وقفت تلك الفتاة الجميلة على طرف منصة القفز مرتديةً ملابس السباحة ثم أمسكت بالملقط الذي يلتف حول شعرها وسحبته لينسدل شعرها الأشقر الطويل اللامع أخذت نفساً عميقًا ثم قفزت نحو المسبح الأزرق ذا المياه الباردة بمهارة فتطايرت قطرات المياه مع اندفاعها في الماء وأخذت تغوص عميقاً وبقيت لفترة يقال أنها طويلة بالنسبة للسباحين وكأن لها القدرة على التنفس تحت الماء كالسمكة ثم بدأت ترتفع حتى وصلت للسطح وأخرجت رأسها من المياه فجأة سمعت صوت ساخر يأتي من خلفها قائلاً:صديقان للأبد ها؟ يا فتاة المظلات فالتفتت إليه بسرعة وأصيبت بالذهول عند رؤية ذلك الشاب الوسيم طويل القامة متناسق القوام صاحب البشرة البيضاء والشعر الأسود سواد الليل وهو يرتدي حلةً رسميةً سوداء ولكنها سرعان ما تغلبت على دهشتها وقالت بهدوء:مرحباً نوا

ظهرت ابتسامة ساخرة على وجهه وقال بصوتٍ غلبت فيه نبرة الشماتة وهو يقول:أهكذا ترحبين بصديقك!! أم أنَّ عشر سنوات كانت كفيلة بمحو هذه الصداقة؟! فقالت بهدوء تام:لا لم تمحو تلك الصداقة أبداً ثم صمتت قليلاً وأردفت مشيرةً بأنه هو نسيها:ليس في ذهني على الأقل فقال ببرود:انتظرتكِ طويلاً ولكنكِ لم تأتِ من أجلي....من أجل صديقك على الأقل
شعرت بالاختناق من كلماته رغم أنها تدرك أنه على حق ولكنها لم تظهر ذلك على قسمات وجهها وقالت بهدوء:أنت تعلم ما أصابني بعد حادثة والدي وكان من الضروري السفر للخارج للعلاج....قاطعها بسخرية:لم أتصور أن العلاج يستهلك عشر سنوات يا فتاة المظلات

ضايقها مناداته لها بفتاة المظلات فهو لم يناديها باسمها أبداً همّت بالقول له هل أصبحت مثل عائلتك؟ لكنها ما كانت لتفعل ولن تفعل هذا ما اعتقدته على الأقل لأنه في الوقت الحالي ليس مثلهم إنما يعبر عن حالة الغضب والضيق التي يشعر بها لأنها غابت عشر سنوات دون أن تتصل به أو تراسله أو تفعل شيء هو على حق في غضبه وله كل الحق في السخرية لكنها ستتضايق على أي حال فقالت بضيق:اسمعني أيها الشاب كفَّ عن مناداتي بفتاة المظلات وأخبرتك أنك كنت صديقي ولا زلت وستبقى كذلك فضحك وهو يلوح بيده قائلاً:لا تملكين الدليل ثم دار على عقبيه متجهاً نحو البوابة فنادته فقال دون أن يدير وجهه إليها:ماذا هناك؟ فقالت:احرص على حضور حفل عيد ميلادي لأريكَ الدليل بما أنك ترفض أن تنظر إليَّ الآن

فابتسم قائلاً بسخرية:بالطبع وهناك سأعرِّفكِ بالفتاة التي أحبها....

بدا وكأنها لم تهتم بما قاله حينما قالت ببرود:حسناً

لاحظ هو ذلك وتقدّم خارجاً من المكان حتى ابتعد قليلاً فعضَّ شفته السفلى وصرخ:اللعنة........اللعنة

حلّ الليل ونشر القمر نوره في كل مكان وكانت تلك الحديقة الواسعة رائعة بحق تلك الطاولات المنتشرة في كل مكان عليها شراشف متناسقة الألوان وموزعة عليها أغراض الطعام بشكل جميل ومتناسق للغاية ويتوسط كل طاولة(شمعدان) يحمل ثلاث شمعات تنير الطاولة ونور القمر كان له الدور الأكبر في إضفاء لمحةً رومانسية رقيقة وذلك المسبح الممتلىء بالمياه الزرقاء الصافية وقد أُلقيت فيه ورود بيضاء كثيرة والشموع تطفو على سطحه بطريقة أنيقة جداً دخل ذلك الشاب الأشقر المكان وقد أطلق صفيراً طويلاً تعبيراً عن إعجابه بالمكان وقد سمعت الفتاة بداخل المنزل صاحب الحديقة صوته وابتسمت قائلة:ادخل يا كارل

دخل من الباب المفتوح وتوقف مبهوراً وأطلق صفيراً كان أطول من الأول وكان له الحق في ذلك فمن كانت تقف أمامه كانت تجسد كل معاني الجمال والأناقة والرشاقة وقد تركت شعرها الأشقر الطويل جداً منسدلاً على ظهرها وطوق الورود الحمراء الجميل يزين شعرها ثم ذلك الفستان الأحمر القصير إلى فوق الركبة وقد كان بلا أكمام ضيق في الجزء العلوي ثم ينتفخ بعدها من الخصر وله عدة طبقات والحذاء الأحمر بكعب ثم قال بمزاح:أكاد أقع في حبكِ يا عزيزتي

فابتسمت وقالت:يمكنني تصور ذلك ثم أردفت قائلة:أخبرني يا ملك شركة الإلكترونيات متى سأرى ما أعددته لي؟ فقال بغرور:لا تقلقي الليلة سترين عبقرية هذا الشاب الجميل

فلوحت بيدها وقالت:هلا قام هذا الشاب الجميل باستقبال الزوار إلى حين خروجي؟

فانحنى مقبلاً يدها قائلاً في هدوء:بالطبع يا أميرتي

حيثما يكون الانتقام ينعدم الشعور ويسيطر البرود على ذلك الذي يسعى للانتقام وهذا ما حدث معي أنا اضطررت وبكل بساطة التخلي عن كل مشاعري وطرحها جانباً وقتل كل شعور بالحياة ببرودة أعصاب ولا بد أنه كان خياراً صعباً بانسبة إليَّ لكنه كان الخيار والوحيد وفي الواقع الخيار الذي أردته وبشدة أردت الشعور بلذة الانقام من قتلة والدي من أولئك الباردين......أردت أن أشعر بما يشعرون ......ويا له من شعور....