♫ ♪ ♪

تنحنحت والدة هى-سو عندما دخلت غرفته ، كان قلبها ينقبض بقوة كلما رئت حالته ، حتى أنها امتنعت عن رؤيته لوقت طويل جداً منذ موت صديقه هيو ، لم تعتقد و لم تظن يوماً ان هيو من الممكن ان يفعل هذا فى هى-سو و أن موته سيؤثر على هى-سو إلى هذا الحدّ ، و ما احزنها اكثر هو امتناع هى-سو عن الكلام طوال تلك المدة

قالت فى حنان :- بنى ، صدقنى ، هيو لن يقبل بأن يراك على تلك الحالة ابداً ، سيحزن كثيراً ، انا اثق فى هذا

لم تكن تنتظر منه اجابة اصلاً ، تنهدت بيأس ، تعلم أنه لن يستطيع أحد اخراجه من تلك الحالة

استطردت بحزن :- على كل حال ، هناك من يودّ رؤيتك ، سأدخله الآن

و بعدها خرجت ، لتدخل اوهانى و فى يدها صندوق كبير نسبياً بدا كأنه عادى ، إلتفت ببرود و صعق عندما رأى اوهانى ، الشخص الوحيد الذى لم يراه منذ موت هيو ، كانت متغيرة كثيراً جداً ، فلقد اصبح جسدهاً هذيلاً ، و جهها شاحب ، بدت كمن تصارع الموت ، او كمن خرجت تواً من قبر ، حالتها لا تختلف كثيراً عن حالته مع الأسف

همست بصوتٍ مختنق :- كيف حالك هى-سو ، طلبت أمى اعطائك هذا الشئ

يتحدث ايضاً ، شعر أنه لا حاجة للكلام ، شعر أن الكلام قد مات و دفن بجانب هيو ، ما عاد يشعر بشئ ، و ما عاد يريد شئ ، كل ما يريده و يحلم به ان يدفنوه الان بجانب صديقه ، بجانب هيو

إستطردت بحزن :- تلك متعلقات هيو التى فى غرفته ، تعتقد أمى أنك الشخص الوحيد الذى يستحق أن يأخذها ، إعتنى بتلك الأشياء هى-سو

إزدرأ هى-سو لعابه ، كان هذا آخر ما يتوقعه ، شعر بأنه سيبكى الآن ، ها هو هيو قد رحل ، و ها هى آخر اشياءه التى تركها خلفه ، اراد أن يصرخ ، شعر بغضة مريرة فى حلقه ، شعر بشئ حارق يحفر خديه بقوه ، إنه لن يرى هيو مجدداً ، ابداً ، لن يرى ابتسامته الساخرة ، و لا عصبيته ، تمنى أن يخرج هيو من قبره ليخبره أنه معه فعلاً ، و أنه لم يمت ، و لكن ما بين يدي اوهانى خير دليل ، افاق من شروده على صوت اوهانى المختنق و هى تبكى

اوهانى و قد تركت الصندوق على سرير هى-سو :- ارجوك ، هى-سو ، اسمع اخبارك دائماً من والدتك و جايّال ، فلا تكن هكذا ، مضى على موته قرابة سبعة أشهر تقريباً ، و أنت مازلت على حالتك تلك ، الا تريد أن يسعد هيو فى قبره ؟

على الرغم من أن كلام اوهانى أثر فى هى-سو كثيراً ، إلا أنه لم يستطع حتى تحريك شفتيه ، اطرقت اوهانى رأسها قليلاً ، و بعدها خرجت من غرفته و هى تركض ، و جلس هى-سو على سريره بصدمه ! ≾

♫ ♪ ♪

إبتسم إبتسامة شاحبة عندما رأى صور هيو ، كانت هناك صور كثيرة تجمعهما معاً ، صورة هيو و هو عندما خرجا للملاهي بدا هيو متضايق بشدة في تلك الصورة ، صورة هيو و هو يبتسم بسخرية ، و الكثير من الصور التي أصر أن يلتقطها هي-سو و تمنى لو عاد يوماً واحداً من تلك الأيام ، ترك كل شئ عندما لاحظ ذلك الدفتر الأسود ، اخذه من الصندوق برفق و فتحه بهدوء ، و علم حينها ان تلك مذكرات هيو !

......

[ تلك هى مذكراتى ، ههه لا أدرى صدقاً لمَ سأكتب مذاكرات لكن .. منذ أن رئيت هى-سو للمرة الأولى ، شعرت أننى بحاجة لأكتب ما أكبته داخلى ، و أتمنى حقاً أن يرى هى-سو هذا الدفتر بعد موتى ، حتى يعلم سبب تصرفاتى الغريبة تارة ، و المزعجة تارة ، أكتب الان مباشرة بعد رؤيتى لـ هى-سو أول مرة ، و أنا على ثقة فى أنها لن تكون الأخيرة ]

......

كان متردداً ، هل يكمل قراءة الدفتر ام لا ، هل سيتحمل أم لا ؟ إنه يعلم أن حالته ستسوء كثيراً بعد قراءة هذا الدفتر ، و لكن .. يكفى أن هيو تركه لأجله ، قلب الورقة الأولى لتأتى الثانية ..

[ كما توقعت تماماً ، رئيت هى-سو مجدداً ، إننى سعيد للغاية اليوم ، و خصوصاً عندما زارنى و أنا مريض ، انا الشخص الوحيد الذى كنت أحسب أن لا احد سيهتم لأمرى غير اوهانى و امى ، على الرغم من أن هى-سو يظهر أنه لا يهتم ، إلا اننى أعرف ما يخفيه داخله ، مجرد شعور أجهل كيف راودنى ]
......
[ اليوم هو أسوء يوم مرّ على الإطلاق ، حينما شفيت و واجهت هى-سو ، لم استسلم قط فى حياتى ، و لكن شعرت بأن التضحية واجبة ، الحق اقول أننى لم أرد أبداً مبارزة هى-سو ، أنا لا اقلل من قيمته ابداً ، لكن .. لستُ أدرى حقاً ، أنا حقاً حزين لأجل هى-سو و لأجلى ايضاً ، و على الرغم من سخطى و غضبى من استسلامى ، إلا أن الشئ الجيد الوحيد هو أننى لن اقاتل هى-سو ، هذا أمر رائع فعلاً ]
......
[ أعترف بأننى كرهت هى-سو جداً تلك المرة و خصوصاً و أننى لم اكتب إلا بعد وقتٍ طويل من آخر مرة ، لا أدرى لما يفعل هذا معى ، أيودّ تعذيبى ؟ يبدو أن هى-سو يحتاج للترويض فعلاً ، و انا بارع فى الترويض ، لا بأس ، سأتركه يفعل ما يشاء فىّ ، سأستسلم له ، عسى أن يستفيق لما يفعله ، عندما رئيت سيدى لأول مرة ، تحطم كل شئ امامى و تهشم ، و شعرت بأننى نكرة ، و عندما نظرت للجانب المشرق وجدت أننى محظوظ لأننى سأكون مع هى-سو دائماً ! ]
......
[ يبدو أننى سأعترف كثيراً هذه الأيام ، أعترف أننى شعرت ببعض الغيرة عندما صافح هى-سو ذلك المدعو جان ، اعتقدت أن جان صديق مقرب لـ هى-سو ، و أنا لا أريد أن يكون أحد مقرب من هى-سو عداى أنا فقط ، و لكن اظهرت أننى لستُ مهتم ! و تمنيت حقاً أن اعلم ما الذى حدث بين الأثنين حتى غابا كل تلك المدة ، أردت أن اسأله ، و عندما وجدته القى بنفسه فى السيارة و نام ، شعرت بالقلق الشديد عليه ، و حمدت الله بأنه لم يصبه أى مكروه ، هذا جيد فعلاً ]
......
[ هى-سو منزعج جداً من سخريتى منه و من عدم تقربى منه ، إنه لا يعلم أننى أودّ ذلك بقوة ، لكننى لا أريد أن اؤذيه ، ماذا سيقولون الاخرون عليه ؟ تدنى مستواه حتى يصادق خادمه ؟ أنا لا أرضى بهذا ابداً ، و أما سخريتى فياليته كان يعلم أننى عندما أسخر من شئ يعنى أننى قد اصبحت على حافة الهاوية ، أو يعنى أننى على بعد إنشاً واحداً من اظهار ما اخفيه ]
......
[ فى ذلك اليوم ، شعرت بأن روحى قد خرجت عندما وجدت هى-سو نائم مع جان ، اعتذر عن نطق اللفظ هكذا ، لكن .. لا أجد أى صيغة أخرى غير تلك الصيغة ، علمت حينها الجانب السئ من هى-سو ، هى-سو للأسف الشديد مِثَلىّ ، يعنى شاذ ، و منذ ذلك الحين و أنا لستُ على طبيعتى ابداً ، و كلما أتذكر هذا الموقف ، أشعر بالفعل اننى اودّ البكاء ، و أنا لم أبك قط فى حياتى ! ]
......
[ ندمت كثيراً عندما صفعت هى-سو تلك الصفعة ، اكاد اقسم أن نظراته كانت تقتلنى ، تسحقنى ، و تمزقنى تمزيقاً ، ليته كان يعلم لو صرخ فى وجهى ، او صفعنى ، او حتى ضربنى لكان هذا ارحم علىّ من صمته و من نظرته تلك ، و عندما رحل ، كنت اودّ حقا أن احتضنه بقوة و اجثو تحت قدمه و أعتذر على ما حدث ]
......
[ ساءت حالتى كثيراً مؤخراً ، و خصوصاً مرضى الذى بدأت اتعب منه كثيراً ، و عندما لم يجد هى-سو مكاناً لـ اللكم غير صدرى ، كدت أموت ، و ما هون علىّ المى هى دموعه ، شعرت بأننى لستُ وحدى الذى يتعذب ، بل هو ايضاً ، هى-سو ، أنت شخص رائع بالفعل ، تمنيت أن تنتظر قليلاً حتى أخبرك بكل شئ ، لكن أنا بنفسى لم استطع حتى النهوض ، وصلت إلى منزلى بصعوبة ، ذلك اليوم الذى اوقع فيه بيننا جان ، و ياله من يومٍ مشئوم اكره تذكره ]
......
[ حين رئيت قلق و جزع هى-سو علىّ عندما اغشى علىّ لأول مرة ، حتى اننى استطعت سماعه و هو يصرخ فى الطبيب أنه يريد معرفة مرضى ، خفق قلبى رعباً عندما اعتقدت أن الطبيب سيخبره ، و اشفقت على حاله عندما بدأ بالصراخ على الطبيب ، و حينما استيقظت و وجدته ممسك بيدى و يبكى ، تحركت يدى لا ارادياً و ابعدتها عنه بخوف ، خلت أن سيفعل بى كما يفعل هو و جان ! خفت كثيراً ، و ياله من خوف ]
......
[ لا أدرى حقاً ، كل شئ اتى بسرعة البرق ، أنا الذى كنت خائف من هى-سو اصبح الان اقرب شخص إلى قلبى ، و انا ايضاً ربما ، و شعرت براحة نفسية عندما اخبرنى أن جان قد رحل إلى باريس ، أصبحنا بالفعل كالشخص الواحد ، كنا نتنزه كثيراً ، و ضحكت عليه بشدة عندما نجحت انا و كنت الأول على جامعة سوك الكبرى و الثانى على كوريا ، لقد كان الفارق بيننا درجة واحدة ، كان ممتعاً رؤيته و هو غاضب ، ياله من شعورٍ مميز ، هيييييه هى-سو ، إن قرأت هذا الكلام لا تغضب ، فالأمر حقاً كان ممتعاً ومضحكاً بشدة هههههه ]
......
[ كان هي-سو حقاً فضولي بمعرفة الشيء الذي اريده منه ، لم اكن اريد شيء كان تحدي عادي جداً بالنسبة لي ، طلبت منه الذهاب معي الي قبر والدي ، لقد تمنيت فعل هذا منذ زمن و خاصة و انا لم اذهب عن ابي منذ مدة ، شعرت بالسعادة قليلاً لان ابي تعرف علي هي-سو و العكس صحيح ]
......
[ تألمت بشدة من تلك الصفعة التي وجهتها امي نحوي بعدما اكتشفت مرضي ، صفعتني امام استاذي و هي-سو ، عزائي الوحيد هو وجود هي-سو بجواري ، المسكين كان وجهه فزعاً و قلقاً بشدة لاجل كمية الدم التي فقدها اثناء سعالي في دورة المياة ، لم يعلم ان تلك الامور عادية بالنسبة لي ، انا احب هي-سو ، اتمني الا افترق عن جواره ابداً ]
......
[ لقد كان أقسي عقاب في حياتي عندما غادر هي-سو ، حاولت الثبات و هو يلقي الخبر و بعدها اضطررت للذهاب نحو غرفتي ، حسنا سمعت كلامه أثر فيّ بشدة تمنيت الخروج و احتضانه لكنني لم استطع ، لا أحب الوادع ، و في الصباح شعرت بالندم لأنني لن اراه قبل مغادرته لذا ركضت و الحمدلله لقد لحقت به قبل سفره ببضع دقائق ، صحيح انه مستفز ههههه لكن لا بأس ، و عندما قال إلي اللقاء ، كنت اتسائل .. هل هنالك لقاء آخر ؟ و مازالت أسأل و أنا أكتب سطوري تلك ]
......
[ من الواضح أنني لن استطيع إنتظار هي-سو بالفعل ، ربما لو كان التدرن فقط كنت استطيع إنتظاره لكن بعد مدة ليست بطويلة إكتشفت أنني أعاني فيروس سي ، أخبرني الطبيب آخر مرة أن لا فائدة لذا لم أكن واثقاً إن كنت سألقي هي-سو مجدداً أم لا ، لذا تركت هذا الدفتر له ، إن لم يلقاني فليعلم من هذا الدفتر أنني تمنيت لقاءه كثيراً قبل رحيلي ، لا اريده أن يحزن علي فراقي ، أريده أن يكمل حياته دوني ، إن ظل حزينا فأنا سأظل حزيناً حتي في قبري ، ارجوك هي-سو إن كنت تقرأ الآن .. كفف دموعك و تخيل أنني امسحها لك ، أبعد حزنك و يكأني بجوارك حقاً ، كف عن رؤية طيفي في منامك فأنا للأسف لن أعود أبداَ ، صدق أنني مت و لن استيقظ من موتي .. صدق أنني مت .. صدق أنني مت يا هي-سو .. صدق أنني مت ]

......

أغلق هي-سو الدفتر حتي بدأ في الصراخ و الجنون ، كلمات هيو الأخيرة جعلته يوقن بموته ، لن يري هيو ابداً ، لن يراه ابداً ، لم يستطع هي-سو أن يهدأ إلا بعد أن أعطوه مهدئاً ، لا يمكن أن اصف حالته ، يكفي أن أخبركم أن هذا الشعور تماماً كمن يتم سحب روحه منه ، أصبح هو كذلك جسداً بلا روح ، فلقد رحلت روحه مع روح هيو ، و لن ترجع ابداً مهما حدث .


على الرغم من ان صداقتنا لم تتم عامها الرابع على خير ، و لكنك كنت نعم الصديق ، كم كنت أتمنى أن أراك بجوارى لوقت أطول ، ولكن لا راد لقضاء الله ، و دافع لأمره ، كم سأفتقدك يا صديقى ، كم من ليالِ سهرناها سوياً ، شاركتنى فرحى و حزنى ، كنت أبث إليك همومى و أشواقى ، و حبى و لو عجز الحزن ، كم كنت صبوراً علىّ ، لا تضجر من صُحبتى ، لا تمّل من محادثتى ، و لا تسأم من رؤيتى ، لم تضق ذرعاً بخواطر نفسى ، و لا افكار عقلى ، كم كنت محظوظاً بوجودك إلى جوارى ، فالإنسان لا يعرف قدر أى شئ إلا بعد فراقه و فقده ، كم كنت غير موفك حقك ، من ضجر احياناً ، ومن شكوى منك ، لم أكن أعلم أنك تفعلُ ما بوسعك لإسعادى ، لم أكن اعلم انك تتحمل عبء اخطائى و اثقالى حتى تجعلنى سعيداً وتكون معى ، صديقى ، كنت اعتقد اننا خلقنا لنكون أصدقاء للأبد ، لم أكن أتخيل أن أفتح أعينى فى صباح يوم باكر ولا تمتد يدى لك لتأخذ نظراتى لتكون أنت أول صورة أراها كل يوم ، لم أكن أتخيل أن أريد أن أشكى همّى و غمّى و مشاعرى و فرحى و لا تشاركنى إياها ، لم اضع فى حسبانى تخطيطاً للحظة و داع ، او دمعة فراق ، و لكن هذه هى الدنيا ، وهكذا تكون الحياة ، نزول و ارتحال ، وفراق و لقاء ، صحيح انك رحلت من عالم الاحياء ، ولكنك ستظل دائما فى قلبى ، فأنت معى كما كنت تقول لى سابقا ، انت معى للأبد ، و داعاً يا صديقى .


♫ ♪ ♪

و هكذا .. إنتهي كل شيء ، إنه لمن الصعب حقاً ترك من نحب ..~

لكن الأصعب هو أن يكون إجبارياً ، فالموت لن يستطيع أحد الفرار منه ..~

عذراً إن كانت الرواية مأساوية ، و لكن .. أحببت أن أوضح لكم القليل من الواقع ..~

حتي و إن لم تفرقهم السنين ، فرقهم الموت للأسف الشديد ..~

لم تنتهي الرواية بعد ، مازال هناك فصل خآص سنري فيهم أصدقائنا بعد رحيل هيو ..~

كيف حالكم أنتم بعد رحيله ؟ أنا شخصياً مازلت أشعر بالحنين و الإشتياق إليه ..~

ربما لو كان هيو علي قيد الحياة لإختلف الوضع ..~

لكن الواقع يقول ، أن حقاً هيو مات .. و لن يعود أبداً ..~

و هذا ليس كابوساً ..~

لكم خالص تحياتي ..~

♫ ♪ ♪

الثامن و العشرون من شهر يناير ، عام الفيين و خمسة عشر ..