هذا الموضوع عبارة عن مشاركتى فى مسابقة
( لنجدد مجد حضارتنا)( الحضارة الإسلامية)
أردت أن اكتب عن تلك الحضارة
التى كانت سبباَ فى تقدم أوروبا الآن
الحضارة التى يفتخر بها كل مسلم
ألا وهى
(الحضارة الإسلامية)
كلمه حضارة لها تعاريف عديدة، سوف نقتصر على عدد قليل منها: فهى تعنى عند ابن خلدون حين خص بها عصور المسلمين الوسطى :ـ الأحوال الزائدة على الضرورى من أحوال العمران ، أو بمعنى آخر ، رفاهة العيش. لذلك نرى مظاهرها تظهر فى المدن والأمصار والبلدان والقرى ، أى فى الحضر،فى حين تختفى تلك المظاهر فى البادية ، ولذا يمكن أن نقول أن كلمه حضر خلاف كلمه بدو . وعليه رأى ابن خلدون أنه يمكن أن نقول أن كلمه حضارة تقابل أو ترادف كلمه ملك أو سيادة، وأن الملك والسيادة ضروريين لازدهار العمران، وذلك لأن الحضارة يجب أن تلازمها سيادة ونظام واستقرار، حتى تنمو وتزدهر وتطور. هذا فى حين أطلق العرب على لفظه الحضارة : التمدن أو التمدين ، أى التنعم بالإقامة فى المدينة . والحضارة التى نحن بصدد دراستها الآن هى التى توصف بالحضارة العربية أو الإسلامية ، ولكن لاينبغى علينا أن نظن بهذا الوصف أن سكان الجزيرة العربية هم الذين أسهموا وحدهم فى هذه الحضارة حين اعتنقوا الإسلام ، فان المقصود بلفظى العربية أو الإسلامية ، جميع الشـعوب والأمم التى تكلمت العربية وعاشـت فى دار الإسلام فى ظل حكم الخلافة الإسلامية ، بصرف النظر عن الجنس أو الدين،وعليه يدخل تحت هذا الوصف مع عـرب الجزيرة ، الفرس والمصريـون والسـوريـون والمغاربة والأسبان والأرمن،كما يدخل تحت هذا الوصف أيضا مع المسلمين النصارى واليهود والمجوس والصابئه. 1- حضارة التاريخ (حضارة الدول): وهي الحضارة التي قدمتها دولة من الدول الإسلامية لرفع شأن الإنسان وخدمته، وعند الحديث عن حضارة الدول ينبغى أن نتحدث عن تاريخ الدولة التي قدمت هذه الحضارة، وعن ميادين حضارتها، مثل: الزراعة، والصناعة، والتعليم، وعلاقة هذه الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، وما قدمته من إنجازات في هذا الميدان.
2-الحضارة الإسلامية الأصيلة: وهي الحضارة التي جاء بها الإسلام لخدمة البشرية كلها، وتشمل ما جاء به الإسلام من تعاليم في مجال: العقيدة، والسياسة، والاقتصاد، والقضاء، والتربية، وغير ذلك من أمور الحياة التي تسعد الإنسان وتيسر أموره.
3- الحضارة المقتبسة: وتسمى حضارة البعث والإحياء، وهذه الحضارة كانت خدمة من المسلمين للبشرية كلها، فقد كانت هناك حضارات وعلوم ماتت، فأحياها المسلمون وطوروها، وصبغوها بالجانب الأخلاقي الذي استمدوه من الإسلام، وقد جعل هذا الأمر كُتاب العالم الغربى يقولون: إن الحضارة الإسلامية مقتبسة من الحضارات القديمة، وهما حضارتا اليونان والرومان، وأن العقلية العربية قدْ بدَّلت الصورة الظاهرة لكل هذه الحضارات وركبتها في أسلوب جديد، مما جعلها تظهر بصورة مستقلة.
وهذه فكرة خاطئة لا أساس لها من الصحة، فالحضارة الإسلامية في ذاتها وجوهرها إسلامية خالصة، وهي تختلف عن غيرها من الحضارات اختلافًا كبيرًا، إنها حضارة قائمة بذاتها، لأنها تنبعث من العقيدة الإسلامية، وتستهدف تحقيق الغاية الإسلامية، ألا وهي إعمار الكون بشريعة الله لنيل رضاه، لا مجرد تحقيق التقدم المادي، ولو كان ذلك على حساب الإنسان والدين كما هو الحال في حضارات أخرى، مع الحرص على التقدم المادي؛ لما فيه من مصلحة الأفراد والمجتمع الإنساني كله.
أما ما استفادته من الحضارات الأخرى فقد كان ميزة تحسب لها لا عليها، إذ تعنى تفتح العقل المسلم واستعداده لتقبُّل ما لدى الآخرين، ولكن وضعه فيما يتناسب والنظام الإسلامي الخاص بشكل متكامل، ولا ينقص من الحضارة الإسلامية استفادتها من الحضارات السابقة، فالتقدم والتطور يبدأ بآخر ما وصل إليه الآخرون، ثم تضيف الحضارة الجديدة لتكمل ما بدأته الحضارات الأخرى.
وإذا أردنا أن نلقى الضوء على أسس الحضارة الإسلامية ، فينبغى أن ندرك جيدا أنها مثل أى حضارة لم تظهر من العدم ، بل إنها استـمدت مصادرها مما سبـقها مـن حضارات . فان أى حضارة قائمـه هى دائما [justify]خلاصه لما سـبقها مـن حضارات وان أضيف إليها عناصر جديدة ، تميزها بشخصيه خاصة ، فان أى حضارة ما إنما هى أخذ وعطاء ، ونتيجة مشتركه لعناصر قديمه وأخرى جديدة ، ولذلك يمكننا أن نقول ببساطه أن أسس الحضارة الإسلامية ترجع أولا إلى العرب ، وثانيا إلى سكان البلاد التى فتحها العرب . والعرب هنا نقصد بهـم سكـان الجزيرة العربية فى داخلها وأطرافها ، فإننا نجد مثلا أن العرب داخل الجزيرة العربية كانـوا يحيـون حيـاه البداوة بسـبب طبيعة تلك البقعة التى تخلو من الماء وبالتإلى من الزرع، مما أفقدهم الاستقرار فى حياتهم ، فعاشوا تلك الحياة البدوية ، بينما كانت أطراف الجزيرة العربية مـن وديان تسقط عليها الأمطار بسبب إحاطة البحر بها ، فوجد الزرع بها ومن ثم التجارة ، فعاشوا حياه التحضر ، وأصبحت تلك الوديان مراكز حضاريه من صنع العرب ، بعضها لانعرف منه غير الاسم فقط ، وبعضها ترك لنا آثارا أو نقوشا تدل على قيام حضارتهم. ففى شرق الجزيرة مثلا وجدت حضارة الكلدانيين والآشوريين ، وفى شمـالها وجدت حضارات الآراميين والكنعانيين أو الفيـنيقيـين ، وفى الجنـوب حضـارات السبأيين والحميريين ، وفى الغرب على طول ساحل البحر الأحمر حضارة القلزم . ولكن لايمكن أن نبين أثر هذه الحضارات العربية القديمة ، حيث لم يكشف عن أغلبها إلا فى العصر الحديث ، بعد تقدم العلم ونجاحه فى فك رموز النقوش التى كتبت بخطوط أهل حضارات الجزيرة القديمة . هذا وقد أسهم العرب بنصيب كبير فى الحضارة التى نحن بصدد دراستها ، بعد ظهور الدين الإسلامى على يد رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، وذلك لما ترتب على ظهور هذا الدين من انتشار للعرب فى الأرض كغزاة وفاتحين ، بدينهم الإسلامى الذى يعبر عن الحياة العربية بما فيها من تقاليد ، بالإضافة إلى ما يحتويه من تنظيم وتشريع ، مما أسهم فى إنشاء حضارة ذات طابع عربى إسلامى . فان الأديان دائما ما يكون لها أثر كبير فى الحضارات ، حيث أن الفنون والآداب والعلوم فى أى حضارة أو أمة ما ، دائما ما يدور فلكها حول الدين السائد فى هذه الأمة أو فى هذه الحضارة . وفى نفس الوقت لايمكن أن ننكر أبدا أن سكان البلاد التى فتحها العرب،الذين كانوا ورثه لحضارات قديمه ، سواء فى البحر الأبيض أو الحضارات الأسيوية ، كان لهم أثرهم فى الحضارة الإسلامية . فقد كانـت الحضارة اليونانية التى وفدت إلى العرب عـن طريق البلاد المصرية التى فتحـها العرب مثلا ذات نصـيب كبـير فى التأثير فى الحضارة الإسلامية.ثم تلاها الحضارة الأسيوية أى حضارات الصين والهند وفارس ووسط آسيا ، التى وفدت إلى الحضارة الإسلامية عن طريق بلاد فارس على وجه الخصوص . هذا فى حـين نمت حضارة سـكان البلاد التى فتحها العرب المسـلمين بفضل ما أوجدوه فى هذه البلاد من استقرار . وعليه امتزجت الحضارة العربية بحضارات البلاد التى فتحها العرب المسلمين فتكونت الحضارة الإسلامية التى نحن بصدد دراستها الآن . وقد كانت هناك عده عوامل ساعدت على المزج بين حضارة العرب والحضارات الأخرى و أدى بدوره إلى ظهور الحضارة الإسلامية . وهذه العوامل هى : ـ العامل الأول : ـ هو التعريب، ويقصد به جعل اللغة العربية ( لغة الفاتحين ) اللغة الرسمية فى الدواوين ( أى فى المصالح الحكومية )، ولغة التعامل مع الفاتحين ، حيث كانت الخلافة العربية التى تمثلها ألخلافه الأموية تشتمل على أجناس تتكلم لغات متعددة ( مثل الفارسية واليونانية والقبطية ) ، وهذا لأن اللغة العربية هى بالطبع لغة القرآن المقدسة ولغة الفاتح أيضا ، وتعلمها يعد مظهرا من مظاهر طاعة العرب ، ومن هنا أقبلت الشعوب المفتوحة على تعلمها وهجرت لغاتها الأصلية ، وعليه أصبحت اللغة العربية لسانا حضريا فى جميع أمصارالاسلام ، ومن ثم اتسع المجتمع العربى الإسلامى حتى صارت حدوده تمتد من البر الغربى للخليج الفارسى شرقا إلى المحيط الأطلسى غربا . العامل الثانى : ـ هو ترك شعوب الخلافة العرب من غير المسلمين لأديانهم وتحولهم إلى الإسلام . فلقد كان هذا التحول بلا ريب عامل من عوامل إبراز حضارة الإسلام. إذ أن الشعوب التى أسلمت لم تنقطع نهائيا صلتها بحضاراتها السابقة ، وإنما ابتعدت عن كثير من عناصرها فقط ، فى حين اكتسبت فى نفس الوقت عناصر جديدة غيرت من معتقداتها وتفكيرها ، خاصة وأن الإسلام لم ينتشر بينهم بحد السيف ، بل انتشر بينهم بحسن المعاملة وتنظيم الضرائب فيما بين تلك الشعوب ، مثلما فعل الخليفة عمر بن عبد العزيز(99هـ - 101هـ / 717مـ - 720مـ ) مع شعوب البلاد المفتوحة 0 هذا غير أن الشرق كان مهيأ فى هذا الوقت أيضا لمولد دين جديد يحسم قضيه طبيعة الله الواحد المجرد ، بطريقه لاتحتاج إلى برهان ، على عكس ما سبقه من الأديان ، التى كانت تناقش الطبيعة الالهيه دون أن تصل فيها إلى قرار . وعليه كان التحول إلى الإسلام من شأنه هو الأخر أن يتسبب فى ظهور الحضارة التى سميت باسمه . العامل الثالث: ـ أما العامل الثالث فهو يتصل بالعاملين السابقين وهو: ثوره الشعوب المفتوحة على الخلافة الأموية. فقد كان العرب الفاتحين فى عهد الأمويين يحتقرون الشعوب المفتوحة ويطلقون على أهلها اسم رعايا ، أى أن العرب هم رعاتهم الذين يدافعون عنهم ، وأصبحت كلمه مولى تطلق على من أسلم من غير العرب ، بمعنى أنه يتبع العرب وليس مساويا لهم . وعليه كانت كلمتا مولى وعربى كلمتان متقابلتان طوال الفترة الأخيرة من حكم الأمويين ، وذلك حتى تدخل الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز فى إصلاح شأن الشعوب المفتوحة وذلك بالقضاء على هذه المعاملة السيئة، ولكن للأسف هذا التحسن لم يستمر بعد وفاته وعاد إلى ما كان عليه بعد موته ، ولذلك ظهرت حركه ثوريه من جانب الشعوب المفتوحة عرفت باسم الشعوبية ، تنادى بالمساواة وبحياة أفضل ، وقد نجحت هذه الحركة فى إسقاط الخلافة الأموية ، وفى أن تقيم الخلافة العباسية ، التى اعتمدت على عناصر غير عربيه، كان من أهمهم الفرس ، وعليه اتخذت الخلافة العباسية تقاليد تلك العناصر فى الحكم والاداره لكى توطد علاقاتها بين تلك الشعوب ، فكان مجئ الخلافة العباسية نقطه تحول فى تاريخ الحضارة الإسلامية ، إذ أعتبر عصرها العصر الذى تم فيه نمو الحضارة الإسلامية . العامل الرابع : ـ وهذا العامل يتصل أيضا بالعامل السابق ، وهو : التفتت السياسى لوحده الخلافة العباسية . وذلك نتيجة لاستمرار الجهود القومية للشعوب المفتوحة ( الشعوبية ) ، فكما قضت الشعوبية على الخلافة الأموية ، فإنها قضت أيضا على وحده الخلافة العباسية، فبعد ثلاثة قرون من ظهور الإسلام بين تلك الشعوب نجد العالم الإسلامى قد تفتت إلى ثلاث خلافات : خلافه بغداد العباسية ، وخلافه القاهرة الفاطمية ، وخلافه قرطبة الأموية . فكان هذا الانحلال السياسى سببا فى ازدهار الحضارة الإسلامية ، وذلك بسبب تعدد مراكزها وتنوع عناصرها التى جاءتها من كل شعب فى دار الإسلام . ومن ثم استكملت الحضارة الإسلامية معظم عناصرها فى القرنين الرابع والخامس الهجريين، فرسخت وثبتت أقدامها ، حتى أنها تصدت للغزو المغولى لأراضيها ، حتى بعد انتقال مركزها من العراق إلى مصر . حيث بلغت فى مصر أقوى ازدهار لها عن أى عهد سابق للإسلام ، إذ أن مصر هى الوحيدة من بين دول الإسلام التى استطاعت أن تصد زحف المغول . هذا بل نجد أن المغول أنفسهم قد تحولوا إلى الإسلام بعد استقرارهم بين المسلمين ، وأخذوا بمظاهر الحضارة الإسلامية ، مع أن من شاهد مذابح المغول وتدميرهم لمراكز الحضارة الإسلامية ، ظن أن الحضارة الإسلامية قد قضى عليها ، وأن بعثها من جديد يحتاج إلى آلاف السنين . وعليه نخلص من حديثنا السابق إلى أن الحضارة الإسلامية قد وجدت أسسها فى العرب والشعوب المفتوحة ، وأن عوامل المزج بين مؤهلاتهم قد ظهرت ببطء ، مما أوجد هذه الحضارة التى حملت سمتهم جميعا . للحضارة الإسلامية أسس قامت عليها، وخصائص تميزت بها عن الحضارات الأخرى، أهمها: 1- العقيدة: جاء الإسلام بعقيدة التوحيد التي تُفرِد الله سبحانه بالعبادة والطاعة، وحرص على تثبيت تلك العقيدة وتأكيدها، وبهذا نفى كل تحريف سابق لتلك الحقيقة الأزلية، قال الله تعالى: {قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوًا أحد} [الإخلاص: 1-4]. فأنهي الإسلام بذلك الجدل الدائر حول وحدانية الله تعالى، وناقش افتراءات اليهود والنصارى، وردَّ عليها؛ في مثل قوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون. اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} [التوبة: 30-31]. وقطع القرآن الطريق بالحجة والمنطق على كل من جعل مع الله إلهًا آخر، قال الله تعالى: {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون. لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون} [الأنبياء: 21-22].
2- شمولية الإسلام وعالميته: الإسلام دين شامل، وقد ظهرت هذه الشمولية واضحة جليَّة في عطاء الإسلام الحضاري، فهو يشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية، كما أن الإسلام يشمل كل متطلبات الإنسان الروحية والعقلية والبدنية، فالحضارة الإسلامية تشمل الأرض ومن عليها إلى يوم القيامة؛ لأنها حضارة القرآن الذي تعهَّد الله بحفظه إلى يوم القيامة، وليست جامدة متحجرة، وترعى كل فكرة أو وسيلة تساعد على النهوض بالبشر، وتيسر لهم أمور حياتهم، ما دامت تلك الوسيلة لا تخالف قواعد الإسلام وأسسه التي قام عليها، فهي حضارة ذات أسس ثابتة، مع مرونة توافق طبيعة كل عصر، من حيث تنفيذ هذه الأسس بما يحقق النفع للناس . 3- الحث على العلم: حثت الحضارة الإسلامية على العلم، وشجَّع القرآن الكريم والسنة النبوية على طلب العلم، ففرق الإسلام بين أمة تقدمت علميًّا، وأمة لم تأخذ نصيبها من العلم، فقال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر: 9]. وبين القرآن فضل العلماء، فقال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة: 11]. وقال رسول الله ( مبيِّنًا فضل السعي في طلب العلم: (من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا؛ سهل الله له به طريقًا إلى الجنة) [البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه]. وقال (: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) [البخاري وأبوداود والترمذي وابن ماجه]. وهناك أشياء من العلم يكون تعلمها فرضًا على كل مسلم ومسلمة، لا يجوز له أن يجهلها، وهي الأمور الأساسية في التشريع الإسلامي؛ كتعلم أمور الوضوء والطهارة والصلاة، التي تجعل المسلم يعبد الله عبادة صحيحة، وهناك أشياء أخرى يكون تعلمها فرضًا على جماعة من الأمة دون غيرهم، مثل بعض العلوم التجريبية كالكيمياء والفيزياء وغيرهما، ومثل بعض علوم الدين التي يتخصص فيها بعض الناس بالدراسة والبحث كأصول الفقه، ومصطلح الحديث وغيرهما. يمتدحتى القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادى. خلال هذه الفترة، قام مهندسو وعلماء وتجار العالم الإسلامى بالمساهمة بشكل كبير في الحقول التالية: الفن والزراعة والإقتصاد والصناعة والأدب والملاحة والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا، من خلال المحافظة والبناء على المساهمات السابقة وبإضافة العديد من اختراعاتهم وابتكاراتهم. خلق الفلاسفة والشعرا ء والفنانون والعلماء والأمراء المسلمون ثقافة فريدة من نوعها أثرت بدورها على المجتمعات في كل القارات.
الخلافة
بعد وفاة الرسول محمد، وحسماً للخلاف بين الأنصار والمهاجرين ، والنزاع بين القبائل، اتفق كبار الصحابة على أن يكون للرسول خليفة.
والخلافة: هي رئاسة عامة في الدين والدنيا، وقد يسميها البعض الإمامة أو الولاية.
اهتمت الدولة الإسلامية التي انشأها رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبدالله واستمرت تحت مسمى الخلافة في الفترات الأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام كدين عالمي يحض على طلب العلم ويعتبرهُ فريضة على كل مسلم ومسلمة، لتنهض أممه وشعوبه. فأي علم مقبول باستثناء العلم الذي يخالف قواعد الإسلام ونواهيه.والإسلام يكرم العلماءويجعلهم ورثة الانبياء. وتتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والحضارة طالما لاتخرج عن نطاق القواعد الإسلامية. لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام . وكانت الفلسفة يخضعها الفلاسفة المسلمون للقواعد الأصولية مما أظهر علم الكلام الذي يعتبر علماً في الإ لهيات. فترجمت أعمالها في اوروبا وكان له تأثيره في ظهور الفليفة الحديثة وتحرير العلم من الكهنوت الكنسي فيما بعد. مما حقق لاوروبا ظهور عصر النهضة بها. لهذا لما دخل الإسلام هذه الشعوب لم يضعها في بيات حضاري ولكنه أخذ بها ووضعها على المضمار الحضاري لتركض فيه بلا جامح بها أو كابح لها. وكانت مشاعل هذه الحضارة الفتية تبدد ظلمات الجهل وتنير للبشرية طريقها من خلال التمدن الإسلامي. فبينما كانت الحضارة الإسلامية تموج بديار الإسلام من الأندلس غربا لتخوم الصين شرقا في عهد الدولة الأموية كانت أوروباوبقية أنحاء المعمورة تعيش في جهل وظلام حضاري.
وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه. فنهل منها معارفه وبهر بها لأصالتها المعرفية والعلمية. مما جعله يشعر بالدونية الحضارية. فثار على الكهنوت الدينى ووصاية الكنيسة وهيمنتها على الفكر الإسلامى حتى لا يشيع. لكن رغم هذا التعتيم زهت الحضارة الإسلامية وشاعت. وأنبهر فلاسفة وعلماء أوروبا من هذا الغيث الحضاري الذي فاض عليهم. فثاروا على الكنيسة وتمردوا عليها وقبضوا على العلوم الإسلامية كمن يقبض على الجمر خشية هيمنة الكنيسة التي عقدت لهم محاكم التفتيش والإحراق. ولكن الفكر الإسلامي تمكن منهم وأصبحت الكتب الإسلامية التراثية والتي خلفها عباقرة الحضارة الإسلاميية فكراً شائعاً ومبهراً.
فتغيرت أفكار الغرب وغيرت الكنيسة من فكرها ومبادئها المسيحية لتسايرالتأثير الإسلامي على الفكر الأوروبى وللتصدي للعلمانيين الذين تخلوا عن الفكر الكنسي وعارضوه وانتقدوه علانية. وظهرت المدارس الفلسفية الحديثة في عصر النهضة أو التنوير في اوروبا كصدى لأفكار الفلاسفة والعرب. وظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلاميكالكوفة وحلب والبصرة وبغداد ودمشق والقاهرة والرقة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش (المغرب حالياَ) والمهدية والجزائر وغيرها. كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستنبول بمساجدها ودمشق والقاهرة بعمائرها الإسلامية وحلب وبخارى وسمرقند ودلهى وحادر اباد وقندهاروبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسيةوسرابيفو وأصفهان وتبريذ ونقية وغيرها من المدن الإسلامية
كانت بداية الدولة العربية الإسلامية على يدي النبي محمد بن عبدالله بوضع وثيقة المدينة والتي ألغت كثيراً من العادات القبلية لصالح دولة حضارية، وتوسعت بعد ذلك في فترة الدولة الأموية والعباسية حتى بلغت في العصر الأموي الدولة الأموية أكبر دولة في التاريخ الإسلامي من حدود الصين وبورما شرقآ وأراكان المسلمة والهند وباكستان الشرقية (منطقة صاتغاونغ) شرقاً وحتى حدود فرنسا وإسبانيا الاندلس غرباً وفي عصر الدولة العثمانية توسعت الأراضي إلى أوروبا واليونان وبعد سقوط الدولة العثمانية بدأ التوسع الأوربي في البلاد الإسلامية
خلال قرنين من بعد وفاة نبى الإسلام كانت صناعة الكتب منتشرة في كل أنحاء العالم الإسلامي وكانت
الحضارة الإسلامية تدور حول الكتب . فقد كانت توجد المكتبات الملكية والعامة والخاصة في كل مكان حيث كانت تجارة الكتب ومهنة النساخة رائجة وكان يقتنيها كل طبقات المجتمع الإسلامي الذين كانوا يقبلون عليها إقبالا منقطع النظير. وكان سبب هذا الرواج صناعة الورق بدمشق وسمرقند وبغداد . كانت المكتبات تتيح فرص الاستعارة الخارجية. وكانت منتشرة في كل الولايات والمدن الإسلامية بدمشق و القاهرة وحلب وإيران ووسط آسيا وبلاد الأندلس والرافدين وشمال افريقيا .و شبكات المكتبات قد وصلت في كل مكان بالعالم الإسلامى .
وكان الكتاب الذي يصدر في دمشق أوبغداد تحمله القوافل التجارية فوق الجمال ليصل لقرطبة بأسبانيا في غضون شهر. وهذا الرواج قد حقق الوحدة الثقافية وانتشار اللغة العربية . وكانت هي اللغة العلمية والثقاقية في شتي الديار الإسلامية. كما كان يعني بالنسخ والورق والتجليد. مما ماجعل صناعة الكتب صناعة مزدهرة في العالم الإسلامي لإقبال القراء والدارسين عليها واقتنائها. وكانت هذه الكتب تتناول شتي فروع المعرفة والخط وعلوم القرآن وتفسيره واللغة العربية والشعر والرحلات والسير والتراث والمصاحف وغيرها من آلاف عناوين الكتب. وهذه النهضة الثقافية كانت كافية لازدهار الفكر العربي وتميزه وتطوره.وفي غرب أفريقيا في مملكتي مالى وتمكبتو أثناء ازدهارهما في عصريهما الذهبي، كانت الكتب العربية لها قيمتها. وكان من بينها الكتب النادرة التي كانت تنسخ بالعربية، وكانت المملكتان قد أقامتا المكتبات العامة مع
المكتبات الخاصة.
يعتبر القرن التاسع الميلادي له أهميته في ثبت الحضارة الإسلامية المتنامية. لأن أعمال العلماء المسلمين كانت رائعة وكانوا رجال علم متميزين وكان المأمون الخليفة العباسي العالم المستنير (ت 833) يحثهم علي طلب العلم. وقد أنشأ لهم بيت الحكمة لتكون أكاديمية البحث العلمي ببغداد تحت رعايته الشخصية. وأقام به مرصدا ومكتبة ضخمة. كما أقام مرصدا ثانيا في سهل تدمر بالشام . وجمع المخطوطات من كل الدنيا لتترجم علومها. وكان يشجع الدارسين مهما تنوعت دراستهم. وحقق يهذا التوجه قفزة حضارية غير مسبوقة رغم وجود النهضة العلمية وقتها. وهذا ما لم يحدث بعد إنشاء جامعة ومكتبة الإسكندرية في القرن الثالث ق.م. وبأنشاء مرصد تدمر قام الفلكيون والعلماء بتحديد ميل خسوف القمر ووضعوا جداول لحركات الكواكب وتم تحديد حجم الأرض، وقاسوا محيطها، فوجدوه 20400 ميل ،وقطرها 6500 ميل. وهذا يدل علي أن العرب كانوا علي علم وقتها ،بأن الأرض كروية قبل كويرنيق بخمسة قرون. وفي عصر المأمون عمل الفلكيون في تدمرعلى وضع خريطة للأرض وأثبت علماء الفلك دورانها. وقياساتهم تقريبا لها تطابق ما قاسه علماء الفلك بالأقمار الصناعية، وأنهم كانوا يعتقدون خطأ أنها مركز الكون، يدورحولها القمر والشمس والكواكب. وهذا الاعتقاد توارد إليهم من فكر الإغريق. واكتشفوا الكثير من النجوم والمجرات السماوية وسموها بأسمائها العربية التي ما زالت تطلق عليها حتي الآن. وكانت كل الأبحاث في الفلك والرياضيات قد انفرد بها العلماء المسلمون وقد نقلوها عن الهنود الذين قد ترجموها عن الصينيين للعربية وقاموا بتطويرها بشكل ملحوظ.
مع هذه النهضة العلمية ظهرت الجامعات الإسلامية لأول مرة بالعالم الإسلامي قبل أوروبا بقرنين.وكانت أول جامعة بيت الحكمة أنشئت في بغداد سنة 830 م، ثم تلاها جامعة القرويين سنة 859 م في فاس ثم جامعة الأزهر سنة 970 م في القاهرة. وكانت أول جامعة في أوروبا أنشئت في "سالرنو" بصقلية سنة 1090 م على عهد ملك صقلية روجر الثاني. وقد أخذ فكرتها عن العرب هناك. ثم تلاها جامعة بادوفا بإيطاليا سنة 1222 م. وكانت الكتب العربية تدرس بها وقتها. وكان للجامعات الإسلامية تقاليد متبعة وتنظيم.فكان للطلاب زي موحد خاص بهم وللأساتذة زي خاص. وربما اختلف الزي من بلد إلي بلد ومن عصر إلي عصر. وقد أخذ الأوربيون عن الزي الجامعي الإسلامي الروب الجامعي المعمول به الآن في جامعاتهم. وكان الخلفاء والوزراء إذا أرادوا زيارة الجامعة الإسلامية يخلعون زي الإمارة والوزراة ويلبسون زي الجامعة قبل دخولها.وكانت اعتمادات الجامعات من ايرادات الأوقاف. فكان يصرف للطالب المستجد زي جديد وجراية لطعامه. وأغلبهم كان يتلقى منحة مالية بشكل راتب وهو ما يسمى في عصرنا بالمنحة الدراسية. فكان التعليم للجميع بالمجان يستوي فيه العربي والأعجمي والأبيض والأسود.
وبالجامعات كان يوجد المدن الجامعية المجانية لسكني الغرباء وكان يطلق عليها الأروقة. والطلبة كان يطلق عليهم المجاورون لسكناهم بجوارها. وكان بالجامعة الواحدة أجناس عديدة من الأمم والشعوب الإسلامية يعيشون في إخاء ومساواة تحت مظلة الإسلام والعلم. فكان من بينهم المغاربة والشوام والأكراد والأتراك وأهل الصين وبخارى وسمرقند. وحتى من مجاهل أفريقيا وآسيا وأوروبا. وكان نظام التدريس في حلقات بعضها يعقد داخل الفصول. وأكثرها كان في الخلاء بالساحات أو بجوار النافورات بالمساجد الكبري. وكان لكل حلقة أستاذها يسجل طلابها والحضور والغياب.ولم يكن هناك سن للدارسين بهذه الجامعات المفتوحة. وكان بعض الخلفاء والحكام يحضرون هذه الحلقات.وكانوا يتنافسون في استجلاب العلماء المشهو رين من أنحاء العالم الإسلامي ،ويغرونهم بالرواتب والمناصب، ويقدمون لهم أقصى التسهيلات لأبحاثهم. وكان هذا يساعد على سرعة انتشار العلم وانتقال الحضارة الإسلامية بديار الإسلام. ويمكن القول أن ظهور الحضارة مفهوما إسلامياَ قد ترجم الرحمة التي بعث بها الأنبياء على أرض الواقع.
كانت الدولة الإسلامية تعني بالمرافق الخدماتية والعامة بشكل ملحوظ. فكانت تقيم المساجد ويلحق بها المكتبات العامة المزودة بأحدث الإصدارات في عصرها ودواوين الحكومة والحمامات العامة ومطاعم الفقراء وخانات المسافرين علي الطرق العامة ولاسيما طرق القوافل التجارية العالمية، وطرق الحج التراثية كما كان على طريق الحج من دمشق إلى الديار المقدسة وإنشاء المدن والخانقاهات والتكايا المجانية للصوفية واليتامي والأرامل والفقراء وأبناء السبيل. واقيمت الأسبلة لتقدم المياه للشرب بالشوارع. وكان إنشاء البيمارستنات (المستشفيات الإسلامية) سمة متبعة في كل مكان بالدولة الإسلامية يقدم بها الخدمة المجانية من العلاج والدواء والغذاء ومساعدة أسر المرضي الموعزين.وكلمة باريمستان بالفارسية هو مكان تجمع المرضي ،وكلمة مستشفي معناها بالعربية مكان طلب الشفاء.لهذا كان الهدف من إنشاء هذه المستشفيات غرضا طبيا وعلاجيا. عكس المستشفيات في أوروبا وقتها ،كانت عبارة عن غرف للضيافة ملحقة بالكنائس والأديرة لتقدم الطعام لعابري السبيل أو ملاجيء للعجزة والعميان والمقعدين ولم تكن للتطبيب. وكان يطلقون على هذه الغرف كلمة مضيفة، وهي مشتقة من كلمة ضيافة. وأول مستشفي بني بإنجلترا في القرن 14 م. بعد انحسار الحروب الصليبية علي المشرق العربي، بعدما أخذ الصليبيون نظام المستشفيات الإسلامية والطب العربي عن العرب.
وكان أول مستشفي في الإسلام بناه الوليد بن عبد الملك سنة 706 م (88 هـ) في دمشق . وكان الخلفاء المسلمون يتابعون إنشاء المستشفيات الإسلامية الخيرية باهتمام بالغ. ويختارون مواقعها المناسبة من حيث الموقع والبيئة الصالحة للاستشفاء والإتساع المكاني بعيدا عن المناطق السكنية. وأول مستشفى للجذام بناه المسلمون في التاريخ سنة 707 م بدمشق، في حين أن أوروبا كانت تنظر إلى الجذام على أنه غضب من الله يستحق الإنسان عليه العقاب حتى أصدر الملك فيليب أمره سنة 1313 م بحرق جميع المجذومين في النار. وكانت المستشفيات العامة بها أقسام طب المسنين، بها أجنحة لكبار السن وأمراض الشيخوخة. وكانت توجد المستشفيلت الخاصة. والمستوصفات لكبار الأطباء بالمستشفيات العامة.
ومن المعروف أن الدولة الإسلامية في عصور ازدهارها كانت تعطي أهمية قصوى لمرافق الخدمات العامة مثل المساجد ودواوين الحكومة والحمامات والمطاعم الشعبية واستراحات المسافرين والحجاج. وبديهي أن تكون أهم هذه المرافق المستشفيات . فقد كانت تتميز بالاتساع والفخامة والجمال مع البساطة. ومن بين هذه المستشفيات التراثية اليوم مستشفي السلطان قلاوون ومستشفي أحمد بن طولون بالقاهرة والمستشفي السلجوقي بتركيا . وكانت مزودة بالحمامات والصيدليات لتقديم الدواء والأعشاب. والمطابخ الكبيرة لتقديم الطعام الطبي الذي يصفه الاطباء للمرضي حسب مرضهم. لأن الغذاء المناسب للمرض كانوا يعتبرنه جزءا من العلاج.
ويشتمل المستشفيات تحتوى على قاعات كبيرة للمحاضرات والدرس وامتحان الأطباء الجدد وملحق بها مكتبة طبية ضخمة تشمل على المخطوطات الطبية. والمشاهد لهذه المستشفيات سيجدها أشبه بالقصورالضخمة والمتسعة، بل والمنيفة. وحول المبني الحدائق ومن بينها حديقة تزرع فيها الأعشاب الطبية.ولم يأت منتصف القرن العاشر م. حتى كان في قرطبة والاندلس وحدها خمسون مستشفي وأكثر منها في دمشق وبغداد والقاهرة وحلب والقيروان علاوة المستشفيات المتنقلة والمستشفيات الميدانية لجرحي الحرب، والمستشفيات التخصصية كمستشفيات الحميات التي كان بها معزل طبي لعزل الأمراض المعدية.
وفيها كان يبرد الجو وتلطف الحرارة بنوافير المياه أو بالملاقف االهوائية. ومستشفيات للجراحة التي كان يشترط فيها الجو الجاف ليساعد على التئام الجروح. لكثرة حروب المسلمين فقد طوروا أساليب معالجة الجروح فابتكروا أسلوب الغيار الجاف المغلق وهو أسلوب نقله عنهم الأسبان وطبقوه لأول مرة في الحرب الأهلية الأسبانية ثم عمم في الحرب العالمية الأولى بنتائج ممتازة. وهم أول من استعمل فتيلة الجرح لمنع التقيح الداخلي وأول من استعمل خيوطا من مصارين الحيوان في الجراحة الداخلية.. ومن أهم وسائل الغيار على الجروح التي أدخلها المسلمون استعمال عسل النحل الذي ثبت حديثا أن له خصائص واسعة فيتطهير الجرح الجرح ومنع نمو البكتريا فيه..هذا بالإضافة للتطورات الهائلة في مجال الطب والتي اعتمدت في معظمها على هذه المنجزات والاكتشافات الطبية العربية.
قام العديد من المفكرين المسلمين في العصور الوسطى بمطاردة وتضمين النزعة الإنسانية والعقلانية في أبحاثهم عن المعرفة والقيم.
ساعد التسامح الدينى للمسلمين بخلق شبكة متعددة من الثقافات حيث تم جذب المثقفين المسلمين والمسيحيين واليهود مما أتاح وجود أعظم فترة من الإبداع الفلسفي في العصور الوسطى وذلك في الفترة من القرن الثامن وحتى الثالث عشر ميلادي. هناك سبب آخر لازدهار العالم الإسلامي في هذه الفترة وهو تركيز الحضارة الإسلامية على حرية الكلام ، ويمكن بيان هذا من خلال النص التالي المأخوذ من رسالة أرسلها الهاشمي (و هو قريب للخليفة المأمون) إلى أحد خصومه الدينيين وحيث كان الهاشمي يحاول هديه إلى الإسلام من خلال المنطق: