتعدت عن النافذة , وألتقت بعيني مدبرة المنزل ورأت فيهما كل معاني عدم الترحيب , والعزم عل أثارة أعصابها. " كانت صغيرة في مثل عمرك , ومن بلد غريب مثلك , وتميل الى المشي بمحاذاة صخور القلعة مع كلب صيد من نوع كانت الأسرة تحب دائما تربيته , وقد جذبها الكلب بتقدمه الى حافة الصخور وبعدها غابا معا". هذا ما قالته آلما وهي تتجه الى الباب وتخرج قائلة: " سآتي لك بأبريق الشاي يا آنسة بعد الحمام". أنغلق الباب بعد أبتعاد مدبرة المنزل المتشحة بالسواد , وأرتعدت أيفين بعدما ترامى اليها صوت البحر ودخلت الرياح من النافذة الخشبية محملة بنكهة الملح والرمل والزهر , ووجدت نفسها مسحورة بصوت غيّبته الصخور والأمواج. ولأول مرة ألقت نظرة فاحصة على غرفتها فوجدتها جميلة للغاية ....وأشبه بغرفة صممت لشخص جاء ثم غاب........ أو لأمرأة لم تأت ولم تعش بها , كان السرير واسعا وعليه أغطية جميلة مطرزة وعليها الحرف الأول لأحد الأسماء , والمصباح المجاور للسرير من الفضة والخشب المحفور كبقية الأثاث , وفي الغرفة مقاعد صغيرة مريحة وكرسي أسترخاء طويل من الطراز ذاته , وفوق أرضية الغرفة سجادة سميكة في زرقة البحر. وقارنت أيفين بين هذه الغرفة وبين الغرفة التي كانت تشغلها لدى آل ساندل , والتي غصّت ببقايا أثاث قديم من غرف البيت الأخرى . وترامي الى سمعها , وكما لو كانت غارقة في حلم , رنين أجراس كنيسة قريى تختلط بصوت البحر. ( في خطوط كفك مفترق طرق) هذا ما سبق أن قالته لها غجرية رومانية عجوز في معرض ساحة سانت بليز قبل أسبوع من سفرها مع أيدا ساندل , في الرحلة البحرية التي أنتهت بكارثة , يومها كانت تتجول في المعرض بمفردها , وتستمع الى الضحكات السارة التي ترددها الفتيات الآخريات مع رفاقهن , وكانت تتمنى من أعماق قلبها أن تخبرها الغجرية بأنها ستلتقي على ظهر الباخرة بفارس أحلامها. وألتقطت أيفين أنفاسها وصورة الأسباني الطويل الأسمر غير المبتسم الذي قدّم اليها المأوى المؤقت تملأ عينيها , ولكنه ليس بالشاب الساحر فتى أحلامها.... لقد أخافها بوجهه الجامد وملامحه البارزة وعينيه الحزينتين وساقة التي يجرها. أن دعوته لها بالبقاء هنا سخرية منه.... ولكن ترى أي شعور أثارته في هذا الرجل الذي يعيش وحيدا في قلعة البحر؟ ♪♪♪ |
#12
| ||
| ||
♪♪♪ 2 - رجل يشبه البرج أستيقظت أيفين مع طلوع الشمس , وكانت في غاية الراحة حتى أنها نهضت من الفراش بعد لحظة وأسرعت نحو النافذة الخشبية كي تتأمل محيطها الجديد , وكان قميص نومها واسعا ينزلق من فوق كتفيها , وتطلعت من النافذة كطفلة خائفة. بحر أزرق فيروزي , وجبال أسبانية بعيدة , وهذه الجزيرة أشبه بعالم مستقل بذاته , الآن وقد أراح النوم الطويل أيفين وحجب عنها قليلا كابوس غرق الباخرة , شعرت بدافع لأكتشاف دنياها االجديدة. وتأملت غرفة نومها وتذكرت قول مدبرة المنزل بالأمس عن طلب ثياب لها من محل في البلدة التي تبعد عن الجزيرة ستة أميال , أن قميص الأمس الصوفي والسروال الجينز أختفيا , ودفعها فضولها للأندفاع نحو خزانة الثياب الكبيرة فأخذت تفحصها , ثوب قطني برتقالي , وآخر كتاني مخطط , وثالث حريري مزركش , وأعجبتها تنورة خضراء وبلوزة ذات كشكشة وأكمام واسعة أشبه الريف , ووجدت في علبة رقيقة مزينة برسوم الزهور بعض الثياب الداخلية , وسرعان ما أغتسلت أيفين , وأرتدت التنورة والبلوزة , وبعد ذلك مشّطت شعرها وكانت على وشك أن ترفع جديلتها الى أعلى على طريقتها السابقة , ولكنها تذكرت فجأة أن هذا ليس بيت ساندل , وأن المركيز دي ليون ليس مخدومتها السابقة . وتركت ضفيرتها تنساب على كتفها الأيسر , ورأت صورتها في المرآة غريبة عنها , كانت عيناها بدون النظارة واسعتين أخاذتين , وبدت لطيفة بثيابها الجديدة والزنار العريض في وسطها , ثم تذكرت أن أيدا ساندل ربما لا تكون بين الناجين. ابتعدت عن المرآة وأعتزمت النزول من غرفتها لتبحث عن طعام تتناوله لشعورها بالجوع , وخاصة بسبب هواء البحر الذي تسلل طوال الليل الى غرفتها. هبطت سلم البرج الدائري , حتى وصلت الى ممشى يؤدي الى القاعة , وعن يساره باحة مقنطرة , كانت الشمس تملأ المكان بأشعتها الذهبية عندما وقفت تحت قناطر الباحة تتطلع الى المنظر. كان هناك تحت شجرة بنفسجية مزهرة مائدة صغيرة وشخص جالس , في شعره الأسود بعض خيوط فضية , منهمكا في تقشير المندرين , وكادت أيفين أن تتراجع حينما تطلع هو الى فوق كأنما شعر بوجودها , وأدار رأسه ببطء ناحيتها وقال: " صباح الخير , يسرني مشاركتك يا آنسة بلغريم". وأبتلعت لعابها في عصبية , فهو رغم ثيابه غير الرسمية المؤلفة من سترة كشمير ذهبية وسروال بني , لا يزال يبدو مترفعا في وقفته , أستند بيده على حافة المائدة الى أن جلست في المقعد الآخر , وبعد جلوسه لاحظت كيف يمدد ساقه اليسرى كأنه غير قادر على ثنيها عند الركبة , سألها: " هل نمت نوما حسنا؟". ثم دق جرسا فضيا صغيرا وأستمر في تقشير المندرين الذي أختلطت رائحته بشذى الأزهار والأشجار. " أجل , شكرا". وشعرت أيفين بالحياء ولم تكن واثقة منه فسألته : " ترى هل سمعت شيئا عن ركاب الباخرة الآخرين يا سيدي ؟". " لقد ذهب أمريتو الى العاصمة للأستفسار بالنيابة عني , ولأبلاغ السلطة أيضا أنك ضيفة عندي". بدا لها غريبا أن يقال عنها ضيفة , وهي التي لم تكن تجد في السنوات القليلة الماضية فراغا من الوقت للراحة , ولم تكن تعامل بأنصاف , كانت تخدم الغير ولا أحد يخدمها على هذا النحو. قدم الخادم وسألها المركيز : " ماذا تحبين للأفطار , بيض مقلي , فطائر ساخنة وعسل أم مربى؟". " أجل , أرجوك ". وعبق خداها بحمرة الخجل وأستطردت : " كل شيء يبدو لذيذا , وأفضّل العسل". ونظر اى خادمه , الواقف بأدب في سترته البيضاء وسرواله القاتم , وقال بأسبانية سريعة مما زاد في روعة المكان الذي وجدت أيفين نفسها فيه. " لقد تناولت أفطاري من القهوة والفطائر والفاكهة ". وتطلع المركيز الى البلوزة والتنورة , وقال : " أرى أن رغبتي بشأن الثياب قد نفذت , أنك لا تبدين هذا الصباح كفتاة حزينة تائهة". " أنا شاكرة لك هذه الثياب يا دون خوان , ولا أدري كيف سأرد هذا الجميل". قال بطريقة مبهمة: " بالتأكيد سنجد طريقة ما". ورأت أسنانه اللامعة الصلبة وهو يأكل المندرين , وكانت الشمس تتسلل من خلال أغصان الشجرة البنفسجية , وشاع الدفء في المكان بأستثناء العينين السوداوين اللتين تنظران اليها قال : " الحياة تغيرت بالنسبة اليك فجأة على نحو مثير يا آنسة بلغريم , ألا تثيرك هذه الأشياء الجديدة؟". " في هذه اللحظة أشعر بالحيرة". وراحت أيفين تتطلع الى قناطر الباحة وأرضيتها وجدرانها المذهبة , والأزهار , والنافورة غير الظاهرة وبعض الطيور المغردة عند أشجار الدفلي العطرة , يا لها من حديقة جميلة ربما تخفي بداخلها حيّة , كان كل شيء أشبه بالحلم , وكانت أيفين تتخذ موقف الدفاع , لقد تعلمت أن تكون كذلك , حتى عندما كانت الموسيقى تعزف على الباخرة ثم حدث ما مزق قلبها عند ألقاء الركاب المسالمين الى البحر , وتحدث الماركيز دون خوان بلهجة حادة: " عليك الأبتعاد عن الماضي , صدقيني يا آنسة , الذكريات قد تظل شديدة الوطأة , وأنت بعد صغيرة وعليك أن تتخلي عن النظرة القاتمة". أمسكت ببرعم سقط على المائدة وقالت: " في هذه اللحظة الذكريات حية لا تنسى , سأشعر بتحسن عندما أعلم أن السيدة ساندل سالمة". " ولكنك لم تكوني سعيدة معها ". هزت أيفين رأسها وقالت: " كانت قاسية , ومع ذلك لا تستحق الغرق!". " نحن الأسبان نؤمن بأن لكل أنسان قدره , ها هو لويس يأتي بالأفطار". قال دون خوان ذلط وهو يقف ممسكا بعصاه ذات الرأس الفضي , وأضاف: " عندي بعض الأعمال , ولهذا سأتركك تتسلين بمشاهدة المكان , ومداعبة الحيوانات , وأذا رغبت في المطالعة فأن مدبرة المنزل ستدلك على الطريق الى المكتبة الموجودة بالبرج , تذكري أن عليك الأبتعاد عن الصور الكئيبة والهموم في هذه السن". وأنحنى أمامها أنحناءة صغيرة , ونظرت ال أصابعها وهي تسحق البرعمة البنفسجية عندما أبتعد بساقه العرجاء في أتجاه قاعة القلعة , ترى ما الذي يحزنه ويجعله لا يبتسم ألا نادرا؟ أنه مثل برجه البحري مترفع وغامض. رتب لويس الصحون أمامها على المائدة , البيض المقلي بالزبدة والفطائر الساخنة والعسل وأبريق الشاي الفضي. قالت له بالأسبانية شكرا وأبتسمت , ولكنه كان متحفظا مثل آلما , كأنه يعرف أنها غير معتادة أن تعامل كسيدة للبيت , وجمع البراعم المتناثرة , وقشور المندرين التي تركها سيده , أحست أيفين بشيء من الأمتعاض , لقد قال لها دون خوان ( بيتي هو بيتك ) , ولكنها تبدو بالنسبة الى الخدم دخيلة , وهم يرون أنها تفتقر الى الثقة التي يعرفها من ولد لأعطاء الأوامر وتلقي الخدمات , وهم يعرفون أنها كانت تعمل خادمة لسيدة. أثناء تناولها الأفطار أمتد رأس كلب من خلال ساتر الأزهار المجاور , نظر اليها الحيوان , ثم دنا كي يتفحص وجهها الغريب , لم تشعر بأي خوف أذ كان بيت ساندل يعج بالكلاب , فقالت: " مرحبا , أرجو أن تكون أكثر ودا من بقية الحاشية". جلس كلب الصيد الألزاسي على مقدمتيه وتشمم نعليها التوريرو وأسند رأسه ورقبته ذات الطوق والميدالية عند قدميها , فقالت مداعبة : " ما أسمك ". وأنحنت الى الأمام وألقت نظرة على الميدالية التي تحمل أسمه ثم قالت : " كارلوس , تعال نتمشى معا". ♪♪♪ |
#13
| ||
| ||
يلا اتحفوني بالتوقعات بليييييز ولا وربي ماراح انزل اي بارت =)
|
#14
| ||
| ||
[justify] هااااااااااااااي رواية رائعة اسرعي في انزال التكملة ارجوك شكرا سطحي ] التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 10-07-2015 الساعة 08:43 PM |
#15
| ||
| ||
التّهديد بعدم ادراج اي جزء حتى تأتيك توقعات هذا غير محبَّب و ليس ما سيجلب للكاتب ردود حقيقية وبما أن آخر رد لك هنا كان 2014 وهي فترة آخر تواجد لك بالمنتدى تُقفَل القصّة في غضون شهرين ما لَم يُدرَج فصل جديد! |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية | florance | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 02-26-2014 02:28 PM |
القبور تناديني | البؤساء | قصص قصيرة | 4 | 07-29-2013 05:47 AM |
رواية ي سيدي عشق نبيه لاتستهين به | احساس مراهقه | روايات و قصص بالعاميه | 5 | 07-04-2013 01:14 AM |