تنهد ادوارد وهو يرى جوري تجلس تحت شجرة في حديقة بيتهم وهي مرتدية
فستانها الذي سلب لبه تماماً..انه يحبها كثيرا لكنه لم يستطع التحدث إليها اثناء
الزفاف..لم تواته الشجاعة لفعل ذلك بعد ما فعله بآخر لقاء بينهما..رغماً عنه
ارتاح شيء داخله لرؤيتها امامه..سيحفظ صورتها في قلبه وعقله للأبد..سيسافر
لخمسة سنوات لعله ينساها او يلتقي غيرها...!
تمتم وهو يقوم بتشغيل محرك سيارته:"أنا احبك جوريتي التي آسرتني بجمالها..!
يومٌ مر..وآخر انقضى وذهب..
اسبوع ودعنا بملل..وآخر جاء ثم عاد لجحيمه..
سنةٌ ودعناها بحرارة وآخرى ودعناها على آمل لقاءه..
سنة بعد سنة أنتظره وقلبي الأحمق يشتاق له رغما عني..
لقد سرق مفتاحه ولم اجد من يستطيع فتحه غيره بغير مفتاح..
أنتظره وأحن إليه وانا أعلم انه لن يأتي..
بتُ اصدق خرافات الحب والايمان..
يا ليتني لم أره..لم اتزوجه...لم احبه لعلي اكف عن الجنون الذي اعيشه.
كبرت ونضجت وما زالت اوراق عمري تتساقط في خريف حبه...
آه حارة تخرج مني كلما ذكرت اسمه..ذكرى يتيمة اتذكرها حين اشعر بالحنين
انا أتأرجح بعاطفة لم يُسبق لي أن اعرف اني امتلكها..!
ما بي..؟! لما هذا التردد..
اني ببعده لست بأنسانة..!!؟
انهت كلماتها بتوقيعها في آخر الصفحة بينما سقطت دمعة واحدة على صفحة
وجهها الابيض..ارجعت كرسيها الأسود اللون واستقامت من مكانها ثم عدلت
هندامها المكون من بنطال جينز طويل وتشيرت احمر به كلمات بلون ادهم غريبة
وفوقه سترة بلون الجينز قصيرة لصدرها وكميها لحد المرفق..تنهدت وهي تعيد
خصلة من شعرها الأسود الى خلف إذنها هامسة بحنين:"لقد مضت مدة مذ رأيت داني ومات..!"
خرجت من غرفتها بعد أن اغلقت دفتر مذكراتها..التقت بوالدتها فرأتها تجلس في
غرفة الجلوس تشاهد التلفاز:"مرحبا ماما..سأذهب لرؤية مات وداني..اخبري
خالتي جيسيكا بتحياتي لها واخبريها لما لم أستطع الذهاب لرؤيتها..!
اقتربت من والدتها وقبلت رأسها بحب ثم خرجت من البيت ولم تسمع همسة
امها:"لكن اليوم هو سيأتي اخيرا..سيأتي بعد طول غيبته..!
رغماً عنها وهي في طريقها لمقابلة مات وداني في الحديقة التي كانا هي وجاك
يجتمعان بها تذكرت من امتلك قلبها..تذكرته هو ذاك الغائب الساكن في
اعماقها..من امتلك صك مُلكها بلا اي جهد..لقد تركها وغادر كأنه غريب
عنها..لم يفكر بتوديعها او حتى مكالمتها يوم حفلة زفاف أخيها منذ خمسة سنوات
تماماً..في مثل هذا اليوم تحديداً رأته آخر مرة..لقد كبرت ودخلت الجامعة بل
وتخرجت منها مبكراً ولم ينسى قلبها الأحمق حبه وعشقه..لقد بات هو نقطة
ضعفها..كبريائها عنيد وقلبها اعند وما زالت الحرب قائمة بينهما... يقول كبريائها
صباحاً انه نسي ادوارد..ان ما من إنسان تعرفه بهذا الاسم لكن ما أن يأتي الليل
حتى يبدأ القلب رحلة سهره فيفترش الحنين فراشه وتلتحف الاشواق بحبه
ودفئه..وتمتلئ الرئتين برائحة عطره الفواحة..ثم يعتصر الألم الفؤاد ويفتته فتدمع
العينين لتستيقظ صباحا بوسادة ممتلئة بدموع الفقد والفراق ونار تلهب قلبها
مندلعة لا تخمد إلا برؤيته..هي لم تعلم ان الحب هكذا..لقد قرأت عنه بأنه اجمل
شعور بالحياة..انه يعوضك عن كل الاشخاص ما دام هو بجوارك...لكنهم لم
يفكروا بمن يحب ولا يُبادل حبه..بمن يحتاج قوةً لتحمل ألم ما يسمى بالحب..؟
! هـــه ضحكت بسخرية مريرة وهي تفكر"مرتك الأولى يا جوري بالحب وقد تجرعت
منها الالام..! لقد رَبحتِ حقا ايتها الوردة النازفة بالجراح وقد تعهدت يوماً إن ما
من شيء يكسرك سوى فقدك من تحبينهم وها أنتِ فقدتِ من امتلك قلبك بقوة..!"
قاطع سيل افكارها وعتبها على قلبها وصولها للحديقة فمشت بها حتى وصلت
لشجرة كبيرة جداً خضراء الاوراق..بنية الساق..كبيرة الظلال..ضخمة
بالحجم..تقدمت منها ككل مرة تأتي بها واسندت ظهرها عليها..هي نفسها الشجرة
التي كانت امامها حين رمى ادوارد بحكمه القاسي عليها وصفعها على قلبها قبل
خدها..سخرت من نفسها لقد مرت خمسة سنوات يا جوري خمسة وما زلت تأملين
ان تريه يوماً وان يحبك..!؟
نداء رقيق ممزوج بخشونة خفيفة نادها وجسد يركض ليرتمي بحضنها دون
لفت ذراعيها حول الجسد الصغير المدفون بحضنها هامسة بحب وحنان:"داني
اقترب جسد آخر وهمسة بصوت خشن رجولي مازح:"استقبال عاطفي ألا يوجد لي
رفعت نظرها لمحدثها ذو الشعر الاسود والخصلات الحمراء بينما عينيه المتسعين
كأتساع البحر الأزرق الذي آخذتا لونهما منه تلمعان حناناً وشقاوة.. بعينان
تفيضان محبة فتحت ذراعيها بدعوة صريحة للحضن:"اشتقت لك ايضا
مات..وطبعا لك مكان بالأستقبال..!
ضحك وهو يضم جوري وداني بذراعيه لصدره متمتماً بصوت عميق:"إن لم يكن هذا
الحضن لأبن جاك وصغيرته فلمن يكون يا شقية..؟! آه وطبعاً لا انسى حبيبتي آلي..!
قهقهت جوري بمرح لتقول بخبث:"سأخبرها بنسيانك لها لكي تقتلك وتجعلك تتذكرها دوماً..!
شاركها ضحكها ثم اعادها لحضنه الدافئ كدفئ حضن جاك كما تتذكره جوري قبل
سبع سنوات اماعمر داني فهو ستة سنوات..
لم تنتبه لعينين عسليتين راقبتا اللقاء منذ البداية بقلب وجل مرتفع وقد حُطمت
سمفونية حنين قد كان يعزفها قبل رؤيته ما رأى..!
لنعد قبل اللقاء تحديداً بعد ان غادرت جوري..
ارتدت سارة ملابسها المكونة من تنورة طويلة سوداء وقميص بنفسجي اللون
فوقها..جمعت شعرها بتسريحة عملية وامسكت حقيبتها ومفاتيح سيارتها لتتوجه
نية الذهاب لوجهة واحدة لا غير...بيت جيسيكا
وصلت له بعد عدة دقائق فدخلت له والتقت بصديقة عمرها وسلمت عليها..جلستا
تتناقشان قليلا فأخبرتها سارة عن كلام جوري فتبسمت جيسيكا بمكر..تركت سارة
قليلا لتنادي شخصا ما ثم عادت تجلس..بعد خمسة دقائق تقدم شاب طويل ذو
شعر اسود كالليلة الصافية من النجوم المتلألئة والقمر قد تركها..عيناه التي جمعتا
العسل الذائب مع اشعة الشمس الحارقة قد غامتا بالعاطفة وهو يرى سارة
أمامه..وصل لها فأنحى ليقبل رأسها ثم يديها بحنو..سقطت دمعتين من عينيها
وهي تقول:"واخيرا رأيتك ادوارد لقد اشتقنا لك كثيراً..!
رغما عنه تصور هذه الكلمات من شفتي حبيبته الأبدية..أحس بألم لذكرها..يا الهي
كم يشتاقها...أنه يعشقها ووهاقد مرت خمسة سنوات منذ رأها لكن لم يستطع
نسيانها..بقت تحتل قلبه وكيانه اجمع...بقت بشعرها الغجري وعينيها الساحرتين
اللتان تفتناه موجودان بذاكرته يذكرانه ما أن يريد الخروج مع امرأة بأنه يعشقها
هي..بأنه يتذكرها ما أن يلمس آخرى..بأنه يحبها هي وحدها عندما يعانق
آخرى..هي لعنته الوحيدة...!
جلس امام سارة بعينين شاردتين وقد انتبهت المرأتين الماكرتين لذلك فقالت جيسيكا
بمكر وهي تغمز لسارة:"اممم عزيزتي سارة لمَ لم تأتي معك جوري..؟!
رفع عينيه سريعا ما إن سمع اسمها وكانت مشاعر الحنين موجودة على وجهه
لكنه سيطر على نفسه بصعوبة ليبدو هادئاً رزيناً..
اجابت سارة ببساطة لكن بخبث مخفي:"اه لقد ذهبت لرؤية مات وداني..في الحديقة
التي كانت تذهب لها دوما مع جاك..
انطلق سؤال سريع من شفتيه دون ان يستطيع السيطرة على نفسه:"من هما مات وداني.؟!!
ارادت سارة الكلام لكن جيسيكا سبقتها بالقول:"مات يكون زوج جوري وداني
توسعت عينيه بصدمة وفغر فمه بصورة مضحكة ليهمس بلا تصديق:"جوري تزوجت..؟!
اجابته والدته بقسوة:"نعم تزوجت بعد أن طلقتها..إذا لم تصدقني إذهب لتراها في الحديقة..!
استقام فجأة وقال بعجل وتوتر غريب عليه:"اعذروني سأذهب الآن..!
خرج سريعا من البيت راكباً سيارته السوداء متوجهاً للحديقة..
اما سارة فقالت بحزن على حال ادوارد حين سمع الخبر:"لمَ كذبت عليه جيسيكا..؟!
ضحكت بقسوة لتقول هامسة لها بقوة:"يجب عليه ان يستفيق..هي لن تنتظره طوال
العمر..فليجرب الشعور بفقدها حقا ثم وبالتأكيد سيخبرها بمشاعره..
ضحكت عليها سارة بمرح:"ما زلت ماكرة جيسيكا..!
وتبادلتا الضحكات وفي داخلهن امل بأن يعترفوا لبعض بالحب..!
لن يحتمل رؤيتها تضحك مع من سمته امه بزوجها وطفلها..تقدم بخطوات واثقة
لهم لينادي بأسمها حينها سمع ما قاله مات ليكتشف لعبة امه وما فعلته
ادارت رأسها بصدمة حين ظنت انها سمعت صوته..ظنت نفسها تهلوس او ربما
تتخيله كعادته دوماً لكنه امامها..بقامته الطويلة وجاذبيته الرائعة يرتدي جينزاً
وقميصاً اسود رافعاً كميه لمرفقيه ينظر لها بعينيه اللتين تعشقهما بنظرة اهتز لها
همست دون ان تصدق:"ادوارد...! تبادلا النظرات مطولاً دون ان يشعرا ولم يفيقهما
إلا صوت مات وهو يقول بأستغراب:"صغيرتي من هذا..؟!
نظرت له جوري كأنها لم تحس بوجوده ثم قالت بتشوش:"مات هذا ادوارد زوجي السابق..!
وكأنها بنطقها لتلك الكلمات قد تذكرت ما حدث آخر مرة وامام هذه الشجرة وفي
نفس البقعة بالضبط..عاد لها كبريائها العنيد..هدأت دقات قلبها التي ارتفعت
لرؤيته..جمعت كرامتها التي انهدرت بسببه..ثم حولت نظرتها بعنفوانية وشجاعة
لتقابل عينيه العميتين اللتين احستهما تخترقانها فيعرف بأشواق قلبها الخائن له.
تمتم من بين شفتيه برقة وسلطان عينيه لم يتزحزح من عينيها:"يبدو انك لست سعيدة لرؤيتي..!
تمعنت بملامحه الحصينة التي لا تكشف شيئاً عن الحرب الدائرة داخله ما بين
كبريائه وقلبه المجنون بحبها..:"مات هل تستطيع تركي قليلاً للحديث مع.."شددت
على الكلمات:"مع زوجي السابق..!"
تركها مات بأستغراب وقد أحس بذبذبات الشوق والكبرياء بين نظراتهم وحركة اجسامهم..
نطق جوري بسخرية وعينيها تهينانه:"وكلا يا زوجي السابق لم اشتق لك مقدار ذرة..!
تحركت عضلة في فمه دليل تأثره بينما ظلت ملامحه جامدة لا تعبر عن شيء:"من هذا الذي كنت تتكلمين معه..؟!
قالت جوري بقسوة تخفي المها وجرح قلبها منه:"ومن أنت لتسألني..؟؟! كنت
احسبك طليقي وليس لك علاقة بي بعد الآن ومنذ خمس سنوات...؟؟!
تقدم خطوتين منها بجذابيته الصارخة بينما هي كادت تصرخ به:"توقف ارجوك لن اتحمل قربك..؟!
هدر بها بصوت قاسي منخفض شديد الرعب:"قولي من هو جوري وتجنبي غضبي..؟
كشرت جوري انيابها بينما حملت تعابير عينيها جرحاً اظهرته بوضوح طعنه بل
افقده صوابه:"لمَ..لكي تصفعني مجدداً ومجدداً..؟! ما الحجة الآن لم اطع آمر احد
افراد عائلة ميلادفورد...؟؟!
تحولت ملامحه من القسوة الى الألم وانقبض اساريره وتشنج فكه ليقول بصعوبة
وهو يجر الكلمات جرا من فمه:"جوري لقد كنت متألما حين صفعتك..اسف لكني
كنت يائساً بشدة تلك الليلة وقد دمرني اخفاء امر عيش لارا عليكم...!
همس بلا تصديق وفاهها قد فُتح بينما تقدمت منه قليلا:"لقد كنت تعلم..؟! كنت
تعلم ان لارا لم تمت ولم تخبرني..؟!
تقدمت منه اكثر لترفع قبضتي يدها وتضربه على صدره وسيل كلماتها تخرج
بصعوبة من فمها بينما دموعها تتساقط على وجنتيها:"كنت تراني امامك ابكي
واصرخ واحطم الاشياء بسبب خبر موتها لكنك لم تخبرني بل شاهدتني اكاد اموت
لموتها ذاك...هل انت انسان..؟؟؟! اخبرني هل حقا انت بلا مشاعر لترى فتاتين
في يوم واحد تتعذبان امامك دون ان تقول او تفعل شيئاً..؟ هل حقا احببتُ
مجرما قاسيا خاليا من المشاعر الانسانية...؟!
صرخت بكلماتها الاخيرة لتسقط أرضاً تضربها بيديها بيأس وسخط بينما وقف
جامدا مما قالت وكلمة احببت تلعب بتفكيره فتجعله مشوشاً غير قادر على
السيطرة على قلبه الذي تراقص فرحاً..
جثا بجوارها ثم امسك اعلى ذراعيها يهزها بلطف ليقول بحزم:"جوري اعيدي ما
جوري..جـــــــــــــــــوري..صرخ بالكلمة الاخيرة وقد نفذ صبره..
ضمها لصدره بقوة وهو يلهث ليقول بحب:"انا احبك جوري..احبك لدرجة ما عدت
استطيع تحمل كبت هذا الشعور..أحبك لدرجة اني سأجن بسبب هذا الحب..احبك
واعشقك وما عدت استطيع التحمل اكثر...!!
رفعت له نظرها وتوقفت يديها عما كانت تفعله..أرتفعت نبضات قلبها حتى خافت
ان يصله صوتها..تمتمت بصوت أرتعشت نبراته:"لك..لكنك تزوجتني لأجل
الانتقام..ثم طلقتني لأنك لم تقم بــ...."
لم تكمل كلماته من خجلها فأكمل عنها بصوت جاف:"لم أقم بسلبك برائتك..أليس كذلك..؟"
صمت قليلا ليسحب نفساً عميقاً ويسكت كبريائه الذي يطالبه بالسكوت وعدم قول
شيء ليردف بعدها بنبرة هادئة متألمة:"انا تزوجتك للأنتقام لكن اثناء تلك الفترة
التي عشتها معك وقعت في حبك بجنون..لم أستطع إيذائك وفعل ما كنت افكر
به..ثم اكتشفت الحقيقة التي جعلتني اعيد التفكير بعدها موت لارا الذي قصم
ظهري..! صديقيني بين هذه الأمور كلها كنت اقع بحبك اكثر..بضعفك
وقوتك..رقتك وعنفوانك..قسوتك ولطفك..طفوليتك واحيانا حكمتك وقدرتك على
معالجة الأمور..احببت كل شيء بك..جننت بكل تفصيلة كنت تقومين
بها..اتعلمين لقد خفت عليكِ مني نفسي..أردتك لي تماماً وكنت اموت غيرة حين تذكرين جاك."
بقيت تنظر له متفاجئة ودموع لؤلؤية تتجمع في عينيها حتى ثقلت فسقطت لؤلوة
واحدة مسحتها يده المستريحة على صفحة خدها..همست له بصوت حزين وكأن
ما تقوله يقطعها تقطيعا:"لكنك قمت بتطليقي..قمت بصفعي ذلك اليوم..وعندما
اتيت الى الحفلة لم تكلمني..سافرت وتركتني دون وداع كأن لم أكن يوماً موجودة في حياتك..؟؟!"
زفر الهواء بقوة وبادلها الهمس بصعوبة وعينيه تفيضان ألماً وحنيناً..!:"لقد قمت
بتطليقك لأجلك..قاومت انانيتي لأجلك..لم أرد ابقائك لجانبي لتتألمي اكثر..انا
قاسي يا جوري واناني جداً ولو لم اقم بصفعك لما استطعت نطق تلك الكلمات..لقد
كدت اتراجع ذلك اليوم مثلما كدت اتراجع حين صعدت الطائرة قبل خمس
سنوات..صديقيني جوريتي انا احبك لدرجة تركتك لأجل سعادتك لكني لم
احتمل..لم استطيع تحمل أرق الليالي منذ خمس سنوات وطيفك الذي استحضره
كل يوم.." سكت وهو يراقب ذهولها وتنفسها البطيء فخلل يديه في شعرها
الأسود الناعم ليكمل كلامه بصوت بطيء اجش من العاطفة:"اليوم قد عدت ورأيت
والدتي ووالدتك فأخبرتاني انك تزوجت ولديك طفل..!
قاطعته لاهثة وهي تضع يديها على صدره متسائلة بتعجب:"زوج وطفل..؟! أي
اجابها ضاحكاً بمرح وحنان:"كلا حبيبتي لكن والدتي ارادت ان توضح لي أني
سأفقدك إن لم اعترف لك بمشاعري." أضاف بغيرة واضحة:"من هذا الذي كنتي
تتكلمين معه.؟؟! لقد كدت اكسر اضلعه حين رأيته يعانقك ويناديك صغيرتي..؟!
ضحكت عاليا بأستمتاع بينما تضيف بمكر ورغبة بمشاكسته تلح عليها:"والدتك
دوما ذكية وماكرة..وهذا ماثيو حبيبي...!"
تركها سريعاً وعينيه متوسعتان ليردد كلمتها بذهول وصدمة:"حبيبك..؟!
استقام سريعاً وعقله مشوش بينما قلبه قد وقع أرضاً من الصدمة ونزف
كبرياءه ..هدر صارخاً بصوت زلزل اوراق الاشجار حتى ان طيراً قد طار وهرب
بسبب الغضب الذي لون صوت ادوارد:"لمَ لم تخبريني منذ البداية ايتها الغبية..؟؟!"
استدار وخطى خطوة الا انه توقف بسبب ذراعين احاطته ووجه يدفن في طيات
قميصه من الخلف..تجمد وهو يشعر بحرارة جسم جوري الذي يحتضن جسده
فأرتفعت حرارته وعلت دقات قلبه للميلون..حاول السيطرة على نفسه.." اهدأ
ادوارد..هي لديها حبيب..اهدأ وتعقل ادوارد..اتركها.."
همست جوري له برقة اطاحت بالبقية الباقية من عقله وشعرها الأسود الذي يعشقه
احاطه من كل جانب بينما احس بها تطبع بشفتيها الكرزيتين قبلة كرقة الزهرة
على ظهره..رغما عنه ازدادت حرارة جسده واحس بقبلتها تفعل به الاعاجيب..شعر
انه يذوب وانه يغرق اكثر أكثر في بحر عشقها وفتنتها..
-:"ادوارد اخبرني بصراحة..هل حقا تحبني..؟؟! ام انك تخدعني..؟!
دار جسده لها لتصبحه جوري بين احضانه.وضع يداً يحتضن خصرها بتملك فظ.
بينما الاخرى وضعها على ظهرها يزيد من قربها له..كانا ملتصقين ووجهيهما
متقاربين..همس امام انفها المحمر:"انا لا أحبك جوريتي بل أعشقك عشقاً
جنونياً..! وانت اخبريني بالله عليك..ارحميني قلبي..؟!
بادلته الهمس وهي تدفن وجهها قرب قلبه تطرب اذنيها بسماع دقات قلبه السريعة
كأجمل سمفونية تُعزف في التاريخ..حتى فاقت سمفونية بتهوفن وموزارت جمالاً
وابداعاً..وكيف لا تفوقها وهي سمفونية عشق صادق :"انا احبك يا قاتلي..!
قد يعذبنا الحب مراراً..يجرعنا كؤوس العلقم..نعاني من مرارة زمهريره..ننتظر ترياقا
لسقم البعد..نوضب حقائب الشوق..لكن يبقى الحب متربعا على عرش
القلب..يكيل للكبرياء الضربات وينتصر دوماً رافضاً اخفاء رعشاته..
قد تكون ظروف التقاء القلبين غريبة.مريبة.مبهمة الاتجاهات..لكن للقدر كلمة ان
يجعل هذان القلبان يلتقيان..يعشقان بعضهما..ثم يفرقهما عن بعض ليختبر قوة
حبهما..وما من قصة تضاهي قصة جوري وادوارد...ابتعد عنها خمس سنوات ولم
يجد النسيان لقلبه طريقاً..اما هي حاولت كرهه لكنها بقت على عشقها له
مولاية..هو بقي يحتضر صورتها امامه ويتصور سعادتها مع غيره فيموت غيظاً
رغماً عنه..يعذب قلبه بأسلوب سادي لكنه لم يتحمل..لقد جرع ما يكفي من
الابتعاد..واخيراً جاء واعترف وكان نهاية منآه ان تحبه هي الآخرى لتنتهي قصتهما
التي شهدت عليها شمس الدجى..قمر كسر كبرياء الشمس..نجومُ تألقت بصدر
السماء..رياحُ هبت بقسوة..وزهورٌ على مسمى البطلة انتقل شذاها بين الأثير
ليلفهما وهما غارقين في احضان بعضهما..!