عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي

روايات و قصص الانمي روايات انمي, قصص انمي, رواية انمي, أنمي, انيمي, روايات انمي عيون العرب

Like Tree911Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #171  
قديم 06-09-2014, 02:50 AM
 
Girl Sasuke

طلبك عندي ‎:->‎
__________________

Feeding
Imagination
# n e r m e e n

رد مع اقتباس
  #172  
قديم 06-09-2014, 06:54 AM
 

طـــلـــب تـــــوري

1-غورني
2-باكهاوس
__________________







رد مع اقتباس
  #173  
قديم 06-09-2014, 06:59 PM
 
طلب : Girl Sasuke

معلومات عن العصور الوسطى من أكثر من مصدر :

[1] العصور الوسطى بأوروبا



العصور الوسطى أو القرون الوسطى هي التسمية التي إصطلح علي إطلاقها علي الفترة الوسطی (ما بين القرن 5 - 15) الناشئة من تقسيم تاريخ أوروبا إلى ثلاثة أقسام (عصور) هي:
  • العصور الوسطى المبكرة.
  • العصور الوسطى المتوسطة.
  • العصور الوسطى المتأخرة.
تتراوح العصور الوسطى من نهاية الإمبراطورية الرومانية الغربية حوالي القرن الخامس حتى قيام الدول الملكية وبداية الكشوفات الجغرافية الأوروبية وعودة النزعة الإنسانية وحركة الإصلاح الديني البروتوستانتي بداية من سنة 1517. هذه الأحداث هي التي أدت إلى دخول أوروبا في مرحلة بداية الحداثة التي تلتها مرحلة الثورة الصناعية.

العصور الوسطى المبكرة

يشار إلى هذه الفترة المبكرة بأنها العصور المظلمة، كانت القرون الأولى من العصور الوسطى، خاصة من القرن الخامس إلى أواخر القرن العاشر الميلاديين أقرب إلى أن تكون مظلمة، حيث أصيبت حضارة غربي أوروبا بالانحطاط، ولم يتبق من حضارة الرومان القدامى سوى مابقي في قلة قليلة من مدارس الأديرة والكاتدرائيات والبلاط والقصور الملكية، أما العلوم التي نقلت عن اليونانيين فقد اندثرت تقريبًا، وكان الذين تلقوا علماً فئة قليلة من الناس، كما ضاع الكثير من المهارات الفنية والتقنية القديمة، وأمسى العلماء في جهلهم، يتقبلون الحكايات الشعبية والشائعات على أنها حقيقة.
وفي مقابل الظلام الدامس الذي خيم على غرب أوروبا، كانت الحياة أكثر إشراقًا في جهات أخرى من العالم، فقد كان المسلمون في الأندلس في نفس الوقت يعيشون ثراءاً حضارياً وثقافياً، ومن أبرز ما انتقل من الأندلس إلى الغرب وهو أهم أسباب تطور الحضارة الغربية هو علم الفلسفة الذي أخذه العرب من اليونانيين خصوصاً كتب الفيلسوف ابن رشد وشرحه لأرسطو.
وفي بداية القرن الحادي عشر الميلادي، بدأت الحياة الاقتصادية والسياسية تنتعش في أوروبا، وقد أدى الانتعاش إلى تطور ثقافي هائل خلال القرن الثاني عشر الميلادي.




الإقطاع


كان الإقطاع هو النظام السائد، حيث كان الأمير الإقطاعي هو السيد المطاع يمتلك القلعة والأرض والمزارع والمراعي والناس الذين يعيشون على أرضه كذلك، ولذلك كان يسهل سوقهم إلى المعارك إذا مادعت الحاجة إلى توفير الجند و كان الأقطاعي واحد من اغز الناس شأنا بين المجتمع.


الأدب في العصور الوسطى

  • بيوولف
ملحمة إنجليزية مجهولة المؤلف بطلها أمير سويدي يدعى بيوولف، تدور أحداثها في أوائل القرن السادس الميلادي، وتعتبر أقدم قصيدة إنجليزية كاملة معروفة، وأقدم ملحمة أوروبية منظومة باللسان القومي، ويعتقد أنها نظمت في شمال إنجلترا، ما بين سنة 700 إلى 750 للميلاد.




تشوسر

  • حكايات كانتربري
كانت الأرض التي يمتلكها الإقطاعي تسمى النطاق وكان للفلاحين جزءاً وجزء آخر خاص بالإقطاعي حيث أن السيد الإقطاعي سواء كان نبيلاً أو رجل دين فإنه يوزع أراضيه على الفلاحين مقابل حراثتهم ورعايتهم للجزء الخاص بالإقطاعي نفسه وكانت الأجزاء الموزعة على الفلاحين متناثرة وذلك للحفاظ على العدل في توزيع الأرض بين خصبة وفقيرة.
وكان الإقطاعي يفرض ضرائب على الفلاحين ورسم الولاية وهي أمقت شيء لدي الفلاحين حيث أنها كانت في بداية الأمر ضرائب تفرض على الفلاح رمزا لتبعيته للسيد الإقطاعي ثم أصبحت بعد ذلك تفرض على الأرض نفسها بصرف النظر عن الفلاح الذي يعمل بها وكان للسيد الإقطاعي حق فرض هذه الرسوم متي شاء وأيضًا دون السماح بتقدير رسمي لتلك الرسوم، وأيضا كان هناك الأجور وتتضمن جميع ما على الفلاح من حقوق لتتصل بالأرض اتصالاً مباشرًا فإذا انتقل الفلاح إلى قطعة أرض أخرى ظلت تلك الأجور على الأرض مفروضة على الفلاح الجديد الذي يعمل عليها. وكانت تلك الأجور تقدر نسبيًا فمثلا هناك قطعة أرض تؤخد أجورها غلالا وأخرى تؤخد أجورها أموالا وأخرى يقوم الفلاح بخدمة الإقطاعي والعمل في أرضه. وكان المجتمع الإقطاعي مجتمعا طبقيا في الدرجة الأولى اختفت فية الطبقة البورجوازية (الوسطى).
وظهر البارون وهو من صغار طبقة النبلاء وهو النبيل الذي منح أرضا من الإقطاعي مقابل خدمات عسكرية فهو يُقسِم بالطاعة للإقطاعي والظهور معه ضد أعدائه من المقاطعات الأخرى. وعاشوا حياة مرفهة، فقد كانوا يقضون أوقاتهم في المغامرات وصيد الحيوانات وسماع الأغاني والأناشيد والحروب والنزال وكان مسكن النبيل عبارة عن قلعة تحميه هو وأتباعه من أخطار الخصوم وكان من الممكن أن يخضع لأكثر من قسم مقابل حصوله على قطع أرض من أكثر من إقطاعى، ومن مساوئ ذلك أنه عند تضارب المصالح بين الإقطاعيين يتحير البارون لأي صف يقف ولأي شخصية ينحاز.
وكانت أيضا طبقة العبيد (الفلاحين) وهم أصحاب الحق المهضوم والطبقة الكادحة في المجتمع والعبد هو ذلك الفلاح الذي يقوم الإقطاعي باستغلاله كيفا شاء فلا يستطيع الحراك من بيته إلا بإذن من الإقطاعي ولم يكن مخول له أن يزوج أحد أبنائه إلا بعلم الإقطاعى وكان التدخل في حياته مباشرا وغير مباشرا من فرض ضرائب عليه وخضوعه بالاضطهاد وفلاحة أرض الإقطاعى، وكان الفلاح يعيش في بيت صغير لايسمو عن كونه كوخا صغيرا وكان يأكل الخبز الأسمر والفول ولحم الخنزير.
وأما عن نظام الإقطاع في العصر الوسيط فهو نظام سياسي أكثر من كونه نظام اجتماعي ففي الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر أزدهر النظام الإقطاعي ككونه نظام سياسي مسيطر وأصبح النطاق وحدة سياسية في حد ذاتها وخاصة بعدما اختفت الحكومة الكارولنجية وحلت محلها نظام الوحدات المحلية وكانت فيها السلطة للأقوياء (الإقطاعين) وبالتالي أصبح من يمتلك أرضا أكبر ذو سيادة أكبر.

عمارة القرون الوسطى في أوروبا


ترجع عمارة القرون الوسطى إلى المنشآت التي بنيت في أوروبا خلال الفترة التاريخية التي امتدت بين القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين، وتشمل عمارة القرون الوسطى في آسيا وإفريقيا وأوروباو العمارة الإسلامية، بما فيها العمارة الأموية والعباسية والعمارة في الدويلات الإسلامية بعد ذلك (انظر: العمارة الإسلامية). وبالنسبة للمسيحية فقد تمركزت الحياة الروحية والفكرية في القرون الوسطى في أوروبا حول الكنيسة لذا صمم المعماريون الكنائس والأديرة والمباني الدينية الأخرى، كما صمموا القلاع والحصون والمنشآت الأخرى غير الدينية. وطور معماريو القرون الوسطى عددًا من الطرز، حيث غلب الطراز البيزنطي في أوروبا الشرقية. أما في أوروبا الغربية فكانت الطرز الرائدة هي الكارولنجي والرومانسك والقوطي. وقد سبقت هذه الأنواع الأربعة العمارة المسيحية المبكرة التي أزدهرت في الفترة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين.
العمارة المسيحية المبكرة: تطورت أثناء القرون الأولى للمسيحية عدد من الثقافات والطرز المعمارية الإقليمية في أوروبا والشرق الأوسط، ولكن معظم المعماريين النصارى الأوائل اقتبسوا كثيرًا من الرومان، واستخدموا العَقْد والقبو المعماري، واتخذوا تصميم القاعات الرومانية الكبيرة، التي كانت تُستخدم للاجتماعات العامة، كقاعدة لتصميم النوع الرئيسي من الكنائس، أي البازيليقا.
ويمكن اعتبار كنيسة القديس بطرس القديمة (بَدْءُ بنائها حوالي عام 330م) كأول وأهم بازيليقا مسيحية مبكرة، وهي تقع في نفس مكان كنيسة القديس بطرس الحالية في روما. ويدخل المصلون إلى كنيسة القديس بطرس القديمة من الجانب الشرقي، وللوصول إلى المدخل يمرون بفناء كبير مكشوف يطلق عليه الأتريوم أو البهو الروماني (فناء صحن الدار أو البهو)، ويمرون كذلك بالدهليز، ويفصل الفناء والدهليز المدينة الصاخبة عن الكنيسة الهادئة، ويشبه المسقط الأفقي شكل الحرف T، والجزء الرأسي للحرف هو الصحن الرئيسي، ويمتد ممران جانبيان على طول الصحن الرئيسي، ويشكل ذراعا الحرف T الجناح الرئيسي للكنيسة، وهناك فراغ نصف دائري يطلق عليه القوصرة، مفتوح من جهة مركز الجناح الرئيسي في الجانب الغربي للكنيسة، ويوجد في هذه القوصرة المغطّاة بنصف قبة مذبح الكنيسة الرئيسي، وفي معظم البازيليقات، تفصل الممرات والأروقة الفراغ الداخلي إلى صحن رئيسي وممرين جانبيين، ويستخدم في بناء معظم البازيليقات طوب عادي أو حجر أما من الداخل فإنها تزدان بالفسيفساء والتصوير الجصي (الفريسكو)، وتتكون الفسيفساء من قطع من الزجاج والرخام أو الحجر تُجمع معًا وتشكل صورة أو تصميمًا ما، والتصوير الجصي لوحات تنفَّذ على الجص الرطب.
العمارة البيزنطية. في عام 330 م، نقل الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة الإمبراطورية من روما إلى مدينة بيزنطة فيما يُعرف الآن بتركيا، وغيّر اسم بيزنطة إلى القسطنطينية. وفي عام 395 م، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين: الإمبراطورية الرومانية الشرقية، والإمبراطورية الرومانية الغربية. وقد سقطت الإمبراطورية الرومانية الغربية في يد القبائل الجرمانية في القرن الخامس الميلادي، ولكنّ الإمبراطورية الرومانية الشرقية بقيت وعُرِفَت بالإمبراطورية البيزنطية.
وبحلول القرن السادس الميلادي، تطور طراز فريد من الفن البيزنطي. وكانت كاتدرائية أياصوفيا بقبتها الضخمة (532 ـ 537م) في القسطنطينية أروع إنجازات العمارة البيزنطية، وقد صممها أنثيميوس أوف تراليس وإسيدروس أوف ميليتوس. واستولى الأتراك على القسطنطينية عام 1453 م، وأعادوا تسميتها فيما بعد بإسطنبول، وحولوا أيضًا كاتدرائية أياصوفيا إلى جامع. وكان التغيير الوحيد الذي قاموا به في المظهر الخارجي للمبنى هو إضافة أربع مآذن، وكان لجامع أياصوفيا قبة مركزية ضخمة ترتكز على قاعدة مربعة، وقد صار هذا التكوين سمة عامة للعمارة البيزنطية، وتحمل القبة أربعة مثلثات كروية معكوسة مبنية بالطوب، وتسمى هذه الركائز المعلَّقات. ويستطيع المعماري بناء قبة أعرض وأعلى عما كان ممكنًا عندما كانت الجدران تحمل القبة، وفي داخل أياصوفيا ممرات معقودة بارتفاع طابقين تحيط بالصحن الرئيسي، وقد زُيِّن الداخل بزخارف جميلة من الفسيفساء، وتمثل الفسيفساء أهم الزخارف في معظم الكنائس البيزنطية.
وهناك أمثلة أخرى للعمارة البيزنطية تشمل بازيليقا القديس مارك (منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) في مدينة البندقية بإيطاليا، وكنيسة القديس باسيل (1554ـ1560م) في موسكو.
العمارة الكارولنجية. سميت العمارة الكارولنجية على اسم شارلمان الذي كان ملكًا على الفرانكيين (الفرنجة) بين عامي 768 و 814 م. ومن عاصمته في موقع آخر حاليًا في ألمانيا الغربية، حكم شارلمان مساحات شاسعة شملت معظم أوروبا الغربية.
أراد شارلمان وعائلته إحياء الثقافة المسيحية المبكرة في روما، وادعى المعماريون الكارولنجيون أنهم نقلوا عمارة المسيحية المبكرة، ولكنهم غيروا في النماذج حتى تناسب احتياجاتهم، وكانت لهم إسهامات شهيرة فيما يخص تصميم الكنيسة والدير، فقد اتبع المعماريون المسقط الأفقي للبازيليقا ولكنهم أضافوا أماكن للصلاة وأضرحة مطورة وأبراجًا عالية وابتكروا أيضًا مدخلا يعرف بالعمل الغربي (وستويرك) ضم ردهة ومصلى وأبراجًا صغيرة تسمى التورتات. طوّر الرهبان الكارولنجيون مسقط الدير الذي ترتبط به الكنيسة والمكتبة والمطبخ ومرافق أخرى بممرات مغطاة.
عمارة الرومانِسك. بدأت هذه العمارة أواخر القرن التاسع الميلادي، وحققت أعظم إنجازاتها في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين. وأكثر مباني الرومانسك أهمية هي الكنائس التي صُمِّمت في إيطاليا أولاً، ثم في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإنجلترا أخيرًا.
وابتكر العلماء في القرن التاسع عشر الميلادي مصطلح الرومانسك الذي يعني: مِثْل الرومان. ويعتقد هؤلاء العلماء أن عمارة الرومانسك هي أساسًا انعكاس للتصميمات الرومانية، ومع ذلك فإن عمارة الرومانسك هي في الواقع مزيج من العمارة الرومانية والبيزنطية وأنواع أخرى. وتختلف كنائس الرومانسك نوعًا ما من بلد لآخر، ولكن معظم الكنائس تشترك في ملامح معينة، فكنيسة الرومانسك النموذجية لها جدران سميكة وأعمدة مبنية متقاربة وعقود ضخمة مقوسة، ويرتفع برج من السقف عند النقطة التي يتقاطع فيها الجناح الرئيسي مع الصحن الرئيسي للكنيسة، وتحمل البرج أربع ركائز تسمى الدعامات، وهناك عقود محمولة على أعمدة تفصل الصحن الرئيسي عن الممرين الجانبيين، وقد بُنيت شرفة داخلية تطل على الممر الجانبي المعقود تسمَّى ترايفوريم (رواق ثلاثي العقود)، ويعلو الشرفة إضاءة علوية من خلال صف من النوافذ في داخل عقود.
وخلال فترة الرومانسك، جاء كثير من الناس إلى هذه الكنائس للزيارة، وكانت مجموعات من الزوار تسافر مخترقة أوروبا وفلسطين لزيارة الكنائس التي كانت تحتوي على رفات وممتلكات بعض القديسين. وكانت الكنائس المهمة ضخمة جدًا تستطيع أن تستوعب أعدادًا كبيرة، ومثال ذلك كنيسة سانت سرنين (حوالي 1080 - 1120 م) في تولوز بفرنسا، تضم هذه الكنيسة جناحين على جانبي الصحن الرئيسي، وتفتح على الممر الدائري المحيط بالقوصرة مصليات صغيرة، ويسمح هذا المسقط للزوار بالتحرك خلال المبنى على طول الممرات دون إزعاج للمراسم التي تقام عند المذبح الرئيسي (انظر: فن العمارة الرومانسكي).
العمارة القوطية. ازدهرت في غربي أوروبا في الفترة الممتدة بين منتصف القرن الثاني عشر والقرن الخامس عشر الميلاديين. وكلمة قوطي أصلها مصطلح اشتُقَّ من كلمة تعني الرَفْض، واستخدمها الفنانون والكتاب في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، الذين أرادوا إحياء العمارة الكلاسيكة لقدماء الإغريق والرومان في أوروبا. وقد اقترن الطراز القوطي بالقوط وبالشعوب الجرمانية التي دمرت كثيرًا من الفن الكلاسيكي في القرن الخامس الميلادي، وعارض كثير من الفنانين والكتاب التصاميم القوطية المعقدة وغير المنتظمة التي اختلفت كثيرًا عن النمط الكلاسيكي المتناسق. وقد مكن نظام تشييد جديد المعماريين القوط من تصميم كنائس بجدران رقيقة ودعامات أخف من تلك التي كانت في كنائس الرومانسك، وكثير من الدعامات مكونة من مجموعات من الأعمدة بارتفاع عدة طوابق، وقد مد المعماريون القوطيون الدعامات إلى السقف، ثم قوّسوا كل عمود في شكل أضلاع مثل المظلة المفتوحة، وسدوا الفراغات بين الأضلاع بالحجر، وكانت تلك الأقبية المضلعة ضمن أهم الخصائص التي تميزت بها العمارة القوطية. وهناك مظهر آخر للطراز القوطي هو العقود المدبَّبة والاستعاضة عن أجزاء كبيرة من الجدران بنوافذ ذات زجاج ملون، وكان لمعظم الكنائس دعامات طائرة، وهي دعامات على هيئة عقود بشكل متعامد من الطوب أو الحجر تبُنى على الجدران الخارجية. نحت المثَّالون أشكال القديسين وأبطال المسيحية على أعمدة مداخل الكنيسة. وقد اعتقد النصارى في القرون الوسطى بأن هؤلاء القديسين والأبطال سكنوا مبنى الكنيسة ودعَّموه (انظر: الكاتدرائية؛ تشارتر؛ كاتدرائية نوتردام).

[2] الحضارة الغربية في العصور الوسطى (الحضارة الأوروبية تأسست على أصل الحضارة العربية )

الحضارة الغربية (تعرف أيضا بـالثقافة الغربية أو الحضارة الأوروبية)، وتشير إلى ثقافات القارة الأوروبية. تعود جذور هذه الحضارة إلى أكثر من 9000 سنة قبل الميلاد، حيث اكتشفت حرفة الزراعة عند ضفاف أنهار الفرات, دجلة, والأردن, ومنها انتشرت إلى القارة الأوروبية, مما أدى إلى إنشاء وتطوير أولى المدن, الدول والامبراطوريات في العالم[1]. ومع ذلك, فإن الثقافة الأوروبية المتطورة ضمن الحدود الجغرافية للقارة بدأت من اليونان ثم قويت وانتشرت على يد الرومان, وبعدها اعيدت صياغتها وطورت خلال عصر النهضة في القرن الخامس عشر, وفي النهاية نشرت عالميا على يد الإمبراطوريات الاستعمارية والتي نشرت ثقافة ونمط حياة الأوروبيين خلال فترة القرن السادس عشر والقرن العشرين. تطورت تلك الثقافة لتشمل مجالات متكاملة من الفلسفة ومن طرق التربية والتعليم خلال العصور الوسطى, ومن تطور الديانة المسيحية بشكل خاص وازدهار العلوم الإنسانية. شمل أيضا تطور جذري في طرق التفكير المنطقي شملت انفتاح العقل والتنوير وظهور مبادئ ومصطلحات جديدة مثل ديمقراطية، رومانسية، العلم وتطور النظام الاجتماعي وغيرها. وبفعل الانفتاح العالمي، فإن الثقافة الغربية قد تواصلت مع ثقافات أخرى مما أدى إلى تأثر متبادل بينهم.
مصطلح "الثقافة الغربية" يستعمل للإشارة إلى مجموعة التراث الثقافي التي تشمل المبادئ الاجتماعية والأخلاقية، العادات والتقاليد المحلية والمعتقدات الدينية, الأنظمة السياسية ومجموعة الأثار والأعمال التاريخية وأيضا التقنية منها. الثقافة الأوروبية تقوم على عدة أسس أهمها[2]:
  • النتاج الثقافي لحضارات الإغريق والرومان وعصر النهضة، وتشمل الأعمال الفنية, الفلسفية, الأدبية, مجموعة القوانين والتقاليد الشعبية. تشمل أيضا التأثير الثقافي المكتسب من هجرة الجماعات العرقية الأخرى المكونة للقارة مثل السلاف، الالمان، الغجر وغيرهم من الشعوب وتأثير العالم الإسلامي المباشر على تلك الثقافات.
  • تأثير الثقافة المسيحية الإنجيلية في طرق العيش اليومية من الإيمان الروحي، الأسرة والملبس والمأكل والعادات والتقاليد الشعبية إضافة إلى مبادئ الأخلاق، بالأخص في فترة ما بعد العصور الوسطى كما وشكلت حياة وتعاليم يسوع والتي مصادرها الرسميّة الكتاب المقدس أساس عقيدة المسيحية، وأحد أهم المؤثرات على الحضارة الغربية بمختلف فروعها،[3] سيّما الوصايا العشرة.[4][5]
  • تأثير ثقافة أوروبا الغربية والتي تشمل التأثير الفني، الموسيقي، الفلكلوري، الأخلاق والعادات المتناقلة شفويا خاصة في العصر الرومانسي.
هذا المصطلح يشير للدول التي أثرت بشكل كبير على تلك الحضارة ولكن بالأخص على تلك التي شكلت أمبراطوريات وقامت باحتلال أو استعمار مناطق أخرى من العالم مثل الأمريكيتين وأستراليا ولكنها ليست حصرا بدول أوروبا الغربية.
أصل استخدام المصطلح

في فترة العصور القديمة, لم تكن الحضارة الغربية ذات تميز أو أثر واضح, بحكم أنها تطورت من الشرق الأوسط وبلاد اليونان فإن أثر تلك المناطق كان أكبر[6]. الحضارة الإغريقية لم تكن مختلفة كثيرا عن حضارات جيرانها مثل شعب منطقة الأناضول, وكانت منتشرة خاصة بعد حملات الإسكندر الأكبر في العالم القديم ومن ثم ظهور اللإمبراطوريات الرومانية ومن ثم البيزنطية التي تتصف بطابعها الديني المسيحي, حتى فترة ظهور الإسلام حيث سقطت معظم تلك الامبراطوريات بيد المسلمين وتراجع تأثير تلك الحضارة اليونانية بشكل واضح.
في أواخر القرن العشرين, وبعد ظهور مصطلح مثل "العولمة" (بالإنجليزية: globalism), أصبح من الصعب تصنيف كل ثقافة وحضارة وتحديد مكان الأفراد فيها وأصبحت ثقافات الشرق في خلاف مع الغرب حول طرق التصنيف ونسبيتها وانتقاد بعضها البعض في هذه القضية[7][8]. بعد نهاية الحرب الباردة, قام مصطلح العولمة بنشر الأفكار الغربية حول العالم حيث كل الدول المتقدمة تقريبا أصبحت مصدر تلك الأفكار التي هي بدورها قد تبنتها من العصور السابقة.مما أدى إلى نشوء مصطلحات جديدة تقسم العالم إلى مناطق حسب التطور منها مصطلح "الاستغراب" (Occidentalism) الذي يشير إلى "الغرب" كدول متقدمة وهو عكس مصطلح الاستشراق (Orientalism) المشير لدول "الشرق" والذي استخدم خلال القرن التاسع عشر واصفا لدول تلك المنطقة.
جغرافيا, العالم الغربي اليوم يمكن أن يشير إلى الدول الأوروبية الكاثوليكية والبروتستانتية, كما يضم دول م وراء البحار والناطقة باللغات الإنجليزية, الفرنسية, الإسبانية, والبرتغالية. وقد يشمل حيانا فقط بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية[9]
تاريخيا


الحضارة الغربية ليس ثابتة أومستقرة, بل تتغير ويعاد تشكيلها مع الزمن مثل باقي الحضارات. يختلف التنظيم والبناء السياسي عند الإغريق في العديد من النواحي عن مثيلتها في حضارة الرومان, وتأثير المدن الإغريقية القديمة يختلف عن تأثير الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة في الوقت الحاضر من ناحية السياسة. تغير وسائل الترفيه بين الحضارات حيث كانت العاب المصارعة شعبية في روما القديمة, وفي الوقت الحاضر حلت العاب أخرى مثل كرة القدم مكان المصارعة كوسيلة للترفيه الرياضة. وغيرها من الاختلافات التي تظهر في الحضارات مع مرور الزمن.
مفهوم "ما هو الغرب؟" نشأ بعد تفكك الإمبراطورية الرومانية الغربية والإمبراطورية البيزنطية إلى دوليات أصغر, ولاحقا بظهور مفهوم العالم المسيحي وظهور الإمبراطورية الرومانية المقدسة. في الوقت الحاضر, الفكرة العامة عن الثقافة الغربية تشمل مفاهيم مثل العالم اليونانو-روماني والعالم اليهودي-المسيحي بالإضافة لأفكار عصري النهضة والتنوير.


الغرب في العصور القديمة


كان الغرب يتشكل في العصور القديمة من حضارات وشعوب الإغريق, الرومان, الكلتيون والجرمان.
الصراع بين عالمي الغرب والشرق قد ظهر في الأعمال القديمة لهوميروس مثلا بوصفه حروب الإسكندر الأكبر وحروب شعوب اليونان ضد إمبراطورية الفرس, كأحد نماذجه الفكرية في وصف ذلك المفهوم. اعتبر شعب الإغريق نفسه مثالا للتحضر حسب وصف أرسطو, وبأنهم يمثلون تطورا للإنسان الربربي الهمجي لكن في الوقت نفسه ذو تواضع وذو حس مرهف الذي يمثل الشرقيين. شكلت العلوم والفنون اليونانية النواة المكونة للإمبراطورية الرومانية والتي انتشرت في أنحاء القارة الأوروبية, وبعدها وبظهور المسيحية وخاصة الأورثوذوكسية منها تم تأكيد ذلك المفهوم الذي وضعه أرسطو آنذاك.
بعد خمسمئة عام, قامت الإمبراطورية الرومانية بالمحافظة على أسس ثقافة اليونان الشرقية, وطورت الثقافة اللاتينية الغربية, لكن الفصل بين العالمين الغربي والشرقي ظل قائما مما ظهر تأثيره واضحا على ثقافات ولغات شعوب المنطقتين. فكرة الديمقراطية بقيت قائما في الفكر والأدب الروماني على الرغم من أن روما قد فقدت صفة الديمقراطية مثل باقي الحواضر اليونانية القديمة, وتبنيت نظام الإمبراطورية بمثابة حل سريع للمشاكل السياسية الداخلية في روما.
لكن سرعان ما أصبحت فكرة الإمبراطورية سببا بانقسامها لقسمين شرقي متطور ومزدهر وغربي متخلف, مما أوجد العديد من الاختلافات في وجهات النظر وسرعان ما ظهرت تصنيفات قسمت العالم لمعروف آنذاك لثلاثة مجموعات: قسم شمالي (شعوب الكلت والجرمان), قسم شرقي (يمثل التطور والازدهار) وقسم جنوبي (يتصف بالتخلف والخطورة ويشمل معظم المناطق المتخلفة وفي بعض الأحيان لإفريقيا), القسم الغربي كان يتصف بالهدوء ويشمل فقط منطقة البحر المتوسط. بعد ظهور المسيحية وانتشرها اوساط العالم الروماني, معظم العادات والتقاليد الرومانية تشربت الديانة الجديدة, مما يجعلها بمثابة نواة للحضارة الغربية اللاحقة وخاصة بعد سقوط نظام الإمبراطورية في روما.

الغرب في العصور الوسطى


كان يطغى على الغرب طابع المسيحية في فترة العصور الوسطى, بالإضافة لطابعه "اللاتيني" و"الفرنجي" ذو الديانة الكاثوليكية, حيث الشرق كان بقي على وضعه كإمبراطورية أورثوذوكسية ذات اللغة اليونانية كلغة رسمية. وبعد تنصيب شارلمان ملكا على الجزء الغربي, عرفت المنطقة باسم بلاد الفرنجة من قبل جيرانهم البيزنطيين والمسلمين.
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية في روما, كانت معظم الأعمال الأدبية والفنية اليونانو-رومانية في خطر الزوال, وكانت محصورة في منطقة إيطاليا وبلاد الغال, مما يجعلها مركز الغرب الجديد. عانت أوروبا من الانقسام السياسي وظهور الممالك والإمارات, وتحت سلطة الملك, ظهر نظام الإقطاعية كمظهر من مظاهر ذلك العصر. نصب شارلمان أمبراطورا على الروم من قبل البابا عام 800, تخلل فترة حكمه ظهور أفكار النهضة, وإحياء الفن, الدين والأدب في مركز الكنيسة الكاثوليكية. عبر سياسة شارلمان الداخلية والخارجية, ساعد على إعادة تشكيل الغرب وإضافة السمات المميزة للعصور الوسطى. عرف من قبل الفرنسيين باسم "شارل الأول", في ألمانيا باسم "كارل الأكبر" (بالألمانية: Karl der Große) ورأس الإمبراطورية الرومانية المقدسة. وبإعادة الإمبراطورية الرومانية الغربية للحياة من جديد, شكلت خطرا على جارتها الشرقية, ووترت العلاقة بين القسطنطينية وروما.
الكثير من أسس العالم ما قبل الروماني الثقافية كانت موضوعة قبل سقوط إمبراطورية روما القديمة, وقد تم إعادة تشكيلها من قبل المسيحية. حيث حلت المسيحية مكان ديانات روما الوثنية في القرنين الخامس والسادس وأصبحت الدين الرسمي للإمبراطورية وذلك بعد تعميد الإمبراطور قسطنطين الأول, وكانت سببا في توحيد أبناء شعب الإمبراطورية الغربية[10]. أصبحت العلوم والفنون والأدب تدرس حصرا في الكنيسة[11], مما شكل أحد أسباب عدم اندثارهم. أسست الكنيسة العديد من الأديرة, الكاتدرائيات, الجامعات ومدارس علم اللاهوت في فترة القرون الوسطى وحيث العديد منها قد بقيت حتى الوقت الحاضر[12]. في ذلك الوقت, كانت الكنيسة الوسيلة للعديد من الرجال للوصول إلى السلطة ولمراكز القوة, مما يدل على تأثير سلطة الكنيسة الواسع في أوروبا آنذاك[13]
في الجانب الآخر, وفي ظل تطور فلسفة العقل في اليونان وتأثير الديانات التوحيدية في بلاد الشام وخاصة الإسلام. بدأت قوة العالم الإسلامي الثقافية تؤثر على أوروبا, وبعد انحسار الاهتمام بالعلوم والآداب اليونانية في أوروبا خاصة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية, وفي البقاع لتي اعتنقت المسيحية سابقا لكنها لم تكن تحت سلطة الإمبراطورية مثل إيرلندا[14]. على أي حال, قام الإمبراطور الشرقي جستنيان الأول (آخر الأباطرة الشرقيين الذين تكلموا اليونانية كلغة رسمية) قد أغلق الأكاديمية عام 529, حيث يتخذ عادة هذا التاريخ كنهاية العصور القديمة, وقد تمت المحافظة على التاريخ القديم الكلاسيكي من الإمبراطورية البيزنطية وخاصة في العاصمة القسطنطينيةو التي صمدت لألف عام, وذلك قبل سقوطها بيد الأتراك العثمانيين. تمت الحفاظ على العمل بقانون جستنيان وخاصة في إدارة العلاقات التجارية والسياسية بين القسطنطينية ودول وممالك الغرب مثل البندقية. تم الحفاظ على الثقافة اليونانية والتوسع بها حتى بعد ازدهار الثقافة الإسلامية, والذي حلت تدريجيا محل التأثير الروماني-البيزنطي على مناطق البحر المتوسط, الشرق الأوسط, شمال إفريقيا وإيبيريا, وقد امتدت حتى حدود اليونان والتي أصبحت الثقافة المسيطرة على تلك المنطقة. في مناطق العالم الغربي البعيدة, تمت إعادة الاعتبار للثقافات اليونانية والرومانية القديمة خاصة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية وذلك من قبل بعض المؤرخين ودعاة الدين المسيحي الإيرلنديين[14] مثل القديس كولومبا عن طريق نشر الدين المسيحي والتعاليم باللغة اللاتينية خلال أوائل فترة العصور الوسطى, وبفضل البيزنطيين والمسلمين أواخر فترة العصور الوسطى ومن خلال عصر النهضة.

في بداية العصور الحديثة, بدأ الصراع بين الغرب والشرق يضعف, بدأت المسيحية تفقد مكانتها وأهميتها كديانة. بدأ الأوروبين بالتواصل مع شعوب العالم الأخرى, والمفهوم القديم للعالم الغربي تغير حتى وصل لوضعه الحالي. في أوائل العصر الحديث, بدأ عصر الاستكشاف من قرون السادس والسابع عشر بالتحول إلى عصر التنوير وذلك حتى أواخر القرن الثامن عشر, وقد تميز هذان العصران بتطور قدرات لأوروبيين العسكرية وصناعة الأسلحة. جعل هذا الاختلاف الكبير بينهما العالم الغربي كموطن للعلوم وقيام الثورات الصناعية والتقنية. انتشرت أيضا أنظمة السياسة الغربية حول العالم. في بداية القرن التاسع عشر بدأ ما يسمى بـ"عصر الثورات" (بالإنجليزية: "Age of Revolution") وظهور الإمبراطوريات العالمية والتقدم التقني والعلمي الهائل, بالإضافة إلى الصراعات الدموية في شتى بقاع الأرض والتي امتدت حتى القرن العشرين.

باكتشاف أوروبا للعالم كله, تغيرت بعض المفاهيم الجغرافية, فبعد أن كان العالم الإسلامي معروفا بكونه يمثل "الشرق", أصبح يعرف بمصطلح "الشرق الأدنى" وذلك بعد اكتشاف الأوروبيين مناطق مثل الصين في فترة حكمها من قبل سلالة تشينغ واليابان المحكومة من قبل حكومتها المستنيرة خلال القرن التاسع عشر[19]. خلال فترة الحرب اليابانية الصينية الأولى بين عامي 1894-1895, تم تحديد مصطلح "الشرق الأقصى" وبسقوط الإمبراطورية العثمانية في تلك الفترة حدد معنى "الشرق الأدنى"[20]. مصطلح "الشرق الأوسط" استعمل أواسط القرن التاسع عشر شاملا مناطق نفوذ الإمبراطورية العثمانية السابقة وكمناطق غرب الصين, شبه القارة الهندية وفارس العظمى, لكن في الوقت الحاضر يماثل مصطلح "الشرق الأدنى".

بعد زوال الإمبراطوريات الغربية السابقة, إعتبرت الديمقراطية وحرية التعبير أحد مميزات الحضارة الغربية الحالية والتي تميزهم عن جيرانهم الشرقيين[21]. تطورت فكرة فصل الدين عن الدولة أواخر العصور الوسطى وفي بدايات العصور الحديثة, مما مكن عملية فصل سلطات الدولة بعضها عن بعض, مما يجعل الديمقراطية بمفهومها الغربي مختلفة عن باقي الديمقراطيات بشكل عام.
بالمقارنة مع عدة ثقافات أخرى, فإن الثقافة الغربية ترفع مرتبة الفرد وتحترم حقوقه. على كل حال يبقى هذا المفهوم غير مطبق بشكل عملي ويبقى نظريا. لكن وبمجرد اختلاف آراء الفرد ومطالبه عن مصالح المجتمع ككل, تم تفسيرها بطريقة غير مفهومة أو خاطئة مما يجعل قبول الفرد بين بناء المجتمع يبقى معلقا بنتيجة تقبل أحدهما أفكار الآخر. وقد تغير هذا الوضع عند مختلف طبقات المجتمع, وكنتيجة عن ذلك ظهرت العديد من الحركات الاجتماعية والثقافية التي أثرت في المجتمع والتي بقيت حية حتى الوقت الحاضر.
يقوم المجتمع الغربي بتشجيع الأفراد على الابتكار والإبداع والتعبير عن آرائهم بحرية, مما يؤدي إلى تطور الفنون وعلوم التقانة بشكل واضح. علاوة على ذلك, تشجع الرأسمالية إيديولوجية الأفراد بشكل كبير وذلك في كل الدول الغربية تقريبا[22].
تبنت الحكومات الغربية في الوقت الحاضر نموذج المجتمع الاقتصادي الليبرالي والرأسمالي والتي تتصف بتعدد الأحزاب السياسية, والنظام الرئاسي والبرلماني أو حتى نظام مجلس الشيوخ (في بعض الدول) والتي تعمل بنظام الانتخابات والتي بشكل عام تلخص معنى كلمة "ديمقراطية" والتي تقوم بتفضيل آراء الأغلبية عندما يتم وضع القوانين وتقرير القرارات التي تهم الدولة.

أثرت معظم العناصر المكونة للثقافة الغربية على ثقافات العالم أجمع. قام شعوب الثقافات الغربية وغير الغربية بإرفاق مصطلح "الحداثة" (بالإنجليزية: modernization) (أي تبني التطور العلمي والتقني) بمصطلح "التغريب" (بالإنجليزية: westernization) (تبني الثقافة الغربية). اقترح بعض أفراد المنتميين للثقافة الغربية الفصل بين مفهوم الحداثة والقيم السلبية للحضارة الغربية والتي تتناقض مع القيم والمميزات التي تميز تلك الحضارة بمنظورهم الشخصي. القيم السلبية برأيهم تشير للإمبريالية وتقوض مبادئ الحرية, ويجب معاملة جميع الثقافات والحضارات بصورة متكافئة, وهذه الفكرة موجودة في الفلسفة الغربية.
الذي لا خلاف فيه هو أن صور التقدم التقني والتطور والمفاهيم الاجتماعية التي تحدد مفهوم "الحداثة" قد تطور في العالم الغربي.

التأثير العالمي

أثرت معظم العناصر المكونة للثقافة الغربية على ثقافات العالم أجمع. قام شعوب الثقافات الغربية وغير الغربية بإرفاق مصطلح "الحداثة" (بالإنجليزية: modernization) (أي تبني التطور العلمي والتقني) بمصطلح "التغريب" (بالإنجليزية: westernization) (تبني الثقافة الغربية). اقترح بعض أفراد المنتميين للثقافة الغربية الفصل بين مفهوم الحداثة والقيم السلبية للحضارة الغربية والتي تتناقض مع القيم والمميزات التي تميز تلك الحضارة بمنظورهم الشخصي. القيم السلبية برأيهم تشير للإمبريالية وتقوض مبادئ الحرية, ويجب معاملة جميع الثقافات والحضارات بصورة متكافئة, وهذه الفكرة موجودة في الفلسفة الغربية.
الذي لا خلاف فيه هو أن صور التقدم التقني والتطور والمفاهيم الاجتماعية التي تحدد مفهوم "الحداثة" قد تطور في العالم الغربي.

الثقافة والفنون


بعض الخصائص الثقافية والفنية تميز الحضارة الغربية من الحيث الشكل والأصل. الرقص, الموسيقى, الفنون البصرية, القصص ,الروايات, فن العمارة والعلوم الإنسانية, كلها قد عبر عنها بطرق مميزة لهذه الحضارة.
يعود منشأ كل من السيمفونية, كونشرتو, سوناتا, الأوبرا, وأوراتوريو إلى إيطاليا, كما أن العديد من الآلات الموسيقية المستعملة حول العالم قد طورت في الثقافة الغربية ولاسيما الآت البيانو, الكمان, قيثارة, ساكسفون, وغيرها من الالات النفخية والوترية, كما تطورت أيضا طرق العروض الموسيقية من عزف منفرد على آلة مثل البيانو, الأوركسترا أو رباعي وتري.
يعتبر فن رقص الباليه مميز للحضارة الغربية[23], كما انه تعتبر صالة الرقص من ابتكارات هذه الحضارة, كما انه عرف لديها العديد من فنون الرقص الشعبية مثل البولكا, الرقص الرباعي, رقص الخطوة وغيرها.
تاريخيا, أنواع الموسيقة المعروفة لدى الحضارة الغربية تتلخص في الموسيقى الفولكلورية, الجوقة, الكلاسيكية, الريفية, روك أند رول, الهيب هوب والإلكترونيكا.
بما أن الملاحم التاريخية مثل المهابهاراتا وإلياذة هوميروس تميز العصور القديمة والمعروفة حول العالم, يعتبر أدب الرواية من أنواع سرد القصص الحديثة التي نشأت في الغرب[24] في فترة أعوام 1200 حتى 1750. فن التصوير الضوئي والصور المتحركة قد نشأت أيضا في الغرب مكونة نمط جديد من الفنون. "أوبرا الصابون" قد نشأت في الولايات المتحدة في مطلع الثلاثينات, وتعتبر شكل تقليدي لفن السرد القصصي الذي كان تذاع على الراديو ثم نقلت على التلفزيون, وتعتبر أول شكل من أشكال المسلسلات الحديثة, وسميت بهذا الاسم نسبة لشركات التنظيف والصابون التي كانت ترعى العمل الفني آنذاك. ازدهر فن الأغنية المصورة أيضا في الغرب في منتصف الثلاثينيات.
تطور أيضا فن العمارة في الغرب بشكل لافت, حيث طور الفن الإغريقي والروماني من حيث استعمال الأعمدة والمداخل القديمة في العمارة الحديثة, طور الفن الرومانسكي, القوطي, الباروكي, والفيكتوري بشكل ملفت وبقي مستعملا حتى الوقت لحالي. يميز العمارة الغربية استخدامها للأشكال البسيطة, الخطوط والمنحنيات والأشكال المتعددة, واستخدام المسطحات بدون زخرفة. شكل مميز من العمارة الغربية والذي يعتبر من أهم اشكالها هو ناطحات السحاب التي نشأت في مدن مثل شيكاغو ونيويورك.
يعتبر يان فان آيك مطور فن الرسم الزيتي, كما ان فن التصوير المجسم وتطوير الفن الزيتي قد تطور في مدينة فلورنسا[25]. في الفن, يعتبر التشابك من مميزات الفن الغربي. يعتبر تصوير الذكر أو الانثى بأجساد عارية في لوحات أو في النحت أحد المكونات الفنية المهمة. فن البورتريه الواقعي يحظى بمكانة مهمة في الفن الغربي. المؤدون في الفنون الأخرى مثل الرقص, الموسيقى, المسرحيات وغيرها غالبا لا يقومون باخفاء هويتهم كما كان يستخدم من قبل, وقد تم تجاوز المواضيع الحساسة مثل الدين الو الجنس والذي كان يحظر الخوض فيها في الفن القديم.
بدأت الموسيقى الشعبية بالانتشار بفضل الأمريكيون الأفارقة عن طريق موسيقى الجاز والبلوز, حيث وضعت الأسس للموسيقى الشعبية المعروفة حاليا, مضيفين انماط موسيقية جديدة مثل ريذم أند بلوز. فانك وهيب هوب وبينما ادخل البريطانيون أنواع جديدة من الموسيقى خاصة الروك آند رول والهيفي ميتال. من جامايكا ادخلت موسيقى السكا والريغي. عرفت من منطقة الكاريبي موسيقى السالسا والباتشاتا واحدثهم الريغيه تون, وقد عرفت في بلدان مثل الدومينيكان, كوبا, وبنما متأثرة بالأنغام الإفريقية[26]. وتم تطوير تلك الأنماط في رحاب الحضارة الغربية وتم ابتكار انماط جديدة من تداخل انماط قديمة.نمط آخر منتشر بكثرة في تلك الحضارة موسيقى التانغو الأرجنتيني والأوروغوايي والسامبا, انتشرت أيضا الموسيقى الإلكترونية وموسيقى العزف المنفرد.

الدين

نشأت المسيحية عام 27 من جذور مشتركة مع اليهودية وتعرضت للاضطهاد من قبل الامبراطورية الرومانية، لكنها أصبحت في عام 380 الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية، فشاركت بشكل معقد في السياسة الأوروبية ولا يزال تأثيرها السياسي راسخ حتى اليوم في العالم الغربي، وكانت تعاليم يسوع المسيح والوصايا العشرة مصدر الهام للقوانين الغربية وذات تأثير أخلاقي على الفكر الغربي،[27] وشكلّت تعاليم يسوع والكتاب المقدس حجر أساس الحضارة الغربية،[3] وتركت بصمة واضحة على الفلسفة الغربية. تعاليم يسوع، مِثل مَثل السامري الصالح، تعد اليوم مصدرًا مهمًا لمفاهيم حقوق الإنسان.[28] وكان أيضًا لتعاليم المسيحية ولاهوتها أثر على الزواج والحياة الجنسية، كذلك فللمرأة نصيب من المسيحية فقد رفعت الكنيسة من قيمتها وزادت من تأثيرها على المجمتع، فللمرأة دور بارز في تاريخ المسيحية،[29] ورفضت الكنيسة وأد الأطفال وحاربت ظاهرة العبودية[30] ورفضت الطلاق، وسفاح المحارم، والمثلية الجنسية وتعدد الزوجات، وتنظيم النسل والإجهاض والخيانة الزوجية.[31] وقد لعبت الديانة المسيحية دورًا رئيسيًا في تشكيل أسس وسمات الثقافة والحضارة الغربية كما وأثرت المسيحية، بشكل كبير على المجتمع ككل بما في ذلك الفنون واللغة والحياة السياسية والقانون وحياة الأسرة والموسيقى وحتى طريقة التفكير الغربية تلونت بتأثير المسيحية ما يقرب من ألفي سنة من تاريخ العالم الغربي،[32] كما كانت مصدرا رئيسيًا للتعليم فقد تم تأسيس العديد من الجامعات في العالم من قبل الكنيسة،[33] والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية وكذلك كان للمسيحية دور رائد في رعاية وتطوير العلوم.[34][35] ولها تأثير واضح في العمارة فقد أنتجت كاتدرائيات التي لا تزال قائمة بين مآثر وروائع الهندسة المعمارية الأكثر شهرةً في الحضارة الغربية. لقد كان دور المسيحية في الحضارة متشابكًا بشكل معقد في تاريخ وتشكيل أسس المجتمع الغربي. كما فإن جزء كبير من تاريخ الكنيسة مرتبط بالغرب.

تاريخ الكنيسة أو المسيحية هو تاريخ الحضارة الغربية، فقد أثرت المسيحية بشكل كبير على المجتمع ككل بما في ذلك الفنون واللغة والحياة السياسة وحياة الأسرة والموسيقى وحتى طريقة التفكير الغربية تلونت بتأثير المسيحية. ولذا فإن دراسة تاريخ الكنيسة يلبث اليوم موضوعًا هامًا جدًا.[32]
في العصر الحديث تراجعت الديانات في أوروبا الغربية وظهور حركات مثل اللاأدرية الإلحاد حيث تقريبا 18.2% سكان الدول الغربية لم يتبعوا دين واتبعوا الحركات المذكورة سابقا,[36] فشكلو نسب من سكان دول المملكة المتحدة (~25%),[37] ألمانيا (25-33%),[38] فرنسا (22-35%),[39][40][41] وهولندا (39-44%) في حين أن في الولايات المتحدة حافظت الديانة على وجودها القوي فشكل المتدينون نسبة (75-85%) من سكان البلاد[42], كما هو الحال في معظم دول أميركا اللاتينية. ومع ذلك فما تزال الديانة المسيحية الديانة السائدة في العالم الغربي وما يزال غالبية الأوروبيون يعرفون انفسهم كمسيحيون حيث يشكل معتنقي الديانة المسيحية في أوروبا حوالي 75.18%، وفي أمريكا الشمالية 85% ؛ أمريكا الجنوبية 93% وأوقيانوسيا 73.36%.[43]


[3]طبقات المجتمع الأوروبي قبل القرن19

طبقات المجتمع الأوروپي، تشير لطبقات المتجمع الممثلة في شكل هرمي، المعترف بها في العصور الوسطى والفترة المعاصرة المبكرة في أوروپا المسيحية؛ وتنقسم أحياناً إلى ثلاثة طبقات: رجال الدين، النبلاء، والعامة، وعادة ما كان يشار إليهم في العصور الوسطى حسب ترتيب الأهمية (كترتيب هرمي كما أمر الله) الطبقة الأولى، الثانية، والثالثة بالترتيب. في هذا التريب، رتب الله الكهنوت، والذي ترجع أهمية لترتيب الملوك والنبلاء، الذين حازو على امتيازات أكثر من تلك التي حازها المرموقين من العامة، أو البرجوازيين؛ ومن هنا جاءت الاشارات المتكررة لفلاحي أوروپا على أنهم "الطبقة الرابعة" — وإن كان يعتقد أنهم كانوا لا يمتلكون أي سلطة في نظر الآخرين. الأفراد الذين وُلدو في طبقتهم، وكان تغير وضعهم الاجتماعي بطيئ، هذا إن حدث. كانت كنيسة العصور الوسطى هي الاستثناء، والتي كانت المؤسسة الوحيدة التي يمكن للرجال (والنساء) الوصول إليها، مرة واحدة في العمر، حيث كانت أعلى منصب في المجتمع.
مملكة فرنسا

انت المجتمع الفرنسي تحت النظام القديم (قبل وقوع الثورة الفرنسية) ينقسم إلى ثلاث طبقات: الطبقة الأولى (رجال الدين)؛ الطبقة الثانية (النبلاء)؛ والطبقة الثالثة (العامة). وكان الملك لا ينتمي لأي طبقة من هذه الطبقات.
كان عدد سكان فرنسا التي عاد إليها ڤولتير 1727، نحو تسعة عشر مليوناً من الأنفس، مقسمة إلى ثلاث طبقات: رجال الدين والنبلاء، ثم الطبقة الثالثة التي تضم بقية الشعب. وإذا أردنا أن نفهم الثورة الفرنسية فلا بد لنا من أن ندرس كل طبقة منها دراسة دقيقة. [1]

الطبقة الأولى: رجال الدين

كانت الكنيسة الكاثوليكية قوة أساسية ذات وجود بارز في كل ركن في الحكومة. وقدر رجال الدين الكاثوليك في فرنسا بنحو 260 ألفاً في 1667، 20 ألفاً في 1715. 94 ألفاً في 1762. وهذه الأرقام كلها من قبيل التخمين، ولكن قد نفترض انخفاض هذا العدد بنسبة 30% في القرن الثامن عشر، على الرغم من تزايد عدد السكان، وحسب لاكروا أن فرنسا كان فيها عام 1763، 18 رئيس أساقفة، 109 أساقفة، 0 ألف قسيس، 0 ألف مساعد قسيس، 7 ألف كاهن، 0 ألف كاتب (من رجال الدين)، ومائة ألف راهب وراهبة وعضو أخوية دينية، ومن بين 740 ديراً كان هناك 625 ديراً يتولى شئونها مساعدو رؤساء أديار، لمصلحة رؤساء أديار متغيبين عنها وكانوا يتمتعون باللقب وبنصف أو ثلثي دخل الدير، دون أن يكون مطلوباً منهم أن يحيوا حياة كنسية.
وكان رجال الدين الأعلى مرتبة يشكلون من الوجهة العملية فرعاً من النبلاء، وكان الملك يعين كل الأساقفة، عادة، بناء على ترشيح السادة الإقطاعيين المحليين، على شرط موافقة البابا. ورغبة من الأسرات ذوات الألقاب في عدم تفتيت ممتلكاتهم بالتوريث، كفلت لصغار أبنائها المناصب الأسقفية ومناصب رؤساء الأديار، حتى أنه في 1789 لم يكن من بين المائة والثلاثين أسقفاً في فرنسا إلا واحداً فقط من الأفراد العاديين غير ذوي الألقاب. وأدخل أبناء الأسرات العريقة هؤلاء معهم إلى الكنيسة عاداتهم الني درجوا عليها في التمتع بترف الدنيا وزخرفها. ومن ذلك أن الأمير الكاردينال إدوارد دي روهان كان في القداس يرتدي ثوباً كهنوتياً له حواش من المخرمات المعقودة، قدرت قيمته بمائة ألف جنيه، وكانت أدوات مطبخه من الفضة الخالصة. وفسر رئيس الأساقفة ديللون دي ناربون للويس السادس عشر، السبب في أنه أي رئيس الأساقفة، استمر في ممارسة الصيد بعد أن حرمه على رجال الدين في أسقفيته، بقوله "مولاي إن رذائل رجالي من عند أنفسهم، ولكني ورثت رذائلي أنا عن أسلافي لقد انقضى العصر الزاهر لرجال الكنيسة-من أمثال بوسويه وفينلون وبوردللو-وأفسح المرح الأبيقوري الصاخب في عهد الوصاية المجال أمام رجال مثل ديبو أوتنسان للترقي في مناصب الكنيسة على الرغم من انغماسهم في ملذات الصيد بنوعيه، اقتناص الحيوان واصطياد النساء. وقضى كثير من الأساقفة معظم حياتهم في فرساي أو باريس، مشاركين البلاط الملكي بهجته ومسراته ومباذله، فاحتفظوا بقدم في الآخرة وقدم في الدنيا، ولم ينسوا نصيبهم من متاعها.
وكان للأساقفة ورؤساء الأديار حقوق السادة الإقطاعيين وواجباتهم، حتى إلى حد تقديم ثور لخدمة أبقار فلاحيهم. وكانت ممتلكاتهم الشاسعة، التي كانت تضم أحياناً مدن بأسرها، تدار كما تدار الممتلكات الإقطاعية. وكان جزء كبير من مدينة فرن ومعظم الأرض المحيطة بها ملكاً للأديار، وفي بعض الكوميونات (وحدات التقسيم الإداري)، عين الأسقف كل القضاة والموظفين، وهكذا عين رئيس أساقفة كمبري الذي كان السيد الأعلى على منطقة تضم 75 ألفاً من السكان كل رجال الإدارة في كاتوكمبرسيس، ونصفهم في كمبراي. وعمر نظام الرقيق لأطول فترة في ضياع الأديار وكان للكهنة في سان كلود في جبال جورا اثنا عشر ألفاً من الرقيق، وقاوموا بشدة الانتقاص من الخدمات الإقطاعية. وارتبطت حصانات الكنيسة وامتيازاتها بالنظام الاجتماعي القائم، كما جعلت لهيئة الكنيسة أقوى تأثير محافظ على القديم يناهض أي تغيير في فرنسا.
وجمعت الكنيسة سنوياً، مع شيء من الاعتدال ومراعاة الظروف، العشور من نتاج كل مالك أرض وماشية، ولكن هذا نادراً ما كان العشر في الواقع، بل كان في الكثير الغالب جزءاً من اثني عشر، وأحياناً جزءاً من عشرين. وبهذه العشور، بالإضافة إلى الهبات والوصية والتوريث، وبدخل العقارات الثابتة، احتفظت الكنيسة بكهنة أبرشياتها فقراء معوزين على حين عاش الأساقفة مترفين منعمين. وأغاثت الكنيسة المحتاجين المعدمين وعلمت الصغار ولقنتهم مبادئها. وفي المقام التالي بعد الملك وجيشه، كانت الكنيسة أقوى وأغنى سلطة في فرنسا. وكانت تمتلك، طبقاً لمختلف التقديرات، ما بين 6% 0% من الأرض، وثلث الثروة. وكان دخل أسقف سنس السنوي 70 ألف جنيه، وأسقف بوفيه 90 ألفاً، ورئيس أساقفة روان 100 ألف، ورئيس أساقفة ناريون 190 ألفاً، ورئيس أساقفة باريس 200 ألف، أما رئيس أساقفة ستراسبورج فقد أربى دخله السنوي على المليون من الجنيهات. وكان رأس مال كنيسة بريمونتريه بالقرب من لاؤون 45 مليوناً من الجنيهات. أما الاخوة الدومنيكان البالغ عددهم 236 في تولوز فقد بلغت مقتنياتهم من الأملاك الفرنسية والمزارع في المستعمرات ومن الرقيق الأسود ما قدرت قيمته بعدة ملايين من الجنيهات أما رهبان سانت مور فقد بلغت قيمة ممتلكاتهم 24 ملوناً من الجنيهات تدر ثمانية ملايين في العام.
ولم تدفع الكنيسة أية ضرائب عن شيء من ممتلكاتها أو دخلها، ولكن كبار رجال الدين كانوا يقررون بصفة دورية في المجامع الوطنية إعانة اختيارية للدولة. وفي 1773 بلغت هذه الإعانة ستة عشر مليوناً من الجنيهات لمدة خمس سنوات. وقد اعتبرها فولتير نسبة عادلة من دخل الكنيسة. وفي 1749 اقترح ماشول دي ارنوفيل المراقب العام المالي أن يستبدل بهذه المنحة الاختيارية ضريبة مباشرة سنوية قدرها 5% من مجموع الدخل تفرض على الكنيسة وعلى عامة الناس وخشي رجال الدين أن تكون هذه خطوة أولى نحو سلب أموال الكنيسة بغية إنقاذ الدولة، فقاوموا الفكرة في "غضب شديد وإصرار". كذلك اقترح ماشول تحريم التوريث بالوصية للكنيسة دون موافقة الدولة، وإلغاء المؤسسات الدينية التي قامت منذ 1636 دون ترخيص من الملك، ومطالبة شاغلي الرتب الكنسية ذوات الدخل بتقديم تقرير عن مواردهم إلى الحكومة. وأبت جمعية انعقدت من رجال الدين الامتثال لهذه القرارات، وقالوا: "لن نوافق إطلاقاً على أن يصبح ما كان حتى الآن ثمرة حبنا وإجلالنا ضريبة على طاعتنا"، وأمر لويس الخامس عشر بفض الاجتماع، كما أصدر المجلس الملكي أوامره إلى المحافظين بجمع ضريبة أولية مقدارها سبعة ملايين ونصف مليون جنيه على أملاك الكنيسة.
وحاول فولتير تشجيع ماشول والملك فأصدر كتيباً عنوانه "صوت الحكمة وصوت الشعب" حرض فيه الحكومة على أن تفرض سيطرتها على الكنيسة، وأن تحول دون أن تكون الكنيسة دولة داخل الدولة، وأن تعهد إلى فلاسفة فرنسا بالدفاع عن الملك والوزارة ضد كل قوى الخرافة. ولكن لويس الخامس عشر لم ير سبباً يدعوه إلى الاعتقاد بأن الفلاسفة في مقدورها أن تكسب الجولة في الحرب مع الكنيسة. وأدرك أن نصف سيادته وسلطانه يتركز على مسحة الزيت المقدس وتتويجه بأيدي رجال الكنيسة، ليصبح بعد ذلك-في نظر الجماهير التي ليس في مقدورها أن تدنوا منه إلى حد تستطيع معه إحصاء عدد محظياته-نائب الله الذي يتحدث بمقتضى التفويض الإلهي. أن الإرهاب الروحي الذي يبثه رجال الدين في النفوس وتعززه قوى التقاليد والعادات والاحتفالات الدينية والملابس الكهنوتية والهيبة، نقول إن هذا الإرهاب قام مقام ألف من القوانين ومائة ألف من رجال الشرطة في المحافظة على النظام الاجتماعي، والإبقاء على طاعة الجماهير وامتثالها للحكومة والملك. وهل في مقدور أية حكومة، دون دعم من الرجاء والخوف الخارقين للطبيعة، أن تسيطر على ما فطر عليه الناس من نزعة التمرد على القانون أو عدم الخضوع له؟ وعقد الملك عزمه على الاستسلام للأساقفة، ونقل ماشول إلى منصب آخر، وصادر كتاب فولتير، ووافق على منحة اختيارية بدلاً من الضريبة على أملاك الكنيسة.
إن قوة الكنيسة كانت تعتمد أساساً على نجاح كاهن الأبرشية، وإذا كان الناس يخشون رجال الدين الذين يضعون التيجان على رؤوسهم (الأساقفة مثلاً)، فانهم أحبوا الراعي المحلي الذي شاركهم فقرهم وعوزهم، وأحياناً كدحهم وكدهم في فلح الأرض. انهم تذمروا من جمع العشور، ولكنهم كانوا على يقين من أن رؤساء الراعي هم الذين أرغموه على جمعها، وأن ثلثي هذه العشور ذهب إلى الأسقف أو إلى أحد ذوي المناصب الكنسية الغائبين عنها، على أن كنيسة الأبرشية. ضناها ما كانت تعاني من خلل وحاجة إلى ترميم، مما تئن منه التقوى نفسها. إن هذه الكنيسة الحبيبة كانت دار بلديتهم، يعقدون فيها اجتماعاتهم القروية تحت رئاسة الكاهن. وفي سجل الأبرشية، وهو شاهد بقائهم صابرين متجلدين عبر الأجيال، كانت تدون مواليدهم وزيجاتهم ووفياتهم. وكان صوت أجراس هذه الكنيسة أنبل موسيقى ترن في آذانهم، والاحتفالات هي المسرحية التي تشد انتباههم وتبعث فيهم النشاط، وقصص القديسين ذخائر الأدب عندهم، كانت أعياد تقويم الكنيسة هي العطلات المحببة إلى نفوسهم. ولم ينظر الناس إلى عظات راعي الأبرشية ونصائحه وتحذيراته أو إلى تعليمه وتربيته لأبنائهم، على أنها تلقين مبادئ أسطورية لتدعيم لسلطان الكنيسة، بل نظروا إليها على أنها عون لا غنى عنه للنظام الأبوي والانضباط الخلقي، وعلى أنه إيحاء بنظام إلهي يتجلى فيه معنى الخلود الذي خفف من أسلوب حياتهم الممل الجاف في هذه الدنيا. فكانت العقيدة ثمينة أثيرة لديهم إلى حد الاستثارة إلى الفتك بمن يحاول انتزاعها منهم. ورحب الوالدان الفلاحان بالدين جزءاً من الواجبات اليومية في البيت، ونقلا إلى أولادهما الأساطير الدينية، وواظب الجميع على صلوات المساء والوالدان على رأسهم. وكان راعي الأبرشية يحب الناس كما أحبوه، فانضم إليهم في الثورة.
وتناقص عدد الرهبان والراهبات وأخوة الطوائف الدينية، ولكن نمت فيهم روح الفضيلة كما نمت ثروتهم. ونادراً ما كانوا الآن يتسولون أو يعيشون على الصدقات لأنهم وجدوا من الحكمة ومن الخير لهم أن ينتزعوا الوصية بالتوريث من الذين يدنو أجلهم ثمناً بدلاً من أن يستجدوا بعض البنسات من القرية، وفاضت بعض ثرواتهم على أعمال البر والإحسان، فأنفق كثير من الأديار على المستشفيات والملاجئ، ووزعت الطعام على الفقراء يومياً. وفي 1789 ألحت جماعات كثيرة على حكومة الثورة ألا تقضي على الأديار المحلية لأنها كانت المنظمات البارة المحسنة الوحيدة في نطاق أراضيها. وأدت أديار الراهبات مهام كثيرة تؤدي الآن بطرق أخرى، فكانت توفر مأوى للأرامل، وللنساء اللائى افترقن عن أزواجهن، وللسيدات المراهقات مثل مدام دي ديفان التي رغبت في أن تنأى بنفسها عن صخب الدنيا. ولم تنكر الديار متاع الحياة الدنيا وزينتها إنكاراً تاماً، فقد استخدمها الأثرياء مأوى لما زاد عن الحد من بناتهم، وإلا فإن زواجهن إذا لم يلجأن إلى الأديار يتطلب مهوراً تنقص من ميراث الأبناء، ولم يكن هؤلاء العذارى المنبوذات ميالات دائماً إلى التقشف. وكان للأم أوريني (رئيسة دير للراهبات) عربة تجرها أربعة جياد، فكانت تستقبل في جناحها الفاخر أفراداً من الجنسين. وكانت الراهبات في ألكس يرتدين التنورات ذوات الأطواق الموسعة والأردية الحريرية المبطنة بالفرو، وكن في أديار أخرى يتناولن العشاء ويرقصن مع ضباط من المعسكرات المجاورة وواضح أن هذه كانت ضروباً من التسلية البريئة غير الآثمة، فإن كثيراً من الأقاصيص التي رويت عن الفساد الخلقي في الأديار في القرن الثامن عشر كانت مبالغات شنيعة مثيرة استخدمت في حرب الدعاية بين المذاهب المتنابذة، وكانت الحالات التي لزم فيها البنات الدير على غير إرادتهن نادرة.
وكان اليسوعيون قد ضعف سلطانهم ومكانتهم. إنهم ظلوا حتى 1792 يسيطرون على التعليم، وكانوا يزودون الملك والملكة بكهنة اعتراف ذوي تأثير قوي، ولكنهم عانوا من فصاحة بسكال، ومن تشكك أوصياء العرش غير الأتقياء، وكانوا يخسرون معركتهم الطويلة المريرة مع الجانسنيين فإن هؤلاء الكاثوليك المتعصبين لعقيدتهم عمروا بعد الاضطهادات الملكية والمراسيم البابوية، وكان عددهم كبير في مجال الأعمال والمهن والاشتغال بالقانون، وكانوا يقتربون من الهيمنة على برلمان باريس وغيره من البرلمانات. وبعد موت زعيمهم اللاهوتي المتقشف فرانسوا دي باريس (1727) حج الجانسنيون المتحمسون المغشي عليهم إلى جدته في مقبرة سان ميدارد، وهناك جلدوا أنفسهم بالسياط، حتى أصاب بعضهم نوبات من التشنج، ومن سموا "بالمتشنجين" وتوجعوا وبكوا وابتهلوا إلى الله أن يمن عليهم بالشفاء، وأدعى كثير منهم أنهم برئوا بمعجزة. وبعد ثلاثة أعوام من هذه الأحداث أغلقت السلطات هذه المقابر، وكما قال فولتير: حرم على الله بأمر من الملك أن يأتي بمعجزات هناك، وانقطعت التشنجات، ولكن الباريسيين السريعي التأثر مالوا إلى تصديق المعجزات، وفي 1733 ذكر أحد الصحفيين في مبالغة ظاهرة أن مدينة باريس الطيبة جانسنية قلباً وقالباً. وتحدياً للمرسوم الملكي الصادر في 1720 رفض صغار رجال الدين الامتثال للأمر البابوي الصادر في 1713 الذي استنكر فيه البابا إنوسنت الثالث عشر مائة مسألة ومسألة زعموا أن الجانسنيين أثاروها. وقضى رئيس أساقفة باريس بأن السر المقدس الأخير لا يجوز أن يقدم لأي فرد لم يكن قد أعترف لقسيس كان قد ارتضى الأمر البابوي. وأسهم هذا النزاع في إضعاف مركز الكنيسة المنقسمة أمام هجمات الفلاسفة.
وكان الهيجونوت وغيرهم من البروتستانت الفرنسيين لا يزالون يعتبرون خارجين عن القانون، ولكن مجموعات صغيرة منهم كانت تجتمع سراً. واعتبر القانون أن زوجة البروتستانتي عاهرة وأن أبناءها غير شرعيين، ليس لهم أن يرثوا أية أملاك. وفي عهد لويس الخامس عشر شنت عدة حملات للاضطهاد والتعذيب. وفي 1717 قبض على أربعة وسبعين فرنسياً يقيمون الشعائر البروتستانتية، وأرسلوا للتجديف في القواديس أو المراكب الشراعية وزج بزوجاتهم في السجن، وقضى مرسوم صدر في 1724 بعقوبة الإعدام على الوعاظ البروتستانت، وبمصادرة أملاك كل من يشهد اجتماعات البروتستانت، مع إرسال الرجال للتجديف في السفن الشراعية. وحلق شعور النساء واعتقالهن مدى الحياة وفي عهد الكاردينال فليري حدث شيء من التراخي في تنفيذ هذا المرسوم. ولكن بعث من جديد بعد موته، بناء على طلب الأساقفة الكاثوليك في جنوب فرنسا. وفي 1749 أمر برلمان بوردو بالتفريق بين 46 زوجاً وزوجة وفق الطقوس البروتستانتية.
وكان من الجائز انتزاع الأطفال الذين يشتبه في أن آباءهم من البروتستانت؛ لتربيتهم وتنشئتهم في بيوت كاثوليكية. وإنا نسمع عن رجل ثري من الهيجونوت أنفق 200 ألف جنيه رشوة للموظفين الرسميين حتى يسمحوا له بالاحتفاظ بأبنائه. وفيما بين عامي 1744 753 سجن نحو 600 بروتستانتي، وحكم على 800 آخرين بعقوبات مختلفة. وفي 1752 شنق في مونبلييه الواعظ البروتستانتي بينز-البالغ من العمر ستة وعشرين عاماً. وفي نفس العام، أمر لويس الخامس عشر، تحت تأثير مدام دي بمبادور، بوضع حد لهذه الاضطهادات. وبعد ذلك استطاع البروتستانت في باريس أو قريباً منها، أن يتفادوا العقوبات، على شرط حضور الصلوات الكاثوليكية مرة في العام.
وعلى الرغم من تعصب زعماء الكنيسة وانشغالهم بأمور الدنيا ورغبتهم في السلطة والنفوذ، فقد كان بين رجال الدين الفرنسيين مئات ممن امتازوا بالعلم الغزير والحياة التقية النقية. وبالإضافة إلى أولئك الأساقفة الذين بددوا في باريس العشور التي جمعوها من الفلاحين، كان هناك أساقفة آخرون إتسموا بالطهر والتقي قدر ما سمحت به المهام الإدارية. فكان الكاردينال لويس أنطوان دي نواي رئيس أساقفة باريس رجلاً ذكياً نبيلاً. وكان الناس يحبون جان بابتست ماسيون أسقف كلبر مونت على الرغم من عظاته الزاخرة بألوان العلم والمعرفة، والتي كان فولتير يحب أن يستمع إليها وقت تناول الطعام، لجمال أسلوبها على الأقل. أما جبرائيل دي كايلوس أسقف أوكسير فقد وهب كل ثروته للفقراء، وباع طبقه الفضي ليطعم الجياع؛ ثم اعتذر لمن التمسوا بعد ذلك بقوله "يا أبنائي، لم يبق لدي شيء أعطيكم إياه". ولم يبرح الأسقف فونسوا دي بلزونس مكانه وسط الطاعون الرهيب الذي اجتاح مرسيليا 1720، حين هلك ثلث سكان المدينة، وفر منها معظم الأطباء ورجال الحكم والقضاء. وفي هذا كتب ليمونتي: "انظروا إلى بلزونس: وأنه أنفق كل ما يملك. لقد هلك كل الذين كانوا في خدمته بسبب العدوى، فسار على قدميه فقيراً بائساً في الصباح إلى مواطن التعاسة والشقاء؛ كما كان يرى مساء وسط الأماكن التي اكتظ بها ولوثها أولئك الذين يعانون سكرات الموت، ليطفئ ظمأهم، ويواسيهم وكأنه صديق لهم... وفي ساحة الموت هذه يأخذ بيد الأنفس التي لا معين لها. إن مثل هذا المثل الذي ضربه هذا الأسقف الذي يبدو أنه محصن ضد أي أذى كان كفيلاً بأن يدفع..... كهنة الأبرشيات والقساوسة والطوائف الدينية إلى محاكاته في شجاعته وبسالته، فلا يتخلى أحد عن موقعه، ولا يبالي أحد بما يلقى من عناء وتعب ولو ضحى بحياته. وهكذا أودى الوباء بستة وعشرين راهباً، وبثمانية عشر من بين ستة وعشرين يسوعياً. واستدعى الكيوشيون أخوتهم من الأقاليم الأخرى، فسارع هؤلاء إلى الاستشهاد في خفة المسيحيين الأولين وابتهاجهم بمثل هذا العمل. وقضى الطاعون على ثلاثة وأربعين من بين خمسة وخمسين منهم. أما سلوك الرهبان الأوراتوريين (طائفة كاثوليكية) فكان أروع من هذا. فقد بذلوا غاية جهدهم.
ولنذكر، ونحن نسجل الصراع المرير بين الدين والفلسفة، ونشارك الفلاسفة مقتهم للرقابة الخانقة والخرافة الشائنة، أنه كان هناك بين رجال الكنيسة على اختلاف مراتبهم الورع والتقي كما كان هناك الغنى والثراء، بقدر سواء. كما كان هناك الإخلاص مع الفقر بين كهنة القرى، أما الناس فقد تغلغل فيهم حب راسخ يتعذر المساس به أو النيل منه، لعقيدة هيأت للزهو الهوى شيئاً من الانضباط المنقذ من الضلال، كما هيأت للأيام العصيبة الشاقة رؤيا وجد الناس فيها شيئاً من السلوى والعزاء.



الطبقة الثانية: النبلاء



أطلق السادة الإقطاعيون الإقليميون الذين استمدوا ألقابهم من الأرض التي امتلكوها (وهي ربع أرض فرنسا تقريباً) على أنفسهم اسم "نبلاء السيف". وكانت مهمتهم الرئيسية أن ينظموا ويتولوا قيادة الدفاع عن سيادتهم وعن إقليمهم وعن وطنهم وعن ملكيهم. وفي النصف الأول من القرن الثامن عشر ترأس هؤلاء النبلاء نحو ثمانين ألف أسرة ضم نحو أربعمائة ألف من الأنفس. وكانوا شيعاً أو طبقات متحاسدة، أعلاها طبقة ذرية الملك الذي يتربع في دست الحكم وأولاد أخوته وأخواته. ويلي هؤلاء في منزلة أدنى، طبقة أشراف فرنسا: وتضم الأمراء من أبناء الملوك السابقين، ثم سبعة أساقفة وخمسين دوقاً. ويأتي بعد ذلك الأدواق الأقل شأناً، ثم الحاصلون على لقب مركيز، ثم لقب كونت، ثم لقب فيكونت، ولقب بارون وشيفالييه (نبيل من الدرجة الدنيا). وكانت ثمة امتيازات رسمية تميز هذه السلسلة من المراتب بعضها عن بعض. ومن هنا كان نزاع حاد فاجع حول حق السير تحت المظلة في مواكب عيد القربان أو حق الجلوس في حضرة الملك.
ومن بين نبلاء السيف هؤلاء، تعقبت أقلية منهم أصول ألقابها وممتلكاتها عبر عدة أجيال، واختصت نفسها باسم "النبلاء ذوي المحتد الكريم"، ونظروا فيها بعين الازدراء إلى النبلاء الذين حصلوا على لقب النبالة عن طريق أسلاف حديثي العهد، أو حصلوا عليه هم أنفسهم في عهد لويس الثالث أو لويس الرابع عشر. كما أن بعض هذه الألقاب كانت تمنح لقاء خدمات للدولة في الحرب أو في الإدارة أو في التمويل، كما أن بعضها كان يبيعه الملك المعظم المعوز الراحل، مقابل ستة آلاف جنيه، وبهذه الطريقة، كما قال فولتير، "حصل عدد كبير من المواطنين-رجال المصارف والجراحون والتجار والكتبة وخدم الأمراء-على براءة النبالة" وثمة مناصب حكومية معينة، مثل منصب المستشار أو كبير القضاة، كانت تضفي على شاغليها لقب النبالة تلقائياً. وفي عهد لويس الخامس عشر كان في مقدور أي رجل عادي أن يحصل على النبالة بشراء حق تعيينه وزيراً مقابل مائة وعشرين ألف جنيه. وفي عهد لويس السادس عشر ربما كان هناك نحو تسعمائة وزير وهمي أو صوري من هذا الطراز. كما أنه كان في الإمكان شراء اللقب بشراء ضيعة أحد النبلاء. ويحتمل أنه في 1789، كان نحو 59%، من مجموع النبلاء ينحدرون في الأصل من الطبقة الوسطى.
ووصلت غالبية هؤلاء إلى درجة كبيرة من الأهمية ورفعة الشأن عن طريق دراسة القانون، ومن ثم حصلوا على مناصب القضاء والإدارة. ومن بينهم كان أعضاء البرلمانات الثلاثة عشر التي كانت بمثابة دور قضاء في كبريات المدن في فرنسا، ولما كان يجوز للقاضي أو الحاكم ترك منصبه لابنه، فقد تشكلت أرستقراطية وراثية-هم نبلاء الرداء (الروب). وكان الرداء بالنسبة لرجل القضاء، كما هو بالنسبة لرجل الدين، يمثل نصف السلطة أو السيادة. وكان أعضاء البرلمانات وهم يرفلون في أرديتهم القرمزية، وعباءاتهم الثقيلة والأكوام ذات الأهداب والشعور المستعارة المضمخة والقبعات ذات الريش، يجيئون في مرتبة أدنى من الأساقفة ونبلاء الأرض. ولكن حيث أن بعض الحكام والقضاة أصبحوا، عن طريق الرسوم القانونية التي كانوا يتقاضونها، أكثر ثراء من معظم ملاك الأرض ذوي الحسب والنسب، فقد تحطمت الحواجز بين نبلاء السلاح ونبلاء الرداء وما وافى عام 1789 حتى كان ثمة اندماج كامل تقريباً بين الطبقتين. وبلغت الطبقة التي تكونت عندئذ من وفرة العدد والقوة مبلغاً لم يستطع الملك معه أن يقف في وجهها أو يقاومها، وزعماء الثورة وحدهم هم الذين استطاعوا أن يقضوا على هذه الامتيازات الباهظة التكاليف.
وانتاب الفقر كثيراً من النبلاء القدامى بسبب الإهمال في إدارة ممتلكاتهم أو تغيبهم عنها، أو بسبب أتباعهم أساليب متخلفة في زراعتها، أو إنهاك التربة، أو خفض قيمة العملة التي كانوا يتقاضون بها إيجار الأرض أو الرسوم الإقطاعية. ولما كان المفروض ألا يشتغل النبلاء بالتجارة أو الصناعة، فإن نمو هذه وتلك خلق اقتصاداً قائماً على المال، قد يمتلك المرء في ظله أرضاً شاسعة ولكنه يظل فقيراً. وكان هناك في بعض أقاليم فرنسا مئات من النبلاء يعانون من الفقر مثلما يعاني الفلاحون. ولكن أقلية كبيرة من النبلاء تمتعت بثروات ضخمة وبذروا تبذيراً. فكان الدخل السنوي لمركيز دي فييت 150 ألف جنيه، ولدوق دي شفريز 400 ألف جنيه، ولدوق دي بويون 500 ألف جنيه. وأعفى معظم النبلاء من الضرائب المباشرة، إلا في حالة الطوارئ، حتى تصبح الحياة لديهم أكثر احتمالاً ويسراً. وخشي الملوك أن يفرضوا عليهم الضريبة حتى لا يطالبوا بدعوة مجلس الطبقات، فقد تفرض الطبقات الثلاث في مثل هذا الاجتماع بعض الرقابة على الملك ثمناً للموافقة على الاعتمادات أو الإعانات. قال توكفيل "كان عدم المساواة في الضرائب يعمل على التفرقة بين الطبقات في كل عام حيث أعفى الأغنياء وأثقل كاهل الفقراء". وفي عام 1749 فرضت على النبلاء ضريبة دخل قدرها 5% ولكنهم كانوا يفاخرون بالتهرب منها.
وقبل القرن السابع عشر كان نبلاء الأرض يقومون بمهام الاقتصاد والإدارة والحرب، وأياً كانت طريقة إحراز الممتلكات، فإن هؤلاء السادة نظموا تقسيم الأرض وفلاحتها، إما عن طريق الرقيق أو عن طريق عقود الإيجار، وسهروا على القانون، وقاموا بإجراءات المحاكمة وأصدروا الأحكام، ونفذوا العقوبات، وتعهدوا المدارس والمستشفيات المحلية، ووزعوا الصدقات. وفي مئات من مناطق السيادة والنفوذ مارس السيد الإقطاعي هذه الوظائف والمهام، بالقدر الذي سمحت به الأنانية الطبيعية في الإنسان. وقد اعترف الفلاحون بانتفاعهم منه، ومن ثم فإنهم أطاعوه واحترموه وفي بعض الأحيان أحبوه.
وأدى عاملان أساسيان إلى تبديل هذه العلاقة الإقطاعية: تعيين الحكام أو المحافظين على عهد الكاردينال ريشيليو وما بعده، وتحويل لويس الرابع عشر لكبار السادة الإقطاعيين إلى رجال حاشية. وكان هؤلاء المحافظون موظفين بيروقراطيين من الطبقة الوسطى، يبعث بهم الملك ليحكموا الأقسام الاثنين والثلاثين التي انقسمت إليها فرنسا من الناحية الإدارية. وكانوا عادةً ذوي كفاية ومقدرة ونيات حسنة، ولو لم يكونوا جميعاً من أمثال طورجو. وقاموا بتحسين الأحوال الصحية والإضاءة وتزيين المدن، وأعادوا تنظيم الشئون المالية، وبنوا السدود والخزانات على الأنهار من اجل الري، أو أقاموا الحواجز اتقاء لخطر الفيضانات، وزودوا فرنسا في هذا القرن بشبكة هائلة من الطرق لم يكن لها مثيل في سائر أنحاء العالم. وشرعوا في أن يغرسوا على جوانبها الأشجار التي تظللها اليوم وتزينها. وسرعان ما زحزح تفوقهم في الدأب على العمل والمقدرة والكفاية السادة الإقطاعيين المحليين عن حكم الأقاليم، ورغبة في التعجيل بهذه الزحزحة التي تركز الحكم في أيدي هؤلاء المحافظين، وعمد لويس الرابع عشر إلى دعوة السادة الإقطاعيين للانتظام في بلاطه الملكي. وهناك عينهم في وظائف بسيطة ذات ألقاب رفيعة وأوشحة مخدرة. وفقدوا الاتصال بالشئون المحلية على حين ظلوا يحصلون من مزارعهم على الموارد اللازمة للإنفاق على قصورهم وبطانتهم في باريس أو فرساي. وتشبثوا بحقوقهم الإقطاعية بعد أن تخلوا عن واجباتهم الإقطاعية. إن ضياع المهام الإدارية التي كانوا يقومون بها في مجال الاقتصاد والحكومة جعلهم عرضة للاتهام بأنهم كانوا طفيليات غير ضرورية عالة على فرنسا.



الطبقة الثالثة:الفلاحون



تساءل الاقتصاد السياسي الذي وصمه كارليل بأنه "العلم الكئيب" هل الفقراء فقراء، لأنهم جهلة، أم أنهم جهلة لأنهم فقراء. ويمكن أن نجيب على هذا السؤال، بالموازنة بين الاستقلال البهيج الذي يفاخر به الفلاح الفرنسي اليوم، وحالته في النصف الأول من القرن الثامن عشر.
وفي 1723 كانت حال الفلاح آخذة في التحسن بالمقارنة بالمستوى المنحط الذي هبطت به إليه حروب لويس الرابع عشر وابتزازاته. فإنه خضع للرسوم الإقطاعية ولعشور الكنيسة، إلى جانب إنه امتلك نسبة متزايدة من أرض فرنسا، كانت تتراوح بين 20% في نورماندي وبريتاني 0% في لنجدوك وليموزين. ولكن متوسط حصة هؤلاء الملاك الصغار كان ضئيلاً-من ثلاثة إلى خمسة أفدنة-إلى حد اضطروا معه إلى الاشتغال بأجر في المزارع الأخرى ليعولوا أسراتهم. فإن معظم الأرض كانت ملكاً للنبلاء أو رجال الدين أو الملك، وكانوا يفلحها مستأجرون أو مزارعون نظير جزء من المحصول، أو عمال مياومة تحت إشراف قهرمان أو وكيل مسئول. وكان المالك يتقاضى من المستأجر مالاً وغلة وخدمات أما المزارعون فكانوا يعطون المالك نصف المحصول في مقابل الأرض والآلات الزارعة والبذور.
وعلى الرغم من تزايد ملكية الفلاح ظلت هناك بقايا إقطاعية كثيرة، فإن أقلية ضئيلة من الملاك قد لا يتجاوز 2% هي التي وضعت يدها على أراض معفاة من الرسوم الإقطاعية. وكل الفلاحين باستثناء مالكي هذه الأرض المعفاة، كان مطلوباً منهم أن يعملوا للسيد الإقطاعي المحلي لعدة أيام في السنة تكفي لحرث أرضه وبذرها، وحصاد محصولها وتخزينه. وكانوا يدفعون له رسوماً مقابل صيد السمك في البحيرات أو الجداول المائية ومقابل رعي ماشياتهم في الحقول، مما يقع في زمام أرضه. (في فرائش كومتيه، وأوفرن، وبريتاني، حتى قيام الثورة كانوا يدفعون له مبلغاً من المال مقابل الأذن لهم بالزواج. وكان لزاماً عليهم أن يستخدموا طاحونته ومخبزه ومعصرة النبيذ أو الزيت التابعة له، وليس غيرها. وأن يدفعوا له مالاً في كل مرة يستخدمون فيها شيئاً من هذه. كما نفذوه مالاً عن كل مستوقد أقاموه وكل بئر حفروه وكل جسر عبروه في نطاق أرضه (إن أمثال هذه الضرائب موجود بيننا الآن في أشكال متغيرة، وتدفع للدولة). وكانت القوانين تحرم على السيد ورفاقه الإضرار بمزروعات الفلاح أو حيواناته عند الصيد، ولكن هذه القوانين أغفلت إغفالاً شديداً، وكان محظور على الفلاح أن يطلق النار على حمائم السيد، وهي تأكل محصوله وبناء على تقدير يتسم بالتحفظ بلغت الرسوم الإقطاعية جملتها نحو 14% من إنتاج الفلاح أو دخله، وهناك تقديرات ترفع من هذه النسبة.
وفي بعض الأماكن بقي الرق بمعناه الحقيقي، وقدر مؤرخ اقتصادي مشهور أن عدد الرقيق في فرنسا في القرن الثامن عشر لم يجاوز المليون، ونقص عددهم، ولكن في 1789 كان لا يزال في فرنسا نحو 300 ألف من الأرقاء ومثل هؤلاء الفلاحين كانوا مرابطين بالأرض ولم يكونوا يستطيعون قانوناً أن يهجروا أرضهم أو يبيعوها أو ينقلوها أو يغيروا محال إقامتهم دون موافقة سيدهم. فإذا ماتوا دون أبناء كانوا يعيشون معهم، وعلى استعداد للنهوض بشئون المزرعة، آلت المزرعة بكل معداتها إلى السيد.
وكان على الفلاح، بعد دفع الرسوم الإقطاعية وعشور الكنيسة، أن يجد مالاً أو يبيع شيئاً من نتاجه أو ممتلكاته ليواجه الضرائب التي تفرضها عليه الدولة. ودفع الفلاح وحده ضريبة الأراضي، وبالإضافة إلى ذلك دفع ضريبة الملح، % من الدخل ضريبة الرأس عن كل فرد في البيت. وبهذا كان يدفع في الجملة ثلث دخل للمالك والكنيسة والدولة. وكان من سلطة جباة الضرائب أن يدخلوا أو يقتحموا كوخه، ليفتشوا عن المدخرات المخبأة، ويستولوا على الأثاث تسديداً لمبلغ الضريبة المفروضة على الأسرة. وكما كان الفلاح ملزماً بالعمل ودفع الرسوم لسيده، فإنه بعد 1733 كان ملزماً بأن يعمل للدولة بدون أجر من 12 إلى 15 يوماً في السنة، في إقامة الجسور وبناء الطرق أو إصلاحها (أعمال السخرة). وكان يعاقب بالسجن إذا قاوم أو توانى.
ومذ تصاعدت الضرائب بازدياد الدخل والتحسينات، فإنه لم يكن ثمة ما يحفز الفلاحين على الابتكار والعمل والمغامرة. وظلت أساليب الزراعة بدائية في فرنسا، إذا قورنت بالأساليب في إنجلترا المعاصرة. وكانت فرنسا تتبع نظام إراحة الأرض الذي يقضي بترك كل قطعة دون زراعة سنة في كل ثلاث سنين، على حين أدخلت إنجلترا نظام الدورة الزراعية. وكانت الزراعة المكثفة غير معروفة تقريباً، والمحاريث الحديدية نادرة الوجود. وكانت الحيوانات قليلة العدد في المزرعة، كما كان السماد قليلاً. وكان متوسط الأرض المملوكة ضئيلاً إلى حد لا يسمح باستخدام الآلات بشكل مجز.
وروع السائحون الإنجليز في ذلك العصر لفقر الفلاح الفرنسي. ففي 1718 كتبت السيدة ماري مونتاجو: "في كل محطة كنا نقف فيها لتبديل خيول البريد كان أهل البلدة جميعاً يخرجون إلينا يسألوننا إحساناً، في وجوه أضناها البؤس والجوع وملابس رثة ممزقة، وما كانوا بعد ذلك في حاجة إلى دليل أبلغ من ذلك لإقناعنا بتعاسة أحوالهم. ولم يرسم المراقبون الفرنسيون صورة أكثر إشراقاً من هذه إلا في وقت متأخر من هذا القرن. وقال سان سيمون: "في 1825 كان الناس في نورماندي يعيشون على حشائش الحقول. إن أول ملك في أوربا عظيم لمجرد كونه ملك الشحاذين. وتحويله مملكته إلى مستشفى فسيح الأرجاء يقيم فيه أناس يعانون سكرات الموت، انتزع منهم كل شيء دون أن يبدوا شيئاً من التذمر". وفي 1740 حسب المركيز رينيه لويس دي أرجنسون، أن عدد الفرنسيين الذين ماتوا بسبب الفقر والعوز في العامين الأخيرين أكبر من عدد من قتلوا في حروب لويس الرابع عشر كلها". وقال بسنارد: "كانت ملابس الفقراء من الفلاحين-وكانوا كلهم تقريباً فقراء-تدعو إلى الإشفاق والرثاء، حيث لم يكن لدى الفرد منهم إلا ثوب واحد للصيف والشتاء معاً.... أما الحذاء الوحيد (المرقع الواهي المثبت بالمسامير) الذي اقتناه عند زواجه، فكان لزاماً أن يستخدمه بقية أيام حياته، أو على الأقل طيلة بقاء الحذاء". وقدر فولتير أن مليوني فلاح فرنسي كانوا يستخدمون نعالاً خشبية في الشتاء، وكانوا يسيرون حفاة الأقدام في الصيف، لأن الضرائب الباهظة المفروضة على الجلود جعلت الأحذية ضرباً من الترف(51) أما مسكن الفلاح يبنى من الطين مع سقف من القش، وكان عادة يتكون من غرفة واحدة، منخفضة لا سقف لها في بعض الأجزاء في شمال فرنسا، على أن الأكواخ كانت تبنى أقوى حتى تحتمل البرد والرياح في الشتاء". وكان طعام الفلاح يتألف من الحساء والبيض ومنتجات الألبان وخبز الشعير أو الشوفان. أما اللحم وخبز القمح فكان أكلهما إسرافاً طاوئاً. ففي فرنسا، كما هو الحال في أي مكان آخر، كان أولئك الذين يطعمون الأمة لا يملكون من الغذاء إلا أقله.
ووجد الفلاح بعض العزاء والسلوى من هذه الحياة الشاقة في الخمر والدين. وكانت الحانات كثيرة وصنع الجعة في الدار مشجعاً. وكانت الأخلاق خشنة جافة، طابعها الوحشية. وكثيراً ما تفجرت أعمال العنف بين الأفراد والأسرات والقرى . ولكن سادت الأسرة عاطفة حب قوية، ولو أنها صامتة، وكان الأبناء كثيرين، ولكن اختطفت يد المنون معظمهم قبل أن يبلغوا رشدهم. وكاد ألا يكون هناك زيادة في سكان فرنسا فيما بين عامي 1715 740. فقد أحدثت الحرب والمرض والقحط أثرها بانتظام وفق ما جاء في نظرية مالتس.

البروليتاريا (العمال الكادحون)

وكان خدم المنازل أدنى مكانة من الفلاحين في السلم الاجتماعي، وكانوا فقراء إلى حد لم يهيئ إلا لقليل منهم أن يتزوجوا. وكانت طبقة البروليتاريا في المدن أعلى قليلاً من الفلاحين، وكانت تشكل الحرفيين في الحوانيت والمصانع وحمالي البضائع ومتعهدي الخدمات وعمال البناء أو الترميم. وكان معظم الصناعة لا يزال منزلياً أو محلياً يقوم في أكواخ ريفية أو في الدور في المدن الصغيرة. وكان التجار يقدمون المواد الخام، ويجمعون الإنتاج، ويستولون على كل الربح تقريباً. وكانت الصناعة في المدن إلى حد كبير في الطور النقابي (نظام نقابات العمال وطوائفهم في العصور الوسطى)، فكان هناك المعلمون والغلمان الذين يتدربون، وعمال المياومة المهرة، يعملون جميعاً وفقاً للقواعد القديمة التي حددت النقابة والحكومة بمقتضاها ساعات العمل وشروطه، وطرز الإنتاج ونوعيته وسعره والمنطقة المحدودة المسموح فيها بالبيع. إن هذه التنظيمات والقواعد جعلت من التحسينات أمراً عسيراً، واستبعدت حافز المنافسة الخارجية، وأسهمت مع رسوم التجارة الداخلية في تعويق التنمية الصناعية. وكانت النقابات قد أصبحت أرستقراطية عمالية، وارتفعت الرسوم على القبول في سلك المعلمين الصناعيين إلى ألفي جنيه، واتجهت هذه المهنة إلى أن تكون وراثية. وكان العمل في الحوانيت يبدأ مبكراً وينتهي متأخراً. وكان عامل المياومة حول فرساي يبدأ عمله في الرابعة صباحاً وينتهي منه في الثامنة مساءاً. ولكن العمل كان أقل إجهاداً منه في المصانع اليوم، كما أن أعياد الكنيسة هيأت أيام عطلة كثيرة.
وكانت الصناعة في معظمها "صغيرة" تستخدم ثلاثاً أو أربعاً من "الأيدي العاملة" من خارج الأسرة. بل أن المدابغ ومصانع الزجاج والمصابغ كانت مؤسسات صغيرة. وكان عدد العمال في بوردو لا يتجاوز أربعة أمثال أصحاب العمل. واحتفظت الحكومة على أية حال ببعض مصانع كبيرة-مصانع الصابون، ومصانع نسيج الجوبلان (المزدان بالرسوم) ومصانع الخزف الصيني في سيفر. وأخذت عملية التعدين في التوسع بعد أن حل الفحم محل الخشب في الوقود. وثارت الاحتجاجات على دخان الفحم الذي يلوث الهواء، ولكن الصناعة آنذاك، كما هو الحال اليوم، مضت تشق طريقها، وتعرضت صحة الناس في باريس، وفي لندن على حد سواء، للخطر نتيجة لتنفس هذا الهواء الملوث. وكانت هناك مصانع للصلب في دوفيني، ومصانع للورق في أنجوموا. وتوسعت مصانع النسيج توسعاً ملحوظاً في الشمال، فاستخدم فان روبيه 1500 عامل في مصنع واحد في آبفيل واستخدم فان دركروسن ثلاثة آلاف رجل في ليل. وشجع ازدياد العمال هذا على تقسيم العمل والتخصص فيه، وحفز على اختراع الآلات للعمليات المكررة على نسق واحد (الروتينية) وتضمنت دائرة معارف ديدرو (1751 وما بعدها) أوصافاً ورسوماً مدهشة لآلات متنوعة معقدة أدخلت بالفعل في الصناعة في فرنسا، يندر أن تكون قد نالت استحساناً أو ترحيباً من البروليتاريا. وحين أقيم نول جاكار (لحياكة الأقمشة المصورة) في ليون، عمد عمال نسيج الحرير إلى تهشيمه، خشية أن يلقى بهم في عرض الطريق بلا عمل.
ورغبة في تشجيع الصناعات الجديدة فإن حكومة فرنسا-كما فعلت حكومة إنجلترا في عصر اليزابث-منحت عدة احتكارات، مثال ذلك أنها منحت أسرة فإن روبية احتكار إنتاج الأقمشة الهولندية الرفيعة، كما ساعدت مشروعات أخرى بمعونات وقروض دون فوائد. وفرضت الحكومة على كل الصناعة تنظيماً صارماً موروثاً عن كولبير. وأثار هذا الأسلوب اعتراضاً متزايداً من جانب أصحاب المصانع والتجار الذين دفعوا بأن الاقتصاد ينمو ويزدهر إذا تحرر من تدخل الحكومة، وترديداً لهذا المطلب، قال فنسنت دي جورناي (حوالي 1755) عبارته التاريخية اتركه وحده "اتركه يعمل" التي عبرت في الجيل التالي، على لسان فرانسوا كني وترجو، عن المذهب الفيزيوقراطي الذي نادى بحرية العمل والتجارة.
واستاء الحرفيون أيضاً من هذه القواعد والتعليمات التي وقفت حجر عثرة في سبيل تنظيمهم من اجل ظروف عمل وأجور أفضل. ولكن أهم ما هاج حفيظتهم هو أن عمال الريف والمصانع كانوا ينتزعون السوق من أيدي النقابات. فما وافى عام 1756 حتى كان أصحاب المصانع قد هبطوا بالحرفيين في المدن الكبرى-حتى بالمعلمين النقابيين-إلى مستوى الإجراء الذين يعتمدون في عملهم على المقاولين أو الملتزمين. وفي نطاق النقابات أجرى المعلمون-تخفيضاً في أجور عمال المياومة الذين عمدوا إلى الإضراب على نحو دوري. وكان الفقر في القرى شديداً مثلما هو في المدن تقريباً. ووصل نقص المحاصيل بالطبقة الكادحة، البروليتاريا، في المدن إلى حد المجاعة والشغب كل بضع سنين، كما حدت في تولوز 1747، وفي باريس 1751، وفي تولوز 1752 وكان القسيس الملحد جان مزلييه قد اقترح بالفعل، حوالي 1749 استبدال شيوعية قائمة على الحرية بالنظام القائم.
وفي أواسط القرن كانت باريس وروان وليل وليون وبوردو ومرسيليا تعج بالبروليتاريا. وتفوقت ليون بوصفها مركزاً صناعياً لبعض الوقت على باريس. وقد وصفها الشاعر الإنجليزي توماس جراي في 1739 بأنها "ثانية مدن المملكة من حيث الاتساع والمكانة. وشوارعها بالغة الضيق والقذارة، ودورها بالغة الارتفاع والاتساع (تتكون الدار من خمسة طوابق في كل طابق 25 غرفة)، مكتظة بالسكان". وكانت باريس خلية هائجة، يقطنها 800 ألف منهم 100 ألف خادم، 0 ألف متسول، وفيها الأكواخ الكئيبة والقصور الفخمة، والأزقة والحارات المظلمة والشوارع القذرة وراء المتنزهات الأنيقة، وفيها الفن إلى جانب الإملاق والفقر المدقع. وسارت فيها المركبات الكبيرة والمركبات العامة ذات الجواد الواحد والمحفات يصطدم بعضها ببعض مع تبادل السباب والشتائم، واختناق شديد في حركة المرور. وكانت بعض الشوارع قد صفت منذ 1690 وعام 1742 رصف تريساكيه الطرق بأحجار ملساء، ولكن معظم الشوارع كانت قذرة تماماً، مملوءة بالحصى الكبير الذي يصلح لإقامة المتاريس في أثناء الثورات. وبدأت مصابيح الشوارع تحل محل الفوانيس في 1745 ولكنها لم تكن تضاء إلا إذا لم يكن القمر بدراً. وظهرت لافتات أسماء الشوارع في 1728. ولكن لم توضع للبيوت أرقام قبل الثورة. وكان للأغنياء وحدهم صنابير ماء في بيوتهم، أما سائر الناس فكان يزودهم بالماء عشرون ألف سقاء يحمل الواحد منهم دلوين بهما أحياناً سبع مجموعات من درجات السلم. أما المراحيض في المنازل والحمامات المزودة بالماء الجاري الساخن والبارد، فكانت امتياز لكبار الأثرياء. وظلت آلاف الحوانيت، المشهورة بشعاراتها الرائعة المثيرة، على حالتها من الفوضى في الموازين والمقاييس المتضاربة والمشتبه فيها، إلى أن وضعت الثورة النظام المتري (العشري). وكان هناك أصحاب حوانيت أمناء في "متاجر الثقة"، ولكن الغالبية اشتهرت بالتطفيف في المقاييس والتلاعب في الأسعار ورداءة أنواع السلع. وكان بعض الحوانيت ينتحل عظمة زائفة خداعة لأن أصحابها كانوا يستقلون العربات. وكان الفقراء من الناس يعتمدون في شراء حاجياتهم أساساً على الباعة المتجولين الذين حملوا بضاعتهم جاهدين في دلاء أو سلال على ظهورهم، والذين أسهموا في موسيقى الشوارع بصيحاتهم ونداءاتهم التقليدية غير المفهومة التي يدعون بها الناس إلى الشراء، من "البطاطس المطبوخة" إلى الموت للفئران "فقد نازعت الفئران الناس على تيسيرات السكنى في المدينة، وزاحم الرجال النساء والأطفال الفئران في مسابقة الحصول على الطعام. قال رجل فارسي كان في زيارة مونتسكيو": "البيوت مرتفعة إلى حد يظن معه أنه لا يقطنها إلا منجمون. ولك أن تتخيل مدينة بنيت في الهواء، فيها أقيمت ستة أو سبعة منازل الواحد منها فوق الآخر وهي مزدحمة بالسكان، حتى إذا نزلوا جميعاً إلى الشارع، رأيت هناك حشداً رائعاً. لقد بقيت هنا شهراً، لم يقع نظري فيه على شخص واحد يسير بخطى وئيدة. وليس في العالم كله مثل الرجل الفرنسي وهو يجتاز الطريق، إنه يعدو أو يطير. أضف إلى ذلك المتسولين والمتشردين والنشالين والمغنين في الشوارع والنافخين في الأرغن والدجالين بائعي الأدوية المزيفة. وجملة القول أنهم شعب تشيع فيه مائة من أخطار البشر، لا يوثق به إطلاقاً، متلهف على الكسب، مسرف في الدنس والتجديف بكل معنى الكلمة. ولكنه إذا أوتي اليسير من الطعام أو النبيذ فهو ألطف شعوب العالم وأكرمها وأكثرها مرحاً وابتهاجاً.

البرجوازية

وفيما بين الطبقتين الدنيا والعليا قامت الطبقة الوسطى، تضمر لها أولاهما البغض والكراهية، وتزدريها الثانية، وكانت تضم الأطباء والأساتذة ورجال الإدارة وأصحاب المصانع والتجار ورجال المال، وهي طبقة شقت طريقها إلى الثروة والنفوذ والسلطة في حذق ومهارة وصبر وجلد.
وقام أرباب المصانع بمغامرات اقتصادية وتطلبوا من أجلها عائداً وفاقاً. وشكوا من انهم يتعرضون لمائة من المضايقات التي تسببها لهم تعليمات الحكومة ورقابة النقابات على السوق والعمال المهرة، واغتاظ التجار الذين يوزعون المنتجات من فرض ألف من المكوس والرسوم التي تعوق حركة البضائع، ذلك أنه عند كل نهر أو قناة أو مفترق طرق كان هناك وكيل عن النبيل أو رجل الكنيسة مالك الأرض، ليتقاضى رسماً على الترخيص بمرور البضائع. وأوضح السيد المالك أن هذه المكوس غنما هي تعويض معقول له عما ينفق في صيانة الطرق والجسور والمعابر وإصلاحها لتبقى صالحة للاستعمال. وألغى مرسوم ملكي صادر في عام 1724 ألفاً ومائتين من هذه المكوس، ولكن بقيت بعد ذلك منها مئات لعبت دوراً في كسب البورجوازية إلى جانب الثورة وتأييدها لها.
أما التجارة الفرنسية التي كانت معوقة في الداخل فقد انتشرت واتسعت فيما وراء البحار. وسيطرت مرسيليا، وكانت ميناء حرة، على تجارة أوربا مع تركيا والشرق. ومدت شركة الهند التي أعيد تأسيسها 1743، أسواقها ونفوذها السياسي في البحر الكاريبي ووادي الميسيسيبي وأجزاء من الهند. ورفعت بوردو، وهي، المنفذ السياسي لتجارة الأطلنطي، تجارتها البحرية من أربعين ملوناً من الجنيهات في عام 1724 إلى 250 مليوناً في 1748. وأبحر أكثر من 300 سفينة سنوياً من بوردو ونانت إلى أميركا، يحمل معظمها العبيد ليعملوا في مزارع قصب السكر في جزر الأنتيل ولويزيانا. وفاقت نسبة المبيعات من السكر المنتج من أمريكا الفرنسية مثيلتها من السكر الإنجليزي المنتج في جمايكا وباربادوس في الأسواق الأوربية، وربما كان هذا من أسباب حرب السنين السبع، وارتفعت جملة تجارة فرنسا الخارجية من 215 مليوناً من الجنيهات في 1715 إلى 600 مليون في 1750. وقدر فولتير أن عدد السفن التجارية التي استخدمتها فرنسا زاد من 300 سفينة في 1715 إلى 800 في 1738.
وكانت الأرباح المتزايدة من التجارة البحرية الدافع الأساسي لغزو المستعمرات. وكانت حماسة التجار والمبشرين الفرنسيين قد كسبت لفرنسا معظم كندا وحوضي الميسيسيبي وبعض الجزر في البحر الكاريبي. وتحدت إنجلترا هذه الممتلكات الفرنسية على اعتبار أنها تضيق الخناق على مستعمراتها في أمريكا وتعرضها للخطر. والحرب هي التي يمكن أن تحسم هذه القضية، ودب الخلاف بين إنجلترا وفرنسا في الهند بسبب منافسة مماثلة. وكان الفرنسيون في 1683 قد وطدوا مركزهم على الساحل الشرقي جنوبي مدراس، وفي 1688 حصلوا من إمبراطور المغول على حق السيطرة الكاملة على شاندرناجور شمالي كلكتا. وفي ظل القيادة النشيطة اليقظة لجوزيف دوبليكس، استولى هذان الثغران على كثير من التجارة والثروة إلى حد أحست معه شركة الهند الشرقية الإنجليزية، التي كانت قد أقامت لها مراكز في مدراس (1639) وبمباي (1668) وكلكتا (1686)-أنها مضطرة إلى خوض الحرب مع الفرنسيين من أجل مملكة المغول التي تتمزق أوصالها.
ولما رأت إنجلترا وفرنسا أنهما على طرفي نقيض في حرب الوراثة النمساوية (1744) فان ماهي دي لابور دونيه-الذي كان قد ضرب رقماً قياسياً في الإقدام والمغامرة في إدارة جزر موريشيوس وبوربون الفرنسية في المحيط الهندي-عرض على حكومة فرساي خطة "للقضاء على التجارة وعلى المستعمرات الإنجليزية في الهند". وهاجم مدراس بأسطول فرنسي، بموافقة دوبليكس الحسود، وسرعان ما أرغم المدينة على الاستسلام (1746) وتحت مسئوليته الخاصة وقع مع السلطات الإنجليزية اتفاقية تقضي بإعادة مدراس إليهم لقاء تعويض قدره 420 ألف جنيه. ورفض دوبليه التصديق على الاتفاقية، ولكن لابوردونيه أصر في عناد، وأبحر على سفينة هولندية إلى أوربا: وأسرته سفينة إنجليزية، وأطلق سراحه تحت وعد شرف، ودخل باريس فزج به في الباستيل بتهمة التمرد والخيانة، وطلب المحاكمة، وبعد عامين قضاهما في السجن حوكم وقضى له بالبراءة (1751) وتوفي 1753. وفي تلك الأثناء حاصر أسطول إنجليزي قوى بوندشيري (أغسطس 1748) فدافع عنها دوبليكس دفاعاً مجيداً حتى رفع الحصار عنها (أكتوبر). وبعد ذلك بسبعة أيام وصلت الأنباء إلى الهند بأن معاهدة إكس لاشابل أعادت مدراس إلى إنجلترا. ذلك أن الحكومة الفرنسية أدركت أنه مقضي عليها بالهزيمة في الهند بسبب ضعف قواتها البحرية، فرفضت أن تدعم مشروعات دوبليكس في الغزو والفتح، وأرسلت إليه قوات واعتمادات هزيلة، وأخيراً استدعته إلى فرنسا (1754). وامتد به الأجل حتى رأى الإنجليز يوقعون بالفرنسيين هزيمة منكرة في الطور الهندي من حرب السنين السبع.
وكان "رجال المال" في قمة الطبقة الثالثة وكانوا من مقرضي النقود على نطاق ضيق، من الطراز العتيق المحافظ، أو من أصحاب المصارف بكل معنى الكلمة، الذين يتعاملون في الودائع والقروض والاستثمارات، أو من "ملتزمي الضرائب" الذين يعملون للدولة باعتبارهم "وكلاء الدخل". وكانت القيود التي فرضتها الكنيسة الكاثوليكية على تقاضي فوائد الأموال قد ضعف أثرها أو أصبحت غير ذات موضوع تقريباً، في تلك الأيام. ورأى جون لو أن نصف فرنسا متلهف على الاتجار في الأسهم والسندات، وافتتحت باريس سوق الأوراق المالية (البورصة) فيها سنة 1724.
وكان بعض (رجال المال) أغنى من معظم النبلاء. فكان باريس مونتمارتل يمتلك مائة مليون جنيه، ولينورمان دي تورنهيم عشرين مليوناً، وصمويل برنارد 33 مليوناً. وزوج برنارد بناته من أزواج أرستقراطيين حيث دفع لكل منهن مهراً قدره 800 ألف جنيه. وكان سيداً مهذباً محباً لوطنه. وفي 1715 حدد بنفسه الضرائب المستحقة على ممتلكاته بمبلغ تسعة ملايين من الجنيهات، ومن ثم كشف ثروة كان يمكن أن يخفيها جزئياً. وعندما قضى نحبه (1739)، أماط فحص حساباته اللثام عن المدى الواسع لصدقاته الخفية. أما الاخوة الأربعة الذين حملوا لقب "باريس" فقد طوروا مؤسستهم المصرفية إلى سلطة سياسية. وتعلم منهم فولتير كثيراً من براعته المالية، فأذهل أوربا لكونه فيلسوفاً و "مليونيراً" في الوقت معاً.
وكان "الملتزمون العامون" أبغض رجال المال في فرنسا في القرن الثامن عشر. وكان النظام "الملتزم العام" قد أدخل في 1697 لجمع الضرائب غير المباشرة-أساساً الضرائب على الإعانات والتسجيلات والطلبات والملح والتبغ-ولكي تنفق الحكومة هذه الإيرادات قبل جمعها ألزمت بها شخصاً يدفع لها المبلغ المتعاقد عليه، مقابل حق جبايتها على مدى ست سنوات. وانعكس ازدياد الضرائب والثروة والتضخم في ارتفاع ثمن هذا العقد الرابح: 80 مليوناً 1726، 92 مليوناً 1744، 152 مليوناً 1774. ولم تقع أية حكومة يوماً في حيرة جرياً وراء الطرق التي تنفق بها أموال شعبها وفوضت للمتعاقد مهمة جمع الضرائب بالتعاقد إلى أربعين "ملتزماً عاماً" أو أكثر، دفع كل منهم كلوناً من الجنيهات أو أكثر ضماناً مقدماً، ولعق أصابعه كلما مرت بها الإيرادات، وهكذا، فيما بين عامي 1726-1730 جاوزت أرباح الملتزمين العامين الأربعين 156 مليوناً من الجنيهات. وابتاع كثير من أمثال هؤلاء الجباة الضياع والألقاب وشادوا القصور الفخمة وعاشوا حياة غاية في البذخ والترف، مما أثار حنق الأرستقراطية ورجال الكنيسة. وجمع بعضهم روائع الفن وأحاطوا أنفسهم بالفنانين والشعراء والخليلات، وفتحوا أبواب بيوتهم مأوى أو منتدى للصفوة من أهل الفكر وكان "ألطف الفلاسفة، هلفشيوس، واحداً من أكرم "الملتزمين العاميين". وقضى روسو فترة طويلة في ضيافة مدام دي ابيناي زوجة أحد الملتزمين. واستمتع رامو وفانلو بكرم الضيافة لدى الاسكندر دي لابوبلنيير الذي اشتهر من بين رجال المال بأنه يمثل ميسيناس (رجل الدولة الروماني من رعاة الدب صديق هوراس وفرجيل في القرن الأول ق.م) وثار كبار أفراد البورجوازية المتلهفون على الاعتراف بمكانتهم الاجتماعية، لأنفسهم من استهجان الكنيسة واحتقار النبلاء لهم، بمناصرة الفلاسفة ضد الكنيسة، ثم ضد النبلاء فيما بعد، وربما كان رجال المال هم الذين أمدوا الثورة بالمال.


طبقات المجتمع العامة

قات المجتمع العامة (لا يجب الخلط بينها وبين "طبقة المواطن")، كانت في حقيقة الأمر هي جمعية عامة للمواطن دعا إليها فيليپ الرابع عام 1302.
في الفترة التي سبقت طبقات المجتمع العامة 1789، كانت فرنسا تحت سيطرة دين عام غير منظم (حوالي 3.56 بليون جنيه [بحاجة لمصدر])، وتعاني من تضخم مريع وندرة الغذاء على نطاق واسع (المجاعة الكبيرة في شتاء 1789). أدى هذا إلى انتشار السخط العام وأفرز جماعة من ممثلي الطبقة الثالثة (612 بالتحديد) قامت بالضغط للحصول على مجموعة من الاصلاحات الراديكالية نسبياً، كان الكثير منها موائم لأهداف وزير المالية جاك نكير، لكنها كانت مخالفة تماماً لأمنيات بلاط الملك لويس السادس عشر والكثير من النبلاء الذين يشكلون حلفاؤه من الطبقة الثانية (على الأقل حلفاؤه ضد فرض المزيد من الضرائب على أنفسهم والاحتفاظ بضرائب غير مكافئة مع تلك المفروضعة على العامة).

المملكة المتحدة

في الوقت الذي لم يتم صياغة الطبقات الاجتماعية بطريقة تعطل مسيرة المجتمع، كان البرلمان الإنگليزي (في وقت لاحق البريطاني) يستند لوقت طويل على خطوط الطبقة الاجتماعي الكلاسيكية ليتكون من "اللوردات الدينيون والدنيويون، والعامة" كان التقليد أن يجلس اللوردات الدينيون والدنيويون منفصلين عن العموم بدءاً من عهد إدوارد الثالث في القرن 14.





السويد وفنلندا

هولندا

الامبراطورية الرومانية المقدسة

كان للامبراطورية الرومانية المقدسة نظام امبراطوري (ريچستاج). كان رجال الدين يمثلهم أمراء-أساقفة مستقلون، أمراء-مطارنة وأمراء-رؤساء الأديرة من مختلف الأديرة. كانت طبقة النبلاء تتكون من الحكام الأرستقراطيين المستقلين: الأمراء المنتخبين العلمانيين، الملوك، الدوقات، الحكام العسكريين، الكونتات وآخرين. وكانت طبقة المواطنيون تتكون من ممثلي المدن الامبراطورية المستقلين. وكان الكثير من الناس ممن كانت أراضيهم ضمن الامبراطورية الرومانية المقدسة يتمتعون باستقلالية لمئات السنين ولم يكن لهم ممثلين في النظام الامبراطوري، وكان منهم الفرسان الامبراطوريون والقرى المستقلة. كانت سلطة النظام الامبراطورية محدودة، بالرغم من الجهود المركزية.
كان للنبلاء ورجال الدين طبقات اجتماعية خاصة بهم تمكنهم من ممارسة سلطة كبيرة في الشئون المحلية. وكانت الصراعات على السلطة بين الحاكم وطبقات المجتمع مشابهة للأحداث التي وقعت في تاريخ البرلمان البريطاني والفرنسي.
كان التحاد شڤابيان، سلطة اقليمية بارزة في الأجزاء التي يسيطر عليها في ألمانيا بالقرن 15، وكان له أيضاً طبقات اجتماعية خاصة به، مجلس اتحادي حاكم يتكون من ثلاث طبقات: الأمراء، المدن والفرسان.

الامبراطورية الروسية

في أواخر الامبراطورية الروسية كان يطلق على الطبقات الاجتماعي السوسلوڤيات. وكان هناك أربع طبقات اجتماعية رئيسية: النبلاء (دڤوريانستڤو)، رجال الدين، سكان الريف، وسكان الحضر، ويوجد تقسيم أكثر تفصيلاً فيما بينهم. كانت تقسيم الطبقات الاجتماعية ذو طبيعة مختلطة، تقليدياً، مهنياً، ورسمياً: على سبيل المثال، التصويت في الدوما، كانت يتم من قبل الطبقات الاجتماعية. كان تعداد الامبراطورية الروسية يسجل الطبقات.





[4] أزياء العصور الوسطى
















[5]أنيميات العصور الوسطى

فرقة الفرسان



الشخصيات الموجودة في الانمي كلها حقيقيه


" جزيرة الكنز "



" أنمي دروب ريمي "



" ساندي بل "




" ليدي ليدي "


" سالى "



" لحن الحياة "


__________________

Feeding
Imagination
# n e r m e e n

رد مع اقتباس
  #174  
قديم 06-11-2014, 12:17 AM
 
السلام عليكم

ممكن مساعدة بليزز

اريد اختيار افضل اسم لروايتي الحزينة الثانية

اممم ملخص للقصة ..//

فتاة عمرها 17 سنة تنتقل لمدينة جديدة و تكون صداقات جديدة

و لكل صديق من اصدقاءها سر خلف ثنايا حياته

و تحب فتى يدعى سايمون او (سام)

وللعلم ان هذا الفتى هو من قتل والديه عندما كان صغيراا ..

في ال 12 سنة من عمره

ممكن مساعدة في اختيار افضل اسم

انا كنت مختارة اسم ( i miss you like crazy )

لان النهاية حزينة قليلا

فهل ممكن المساعدة هنا ..؟
__________________
رد مع اقتباس
  #175  
قديم 06-11-2014, 12:22 AM
 
اهلا دفاع حبي

بما ان فيها جريمة قتل واسرار بنفس الوقت
عنوانك مومناسب اشتقت اليك كالمجنون ماله دخل
فما اريك بهذه العناوين
الاسرار القاتلة
جريمة دفنها الوقت
سر بين عبق الاوراق
ابتسامة تذهبها الاسرار
اذا لم تلقي اي واحد فاخبريني لاحضر غيرهم
DODY KIM likes this.
__________________


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل ممكن أن يصبح الإنسان جسدا بلا روح بلا احساس؟ yassir11 مواضيع عامة 7 12-15-2015 01:24 PM
اليكم اكبر مكتبه انمي من يملك اكبر منها او افضل منها فل يتحداني Pro.M7MD أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 40 06-08-2011 01:26 AM
التراث ليس رأس مقمّلة ولا جسدا به براغيث !!!! د/محمدعبدالغنى حسن حجر حوارات و نقاشات جاده 11 07-29-2010 02:08 PM
زرعا حصدا حمد الأدغم شعر و قصائد 4 06-09-2010 05:31 AM
حقد اعدائنا..حسدا ساري العبد الله حوارات و نقاشات جاده 17 09-25-2009 03:53 PM


الساعة الآن 07:45 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011