05-03-2014, 01:12 AM
|
|
الفصل [ 1 ]
تأوه صبِية
.
.
.
جمالُها كجمال برعمة ربيع تفتحت في خضم صباحه , فشعرها الأشقر , ووجها الصبوح ذو البياض الناصع , غير وقفتها الشامخة الواثقة ذات النظرات العنيدة المُصرة والتي اتخذت من الخوف عدُو .. قد أبهرت الكثير من التلاميذ الذين ينتظرون منها إلقاء وشرح مسابقتها فيُعاونوها ويشاركونها في ذلك .. أخذت نفساً عميقاً قبل أن تسرد لهم بثقة عارِمة : " مرحباً بجميع طلاب وأساتذة مدرستنا المثالية السامية , أهلاً بِكُل من يستمع إليّ وإلى هذه المسابقة التي كانت من تحت إخراج معلمي المثالي جين تاكامي " .. نظرت ناحيته وابتسمت له بثقة وقد بادلها بتلك الابتسامة الهادئة الرصينة .. , كان يجلس في مقدمة صفوف الحاضرين الذين يصفقون له .. أكملت بعد أن رفعت ناظريها نحو الطًلاب لتُكمل لهم موجز المسابقة وفكرته : " المعلم المثالي جين تاكامي قد فكر بطريقة ذكِية حول تنشيط هذه المدرسة من بعد هدوءها المفاجئ .. , المسابقة عبارة عن منافسة بينكم في أفضل موهبة.. , ولكن ليست المنافسة تقتصر على المواهب فحسب بل سوف تُقيم بحسب طريقة تقديمها .. , طريقتكم الخاصة في إبرازها مع بعض إضافاتكم الرائعة .. , أبدعوا وابتكروا طُرقكم التي تًخولِكم لنيل 800,000 ين ياباني مقدمة من المعلم جين تاكامي بنفسه !! " .. تعالت تأوهات التلاميذ والطلبة أمام هذه الجائزة .. , ومن قد يرفض عرضاً كهذا ؟! .. , لا عجب إن كانت الجائزة مقدمة من المعلم جين المعروف بثرائه الفاحش ,ولكن فكرة طرحه للمسابقة جِدُ مبتكرة ومميزة .. !! ابتسمت بانتصار كما ابتسم معلمها كذلك .., أردفت مرة أخرى بطريقة مشجعة بينما الأمل يشع من عينيها الزئبقية : " تًرى من قد يستطيع كسبها منكم .. أثبتوا وجودكم وجدارتكم في أخذها يا أسياد الغد " .. .
.
.
هذه هي " جو غوزنالس " بطلة قصة [ زمجرة إعصار وانعدام مبتغى ] ..
واقفة قد بدَأتُ بِقراءة السطر الأول من الكتاب الفلكِي في مكتبة المدرسة , .. (المعتاد فى المجرات الإهليلجية قلة مناطق تَكَوُن النجوم " السدم " ... ) قد انكببت فعلاً مُندمِجة مع المكتوب فيه .. , رُحت أهمِس بخفوتٌ رافعة حاجبيّ : "السدم ! " نسيتُ أنني ما زِلتُ واقِفة أمام رفِ الكتب , فِي الحقيقة لم أشعُر أنَني انتهيتُ من قراءة الصفحة الأولى بانهماك واندماج .. , هدف بحثي حول هكذا كُتب هو المعرفة العميقة حول أسرار المجرَة الإهليلجيةالتي تشدُني إليها بقوة جبَارة .. , قلبت الصفحة الثانية باهتمام قد جرَفنِي , كنتُ أشبه بِطفل يلعب بمكعب روبيك .. , اعتقدتُ سالفاً أن عادتي هذه هي عادة طبيعية بحتة إلا أن والدي قد نبهني بخصوص ذَلك, فأحياناً يجدني واقفة شارِدة لأكثر من نِصف ساعة دون أيّ إمارة تعب ! توقفتُ فجأة عن القراءة حيث أنني سمعت صوت فتاتان قد أدركت كلماتهما مسامعي , قال الصوت الأول بهدوء وهمس حذِر : " مارو , إن تلك الشقراء هي غونزالس ! " .. سمعتُ ذلك ومن ثم تبسَمت نِصف ابتسَامة , ولكن ما فاجأني حقاً هو شهيق الصوت الثاني المدعوة بمارو .. , بدا صوتها مندهشاً غير مُصدِقة حين قالت : " مُستحيِل ! " .. لا أنكِر أنني قد تضايَقتُ من كلمتهَا تِلك , ماذا تقصد ؟! أتذمني هي أم تمتدحني ؟! .. أغمضت عينيّ أحاول التركيز لإكمال القراءة .. , وبالفعل ما هِي سوى لحظات قليلة حتى اندمجتُ مرة أخرى في القراءة من جديد ولكن هذه المرة لن أسمَح بمقاطعة أي أحد لي .. بعد ذلك لم أسمع صوتيهما .. قضيتُ عِدة دقائق ..عرفتُ من خلال قراءتي لهذا الكتاب بعض رموز المجرة وكيفية تكوينها غير أشكالها الأخرى .. , المُجمل أنني لم أستفد أيُ شيء هذه المرة .. , وككل مرة أغلقتُ الكتاب بِحدة بسيطة فقد أنهيته بقراءتي السريعة المتواصلة .. , أرجعته إلى الرف , وبتُ أبحث عن كتاب آخر مِن جدِيد مُتجاهلة الوقت , لكن ما لبثتُ حتى وقع عيني على إحدى الكتُب التي أثارت انتباهي ليرنَ الجرس آنذاك مُعلناً عن انتهاء وقت الاستراحة المفروضة علينَا .. رفعتُ رأسي وأنا أنفخ خدي تعبيراً عن استيَائي .. , تنهدتُ مُستسلِمة فلا خِيار لي سِوى حضُور باقِي الحصص .. , لكن فجأة شعرت بعينين تنظران إليّ تُحدِقان بعمقٍ من بعيد حيث أنني لا أعلم من أين هُو .. , لا أعلم كيف شعرت بها .. أظن أنني رأيتها بشكلٍ ما .. , أو أنها لمعتْ فِي مُخيلتي فجأة , لا أدرِ .. نظرت حولي مستفسرة باحثة عن صاحب تِلك النظرات لكنَني لم أرَ أي شيء مثيرٌ للريبة .. حتماً كنتُ أتوهم إذاً !
انتهت حصص هذا اليوم بفتورُ وبطءٍ شديد , بالنسبة لي على الأقل كانت كذلك يوماً وراء يوم , .. وكالعادة توجهت مباشرة إلى البيت دُون أن أُلقِي بالاً للطالبات اللواتي قد قررن التسوق غداً بحكم أننا في نهاية الأسبوع .. , وبينما أنا أمشي متجهة إلى المنزل بخطوات أشبه بإيقاع هادئ بارد فكرت في التسوق معهن جدِياً بما أنهن قد دعونَنِي للذهاب معهن .. , حسناً بالتفكير بالأمر سنجد أن أمي لن ترفض ذلك .. , و الغد عُطلة الأسبوع إذاً أنا متفرغة مائة بالمائة .. , أومأت برأسي حين قررت أن أتصل بإحداهن عندما أصل إلى المنزل .. حياتي جِدُ مملة لا شيء جديد فيها .. , لا مميز , في كل زوايا حياتي يجلس التبلد بجمود ثابِت لا يمل ْ ولا يكلْ ! لا أظن أن الأمر مفيد أن ظللتُ في هكذا أحوال .. ما أعيشه من حياة لا أرغب في عيشه بشدة زمهرير البرد .. دائماً ما أسُوغ لنفسي مبررات فاشلة لأعيش أكثر صدقاً ولكن الواقع واقع .. , أغمضتُ عيني بتعب فبمجرد التفكير بأموري هذه تجعلني ألعن عينيّ اللتان تُبصران العُمر , والرئة التي تشهق الهواء بحياة متجددة .. توقفت عن المشي لبرهة لأرى عن يميني ملعب كرة بسيط .. رأيت الأطفال يتسابقون ويلعبون بمرح .. ابتساماتهم وصرخاتهم تلك تجعلني ابتسم في غفلة مني .. , زارني الحنين حينها فدائماً ما أجلس هُنا وقت انتهاء المدرسة مُنذ أن سكنتُ هذا الحي , رميت حقيبتي جانباً ومن ثم تقدمت لأستلقي على العشب الذي يُحاذي الملعب .. استرخيتُ قليلاً , لقد قلّ ارتيادي لهذا المكان الذي يبعثر لي ذكرياتٍ أحنُ إليها .. أغمضت عيني باسترخاء كامل .. ثم أخذت شهيقاً متمنيةً ألا يتلوها زفيرا .. إن سألتموني من هم أصدقائي فسأجيبكم كما أجابتني أختي منذ أزل .. بوقفتها الشامخة الواثقة وعينيها العميقتين الآسرتين .. بابتسامتها العريضة التي تحمل الإصرار والعِناد قد جملتها : " هه , أصدقاء ؟! .. , هذه المفردة أصبحت في زمن القصاص شيئاً مشوهاَ دميماَ غير مرغوب ومقبولٍ فيه .. , دعِيني أُسألك .. , ما الذي يتبادر إلى ذهنك حينما أذكر لكِ هذه الكلمة ؟! .. , بالنسبة لي ستكون الإجابة, خيانة .. فراق ونفاق , مصلحة , كذب.. , تلك هي الصفات التي دنسَت تلك الكلمة الصافية النقية .. , لا تقولِ أصدقاء بل قولي ( أشخاصٌ رائعون قد عرفتهم , يذكرونني فأذكرهم مُخلدون في الذاكرة , فنحن في تقلب ما بين المصافاة والتنابذ ) " .. مازلتُ أذكر إجابتها التي ألجمتني .. , كُل كلمة قالتها مازلتُ أحفظها في فؤادي لارتاده عندما الجأ إلى النصيحة منها , .. أشخاص رائعون , مصافاة وتنابذ .. وقتها لم أفهم ما قد أدلته حتى الآن ظننتها مجنونة وليست في كامل قواها العقلية .. ابتسمت نِصف ابتسامة وأنا أراقب الغيوم التي تتحرك بحسب اتجاه الرياح .. , هه لربما أعرف ما عنته في يومٍ ما ..
يوم الخميس .. , الثاني والعشرين من شهر اكتوبر قررت أنا جو غونزالس أن أكتب مذكراتي ابتداءً من تاريخ هذا اليوم وحتى آخر رمق في حياتي وعمري الذي أقسمت فيه أن أنتقم شر انتقام من الذي قد بدد وقتل سعادتي .. , وأنني لأقسم أنني أكره قسمي ذاك إلا أن نار قلبي لن تُطفأ حتى أرى دماء من جعلني أعيش حياة فارغة لا معنى لها .. , ذاك هو هدفي اللامُنحبِط .. وأنني لأحس بخطرٍ وترهيب وتهديد في الأيام الواصلة .. , وأنني أعاهد نفسي عهدُ سُرمدي لا منقطع إنني لن أخشى الموت أبداً.. , وكيف أخشاه وهو مرادي وهيامي ؟! .. , شعورٌ غريب يراودني قبل نومي وبعده , أوصالي في ارتجاف مُستمر ..و و يديّ الرديئة ما عادت ترغب بالكتابة طوعاً لأمر عقلي الخسيس .. بُترتٌ حدَ الشقاء المكتوم ..
.
.
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركآته
صباح معطر بذكر الرحمن .. و مساء يملؤه الشوق والود لكم ..
إنه لشرف وسرور لي أن أضع أول روآياتي هنا في [ عيون العرب ] .. متمنية أن تُلاقي وتحوز على إعجابكم وإنتقاداتكم , وإني لم أضع روآيتي هذه إلا لهذا السبب الأخير ..
وهذه هي [ مقدمة ] و [ الفصل الأول ] من رواية [ زمجرة إعصارة وانعدام مبتغى ]
1- ما انطباعكم حول الرواية ؟
2 - أي نوع من الأحداث التي ستحصل لـ " جو غونزالس " ؟
ولا تنسوا تعليقاتكم وانتقاداتكم التي أتقبلها بصدر رحب ..
دُمتم |
__________________ here we go
التعديل الأخير تم بواسطة |April| ; 05-03-2014 الساعة 02:35 PM |