المهم بدون مقدمات لأني لست بتلك البراعة في صياغتها سنغوص أنا وأنتم في طيات هذه القصة و التي يمكن أن تتصف بشيء من الغرابة. ستبدأ قصتنا قبل زمن ليس ببعيد في قصر فخم تميز بمعماره الخلاب و رقي زخارفه، بني بعناية فائقة جعلت الرائي اليه أسيرا لجماله ، قصر لا ينفك ينتهي فيه حفل راقص حتى يبدأ آخر على الفور،كان ذلك قصر أل"رومانوف" العائلة القيصرية الحاكمة في ذلك الزمان في عهد نيكولاس الثاني، كان القصر يعج بالخلائق فهؤلاء نساء فاتنات يتجولن أو يرقصن وهؤلاء نخبة الرجال شغلهم الشاغل أعمالهم، كان القصر مجهزا بأفخم الزينات فكنت ترى الثريات الكريستالية تملأ المكان و باقات الورود هنا و هناك، و الموسيقى التي تطرب لها الآذان، كانت بين كل هذا فتاة صغيرة بفستانها الأزرق وقبعتها الغريبة الشكل، تراقص أباها و الإبتسامة لا تفارق محياها كانت تلك وريثة أل- رومانوف-.... - آناستازيا رومانوف-، كان شعرها البني يتطاير مع نغمات الموسيقى العذبة وعينا جدتها- ماري- تراقبها بسعادة، فما أدركتها حتى أخذت تجري لتريها ما صنعته يداها من رسم جميل فاكتفت الجدة بضحكة جميلة على طفولية حفيدتها اليافعة و كانت تلك الفرصة المناسبة لتقدم لها تذكارا يحفر في ذاكراتها كان ذلك صندوقا موسيقيا ذهبي اللون مرصعا بالجواهر المشعة أما هدف الجدة من الصندوق فقد كان تبديد الحزن الذي سيغشى حفيدتها الصغيرة لدى مغادرتها إلى باريس فقالت الصغيرة و ابتسامة متلألئة على و جهها: لي؟؟..أنا؟... وأضافت بتساؤل: هل هو صندوق مجوهرات؟. فابتسمت الجدة قائلة: انظري، و أخرجت مفتاحا صغيرا من حقيبتها كان عبارة عن قلادة ثم أدخلته في فتحة الصندوق فبدأ هذا الأخير يفتح و يصدر ألحانا عذبة فقالت - آناستازيا- بتفاجأ: انه يغني أغنيتنا. فضحكت الجدة وقالت: يمكنك تشغيله عندما تريدين الخلود للنوم و تدعي أنني أنا من أغني لك. فأخدت الجدة تغني بصوتها العذب و الصغيرة تميل هنا وهناك مع اللحن وتردد الكلمات هي الأخرى. فلم تكتفي الجدة بتلك الهدية بل أخرجت قلادة جميلة هي نفسها مفتاح الصندوق و خاطبت حفيدتها قائلة: اقرئي ما كتب عليها. فأخدتها -آناستازيا- و حاولت قرائتها. فقالت بصوت طفولي: س...سويا في باريس.ثم أضافت بسعادة عارمة: حقا...أوه جدتي. و احتضنتها طويلا. في تلك اللحظات كان ظل أسود مظلم يطبق على قصر أل "رومانوف" كان شره يظهر جليا مع تقاسيم وجهه فقد كان معروفا بكراهيته لنيكولاس القيصر وعائلته. ومع دخوله بث الرعب في نفوس الحاضرين لقد كان شخصا ذو سلطة شريرا وخطيرا لقد كان يدعى -راسبيوتن- ومع وصوله إلى الأدراج تلقاه مالك القصر السيد نيكولاس وخاطبه بغضب وحنق: كيف تتجرأ على العودة إلى قصري. فأجابه مدعيا البراءة واللطف: لكنني مستشارك. فرد السيد نيكولاس في سخرية صاحبت غضبا واضحا: مستشاري.. هاه.. أنت خائن أخرج من هنا. فأجابه بغضب: هل تظن أن بإمكانك معاقبة العظيم -راسبيوتن- ؟ بالسلطات الشيطانية التي ألبست في..سأعاقبك بلعنة.. فوجأ كل الجالسين من بينهم – ماري- وحفيدتها. فأضاف –راسبيوتن- متوعدا: تذكر كلماتي..أنت وعائلتك ستموتون خلال أسبوعين.. أنا لن أرتاح حتى أرى نهاية أل -رومانوف- للأبد. فانطلق شعاع أخضر اللون من أنبوب زجاجي يحمله –راسبيوتن- أصاب الثريا فسقطت واختفى معها الضوء، وحل الظلام على القصر. فقد باع –راسبيوتن- روحه رغبة في تدمير أل –رومانوف- وقد تحقق مبتغاه فقد هجم على القصر أعداد لا تحصى من الجنود الأشداء و ما كان للعائلة إلا البحث عن مخرج لينجو بجلودهم و أثناء ذلك تفطنت –آناستازيا- لصندوق الموسيقى و ركضت نحو غرفتها لتحضره فالتفتت جدتها لتراها فوجدتها تركض فأخذت تصرخ بقلق: -آناستازيا- عودي.... عودي. فأسقط في يدها وعلمت أن لا مفر من اللحاق بها إلى غرفتها ففعلت فاتجهت الصغيرة تجري إلى الدرج لتخرج الصندوق. لكن الأوان قد فات ليهربا فالجنود يداهمون القصر و في تلك الأثناء وحيث أن الجدة حائرة أمسكها من رداءها فتى صغير و هو يخاطبها قائلا:رجاءا أسرعي... من هذا الطريق مخرج الخدم . و بسبب الضغط و رغبتهما في الخروج أسقطت الصغيرة صندوق الموسيقى دون أن تنتبه و أدخلهما الفتى من باب صغير بجدار المطبخ ليفرا و قد كان يراقبهما تابع –راسبيوتن- فأخذ يصرخ قائلا: إنهما يلوذان بالفرار. فعندما أرادت –آناستازيا – الدخول تفطنت للصندوق والتفتت لذلك الفتى و هي تقول: صندوقي الموسيقي. لكن الفتى سبقها وأقفل الباب خوفا من بطش الجنود. فعندما دخلو اضطر لمجابهتهم وحده لكنه فتى لا حول له ولا قوة فما زاد إلا أن تلقى ضربة أسقطته مغشيا عليه وبجانبه صندوق الموسيقى. في تلك الأثناء كانت -آناستازيا- وجدتها قد أصبحا خارج أسوار القصر لكن –راسبيوتن- كان في انتظارهما ليقتلهما فأمسك الصغيرة من قدمها فأخذت تصرخ بفزع وخوف: اتركني... اتركني. لكن الحظ لم يحالفه فقد تكسر الجليد الذي كان عليه وسقط وسط الماء الشديد البرودة. فاستغلت الواقفتان هناك الفرصة و هربتا. فقادتهما قدماهما إلى محطة القطار فأخذت الجدة تصرخ بحفيدتها: -آناستازيا- هيا أسرعي. و اتجهتا نحو القطار لكن الأقدار شاءت دون كونهما معا، فصعدت الجدة لكن الصغيرة لم تستطع. فأخدت الجدة تصيح بقلق: -آناستازيا- ،...-آناستازيا- أمسكي يدي أمسكيها جيدا. وأضافت الصغيرة بخوف هي الأخرى و رغبة في البكاء: لا تتركي يدي... لكنها أفلتت من يدها، وسقطت. فأصابت رأسها بالأرض وفقدت الوعي. فصرخت الجدة بفزع: -آناستازيــــــــــــا- . لكن الأوان قد فات و القطار قد انطلق ولم يكن في وسعها فعل شيء.
بعد مرور عشر سنوات على تلك الحادثة الرهيبة....
في مكان آخر بعيد عن قصر أل –رومانوف- و بالضبط في شوارع المدينة كانت الإشاعات قد انطلقت على أن وريثة أل –رومانوف- ما تزال حية ترزق و أن جدتها السيدة- ماري- قد عرضت جائزة مالية ضخمة لمن يعيد أميرتها –آناستازيا- و بسبب ذلك تنوع الناس الذين طمعوا في الجائزة متناسين ألم الجدة على فراق حفيدتها فمنهم من أحضر شبيهة للأميرة على أنها هي وأحفظها سيرة حياتها محذرها من الغلط فذاقت الجدة ألم الفراق على حفيدتها الحبيبة و ألم الخداع على شبيهاتها.
كان من بين هؤلاء الناس فتى يدعى -ديمتري- و صديقه العجوز –فلاديمير- كان يسعيان وراء الجائزة المالية كغيرهما لكن ما كان ينقصهما هو فتاة تلعب الدور و ذلك كان عيب خطتهما.
بعيدا عن حمق هذين الإثنين و بالضبط في الميتم العام حيث عاشت بطلة قصتنا –آناستازيا- آه عفوا لم تعد –آناستازيا- بعد الأن هي الأن –آنيا- الفتاة اليتيمة أجل لقد كان ذلك يوم خروجها من الميتم لم تعد تلك الفتاة الصغيرة ذات الثمان سنين بل هي الأن شابة جميلة في ربيعها الثامن عشر خاطبتها مديرة الميتم بصوت بحوح فقد كانت عجوزا ترك فيها الزمان آثره: لقد تدبرت لكي أمر العمل في مصنع السمك ستذهبين على طول هذه الطريق وتتجهين يسارا لت....
وداعا.... قالت –آنيا مخاطبة أصدقاءها في الميتم غير مكثرتة لكلام المديرة.
غضبت هذه الأخيرة وقالت: هل تنصتين يا فتاة....
فقالت –آنيا- وقد اعتلا بعض الحزن تقاسيم وجهها: أنا منصتة سيدتي.
فأجابت المديرة بحنق و هي تمسكها من وشاحها: لقد كنتي شوكة في جانبي منذ وصولك إلى هنا، تتصرفين كأنك ملكة شيبا، وأنت بلا اسم ولا مال، لمدة عشر سنوات أنا التي أطعمتك وكسيتك و..
فأخذت -أنيا- تكرر كلامها وراءها بصوت خافت إلى أن وصلت إلى الكلمة الأخيرة فقالتها بصوت عالي قليلا وهي ترفع يديها بعصبية طفيفة: وآويتني...
ففتحت العجوز الباب وهي تلتفت –لأنيا- لتخاطبها بغضب طفيف: هكذا هو أنت ألم تتذكري كيف كنتي قبل أن تأتينا..أنت تذكرين كل هذا...
فأجابت –آنيا- بحزن: أنا أذكر كل ذلك...وأمسكت قلادتها فرفعت العجوز رأسها وأمسكت قلادتها هي الأخرى وقالت بسخرية: أعلم أعلم "سويا في باريس".. إذن أنت تريدين الذهاب إلى فرنسا لتبحثي عن عائلتك هناك.
فأجابتها الأخرى: نعم...
فقالت بنفس نبرتها السابقة: أوه الأنسة الصغيرة –آنيا-. (ودفعتها نحو الباب)، لقد حان الوقت لتأخذي مكانك في الحياة، في الحياة وفي الطريق و تكوني ممتنة أيضا.. ورمت الوشاح الخاص ب-آنيا- على وجه هذه الأخيرة. وأقفلت الباب وهي تقول بسخرية وضحكة: سويا في باريس..هههه.
انطلقت الأنسة –آنيا- في رحلة بحثها عن عائلتها المفقودة وصلت لمفترق طرق وأخذت تردد كلام العجوز في حنق ممزوج ببعض الحزن : كوني ممتنة –آنيا-... أنا ممتنة..ممتنة للهروب من هنا.. هي تقول إذهبي يسارا أنا أعرف الذي لليسار سأكون –آنيا- اليتيمة للأبد. ثم أضافت باستبشار: لكن إن ذهبت يمينا ربما سأجد.. افففف أيا كان من أعطاني هذا العقد فلا بد أنه يحبني. قالت و هي تمسك قلادتها. ثم أفلتتها وهي تضيف في حيرة: لكن هذا جنون أنا..... أذهب إلى باريس. ثم وجهت نظرها إلى السماء وهي تقول في غضب طفيف: أرني إشارة ما... تلميح..أي شيء.... قالت هذا و هي تجلس على الصخرة، في تلك اللحظة أمسك جرو صغير بوشاحها وأخد يجره في المكان فقالت وابتسامة تعلو وجهها: هي...هي... ليس لدي حقا وقت لألعب الأن... أنا في انتظار اشارة... فأبى الجرو الصغير ترك الوشاح فاضطرت أن تلحقه لتمسك الوشاح و هي تقول: هلا تركتني وشأني....أعطني ذلك الوشاح...هي أعطني... وبعد كل ذلك الدوران سقطت أمام الطريق التي في اتجاه اليمين. فقامت وهي تقول: أوه..عظيم كلب يريدني أن أذهب لسانت بيطرسبيرج...
ثم تفطنت للأمر وتوسعت عيناها فقالت، أوه... حسنا... وصلتني الرسالة..
فأخذت الجرو معها واتجهت لتواجه مصيرا مجهولا....
فكانت بدايتها محطة القطار و بالضبط كشك التذاكر وقفت أمامه في حيوية و نشاط وهي تقول: تذكرة واحدة لباريس من فضلك. فأجابها المسؤول قائلا: تأشيرة السفر. فردت ببلاهة وهي تتسائل: تأشيرة السفر؟؟؟
فصرخ المسؤول في حنق وغضب: لا تأشيرة سفر لا تذكرة. وأقفل الشباك في وجهها.
و في لحظة التفاجأ والغضب والحيرة تلك أمسكتها من ردائها امرأة عجوز امتلأ وجهها بالتجاعيد فقالت بصوت حاد: اذهبي لرؤية –ديمتري- يمكنه مساعدتك. فأجابت –آنيا- بعدما التفتت باهتمام: و أين يمكنني أن أجده. فأجابتها العجوز: في القصر القديم، لكن لم أقل لك شيئا. فردت –آنيا-: أوه...حسنا. فقالت العجوز: هيا هيا اذهبي. فرددت –آنيا-: أممممم...-ديمتري-.
لنذهب للشاب والعجوز قليلا لقد كانا جالسين ينسجان خطتهما في حذر لكن وكما قلنا سابقا الفتاة هي العنصر المفقود فكان من الضروري ايجاد الفتاة فكانت الفكرة القيام بتجارب أداء لإختيار الأكثر إقناعا فالسيدة –ماري- ليست من النوع الذي يسهل إقناعه.
لكن وككل مرة لم يجدا الفتاة المناسبة بل وجدا كوارث انسانية.
و في طريقهما للخروج أخد السيد –فلاديمير- (-فلاد-) يتذمر: هذا هو –ديمتري- انتهت اللعبة.. أوقعنا حظنا في هذا المسرح مع كل هذا لم نجد للأن من تدعي أنها –آناستازيا-.
فقال –ديمتري- محاولا رفع معنويات مرافقه: لا بأس سنجدها سنجدها إنها قريبة في مكان ما حتى أقرب من أنوفنا. ولا تنسى نظرة واحدة من الجدة لصندوق المجوهرات هذا وستظن أننا أحضرنا –آناستازيا- الحقيقية.
و دون وعي لا من –ديمتري- ولا –آنيا- إصطدما ببعض لكن واحدا منهما لم ينتبه ف-أنيا- كانت مشغولة بالسؤال عنه وهو مشغول بالحديث مع –فلاد-.
لننتقل إلى مكان آخر مكان اشتقنا له كثيرا إنه قصر أل –رومانوف- لكن أين تلك الفخامة و تلك الروعة لقد دمرت مع الأيام فلم يبقى إلا كتلة حجرية سيضرب فيها الدهر آخر ضرباته وتندثر. كانت-آنيا- قد وصلت بالفعل إليه رغبة منها في إيجاد المدعو –ديمتري- لكن جروها -بوكا- وكما هي الحال دائما مثير للمتاعب انسل لها من باب قفل بالخشب لكن فيه فتحات صغيرة فأخذت تنادي هذا الجرو وهي تقول: -بوكا- ....-بوكا- أين أنت.. وهي لم تكن سالمة من المشاكل أيضا فضولها دفعها لكسر الباب فأمسكته بكلتا بديها وجذبته و هو لم يكن بتلك القوة ليستعصي عليها فسقطت و سقطت الأخشاب عليها و قبعتها أيضا.
أما الجالسان في الداخل ورغم انغماسهما في إيجاد حل لعيب خطتهما لم يمتنعا عن الإنصات جيدا خصوصا –ديمتري- فقد كان يبالغ في حذره كأنه مجرم هارب من العدالة فقال هذا الأخير لصديقه العجوز: هي.... –فلاد- هل سمعت شيئا. لكن الأخر وحيث أنه منهمك في وجبته قال ببلاهة: آه... لا لم أسمع شيئا. لكن –ديمتري- لم يقتنع وقام تاركا مكانه ليبحث عن مصدر الصوت.
أما –آنيا- فقد دخلت القصر بالفعل وأخذت تتجول وهي تصيح قائلة: مرحبا... هل من أحد هنا.. فأخذت تتجول حتى قادتها قدماها من حيث لا تعلم إلى قاعة الحفلات القديمة بالقصر أخذت تتصفح باهتمام طاولة واسعة كانت موضوعة هناك فأحست أن لها ذكريات في هذا المكان ذكريات سعيدة فترائت لها صور متقطعة مشوشة عن شيء من ماضيها المدفون فقالت في استغراب ممزوج بتساؤل: امممممم.. هذا المكان إنه كذكرى من حلم ما. وأخدت تترامى إلى بصرها صور لرجال يراقصن نساءً لقد أحست أنها بالفعل تعيش في تلك الحفلة و ليست مجرد تخيلات.
لكن صوتا قاطع خلوتها تلك فقال: هي.. أنت ماذا تفعلين هناك.. فما إن سمعته حتى حملت قدميها و لاذت بالفرار لكنه لحقها وهو يصيح: هي...هي... أنت..توقفي توقفي..انتظري دقيقة..... فلحقها ووصل إليها فلم تجد طريقا للخروج فقال وهو يلتقط أنفاسه: هي...أنت كيف دخل.... لكنه بتر جملته بعدما رآها و توسعت عيناه دهشة من وقع المفاجأة. في تلك الأثناء كان العجوز –فلاد- قد وصل للتو فأمسكه -ديميتري- من ياقة ملابسه وهو يهمس له: -فلاد- هل ترى ما أراه.. فرد الأخر ببلادة: لا. فتفطن –ديميتري- للموقف وأنزل له نظارته لتتوضح له الرؤية فرد بعد أن فهم ما يرمي إليه –ديمتري- وهو فاتح فمه على مصراعيه : أوه أجل.... أجل.
فكانت –آنيا- بين كل هذا لا تفهم شيئا لكنها قالت: هل أنت –ديمتري-؟
فرد المعني بالحوار بعد أن رسم خطة جهنمية في دماغه الصغير: ربما... هذا يعتمد على الذي تريدينه . فردت –آنيا- غير دارية بما ينتظرها: أممم. أنا –أنيا- و أحتاج أوراق تأشيرة للسفر. ثم أضافت بهمس: لقد قالو انك الرجل المطلوب رغم أنه لا يمكنني إخبارك من قال هذا. أما الأخر فقد كان منشغلا بالتحديق فيها. فانزعجت –آنيا- وقالت: هي ..أنت.. لماذا تدور حولي... فرد المخاطب قائلا: آه..أنا أسف آينيا.... فقالت بسرعة : -آنيا- ...-آ..نيا- فأجاب: أوه.. أجل –آنيا- لايهم.... المهم قلت شيئا عن تأشيرة سفر. فقالت: آه أجل أريد الذهاب إلى باريس. فرد بدهشة: تريدين الذهاب إلى باريس...ثم أضاف بتساؤل: آه دعيني أسألك شيئا..-آنيا- أجل...أممممم يجب ان يكون هناك نسب مع هذا... فردت بعدما علمت حرج الموقف: حسنا اسمع أعلم أن هذا سيبدو عجيبا لكنني لا أدري ما هو نسبي... فقد وجدوني تائهة عندما كنت في الثامنة. فرد هو الأخر: و قبل ذلك قبل عمر الثامنة. فردت وقد اكتست جملتها بعد الإنزعاج: اسمع أعلم أن هذا غريب لكنني لا أذكر شيئا لدي ذكريات قليلة جدا من الماضي. فقال بصوت خافت قليلا: حسنا هذا.. هذا..ممتاز. فأضافت مكملة كلامها: لكن لدي فكرة واحدة عن ماضي وهي باريس. قالت هذا وهي تمسك قلادتها. فرد بتساءل: باريس؟.. فأضافت: إذن هل ستساعدني أم ماذا..
فالتفت بسرعة ل-فلاد- وهمس قائلا: -فلاد-...-فلاد-.. التذاكر. ووجه خطابه ل-آنيا- قائلا: في الواقع نحن أيضا ذاهبان لباريس. وعندها قدم –فلاد- التذاكر ل-ديمتري- فقال هذا الأخير: أمممم عندي ثلاث تذاكر لكن..لسوء الحظ.. الثالثة لها. وقال وهو يشير لصورة كانت قربه لأفراد عائلة –رومانوف-: -أناستازيا-.
فأمسك الإثنان –آنيا- من يديها وأخذا يقنعانها أنها تشبه وريثة أل –رومانوف- -آناستازيا-. فردت هذه الأخيرة بسخرية: هل تحاولان إخباري أنكما تظننان أنني –آناستازيا-. فرد –ديمتري- محاولا إثباث وجهة نظره: اسمعي لقد رأيت آلاف الفتيات من كل أنحاء المدينة ولا واحدة منهم تشبه الدوقة بقدرك. ووجه اصبعه للصورة قائلا: انظري للصورة. فردت بنفس نبرتها السابقة موجهة خطابها ل-ديمتري- : ههه عندما قابلتك عرفت أنك مجنون من الوهلة الأولى لكن الأن أظن أنكما مجنونان أنتما الإثنان.
فأجاب –ديمتري- محاولا كسبها لصفه: لماذا... أنت لا تذكرين ما حدث لك. فأكمل –فلاد- قائلا: لا أحد يعلم ما حدث لها. فقال –ديمتري- : وأنت تبحثين عن عائلتك الضائعة في باريس.وأكمل –فلاد- جملته مرة أخرى: و عائلتها الوحيدة في باريس. فقال –ديمتري-: ألم تفكري يوما أن ذلك يمكن أن يحدث.. فبثرت –آنيا- جملته لتكمل: أن أكون من العائلة المالكة. فأماءا برأسيهما أن نعم. فقالت في سخرية مصحوبة بحيرة: أنا لا أعلم إنه لمن الصعب أن أفكر أنني دوقة وأنا أنام على بلاط رطب، لكن طبعا أظن أن كل فتاة وحيدة تتمنى أن تكون أميرة.
لكنها لم تقتنع تماما فكان أنسب حل ل-ديمتري- هو أن يوهمها أنه لن يساعدها فأمسك –فلاد- وقال: كنت أتمنى أن أقدم لكي المساعدة لكن التذكرة الثالثة هي ل-آناستازيا- حظ سعيد.
فنزلا عبر الدرج و هنا استفسر –فلاد- قائلا: لم لم تخبرها عن خطتنا الرائعة. فرد الأخر: كل ما تريده هو الذهاب إلى باريس لم نعطيها الحصة الثالثة من الجائزة. فرد الأخر في قلق: لقد أعلمتك نحن أيضا سنسافر قريبا. فأجاب –ديمتري- مهدئا أعصاب صديقه: صدقني كل شيء تحت السيطرة.... حسنا أبطء خطواتك قليلا. فأمسك أصابعه وقال: أنظر ثلاثة... اثنان... واحد. عندها سمع الإثنان صوت –آنيا- وهي تقول: -ديمتري-... –ديمتري- انتظر. فرد المخاطب بالحوار ببلاهة مزيفة: هل ناديتني. فردت: إن كنت لا أعلم من أنا فمن يدري ان كنت أميرة أو دوقة أو مهما كانت...صحيح.. وإن لم أكن –آناستازيا- فالإمبراطورة ستعلم ذلك فورا وسيكون ذلك خطأ غير مقصود. فقال –ديمتري- بعدما هنأ نفسه على عبقريته: يبدو هذا معقولا.. وأضاف –فلاد- ليقنعها أكثر: وإن كنت الأميرة فستعرفين أخيرا من أنت و ستستردين عائلتك. فأكمل –ديمتري-: إنه محق و في كلتا الحالتين ستذهبين إلى باريس. لكن في تلك اللحظات كان الشر يتربص بهم في كل مكان فقد استيقظ تابع –راسبيوتن- الشرير اثر سماعه اسم –آناستازيا- فاستغرب وقال: -آناستازيا-؟؟ هناك مشكلة واحدة يا صديقي –آناستازيا- ميتة كل أفراد عائلة –رومانوف- ميتون. وفي تلك اللحظات انبعث ضوء أخضر من الأنبوب الذي وراءه والذي كان ملكا لسيده فقال : ماذا هل تريدني أن أصدق أن الأموات قد عادو للحياة بعد كل هذه السنوات فقط لأن شابا ما ادعى أنها من عائلة–رومانوف-. وقد كان يعني بذلك سيده، وأضاف بتذمر بعدما اشتد الضوء : حسنا حسنا لقدوصلتني الرسالة، توقف عن كل هذه الأضواء المتوهجة والدخان. ثم همس لنفسه: هل... هل يعقل أنه قد عاد للحياة ثانية، لو أن هذا حقيقي فمعناه أن–آناستازيا- حية حقا. ثم التفت بخفة ليرى –آنيا- وأضاف: وهذه هي.. وفي تلك اللحظة تحرك الأنبوب وطار مبتعدا عن ذلك الخفاش الأبيض اللون فأمسك به بسرعة وأخذ يصرخ. قاد الأنبوب الخفاش عبر عدة أنفاق متجها تحت الأرض، وأخيرا سقط التابع على صخرة و أصدر ضجيجا كان كفيلا بإيقاظ ذلك الشرير –راسبيوتن- الذي كان يقبع تحت الأرض بعد تلك الحادثة فصاح هذا الأخير بغضب: من يتجرأ ويتطفل على خلوتي. وكسر بعض الصخور التي كانت حوله واتجه نحو ذلك الخفاش وهو يصيح في وجهه: هيا أخرج من هنا.. الأن.. وبعد أن تحقق من أنه تابعه قال بدهشة وسعادة في نفس الوقت: أوه...باتروك هذا أنت. فلم يكن حال التابع بأقل من ذلك فقال بتفاجأ: سيدي هل هذا أنت حقا، أن....أنت حي.. فأجاب –راسبيوتن-: أجل إنه أنا، شيء ما سيحدث.. أستطيع أن أشعر بقوى الظلام تزمجر... فأجاب التابع: لم تكن مفاجأة فقد رأيتها بنفسي... –آناستازيا- . فقال –راسبيوتن- بتساؤل: -آناستازيا-... حية، أجل لقد كنت أعلم هذا..ثم أضاف بغضب: لو لم أفقد الدعم من القوى المظلمة.... المفتاح إلى سلطتي.. فتفطن الخفاش للأنبوب وقال: أتعني هذا؟؟... فاتسعت عينا –راسبيوتن- وقال: من أين أحضرته؟؟ فقال الخفاش بعفوية: أمممم.. لقد وجدته.. فارتمى –راسبيوتن- على الأنبوب وقال بلهفة: أعطني إياه.. ثم أضاف بخبث: والأن سيتم مرادي المظلم ستموت آخر سلالة–رومانوف-....