لم اعد قادرة على فهم ما يجري..
لماذا ارتفعت نقاط التقييم خاصتي فجأة؟
لقد كانت 10 فقط حتى مساء الأمس !
اتمنى ان اجد من يشرح لي الامر قريبا؛فأنا حقا لا فكرة عندي عن ماهية نقاط التقييم او من يمنحها!

حيره...وحده...تناقض...خوف...استياء...رهبه
.
.
.
لكن في النهاية اقتنعت
.
.
.
وبإذن الله منذ الغد
.
.
.
سنرفع شعار "التاريخ لا يموت"
.
.
.
فأمتنا كان لها يوما تاريخ رائع وبعون الله وعملنا الجاد حتما سيعود
.
.
بإذن الله عائدون أيها العالم

جالسة امام حاسوبها المحمول والحماس الشديد يبدو جليا على وجهها؛كالعادة جاءتها فكرة ما وقررت تنفيذها من دون أن تعيد التفكير فيها؛اتسعت ابتسامتها وهي تفكر في انها صارت تتصرف من وحي اللحظة مؤخرا لكن لا يهم ففي النهاية هي تقتل الوقت فقط؛لقد صارت لديها قناعة راسخة بأن حياتها مؤخرا صارت تدور حول قتل الوقت دون هدف او غاية؛و مع انها تدرك تماما أن هذا الوضع خاطئ إلا أنها غير قادرة على إيقافه....


كان يتجول في حديقة المنزل عندما لاحظ الهدوء الذي سيطر على الأجواء فجأة؛أحس بغرابة الوضع لأنه يعرف جيدا أنها يستحيل أن تجلس هادئة كالفتيات الطبيعيات؛إحتمال خروجها مستبعد فالجامعة مغلقة هذه الأيام بالاضافة الى أن والديهما ليسا هنا حاليا وهي من النوع الذي يخاف ان يخرج من المنزل وأهله ليسوا في المدينه..على حد قولها (ماذا سأفعل لو أصبت في حادث؟!أو اذا التقطت عدوى مرض ما؟!او تعرضت لهجوم من عصابه؟!او تم خطفي؟!...)وتستمر في وضع افتراضات غريبه؛ ابتسم بهدوء وهو يفكر في ان هذه المدللة لا يمكن ايقافها عندما تبدأ بالثرثره لكن هذه الابتسامة سرعان ما إختفت عندما انتبه للهدوء الذي لا زال مسيطرا على الأجواء؛تنهد بحيره وهو يفكر(أيعقل ان عقلها قد عاد لها وقررت ان تذاكر اخيرا؟ يستحيل..سأشك في كونها أختي التي أعرفها إن فعلت؛لكن الأمر سيكون رائعا لو حدث!..)ابتسم بحماس لفكرة ان اخته تذاكر وبدون ان يشعر وجد نفسه يتجه لغرفتها..

أخذ يفكر وهو يسير؛لقد بدأ هذا الفصل الدراسي منذ حوالي 4 أسابيع ونصف ثم تم إغلاق الجامعة بعدها بسبب بعض الطلاب مثيري الشغب ؛طوال هذه الأسابيع كان يراقبها وقد توصل إلى حقيقة مهمه وهي ان تلك المزعجة لم تنهي دراسة أي ماده- لماذا يتحدث عن المواد الآن- فماكان يعني أن يقوله: أنها لم تكمل دراسة درس واحد حتى! ؛ ربما حاولت هو لن ينكر أنها حاولت ذات مرة وفي مادتين مختلفتين؛ لكن محاولتين فقط لا تكفيان أبدا خاصة عندما تكونان محاولتين فاشلتين! لديها ست مواد بحالها وهي مستمرة بتضييع الوقت بهذا الشكل! ؛إنها تجعل ضغط دمه يرتفع؛لقد جاءت هذه العطلة في وقت مناسب تماما وقد فرح كونها قادرة على تقوية موقفها الأكاديمي خلالها؛لكنها فاجأته بأنها أخذت العطلة كوقت من واجبها أن تضيعه كاملا وقد أدت هذا الواجب بشكل مثالي حتى الآن.

أحياناً يشك في انها أخته حقا؛فهو معروف في الجامعة كلها بلقب الطالب الأسطوره؛ ذكائه الحاد وإجتهاده الشديد صفتان عرف بهما منذ صغره؛انه بالفعل يأخذ دراسته بشكل جدي تماما والجميع يشهد له بأنه سيكون شيئا عظيما في المستقبل؛حتى مسألة التوتر قبل ظهور النتيجه أو التلهف لمعرفتها مشاعر فارقته منذ زمن فهو دائما الأول بدرجات مثاليه؛معلموه في الجامعة محتارون جدا بخصوصه وهو صار حريصا على أن يزيد دهشتهم أكثر؛يعشق الجامعة بكل مافيها لأنه يرى أنها المكان الذي ينتمي إليه؛ بعكس أخته التي لا تطيقها أبدا؛ عموما هذا ليس الشئ الوحيد الذي لا يتفقان فيه هو وأخته فكل شئ فيهما متناقض؛ لذا يصدم الجميع من كونهما إخوة...

كان قد وصل أمام غرفتها تماما و كون باب الغرفة مفتوحا فهذا أكد له أنها لا تذاكر الآن؛ أخذ خطوة لليمين وهو شبه متأكد مما سيراه داخل الغرفة ؛ وكان كما ظن فمن خلال الباب الذي أمامه شاهدها جالسةعلى كرسي مكتبها وحاسوبها المحمول موضوع امامها على المكتب؛ للحظة قرر أن يحسن الظن ويقول انها تذاكر فهما يدرسان تقانة معلومات في الجامعه و دراستهم تعتمد بشكل كبير على الحاسوب لكن ملامح وجهها المتحمسه قطعت آخر خيط أمل عنده و عرف أنها لا تذاكر؛ بما أنه يفهمها جيدا لم يكن صعبا عليه ان يدرك انها تقوم بتحميل دراما يابانية أخرى ؛ ابتسم وهو يفكر في هوس أخته باليابان؛انها مهووسة لدرجة انها أصرت على والدها ان يلحقها بكورس لغة يابانية في العطلة التي تسبق الجامعة والتي يستغلها الناس عادة في تحضير أنفسهم للجامعه؛الجيد في الأمر ان والدها ألحقها بمعهد تابع للجامعة ومجاور تماما لكليتهم فكما هو متوقع لقد أصرت على الإستمرار في الكورس حتى بعد أن بدأت الدراسه الجامعيه ولحسن الحظ فقد أوقف المعهد تلك الكورسات لأسباب فنية وكان عليها أن تتوقف إجبارا؛ لقد توقع هو ووالده ان تمل كعادتها وتطلب التوقف والذي كان صادما جدا له لم يكن اصرارها على المواصله بل كان قدرتها الغريبه في هذه اللغة فهي تلتقط الكلمات بسرعه وترسخ في ذاكرتها أسرع؛نطقها تماما كنطق اليابانيين وبطبيعة الحال فإن انفعالاتها كانت منذ البداية مثلهم؛احرزت درجة مرتفعة في امتحان المستوى الأول وحيرت معلمتها بقدرتها على حفظ الحوارات بسرعة في المستوى الثاني؛لقد أنهت مستويين فقط لكنها تعلمت الكثير حقا؛حسنا يبدو ان موهبتها الحقيقية تظهر في اللغات فهي قد بدأت تتعلم الكورية والصينية لوحدها وكان نطقها سليما تماما خاصة في الصينيه؛ مايحيره حقا هو مقدار السعادة التي يراها عليها عندما يتعلق الامر باللغات؛حتى الايطالية والاسبانية وغيرها؛كلمة اللغات عندها هي كمرادف للسعاده؛ربما كان على والديه أن يتركاها تدخل أي مجال أدبي فقط؛ فأسلوبها في الكتابة أيضا مميز بشهادة كل معلمي اللغة العربيه الذين درسوها؛ وبشهادة كل من قرأ شيئا كتبته؛ ودائما تأتيها نصائح من نوع: (انت يجب بلا شك ان تصبحي صحفيه؛انت خلقت لتكوني كاتبه عليك ان تؤلفي كتابا ما؛لو جمعت منشوراتك على فيس بوك فقط ستخرجين بكتاب مذهل؛ اكتبي رواية او قصة ما وانشريها وستجدين رواجا مذهلا....الخ) والكثير الكثير من هذه التعليقات التي يعلم جيدا أنها تؤلمها فقط؛ فأمهما تعارض تماما فكرة نشر شئ لها حاليا وترى انها يجب ان تركز على دراستها فقط؛ ومن الأساس فكرة الروايات مرفوضة تماما من قبلها لانها تراها ضياعا للوقت؛ رغم ان اخته تعشق الروايات وقد قرأت الكثير جدا منها ولديها بعض الروايات التي بدأت تؤلفها ولم تكملها..

تنهد بعمق وهو يفكر؛ عليه بالتأكيد ايقافها فالعام الماضي كانت نتيجتها سيئة جدا لدرجة انها كانت راسبة في مادة ما ؛ هذا ليس أبدا مستواها الحقيقي ففي طفولتها كانت مثله تماما ؛ لا يذكر بالضبط متى بدأت بالإنحدار لكن كما وصفه تماما هو إنحدار وهذا يعني ان الوضع سيصبح أسوأ.. وهو بالتأكيد لن يسمح بهذا؛ لا يريد أن يرى الحزن في عيني والديه مجددا؛ولا يريد ابدا أن يراها منكسرة كما كانت يوم نتيجة العام الماضي، ربما كان كلام أمه صحيحا وان أخته بدأ إنحدارها عندما أدمنت على الروايات لكن هو يعرف تماما أن بين الروايات وأخته قصة عشق يصعب أن تنتهي؛هز رأسه بقوة ليبعد الأفكار السيئة التي بدأت تتجمع؛ أخذ نفسا عميقا وخطا داخل الغرفة؛ لا جدوى من طرق الباب فهي لن تسمعه بأي حال..


اقترب منها وهي لم تشعر به لأنها كانت مركزة تماما على الشاشه؛ وقف يمين المكتب وبأطراف أصابعه دفع شاشة الحاسوب المحمول لتنطبق على لوحة المفاتيح ولترفع أخته نظراتها له..

هي(بعد أن تنهدت بملل كونها تعرف نوعية الحوار الذي سيدور بينهما الآن): مالأمر هيونغ ...ماذا هناك؟



ابتسم بهدوء بعد أن سمع تلك الكلمة؛ حقا كلام هذه الفتاة قد أصبح خليطا غريبا جدا؛ ستجد فيه كلمات من أكثر من خمس لغات و لهذا فما من شخص يفهم كل ماتقوله غيره؛ هو ليس أبدا مهتما باللغات ولكن كلما سمع منها كلمة سألها عن معناها وحفظه؛ فقط لانه حريص جدا على فهم كل ماتقوله؛ الآن هو يفهم كلامها لكنه حقا لا يملك أدنى فكرة عن اللغة التي جاءت منها أي كلمة ؛ في نظره هذه الكلمات كلها هي لغة أخته العزيزه لذا يكفيه جدا أن يفهم معناها فقط؛ لكن بالعودة لكلمة هيونغ التي سمعها منذ قليل؛ هو يعرف أنها تعني أخي الأكبر بالكوريه..
لم تعد السؤال عليه وهي ترا أفكاره تأخذه بعيدا عنها؛لأنها ببساطة تعرف طبيعة أخيها الذي يفكر أكثر كثيرا مما يتكلم ؛ بعض من في الجامعة يرونه مهووسا غريب الأطوار لشغفه بالدراسه، لكنها تحبه هكذا وتفخر به جدا ؛ وتفخر أيضا بأنها الشخص الوحيد الذي يتسطيع أن يظهر أمامها على طبيعته ويفتح قلبه لها؛علاقتهما معا رائعة جدا وهذا واحد من أسباب سعادتها الدائمة،لا تدري كيف كانت حياتها ستكون من دونه...

أوقف صوته تدفق أفكارها فرفعت رأسها وابتسمت له قائلة بمرح: أينيكي..أيمكنك ان تعيد ماقلته ، أنا لم أكن مركزة لذا لم أسمعك ، أونيغايشيماس..

تنهد مجددا وهو يسمع جملتها وصار يترجم ماقالته بسرعه: أينيكي هي كلمة يابانية غير رسمية أبدا تعني الأخ الأكبر ؛وأكثر مايعجب اخته في هذه الكلمة هو ان أفراد عصابات الياكوزا يستخدمونها؛ أونيغايشيماس كلمة تعني التوسل او من فضلك و يبدو انها أيضا يابانيه..

ابتسم بهدوء وقال: لاحظت أنك غير منتبهة معي لذا ناديتك فقط؛ الآن هل يمكننا ان نتحدث بالعربية فقط؟!



عدم الرضا بدا جليا على وجهها وهي تقول بإنزعاج: آر غاااااا...



أعاد رأسه للوراء بإحباط، لا يمكنه أبدا مجاراة هذه الفتاة، فالكلمة التي قالتها منذ قليل تعني أخي الأكبر أيضا ولكن بالصينيه هذه المره

بدا واضحا ان نقاشهما هذا سيطول قليلا لذا جلس أمامها مستندا على المكتب وقال بهدوءه المعتاد: أختي الغاليه؛لدينا نقاش مهم يجب ان ننهيه لذا هلا توقفتي عن هذا الآن..

نظرته الجاده ونبرته الهادئة أرعبتاها بعض الشئ لذا هزت رأسها إيجابا وهي تنظر إليه بقلق طفلة صغيرة خائفة من التوبيخ..

لا اريد البقاء هنا أكثر..لم أعد قادرة على فهم أحد ولم يعد أحد يفهمني..
مشاكلي تحولت الى متاهات متداخله..وفي داخلي اصوات تدعوني للبقاء معها إلى الأبد
لكن متى كان الهروب من مشكلة حلا لها؟!...بهذه الطريقة سأتسبب في مشكلة أكبر..
حتى مقدرتي الخارقة على البكاء فقدتها اليوم..لم يعد لدي أي منفذ...
ومن اعتدت على فتح قلبي لهم -في الماضي -قد تكون بيني وبينهم حاجز لسبب ما...
الأشياء التي كانت تجعلني ابتسم وانا في أسوأ حالاتي رحلت من قلبي بلا عوده
.
.
.
ربما سبب كل هذا هو الفراغ القاتل الذي يغلف حياتي هذه الأيام..ذاك الفراغ الذي جاء فجأة من حيث لا أدري...
لكن ما يجعل الأمر مثيرا للشفقة هو أنني ومع اعترافي بوجود كل ذاك الفراغ أحس بأن 24 ساعة في اليوم غير كافية لما يجب أن أفعله..فهناك فعلا أشياء كثيره يجب علي فعلها..كثيرة لدرجة أن ال24 ساعة ليست كافيه..لذا أحل الأمر فقط بأن أترك كل ماعلي فعله جانبا وأحاول قتل الفراغ القاتل بأي شئ...
أظن أن كل ما أنا بحاجة اليه الآن هو صفعة قويه تعيدني الى الواقع.

الحمدلله...
اشك في اني بدأت افقد توازني العقلي حقا...ربما ليس فقدان التوازن بالمعنى الحرفي هو
ماأعنيه هنا...لكنها فقط تلك اللاواقعية الغريبه..الأشياء التي اكتبها واقولها ثم اعود لأفكر فيها ..ماذا كنت اعني بها؟لم فعلت هذا او قلت ذاك؟ماذا عنيت حقا ؟ احيانا استمر في الكلام وفجأة اتوقف لأنني نسيت بالفعل ماذا كان الموضوع...والأسوأ من هذا كله عندما أكتب رسالة ما وأرسلها لشخص فيتضح انه عاجز عن فهمها..وعندما احاول شرحها له أكتشف انني ايضا لا أفهم حرفا مما كتب..
عموما لاحظت ان التفاهم بيني وبين الناس يقل..بطبيعة الحال انا لم أكن يوما قادرة على فهمهم لكن الآن هم ايضا غير قادرون على ان يفهموا حتى حواراتي العاديه...
هل هذه نتيجة العزل الذي فرضته على نفسي طيلة سنوات مضت...ام انها نتيجة عيشي في عالم مثالي ابتكرته بنفسي لأهرب به من الواقع...ام انها انعكاس لهذا وذاك في آن واحد؟!!
لا أفهم ما يجري حقا لكنني فقط اتمنى ان اكون قادرة على إيقاف الأمر قبل ان يستفحل