عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree5Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-05-2014, 09:11 PM
 
******أخلاق وتزكيـــــة ****** متجــــــــدد


فضل العبادة في زمن الفتن
05/04/2014
إسلام ويب
*****



الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل ، والصلاة والسلام على البشير النذير ، وعلى آله وصحبه الأخيار الميامين ، وبعد:
فإن أكثر الناس في أزمنة الفتن ينشغلون بها ، ويخوضون كثيرا فيها إما بالفعل والمشاركة وإما بالقول والتحليل وغير ذلك ، لكن قليلا من الناس من ينشغل في أوقات الفتن بإصلاح قلبه وتزكية نفسه بمزيد إقبال على الله تعالى وجمع القلب عليه والتوجه إليه سبحانه بأنواع القربات والطاعات.
******
يقول الإمام القرطبي رحمه الله تعالى:
(إن الفتن والمشقة البالغة ستقع حتى يخف الدين ويقل الاعتناء به ، ولا يبقى لأحد اعتناء إلا بأمر دنياه ومعاشه وما يتعلق به ، ومن ثم عظم قدر العبادة أيام الفتنة).
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العبادة في الهرج كهجرة إلي". (رواه مسلم).
والهرج هو وقت الفتن والفوضى واختلاط الأمور وشيوع القتل ، فتكون العبادة في هذه الأجواء الصعبة كهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.



******

ولا شك أن الفضل الوارد في هذا الحديث لمن عبد الله في أوقات الفتن فضل عظيم جدا ؛ فإن الهجرة إلى الله ورسوله من أعظم الأعمال التي يرجو بها أصحابها الخير ، ويكفيك في بيان هذا الفضل أن الله تعالى يقول: { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)}(سورة الحديد).
ويقول سبحانه: { فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)} (سورة آل عمران).



******

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار".
وقال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحج يهدم ما كان قبله".
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الواردة في الكتاب والسنة تبين فضل الهجرة وأجرها، هذا الأجر يدركه من انشغل بعبادة ربه في أوقات الفتن.



******

ومما يزيد الأمر إيضاحا أن أدلة الشرع قد دلت على أن الفضل يتضاعف لمن عبد الله تعالى في أوقات الغفلات ، انظر إلى حال الناس في الأسواق سترى أن أكثرهم ينشغلون ببيع وشراء وربما انشغل البعض بحلف كاذب أو غش أو تدليس وغير ذلك من المخالفات ، في مثل هذا الجو من يذكر ربه ويعبده بأنواع القربات يتضاعف أجره ، قال الله تعالى ممتدحا أمثال هؤلاء: { رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)} (سورة النور).



******

وفي الحديث الذي رواه النسائي: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق: سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، فيقومون وهم قليل ، ثم يحاسب الله سائر الخلائق".



******

ولعل علي بن المديني كان ينظر إلى هذا المعنى حين قال: (ما قام أحد بالإسلام بعد رسول الله ما قام أحمد بن حنبل ، فقيل له: يا أبا الحسن ولا أبو بكر الصديق؟ قال: إن أبا بكر كان له أصحاب وأعوان ، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب).
ولا تظنن أن ابن المديني يُفضل أحمد بن حنبل رحمه الله على أبي بكر رضي الله عنه ، فإن الصحابي أفضل من كل من جاء بعده كما قال ابن المبارك حين سئل عن المقارنة بين أمير المؤمنين عمر بن العزيز وأمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فقال: غبار في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمر بن عبد العزيز.



******

ومما يدل أيضا على فضل التعبد في أوقات الغفلات والفتن قوله صلى الله عليه وسلم: " فإن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله".



******

وليكن معلوما ومستقرا في نفوس المؤمنين أن تسلط الظالمين وأهل الباطل على المؤمنين لا يدوم ولا يستقر بل لابد من زواله والتمكين للمؤمنين ، بهذا نطقت أدلة الشرع المبين:

{
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)} (سورة المجادلة).
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)} (سورة النور).
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)} (سورة الرعد).
وغيرها من الأدلة ، لكن يسيء التعامل مع هذه الأدلة فريقان:

الأول يتواكل ولا يعمل ويترك الأخذ بالأسباب المستطاعة وهو يظن أن التمكين سيأتيه لا محالة وهو فهم خاطئ لسنن الله تعالى التي لا تحابي ولا تجامل.



******

والثاني يستعجل فيرتكب من الأفعال ما يجر على الأمة الويلات ويدخلها في أتون صراعات لم تستعد لها.
فعليك أخي الحبيب بالتعبد لله تعالى في أوقات الفتن ، والأخذ بالأسباب والعمل لنصرة هذا الدين ، {
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)} (سورة يوسف).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



__________________

التعديل الأخير تم بواسطة Yaiba Kurogane ; 04-28-2014 الساعة 06:09 PM سبب آخر: تصحيح خطأ بسيط
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-11-2014, 05:13 PM
 
الإساءة إلى الناس فن !!
27/03/2014
إسلام ويب

******


نعم هي فن يتقنه كل من تخلى عن الأخلاق الكريمة والصفات النبيلة الجميلة ، فكل فن من الفنون له أصوله ومقوماته وقواعده ، لكن الإساءة إلى الآخرين تحتاج التخلي عن الأصول عن القواعد عن الأدب والحياء ، والتحلي بنوع من السفاهة وسوء الأدب
******

ولهذا تجد من أدمن الإساءة إلى الناس مرة بالسخرية منهم ومرة بالغيبة ومرة بقبيح القول ومرة بتتبع العورات والنقائص لينشرها بين الناس، تجد هذا الصنف من أسافل الناس وأجهلهم وأبعدهم عن التحلي بمكارم الأخلاق.
******
إن الله تعالى قد أمرنا أن نكون من المحسنين في كل شيء : { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) }(سورة البقرة).
وإساءة الواحد منا في الحقيقة ترجع إليه كما قال الله تعالى: { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } (الإسراء: 7).
(أي: فإليها ترجع الإِسَاءة لِمَا يتوجَّه إليها مِن العقاب، فرغَّب في الإحسان، وحذَّر مِن الإِسَاءة).
وقال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } (الجاثية: 15).
قال الشيخ السعدي رحمه الله: (وفي هذا حثٌّ على فعل الخير، وترك الشَّرِّ، وانتفاع العاملين، بأعمالهم الحسنة، وضررهم بأعمالهم السَّيِّئة).
******
وقال بعض السَّلف: (ما أحسنتُ إلى أحدٍ، وما أسأتُ إلى أحدٍ، وإنَّما أحسنتُ إلى نفسي، وأسأتُ إلى نفسي).
ومن أجل هذا المعنى قيل: (مَن رضي لنفسه بالإِسَاءة، شهد على نفسه بالرَّداءة والدَّناءة).

وقال محمود الوراق:
*********
إني وهبت لظالمي ظلمي وغفرت له ذاك على علمي
ورأيته أسدى إلي يدا لما أبان بجهله حلمي
رجعت إساءته عليه وإحــساني إلى نفسي
وغدوت ذا أجر ومحمدة وغدا بكسب الظلم والإثم
وكأنما الإحسان كان له وأنا المسيء في الحكم
وما زال يظلمني وأرحمه حتى رثيت له من الظلم
******
وتزداد الإساءة قبحا وذما إذا كانت متوجهة إلى من يتأكد على المرء أن يحسن إليه كالوالدين ؛ ولهذا قرن النبي صلى الله عليه وسلم الإساءة إلى الوالدين بأعظم ذنب على الإطلاق وهو الشرك فقال: " أَلَا أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا. قالوا: بلى، يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ".
******
وإن من العجيب أن الإساءة تمنع العبد من الشفاعة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يكون اللَّعَّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة ". وذلك لأن اللَّعن إساءة ، بل من أبلغ الإسَاءة ، والشَّفاعة إحسان ، فالمسيء في هذه الدَّار باللَّعن ، سلبه الله الإحسان في الأخرى بالشَّفاعة ، فإنَّ الإنسان إنَّما يحصد ما يزرع ، والإِسَاءة مانعة مِن الشَّفاعة التي هي إحسان.

******
الوسائل المعينة على ترك الإِسَاءة:
*************

1- الحِلْم:
****

قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون: 96].
قال السعدي: (أي: إذا أَسَاء إليك أعداؤك بالقول والفعل، فلا تقابلهم بالإِسَاءة، مع أنَّه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته، ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان منك إليهم، فإنَّ ذلك فَضْلٌ منك على المسيء. ومِن مصالح ذلك: أنَّه تَخِفُّ الإِسَاءة عنك في الحال، وفي المستقبل، وأنَّه أَدْعَى لجلب المسيء إلى الحقِّ، وأقرب إلى ندمه وأسفه، ورجوعه بالتَّوبة عمَّا فعل، وليتَّصف العافي بصفة الإحسان، ويقهر بذلك عدوَّه الشَّيطان، وليستوجب الثَّواب مِن الرَّبِّ) .
******
2- الاستغفار:
*****

عن علي رضي الله عنه قال: (ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك، ولكن الخير أن يَكْثُر علمك، ويَعْظُم حلمك، وأن تباهي النَّاس بعبادة ربِّك، فإن أَحْسَنت حَمَدت الله، وإن أسأت استغفرت الله) .
******
3- معرفة أنَّ في ترك الإِسَاءة رجاحة النَّفس، وراحة القلب:
*******************

قال القاضي المهدي: (ولو لم يكن في الصَّفح -وترك الإِسَاءة- خَصْلَةٌ تُحمَد إلَّا رجاحة النَّفس ووَدَاع القلب، لكان الواجب على العاقل أن لا يكدِّر وقته بالدُّخول في أخلاق البهائم...) .
******
4- حُسْن الظَّنِّ بالله.
*******

عن معمر، قال: (تلا الحسن: " وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ " [فصِّلت: 23] فقال: إنَّما عَمِل النَّاس على قَدْر ظنونهم بربِّهم؛ فأمَّا المؤمن فأَحْسَن بالله الظَّنَّ، فأَحْسَن العمل؛ وأمَّا الكافر والمنافق فأساءا الظَّنَّ، فأساءا العمل).
******
5- قِصَر الأمل:
******
إذ طول الأمل مدعاة إلى الإساءة ، عن الحسن رحمه الله: (ما أطال عبدٌ الأمل إلَّا أَسَاء العمل).
نسأل الله أن يقينا مساوئ الأخلاق ، وأن يوفقنا والمسلمين لكل خير ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
******
Yaiba Kurogane likes this.
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-25-2014, 08:41 PM
 
الإنسان بين الحياة والموت
20/03/2014
اسلام ويب ( د. خالد سعد النجار )



نعمة الاستخلاف في الأرض والعيش في أرجائها والمشي في مناكبها فتنة وابتلاء، وليس أعظم من فتنة النعماء وامتحان السراء، لأن الرخاء ينسي، والمتاع يُلهي، والثراء يطغي، في دنيا مستطابة في ذوقها، معجبة في منظرها، مؤنقة في مظهرها، الفتنة بها حاصلة، وعدم السلامة منها غالبة، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» [رواه مسلم].
قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}[الملك:2] أي ليبلوكم أيكم له أطوع، وإلى مرضاته أسرع، وعن محارمه أورع.
******
يقول على الطنطاوي رحمه الله: ثلاثون سنة ما خرجت منها إلا بشيء واحد، هو أني رأيت الحياة كمائدة القمار، فمن الناس من يخسر ماله ويخرج ينفض كفه، ومنهم من يخرج مثقلا بأموال غيره التي ربحها، ومنهم من يقوم على الطريق يمسح الأحذية، ومن يمد إليه حذاءه ليمسحه له، ومن ينام على السرير، ومن يسهر في الشارع يحرس النائم، ومن يأخذ التسعة من غير عمل، ومن يكد ويدأب فلا يبلغ الواحد، وعالم يخضع لجاهل، وجاهل يترأس العلماء، ورأيت المال والعلم والخلق والشهادات قسما وهبات، فرب غني لا علم عنده، وعالم لا مال لديه، وصاحب شهادات ليس بصاحب علم، وذي علم ليس بذي شهادات، ورب مالك أخلاق لا يملك معها شيئا، ومالك لكل شيء ولكن لا أخلاق له، ورأيت في مدرسي المدارس من هو أعلم من رئيس الجامعة، وبين موظفي الوزارة من هو أفضل من الوزير .. ولكنه الحظ، أو هي حكمة الله لا يعلم سرها إلا هو، ابتلانا بخفائها لينظر: أنرضى أم نسخط.
******
من الذي أمننا في الدور؟ من الذي أرخى علينا الستور؟ من الذي صرف عنا البلايا والشرور، والفتنة حولنا تدور؟ أليس هو الرحيم الغفور؟ فما لنا قد كثرت منا العثار، وقل منا الاعتبار والادكار؟ ما لنا لبسنا ثوب العصيان والغفلة والنسيان؟ غرنا بالله الغرور، برجاء رحمته عن خوف نقمته، وبرجاء عفوه عن رهبة سطوته.
******
عن ابن السماك يحدث قال: بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك، إذ رمى بشبكة في البحر فخرج فيها جمجمة إنسان، فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي، ويقول: عزيز فلم تترك لعزك، غني فلم تترك لغناك، فقير فلم تترك لفقرك، جواد فلم تترك لجودك، شديد فلم تترك لشدتك، عالم فلم تترك لعلمك .. يردد هذا الكلام ويبكي.
ولدتك إذ ولدتك أمك باكيا ... والقوم حولك يضحكون سرورا
فاعمل ليوم تكون فيه إذا بكوا ... في يوم موتك ضاحكا مسرورا
******
كلكم يبكي لنفسه
******

كان بالبصرة عابد حضرته الوفاة .. فجلس أهله يبكون حوله فقال لهم أجلسوني, فأجلسوه فأقبل عليهم وقال لأبيه: يا أبت ما الذي أبكاك؟ قال: يا بني ذكرت فقدك وانفرادي بعدك. فالتفت إلى أمه, وقال: يا أماه ما الذي أبكاك؟ قالت: لتجرعي مرارة ثكلك, فالتفت إلى الزوجة, وقال: ما الذي أبكاك؟ قالت: لفقد برك وحاجتي لغيرك, فالتفت إلى أولاده, وقال: ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لذل اليتم والهوان من بعدك, فعند ذلك نظر إليهم وبكى.
فقالوا له: ما يبكيك أنت؟ قال أبكي لأني رأيت كلا منكم يبكى لنفسه لا لي. أما فيكم من بكى لطول سفري؟ أما فيكم من بكى لقلة زادي؟ أما فيكم من بكى لمضجعي في التراب؟ أما فيكم من بكى لما ألقاه من سوء الحساب؟ أما فيكم من بكى لموقفي بين يدي رب الأرباب؟ ثم سقط على وجهه فحركوه, فإذا هو ميت.
******
ملوك الدنيا
*****
قال معاوية -رضي الله عنه- عند موته لمن حوله: أجلسوني .. فأجلسوه .. فجلس يذكر الله, ثم بكى، وقال: الآن يا معاوية، جئت تذكر ربك بعد الانحطام والانهدام, أما كان هذا وغض الشباب نضير ريان؟! ثم بكى وقال: يا رب, يا رب, ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي .. اللهم أقل العثرة، واغفر الزلة، وجد بحلمك على من لم يرج غيرك، ولا وثق بأحد سواك .. ثم فاضت روحه رضي الله عنه.
******
ويروى أن الخليفة عبد الملك بن مروان لما أحس بالموت قال: ارفعوني على شرف, ففعل ذلك, فتنسم الروح, ثم قال: يا دنيا ما أطيبك! إن طويلك لقصير، وإن كثيرك لحقير، وإن كنا منك لفي غرور!.

ولما أحتضر أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك, نظر إلى أهله يبكون حوله فقال: جاء هشام إليكم بالدنيا وجئتم له بالبكاء, ترك لكم ما جمع وتركتم له ما حمل, ما أعظم مصيبة هشام إن لم يرحمه الله.
******
ولما مرض هارون الرشيد ويئس الأطباء من شفائه، وأحس بدنو أجله، قال: أحضروا لي أكفانا فأحضروا له، فاختار منها واحدا .. ثم قال: احفروا لي قبرا .. فحفروا له .. فنظر إلى القبر وقال: ما أغنى عني مالية ... هلك عني سلطانيه!

وحينما حضر الخليفة المأمون الموت قال: أنزلوني من على السرير. فأنزلوه على الأرض، فوضع خده على التراب، وقال: يا من لا يزول ملكه .. ارحم من قد زال ملكه.
وقال المعتصم عند موته :لو علمت أن عمري قصير هكذا ما فعلت ... !
******
إنه الموت
*****
قال مطرف: إن هذا الموت أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيما لا موت فيه.
وقال الحسن: فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذي لب فرحا.
وقال سفيان: لو أن البهائم تعقل من الموت ما تعقلون ما أكلتم منها سمينا.
وقال الأوزاعي: جئت إلى بيروت أرابط فيها، فلقيت سوداء عند المقابر، فقلت لها: يا سوداء، أين العمارة؟ قالت: أنت في العمارة، وإن أردت الخراب فبين يديك.
******
همة ترقيك
****
يقول على الطنطاوي: وجدت على نضد إبريقا من البلور الصافي طويل العنق واسع البطن، فيه نحلة قد دخلت ولم تستطع الخروج، فهي تتحفز وتتجمع وتثب متقدمة بقوة وبأس، فيضرب الزجاج رأسها ويردها، فتعاود الكرة وهي لا تبصر الجدار وإنما تبصر ما وراءه، فتحسب أنه ليس بينها وبين الفضاء حجاب. فجعلت أنظر إليها وهي تعمل دائبة، كلما ضربت مرة عادت تحاول أخرى لا تقف ولا تستريح، حتى عددت عليها أكثر من أربعين مرة، تجد الصدمة كل مرة فلا تعتبر ولا تدرك الحقيقة، ولا ترفع رأسها لتبصر الطريق وتعلم أن سبيل الفضاء وباب الحرية هو من «فوق» لا عن يمين ولا عن شمال.
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-28-2014, 06:11 PM
 
بارك الله فيك و جزاك من الخير الكثير
+
يثبت
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-29-2014, 01:53 PM
 
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكاتب الصحفي صلاح عيسي في حوار يثير تساؤلات ...الرئيس مرسي وجماعة الإخوان لديهم أخلاق تختلف عن أخلاق حكام مصر السابقين yousrielsaid مواضيع عامة 0 08-30-2012 01:33 PM
أخلاق المؤمن ___الإخلاص___ نوران77 نور الإسلام - 4 10-02-2009 01:43 AM
أخلاق المسلم يوم العيد ساري العبد الله مواضيع عامة 9 09-25-2009 02:39 PM
أخلاق رسولنا الكريم قدوتي رسولي نور الإسلام - 2 09-11-2009 10:58 AM
أخلاق المسلم سنان خطيب عكاب العنزي نور الإسلام - 2 03-20-2007 11:26 PM


الساعة الآن 08:43 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011