06-21-2014, 04:04 PM
|
|
اليكم الجزء التاسع أخيرا جاء دوري ! صرتم تعرفونني جميعا ... اسمي رغد ، و أنا يتيمة الأبوين أعيش في بيت عمّي الوحيد شاكر منذ الطفولة . أنهيت دراستي الثانوية مؤخرا و أفكر في الالتحاق بكلية للفنون و الرسم . أعشق الرسم كثيرا و أنا ماهرة فيه . الجميع يعرفني برغد المدللة ، حيث أنني تعودت منذ الصغر الحصول على كل ما أريد ، و بأي طريقة ! اليوم نقيم في منزلنا الصغير حفلة متواضعة بمناسبة تخرجي من المدرسة الثانوية . لم يتسن لنا إقامتها قبل الآن لأن والدتي ـ أي زوجة عمي ـ كانت متوعكة الصحة . في الواقع ، صحة والدتي ليست على ما يرام منذ سنين ... دانه تبالغ في وضع المساحيق لتبدو ملفتة للنظر ! رغم أنها لم تكن ترحب بفكرة الحفلة ، إذ أننا لم نقم حفلة عند تخرجها ، إلا أنها مصرة على سرقة الأضواء مني هذه الليلة ! " إنها حفلة بسيطة و لا تقتضي منك كل هذا ! تبدين كعروس بكامل زينتها ! " قلت لها و أنا واقفة أراقبها و هي ( مزروعة ) أمام المرآة منذ ساعات ! لم تلتفت إلي ، و قالت : " ما دمنا قد دعوناهن، فلنبهرهن ! قد تعجب بي إحداهن فتخطبي لأخيها مثلا ! " و ابتسمت بدهاء ! أنا أعرف من تقصد تحديدا ... لديها صديقة من عائلة ثرية جدا و شقيقها رجل تحلم نصف فتيات العالم بالزواج منه ، أما النصف الآخر فيبغضه بشدة ! إنه لاعب كرة قدم مشهور و صوره تملأ الصحف و المجلات و برامج التلفاز أيضا! قلت : " لا أعرف ما الذي يعجبكن في شخصية كهذه ! إنه حتى لا يتوقف عن توزيع الضحك و الابتسامات و كأنه مهرج ! " نظرت إلي بحدة من خلال المرآة ، ثم قالت : " على كل ٍ ، الأمر لا يعنيك فأنت أخذت نصيبك و انتهى دورك ! " ثم انشغلت بتزيين خصلة من شعرها بسائل ملمّع ... صرفت نظري عنها ، إلى يدي اليمنى ، بالتحديد إلى إصبعي البنصر ، و بمعنى أدق ، إلى خاتم الخطوبة الذي أضعه منذ سنين ... بمجرد أن بلغت الرابعة عشر من عمري أي قبل ثلاث سنوات و أكثر ، تم عقد قراني على ابن عمي سامر ... و بقينا مخطوبين حتى إشعار آخر . سامر ... يكبرني بخمس سنوات تقريبا ، و ما أن تخرج من الثانوية حتى بادر بطلب الزواج مني والدي ، بل و والدتي و دانة أيضا ... الجميع كان يريد ذلك ، فأنا أصبحت فتاة بالغة و لم يكن من الممكن بقائي و ابن عمي في بيت واحد دون حرج على كلينا عدا عن ذلك ، فإن سامر يحبني بجنون ! كما و أنني كنت السبب في الحادث الذي شوه وجهه ، و قلل فرصه لنيل إعجاب الفتيات قطعا أما أنا ، و بالرغم من كوني جميلة أيضا ، إلا أن هذا الخاتم يصرف الجميع عن الالتفات إلي ... على أية حال نحن لا نفكر في الزواج الآن فسامر لا يزال يبحث عن وظيفة و أنا أطمح إلى الحصول على شهادة جامعية ... نبهتني دانة من شرودي الذي لاحظته من خلال انقطاعي عن التعليق المستمر على مظهرها قالت : " أين سرحت ؟ ألن تبدلي ملابسك ؟ إنهن على وشك الوصول ! " غادرت غرفتها و اتجهت إلى غرفتي ، حيث ارتديت فستاني الجديد الرائع ... و الذي أضطر والدي لشرائه لي رغم ارتفاع ثمنه ، فقط لأنني قلت : أريده لي ! كان فستانا خمري اللون مطرزا بخيوط ذهبية ، طويل الذيل ، و بدون كمّين ، مما يسمح للندبة القديمة في ذراعي اليسرى بالظهور ... أكملت زينتي و تحليت بطقم العقد الذهبي الذي أهدتني إياه والدتي قبل أيام ... حينما لففت السوار حول معصمي الأيسر ، لم يبدُ منظره متناسقا مع الساعة ... إذ أن السوار ذهبي بينما الساعة فضية اللون ... هممت بخلعها ، لكنني لم أستطع ... لا أريد أن أبقيها بعيدة عني في هذه الليلة ... لطالما كانت قريبة مني و ملتصقة بي ... لم أكن آبه لتعليقات زميلاتي المزعجة حول ارتدائي لساعة رجالية ! إنها شيء لا أستطيع التخلص منه ... تماما كهذه الندبة ! نزعت السوار الذهبي ، و حاولت لفه حول معصمي الأيمن ففشلت ! " سحقا ! " صحت بغضب ، في ذات اللحظة الذي طرق فيها الباب ... لابد أنها دانه جاءت تقارن بين مظهرينا كالعادة ! " ادخل " قلت ذلك و أنا مازلت أحاول إغلاق السوار بيدي اليسرى حول معصمي الأيمن دون جدوى " مساء الخير ! " لم يكن هذا صوت دانه ، بل سامر رفعت بصري إليه و باندفاع قلت : " سامر ، هل لا أغلقت هذه قبل أن أحطمها ؟ " و أقبلت نحوه أمد إليه بمعصمي الأيمن و بالسوار ... " رويدك ! هاتي .. " و أغلق السوار حول يدي اليمنى ، فسحبتها إلا أنه أمسك بها و قال : " تبدين رائعة ! جدا " تورد خداي خجلا .. ثم قلت : " مساء النور ... ! هل قلت ُ ذلك ؟ " ابتسم ، و قال : " لا أظن ! " " إذن مساء النور ! " ثم سحبت يدي فأطلقها توجهت إلى سريري ألملم الأشياء التي بعثرتها أثناء تزيين نفسي ، و دخل سامر و أغلق الباب ... " رغد " ناداني بصوت مرح و بابتسامة مشرقة ، و سعادة تملأ عينيه " نعم ؟ " أقبل نحوي ، و عاد يمسك بيدي و قال : " لدي خبر سار جدا " ابتسمت و قلت : " هات ؟ " " لقد عثرت على فرصة ذهبية للعمل في وظيفة مرموقة " فرحت كثيرا ! قلت بسرور : " حقا ! أوه أخيرا ... ممتاز ! " شد سامر قبضته على يدي و قال منفعلا : " أخيرا ! كم أنا سعيد و لا يتسع صدري لفرحتي هذه ! سأحصل على راتب عظيم ! " بالنسبة لنا فهذا شيء مهم جدا ، لأن أحوالنا المادية كانت في انحطاط بسبب ظروف الحرب ، و كنا بحاجة لدعم مادي جيد . قلت : " متى تباشر العمل ؟ " " حالما أنهي الإجراءات اللازمة . سأحاول إتمامها خلال يومين أو ثلاثة " " وفقك الله " قرب سامر يدي من صدره ، و قال : " يجب أن نحدد موعد الزواج " تفاجأت ، فنحن لم نتحدث عن الزواج بجدية بعد ... حالما رأى سامر علامات التعجب ظاهرة على وجهي قال : " عملي سيكون في مدينة أخرى ، و أريد أخذك معي " سحبت يدي مجددا ، في توتر .. فالخبر قد فاجأني ، و لم يعجبني ... قلت : " في مدينة أخرى ؟ ... لم عليك الذهاب لمدينة أخرى ؟ " قال : " تعرفين كم هو صعب العثور على وظيفة جيدة بسبب ظروف البلد ... إنها فرصة لا يمكنني رفضها مطلقا . أخبرت والدي ّ فشجعا ذهابي " صرفت نظري عنه إلى الأرض بضع ثوان ، ثم عدت أنظر إليه و قلت : " و شجعا زواجنا ؟ " ابتسم ، و قال : " لم أذكر ذلك لهما بعد . أود أن نناقش الأمر نحن أولا " من البرود الذي اعترى تعابيري أدرك سامر عدم موافقتي ، فقال : " لم لا ؟ " قلت : " و الكلية ؟؟ " قال : " الكلية ... هل هناك ضرورة لها ؟ " " بالطبع ... أريد أن أدرس ، إنها فرصتي " صمت سامر قليلا ، ثم قال : " اصرفي نظر عنها يا رغد أرجوك ... أنا لا أريد تضييع الفرصة ، كما لا أريد العيش وحيدا هناك ... تعلمين أنني لا أستطيع الابتعاد عنك ... " و أخذ ينظر إلى نظرات رجاء و أمل ... كنت على وشك قول : لنؤجل النقاش في الأمر لوقت أنسب لأن ضيفاتي على وشك الوصول ، إلا أن طرق الباب سبقني ، و دخلت دانة مباشرة و هي تقول : " رغد ! ألم تنتهي ؟ وصلت نهلة ! " التفتنا أنا و سامر نحو دانة ، و التي أخذت تحدق بي قليلا ثم التفتت إلى سامر و قالت : " أنت هنا سامر ؟ قل لي كيف أبدو ؟ أليس فستاني أكثر جمالا من فستان رغد ؟ " سامر أخذ يدور ببصره بيننا ثم قال مداعبا : " أنا لا أصلح للحكم بين خطيبتي و أختي ! فخطيبتي ستبدو أجمل في كل مرة ! " ثم انصرف مسرعا و هو يضحك . بقينا نحن الاثنتان كل منا تتأمل الأخرى ، حتى وقعت عينا دانه على ساعة يدي ، فقالت بحدة : " رغد ! ستبدين في منتهى السخافة هكذا ! اخلعيها و لا تحرجينا أمامهن ! " نظرت إليها بغضب و قلت بعناد : " لن أخلعها ، و سأظل الأجمل أيضا ! " في غرفة الضيوف حيث نقيم الحفلة ، وجدت نهلة و سارة ، ابنتا خالتي قد وصلتا و كانتا أول من حضر . " واو ! فستان رائع ! ما أجمله يا رغد ! " قالت نهلة و هي تبعد يدها بعد مصافحتي ... نهلة كانت صديقة طفولتي الأولى ، و انتقلت مع عائلتها للعيش في هذه المدينة مثلنا أيضا منذ سنين ، و لا تزال أفضل صديقة لدي . أما سارة فهي الشقيقة الوحيدة لنهلة ، و تصغرني بست سنوات ، و تلازم نهلة كالظل ! " هل أعجبك حقا ؟ اشتراه والدي بسعر مرتفع ! إنني أعامله كأي قطعة من حليي هذه ! " ابتسمت نهلة و قالت : " كم أحسدك ! لديك أب يدللك كما لا يدلل والد ابنته ! رغم أنك لست ابنته الحقيقية ! " هذه الكلمة تزعجني كثيرا ، فأنا لا أحب أن يشير أحد إلى والدي ّ بأنهما ليسا والدي ّ الحقيقيين . إنني اعتبرتهما كذلك منذ الصغر و لا أعرف والدين غيرهما مطلقا . قلت بنبرة مازحة : " لأنني البنت الصغرى ، و آخر العنقود ... يجب أن أتدلل ! " ثم نظرت إلى سارة و قلت : " أليس كذلك سارة ؟ " أجابت ببرود : " كما تقول أختي " رفعت نظري عن هذه الفتاة البليدة ، و عدت أخاطب نهلة : " و كيف حال خالتي و زوج خالتي ؟ و حسام ؟ " أجابت : " بخير جميعا ! حسام أوصلنا إلى هنا و أظنه يلقي التحية على والدك الآن " ثم أضافت ، و هي تنظر إلي من زاوية عينها بخبث : " و على فكرة ، هو يبعث إليك أيضا بتحية حارة مشتعلة !! " رفعت إصبعي السبابة الأيمن و ضربت جبينها ضربة خفيفة و أنا أقول : " لا تتوبين ! " و انبعث ضحكاتنا تملأ الأجواء . ما إن حضرت صديقتنا الثرية حتى استقبلتها دانه استقبالا حميما ، و أولتها اهتماما مركزا طوال الحفلة ! أتساءل ... هل هذا ما يحدث مع جميع الفتيات ! هل يجذبن العرسان إليهن بهذه الطريقة ؟؟ حقيقة لا أعرف ! بينما كنا في أحاديثنا المتواصلة في الحفلة ، سألتني هذه الصديقة : " هل أنت مخطوبة ! " و كانت تنظر إلى خاتم الخطوبة المطوق لإصبعي ، و في دهشة واضحة ! تولت دانة الإجابة بسرعة : " ألم أخبرك مسبقا ؟ إنها و شقيقي مرتبطان منذ زمن ! " قالت الصديقة : " و لكن ... تبدين صغيرة ! " و مرة أخرى تدخلت دانة قائلة : " تصغرني بعامين و بضعة أشهر ، لكن حجمها صغير ! " صحيح أن طولي لا يقارن بطول دانه أو سامر ، لكنني لست قصيرة ! بل هما الطويلان كما هما أبي و أمي ! إنني أبدو بالفعل لست من هذه العائلة ! قلت مداعبة : " هذا يجعلني قادرة على ارتداء الأحذية الأنيقة ذات الكعب العالي المتماشية مع الموضة ! على العكس من دانة ! " و ضحكنا جميعا بمرح ... قضينا سهرة ممتعة أنستني تماما موضوع سامر الأخير . و بعد الحفلة ، أويت إلى فراشي مباشرة و نمت بسرعة ، دون أن يخطر الموضوع ببالي . في اليوم التالي ، و فيما أنا منشغلة برسم لوحة جديدة في غرفتي ، جاءني سامر ... " ألم تتعبي ؟ قضيت فترة طويلة في الرسم ! " " الرسم لا يتعبني مطلقا يا سامر ، بل أهواه و أجد راحة كبرى أثنائه و سعادة غامرة لا أجدها مع أي شيء آخر " قال : " و لا حتى معي أنا ؟؟ " كان سامر يقف إلى جانبي يتأمل رسمي الجديد ... و كنت أنا أدقق النظر في اللوحة و ألقي عليه نظرة بين الفينة و الأخرى و حين نطق بجملته الأخيرة هذه ، أطلت النظر إليه ، فشعرت بالخجل و طأطأت رأسي " رغد ... " لم أجب ... مد سامر يده فامسك بوجهي و رفعه للأعلى ... قال : " رغد ... هل فكرت بموضوعنا ؟ " في تلك اللحظة فقط تذكرت الموضوع ! آه يا إلهي كم هي ضعيفة ذاكرتي ! سامر كان يتحدث باهتمام ... فالأمر يعني له الكثير ، و قد قضى وقتا طويلا في البحث عن عمل ... لم أشأ أن أصيبه بخيبة بقولي : كلا فقلت : " لازلت أفكر ... " سامر قال بنبرة مليئة بالرجاء : " أرجوك يا رغد ... يجب أن أبدأ الإجراءات المطلوبة قبل أن تضيع الوظيفة " نظرت إليه و قلت : " ماذا لو ... عملت أنت هناك ، و أكملت دراستي أنا هنا ... ثم ... " لم أتم جملتي ، إذ أن سامر هز رأسه اعتراضا و قال : " لا ... إما أن نذهب سويا ... أو نبقى سويا ... " كنت أدرك أن سامر لا يستطيع الابتعاد عنا ، كما أن علاقاته بالآخرين محدودة و كثيرا ما كان يتجنب الاجتماعات المختلفة ، ليتلافى الحرج من وجهه المشوه . حتى أنه حين أراد إكمال دراسته ، اختار مجالا لا يدع له الفرصة للاحتكاك بالآخرين إلا نادرا سامر ... هو شخص هادئ و مسالم ... و طيب القلب ... قلت : " دعنا نأخذ برأي أبي و أمي كذلك ... يجب أن تتم أنت الإجراءات الآن ، فيما نفكر بروية " ابتسم سامر و قال : " سأذهب الآن لإنجاز ذلك ، و أعرض الأمر على والدي ّ الليلة ! سنفاجئهما ! " ابتسمت ابتسامة قلقة حائرة ، و تركته يذهب و واصلت رسم لوحتي ... كنت مصرة على إنجاز تلك اللوحة بأسرع وقت ... و في الليل ، تركت سامر يذهب إلى غرفة والدي لعرض الفكرة ، فيما بقيت في غرفتي في قلق و حيرة ... و أخذت أفكر ... و يبدو أن كثرة التحديق في اللوحة أصابت عيني بل و جسدي بالإعياء ، فأغمضتهما و لدهشتي استسلمت للنوم ! أفقت بعد ذلك فزعة على صوت طرق متواصل على الباب ... نهضت عن سريري بفزع ... و أصغيت إلى الهتاف ... " رغد ... رغد افتحي ... افتحي بسرعة ! " كانت دانة ! سرت إلى الباب بسرعة و ارتعاش و أنا في قمة القلق ... و قبل أن أصل إليه رأيته ينفتح و تدخل دانة في انفعال ... كانت في حالة يصعب علي وصفها ... كان جسدها يرتعش ، و أنفاسها تتضارب و تتلاحق بسرعة عبر فيها المفغور ... ذراعاها مفتوحتين ... و يداها مرفوعتين و أصابعها منفرجة ، و تهتز بشدة ... و الدموع تنهمر بغزارة على خديها قلت في هلع و أنا أرفع يدي إلى قلبي من الذعر : " دانه ... ماذا حدث ؟؟ " " رغد ... رغد ... " و عادت تلهث ... " رغد ... رغد ... أخي ... أخي ... " تجمّدت و انحبس نفسي الأخير في صدري ... حاولت قول : ماذا ... ألا أنني عجزت من الذعر ... هززت رأسي و أنا أشد الضغط بيدي على صدري فوق قلبي ، كمن يحاول حماية قلبه من تلقي صدمة ما ... كانت دانة تحاول النطق و عجزت إلا عن إصدار أصوات مبهمة ، و أشارت إلي أن اقترب ... خطوت خطوة نحوها و نطقت أخيرا : " سامر ... " هزّت دانة رأسها و قالت بصوت لا أعرف من أين خرج ... " و ... و ... وليد ... وليد عـــــــــــــــــــــــــــــاد " للحظة ... ظللت أحدق في دانة ... في تشتت لم أكن أعرف ... هل هذا واقع أم أحد أحلامي ... ؟ تلفت من حولي علّي أرى شيئا واضحا أكيدا بالنسبة لي ... كل شيء كان مبهما ... دانة عادت تقول : " وليد قد عاد ... عاد يا رغد ... عاد " لم تكن كلمات واضحة بالنسبة لي ... و بقيت واقفة على نفس الوضع ... فأقبلت دانة نحوي و أمسكت بكتفي و ضغطت عليهما ... لمجرد إحساسي بيديها على كتفي أدركت أنه ليس حلما لم أشعر بأي شيء يتحرك في جسدي لكنني رأيت الجدران تتحرك بسرعة و الأرض تجري من تحت قدمي ّ و الطريق يقودني إلى خارج الغرفة ... و أطير ... أطير ... نحو مصدر أصوات البكاء التي أسمعها منبعثة من مكان ما في المنزل ... بالتحديد ... مدخل المنزل ... و عند أعلى الدرجات المؤدية إلى المدخل ... توقف الكون فجأة عن الحركة من حولي ... و ترنحت ذراعاي إلى جانبي ّ ... و تشبثت أنظاري بالصورة التي ظهرت أمامي ... و تمركزت فوق العينين السوداوين اللتين تعلوان الرأس العريض الثابت فوق ذلك الجسد الطويل ....
|
|