السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كيف الحال سيدي ؟!
~ لمسة ساحرة ، لغة رقيقة ، سرد ممتع ، قلم قويم ، وخيال يمتد متخطيّاً مدى الأبصار ~
هذا ما أتمكن من قوله عن جمال هذا النص ، وبساطته أيضاً .
ولكن هناك بعض التعليقات التي لدي ؛ فتحملني قليلاً إذا سمحت !
التنسيق :.
ولا أعني به ، خلفية ، وخطّاً ، وما إلى ذلك ؛ فقد قمت بهذا بطريقة جيدة ..
ما أعنيه هنا ، هو ترتيب النص ، وعلامات الترقيم ..
وهو ما انتبهت إلى خلوه ، أو إلى استخدام سطحي له ..
فمثلاً : نص كهذا :.
أحب الناس هنا دوما سماع أبيات الشعر هذه ،
العابقة بالتاريخ و الزاهرة بالعواطف ،
فقد كانت تبعث فيهم القوة لمواجهة بؤس و مهالك حياة التمرد التي يحيون مخاطرها.
كان من المفترض أن يكون تنسيقه منمقّاً بشكل كهذا :.
" أحب الناس هنا دوماً سماع أبيات الشعر هذه ، العابقة بالتاريخ ، والزاهرة بالعواطف ؛ فقد كانت تبعث فيهم القوة لمواجهة بؤس ومهالك حياة التمرد التي يحيون مخاطرها "
من الجدير بالذكر أن تعرف أن هذه العلامة " ؛ " هي علامة تعليل ، وذكر سبب ..
تأتي مع أحرف " فاء " ، و " لام " أيضاً .. إلى جانب كلمات مثل " بسبب " ، أو " من أجل " ، أو حتى " حيث " شرط مجيئها مثل الأخريات ، ولكن عليك التفريق بين ما يكون معللاً ، وما يكون جملة عادية .
وإلى جانب هذا ، سأحذرك من استخدام النقاط كثيراً خلال نص نثري ؛ لأننا نكتب نثراً من اسمه ، وليس شعراً .
هذا إلى جانب خطأ آخر امتلكته في حرف العطف " الواو " ؛ فهو حرف يلتصق بالجملة بطريقة عادية " وماذا عن " ، " وجيراس " ، " ومن ثم كان علي كتابة تعبير للغد " .
ويجدر الذكر هنا أيضاً أن " ما " ، و " يا " ، يجب أن يفصلا عن الكلمة ، وليسا مثل " الواو " ، مثل " يا محمد " ، و " ما تفعل " .
المشكلة لديك أيضاً هنا ، هي أنك تمتلك لغة جميلة ، ولكن ينقصها بعض الأحرف فقط لإكمال حبكة الجملة . سأذكر بعض ملاحظاتي ، ومن كل الأنواع تقريباً :.
و كان لسخرية القدر التي جعلت (الأسياد) يلجأون إلى حيلة من التاريخ الأغبر الذي يحتقرون وحشيته ، أكثر من كافية لمحو مصداقيتهم !
في جملة كهذه ، إلى جانب الخطأ الإملائي " يلجئون " كان هناك هذا الجزء " الذي يحتقرون وحشيته " ، بما أنهم في كل الحالات كاذبون ، ومجرد متظاهرين كما يفهم من السياق النصي ، كان من الأفضل جعل الجملة تتمثل في : " حيلة من التاريخ الأغبر الذي يظهرون الاحتقار ؛ لوحشيته ، أكثر من كافية ؛ لمحو مصداقيتهم ! " ، أو حتى " حيلة التاريخ الأغبر الذي سبق وأظهروا احتقار وحشيته ، أكثر من كافية ؛ لمحو مصداقيته ! " .
ويا حبذا لو كنت أضفت ما يوضح أن الناس يصدقونهم كرهاً ، أو يعرفون كذبهم .
كان علي الجلوس و المراقبة ،
فيما يمشي أبي إلى موته منتصب الظهر ،
مرفوع الرأس كرامة و كبرياء !
وهنا ، الصحيح ذكر حرف الباء ؛ لأنه يوضح بماذا رفع رأسه : " مرفوع الرأس بكرامة وكبرياء " .
قد تكون عصية التقبل على الصبي في العاشرة ... لم يرد وداع مثله الأغلى بذلك الشكل !
الصحيح هنا " على صبي في العاشرة " ؛ فلا حاجة للتعريف ما دام الأمر عامّاً ؛ لأغلب ، إن لم لكن جميع الصبية في هذا السن .
وأمر آخر ، أليس في العادة يصف الناس أمثالهم الأولية بالعلو ، والقمة !
ذكرك الغلو وضح مدى مكانة المعني في قلب ابنه ، ولكن في ذات الوقت ، قد يعني أن هناك من يفوقه ؛ ولهذا لم تذكر صفة الكمال في النظر فقط ! كان بإمكانك دمج الاثنتين ، ما لم تكون الكلمة أصلاً خطأً إملائيّاً .
تحديدا في البناية المتطورة التي حظيت بشرف السكن فيها دونا عن الجميع !
الصحيح " دون الجميع " ؛ فلا فائدة من وضع الألف إن عنيت بها النصب ، أو تنوين الفتح .
خطوت نحو زاوية الغرفة البيضاء الجدران و الأثاث ،
الخالية من اللمسات الإنسانية ،
و ضغطت زرا مختفيا في جدارها الأبيض فتح لي فيه بابا للحمام.
هنا تكرار مبالغ ، وغير مهم ، أو قيم ، أو لازم إلى هذا الحد ، وكان يمكن أن تكون تركيبة الجملة أفضل ، وأبسط ، وخالية من كل هذا ، والتكرار لديك قد تكرر في مواضع كثيرة ، لقد ذكرته عندما كان الفتى يشاهد والده يقاد إلى منصة الإعدام ، ويوضح أنه مجبر ، وما إلى ذلك ، وفي أكثر من موضع أيضاً .
بإمكانك جعل هذه الجملة شيئاً ما مثل : " خطوت نحو الزاوية البيضاء ، والموحدة في لونها مع كل شيء هنا ، بخلو من اللمسات الإنسانية .
ضغطت زرّاً مختفياً في الجدار ، فُتِحَ عن طريقه باب الحمام "
ومن الجدير بالذكر أنه كان عليك تحديد الجدار ؛ فللزاوية اثنان كما تعرف !
لديك أخطاء إملائية ، منها " انتهاء " ؛ فتكتب هكذا ، وليس بهمزة القطع .
قلتها كابتا غمغمة متذمرة من مقدار الخصوصية الذي أحصل عليه ،
و كيف أنه لم يتغير منذ أيام السجن !
الأصح هنا استخدام المؤنث ؛ لأن الضمير عائد على الخصوصية ، وليس على المقدار .
" قلتها كابتاً غمغمة متذمرة من مقدار الخصوصية التي أحصل عليها ، وكيف أنه لم يتغير منذ أيام السجن ! "
كملاحظة أخيرة ، وإن أضعت الأمثلة ، هناك بعض الجمل عليك تجنب استعمال " التي " ، و " الذي " ، وغيرها فيها ، واستبدالها كما في سائر الجمل المستعملة ، مثلاً ، وإن كان من عقلي :.
" كان والدي محبّاً للقراءة ، والتي تنمي العقل كثيراً "
" كان والدي محبّاً للقراءة المنمية للعقل كثيراً " ، وبالطبع الكثرة عائدة إلى مقدار حب الأب للقراءة .
إلى جانب ، في موضع من المواضع ، تحديداً عن وصف حال الأب ، وهو يساق إلى موته ؛ حيث في وصفك تقييده جمعت كلمة يد ، وفي الأصل كان عليها أن تكون " مقيد اليدين " .
حسناً ، تمكنت من ذكر ما اكتشفته الآن ، ولو أنني في أثناء القراءة كنت قد لاحظت أكثر ؛ ولهذا لننتقل إلى تحليل القصة ، وإيجابيات النص :.
بدأت القصة بقصيدة ألقاها من اكتشف لاحقاً أنه من المتمردين الشرفاء ، ناصراً للعدل ، ومحبّاً للغير ، وكارهاً للظلم السائد ، متصفاً بأخلاق حميدة ، وصفات بالغة في الشهامة ، والسمو المحسن العالي .
وكان هناك ذاك الاعتقاد أن الرواية سيقصها لنا الكاتب بشكل اعتيادي ، مستخدماً طريقة السرد الموضحة ، ولكن الأمر كان بشكل رائع أن الراوي إحدى الشخصيات ، ومن ثم يتم اكتشاف أنه الابن الأصغر لذلك المجاهر المحبوب .
يكون إحساس الراوي سيئاً ، وتختفي رؤيته فجأة في ظل بعض التعجب ، والفضول من أي قارئ ، ومن ثم يكتشف أن القلب كان صادقاً ؛ فتتبين حقيقة هجوم الحكومة السيئة على المقر المتمثل في كهف ، والذي يفترض بأن السرية تحيطه .
وعندما يفيق بطلنا مرة أخرى ، تكون عملية إعدام والده جارية ؛ فلا يتحمل الأمر ، وبصراخه تستثار الجموع ، ويقتلون في مجملهم ، بمثل مقتل الأب ، منهياً بذلك مسيرته الحافلة بالصلابة ، وقوة التحمل ، والفضائل السامية .
يجدر الذكر هنا أن شقيق البطل ، والمذكور اسمه في البداية قد اختفى ، ولم تذكر عنه شيئاً .
ثم بعد ذلك ، يكتشف أن هذه ما كانت إلا ذكريات ماضي ، رافقت كابوساً دامياً ، محملاً بالأسى ، والكره لخضوع ، أجبر عليه بقسرية ظالمة .
نكتشف بعدها أن البطل تعرض لسجن ثلاث عشرة عاماً في مركز إعادة تأهيل ، وهو ما يجب أن يجعله الآن مختلفاً عن صبينا الصغير ، بأن يكون شاباً في الثالثة والعشرين ، وأتوقع أن هناك سبب قوي لهذا الخنوع المذل ، والذي في ظل أي شيء في الواقع ، كان الصبي ليفضل أن يقتل عوض كل هذا !
ثم يأتي ذكر من تمثل باسمه عنوان القصة ؛ ليكون بذلك موضّحاً أن المقصود بهذه الأحداث شخص آخر لا تزال الظلال تلفه من كل جانب ؛ مما يمنعنا معرفة أي شيء ثم مجرد خطوط أولية ، قد لا تكون حقيقية أبداً .
يتوجب الآن على الراوي أن يخطب موضحاً أنه باسم عائلته مع سياسة الأسياد ، وأن المعني بالعنوان ما هو إلا عدو ، خائن ، يحاول التدمير ، معيثاً الفساد ، وناشراً الأكاذيب ، في محاولة لخدمة مصلحة شخصية ، ستحل المآسي على الشعب !
ومن الجدير بالذكر ، أن ذلك الرجل المسئول عن الصبي الكبير ، قد أعطى ذلك الأخير نظارة بحجة تعزيز ، وترسيخ الصدق ، وهو ما سيحصل إذا ما لوحظ القدم في طرازها ، بالطبع غايته ليست كذلك ، ورأيي أنها مختلفة للغاية ، ولها تابعات لن تحمد عقباها .
من الإيجابي في قصتك ، أنه ، وإن أعطى العنوان ذلك التأثير بالخيال ، أو بالرومانسية ؛ فهو كان مختلفاً كليّاً ؛ حيث خضت عباب السياسة ، والجهاد ، بطريقة مختلفة نوعاً ما .
لأقول الحقيقة ، دخلت هنا ؛ بسبب أن قصتك لا تحتوي سوى فصلاً واحداً فقط .
إلى جانب هذا ، لديك أسلوب حسن ، وطريقة سرد محببة ، غير مزعجة ، أو ثقيلة ، كما أن وصفك لا بأس به ، ولو أن عليك التركيز من جهة الوصف أكثر ، خاصة المعركة التي حصلت عندما هجموا ، وكيف أصلاً عثروا على المقر السري ، وفي لحظة الإعدام أيضاً .
بعض النصائح ، والملاحظات :.
_ اهتم بالوصف أكثر ، وبجميع أنواعه .
_ راجع الأخطاء التي ذكرتها في الأعلى .
_ طول الفصل قصير ، ولو أعقب هنا ؛ لأنه البداية فقط .
_ اهتم بالمنطقية ، والحبكة ، خاصة خنوع الراوي ، وغيرها من بعض الأحداث الأخرى ، وبما أن هذه البداية ، وأتوقع أنك تكتب الفصل أثناء النشر ؛ فأردت تنبيهك هنا ؛ لتضع التفسيرات التي يقبلها العقل .
_ اهتم بالتنسيق من جميع أبعاده ، وعلامات الترقيم ، إلى جانب الإملاء والنحو ، والجملة في مجملها ؛ تجنباً لأي ركاكة ممكنة .
سأكتفي بهذا ، رغم اعتقادي أنني نسيت أمور هامة !
وفي النهاية ، أقدم اعتذاري في حال أسفك ، وشكري لك ؛ لأنني لم أكتب ردّاً بهذا الشكل منذ فترة ، شككت في بقاء مقدرتي على النقد !
إلى جانب أنني قد لا آتي في الفصل القادم ، أو أي فصل آخر ؛ لفترة على الأقل ، ما لم يغريني الفضول ، والحماسة ، وتحكني يدي لأرمي بما ورائي في أبعد مكان من عقلي .
ومرة أخرى ، أشيد بأسلوبك ، وأملي فيك ؛ فلا تخيبه رجاءً ، اتفقنا !
موفق سيدي .